الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْأَمَةِ تَعْتِقُ وَزَوْجُهَا حُرٌّ ، هَلْ لَهَا خِيَارٌ أَمْ لَا
؟
4601 -
حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ الرَّقِّيُّ ، قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنِ الْأَسْوَدِ ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ:«كَانَ زَوْجُ بَرِيرَةَ حُرًّا ، فَلَمَّا أُعْتِقَتْ ، خَيَّرَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا» . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى هَذَا الْحَدِيثِ ، فَجَعَلُوا لِلْمُعْتَقَةِ الْخِيَارَ ، حُرًّا كَانَ زَوْجُهَا أَوْ عَبْدًا. وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ وَقَالُوا: إِنْ كَانَ زَوْجُهَا عَبْدًا ، فَلَهَا الْخِيَارُ ، وَإِنْ كَانَ حُرًّا ، فَلَا خِيَارَ لَهَا. وَقَالُوا: إِنَّمَا كَانَ زَوْجُ بَرِيرَةَ عَبْدًا. وَذَكَرُوا فِي ذَلِكَ مَا
4602 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ ، قَالَ: ثنا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:«كَانَ زَوْجُ بَرِيرَةَ عَبْدًا ، وَلَوْ كَانَ حُرًّا ، لَمْ يُخَيِّرْهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم»
4603 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ، قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدِ ، وَابْنُ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ الْأَعْمَشُ: عَنْ عَائِشَةَ ، «إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أُعْتِقَتْ بَرِيرَةُ خَيَّرَهَا ، وَكَانَ زَوْجُهَا عَبْدًا» . قَالُوا: فَهَذِهِ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا تُخْبِرُ أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا ، فَهَذَا خِلَافُ مَا رَوَيْتُمُوهُ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْهَا. ثُمَّ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا: لَوْ كَانَ حُرًّا لَمْ يُخَيِّرْهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. قِيلَ لَهُمْ: أَمَّا هَذَا الْحَرْفُ ، فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ عُرْوَةَ. وَاحْتَجَّ أَهْلُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ ، فِي تَثْبِيتِ مَا رَوَوْهُ فِي زَوْجِ بَرِيرَةَ أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا بِمَا
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ: ثنا عَفَّانَ ، قَالَ: ثنا هَمَّامٌ ، قَالَ: ثنا قَتَادَةُ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا أَسْوَدَ ، يُسَمَّى مُغِيثًا ، فَخَيَّرَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ»
4604 -
حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ ، قَالَ أَخْبَرَنَا خَالِدٌ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، " عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: لَمَّا خُيِّرَتْ بَرِيرَةُ رَأَيْنَا زَوْجَهَا يَتْبَعُهَا فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ وَدُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى لِحْيَتِهِ.
⦗ص: 83⦘
فَكَلَّمَ لَهُ الْعَبَّاسُ ، النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، أَنْ يَطْلُبَ إِلَيْهَا ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" زَوْجُكِ وَأَبُو وَلَدِكِ؟ فَقَالَتْ: أَتَأْمُرُنِي بِهِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَقَالَ: «إِنَّمَا أَنَا شَافِعٌ» قَالَتْ: إِنْ كُنْتَ شَافِعًا ، فَلَا حَاجَةَ لِي فِيهِ ، وَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ مُغِيثٌ ، وَكَانَ عَبْدًا لِآلِ الْمُغِيرَةِ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ " قَالُوا: فَإِنَّمَا خَيَّرَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، مِنْ أَجْلِ أَنَّ زَوْجَهَا كَانَ عَبْدًا. فَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ لِأَهْلِ الْمَقَالَةِ الْأُولَى أَنَّ أَوْلَى الْأَشْيَاءِ بِنَا - إِذَا جَاءَتِ الْآثَارُ هَكَذَا ، فَوَجَدْنَا السَّبِيلَ إِلَى أَنْ نَحْمِلَهَا عَلَى غَيْرِ طَرِيقِ التَّضَادِّ - أَنْ نَحْمِلَهَا عَلَى ذَلِكَ ، وَلَا نَحْمِلُهَا عَلَى التَّضَادِّ وَالتَّكَاذُبِ ، وَيَكُونُ حَالُ رُوَاتِهَا - عِنْدَنَا - عَلَى الصِّدْقِ وَالْعَدَالَةِ فِيمَا رَوَوْا ، حَتَّى لَا نَجِدَ بُدًّا مِنْ أَنْ نَحْمِلَهَا عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ. فَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّ مَا ذَكَرْنَا كَذَلِكَ - وَكَانَ زَوْجُ بَرِيرَةَ قَدْ قِيلَ فِيهِ: إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا ، وَقِيلَ فِيهِ: إِنَّهُ كَانَ حُرًّا - جَعَلْنَاهُ عَلَى أَنَّهُ قَدْ كَانَ عَبْدًا فِي حَالٍ ، حُرًّا فِي حَالٍ أُخْرَى. فَثَبَتَ بِذَلِكَ تَأَخُّرُ إِحْدَى الْحَالَتَيْنِ عَنِ الْأُخْرَى فَكَانَ الرِّقُّ ، قَدْ يَكُونُ بَعْدَهُ الْحُرِّيَّةُ ، وَالْحُرِّيَّةُ لَا يَكُونُ بَعْدَهَا رِقٌّ فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، جَعَلْنَا حَالَ الْعُبُودِيَّةِ مُتَقَدِّمَةً ، وَحَالَ الْحُرِّيَّةِ مُتَأَخِّرَةً. فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ حُرًّا فِي وَقْتِ مَا خُيِّرَتْ بَرِيرَةُ ، عَبْدًا قَبْلَ ذَلِكَ ، هَكَذَا تَصْحِيحُ الْآثَارِ فِي هَذَا الْبَابِ وَلَوِ اتَّفَقَتِ الرِّوَايَاتُ كُلُّهَا - عِنْدَنَا - عَلَى أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا ، لَمَا كَانَ فِي ذَلِكَ مَا يَنْفِي أَنْ يَكُونَ إِذَا كَانَ حُرًّا ، زَالَ حُكْمُهُ عَنْ ذَلِكَ ، لِأَنَّهُ لَمْ يَجِئْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ «إِنَّمَا خَيَّرْتُهَا لِأَنَّ زَوْجَهَا عَبْدٌ» وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، لَانْتَفَى أَنْ يَكُونَ لَهَا خِيَارٌ إِذَا كَانَ زَوْجُهَا حُرًّا. فَلَمَّا لَمْ يَجِئْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ ، وَجَاءَ عَنْهُ أَنَّهُ خَيَّرَهَا ، وَكَانَ زَوْجُهَا عَبْدًا - نَظَرْنَا - هَلْ يَفْتَرِقُ فِي ذَلِكَ حُكْمُ الْحُرِّ وَحُكْمُ الْعَبْدِ؟ فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ ، فَرَأَيْنَا الْأَمَةَ فِي حَالِ رِقِّهَا لِمَوْلَاهَا ، أَنْ يَعْقِدَ النِّكَاحَ عَلَيْهَا لِلْحُرِّ وَالْعَبْدِ ، وَرَأَيْنَاهَا بَعْدَمَا تَعْتِقُ ، لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَأْنِفَ عَلَيْهَا عَقْدَ نِكَاحٍ لِحُرٍّ وَلَا لِعَبْدٍ ، فَاسْتَوَى حُكْمُ مَا إِلَى الْمَوْلَى فِي الْعَبِيدِ وَالْأَحْرَارِ وَمَا لَيْسَ إِلَيْهِ فِي الْعَبِيدِ وَالْأَحْرَارِ فِي ذَلِكَ فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، وَرَأَيْنَاهَا إِذْ أُعْتِقَتْ بَعْدَ عَقْدِ مَوْلَاهَا نِكَاحَ الْعَبْدِ عَلَيْهَا يَكُونُ لَهَا الْخِيَارُ فِي حِلِّ النِّكَاحِ عَلَيْهَا ، كَانَ كَذَلِكَ فِي الْحُرِّ ، إِذَا أُعْتِقَتْ يَكُونُ لَهَا حِلُّ نِكَاحِهِ عَنْهَا ، قِيَاسًا وَنَظَرًا عَلَى مَا بَيَّنَّا مِنْ ذَلِكَ. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ ، وَمُحَمَّدٍ ، رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.
⦗ص: 84⦘
وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا