الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْمَدَدِ يَقْدَمُونَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْقِتَالِ فِي دَارِ الْحَرْبِ بَعْدَمَا ارْتَفَعَ الْقِتَالُ قَبْلَ قُفُولِ الْعَسْكَرِ ، هَلْ يُسْهَمُ لَهُمْ أَمْ لَا
؟
5231 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيِّ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ ، أَنَّ عَنْبَسَةَ بْنَ سَعِيدٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَبَانَ بْنَ سَعِيدٍ عَلَى سَرِيَّةٍ مِنَ الْمَدِينَةِ قِبَلَ نَجْدٍ فَقَدِمَ أَبَانُ وَأَصْحَابُهُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِخَيْبَرَ ، بَعْدَمَا فَتَحْنَا ، وَأَنَّ حُزُمَ خَيْلِهِمْ لَلِيفٌ فَقَالَ أَبَانُ: اقْسِمْ لَنَا يَا رَسُولَ اللهِ ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ ، فَقُلْتُ: لَا تَقْسِمْ لَهُمْ شَيْئًا يَا نَبِيَّ اللهِ قَالَ أَبَانُ: أَتَيْتُ بِهَدَايَا وَفْدِ نَجْدٍ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " اجْلِسْ يَا أَبَانُ فَلَمْ يَقْسِمْ لَهُمْ شَيْئًا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يُسْهَمُ مِنَ الْغَنِيمَةِ إِلَّا لِمَنْ حَضَرَ الْوَقْعَةَ وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ فَقَالُوا: يُقْسَمُ لِكُلِّ مَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ ، وَلِمَنْ كَانَ غَائِبًا عَنْهَا فِي شَيْءٍ مِنْ أَسْبَابِهَا فَمِنْ ذَلِكَ مَنْ خَرَجَ يُرِيدُهَا ، فَلَمْ يَلْحَقْ بِالْإِمَامِ حَتَّى ذَهَبَ الْقِتَالُ ، غَيْرَ أَنَّهُ لَحِقَ بِهِ فِي دَارِ الْحَرْبِ ، قَبْلَ خُرُوجِهِ مِنْهَا ، قُسِمَ لَهُ وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِمَا
5232 -
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: ثنا عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: ثنا كُلَيْبُ بْنُ وَائِلٍ قَالَ: حَدَّثَنِي هَانِئُ بْنُ قَيْسٍ ، عَنْ " حَبِيبِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: كُنْتُ قَاعِدًا إِلَى جَنْبِ ابْنِ عُمَرَ ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ هَلْ شَهِدَ عُثْمَانُ بَدْرًا؟ فَقَالَ: لَا ، وَلَكِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْمَ بَدْرٍ إِنَّ عُثْمَانَ انْطَلَقَ فِي حَاجَةِ اللهِ ، وَحَاجَةِ رَسُولِهِ فَضَرَبَ لَهُ بِسَهْمٍ ، وَلَمْ يَضْرِبْ لِأَحَدٍ غَابَ غَيْرِهِ
5233 -
حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ: ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو الْأَزْدِيُّ قَالَ: ثنا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ ، عَنْ كُلَيْبِ بْنِ وَائِلٍ ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ إِلَّا هُنَا أَفَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ ضَرَبَ لِعُثْمَانَ فِي غَنَائِمِ بَدْرٍ ، بِسَهْمٍ وَلَمْ يَحْضُرْهَا ، لِأَنَّهُ كَانَ غَائِبًا فِي حَاجَةِ اللهِ ، وَحَاجَةِ رَسُولِهِ ، فَجَعَلَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، كَمَنْ حَضَرَهَا فَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ غَابَ عَنْ وَقْعَةِ الْمُسْلِمِينَ بِأَهْلِ الْحَرْبِ بِشُغْلٍ يَشْغَلُهُ بِهِ الْإِمَامُ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ ، مِثْلُ أَنْ يَبْعَثَهُ إِلَى جَانِبٍ آخَرَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ ، لِقِتَالِ قَوْمٍ آخَرِينَ ، فَيُصِيبُ الْإِمَامُ غَنِيمَةً بَعْدَ مُفَارَقَةِ ذَلِكَ الرَّجُلِ إِيَّاهُ ، أَوْ يَبْعَثُ بِرَجُلٍ مِمَّنْ مَعَهُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ ، لِيَمُدَّهُ بِالسِّلَاحِ وَالرِّجَالِ ، فَلَا يَعُودُ ذَلِكَ الرَّجُلُ إِلَى الْإِمَامِ حَتَّى يَغْنَمَ غَنِيمَةً ، فَهُوَ شَرِيكٌ فِيهَا ، وَهُوَ كَمَنْ حَضَرَهَا وَكَذَلِكَ مَنْ أَرَادَهُ فَرَدَّهُ الْإِمَامُ عَنْهَا ، وَشَغَلَهُ بِشَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ ، فَهُوَ كَمَنْ حَضَرَهَا ،
⦗ص: 245⦘
وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ ، عِنْدَنَا ، وَاللهُ أَعْلَمُ أَسْهَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فِي غَنَائِمِ بَدْرٍ ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا أَسْهَمَ لَهُ ، كَمَا لَمْ يُسْهِمْ لِغَيْرِهِ مِمَّنْ غَابَ عَنْهَا ، لِأَنَّ غَنَائِمَ بَدْرٍ ، وَكَانَتْ وَجَبَتْ لِمَنْ حَضَرَهَا دُونَ مَنْ غَابَ عَنْهَا ، إِذًا لَمَا ضَرَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِغَيْرِهِمْ فِيهَا بِسَهْمٍ ، وَلَكِنَّهَا وَجَبَتْ لِمَنْ حَضَرَ الْوَقْعَةَ ، وَلِكُلِّ مَنْ بَذَلَ نَفْسَهُ لَهَا فَصَرَفَهُ الْإِمَامُ عَنْهَا وَشَغَلَهُ بِغَيْرِهَا مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ ، كَمَنْ حَضَرَهَا وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، فَإِنَّمَا ذَلِكَ عِنْدَنَا ، وَاللهُ أَعْلَمُ ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَجَّهَ أَبَانَ إِلَى نَجْدٍ قَبْلَ أَنْ يَتَهَيَّأَ خُرُوجُهُ إِلَى خَيْبَرَ فَتَوَجَّهَ أَبَانُ فِي ذَلِكَ ، ثُمَّ حَدَثَ مِنْ خُرُوجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى خَيْبَرَ مَا حَدَثَ ، فَكَانَ مَا غَابَ فِيهِ أَبَانُ مِنْ ذَلِكَ عَنْ حُضُورِ خَيْبَرَ ، وَلَيْسَ هُوَ شُغْلًا شَغَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ حُضُورِهَا بَعْدَ إِرَادَتِهِ إِيَّاهُ ، فَيَكُونُ كَمَنْ حَضَرَهَا فَهَذَانِ الْحَدِيثَانِ أَصْلَانِ ، فَكُلُّ مَنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ مَعَ الْإِمَامِ إِلَى قِتَالِ الْعَدُوِّ ، فَرَدَّهُ الْإِمَامُ عَلَى ذَلِكَ بِأَمْرٍ آخَرَ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ ، فَتَشَاغَلَ بِهِ حَتَّى غَنِمَ الْإِمَامُ غَنِيمَةً ، فَهُوَ كَمَنْ حَضَرَ مَعَ الْإِمَامِ ، يُسْهَمُ لَهُ فِي الْغَنِيمَةِ ، كَمَا يُسْهَمُ لِمَنْ حَضَرَهَا وَكُلُّ شَيْءٍ تَشَاغَلَ بِهِ رَجُلٌ مِنْ شُغْلِ نَفْسِهِ ، أَوْ شُغْلِ الْمُسْلِمِينَ مِمَّا كَانَ دُخُولُهُ فِيهِ مُتَقَدِّمًا ، ثُمَّ حَدَثَ لِلْإِمَامِ قِتَالُ الْعَدُوِّ ، فَتَوَجَّهَ لَهُ فَغَنِمَ ، فَلَا حَقَّ لِذَلِكَ الرَّجُلِ فِي الْغَنِيمَةِ ، وَهِيَ بَيْنَ مَنْ حَضَرَهَا وَبَيْنَ مَنْ حُكْمُهُ حُكْمُ الْحَاضِرِ لَهَا وَاحْتَجَّ أَهْلُ الْمَقَالَةِ الْأُولَى لِقَوْلِهِمْ أَيْضًا ، بِمَا
5234 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ طَارِقَ بْنَ شِهَابٍ ، أَنَّ أَهْلَ الْبَصْرَةِ غَزَوْا نَهَاوَنْدَ وَأَمَدَّهُمْ أَهْلُ الْكُوفَةِ فَظَفِرُوا فَأَرَادَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ أَنْ لَا يَقْسِمُوا لِأَهْلِ الْكُوفَةِ ، وَكَانَ عَمَّارٌ عَلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عُطَارِدٍ: أَيُّهَا الْأَجْدَعُ ، تُرِيدُ أَنْ تُشَارِكَنَا فِي غَنَائِمِنَا؟ فَقَالَ: أُذُنَيَّ سَبَبْتَ ، قَالَ: فَكَتَبَ فِي ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ رضي الله عنه فَكَتَبَ عُمَرُ: " إِنَّ الْغَنِيمَةَ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ قَالُوا: فَهَذَا عُمَرُ رضي الله عنه قَدْ ذَهَبَ أَيْضًا إِلَى أَنَّ الْغَنِيمَةَ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ ، فَقَدْ وَافَقَ هَذَا قَوْلُنَا قِيلَ لَهُمْ: قَدْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ نَهَاوَنْدُ فُتِحَتْ وَصَارَتْ دَارَ الْإِسْلَامِ ، وَأُحْرِزَتِ الْغَنَائِمُ ، وَقُسِمَتْ قَبْلَ وُرُودِ أَهْلِ الْكُوفَةِ ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، فَإِنَّا نَحْنُ نَقُولُ أَيْضًا إِنَّ الْغَنِيمَةَ فِي ذَلِكَ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ ، وَإِنْ كَانَ جَوَابُ عُمَرَ رضي الله عنه الَّذِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ ، لَمَّا كَتَبَ بِهِ إِلَيْهِ ، إِنَّمَا هُوَ لِهَذَا السُّؤَالِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ عَلَى أَنَّ أَهْلَ الْكُوفَةِ لَحِقُوا بِهِمْ قَبْلَ خُرُوجِهِمْ مِنْ دَارِ الشِّرْكِ ، بَعْدَ ارْتِفَاعِ الْقِتَالِ ، فَكَتَبَ عُمَرُ رضي الله عنه: إِنَّ الْغَنِيمَةَ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ ، فَإِنَّ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ ، مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَهْلَ الْكُوفَةِ قَدْ كَانُوا طَلَبُوا
⦗ص: 246⦘
أَنْ يَقْسِمَ لَهُمْ ، وَفِيهِمْ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ ، وَمَنْ كَانَ فِيهِمْ غَيْرُهُ ، مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَهُمْ مِمَّنْ يُكَافَأُ قَوْلُ عُمَرَ رضي الله عنه بِقَوْلِهِمْ فَلَا يَكُونُ وَاحِدٌ مِنَ الْقَوْلَيْنِ أَوْلَى مِنَ الْآخَرِ إِلَّا بِدَلِيلٍ عَلَيْهِ ، إِمَّا مِنْ كِتَابٍ ، أَوْ مِنْ سُنَّةٍ ، وَإِمَّا مِنْ نَظَرٍ صَحِيحٍ ، فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ ، فَرَأَيْنَا السَّرَايَا الْمَبْعُوثَةَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إِلَى بَعْضِ أَهْلِ الْحَرْبِ أَنَّهُمْ مَا غَنِمُوا ، فَهُوَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ سَائِرِ أَصْحَابِهِمْ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مَنْ كَانَ خَرَجَ فِي تِلْكَ السَّرِيَّةِ ، وَمَنْ لَمْ يَخْرُجْ ، لِأَنَّهُمْ قَدْ كَانُوا بَذَلُوا مِنْ أَنْفُسِهِمْ ، مَا بَذَلَ الَّذِينَ أُسِرُوا فَلَمْ يُفَضَّلْ فِي ذَلِكَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ، وَإِنْ كَانَ مَا لَقُوا مِنَ الْقِتَالِ مُخْتَلِفًا ، فَالنَّظَرُ عَلَى ذَلِكَ ، أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ مَنْ بَذَلَ نَفْسَهُ بِمِثْلِ مَا بَذَلَ بِهِ نَفْسَهُ مَنْ حَضَرَ الْوَقْعَةَ ، فَهُوَ فِي ذَلِكَ كَمَنْ حَضَرَ الْوَقْعَةَ ، إِذَا كَانَ عَلَى الشَّرَائِطِ الَّتِي ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ وَاللهُ أَعْلَمُ