الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5250 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ ، قَالَ: ثنا أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْمَجَالِدِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى ، صَاحِبِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِخَيْبَرَ يَأْتِي أَحَدُنَا إِلَى طَعَامٍ مِنَ الْغَنِيمَةِ ، فَيَأْخُذُ مِنْهُ حَاجَتَهُ» فَإِذَا كَانَ الطَّعَامُ لَا بَأْسَ بِأَخْذِهِ وَأَكْلِهِ وَاسْتِهْلَاكِهِ لِحَاجَةِ الْمُسْلِمِينَ إِلَى ذَلِكَ ، كَانَ كَذَلِكَ أَيْضًا ، لَا بَأْسَ بِأَخْذِ الدَّوَابِّ وَالسِّلَاحِ وَالثِّيَابِ وَاسْتِعْمَالِهَا ، لِلْحَاجَةِ إِلَى ذَلِكَ ، حَتَّى لَا يَكُونَ الَّذِي أُرِيدَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى هَذَا ، غَيْرُ مَا أُرِيدُ بِهِ مِنْ حَدِيثِ رُوَيْفِعٍ ، حَتَّى لَا يَتَضَادَّانِ ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَأَبِي يُوسُفَ ، وَمُحَمَّدٍ ، رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِمْ ، وَبِهِ نَأْخُذُ
بَابُ الرَّجُلِ يُسْلِمُ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَعِنْدَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ
5251 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ: ثنا بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الشَّامِيُّ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَالِمٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، «أَنَّ غَيْلَانَ بْنَ سَلَمَةَ ، أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ عليه السلام خُذْ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا» قَالَ أَبُو جَعْفَرَ: فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الرَّجُلَ إِذَاأَسْلَمَ ، وَعِنْدَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ ، قَدْ كَانَ تَزَوَّجَهُنَّ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَهُوَ مُشْرِكٌ ، أَنَّهُ يَخْتَارُ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا ، فَيُمْسِكُهُنَّ ، وَيُفَارِقُ سَائِرَهُنَّ ، وَسَوَاءٌ عِنْدَهُمْ ، كَانَ تَزْوِيجُهُ إِيَّاهُنَّ فِي عُقْدَةٍ وَاحِدَةٍ ، أَوْ فِي عُقَدٍ مُتَفَرِّقَةٍ ، وَمِمَّنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ: مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ رحمه الله ،
⦗ص: 253⦘
وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ ، فَقَالُوا: إِنْ كَانَ تَزَوَّجَهُنَّ فِي عُقْدَةٍ وَاحِدَةٍ ، فَنِكَاحُهُنَّ كُلُّهُنَّ بَاطِلٌ ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُنَّ ، وَإِنْ كَانَ تَزَوَّجَهُنَّ فِي عُقَدٍ مُتَفَرِّقَةٍ ، فَنِكَاحُ الْأَرْبَعِ الْأُوَلِ مِنْهُنَّ ثَابِتٌ ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَائِرِهِنَّ ، وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ أَبُو حَنِيفَةَ ، وَأَبُو يُوسُفَ ، رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِمَا ، وَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ لَهُمْ فِي ذَلِكَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مُنْقَطِعٌ ، لَيْسَ كَمَا رَوَاهُ عَبْدُ الْأَعْلَى وَأَصْحَابُهُ الْبَصْرِيُّونَ عَنْ مَعْمَرٍ ، إِنَّمَا أَصْلُهُ مَا
5252 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: " بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ ثَقِيفٍ أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ: «أَمْسِكْ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا ، وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ»
5253 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ الْمَكِّيُّ ، قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلُهُ
5254 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ، قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلُهُ فَهَذَا هُوَ أَصْلُ هَذَا الْحَدِيثِ ، كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ ، وَكَمَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، وَقَدْ رَوَاهُ أَيْضًا عُقَيْلٌ ، عَنِ الزُّهْرِيُّ ، مَا يَدُلُّ عَلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي أَخَذَهُ الزُّهْرِيُّ مِنْهُ
5255 -
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَا: ثنا أَبُو صَالِحٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سُوَيْدٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِغَيْلَانَ بْنِ سَلَمَةَ الثَّقَفِيِّ ، حِينَ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ خُذْ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا ، وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ " فَبَيَّنَ عُقَيْلٌ فِي هَذَا ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، مَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيثِ ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا أَخَذَهُ عَمَّا بَلَغَهُ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَاسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ الزُّهْرِيُّ عِنْدَهُ فِي هَذَا شَيْءٌ ، عَنْ سَالِمٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، فَيَدَعُ الْحُجَّةَ بِهِ ، وَيَحْتَجُّ بِمَا بَلَغَهُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سُوَيْدٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، وَلَكِنْ إِنَّمَا أَتَى مَعْمَرٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ ، فِي قِصَّةِ غَيْلَانِ حَدِيثَانِ ، هَذَا أَحَدُهُمَا ، وَالْآخَرُ
عَنْ سَالِمٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ غَيْلَانَ بْنَ سَلَمَةَ طَلَّقَ نِسَاءَهُ ، وَقَسَمَ مَالَهُ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرُ ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَرْتَجِعَ نِسَاءَهُ وَمَالَهُ وَقَالَ:«لَوْ مِتَّ عَلَى ذَلِكَ ، لَرَجَمْتُ قَبْرَكَ ، كَمَا رُجِمَ قَبْرُ أَبِي وَغَّالٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ» فَأَخْطَأَ مَعْمَرٌ فَجَعَلَ إِسْنَادَ هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي فِيهِ كَلَامُ عُمَرَ ، لِلْحَدِيثِ الَّذِي فِيهِ كَلَامُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَفَسَدَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ ، ثُمَّ لَوْ ثَبَتَ ، عَلَى مَا رَوَاهُ عَبْدُ الْأَعْلَى ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، لَمَا كَانَتْ أَيْضًا فِيهِ حُجَّةٌ عِنْدَنَا ، عَلَى مَنْ ذَهَبَ إِلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ ، وَأَبُو يُوسُفَ ، رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِمَا فِي ذَلِكَ ، لِأَنَّ تَزْوِيجَ غَيْلَانَ ذَلِكَ إِنَّمَا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، قَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ ، عَنْ مَعْمَرٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ،
⦗ص: 254⦘
5256 -
حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَاسِطِيُّ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَالِمٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، بِمِثْلِ حَدِيثِ أَحْمَدَ بْنِ دَاوُدَ ، وَزَادَ " إِنَّهُ كَانَ تَزَوَّجَهُنَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَكَانَ تَزْوِيجُ غَيْلَانَ لِلنِّسْوَةِ اللَّاتِي كُنَّ عِنْدَهُ حِينَ أَسْلَمَ فِي وَقْتٍ كَانَ تَزَوُّجُ ذَلِكَ الْعَدَدِ جَائِزًا ، وَالنِّكَاحُ عَلَيْهِ ثَابِتٌ ، وَلَمْ يَكُنْ لِلْوَاحِدَةِ حِينَئِذٍ ، مِنْ ثُبُوتِ النِّكَاحِ إِلَّا مَا لِلْعَاشِرَةِ مِثْلُهُ ، ثُمَّ أَحْدَثَ اللهُ عز وجل حُكْمًا آخَرَ ، وَهُوَ تَحْرِيمُ مَا فَوْقَ الْأَرْبَعِ ، فَكَانَ ذَلِكَ حُكْمًا طَارِئًا ، طَرَأَتْ بِهِ حُرْمَةٌ حَادِثَةٌ عَلَى نِكَاحِ غَيْلَانَ ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِذَلِكَ ، أَنْ يُمْسِكَ مِنَ النِّسَاءِ الْعَدَدَ الَّذِي أَبَاحَهُ اللهُ ، وَيُفَارِقُ مَا سِوَى ذَلِكَ ، وَجَعَلَ كَرَجُلٍ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ ، فَطَلَّقَ إِحْدَاهُنَّ ، فَحُكْمُهُ أَنْ يَخْتَارَ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً فَيَجْعَلُ ذَلِكَ الطَّلَاقَ عَلَيْهَا ، وَيُمْسِكُ الْأُخْرَى ، وَكَذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ ، وَأَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللهُ يَقُولَانِ فِي هَذَا ، فَأَمَّا مَنْ تَزَوَّجَ عَشْرَ نِسْوَةٍ ، بَعْدَ تَحْرِيمِ اللهِ مَا جَاوَزَ الْأَرْبَعَ فِي عُقْدَةٍ وَاحِدَةٍ ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا عَقَدَ النِّكَاحَ عَلَيْهِنَّ عَقْدًا فَاسِدًا ، فَلَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ لَهُ نِكَاحٌ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَ ذَاتَ رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ ، وَهُوَ مُشْرِكٌ ، ثُمَّ أَسْلَمَ، أَنَّهَا لَا تُقَرُّ تَحْتَهُ ، وَإِنْ كَانَ عَقْدُهُ لِذَلِكَ كَانَ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَهُوَ مُشْرِكٌ ، فَلَمَّا كَانَ هَذَا يُرَدُّ حُكْمُهُ فِيهِ إِلَى حُكْمِ نِكَاحَاتِ الْمُسْلِمِينَ فِيمَا يَعْقِدُونَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ ، كَانَ كَذَلِكَ أَيْضًا حُكْمُهُ فِي الْعَشْرِ نِسْوَةً اللَّاتِي تَزَوَّجَهُنَّ وَهُوَ مُشْرِكٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ ، يُرَدُّ حُكْمُهُ فِي ذَلِكَ إِلَى حُكْمِ الْمُسْلِمِينَ فِي نِكَاحَاتِهِمْ ، فَإِنْ كَانَ تَزَوَّجَهُنَّ فِي عُقْدَةٍ وَاحِدَةٍ ، فَنِكَاحُهُنَّ بَاطِلٌ ، وَإِنْ كَانَ تَزَوَّجَهُنَّ فِي عُقَدٍ مُتَفَرِّقَةٍ ، جَازَ نِكَاحُ الْأَرْبَعِ الْأُوَلِ مِنْهُنَّ ، وَبَطَلَ نِكَاحُ سَائِرِهِنَّ ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ تَرَكَ أَبُو حَنِيفَةَ ، وَأَبُو يُوسُفَ قَوْلَهُمَا ، فِي شَيْءٍ قَالَاهُ فِي هَذَا الْمَعْنَى ، وَذَلِكَ أَنَّهُمَا قَالَا فِي رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ سُبِيَ وَلَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ ، وَسُبِينَ مَعَهُ: إِنَّ نِكَاحَهُنَّ كُلِّهِنَّ قَدْ فَسَدَ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُنَّ ، قَالَ: فَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي ، عَلَى مَا حَمَلَا عَلَيْهِ حَدِيثَ غَيْلَانَ ، أَنْ يَجْعَلَا لَهُ أَنْ يَخْتَارَ مِنْهُنَّ اثْنَيْنِ فَيُمْسِكُهُمَا ، وَيُفَارِقُ الِاثْنَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ ، لِأَنَّ نِكَاحَ الْأَرْبَعِ قَدْ كَانَ كُلُّهُ ثَابِتًا صَحِيحًا ، وَإِنَّمَا طَرَأَ الرِّقُّ عَلَيْهِ ، فَحَرَّمَ عَلَيْهِ مَا فَوْقَ الِاثْنَتَيْنِ كَمَا أَنَّهُ لَمَّا طَرَأَ حُكْمُ اللهِ فِي تَحْرِيمِ مَا فَوْقَ الْأَرْبَعِ ، «أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم غَيْلَانَ بِاخْتِيَارِ أَرْبَعٍ مِنْ نِسَائِهِ ، وَفَارَقَ سَائِرَهُنَّ» قِيلَ لَهُ: مَا خَرَجَ أَبُو حَنِيفَةَ ، وَأَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللهُ بِمَا ذَكَرْتَ ، عَنْ أَصْلِهِمَا ، وَلَكِنَّهُمَا ذَهَبَا إِلَى مَا قَدْ خَفِيَ عَلَيْكَ ، وَذَلِكَ أَنَّ هَذَا كَانَ تَزَوَّجَ الْأَرْبَعَ فِي وَقْتٍ مَا تَزَوَّجَهُنَّ بَعْدَمَا حُرِّمَ عَلَى الْعَبْدِ تَزَوُّجِ مَا فَوْقَ الِاثْنَتَيْنِ ،
⦗ص: 255⦘
فَإِذَا تَزَوَّجَ ، وَهُوَ حَرْبِيٌّ فِي دَارِ الْحَرْبِ ، مَا فَوْقَ اثْنَتَيْنِ ، ثُمَّ سُبِيَ وَسُبِينَ مَعَهُ ، رُدَّ حُكْمُهُ فِي ذَلِكَ إِلَى حُكْمِ تَحْرِيمٍ ، قَدْ كَانَ قَبْلَ نِكَاحِهِ ، فَصَارَ كَأَنَّهُ تَزَوَّجَهُنَّ فِي عُقَدٍ بَعْدَمَا صَارَ رَقِيقًا ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ ، كَرَجُلٍ تَزَوَّجَ صَبِيَّتَيْنِ صَغِيرَتَيْنِ ، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ فَأَرْضَعَتْهُمَا مَعًا ، فَإِنَّهُمَا تَبِينَانِ مِنْهُ جَمِيعًا ، وَلَا يُؤْمَرُ بِأَنْ يَخْتَارَ إِحْدَاهُمَا فَيُمْسِكُهَا ، وَيُفَارِقُ الْأُخْرَى ، لِأَنَّ حُرْمَةَ الرَّضَاعِ طَرَأَتْ عَلَيْهِ بَعْدَ نِكَاحِهِ إِيَّاهُمَا ، وَكَذَلِكَ الرِّقُّ الطَّارِئُ عَلَى النِّكَاحِ ، الَّذِي وَصَفْنَا ، حُكْمُهُ حُكْمُ هَذَا الرَّضَاعِ الَّذِي ذَكَرْنَا ، وَهُمَا جَمِيعًا مُفَارِقَانِ ، لِمَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَيْلَانَ بْنِ سَلَمَةَ ، لِأَنَّ غَيْلَانَ لَمْ يَكُنْ حُرْمَةُ اللهِ لِمَا فَوْقَ الْأَرْبَعِ ، تَقَدَّمَتْ نِكَاحَهُ فَيُرَدُّ حُكْمُ نِكَاحِهِ إِلَيْهَا ، وَإِنَّمَا طَرَأَتِ الْحُرْمَةُ عَلَى نِكَاحِهِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ كُلِّهِ ، فَرُدَّتْ حُرْمَةُ مَا حَرَّمَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ إِلَى حُكْمٍ حَادِثٍ بَعْدَ النِّكَاحِ ، فَوَجَبَ لَهُ بِذَلِكَ الْخِيَارُ ، كَمَا يَجِبُ لَهُ فِي الطَّلَاقِ الَّذِي ذَكَرْنَا ، فَإِنِ احْتَجُّوا أَيْضًا فِي ذَلِكَ ، بِمَا
5257 -
حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى ، عَنْ حُمَيْضَةَ بِنْتِ الشَّمَرْدَلِ ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسٍ ، قَالَ:«أَسْلَمْتُ وَعِنْدِي ثَمَانِي نِسْوَةٍ ، فَأَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَخْتَارَ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا»
5258 -
حَدَّثَنَا صَالِحٌ ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ ، قَالَ أَخْبَرَنَا مُغِيرَةُ ، عَنْ بَعْضِ وَلَدِ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، نَحْوَهُ قِيلَ لَهُ: قَدْ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي حَدِيثِ غَيْلَانَ ، وَقَدْ يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَرَادَ بِقَوْلِهِ لَهُ: اخْتَرْ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا، أَيْ: اخْتَرْ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا فَتَزَوَّجْهُنَّ ، وَلَا دَلَالَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ ، وَإِنِ احْتَجُّوا فِي ذَلِكَ أَيْضًا ، بِمَا
5259 -
حَدَّثَنَا رَبِيعٌ الْجِيزِيُّ ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَسْوَدِ ، وَحَسَّانُ بْنُ غَالِبٍ ، قَالَا: ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ ، عَنْ أَبِي وَهْبٍ الْجَيَشَانِيِّ ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ فَيْرُوزَ الدَّيْلَمِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَسْلَمْتُ وَعِنْدِي أُخْتَانِ ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«طَلِّقْ إِحْدَاهُمَا»
5260 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ ، قَالَ: ثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ، عَنْ أَبِي وَهْبٍ الْجَيَشَانِيِّ ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ فَيْرُوزَ الدَّيْلَمِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ: " أَسْلَمْتُ وَعِنْدِي أُخْتَانِ ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ طَلِّقْ أَيَّتَهُمَا شِئْتَ قِيلَ لَهُمْ: هَذَا يُوجِبُ الِاخْتِيَارَ ، كَمَا ذَكَرْتُمْ ، وَهُوَ أَوْضَحُ مِنْ حَدِيثِ حَارِثِ بْنِ قَيْسٍ ، وَلَكِنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا خَيَّرَهُ ، لِأَنَّ نِكَاحَهُ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، قَبْلَ تَحْرِيمِ اللهِ عز وجل مَا فَوْقَ الْأَرْبَعِ ، فَيَكُونُ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ ، مِثْلُ مَعْنَى حَدِيثِ غَيْلَانَ بْنِ سَلَمَةَ ،
⦗ص: 256⦘
فَقَدْ ثَبَتَ بِمَا بَيَّنَّا فِي هَذَا الْبَابِ ، مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ ، وَأَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللهُ ، وَفَسَدَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ رحمه الله ، وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ ، وَأَبُو يُوسُفَ ، بَعْضُ الْمُتَقَدِّمِينَ