الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ: الرَّجُلُ يُوجِبُ عَلَى نَفْسِهِ الْمَشْيَ إِلَى بَيْتِ اللهِ
4803 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْهِقْلُ بْنُ زِيَادٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْأَوْزَاعِيُّ ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْيَمَامِيِّ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، أَنَّ حُمَيْدًا الطَّوِيلَ ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ ، سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: مَرَّ
⦗ص: 129⦘
رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِرَجُلٍ يُهَادَى بَيْنَ ابْنَيْنِ لَهُ فَسَأَلَ عَنْهُ فَقَالُوا: نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ فَقَالَ: «إِنَّ اللهَ عز وجل لَغَنِيٌّ عَنْ تَعْذِيبِ هَذَا نَفْسَهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَرْكَبَ» أَيْ لِعَجْزِهِ عَنِ الْمَشْيِ.
4804 -
حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْجِيزِيُّ ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ.
4805 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ، وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَا: ثنا مُسَدَّدٌ ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ ، عَنْ أَنَسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ
4806 -
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ: ثنا عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ ، عَنْ دُخَيْنٍ الْحَجْرِيِّ ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ ، قَالَ: نَذَرَتْ أُخْتِي أَنْ تَمْشِيَ ، إِلَى الْكَعْبَةِ حَافِيَةً حَاسِرَةً. فَأَتَى عَلَيْهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَا بَالُ هَذِهِ؟ قَالُوا: نَذَرَتْ أَنْ تَمْشِيَ إِلَى الْكَعْبَةِ حَافِيَةً حَاسِرَةً. فَقَالَ: مُرُوهَا فَلْتَرْكَبْ وَلْتَخْتَمِرْ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ رحمه الله: فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى هَذِهِ الْآثَارِ فَقَالُوا: مَنْ نَذَرَ أَنْ يَحُجَّ مَاشِيًا أُمِرَ أَنْ يَرْكَبَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرُ ذَلِكَ. وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ فَقَالُوا: يَرْكَبُ كَمَا جَاءَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَإِنْ كَانَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ مَعْنَى الْيَمِينِ فَعَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ كَفَّارَةُ يَمِينٍ لِأَنَّ مَعْنَى لِلَّهِ عَلَيَّ قَدْ يَكُونُ فِي مَعْنَى وَاللهِ لِأَنَّ النَّذْرَ مَعْنَاهُ مَعْنَى الْيَمِينِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم «أَنَّ فِي النَّذْرِ كَفَّارَةَ يَمِينٍ» . فَمِمَّا رُوِيَ فِي ذَلِكَ مَا
4807 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أنا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الزُّبَيْرِ التَّمِيمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا نَذْرَ فِي غَضَبٍ ، وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ»
4808 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الزُّبَيْرِ فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ.
4809 -
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ: ثنا أَبُو سَلَمَةَ الْمُنْقِرِيُّ ، قَالَ: ثنا أَبَانُ ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الزُّبَيْرِ الْحَنْظَلِيُّ ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ
4810 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ الْمَرْوَزِيُّ ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ، قَالَ: ثنا عُبَادَةُ بْنُ الْعَوَامُّ ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الزُّبَيْرِ ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ
4811 -
حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ: ثنا أَبُو غَسَّانَ ، قَالَ: ثنا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ،. ح
⦗ص: 130⦘
4812 -
وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ ، قَالَا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الزُّبَيْرِ الْحَنْظَلِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ رَجُلٍ ، عَنْ عِمْرَانَ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ
4813 -
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ: ثنا أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ ، وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَرْقَمَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ الَّذِي ، كَانَ يَسْكُنُ الْيَمَامَةَ أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، يُخْبِرُ عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ»
4814 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِمَاسَةَ الْمَهْرِيِّ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ»
4815 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَالِمٍ يُحَدِّثُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ ، قَالَ: أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَمْ يُسَمِّهِ فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ» وَذَكَرُوا فِي ذَلِكَ أَيْضًا مَا قَدْ
4816 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي حُيَيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْمَعَافِرِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ «عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّ أُخْتَهُ نَذَرَتْ أَنْ تَمْشِيَ إِلَى الْكَعْبَةِ حَافِيَةً غَيْرَ مُخْتَمِرَةٍ فَذَكَرَ ذَلِكَ عُقْبَةُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُرْ أُخْتَكَ فَلْتَرْكَبْ وَلْتَخْتَمِرْ ، وَلْتَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ»
4817 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ زَحْرٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الرُّعَيْنِيَّ يَذْكُرُ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ ، مِثْلَهُ.
4818 -
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ مَنْصُورٍ ، قَالَ: ثنا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ زَحْرٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْيَحْصُبِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ قَالُوا: فَتِلْكَ الثَّلَاثَةُ الْأَيَّامِ إِنَّمَا كَانَتْ كَفَّارَةً لِيَمِينِهَا الَّتِي كَانَتْ بِهَا حَالِفَةً، بِقَوْلِهَا: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَحُجَّ مَاشِيَةً. وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ مَا
4819 -
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ أُخْتِي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ مَاشِيَةً. فَقَالَ: إِنَّ اللهَ لَا يَصْنَعُ بِشَقَاءِ أُخْتِكَ شَيْئًا لِتَحُجَّ رَاكِبَةً وَتُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهَا "
⦗ص: 131⦘
وَخَالَفَ هَؤُلَاءِ أَيْضًا آخَرُونَ فَقَالُوا: بَلْ نَأْمُرُ هَذَا الَّذِي نَذَرَ أَنْ يَحُجَّ مَاشِيًا أَنْ يَرْكَبَ وَيُكَفِّرَ يَمِينَهُ إِنْ كَانَ أَرَادَ يَمِينًا ، وَنَأْمُرُهُ مَعَ هَذَا ، بِالْهَدْيِ. وَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ لَهُمْ فِي ذَلِكَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ شَيْبَةَ قَدْ
4820 -
حَدَّثَنَا قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ أَنَّ أُخْتَهُ نَذَرَتْ أَنْ تَمْشِيَ إِلَى الْكَعْبَةِ حَافِيَةً نَاشِرَةً شَعْرَهَا. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُرْهَا فَلْتَرْكَبْ وَلْتَخْتَمِرْ وَلْتُهْدِ هَدْيًا "
4821 -
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ: ثنا عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ ، قَالَ: ثنا مَطَرٌ الْوَرَّاقُ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، " عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ ، قَالَ: نَذَرَتْ أُخْتِي أَنْ تَمْشِيَ ، إِلَى الْكَعْبَةِ فَأَتَى عَلَيْهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَا لِهَذِهِ؟ قَالُوا: نَذَرَتْ أَنْ تَمْشِيَ إِلَى الْكَعْبَةِ فَقَالَ إِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ عَنْ مَشْيِهَا مُرْهَا فَلْتَرْكَبْ وَلِتُهْدِ بَدَنَةً " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهَا بِالْهَدْيِ لِمَكَانِ رُكُوبِهَا. فَتَصْحِيحُ هَذِهِ الْآثَارِ كُلِّهَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ مَنْ نَذَرَ أَنْ يَحُجَّ مَاشِيًا أَنْ يَرْكَبَ إِنْ أَحَبَّ ذَلِكَ وَيُهْدِيَ هَدْيًا لِتَرْكِهِ الْمَشْيَ ، وَيُكَفِّرَ عَنْ يَمِينِهِ لِحِنْثِهِ فِيهَا. وَبِهَذَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ ، وَمُحَمَّدٌ ، يَقُولُونَ. وَأَمَّا وَجْهُ النَّظَرِ فِي ذَلِكَ ، فَإِنَّ قَوْمًا قَالُوا: لَيْسَ الْمَشْيُ فِيمَا يُوجِبُهُ نَذْرٌ لِأَنَّ فِيهِ تَعَبًا لِلْأَبْدَانِ وَلَيْسَ الْمَاشِي فِي حَالِ مَشْيِهِ فِي حُرْمَةِ إِحْرَامٍ ، فَلَمْ يُوجِبُوا عَلَيْهِ الْمَشْيَ وَلَا بَدَلًا مِنَ الْمَشْيِ. فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فَرَأَيْنَا الْحَجَّ فِيهِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ وَالْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ وَبِجَمْعٍ. وَكَانَ الطَّوَافُ مِنْهُ مَا يَفْعَلُهُ الرَّجُلُ فِي حَالِ إِحْرَامِهِ وَهُوَ طَوَافُ الزِّيَارَةِ. وَمِنْهُ مَا يَفْعَلُهُ بَعْدَ أَنْ يَحِلَّ مِنْ إِحْرَامِهِ ، وَهُوَ طَوَافُ الصَّدْرِ. وَكَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ مِنْ أَسْبَابِ الْحَجِّ قَدْ أُرِيدَ أَنْ يَفْعَلَهُ الرَّجُلُ مَاشِيًا وَكَانَ مَنْ فَعَلَهُ رَاكِبًا مُقَصِّرًا وَجُعِلَ عَلَيْهِ الدَّمُ. هَذَا إِذَا كَانَ فَعَلَهُ لَا مِنْ عِلَّةٍ. وَإِنْ كَانَ فَعَلَهُ مِنْ عِلَّةٍ ، فَإِنَّ النَّاسَ مُخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى وَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَلَيْهِ دَمٌ وَهَذَا هُوَ النَّظَرُ - عِنْدَنَا - لِأَنَّ الْعِلَلَ إِنَّمَا تُسْقِطُ الْآثَامَ فِي انْتِهَاكِ الْحُرُمَاتِ ، وَلَا تُسْقِطُ الْكَفَّارَاتِ. أَلَا تَرَى أَنَّ اللهَ سبحانه وتعالى قَالَ:«وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ» وَكَانَ
⦗ص: 132⦘
حَلْقُ الرَّأْسِ حَرَامًا عَلَى الْمُحْرِمِ فِي إِحْرَامِهِ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ فَإِنْ حَلَقَهُ فَعَلَيْهِ الْإِثْمُ وَالْكَفَّارَةُ ، وَإِنِ اضْطُرَّ إِلَى حَلْقِهِ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ. فَكَانَ الْعُذْرُ يَسْقُطُ بِهِ الْآثَامُ ، وَلَا يَسْقُطُ بِهِ الْكَفَّارَاتُ فَكَانَ يَجِبُ فِي النَّظَرِ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ حُكْمُ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ إِذَا كَانَ مَنْ طَافَهُ رَاكِبًا لِلزِّيَارَةِ لَا مِنْ عُذْرٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَنْ طَافَهُ مِنْ عُذْرٍ رَاكِبًا كَذَلِكَ أَيْضًا. فَهَذَا حُكْمُ النَّظَرِ فِي هَذَا الْبَابِ وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ زُفَرَ. وَلَكِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَأَبَا يُوسُفَ وَمُحَمَّدًا ، لَمْ يَجْعَلُوا عَلَى مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ طَوَافَ الزِّيَارَةِ رَاكِبًا مِنْ عُذْرٍ شَيْئًا. فَلَمَّا ثَبَتَ بِالنَّظَرِ مَا ذَكَرْنَا كَانَ كَذَلِكَ الْمَشْيُ لِمَا رَأَيْنَاهُ ، قَدْ يَجِبُ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِحْرَامِ إِذْ كَانَ مِنْ أَسْبَابِهِ كَمَا يَجِبُ فِي الْإِحْرَامِ ، كَانَ كَذَلِكَ الْمَشْيُ الَّذِي قَبْلَ الْإِحْرَامِ مِنْ أَسْبَابِ الْإِحْرَامِ ، حُكْمُهُ حُكْمُ الْمَشْيِ الْوَاجِبِ فِي الْإِحْرَامِ. فَكَمَا كَانَ عَلَى تَارِكِ الْمَشْيِ الْوَاجِبِ فِي الْإِحْرَامِ دَمٌ كَانَ عَلَى تَارِكِ هَذَا الْمَشْيِ الْوَاجِبِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ دَمٌ أَيْضًا وَذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ فِي حَالِ قُوَّتِهِ عَلَى الْمَشْيِ وَفِي حَالِ عَجْزِهِ عَنْهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ أَيْضًا ، وَذَلِكَ دَلِيلٌ لَنَا صَحِيحٌ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ مِنْ حُكْمِ الطَّوَافِ بِالْحَمْلِ فِي حَالِ الْقُوَّةِ عَلَيْهِ وَفِي حَالِ الْعَجْزِ عَنْهُ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَإِذَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْمَشْيُ بِإِيجَابِهِ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَحُجَّ مَاشِيًا وَكَانَ يَنْبَغِي إِذَا رَكِبَ أَنْ يَكُونَ فِي مَعْنَى مَا لَمْ يَأْتِ بِمَا أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ فَيَكُونُ عَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ بَعْدَ ذَلِكَ مَاشِيًا فَيَكُونُ كَمَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ قَائِمًا فَصَلَّاهُمَا قَاعِدًا. فَمِنَ الْحُجَّةِ عِنْدَنَا عَلَى قَائِلِ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّا رَأَيْنَا الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ الَّتِي عَلَيْنَا أَنْ نُصَلِّيَهَا قِيَامًا وَلَوْ صَلَّيْنَاهَا قُعُودًا لَا نُعْذَرُ وَجَبَ عَلَيْنَا إِعَادَتُهَا وَكُنَّا فِي حُكْمِ مَنْ لَمْ يُصَلِّهَا. وَكَانَ مَنْ حَجَّ مِنَّا حَجَّةَ الْإِسْلَامِ الَّتِي يَجِبُ عَلَيْنَا الْمَشْيُ فِي الطَّوَافِ لَهَا ، فَطَافَ ذَلِكَ الطَّوَافَ رَاكِبًا ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ لَمْ يُجْعَلْ فِي حُكْمِ مَنْ لَمْ يَطُفْ وَيُؤْمَرْ بِالْعَوْدِ بَلْ قَدْ جُعِلَ فِي حُكْمِ مَنْ طَافَ وَأَجْزَأَهُ طَوَافُهُ ذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ جُعِلَ عَلَيْهِ دَمٌ لِتَقْصِيرِهِ. فَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ الْوَاجِبَةُ بِالنَّذْرِ وَالْحَجُّ الْوَاجِبُ بِالنَّذْرِ ، هُمَا مَقِيسَانِ عَلَى الصَّلَاةِ وَالْحَجِّ الْوَاجِبَيْنِ بِإِيجَابِ اللهِ عز وجل. فَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ مِمَّا يَجِبُ بِإِيجَابِ اللهِ يَكُونُ الْمُقَصِّرُ فِيهِ فِي حُكْمِ تَارِكِهِ كَانَ كَذَلِكَ مَا يُوجِبُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ بِإِيجَابِهِ إِيَّاهُ عَلَى نَفْسِهِ فَقَصَّرَ فِيهِ ، يَكُونُ بِتَقْصِيرِهِ فِيهِ فِي حُكْمِ تَارِكِهِ ، فَعَلَيْهِ إِعَادَتُهُ. وَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ مِمَّا يَجِبُ بِإِيجَابِ اللهِ عَلَيْهِ مُقَصِّرٌ فِيهِ فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ إِعَادَتُهُ وَلَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ التَّقْصِيرِ فِي حُكْمِ تَارِكِهِ كَانَ كَذَلِكَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ بِإِيجَابِهِ إِيَّاهُ عَلَى نَفْسِهِ فَقَصَّرَ فِيهِ ، فَلَا يَكُونُ بِذَلِكَ التَّقْصِيرِ فِي حُكْمِ تَارِكِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ إِعَادَتُهُ وَلَكِنَّهُ فِي حُكْمِ فَاعِلِهِ وَعَلَيْهِ لِتَقْصِيرِهِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنَ التَّقْصِيرِ فِي أَشْكَالِهِ مِنَ الدِّمَاءِ. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى