الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْقَسَامَةِ كَيْفَ هِيَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْقَتِيلِ الْمَوْجُودِ فِي مَحَلَّةِ قَوْمٍ كَيْفَ الْقَسَامَةُ الْوَاجِبَةُ فِيهِ؟ فَقَالَ قَوْمٌ: يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ بِاللهِ مَا قَتَلْنَا فَإِنْ أَبَوْا أَنْ يَحْلِفُوا اسْتُحْلِفَ الْمُدَّعُونَ وَاسْتَحَقُّوا مَا ادَّعَوْا. وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِحَدِيثِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ الَّذِي ذَكَرْنَا فِي
الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ يُسْتَحْلَفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ فَإِذَا حَلَفُوا غَرِمُوا الدِّيَةَ. وَقَالُوا: قَوْلُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِلْأَنْصَارِ «أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ؟» إِنَّمَا كَانَ عَلَى النَّكِيرِ مِنْهُ عَلَيْهِمْ كَأَنَّهُ قَالَ «أَتَدَّعُونَ وَتَأْخُذُونَ؟» وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُمْ " أَفَتُبَرِّئُكُمْ يَهُودُ بِخَمْسِينَ يَمِينًا بِاللهِ مَا قَتَلْنَا. فَقَالُوا: كَيْفَ نَقْبَلُ أَيْمَانَ قَوْمٍ كُفَّارٍ؟ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ؟ ". أَيْ: إِنَّ الْيَهُودَ وَإِنْ كَانُوا كُفَّارًا فَلَيْسَ عَلَيْهِمْ فِيمَا تَدَّعُونَ عَلَيْهِمْ غَيْرَ أَيْمَانِهِمْ. وَكَمَا لَا يُقْبَلُ مِنْكُمْ - وَإِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ - أَيْمَانُكُمْ فَتَسْتَحِقُّونَ بِهَا كَذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَى الْيَهُودِ بِدَعْوَاكُمْ عَلَيْهِمْ غَيْرُ أَيْمَانِهِمْ. وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا التَّأْوِيلِ مَا قَدْ حَكَمَ بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِحَضْرَةِ أَصْحَابِهِ فَلَمْ يُنْكِرْهُ عَلَيْهِ مِنْهُمْ مُنْكِرٌ. وَمُحَالٌ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الْأَنْصَارِ رضي الله عنهم مِنْ ذَلِكَ عِلْمٌ وَلَا سِيَّمَا مِثْلُ مُحَيِّصَةَ وَقَدْ كَانَ حَيًّا يَوْمَئِذٍ وَسَهْلُ بْنُ أَبِي حَثْمَةَ وَلَا يُخْبِرُونَهُ بِهِ وَيَقُولُونَ: لَيْسَ هَكَذَا قَضَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَنَا عَلَى الْيَهُودِ. فَمِمَّا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه فِي ذَلِكَ مَا
5053 -
قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْأَزْمَعِ أَنَّهُ قَالَ لِعُمَرَ: أَمَا تَدْفَعُ أَمْوَالُنَا أَيْمَانَنَا وَلَا أَيْمَانُنَا عَنْ أَمْوَالِنَا قَالَ: لَا وَعَقَلَهُ
5054 -
حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ: ثنا أَبُو غَسَّانَ ، قَالَ: ثنا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، قَالَ: ثنا أَبُو إِسْحَاقَ ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْأَزْمَعِ ، قَالَ: قُتِلَ قَتِيلٌ بَيْنَ وَادِعَةَ وَحَيٍّ آخَرَ وَالْقَتِيلُ إِلَى وَادَعَةَ أَقْرَبُ. فَقَالَ عُمَرُ لِوَادَعَةَ: يَحْلِفُ خَمْسُونَ رَجُلًا مِنْكُمْ: بِاللهِ مَا قَتَلْنَا وَلَا نَعْلَمُ قَاتِلًا ثُمَّ أَغْرِمُوا الدِّيَةَ. فَقَالَ لَهُ الْحَارِثُ: نَحْلِفُ وَتُغَرِّمُنَا؟ فَقَالَ: نَعَمْ
5055 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ قَالَ: ثنا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ: ثنا عُثْمَانُ بْنُ مَطَرٍ عَنْ أَبِي جَرِيرٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ الْحَارِثِ الْوَادِعِيِّ قَالَ: أَصَابُوا قَتِيلًا بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ فَكَتَبُوا فِي ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. فَكَتَبَ عُمَرُ أَنْ قِيسُوا بَيْنَ الْقَرْيَتَيْنِ فَأَيُّهُمَا كَانَ إِلَيْهِ أَدْنَى فَخُذُوا خَمْسِينَ قَسَامَةً فَيَحْلِفُونَ بِاللهِ ثُمَّ غَرَّمَهُمُ الدِّيَةَ. قَالَ الْحَارِثُ: فَكُنْتُ فِيمَنْ أَقْسِمُ ثُمَّ غَرِمْنَا الدِّيَةَ فَهَذِهِ الْقَسَامَةُ الَّتِي حَكَمَ بِهَا أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. وَقَدْ وَافَقَ ذَلِكَ مَا قَدْ رَوَيْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ أَنَّهُ قَالَ «لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» . فَسَوَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْأَمْوَالِ وَالدِّمَاءِ وَحَكَمَ فِيهَا بِحُكْمٍ وَاحِدٍ فَجَعَلَ الْيَمِينَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى حَدِيثِ سَهْلٍ أَيْضًا عَلَى مَا قَدْ تَأَوَّلْنَاهُ عَلَيْهِ. وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا
عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم دَعَاهُمْ بِالْبَيِّنَةِ فَلَمَّا ذَكَرُوا أَنْ لَا بَيِّنَةَ لَهُمْ قَالَ «أَفَيَحْلِفُونَ لَكُمْ؟» فَدَلَّ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ مَا كَانَ مِنْ حُكْمِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ ذَلِكَ هُوَ هَذَا وَكَانَ مَا زَادَ عَلَيْهِ مِمَّا فِي حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَأَبِي لَيْلَى بْنِ عَبْدِ اللهِ لَيْسَ عَلَى الْحُكْمِ وَلَكِنْ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي تَأَوَّلْنَاهُمَا عَلَيْهِ. ثُمَّ هَذَا الزُّهْرِيُّ قَدْ عَلِمَ بِقَضَاءِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالْقَسَامَةِ. فَمِمَّا رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ
5056 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: ثنا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أُنَاسٍ مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الْقَسَامَةَ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَقَرَّهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ وَقَضَى بِهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أُنَاسٍ فِي قَتِيلٍ ادَّعَوْهُ عَلَى الْيَهُودِ "
5057 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ: ثنا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ: ثنا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ: ثنا الزُّهْرِيُّ قَالَ: ثنا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ عَنْ أُنَاسٍ مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ ثُمَّ قَالَ الزُّهْرِيُّ فِي الْقَسَامَةِ أَيْضًا مَا قَدْ
5058 -
حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ الرَّقِّيُّ قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِالْقَسَامَةِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ» فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْقَسَامَةَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ لَا عَلَى الْمُدَّعِينَ عَلَى مَا بَيَّنَ الزُّهْرِيُّ فِي حَدِيثِهِ هَذَا. وَإِنَّمَا كَانَ أَخَذَ الْقَسَامَةَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَكَانَ هَذَا مِمَّا أَخَذَهُ عَنْهُمْ.
⦗ص: 203⦘
وَقَدْ وَافَقَ ذَلِكَ مَا رَوَيْنَاهُ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه مِمَّا فَعَلَهُ وَحَكَمَ بِهِ بِحَضْرَةِ سَائِرِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَرَضِيَ عَنْهُمْ فَلَمْ يُنْكِرْهُ عَلَيْهِ مِنْهُمْ مُنْكِرٌ. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ