المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب إنزاء الحمير على الخيل - شرح معاني الآثار - جـ ٣

[الطحاوي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌بَابُ مَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ سَوْمِ الرَّجُلِ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ وَخِطْبَتِهِ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ

- ‌بَابُ النِّكَاحِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ عَصَبَةٍ

- ‌بَابُ الرَّجُلِ يُرِيدُ تَزَوُّجَ الْمَرْأَةِ هَلْ يَحِلُّ لَهُ النَّظَرُ إِلَيْهَا أَمْ لَا

- ‌بَابُ التَّزْوِيجِ عَلَى سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ

- ‌بَابُ الرَّجُلِ يَعْتِقُ أَمَتَهُ عَلَى أَنَّ عِتْقَهَا صَدَاقُهَا

- ‌بَابُ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ

- ‌بَابٌ مِقْدَارُ مَا يُقِيمُ الرَّجُلُ عِنْدَ الثَّيِّبِ أَوِ الْبِكْرِ إِذَا تَزَوَّجَهَا

- ‌بَابُ الْعَزْلِ

- ‌بَابٌ الْحَائِضُ مَا يَحِلُّ لِزَوْجِهَا مِنْهَا

- ‌بَابُ وَطْءِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ

- ‌بَابُ وَطْءِ الْحَبَالَى

- ‌بَابُ انْتِهَابِ مَا يُنْثَرُ عَلَى الْقَوْمِ مِمَّا يَفْعَلُهُ النَّاسُ فِي النِّكَاحِ

- ‌كِتَابُ الطَّلَاقِ

- ‌بَابُ الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ ثُمَّ يُرِيدُ أَنْ يُطَلِّقَهَا لِلسُّنَّةِ ، مَتَى يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ

- ‌بَابُ الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا مَعًا

- ‌بَابُ الْأَقْرَاءِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْأَقْرَاءِ الَّتِي تَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ إِذَا طُلِّقَتْ. فَقَالَ قَوْمٌ: هِيَ الْحَيْضُ ، وَقَالَ آخَرُونَ: هِيَ الْأَطْهَارُ. فَكَانَ مِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهَا الْأَطْهَارُ ، " قَوْلُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِعُمَرَ ، حِينَ طَلَّقَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ:

- ‌بَابُ الْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا بَائِنًا مَاذَا لَهَا عَلَى زَوْجِهَا فِي عِدَّتِهَا

- ‌بَابُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا هَلْ لَهَا أَنْ تُسَافِرَ فِي عِدَّتِهَا؟ وَمَا دَخَلَ ذَلِكَ مِنْ حُكْمِ الْمُطَلَّقَةِ فِي وُجُوبِ الْإِحْدَادِ عَلَيْهَا فِي عِدَّتِهَا

- ‌بَابُ الْأَمَةِ تَعْتِقُ وَزَوْجُهَا حُرٌّ ، هَلْ لَهَا خِيَارٌ أَمْ لَا

- ‌بَابُ الرَّجُلِ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مَتَى يَقَعُ الطَّلَاقُ

- ‌بَابُ طَلَاقِ الْمُكْرَهِ

- ‌بَابُ الرَّجُلِ يَنْفِي حَمْلَ امْرَأَتِهِ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: ذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا نَفَى حَمْلَ امْرَأَتِهِ ، أَنْ يَكُونَ مِنْهُ ، لَاعَنَ الْقَاضِي بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ بِذَلِكَ الْحَمْلِ ، وَأَلْزَمَهُ أُمَّهُ ، وَأَبَانَ الْمَرْأَةَ مِنْ زَوْجِهَا وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِحَدِيثٍ

- ‌بَابُ الرَّجُلِ يَنْفِي وَلَدَ امْرَأَتِهِ حِينَ يُولَدُ هَلْ يُلَاعِنُ بِهِ أَمْ لَا

- ‌كِتَابُ الْعَتَاقِ

- ‌بَابُ الْعَبْدِ يَكُونُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَيُعْتِقُهُ أَحَدُهُمَا

- ‌بَابُ الرَّجُلِ يَمْلِكُ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ ، هَلْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ أَمْ لَا

- ‌بَابُ الْمُكَاتَبِ مَتَى يَعْتِقُ

- ‌بَابُ الْأَمَةِ يَطَؤُهَا مَوْلَاهَا ثُمَّ يَمُوتُ ، وَقَدْ كَانَتْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ فِي حَيَاتِهِ هَلْ يَكُونُ ابْنَهُ وَتَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ أَمْ لَا

- ‌كِتَابُ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ

- ‌بَابُ الْمِقْدَارِ الَّذِي يُعْطَى كُلُّ مِسْكِينٍ مِنَ الطَّعَامِ وَالْكَفَّارَاتِ

- ‌بَابٌ: الرَّجُلُ يَحْلِفُ أَنْ لَا يُكَلِّمَ رَجُلًا شَهْرًا ، كَمْ عَدَدُ ذَلِكَ الشَّهْرِ مِنَ الْأَيَّامِ

- ‌بَابٌ الرَّجُلُ يُوجِبُ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يُصَلِّيَ فِي مَكَانٍ فَيُصَلِّي فِي غَيْرِهِ

- ‌بَابٌ: الرَّجُلُ يُوجِبُ عَلَى نَفْسِهِ الْمَشْيَ إِلَى بَيْتِ اللهِ

- ‌بَابٌ: الرَّجُلُ يَنْذُرُ وَهُوَ مُشْرِكٌ نَذْرًا ثُمَّ يُسْلِمُ

- ‌كِتَابُ الْحُدُودِ

- ‌بَابٌ حَدُّ الْبِكْرِ فِي الزِّنَا

- ‌بَابٌ حَدُّ الزَّانِي الْمُحْصَنِ مَا هُوَ

- ‌بَابٌ: الِاعْتِرَافُ بِالزِّنَا الَّذِي يَجِبُ بِهِ الْحَدُّ مَا هُوَ؟ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: ذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا أَقَرَّ بِالزِّنَا مَرَّةً وَاحِدَةً أُقِيمَ عَلَيْهِ حَدُّ الزِّنَا. وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِمَا قَدْ رَوَيْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْكِتَابِ مِنْ قَوْلِهِ لِأُنَيْسٍ رضي الله عنه: «اغْدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى

- ‌بَابٌ: الرَّجُلُ يَزْنِي بِجَارِيَةِ امْرَأَتِهِ

- ‌بَابٌ: مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ أَبِيهِ أَوْ ذَاتَ مَحْرَمٍ مِنْهُ فَدَخَلَ بِهَا

- ‌بَابٌ حَدُّ الْخَمْرِ

- ‌بَابٌ مَنْ سَكِرَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ مَا حَدُّهُ

- ‌بَابَ الْمِقْدَارِ الَّذِي يُقْطَعُ فِيهِ السَّارِقُ

- ‌بَابُ الْإِقْرَارِ بِالسَّرِقَةِ الَّتِي تُوجِبُ الْقَطْعَ

- ‌بَابُ الرَّجُلِ يَسْتَعِيرُ الْحُلِيَّ فَلَا يَرُدُّهُ هَلْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ قَطْعٌ أَمْ لَا

- ‌بَابُ سَرِقَةِ الثَّمَرِ وَالْكَثْرِ

- ‌كِتَابُ الْجِنَايَاتِ

- ‌بَابُ مَا يَجِبُ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ وَجِرَاحِ الْعَمْدِ

- ‌بَابُ الرَّجُلِ يَقْتُلُ رَجُلًا كَيْفَ يُقْتَلُ

- ‌بَابُ شِبْهِ الْعَمْدِ الَّذِي لَا قَوْدَ فِيهِ مَا هُوَ

- ‌بَابُ شِبْهِ الْعَمْدِ هَلْ يَكُونُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ كَمَا يَكُونُ فِي النَّفْسِ؟ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: لَمَّا ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ النَّفْسَ قَدْ يَكُونُ فِيهَا شِبْهُ عَمْدٍ كَانَ كَذَلِكَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ الْآثَارَ الَّتِي قَدْ رَوَيْنَاهَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الَّتِي

- ‌بَابُ الرَّجُلِ يَقُولُ عِنْدَ مَوْتِهِ: إِنْ مِتُّ فَفُلَانٌ قَتَلَنِي قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: قَدْ رَوَيْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا سَأَلَ الْجَارِيَةَ الَّتِي رُضِخَ رَأْسُهَا مَنْ رَضَخَ رَأْسَكَ أَفُلَانٌ هُوَ؟ فَأَوْمَتْ بِرَأْسِهَا أَيْ نَعَمْ فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِرَضْخِ رَأْسِهِ بَيْنَ حَجَرَيْنِ»

- ‌بَابُ الْمُؤْمِنِ يَقْتُلُ الْكَافِرَ مُتَعَمِّدًا

- ‌بَابُ الْقَسَامَةِ هَلْ تَكُونُ عَلَى سَاكِنِي الدَّارِ الْمَوْجُودِ فِيهَا الْقَتِيلُ أَوْ عَلَى مَالِكِهَا

- ‌بَابُ الْقَسَامَةِ كَيْفَ هِيَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْقَتِيلِ الْمَوْجُودِ فِي مَحَلَّةِ قَوْمٍ كَيْفَ الْقَسَامَةُ الْوَاجِبَةُ فِيهِ؟ فَقَالَ قَوْمٌ: يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ بِاللهِ مَا قَتَلْنَا فَإِنْ أَبَوْا أَنْ يَحْلِفُوا اسْتُحْلِفَ الْمُدَّعُونَ وَاسْتَحَقُّوا مَا ادَّعَوْا. وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِحَدِيثِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ الَّذِي ذَكَرْنَا فِي

- ‌بَابُ مَا أَصَابَتِ الْبَهَائِمُ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ

- ‌بَابُ غُرَّةِ الْجَنِينِ الْمَحْكُومِ بِهَا فِيهِ لِمَنْ هِيَ

- ‌كِتَابُ السِّيَرِ

- ‌بَابُ الْإِمَامِ يُرِيدُ قِتَالَ أَهْلِ الْحَرْبِ هَلْ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ أَنْ يَدْعُوَهُمْ أَمْ لَا

- ‌بَابُ مَا يَكُونُ الرَّجُلُ بِهِ مُسْلِمًا

- ‌بَابُ بُلُوغِ الصَّبِيِّ بِدُونِ الِاحْتِلَامِ فَيَكُونُ بِهِ فِي مَعْنَى الْبَالِغِينَ فِي سُهْمَانِ الرِّجَالِ ، وَفِي حِلِّ قَتْلِهِ فِي دَارِ الْحَرْبِ إِنْ كَانَ حَرْبِيًّا

- ‌بَابُ مَا يَنْهَى عَنْ قَتْلِهِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ فِي دَارِ الْحَرْبِ

- ‌بَابُ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ هَلْ يُقْتَلُ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَمْ لَا

- ‌بَابُ الرَّجُلِ يَقْتُلُ قَتِيلًا فِي دَارِ الْحَرْبِ ، هَلْ يَكُونُ لَهُ سَلْبُهُ أَمْ لَا

- ‌بَابُ سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى

- ‌بَابُ النَّفْلِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ قِتَالِ الْعَدُوِّ ، وَإِحْرَازِ الْغَنِيمَةِ

- ‌بَابُ الْمَدَدِ يَقْدَمُونَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْقِتَالِ فِي دَارِ الْحَرْبِ بَعْدَمَا ارْتَفَعَ الْقِتَالُ قَبْلَ قُفُولِ الْعَسْكَرِ ، هَلْ يُسْهَمُ لَهُمْ أَمْ لَا

- ‌بَابُ الْأَرْضِ تُفْتَتَحُ كَيْفَ يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَفْعَلَ فِيهَا

- ‌بَابُ الرَّجُلِ يَحْتَاجُ إِلَى الْقِتَالِ عَلَى دَابَّةٍ مِنَ الْمَغْنَمِ

- ‌بَابُ الرَّجُلِ يُسْلِمُ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَعِنْدَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ

- ‌بَابُ الْحَرْبِيَّةِ تُسْلِمُ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَتَخْرُجُ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ يَخْرُجُ زَوْجُهَا بَعْدَ ذَلِكَ مُسْلِمًا

- ‌بَابُ الْفِدَاءِ

- ‌بَابُ مَا أَحْرَزَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ ; هَلْ يَمْلِكُونَهُ أَمْ لَا

- ‌بَابُ مِيرَاثِ الْمُرْتَدِّ لِمَنْ هُوَ

- ‌بَابُ إِحْيَاءِ الْأَرْضِ الْمَيِّتَةِ

- ‌بَابُ إِنْزَاءِ الْحَمِيرِ عَلَى الْخَيْلِ

- ‌كِتَابُ الْحُجَّةِ فِي فَتْحِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ عَنْوَةً قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: اجْتَمَعَتِ الْأُمَّةُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، صَالَحَ أَهْلَ مَكَّةِ قَبْلَ افْتِتَاحِهِ إِيَّاهَا ، ثُمَّ افْتَتَحَهَا بَعْدَ ذَلِكَ ، فَقَالَ قَوْمٌ: كَانَ افْتِتَاحُهُ إِيَّاهَا بَعْدَ أَنْ نَقَضَ أَهْلُ مَكَّةَ الْعَهْدَ وَخَرَجُوا مِنَ الصُّلْحِ ، فَافْتَتَحَهَا

الفصل: ‌باب إنزاء الحمير على الخيل

‌بَابُ إِنْزَاءِ الْحَمِيرِ عَلَى الْخَيْلِ

ص: 271

5318 -

حَدَّثَنَا رَبِيعٌ الْمُؤَذِّنُ قَالَ: ثنا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ:" أَهْدَيْتُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَغْلَةً ، فَرَكِبَهَا ، فَقَالَ عَلِيٌّ: لَوْ حَمَلْنَا الْحَمِيرَ عَلَى الْخَيْلِ ، لَكَانَ لَنَا مِثْلُ هَذِهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ".

5319 -

حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ: ثنا أَبُو غَسَّانَ ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ ، عَنْ عُثْمَانَ ، عَنْ سَالِمٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَلْقَمَةَ ، عَنْ عَلِيٍّ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوُهُ

ص: 271

5320 -

حَدَّثَنَا رَبِيعٌ الْمُؤَذِّنُ ، قَالَ: ثنا أَسَدٌ ، ح

5321 -

وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ ، قَالَ: ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ، قَالَا: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ أَبِي جَهْضَمٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ: " مَا اخْتَصَّنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِشَيْءٍ دُونَ النَّاسِ ، إِلَّا بِثَلَاثٍ: إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ ، وَأَنْ لَا نَأْكُلَ الصَّدَقَةَ ، وَأَنْ لَا نُنْزِي الْحُمُرَ عَلَى الْخَيْلِ فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى هَذَا ، فَكَرِهُوا إِنْزَاءَ الْحُمُرِ عَلَى الْخَيْلِ ، وَحَرَّمُوا ذَلِكَ وَمَنَعُوا مِنْهُ ، وَاحْتَجُّوا بِهَذِهِ الْآثَارِ ، وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ ، فَلَمْ يَرَوْا بِذَلِكَ بَأْسًا ، وَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ لَهُمْ فِي ذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ مَكْرُوهًا ، لَكَانَ رُكُوبُ الْبِغَالِ مَكْرُوهًا ، لِأَنَّهُ لَوْلَا رَغْبَةُ النَّاسِ فِي الْبِغَالِ وَرُكُوبِهِمْ إِيَّاهَا ، لَمَا أُنْزِيَتِ الْحُمُرُ عَلَى الْخَيْلِ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمَّا نَهَى عَنْ إِخْصَاءِ بَنِي آدَمَ ، كَرِهَ بِذَلِكَ اتِّخَاذَ الْخُصْيَانِ ، لِأَنَّ فِي اتِّخَاذِهِمْ ، مَا يُحْمَلُ مِنْ تَحْضِيضِهِمْ عَلَى إِخْصَائِهِمْ ، لِأَنَّ النَّاسَ إِذَا تَحَامَوُا اتِّخَاذَهُمْ ، لَمْ يَرْغَبْ أَهْلُ الْفِسْقِ فِي إِخْصَائِهِمْ ، وَقَدْ

ص: 271

5322 -

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ: ثنا الْقَوَارِيرِيُّ ، قَالَ: ثنا عَفِيفُ بْنُ سَالِمٍ ، قَالَ: ثنا الْعَلَاءُ بْنُ عِيسَى الذَّهَبِيُّ قَالَ: أَتَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِخَصِيٍّ فَكَرِهَ أَنْ يَبْتَاعَهُ وَقَالَ: مَا كُنْتُ لِأُعِينَ عَلَى الْإِخْصَاءِ فَكُلُّ شَيْءٍ فِي تَرْكِ كَسْبِهِ تَرْكٌ لِبَعْضِ أَهْلِ الْمَعَاصِي لِمَعْصِيَتِهِمْ فَلَا يَنْبَغِي كَسْبُهُ ، فَلَمَّا أُجْمِعَ عَلَى إِبَاحَةِ اتِّخَاذِ الْبِغَالِ وَرُكُوبِهَا ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ الَّذِي فِي الْآثَارِ الْأُوَلِ ، لَمْ يُرَدْ بِهِ التَّحْرِيمُ ، وَلَكِنَّهُ أُرِيدَ بِهِ مَعْنًى آخَرُ ، فَمِمَّا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي رُكُوبِ الْبِغَالِ ، مَا قَدْ

ص: 271

5323 -

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ: ثنا الْقَوَارِيرِيُّ ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: " قَالَ رَجُلٌ لِلْبَرَاءِ يَا أَبَا عُمَارَةَ وَلَّيْتُمْ يَوْمَ حُنَيْنٍ؟ ، فَقَالَ: لَا وَاللهِ ، مَا وَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَلَكِنْ وَلَّى سَرَعَانُ النَّاسِ ، تَلَقَّتْهُمْ هَوَازِنُ بِالنَّبْلِ ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَلَى بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ آخِذٌ بِلِجَامِهَا ، وَهُوَ يَقُولُ: أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ ، أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ

⦗ص: 272⦘

5324 -

حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ: ثنا أَبُو الْوَلِيدِ ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ

5325 -

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ ، قَالَ: ثنا زُهَيْرُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنِ الْبَرَاءِ ، مِثْلُهُ

ص: 271

5326 -

حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ أَبَاهُ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، قَالَ:«شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُنَيْنٍ ، فَلَزِمْتُ أَنَا وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ ، رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَلَمْ نُفَارِقْهُ ، وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، عَلَى بَغْلَةٍ لَهُ بَيْضَاءَ أَهْدَاهَا لَهُ فَرْوَةُ بْنُ نُفَاثَةَ الْجُذَامِيُّ»

5327 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ، قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ ، قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ ، يُحَدِّثُ عَنْ كَثِيرِ بْنِ الْعَبَّاسِ ، عَنْ أَبِيهِ ، نَحْوَهُ

ص: 272

5328 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ: ثنا عَفَّانُ ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ ، قَالَ: ثنا الْحَارِثُ بْنُ حَصِيرَةَ قَالَ: ثنا الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ «كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُنَيْنٍ وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى بَغْلَتِهِ»

ص: 272

5329 -

حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْأَحْوَصِ ، عَنْ أُمِّهِ ، قَالَتْ:«رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ النَّحْرِ ، عِنْدَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ ، وَهُوَ عَلَى بَغْلَتِهِ»

ص: 272

5330 -

حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ ، " عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بِشْرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّهُ قَالَ: أَتَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِيَّاهُمْ ، وَهُوَ رَاكِبٌ عَلَى بَغْلَتِهِ "

ص: 272

5331 -

حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ: ثنا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، قَالَ: ثنا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى بَغْلَتِهِ شَهْبَاءَ ، فَمَرَّ عَلَى حَائِطٍ لِبَنِي النَّجَّارِ ، فَإِذَا قَبْرٌ يُعَذَّبُ صَاحِبُهُ ، فَحَاصَبَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَوْلَا أَنْ لَا تَدَافَنُوا ، لَدَعَوْتُ اللهَ يُسْمِعَكُمْ عَذَابَ الْقَبْرِ»

ص: 272

5332 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ ، قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيُّ ، قَالَ: ثنا مَعْنُ بْنُ عِيسَى ، قَالَ: ثنا فَائِدٌ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي رَافِعٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّهُ " رَأَى بَغْلَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَهْبَاءَ ، وَكَانَتْ عِنْدَ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ

ص: 272

5333 -

وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ ، قَالَ: ثنا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي ، قَالَ:«غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حُنَيْنًا ، فَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا فِيهِ فَمَرَرْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُنْهَزِمًا وَهُوَ عَلَى بَغْلَتِهِ الشَّهْبَاءَ»

5334 -

حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ ، قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ ، عَنْ أَسْلَمَ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ ، قَالَ:«رَكِبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَغْلَتَهُ ، فَاتَّبَعْتُهُ» ، ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ فَقَدْ تَوَاتَرَتِ الْآثَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِإِبَاحَةِ رُكُوبِ الْبِغَالِ ،

⦗ص: 273⦘

وَقَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه ، مَا قَدْ

ص: 272

5335 -

حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ ، قَالَ: ثنا عَائِذُ بْنُ حَبِيبٍ ، عَنِ الْحَجَّاجِ ، عَنْ: سَعِيدِ بْنِ أَشَوْعَ ، عَنْ حَنَشِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ ، قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا أَتَى بِبَغْلَةٍ يَوْمَ الْأَضْحَى فَرَكِبَهَا ، فَلَمْ يَزَلْ يُكَبِّرُ حَتَّى أَتَى الْجَبَّانَةَ

ص: 273

5336 -

حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ الرَّقِّيُّ ، قَالَ: ثنا الْحَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنِ الْحَكَمِ ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ الْجَزَّارِ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه أَنَّهُ خَرَجَ يَوْمَ النَّحْرِ عَلَى بَغْلَةٍ بَيْضَاءَ ، يُرِيدُ الصَّلَاةَ ، فَجَاءَ رَجُلٌ فَأَخَذَ بِخِطَامِ بَغْلَتِهِ ، فَسَأَلَهُ عَنْ يَوْمِ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ ، فَقَالَ: هُوَ يَوْمُكَ هَذَا ، خَلِّ سَبِيلَهَا " فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَمَا مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «إِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ» ؟ قِيلَ لَهُ: قَدْ قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ مَعْنَاهُ: إِنَّ الْخَيْلَ قَدْ جَاءَ فِي ارْتِبَاطِهَا ، وَاكْتِسَابِهَا ، وَعَلَفِهَا الْأَجْرُ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي الْبِغَالِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّمَا يُنْزَى فَرَسٌ عَلَى فَرَسٍ، حَتَّى يَكُونَ عَنْهُمَا مَا فِيهِ الْأَجْرُ ، وَيَحْمِلُ حِمَارًا عَلَى فَرَسٍ فَيَكُونُ عَنْهُمَا بَغْلٌ لَا أَجْرَ فِيهِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ» أَيْ لِأَنَّهُمْ يَتْرُكُونَ بِذَلِكَ إِنْتَاجَ مَا فِي ارْتِبَاطِهِ الْأَجْرُ ، وَيُنْتِجُونَ مَا لَا أَجْرَ فِي ارْتِبَاطِهِ ، فَمِمَّا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الثَّوَابِ فِي ارْتِبَاطِ الْخَيْلِ ، مَا

ص: 273

5337 -

حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْخَيْلِ ، فَقَالَ:" هِيَ لِثَلَاثَةٍ: لِرَجُلٍ أَجْرٌ ، وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ ، وَلِرَجُلٍ وِزْرٌ ، فَأَمَّا مَنْ رَبَطَهَا عُدَّةً فِي سَبِيلِ اللهِ ، فَإِنَّهُ لَوْ طَوَّلَ لَهَا فِي مَرْجٍ خَصِيبٍ ، أَوْ رَوْضَةٍ خَصِيبَةٍ ، كَتَبَ اللهُ لَهُ عَدَدَ مَا أَكَلَتْ حَسَنَاتٍ ، وَعَدَدَ أَرْوَاثِهَا حَسَنَاتٍ ، وَلَوِ انْقَطَعَ طُولُهَا ذَلِكَ فَاعْتَلَتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ ، كَتَبَ اللهُ عَدَدَ آثَارِهَا حَسَنَاتٍ ، وَلَوْ مَرَّتْ بِنَهْرٍ عَجَاجٍ لَا يُرِيدُ السَّقْيَ بِهِ ، فَشَرِبَتْ مِنْهُ ، كَتَبَ اللهُ لَهُ عَدَدَ مَا شَرِبَتْ حَسَنَاتٍ ، وَمَنِ ارْتَبَطَهَا تَغَنِّيًا وَتَعَفُّفًا ، ثُمَّ لَمْ يَنْسَ حَقَّ اللهِ فِي رِقَابِهَا وَظُهُورِهَا ، كَانَتْ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ ، وَمَنِ ارْتَبَطَهَا فَخْرًا وَرِيَاءً وَنَوَاءً عَلَى الْمُسْلِمِينَ ، كَانَتْ لَهُ بُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ " قَالُوا: فَالْحُمُرُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: لَمْ يَنْزِلْ عَلَيَّ فِي الْحُمُرِ شَيْءٌ إِلَّا هَذِهِ الْآيَةُ الْفَاذَّةُ {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 7]

5338 -

حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ ، عَنْ بُكَيْرٍ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، بِنَحْوِ ذَلِكَ أَيْضًا

ص: 273

5339 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ ، إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»

5340 -

حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، مِثْلُهُ

⦗ص: 274⦘

5341 -

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ ، قَالَ أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، مِثْلُهُ

5342 -

حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ ، قَالَ: ثنا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، مِثْلُهُ

ص: 273

5343 -

حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ: ثنا طَلْحَةُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ ، أَنَّ سَعِيدًا الْمَقْبُرِيَّ ، حَدَّثَهُ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «مَنِ احْتَبَسَ فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللهِ ، إِيمَانًا بِاللهِ ، وَتَصْدِيقًا بِوُعُودِ اللهِ ، كَانَ شِبَعُهُ وَرَيُّهُ ، وَرَوْثُهُ ، حَسَنَاتٍ فِي مِيزَانِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»

ص: 274

5344 -

حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُتْبَةُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ ، عَنِ الْحُصَيْنِ بْنِ حَرْمَلَةَ الْمَهْدِيِّ ، عَنْ أَبِي الْمُصَبِّحِ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم «الْخَيْلُ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ وَالنَّيْلُ ، إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَقَلِّدُوهَا ، وَلَا تُقَلِّدُوهَا الْأَوْتَارَ»

ص: 274

5345 -

حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ الرَّقِّيُّ ، قَالَ: ثنا الْفِرْيَابِيُّ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، الْأَجْرُ وَالْغَنِيمَةُ»

5346 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ ، عَنْ يُونُسَ ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ

ص: 274

5347 -

حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ صَالِحٍ ، يُحَدِّثُ ، قَالَ: حَدَّثَنِي زِيَادُ بْنُ نُعَيْمٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا كَبْشَةَ صَاحِبَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ ، وَأَهْلُهَا مُعَانُونَ عَلَيْهَا ، وَالْمُنْفِقُ عَلَيْهَا كَالْبَاسِطِ يَدَيْهِ بِالصَّدَقَةِ»

ص: 274

5348 -

حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، قَالَ: ثنا بَكْرُ بْنُ إِدْرِيسَ ، وَابْنُ فُضَيْلٍ ، عَنْ حُصَيْنٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم «الْخَيْرُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِي الْخَيْلِ» فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ ، مِمَّ ذَلِكَ؟ قَالَ الْأَجْرُ وَالْغَنِيمَةُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ «وَزَادَ فِيهِ ابْنُ إِدْرِيسَ» وَالْإِبِلُ عِزٌّ لِأَهْلِهَا ، وَالْغَنَمُ بَرَكَةٌ "

ص: 274

5349 -

حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ ، قَالَ: ثنا فِطْرٌ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، قَالَ: وَقَفَ عَلَيْنَا عُرْوَةُ الْبَارِقِيُّ وَنَحْنُ فِي مَجْلِسِنَا ، فَحَدَّثَنَا فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «الْخَيْرُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِي الْخَيْلِ أَبَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»

5350 -

حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ: ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنِ الْعَيْزَارِ بْنِ حُرَيْثٍ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، مِثْلُهُ

⦗ص: 275⦘

5351 -

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ الْوُحَاظِيُّ ، قَالَ: ثنا زُهَيْرٌ ، عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَامِرٍ ، عَنْ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ وَزَادَ «الْأَجْرُ وَالْغَنِيمَةُ»

ص: 274

5352 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ سَالِمٍ ، قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَفْطَسُ ، قَالَ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُرَشِيُّ ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ نُفَيْلٍ السَّكُونِيُّ ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ " الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَأَهْلُهَا مُعَانُونَ عَلَيْهَا فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَمَا مَعْنَى اخْتِصَاصِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَنِي هَاشِمٍ بِالنَّهْيِ عَنْ إِنْزَاءِ الْحَمِيرِ عَلَى الْخَيْلِ؟ قِيلَ لَهُ: لِمَا

ص: 275

5353 -

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ: ثنا أَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ ، قَالَ: ثنا الْمُرَجَّى هُوَ ابْنُ رَجَاءَ ، قَالَ: ثنا أَبُو جَهْضَمً ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما ، قَالَ: " مَا اخْتَصَّنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا بِثَلَاثٍ: أَنْ لَا نَأْكُلَ الصَّدَقَةَ ، وَأَنْ نُسْبِغَ الْوُضُوءَ ، وَأَنْ لَا نُنْزِيَ حِمَارًا عَلَى فَرَسٍ قَالَ: فَلَقِيتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ الْحَسَنِ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ ، فَحَدَّثْتُهُ ، فَقَالَ: صَدَقَ ، كَانَتِ الْخَيْلُ قَلِيلَةً فِي بَنِي هَاشِمٍ فَأَحَبَّ أَنْ تَكْثُرَ فِيهِمْ ، فَبَيَّنَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَسَنِ ، بِتَفْسِيرِهِ هَذَا ، الْمَعْنَى الَّذِي لَهُ اخْتَصَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَنِي هَاشِمٍ أَنْ لَا تَنْزُوا الْحِمَارَ عَلَى فَرَسٍ ، وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِلتَّحْرِيمِ ، وَإِنَّمَا كَانَتِ الْعِلَّةُ ، قِلَّةَ الْخَيْلِ فِيهِمْ ، فَإِذَا ارْتَفَعَتْ تِلْكَ الْعِلَّةُ ، وَكَثُرَتِ الْخَيْلُ فِي أَيْدِيهِمْ ، صَارُوا فِي ذَلِكَ كَغَيْرِهِمْ ، وَفِي اخْتِصَاصِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ ، دَلِيلٌ عَلَى إِبَاحَتِهِ إِيَّاهُ لِغَيْرِهِمْ ، وَلِمَا كَانَ صلى الله عليه وسلم قَدْ جَعَلَ فِي ارْتِبَاطِ الْخَيْلِ ، مَا ذَكَرْنَا مِنَ الثَّوَابِ وَالْأَجْرِ ، وَسُئِلَ عَنِ ارْتِبَاطِ الْحَمِيرِ ، فَلَمْ يَجْعَلْ فِي ارْتِبَاطِهَا شَيْئًا ، وَالْبِغَالُ الَّتِي هِيَ خِلَافُ الْخَيْلِ مِثْلُهَا ، كَانَ مِنْ تَرْكِ أَنْ تُنْتِجَ مَا فِي ارْتِبَاطِهِ وَكَسْبِهِ ثَوَابٌ ، وَأَنْتَجَ مَا لَا ثَوَابَ فِي ارْتِبَاطِهِ وَكَسْبِهِ ، مِنَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ، فَقَدْ ثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا ، إِبَاحَةُ نَتْجِ الْبِغَالِ لِبَنِي هَاشِمٍ ، وَغَيْرِهِمْ ، وَإِنْ كَانَ إِنْتَاجُ الْخَيْلِ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَأَبِي يُوسُفَ ، وَمُحَمَّدٍ ، رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ

ص: 275

كِتَابُ وُجُوهِ الْفَيْءِ وَخُمُسِ الْغَنَائِمِ قَالَ اللهُ عز وجل {مَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [الحشر: 7]، وَقَالَ اللهُ عز وجل {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ "} [الأنفال: 41]

⦗ص: 276⦘

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَكَانَ مَا ذَكَرَ اللهُ عز وجل فِي الْآيَةِ الْأُولَى ، هُوَ فِيمَا صَالَحَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ أَهْلَ الشِّرْكِ مِنَ الْأَمْوَالِ ، وَفِيمَا أَخَذُوهُ مِنْهُمْ فِي جِزْيَةِ رِقَابِهِمْ ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ، وَكَانَ مَا ذَكَرَهُ فِي الْآيَةِ الثَّانِيَةِ ، هُوَ خُمُسُ مَا غَلَبُوا عَلَيْهِ بِأَسْيَافِهِمْ ، وَمَا أَشْبَهَهُ ، مِنَ الرِّكَازِ الَّذِي جَعَلَ اللهُ فِيهِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم ، الْخُمُسَ ، وَتَوَاتَرَتْ بِذَلِكَ الْآثَارُ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ص: 275

5354 -

حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «فِي الرِّكَازِ ، الْخُمُسُ»

5355 -

حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، مِثْلُهُ فَقَالَ لَهُ السَّائِلُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ ، أَمَعَهُ أَبُو سَلَمَةَ؟ فَقَالَ: إِنْ كَانَ مَعَهُ ، فَهُوَ مَعَهُ ، فَكَانَ حُكْمُ جَمِيعِ الْفَيْءِ ، وَخُمُسُ الْغَنَائِمِ ، حُكْمًا وَاحِدًا ، ثُمَّ تَكَلَّمَ النَّاسُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ عز وجل فِي آيَةِ الْفَيْءِ: فَلِلَّهِ ، وَفِي الْغَنِيمَةِ «فَأَنَّ لِلَّهِ» ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَدْ وَجَبَ لِلَّهِ عز وجل بِذَلِكَ سَهْمٌ فِي الْفَيْءِ ، وَفِي خُمُسِ الْغَنِيمَةِ ، فَجَعَلَ ذَلِكَ السَّهْمَ فِي نَفَقَةِ الْكَعْبَةِ ، وَرَوَوْا ذَلِكَ

ص: 276

5356 -

عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ كَتَبَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، حَدَّثَنِي عَنْ أَبِي عُبَيْدِ اللهِ ، عَنْ حَجَّاجٍ ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ ، عَنِ الرَّبِيعِ ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ ، قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُؤْتَى بِالْغَنِيمَةِ ، فَيَضْرِبُ بِيَدِهِ ، فَمَا وَقَعَ فِيهَا مِنْ شَيْءٍ ، جَعَلَهُ لِلْكَعْبَةِ ، وَهُوَ سَهْمُ بَيْتِ اللهِ ، ثُمَّ يَقْسِمُ مَا بَقِيَ عَلَى خَمْسَةٍ ، فَيَكُونُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سَهْمٌ ، وَلِذِي الْقُرْبَى سَهْمٌ ، وَلِلْيَتَامَى سَهْمٌ ، وَلِلْمَسَاكِينِ سَهْمٌ ، وَلِابْنِ السَّبِيلِ سَهْمٌ قَالَ: وَالَّذِي جَعَلَهُ لِلْكَعْبَةِ ، هُوَ السَّهْمُ الَّذِي جَعَلَهُ لِلَّهِ عز وجل ، وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى مَا أَضَافَ اللهُ ، جَلَّ ثَنَاؤُهُ ، إِلَى نَفْسِهِ مِنْ ذَلِكَ ، أَنَّهُ مِفْتَاحُ كَلَامٍ ، افْتَتَحَ بِهِ مَا أَمَرَ مِنْ قِسْمَةِ الْفَيْءِ ، وَخَمَّسَ الْغَنَائِمَ فِيهِ ، قَالُوا: وَكَذَلِكَ مَا أَضَافَهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَرَوَوْا ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا

ص: 276

5357 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُجَّاجِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْحَضْرَمِيُّ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ بْنِ رَاشِدٍ الْبَصْرِيُّ ، وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْكُوفِيُّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِمْ ، قَالُوا:

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما ، قَالَ " كَانَتِ الْغَنِيمَةُ تُقْسَمُ عَلَى خَمْسَةِ أَخْمَاسٍ ، فَأَرْبَعَةٌ مِنْهَا لِمَنْ قَاتَلَ عَلَيْهَا ، وَخُمُسٌ وَاحِدٌ يُقْسَمُ عَلَى أَرْبَعَةٍ ، فَرُبْعٌ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِذِي الْقُرْبَى ، يَعْنِي: قَرَابَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَمَا كَانَ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ ، فَهُوَ لِقَرَابَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، «وَلَمْ يَأْخُذِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْخُمُسِ شَيْئًا» ، وَالرُّبْعُ الثَّانِي لِلْيَتَامَى ، وَالرُّبْعُ الثَّالِثُ لِلْمَسَاكِينِ ، وَالرُّبْعُ الرَّابِعُ لِابْنِ السَّبِيلِ ، وَهُوَ الضَّيْفُ الْفَقِيرُ الَّذِي يَنْزِلُ بِالْمُسْلِمِينَ «وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ اللهِ عز وجل» فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ " مِفْتَاحُ كَلَامٍ ، وَأَنَّ قَوْلَهُ: وَلِلرَّسُولِ ، يَجِبُ بِهِ لِرَسُولِ اللهِ سَهْمٌ ، وَكَذَلِكَ مَا أَضَافَهُ إِلَى مَنْ ذَكَرَهُ فِي آيَةٍ خُمُسِ الْغَنَائِمِ جَمِيعًا ،

⦗ص: 277⦘

وَرَوَوْا ذَلِكَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ

ص: 276

5358 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ ، مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، ح

5359 -

وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ، قَالَ: ثنا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ ، قَالَ: سَأَلْتُ الْحَسَنَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ قَوْلِ اللهِ ، عز وجل {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41] الْآيَةَ ، قَالَ: أَمَّا قَوْلُهُ {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41] فَهُوَ مِفْتَاحُ كَلَامِ اللهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ {وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [الأنفال: 41] فَاخْتَلَفَ النَّاسُ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ قَائِلٌ: سَهْمُ ذَوِي الْقُرْبَى لِقَرَابَةِ الْخَلِيفَةِ ، وَقَالَ قَائِلٌ: سَهْمُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِلْخَلِيفَةِ مِنْ بَعْدِهِ ، ثُمَّ أَجْمَعَ رَأْيُهُمْ عَلَى أَنْ جَعَلُوا هَذَيْنِ السَّهْمَيْنِ فِي الْخَيْلِ وَالْعِدَّةِ فِي سَبِيلِ اللهِ عز وجل ، فَكَانَ ذَلِكَ فِي إِمَارَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما ، فَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِيمَا يُقْسَمُ عَلَيْهِ الْفَيْءُ وَخُمُسُ الْغَنَائِمِ هَذَا الِاخْتِلَافِ ، فَقَالَ كُلُّ فَرِيقٍ مِنْهُمْ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ ، وَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ فِي ذَلِكَ ، لِنَسْتَخْرِجَ مِنْ أَقْوَالِهِمْ فِيهِ قَوْلًا صَحِيحًا ، فَاعْتَبَرْنَا قَوْلَ الَّذِينَ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّهُمَا يُقْسَمَانِ عَلَى سِتَّةِ أَسْهُمٍ ، وَجَعَلُوا مَا أَضَافَهُ اللهُ عز وجل إِلَى نَفْسِهِ مِنْ ذَلِكَ يَجِبُ بِهِ سَهْمٌ ، يُصْرَفُ فِي حَقِّ اللهِ تَعَالَى ، كَمَا ذَكَرُوا ، هَلْ لَهُ مَعْنَى أَمْ لَا؟ فَرَأَيْنَا الْغَنِيمَةَ قَدْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً عَلَى مَنْ سِوَى هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنَ الْأُمَمِ ، ثُمَّ أَبَاحَهُ اللهُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ رَحْمَةً مِنْهُ إِيَّاهَا وَتَخْفِيفًا مِنْهُ عَنْهَا ، وَجَاءَتْ بِذَلِكَ الْآثَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ص: 277

5360 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ ذَكْوَانَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: لَمْ تَحِلَّ الْغَنِيمَةُ لِأَحَدٍ سُودِ الرُّءُوسِ قَبْلَنَا ، كَانَتِ الْغَنِيمَةُ تَنْزِلُ النَّارَ فَتَأْكُلُهَا ، فَنَزَلَتْ {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ} [الأنفال: 68] فِي الْكِتَابِ السَّابِقِ

ص: 277

5361 -

حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ ، قَالَ: ثنا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، " لَمْ تَحِلَّ الْغَنِيمَةُ لِقَوْمٍ سُودِ الرُّءُوسِ قَبْلَكُمْ ، كَانَتْ تَنْزِلُ نَارٌ مِنَ السَّمَاءِ فَتَأْكُلُهَا حَتَّى كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ ، فَوَقَعُوا فِي الْغَنَائِمِ فَاخْتَلَفَ بِهِمْ ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا} [الأنفال: 69] ثُمَّ إِنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم اخْتَلَفُوا فِي الْأَنْفَالِ ، فَانْتَزَعَهَا اللهُ مِنْهُمْ ، ثُمَّ جَعَلَهَا لِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم ، فَأَنْزَلَ اللهُ فِيهِ {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [الأنفال: 1]

ص: 277

5362 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ ، قَالَ: حَدَّثَنِي

⦗ص: 278⦘

عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ سُلَيْمَانِ بْنِ مُوسَى ، عَنْ مَكْحُولٍ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنهما ، قَالَ: " خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى بَدْرٍ ، فَلَقِيَ الْعَدُوَّ ، فَلَمَّا هَزَمَهُمُ اللهُ ، اتَّبَعَتْهُمْ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَقْتُلُونَهُمْ وَأَحْدَقَتْ طَائِفَةٌ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَاسْتَوْلَتْ طَائِفَةٌ بِالْعَسْكَرِ وَالنَّهْبِ ، فَلَمَّا نَفَى اللهُ الْعَدُوَّ ، وَرَجَعَ الَّذِينَ طَلَبُوهُمْ ، قَالُوا: لَنَا النَّفَلُ ، نَحْنُ طَلَبْنَا الْعَدُوَّ ، وَبِنَا نَفَاهُمُ اللهُ عز وجل وَهَزَمَهُمْ ، وَقَالَ الَّذِينَ أَحْدَقُوا بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَا أَنْتُمْ بِأَحَقَّ مِنَّا ، نَحْنُ أَحْدَقْنَا بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، لَا يَنَالُ الْعَدُوُّ مِنْهُ غُرَّةً ، وَقَالَ الَّذِينَ اسْتَوْلَوْا عَلَى الْعَسْكَرِ وَالنَّهْبِ: وَاللهِ مَا أَنْتُمْ أَحَقُّ بِهِ مِنَّا ، نَحْنُ حَوَيْنَاهُ وَاسْتَوْلَيْنَاهُ ، فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [الأنفال: 1] إِلَى قَوْلِهِ {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة: 91] فَقَسَمَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُمْ عَنْ فَوَاقٍ

5363 -

حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ يَحْيَى ، قَالَ: ثنا أَبُو النَّصْرِ ، قَالَ: ثنا الْأَشْجَعِيُّ ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى ، عَنْ مَكْحُولٍ ، عَنْ أَبِي سَلَّامٍ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه نَحْوُهُ وَلَمْ يَذْكُرْ عُبَادَةَ ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ فَقَسَمَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ فَوَاقٍ بَيْنَهُمْ وَنَزَلَ الْقُرْآنُ {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [الأنفال: 1] وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ: إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَعْنَى

ص: 277

5364 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ ، قَالَ: ثنا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَطَاءٍ ، فِي قَوْلِهِ:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ ، قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [الأنفال: 1]، قَالَ: مَا نَدَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ ، مِنْ دَابَّةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ ، فَهُوَ نَفْلٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا التَّأْوِيلِ ، مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَمْرِ أَبِي بَكْرَةَ

ص: 278

5365 -

حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ: ثنا عُثْمَانُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ ، قَالَ: ثنا أَبِي ، عَنْ حَجَّاجٍ ، عَنِ الْحَكَمِ ، عَنْ مِقْسَمٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما ، قَالَ:«كَانَ مَنْ خَرَجَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الطَّائِفِ أَعْتَقَهُ ، فَكَانَ أَبُو بَكْرَةَ مِنْهُمْ ، فَهُوَ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم»

ص: 278

5366 -

حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْخَلِيلِ الْكُوفِيِّ ، قَالَ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ ، عَنِ الْحَجَّاجِ ، عَنِ الْحَكَمِ ، عَنْ مِقْسَمٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما ، قَالَ:«أَعْتَقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الطَّائِفِ ، مَنْ خَرَجَ إِلَيْهِ مِنْ عَبِيدِ الطَّائِفِ ، فَكَانَ مِمَّنْ عَتَقَ يَوْمَئِذٍ ، أَبُو بَكْرَةَ وَغَيْرُهُ ، فَكَانُوا مَوَالِيَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم»

ص: 278

5367 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ مُوسَى ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ الْأَزْدِيُّ ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ ، عَنِ الْفَضْلِ

⦗ص: 279⦘

بْنِ مُهَلْهَلٍ ، عَنِ الْمُغِيرَةِ ، عَنِ الشِّبَاكِ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ ثَقِيفٍ قَالَ:«سَأَلْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَرُدَّ إِلَيْنَا أَبَا بَكْرَةَ ، فَأَبَى عَلَيْنَا وَقَالَ هُوَ طَلِيقُ اللهِ ، وَطَلِيقُ رَسُولِهِ» أَفَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَعْتَقَ أَبَا بَكْرَةَ وَمَنْ نَزَلَ إِلَيْهِ مِنْ عَبِيدِ الطَّائِفِ عِتْقًا صَارُوا بِهِ مَوَالِيَهُ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مِلْكَهُمْ كَانَ وَجَبَ لَهُ قَبْلَ الْعِتَاقِ دُونَ سَائِرِ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنَّهُمْ إِذَا أُخِذُوا بِغَيْرِ قِتَالٍ كَمَا لَوْ لَمْ يُوجِفْ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ، وَذَلِكَ لِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم دُونَ مَنْ سِوَاهُ مِمَّنْ كَانَ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ: إِنَّ تَأْوِيلَ هَذِهِ الْآيَةِ أُرِيدَ بِهِ مَعْنًى غَيْرَ هَذِينِ الْمَعْنَيَيْنِ

ص: 278

5368 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ ، قَالَ: ثنا أَسَدُ بْنُ مُوسَى ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ ، قَالَ: ثنا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ " لَمَّا كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا ، فَلَهُ كَذَا وَكَذَا فَذَهَبَ شُبَّانُ الرِّجَالِ ، وَجَلَسَ شُيُوخٌ تَحْتَ الرَّايَاتِ ، فَلَمَّا كَانَتِ الْغَنِيمَةُ ، جَاءَ الشُّبَّانُ يَطْلُبُونَ نَفْلَهُمْ ، فَقَالَ الشُّيُوخُ: لَا تَسْتَأْثِرُوا عَلَيْنَا ، فَإِنَّا كُنَّا تَحْتَ الرَّايَاتِ ، وَلَوِ انْهَزَمْتُمْ ، كُنَّا رِدْءًا لَكُمْ ، فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ} [الأنفال: 1] فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ} [الأنفال: 5] يَقُولُ: أَطِيعُوا فِي هَذَا الْأَمْرَ ، كَمَا رَأَيْتُمْ عَاقِبَةَ أَمْرِي ، حَيْثُ خَرَجْتُمْ وَأَنْتُمْ كَارِهُونَ ، فَقَسَمَ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ ، أَفَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ قَسَمَهُ كُلَّهُ بَيْنَهُمْ كَمَا أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى «يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ» ، وَكَانَ مَا أَضَافَهُ اللهُ إِلَى نَفْسِهِ ، عَلَى سَبِيلِ الْفَرْضِ ، وَمَا أَضَافَهُ إِلَى رَسُولِهِ ، عَلَى سَبِيلِ التَّمْلِيكِ ، وَقَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ وَجْهٌ آخَرُ أَيْضًا

ص: 279

5369 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ: ثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ:" نَزَلَتْ فِي أَرْبَعُ آيَاتٍ ، أَصَبْتُ سَيْفًا يَوْمَ بَدْرٍ ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، نَفِّلْنِيهِ ، فَقَالَ ضَعْهُ مِنْ حَيْثُ أَخَذْتُهُ ، ثُمَّ قُلْتُ: يَا رَسُولَ ، نَفِّلْنِيهِ ، فَقَالَ ضَعْهُ مِنْ حَيْثُ أَخَذْتُهُ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، نَفِّلْنِيهِ ، فَقَالَ ضَعْهُ مِنْ حَيْثُ أَخَذْتُهُ ، أَتَجْعَلُ كَمَنْ لَا غِنَى لَهُ ، أَوْ قَالَ: أَوْ جَعَلَ كَمَنْ لَا غِنَى لَهُ الشَّكُّ مِنَ ابْنِ مَرْزُوقٍ ، قَالَ: وَنَزَلَ «يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ» إِلَى آخَرِ الْآيَةِ ". قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ كُلِّهَا ، الَّتِي أَبَاحَتِ الْغَنَائِمَ إِنَّمَا جُعِلَتْ فِي بَدْءِ تَحْلِيلِهَا ، لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ، فَلَمْ يَكُنْ مَا أَضَافَ اللهُ سبحانه وتعالى مِنْهَا إِلَى نَفْسِهِ ، عَلَى أَنْ يُصْرَفَ شَيْءٌ مِنْهَا فِي حَقِّ اللهِ تَعَالَى ، فَيُصْرَفُ ذَلِكَ فِي ذَلِكَ الْحَقِّ بِعَيْنِهِ ، لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَعَدَّى إِلَى غَيْرِهِ ، وَيُصْرَفَ بِعَيْنِهَا إِلَى سَهْمٍ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَتَكُونُ مُقَسَّمَةً

⦗ص: 280⦘

عَلَى سَهْمَيْنِ ، مَصْرُوفَةً فِي وَجْهَيْنِ ، بَلْ جُعِلَتْ كُلُّهَا مُتَصَرِّفَةً فِي وَجْهٍ وَاحِدٍ ، وَهُوَ إِنْ جُعِلَتْ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَلَمْ يَسْتَأْثِرْ بِهَا عَلَى أَصْحَابِهِ ، وَلَمْ يَخُصَّ بِهَا بَعْضَهُمْ دُونَ بَعْضٍ ، بَلْ عَمَّهُمْ بِهَا جَمِيعًا ، وَسَوَّى بَيْنَهُمْ فِيهَا ، وَلَمْ يُخْرِجْ مِنْهَا لِلَّهِ خُمُسًا ، لِأَنَّ آيَةَ الْخُمُسِ فَيْءُ الْأَفْيَاءِ ، وَآيَةُ الْغَنَائِمِ لَمْ تَكُنْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ ، فَفِيمَا ذَكَرْنَا ، مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الْغَنَائِمِ ، وَهِيَ الَّتِي وَقَعَ فِي تَأْوِيلِهَا مِنَ الِاخْتِلَافِ مَا قَدْ ذَكَرْنَا ، أَنْ لَا يَكُونَ مَا أَضَافَ اللهُ تَعَالَى مِنْهَا إِلَى نَفْسِهِ مِنَ الْغَنَائِمِ ، يَجِبُ بِهِ لِلَّهِ فِيهَا سَهْمٌ ، فَيَكُونُ ذَلِكَ السَّهْمُ ، خِلَافَ سَهْمِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيهَا ، وَلَكِنَّهُ كَانَ مِنْهُ عَلَى أَنَّهُ لَهُ ، عز وجل ، فَرَضَ أَنْ يُقْسَمَ عَلَى مَا سَمَّاهُ مِنَ الْوُجُوهِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا ، فَبَطَلَ بِذَلِكَ قَوْلُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْغَنِيمَةَ تُقْسَمُ عَلَى سِتَّةِ أَسْهُمٍ ، ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى قَوْلِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهَا تُقْسَمُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ ، إِلَى مَا احْتَجُّوا بِهِ فِي ذَلِكَ مِنْ خَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما الَّذِي رَوَيْنَاهُ فِي صَدْرِ هَذَا الْكِتَابِ ، وَإِنْ كَانَ خَبَرًا مُنْقَطِعًا ، لَا يَثْبُتُ مِثْلُهُ ، غَيْرَ أَنَّ قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْآثَارِ يَقُولُونَ: إِنَّهُ صَحِيحٌ ، وَإِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَلْحَةَ ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَكُنْ رَأَى عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فَإِنَّمَا أَخَذَ ذَلِكَ ، عَنْ مُجَاهِدٍ وَعِكْرِمَةَ ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا

ص: 279

5370 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ فَهْمٍ ، قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ ، يَقُولُ «لَوْ أَنَّ رَجُلًا ، رَحَلَ إِلَى مِصْرٍ ، فَانْصَرَفَ مِنْهَا بِكِتَابِ التَّأْوِيلِ لِمُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ ، مَا رَأَيْتُ رِحْلَتَهُ ذَهَبَتْ بَاطِلَةً» فَوَجَدْنَا مَا أُضِيفَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَالتَّحِيَّةَ فِي آيَةِ الْأَنْفَالِ ، قَدْ كَانَ التَّمْلِيكُ ، لَا عَلَى مَا سِوَاهُ ، فَقَدْ كَانَ فِي هَذَا حُجَّةٌ قَاطِعَةٌ ، تُغْنِينَا عَنِ الِاحْتِجَاجِ بِمَا سِوَاهَا ، عَلَى أَهْلِ هَذَا الْقَوْلِ ، وَلَكِنَّا نُرِيدُ فِي الِاحْتِجَاجِ عَلَيْهِمْ فَنَقُولُ: قَدْ وَجَدْنَا اللهَ عز وجل أَضَافَ إِلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا مِنَ الْفَيْءِ فِي غَيْرِ الْآيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَدَّمْنَا ذِكْرَهُمَا فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ ، فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى التَّمْلِيكِ مِنْهُ إِيَّاهُ ، مَا أَضَافَهُ إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ عز وجل قَالَ:{مَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} [الحشر: 6]

ص: 280

5371 -

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ ، وَأَبُو أُمَيَّةَ ، قَالَا: ثنا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ ، قَالَ: ثنا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ النَّضْرِيِّ ، قَالَ: أَرْسَلَ إِلَيَّ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَقَالَ «إِنَّهُ قَدْ حَضَرَ الْمَدِينَةَ أَهْلُ أَبْيَاتِ قَوْمِكَ ، وَقَدْ أَمَرْنَا لَهُمْ بِرَضْخٍ ، فَاقْسِمْهُ بَيْنَهُمْ» فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ ، إِذْ جَاءَهُ حَاجِبُهُ يَرْفَأُ ، فَقَالَ: هَذَا عُثْمَانُ ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ ، وَسَعْدٌ ، وَالزُّبَيْرُ ، وَطَلْحَةُ يَسْتَأْذِنُونَ عَلَيْكَ فَقَالَ «ائْذَنْ لَهُمْ» ، ثُمَّ مَكَثْنَا سَاعَةً فَقَالَ: هَذَا الْعَبَّاسُ وَعَلِيٌّ يَسْتَأْذِنَانِ عَلَيْكَ فَقَالَ «ائْذَنْ لَهُمَا» ، فَدَخَلَ الْعَبَّاسُ ، قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا الرَّجُلِ ، وَهُمَا ، حِينَئِذٍ ، فِيمَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَمْوَالِ بَنِي النَّضِيرِ ، فَقَالَ الْقَوْمُ: اقْضِ بَيْنَهُمَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَأَرِحْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ ،

⦗ص: 281⦘

فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: أَنْشُدُكُمُ اللهَ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ ، أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «لَا نُورَثُ ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ» قَالُوا: قَدْ قَالَ ذَلِكَ ، ثُمَّ قَالَ لَهُمَا مِثْلَ ذَلِكَ ، فَقَالَا: نَعَمْ ، قَالَ: فَإِنِّي سَأُخْبِرُكُمْ عَنْ هَذَا الْفَيْءِ ، إِنَّ اللهَ خَصَّ نَبِيَّهُ بِشَيْءٍ لَمْ يُعْطِهِ غَيْرَهُ فَقَالَ «مَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ» فَوَاللهِ مَا احْتَازَهَا دُونَكُمْ ، وَلَا اسْتَأْثَرَ بِهَا عَلَيْكُمْ ، وَلَقَدْ قَسَمَهَا بَيْنَكُمْ ، وَبَثَّهَا فِيكُمْ ، حَتَّى بَقِيَ مِنْهَا هَذَا الْمَالُ ، وَكَانَ يُنْفِقُ مِنْهُ عَلَى أَهْلِهِ رِزْقَ سَنَةٍ ، ثُمَّ يَجْمَعُ مَا بَقِيَ مَجْمَعَ مَالِ اللهِ «، أَفَلَا تَرَى أَنَّ قَوْلَهُ عز وجل» وَمَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ " هُوَ عَلَى فَيْءٍ تَمَلَّكَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم دُونَ سَائِرِ النَّاسِ ، لَيْسَ عَلَى مِفْتَاحِ الْكَلَامِ الَّذِي لَا يَجِبُ لَهُ بِهِ مِلْكٌ ، فَكَذَلِكَ مَا أَضَافَهُ إِلَيْهِ أَيْضًا فِي آيَةِ الْفَيْءِ وَفِي آيَةِ الْغَنِيمَةِ اللَّتَيْنِ قَدَّمْنَا ذِكْرَهُمَا فِي صَدْرِ هَذَا الْكِتَابِ ، هُوَ عَلَى التَّمْلِيكِ مِنْهُ ، لَيْسَ لَهُ عَلَى افْتِتَاحِ الْكَلَامِ الَّذِي لَا يَجِبُ لَهُ بِهِ مِلْكٌ ، فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْفَيْءَ وَالْخُمُسَ مِنَ الْغَنَائِمِ ، قَدْ كَانَا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصْرَفَانِ فِي خَمْسَةِ أَوْجُهٍ ، لَا فِي أَكْثَرَ مِنْهَا ، وَلَا فِيمَا دُونَهَا

ص: 280

5372 -

وَقَدْ كَتَبَ إِلَيَّ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يُحَدِّثُنِي ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُفَيْرٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ لَهِيعَةَ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما ، قَالَ: رَأَيْتُ الْغَنَائِمَ تُجَزَّأُ خَمْسَةَ أَجْزَاءٍ ، ثُمَّ تُسْهَمُ عَلَيْهِمْ ، فَمَا أَصَابَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَهُوَ لَهُ ، لَا تُحْتَازُ

5373 -

ثُمَّ حَدَّثَنِيهِ يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ ، قَالَ: ثنا أَبِي ، وَسَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ عَنْهُمَا

5374 -

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ ، قَالَ: ثنا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ ، قَالَ: ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ ، قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: مِمَّا أَصَابَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَهُوَ لَهُ ، وَيَقْسِمُ الْبَقِيَّةَ بَيْنَهُمْ ، وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ ، وَعَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ

ص: 281

5375 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ، قَالَ: ثنا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ الْجَزَّارِ ، يَقُولُ:«سَهْمُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خُمُسُ الْخُمُسِ»

ص: 281

5376 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ، قَالَ: ثنا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ ، قَالَ: ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ ، عَنْ عَطَاءٍ ، قَالَ «خُمُسُ اللهِ عز وجل ، وَخُمُسُ الرَّسُولِ ، وَاحِدٌ» ثُمَّ تَكَلَّمُوا فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ عز وجل «وَلِذِي الْقُرْبَى» مَنْ هُمْ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُمْ بَنُو هَاشِمٍ ، الَّذِينَ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةَ ، لَا مَنْ سِوَاهُمْ مِنْ ذَوِي قُرْبَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ اللهُ لَهُمْ مِنَ الْفَيْءِ ، وَمِنْ خُمُسِ الْغَنَائِمِ ، مَا جَعَلَ لَهُمْ مِنْهَا بَدَلًا مِمَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ الصَّدَقَةِ ، وَقَالَ قَوْمٌ: هُمْ بَنُو هَاشِمٍ ، وَبَنُو الْمُطَّلِبِ خَاصَّةً ، دُونَ مَنْ سِوَاهُمْ مِنْ قَرَابَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ،

⦗ص: 282⦘

وَقَالَ قَوْمٌ: هُمْ قُرَيْشٌ كُلُّهَا ، الَّذِينَ يَجْمَعُهُ وَإِيَّاهُمْ أَقْصَى آبَائِهِ مِنْ قُرَيْشٍ ، دُونَ مَنْ سِوَاهُمْ ، مِمَّنْ يُقَارِبُهُ مِنْ قِبَلِ أُمَّهَاتِهِ ، مِمَّنْ لَيْسَ مِنْ قُرَيْشٍ ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَعُمَّهُمْ ، إِنَّمَا كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَ مَنْ رَأَى إِعْطَاءَهُ مِنْهُمْ دُونَ بَقِيَّتِهِمْ ، وَقَالَ قَوْمٌ: هُمْ قَرَابَتُهُ مِنْ قِبَلِ آبَائِهِ إِلَى أَقْصَى أَبٍ لَهُ مِنْ قُرَيْشٍ ، وَمِنْ قِبَلِ أُمَّهَاتِهِ إِلَى أَقْصَى أُمٍّ ، لِكُلِّ أُمٍّ مِنْهُنَّ مِنَ الْعَشِيرَةِ الَّتِي هِيَ مِنْهَا ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَعُمَّهُمْ بِعَطِيَّتِهِ ، إِنَّمَا يُعْطِي مَنْ رَأَى إِعْطَاءَهُ مِنْهُمْ ، وَقَدِ احْتَجَّ كُلُّ فَرِيقٍ مِنْهُمْ لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ ، بِمَا سَنَذْكُرُهُ فِي كِتَابِنَا هَذَا ، وَنَذْكُرُ مَعَ ذَلِكَ مَا يَلْزَمُهُ مِنْ مَذْهَبِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى ، فَأَمَّا أَهْلُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ الَّذِينَ جَعَلُوهُ لِبَنِي هَاشِمٍ خَاصَّةً ، فَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ عز وجل اخْتَصَّهُمْ بِذَلِكَ ، بِتَحْرِيمِهِ الصَّدَقَةَ عَلَيْهِمْ ، فَإِنَّ قَوْلَهُمْ هَذَا ، عِنْدَنَا ، فَاسِدٌ ، «لِأَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَا حُرِّمَتِ الصَّدَقَةُ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ ، قَدْ حَرَّمَهَا عَلَى مَوَالِيهِمْ كَتَحْرِيمِهِ إِيَّاهَا عَلَيْهِمْ» ، وَتَوَاتَرَتْ عَنْهُ الْآثَارُ بِذَلِكَ

ص: 281

5377 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى ، عَنِ الْحَكَمِ ، عَنِ الْمِقْسَمِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ " اسْتَعْمَلَ أَرْقَمَ بْنَ أَرْقَمَ عَلَى الصَّدَقَاتِ ، فَاسْتَتْبَعَ أَبَا رَافِعٍ فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ، فَقَالَ:«يَا أَبَا رَافِعٍ ، إِنَّ الصَّدَقَةَ حَرَامٌ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَإِنَّ مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ»

ص: 282

5378 -

حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَا: ثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ ، عَنِ الْحَكَمِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي رَافِعٍ ، مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَبِيهِ " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ رَجُلًا مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ عَلَى الصَّدَقَةِ ، فَقَالَ لِأَبِي رَافِعٍ: اصْحَبْنِي كَيْمَا نُصِيبُ مِنْهَا ، فَقَالَ: حَتَّى أَسْتَأْذِنَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ إِنَّ آلَ مُحَمَّدٍ ، لَا يَحِلُّ لَهُمُ الصَّدَقَةُ ، وَإِنَّ مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ "

ص: 282

5379 -

حَدَّثَنَا رَبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُؤَذِّنُ ، قَالَ: ثنا أَسَدُ بْنُ مُوسَى ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ بْنُ عُمَرَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ ، قَالَ: " دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ كُلْثُومٍ ابْنَةِ عَلِيٍّ رضي الله عنهما ، فَقَالَتْ: إِنَّ مَوْلًى لَنَا يُقَالُ لَهُ هُرْمُزُ أَوْ كَيْسَانُ ، أَخْبَرَ أَنَّهُ مَرَّ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَدَعَانِي فَقَالَ يَا أَبَا فُلَانٍ ، إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ قَدْ نُهِينَا أَنْ نَأْكُلَ الصَّدَقَةَ ، وَإِنَّ مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ، فَلَا تَأْكُلِ الصَّدَقَةَ فَلَمَّا كَانَتِ الصَّدَقَةُ الْمُحَرَّمَةُ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ ، قَدْ دَخَلَ فِيهِمْ مَوَالِيهِمْ ، وَلَمْ يَدْخُلْ مَوَالِيهِمْ مَعَهُمْ فِي سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ ، ثَبَتَ بِذَلِكَ فَسَادُ قَوْلِ مَنْ قَالَ: إِنَّمَا جُعِلَتْ لِذَوِي الْقُرْبَى فِي آيَةِ الْفَيْءِ ، وَفِي آيَةِ خُمُسِ الْغَنِيمَةِ ، بَدَلًا مِمَّا حَرَّمَ عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةَ ، وَيَفْسُدُ هَذَا الْقَوْلُ أَيْضًا مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى ، وَذَلِكَ أَنَّا رَأَيْنَا الصَّدَقَةَ لَوْ كَانَتْ حَلَالًا لِبَنِي هَاشِمٍ ، كَهِيَ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ ، لَكَانَتْ حَرَامًا عَلَى أَغْنِيَائِهِمْ ، كَحُرْمَتِهَا عَلَى أَغْنِيَاءِ جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ مِمَّنْ سِوَاهُمْ ،

⦗ص: 283⦘

وَقَدْ رَأَيْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَدْخَلَ بَنِي هَاشِمٍ فِي سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى جَمِيعًا ، وَفِيهِمُ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَقَدْ كَانَ مُوسِرًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ جَمِيعًا ، أَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ تَعَجَّلَ مِنْهُ زَكَاةَ مَالِهِ عَامَيْنِ؟ فَلَمَّا رَأَيْنَا يَسَارَهُ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى ، وَكَانَ ذَلِكَ الْيَسَارُ يَمْنَعُهُ مِنَ الصَّدَقَةِ قَبْلَ تَحْرِيمِ اللهِ إِيَّاهَا عَلَى بَنِي هَاشِمٍ ، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى لَمْ يُجْعَلْ لِمَنْ يُجْعَلُ لَهُ خَلَفًا مِنَ الصَّدَقَةِ الَّتِي حُرِّمَتْ عَلَيْهِ ، وَأَمَّا الَّذِينَ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ ذَوِي الْقُرْبَى فِي الْآيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَدَّمْنَا فِي أَوَّلِ هَذَا الْكِتَابِ ، هُمْ بَنُو هَاشِمٍ ، وَبَنُو الْمُطَّلِبِ خَاصَّةً ، فَإِنَّهُمُ احْتَجُّوا لِقَوْلِهِمْ بِمَا رَوَى جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ

ص: 282

5380 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَحْرِ بْنِ مَطَرٍ الْبَغْدَادِيَّانِ ، قَالَا: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: لَمَّا قَسَمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى بِهِ أَعْطَى بَنِي هَاشِمٍ ، وَبَنِي الْمُطَّلِبِ ، وَلَمْ يُعْطِ بَنِي أُمَيَّةَ شَيْئًا ، فَأَتَيْتُ أَنَا وَعُثْمَانُ ، رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ ، هَؤُلَاءِ بَنُو هَاشِمٍ فَضَّلَهُمُ اللهُ بِكَ ، فَمَا بَالُنَا وَبَنِي الْمُطَّلِبِ؟ وَإِنَّمَا نَحْنُ وَهُمْ فِي النَّسَبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ ، فَقَالَ: إِنَّ بَنِي الْمُطَّلِبِ لَمْ يُفَارِقُونِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ قَالُوا: فَلَمَّا رَأَيْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ عَمَّ بِعَطِيَّتِهِ مَا أُمِرَ أَنْ يُعْطِيَهُ ذَوِي قُرْبَاهُ ، بَنِي هَاشِمٍ ، وَبَنِي الْمُطَّلِبِ ، وَحَرَمَ مَنْ فَوْقَهُمْ ، فَلَمْ يُعْطِهِ شَيْئًا ، دَلَّ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ فَوْقَهُمْ لَيْسُوا مِنْ ذَوِي قُرْبَاهُ ، وَهَذَا الْقَوْلُ أَيْضًا ، عِنْدَنَا ، فَاسِدٌ ، لِأَنَّا قَدْ رَأَيْنَاهُ قَدْ حَرَمَ بَنِي أُمَيَّةَ ، وَبَنِي نَوْفَلٍ ، وَلَمْ يُعْطِهِمْ شَيْئًا ، لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا قَرَابَةً ، وَكَيْفَ لَا يَكُونُونَ قَرَابَةً ، وَمَوْضِعُهُمْ مِنْهُ ، كَمَوْضِعِ بَنِي الْمُطَّلِبِ؟ فَلَمَّا كَانَ بَنُو أُمَيَّةَ وَبَنُو نَوْفَلٍ ، لَمْ يَخْرُجُوا مِنْ قَرَابَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِتَرْكِهِ إِعْطَاءَهُمْ ، كَانَ كَذَلِكَ مَنْ فَوْقَهُمْ ، مِنْ سَائِرِ بُطُونِ قُرَيْشٍ ، لَا يَخْرُجُونَ مِنْ قَرَابَتِهِ ، بِتَرْكِهِ إِعْطَاءَهُمْ وَقَدْ أَعْطَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَيْضًا مِنْ سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى مَنْ لَيْسَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ ، وَلَا مِنْ بَنِي الْمُطَّلِبِ ، وَلَكِنَّهُ مِنْ قُرَيْشٍ ، مِمَّنْ يَلْقَاهُ إِلَى أَبٍ ، هُوَ أَبْعَدُ مِنَ الْأَبِ ، مِنَ الَّذِي يَلْقَاهُ عَنْهُ بَنُو أُمَيَّةَ ، وَبَنُو نَوْفَلٍ ، وَهُوَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ

ص: 283

5381 -

حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُمَحِيُّ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَدِّهِ ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ:«ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ خَيْبَرَ ، لِلزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ بِأَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ ، سَهْمٍ لِلزُّبَيْرِ ، وَسَهْمٍ لِذِي الْقُرْبَى ، لِصَفِيَّةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، أُمِّ الزُّبَيْرِ ، وَسَهْمَيْنِ لِلْفَرَسِ»

ص: 283

5382 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ الْبَغْدَادِيُّ ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ دَاوُدَ الزُّبَيْرِيُّ ، قَالَ: ثنا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعْطَى الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ يَوْمَ خَيْبَرَ أَرْبَعَةَ أَسْهُمٍ ، سَهْمًا لَهُ مَعَ الْمُسْلِمِينَ ، وَسَهْمَيْنِ لِلْفَرَسِ ، وَسَهْمًا لِذِي الْقُرْبَى»

ص: 283

5383 -

حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيُّ ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيُّ ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: " كَانَ الزُّبَيْرُ يُضْرَبُ لَهُ فِي الْغَنَمِ بِأَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ ، سَهْمَيْنِ لِفَرَسِهِ ، وَسَهْمًا لِذِي الْقُرْبَى فَلَمَّا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَعْطَى الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ ، لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ ، مِنْ سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى ، وَالزُّبَيْرُ لَيْسَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ ، وَلَا بَنِي الْمُطَّلِبِ ، وَقَدْ جَعَلَهُ فِيمَا أَعْطَاهُ مِنْ ذَلِكَ كَبَنِي هَاشِمٍ ، وَبَنِي الْمُطَّلِبِ ، دَلَّ ذَلِكَ أَنَّ ذَوِي الْقُرْبَى لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم هُمْ بَنُو هَاشِمٍ ، وَبَنُو الْمُطَّلِبِ ، وَمَنْ سِوَاهُمْ مِنْ ذَوِي قَرَابَتِهِ ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّ الزُّبَيْرَ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ ، فَإِنَّ أُمَّهُ مِنْهُمْ ، وَهِيَ صَفِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ فَبِهَذَا أَعْطَاهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا أَعْطَاهُ فَقَامَ عِنْدَهُ بِمَوْضِعِهِ مِنْهُ بِأُمِّهِ مَقَامَ غَيْرِهِ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ ، قِيلَ لَهُ: لَوْ كَانَ مَا وَصَفْتُ كَمَا ذَكَرْتُ ، إِذًا لَأَعْطَى مَنْ سِوَاهُ مِنْ غَيْرِ بَنِي هَاشِمٍ ، مِمَّنْ أُمُّهُ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ ، وَقَدْ كَانَ بِحَضْرَتِهِ مِنْ غَيْرِ بَنِي هَاشِمٍ ، مِمَّنْ أُمَّهَاتُهُمْ هَاشِمِيَّاتٌ ، مِمَّنْ هُوَ أَمَسُّ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِنَسَبِ أُمِّهِ رَحِمًا ، مِنَ الزُّبَيْرِ ، مِنْهُمْ أُمَامَةُ ابْنَةُ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ ، وَقَدْ حَرَمَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُعْطِهَا شَيْئًا مِنْ سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى إِذْ حَرَمَ بَنِي أُمَيَّةَ ، وَهِيَ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ ، وَلَمْ يُعْطِهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِأُمِّهَا الْهَاشِمِيَّةِ ، وَهِيَ زَيْنَبُ ابْنَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَرَضِيَ ، عَنْهَا ، وَحَرَمَ أَيْضًا جَعْدَةَ بْنَ هُبَيْرَةَ الْمَخْزُومِيَّ فَلَمْ يُعْطِهِ شَيْئًا ، وَأُمُّهُ أُمُّ هَانِئٍ ، ابْنَةُ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ فَلَمْ يُعْطِهِ بِأُمِّهِ شَيْئًا ، إِذْ كَانَتْ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ ، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي أَعْطَى بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ ، مَا أَعْطَاهُ مِنْ سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى ، لَيْسَ لِقَرَابَتِهِ لِأُمِّهِ ، وَلَكِنَّهُ لِمَعْنًى غَيْرِ ذَلِكَ ، فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ ذَوِي الْقُرْبَى ، لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم هُمْ بَنُو هَاشِمٍ ، وَبَنُو الْمُطَّلِبِ ، وَمَنْ سِوَاهُمْ ، مِمَّنْ هُوَ لَهُ قَرَابَةٌ مِنْ غَيْرِ بَنِي هَاشِمٍ ، وَمِنْ غَيْرِ بَنِي الْمُطَّلِبِ ، وَقَدْ أَمَرَ اللهُ عز وجل رَسُولَهُ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْآيَةِ {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] فَلَمْ يَقْصِدْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالنِّذَارَةِ ، بَنِي هَاشِمٍ ، وَبَنِي الْمُطَّلِبِ خَاصَّةً ، بَلْ قَدْ أَنْذَرَ مِنْ قَوْمِهِ ، مِمَّنْ هُوَ أَبْعَدُ مِنْهُ رَحِمًا مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ ، وَمِنْ بَنِي نَوْفَلٍ

ص: 284

5384 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأَصْبَهَانِيُّ ، قَالَ: ثنا عَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الْقُدُّوسِ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه لَمَّا نَزَلَتْ {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَا عَلِيُّ ، اجْمَعْ لِي بَنِي هَاشِمٍ وَهُمْ أَرْبَعُونَ رَجُلًا ، أَوْ أَرْبَعُونَ إِلَّا رَجُلًا " ، ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ رضي الله عنه: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ قَصَدَ بِالنِّذَارَةِ إِلَى بَنِي هَاشِمٍ خَاصَّةً

5385 -

فحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأَصْبَهَانِيُّ ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ،

⦗ص: 285⦘

عَنْ عَبْدِ الْغَفَّارِ بْنِ الْقَاسِمِ ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنهم مِثْلُهُ ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ " اجْمَعْ لِي بَنِي الْمُطَّلِبِ

ص: 284

5386 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ مُوسَى ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ ، قَالَ: ثنا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ ، وَزُهَيْرِ بْنِ عَمْرٍو ، قَالَا:«لَمَّا نَزَلَتْ» وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ «انْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى رَضْفَةٍ مِنْ جَبَلٍ ، فَعَلَا أَعْلَاهَا ، ثُمَّ قَالَ يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ ، إِنِّي نَذِيرٌ» فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ ، إِدْخَالُهُ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ ، مَعَ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْهُمْ ، مِنْ قَرَابَتِهِ

ص: 285

5387 -

حَدَّثَنَا رَبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَسْوَدِ ، وَحَسَّانُ بْنُ غَالِبٍ ، قَالَا: ثنا ضِمَامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، عَنِ ابْنِ وَرْدَانَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«يَا بَنِي هَاشِمٍ ، يَا بَنِي قُصَيٍّ ، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ أَنَا النَّذِيرُ ، وَالْمَوْتُ الْمُغَيِّرُ ، وَالسَّاعَةُ الْمَوْعِدُ» ، فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ دَعَا بَنِي قُصَيٍّ ، مَعَ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْهُمْ

ص: 285

5388 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ: ثنا أَبُو الْوَلِيدِ ، وَعَفَّانُ ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:«لَمَّا نَزَلَتْ» وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ «قَامَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَنَادَى يَا بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ ، أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ ، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ ، أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ ، يَا بَنِي هَاشِمٍ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ ، يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ ، يَا فَاطِمَةَ ابْنَةَ مُحَمَّدٍ ، أَنْقِذِي نَفْسَكَ مِنَ النَّارِ ، فَإِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئًا ، غَيْرَ أَنَّ لَكُمْ رَحِمًا سَأَبُلُّهَا بِبِلَالِهَا» فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ أَنْذَرَ بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ ، مَعَ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْهُمْ ، وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا أَنَّهُ جَعَلَهُمْ جَمِيعًا ، ذَوِي أَرْحَامٍ

ص: 285

5389 -

حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، قَالَ: ثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ ، قَالَ: ثنا الْأَعْمَشُ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: " لَمَّا نَزَلَتْ {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] صَعِدَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الصَّفَا فَجَعَلَ يُنَادِي يَا بَنِي عَدِيٍّ ، يَا بَنِي فُلَانٍ لِبُطُونِ قُرَيْشٍ ، حَتَّى اجْتَمَعُوا ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَخْرُجَ ، أَرْسَلَ رَسُولًا لِيَنْظُرَ ، وَجَاءَ أَبُو لَهَبٍ وَقُرَيْشٌ ، فَاجْتَمَعُوا ، فَقَالَ أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلًا بِالْوَادِي تُرِيدُ أَنْ تُغِيرَ عَلَيْكُمْ ، أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟ ، قَالُوا: نَعَمْ مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ إِلَّا صِدْقًا ، قَالَ فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ ، بَيْنَ يَدَيَّ عَذَابٌ شَدِيدٌ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ دَعَا بُطُونَ قُرَيْشٍ كُلَّهَا

ص: 285

5390 -

حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، قَالَ: ثنا سَلَامَةُ بْنُ رَوْحٍ ، قَالَ ثنا ابْنُ خَالِدٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ ،

⦗ص: 286⦘

قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ:" قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ أَنْزَلَ عَلَيْهِ {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ ، اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ اللهِ ، لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئًا ، يَا بَنِي عَبْدَ مَنَافٍ ، اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ اللهِ ، لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئًا ، يَا عَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، لَا أُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئًا ، يَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللهِ ، لَا أُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئًا ، يَا فَاطِمَةُ ابْنَةَ رَسُولِ اللهِ ، لَا أُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئًا "

5391 -

حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدٌ ، وَأَبُو سَلَمَةَ ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ «يَا صَفِيَّةُ ، يَا فَاطِمَةُ» فَلَمَّا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَمَرَهُ اللهُ عز وجل ، أَنْ يُنْذِرَ عَشِيرَتَهُ الْأَقْرَبِينَ ، أَنْذَرَ قُرَيْشًا ، بَعِيدَهَا وَقَرِيبَهَا ، دَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُمْ جَمِيعًا ذَوُو قَرَابَتِهِ ، وَلَوْلَا ذَلِكَ ، لَقَصَدَ بِإِنْذَارِهِ إِلَى ذَوِي قَرَابَتِهِ مِنْهُمْ ، وَتَرَكَ مَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ بِذَوِي قَرَابَةٍ لَهُ ، فَلَمْ يُنْذِرْهُ كَمَا لَمْ يُنْذِرْ مَنْ يَجْمَعُهُ ، وَإِيَّاهُ أَبٌ غَيْرُ قُرَيْشٍ ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّهُ إِنَّمَا جَمَعَ قُرَيْشًا كُلَّهَا فَأَنْذَرَهَا ، لِأَنَّ اللهَ عز وجل أَمَرَهُ أَنْ يُنْذِرَ عَشِيرَتَهُ الْأَقْرَبِينَ ، وَلَا عَشِيرَةَ لَهُ أَقْرَبُ مِنْ قُرَيْشٍ ، فَلِذَلِكَ دَعَا قُرَيْشًا كُلَّهَا ، إِذْ كَانَتْ بِأَجْمَعِهَا ، عَشِيرَتَهُ الَّتِي هِيَ أَقْرَبُ الْعَشَائِرِ إِلَيْهِ ، قِيلَ لَهُ: لَوْ كَانَ كَمَا ذَكَرْتَ ، إِذًا كَانَ يَقُولُ: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْقُرْبَى ، وَلَكِنَّهُ عز وجل لَمْ يَقُلْ لَهُ كَذَلِكَ ، وَقَالَ لَهُ {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] ، فَأَعْلَمَهُ أَنَّ كُلَّ أَهْلِ هَذِهِ الْعَشِيرَةِ مِنْ أَقْرَبِيهِ ، فَبَطَلَ بِمَا ذَكَرْنَا ، قَوْلُ مَنْ جَعَلَ ذَا قُرْبَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، بَنِي هَاشِمٍ ، وَبَنِي الْمُطَّلِبِ خَاصَّةً ، وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ بَعْدِ هَذِهِ الْحُجَّةِ الَّتِي احْتَجَجْنَا بِهَا ، مَا يُغْنِينَا عَنِ الِاحْتِجَاجِ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ: إِنَّ ذَوِي قُرْبَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، هُمْ قُرَيْشٌ كُلُّهَا ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ اللهِ عز وجل {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23] مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا

ص: 285

5392 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: ثنا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ عز وجل {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23] قَالَ " أَنْ يَصِلُوا قَرَابَتِي ، وَلَا يُكَذِّبُونِي فَهَذَا عَلَى الْخِطَابِ لِقُرَيْشٍ كُلِّهَا ، فَقَدْ دَلَّ ذَلِكَ ، عَلَى أَنَّ قُرَيْشًا كُلَّهَا ، ذَوُو قَرَابَتِهِ وَقَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ عِكْرِمَةَ مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا

ص: 286

5393 -

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، قَالَ: ثنا الْفِرْيَابِيُّ ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْبَجَلِيُّ ، قَالَ: سَأَلْتُ عِكْرِمَةَ عَنْ قَوْلِ اللهِ ، عز وجل {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23] قَالَ: كَانَتْ قَرَابَاتُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ بُطُونِ قُرَيْشٍ كُلِّهَا ، فَكَانُوا أَشَدَّ النَّاسِ لَهُ أَذًى ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى فِيهِمْ {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23]

ص: 286

5394 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ: ثنا الْحَجَّاجُ بْنُ نُصَيْرٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ فَرُّوخَ ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: أَتَى رَجُلٌ عِكْرِمَةَ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ ، قَوْلُ اللهِ عز وجل {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23] قَالَ: أَسَبَائِيٌّ أَنْتَ؟ قَالَ: لَسْتُ بِسَبَائِيٍّ ، وَلَكِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَعْلَمَ قَالَ: إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ أَنْ تَعْلَمَ ، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ حَيٌّ مِنْ أَحْيَاءِ قُرَيْشٍ إِلَّا وَقَدْ عَرِقَ فِيهِمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَقَدْ كَانَتْ قُرَيْشٌ يَصِلُونَ أَرْحَامَهُمْ مِنْ قِبَلِهِ فَمَا عَدَا إِذَا جَاءَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَدَعَاهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ ، فَقَطَعُوهُ وَمَنَعُوهُ ، وَحَرَمُوهُ ، فَقَالَ اللهُ عز وجل «قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى» أَنْ تَصِلُونِي لِمَا كُنْتُمْ تَصِلُونَ بِهِ قَرَابَتَكُمْ قَبْلِي وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي ذَلِكَ أَيْضًا مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى

ص: 287

5395 -

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، قَالَ: ثنا الْفِرْيَابِيُّ ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، فِي قَوْلِهِ:{قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23] أَنْ تَتَّبِعُونِي وَتُصَدِّقُونِي ، وَتَصِلُوا رَحِمِي فَفِي مَا رَوَيْنَا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما ، وَعَنْ عِكْرِمَةَ ، وَعَنْ مُجَاهِدٍ ، فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ ، مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قُرَيْشًا كُلَّهَا ذَوُو قَرَابَةٍ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَقَدْ وَافَقَ ذَلِكَ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ اللهِ عز وجل «وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ» غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ وَجْهٌ يُخَالِفُ هَذَا الْوَجْهَ

ص: 287

5396 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ ، عَنْ هُشَيْمٍ ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، فِي قَوْلِهِ {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23] قَالَ: التَّقَرُّبُ إِلَى اللهِ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ فَأَمَّا مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ قُرَيْشًا مِنْ ذَوِي قُرْبَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَأَنَّ مِنْ ذَوِي الْقُرْبَى أَيْضًا مَنْ مَسَّهُ بِرَحِمٍ مِنْ قِبَلِ أُمَّهَاتِهِ إِلَى أَقْصَى كُلِّ أَبٍ ، لِكُلِّ أُمٍّ مِنْ أُمَّهَاتِهِ مِنَ الْعَشِيرَةِ الَّتِي هِيَ مِنْهَا ، فَإِنَّهُ احْتَجَّ لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ بِالنَّظَرِ ، وَقَالَ: رَأَيْتُ الرَّجُلَ بِنِسْبَتِهِ مِنْ أَبِيهِ وَمِنْ أُمِّهِ مُخْتَلِفًا ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ اخْتِلَافُ نَسَبِهِ مِنْهُمَا إِنْ كَانَ ابْنًا لَهُمَا ، ثُمَّ رَأَيْنَاهُ يَكُونُ لَهُ قَرَابَةٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ، فَيَكُونُ بِمَوْضِعِهِ مِنْ أَبِيهِ قَرَابَةٌ لِذِي قَرَابَةِ أَبِيهِ ، وَيَكُونُ بِمَوْضِعِهِ مِنْ أُمِّهِ قَرَابَةٌ لِذِي قُرْبَى أُمِّهِ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَرِثُ إِخْوَتَهُ لِأَبِيهِ وَإِخْوَتَهُ لِأُمِّهِ ، وَتَرِثُهُ إِخْوَتُهُ لِأَبِيهِ وَإِخْوَتُهُ لِأُمِّهِ ، وَإِنْ كَانَ مِيرَاثُ فَرِيقٍ مِمَّنْ ذَكَرْنَا ، مُخَالِفًا لِمِيرَاثِ الْفَرِيقِ الْآخَرِ ، وَلَيْسَ اخْتِلَافُ ذَلِكَ بِمَانِعٍ مِنْهُ الْقَرَابَةَ ، فَلَمَّا كَانَ ذَوُو قُرْبَى أُمِّهِ قَدْ صَارُوا لَهُ قَرَابَةً ، كَمَا أَنَّ ذَوِي قُرْبَى أَبِيهِ قَدْ صَارُوا لَهُ قَرَابَةً ، كَانَ مَا يَسْتَحِقُّهُ ذَوُو قُرْبَى أَبِيهِ بِقَرَابَتِهِمْ مِنْهُ ، يَسْتَحِقُّ ذَوُو قُرْبَى أُمِّهِ بِقَرَابَتِهِمْ مِنْهُ مِثْلُهُ ، وَقَدْ تَكَلَّمَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي مِثْلِ هَذَا ، فِي رَجُلٍ أَوْصَى لِذِي قَرَابَةِ فُلَانٍ بِثُلُثِ مَالِهِ ، فَقَالُوا فِي ذَلِكَ أَقْوَالًا سَنُبَيِّنُهَا ، وَنُبَيِّنُ مَذْهَبَ صَاحِبِ كُلِّ قَوْلٍ مِنْهَا ، الَّذِي أَدَّاهُ إِلَى قَوْلِهِ الَّذِي قَالَهُ مِنْهَا ، فِي كِتَابِنَا هَذَا ، إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى ،

⦗ص: 288⦘

فَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ قَالَ: هِيَ كُلُّ ذِي رَحِمِ مَحْرَمٍ مِنْ فُلَانِ الْمُوصِي لِقَرَابَتِهِ ، بِمَا أَوْصَى لَهُمْ بِهِ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ ، وَمِنْ قِبَلِ أُمِّهِ ، غَيْرَ أَنَّهُ يَبْدَأُ فِي ذَلِكَ بِمَنْ كَانَتْ قَرَابَتُهُ مِنْهُ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ ، عَلَى مَنْ كَانَتْ قَرَابَتُهُ مِنْهُ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ ، وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ لَهُ عَمٌّ وَخَالٌ ، فَقَرَابَةُ عَمِّهِ مِنْهُ ، مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ ، كَقَرَابَةِ خَالِهِ مِنْهُ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ ، فَيَبْدَأُ فِي ذَلِكَ عَمَّهُ ، عَلَى خَالِهِ ، فَيَجْعَلُ الْوَصِيَّةَ لَهُ ، وَكَانَ زُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ يَقُولُ: الْوَصِيَّةُ لِكُلِّ مَنْ قَرُبَ مِنْهُ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ أَوْ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ ، دُونَ مَنْ كَانَ أَبْعَدَ مِنْهُ مِنْهُمْ ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ ذَا رَحِمٍ لِلْمُوصِي لِقَرَابَتِهِ ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ ذَا رَحِمٍ ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِمَا: الْوَصِيَّةُ فِي ذَلِكَ لِكُلِّ مَنْ جَمَعَهُ وَفُلَانًا أَبٌ وَاحِدٌ ، مُنْذُ كَانَتِ الْهِجْرَةُ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ ، أَوْ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ ، وَسَوَّيَا فِي ذَلِكَ بَيْنَ مَنْ بَعُدَ مِنْهُمْ وَبَيْنَ مَنْ قَرُبَ ، وَبَيْنَ مَنْ كَانَتْ رَحِمُهُ مَحْرَمَةً مِنْهُمْ ، وَبَيْنَ مَنْ كَانَتْ رَحِمُهُ مِنْهُمْ غَيْرَ مَحْرَمَةٍ ، وَلَمْ يُفَضِّلَا فِي ذَلِكَ بَيْنَ مَنْ كَانَتْ رَحِمُهُ مِنْهُمْ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ ، عَلَى مَنْ كَانَتْ رَحِمُهُ مِنْهُمْ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ ، وَكَانَ آخَرُونَ يَذْهَبُونَ فِي ذَلِكَ إِلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِمَا وَصَفْنَا ، لِكُلِّ مَنْ جَمَعَهُ وَالْمُوصِي لِقَرَابَتِهِ أَبُوهُ الثَّالِثُ إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْ ذَلِكَ ، وَكَانَ يَذْهَبُونَ فِي ذَلِكَ إِلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِكُلِّ مَنْ جَمَعَهُ وَفُلَانًا الْمُوصِي لِقَرَابَتِهِ أَبُوهُ الرَّابِعُ إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْ ذَلِكَ ، وَكَانَ آخَرُونَ يَذْهَبُونَ فِي ذَلِكَ إِلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ فِيمَا ذَكَرْنَا ، لِكُلِّ مَنْ جَمَعَهُ وَفُلَانًا الْمُوصِي لِقَرَابَتِهِ ، أَبٌ وَاحِدٌ فِي الْإِسْلَامِ أَوْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِمَّنْ يَرْجِعُ بِآبَائِهِ أَوْ بِأُمَّهَاتِهِ إِلَيْهِ ، إِمَّا عَنْ أَبٍ ، وَإِمَّا عَنْ أُمٍّ إِلَى أَنْ يَلْقَاهُ يَثْبُتُ بِهِ الْمَوَارِيثُ وَيَقُومُ بِهِ الشَّهَادَاتُ ، فَأَمَّا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ ، مِمَّا ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْفَصْلِ فَفَاسِدٌ ، عِنْدَنَا ، «لِأَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا قَسَمَ سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى ، أَعْطَى بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ ، وَأَكْثَرُهُمْ غَيْرُ ذَوِي أَرْحَامٍ مَحْرَمَةٍ ، وَقَدْ رُوِيَ» عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ أَمَرَ أَبَا طَلْحَةَ أَنْ يَجْعَلَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ ، قَدْ جَاءَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَجْعَلَ فِي فُقَرَاءِ قَرَابَتِهِ ، فَجَعَلَهُ أَبُو طَلْحَةَ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ، وَلِحِسَانِ بْنِ ثَابِتٍ " ، فَأَمَّا حَسَّانٌ فَيَلْقَاهُ عِنْدَ أَبِيهِ الثَّالِثِ ، وَأَمَّا أُبَيٌّ ، فَيَلْقَاهُ عِنْدَ أَبِيهِ السَّابِعِ ، وَلَيْسَا بِذَوِي أَرْحَامٍ مِنْهُ مَحْرَمَةٍ ، وَجَاءَتْ بِذَلِكَ الْآثَارُ ، فَمِنْهَا مَا

ص: 287

5397 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ ، قَالَ: ثنا الْمَاجِشُونُ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكِ رضي الله عنه ، قَالَ: " لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ

⦗ص: 289⦘

حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] جَاءَ أَبُو طَلْحَةَ ، وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ ، قَالَ: وَكَانَ دَارُ أَبِي جَعْفَرٍ وَالدَّارُ الَّتِي تَلِيهَا إِلَى قَصْرِ حُدَيْلَةَ حَوَائِطَ، قَالَ: وَكَانَ قَصْرُ حُدَيْلَةَ حَوَائِطَ لِأَبِي طَلْحَةَ ، فِيهَا بِئْرٌ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدْخُلُهَا فَيَشْرَبُ مِنْ مَائِهَا ، وَيَأْكُلُ ثَمَرَهَا ، فَجَاءَهُ أَبُو طَلْحَةَ ، وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ: إِنَّ اللهَ يَقُولُ: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] فَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ هَذِهِ الْبِئْرُ ، فَهِيَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ ، أَرْجُو بِرَّهُ وَذُخْرَهُ ، اجْعَلْهُ يَا رَسُولَ اللهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: بَخٍ يَا أَبَا طَلْحَةَ ، مَالٌ رَابِحٌ ، قَدْ قَبِلْنَاهُ مِنْكَ ، وَرَدَدْنَاهُ عَلَيْكَ ، فَاجْعَلْهُ فِي الْأَقْرَبِينَ. قَالَ: فَتَصَدَّقَ أَبُو طَلْحَةَ عَلَى ذَوِي رَحِمِهِ ، فَكَانَ مِنْهُمْ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ ، وَحَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ. قَالَ: فَبَاعَ حَسَّانُ نَصِيبَهُ مِنْ مُعَاوِيَةَ ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ حَسَّانَ يَبِيعُ صَدَقَةَ أَبِي طَلْحَةَ. فَقَالَ: لَا أَبِيعُ صَاعًا بِصَاعٍ مِنْ دَرَاهِمَ "

ص: 288

5398 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيُّ ، قَالَ: ثنا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: " لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] قَالَ: أَوْ قَالَ: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا} [البقرة: 245] جَاءَ أَبُو طَلْحَةَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ ، حَائِطِي الَّذِي بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا ، لَوِ اسْتَطَعْتُ أَنْ أُسِرَّهُ لَمْ أُعْلِنْهُ. قَالَ:«اجْعَلْهُ فِي فُقَرَاءِ قَرَابَتِكَ ، وَفُقَرَاءِ أَهْلِكَ»

ص: 289

5399 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيُّ ، قَالَ: ثنا أَبِيٌّ ، عَنْ ثُمَامَةَ ، قَالَ: قَالَ أَنَسٌ: " كَانَتْ لِأَبِي طَلْحَةَ أَرْضٌ، فَجَعَلَهَا لِلَّهِ عز وجل ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: اجْعَلْهَا فِي فُقَرَاءِ قَرَابَتِكَ فَجَعَلَهَا لِحَسَّانَ وَأُبَيٍّ. قَالَ أُبَيٌّ ، عَنْ ثُمَامَةَ ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ ، وَكَانَا أَقْرَبَ إِلَيْهِ مِنِّي "

ص: 289

5400 -

حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ ، أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه يَقُولُ:" كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ الْأَنْصَارِ بِالْمَدِينَةِ مَالًا مِنْ نَخْلٍ ، وَكَانَ أَحَبَّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ حَائِطُ حُدَيْلَةَ ، وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدِ ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ ، قَالَ أَنَسٌ: فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّ اللهَ عز وجل يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ "} [آل عمران: 92] وَإِنَّ أَحَبَّ الْأَمْوَالِ إِلَيَّ الْحَائِطُ ، فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللهِ ، فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللهِ حَيْثُ شِئْتَ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: بَخٍ ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ ، بَخٍ ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ ، وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ فِيهِ ، وَأَنَا أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الْأَقْرَبِينَ.

⦗ص: 290⦘

فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللهِ. فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ ". قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَهَذَا أَبُو طَلْحَةَ رضي الله عنه قَدْ جَعَلَهَا فِي أُبَيٍّ وَحَسَّانَ ، وَإِنَّمَا يَلْتَقِي هُوَ وَأُبَيٌّ عِنْدَ أَبِيهِ السَّابِعِ ، لِأَنَّ أَبَا طَلْحَةَ اسْمُهُ زَيْدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ حَرَامِ بْنِ عَمْرِو بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ ، وَحَسَّانُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ حَرَامِ بْنِ عَمْرِو بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ ، وَكِلَاهُمَا لَيْسَ بِذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى فَسَادِ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْقَرَابَةَ لَيْسَتْ إِلَّا مَنْ كَانَتْ رَحِمُهُ رَحِمًا مَحْرَمَةً ، وَأَمَّا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ زُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ بِمَا قَدْ حَكَيْنَا عَنْهُ فِي هَذَا الْفَصْلِ فَفَاسِدٌ أَيْضًا ، لِأَنَّا رَأَيْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَعْطَى بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ مَا أَعْطَاهُمْ مِنْ سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى ، قَدْ سَوَّى بَيْنَ مَنْ قَرُبَتْ رَحِمُهُ مِنْهُ ، وَبَيْنَ مَنْ بَعُدَتْ رَحِمُهُ مِنْهُمْ مِنْهُ، وَهُمْ جَمِيعًا لَهُ ذَوُو قَرَابَةٍ ، فَلَوْ كَانَ مَنْ قَرُبَ مِنْهُ يَحْجُبُ مَنْ بَعُدَ مِنْهُ، إِذًا لَمَا أَعْطَاهُ بَعِيدًا مَعَ قَرِيبٍ ، لِأَنَّ اللهَ عز وجل إِنَّمَا أَمَرَهُ أَنْ يُعْطِيَ ذَا قَرَابَتِهِ ، وَلَمْ يَكُنْ لِيُخَالِفَ مَا أَمَرَهُ بِهِ ، وَهَذَا أَبُو طَلْحَةَ ، فَقَدْ جَمَعَ فِي عَطِيَّتِهِ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ ، وَحَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ ، وَأَحَدُهُمَا أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنَ الْآخَرِ ، إِنْ كَانَا مِنْ ذَوِي قَرَابَتِهِ ، وَلَمْ يَكُنْ لِمَا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ مُخَالِفًا لِمَا أَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، كَمَا لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي إِعْطَائِهِ بَنِي الْمُطَّلِبِ مَعَ بَنِي هَاشِمٍ مُخَالِفًا أَمْرَ اللهِ فِي إِعْطَائِهِ مَنْ أَمَرَهُ بِإِعْطَائِهِ مِنْ قَرَابَتِهِ ، وَأَمَّا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الَّذِينَ قَالُوا: قَرَابَةُ الرَّجُلِ كُلُّ مَنْ جَمَعَهُ وَإِيَّاهُ أَبُوهُ الرَّابِعُ إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْهُ مِنْ آبَائِهِ ، فَفَاسِدٌ أَيْضًا ، لِأَنَّ أَهْلَهُ الَّذِينَ ذَهَبُوا إِلَيْهِ أَيْضًا وَلَهُمْ عَلَيْهِ فِيمَا ذَكَرُوا إِعْطَاءَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى بَنِي الْمُطَّلِبِ ، وَهُمْ بَنُو أَبِيهِ الرَّابِعِ ، وَلَمْ يُعْطِ بَنِي أَبِيهِ الْخَامِسِ ، وَلَا بَنِي أَحَدٍ مِنْ آبَائِهِ الَّذِينَ فَوْقَ ذَلِكَ ، وَقَدْ رَأَيْنَاهُ صلى الله عليه وسلم حَرَمَ بَنِي أُمَيَّةَ ، وَبَنِي نَوْفَلٍ ، فَلَمْ يُعْطِهِمْ شَيْئًا ، لَيْسَ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ ذَوِي قَرَابَتِهِ ، فَكَذَلِكَ يُحْتَمَلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ إِذْ حَرَمَ مَنْ فَوْقَهُمْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْهُ ، لَيْسَ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ قَرَابَتِهِ ، وَهَذَا أَبُو طَلْحَةَ ، فَقَدْ أَعْطَى مَا أَمَرَهُ اللهُ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِإِعْطَائِهِ إِيَّاهُ ذَا قَرَابَتِهِ الْفُقَرَاءِ ، بَعْضَ بَنِي أَبِيهِ السَّابِعِ ، فَلَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ أَبُو طَلْحَةَ رضي الله عنه لِمَا أَمَرَهُ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُخَالِفًا ، وَلَا أَنْكَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا فَعَلَهُ مِنْ ذَلِكَ ، فَأَمَّا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَنَّ قَرَابَةَ الرَّجُلِ كُلُّ مَنْ جَمَعَهُ وَإِيَّاهُ أَبُوهُ الثَّالِثُ إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ ، فَإِنَّهُمْ

⦗ص: 291⦘

قَالُوا: لَمَّا قَسَمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى ، أَعْطَى بَنِي هَاشِمٍ جَمِيعًا ، وَهُمْ بَنُو أَبِيهِ الثَّالِثِ ، فَكَانُوا قَرَابَتَهُمْ مِنْهُ ، وَأَعْطَى بَنِي الْمُطَّلِبِ مَا أَعْطَاهُمْ ، لِأَنَّهُمْ حُلَفَاؤُهُ ، وَلَوْ كَانَ أَعْطَاهُمْ لِأَنَّهُمْ قَرَابَتُهُ ، لَأَعْطَى مَنْ هُوَ فِي الْقَرَابَةِ مِثْلُهُمْ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ ، وَبَنِي نَوْفَلٍ ، فَهَذَا الْقَوْلُ عِنْدَنَا فَاسِدٌ ، لِأَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَوْ كَانَ أَعْطَى بَنِي الْمُطَّلِبِ بِالْحِلْفِ لَا بِالْقَرَابَةِ ، لَأَعْطَى جَمِيعَ حُلَفَائِهِ ، فَقَدْ كَانَتْ خُزَاعَةُ حُلَفَاءَهُ ، وَلَقَدْ نَاشَدَهُ عَمْرُو بْنُ سَالِمٍ الْخُزَاعِيُّ بِذَلِكَ الْحِلْفِ

ص: 289

5401 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ: ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، قَالَ: لَمَّا وَادَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَهْلَ مَكَّةَ ، وَكَانَتْ خُزَاعَةُ حُلَفَاءَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، وَكَانَتْ بَنُو بَكْرٍ حُلَفَاءَ قُرَيْشٍ ، فَدَخَلَتْ خُزَاعَةُ فِي صُلْحِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَدَخَلَتْ بَنُو بَكْرٍ فِي صُلْحِ قُرَيْشٍ ، فَكَانَتْ بَيْنَ خُزَاعَةَ وَبَيْنَ بَكْرٍ بَعْدُ قِتَالٌ ، فَأَمَدَّتْهُمْ قُرَيْشٌ بِسِلَاحٍ وَطَعَامٍ وَظَلَّلُوا عَلَيْهِمْ ، وَظَهَرَتْ بَنُو بَكْرٍ عَلَى خُزَاعَةَ ، فَقَتَلُوا فِيهِمْ ، فَقَدِمَ وَافِدُ خُزَاعَةَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَخْبَرَ بِمَا صَنَعَ الْقَوْمُ ، وَدَعَاهُ إِلَى النُّصْرَةِ ، وَأَنْشَدَ فِي ذَلِكَ:

[البحر الرجز]

لَا هُمَّ إِنِّي نَاشِدٌ مُحَمَّدَا

حِلْفَ أَبِينَا وَأَبِيهِ الْأَتْلَدَا

وَالِدًا كُنَّا وَكُنْتَ وَلَدَا

إِنَّ قُرَيْشًا أَخْلَفُوكَ الْمَوْعِدَا

وَزَعَمُوا أَنْ لَسْتُ أَدْعُو أَحَدَا

وَنَقَضُوا مِيثَاقَكَ الْمُؤَكَّدَا

وَجَعَلُوا لِي بِكَدَاءَ رُصَّدَا

وَهُمْ أَذَلُّ وَأَقَلُّ عَدَدَا

وَهُمْ أَتَوْنَا بِالْوَتِيرِ هُجَّدَا

وَقَتَلُونَا رُكَّعًا وَسُجَّدَا

ثَمَّتَ أَسْلَمْنَا وَلَمْ نَنْزِعْ يَدَا

فَانْصُرْ رَسُولَ اللهِ نَصْرًا أَعْتَدَا

وَابْعَثْ جُنُودَ اللهِ تَأْتِي مَدَدَا

فِي فَيْلَقٍ كَالْبَحْرِ يَأْتِي مُزْبِدَا

فِيهِمْ رَسُولُ اللهِ قَدْ تَجَرَّدَا

إِنْ سِيمَ خَسْفًا وَجْهُهُ تَرَبَّدَا

قَالَ حَمَّادٌ: وَهَذَا الشِّعْرُ بَعْضُهُ عَنْ أَيُّوبَ ، وَبَعْضُهُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَازِمٍ ، وَأَكْثَرُهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ.

⦗ص: 292⦘

5402 -

حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: ثنا يُوسُفُ بْنُ بُهْلُولٍ ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ وَغَيْرِهِ نَحْوَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ الْمُنَاشِدَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِهَذَا الشِّعْرِ عَمْرُو بْنُ سَالِمٍ، فَلَمَّا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُدْخِلْ خُزَاعَةَ فِي سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى ، لِلْحِلْفِ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ ، اسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ إِعْطَاءُ بَنِي الْمُطَّلِبِ لِلْحِلْفِ ، وَلَوْ كَانَ إِعْطَاؤُهُمْ لِلْحِلْفِ أَيْضًا ، لَأَعْطَى مَوَالِيَ بَنِي هَاشِمٍ ، وَهُوَ فَلَمْ يُعْطِهِمْ شَيْئًا ، وَأَمَّا مَا ذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِمَا ، مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمَا ، فَهُوَ أَحْسَنُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ كُلِّهَا عِنْدَنَا ، لِأَنَّا رَأَيْنَا النَّاسَ فِي دَهْرِنَا هَذَا يُنْسَبُونَ إِلَى الْعَبَّاسِ ، وَكَذَلِكَ آلُ عَلِيٍّ ، وَآلُ جَعْفَرٍ ، وَآلُ عَقِيلٍ ، وَآلُ الزُّبَيْرِ ، وَطَلْحَةَ ، كُلُّ هَؤُلَاءِ لَا يُنْسَبُ أَوْلَادُهُمْ إِلَّا إِلَى أَبِيهِمُ الْأَعْلَى ، فَيُقَالُ: بَنُو الْعَبَّاسِ ، وَبَنُو عَلِيٍّ ، وَبَنُو مَنْ ذَكَرْنَا ، حَتَّى قَدْ صَارَ ذَلِكَ يَجْمَعُهُمْ ، وَحَتَّى قَدْ صَارُوا بِآبَائِهِمْ مُتَفَرِّقِينَ كَأَهْلِ الْعَشَائِرِ الْمُخْتَلِفَةِ ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: رَأَيْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا قَسَمَ سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى ، إِنَّمَا جَعَلَهُ فِيمَنْ يَجْمَعُهُ وَإِيَّاهُ أَبٌ جَاهِلِيٌّ ، فَكَانَ بَنُو ذَلِكَ الْأَبِ مِنْ ذَوِي قَرَابَتِهِ ، وَكَذَلِكَ مَنْ أَعْطَاهُ أَبُو طَلْحَةَ ، مَا أَعْطَاهُ مِمَّنْ ذَكَرْنَا ، فَإِنَّمَا يَجْمَعُهُمْ وَإِيَّاهُ أَبٌ جَاهِلِيٌّ ،

⦗ص: 293⦘

فَلِمَ قُلْتُمْ: إِنَّ قَرَابَةَ الرَّجُلِ هِيَ مَنْ جَمَعَهُ وَإِيَّاهُ أَقْصَى آبَائِهِ فِي الْإِسْلَامِ؟ قِيلَ لَهُ: قَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا ، فِي كِتَابِنَا هَذَا ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَعْطَى قَرَابَةً ، وَمَنَعَ قَرَابَةً ، وَقَدْ كَانَ كُلُّ مَنْ أَعْطَاهُ وَكُلُّ مَنْ حَرَمَهُ ، مِمَّنْ لَمْ يُعْطِهِ ، مِمَّنْ مَوْضِعُهُ مِنْهُ ، وَمَوْضِعُ الَّذِي أَعْطَاهُ يَجْمَعُهُ وَإِيَّاهُمْ عَشِيرَةٌ وَاحِدَةٌ ، يُنْسَبُونَ إِلَيْهَا حَتَّى يُقَالَ لَهُمْ جَمِيعًا: هَؤُلَاءِ الْقُرَيْشِيُّونَ ، وَلَا يُنْسَبُونَ إِلَى مَا بَعْدَ قُرَيْشٍ ، فَيُقَالُ: هَؤُلَاءِ الْكِنَانِيُّونَ ، فَصَارَ أَهْلُ الْعَشِيرَةِ جَمِيعًا بَنِي أَبٍ وَاحِدٍ وَقَرَابَةٍ وَاحِدَةٍ ، وَبَانُوا مِمَّنْ سِوَاهُمْ ، فَلَمْ يُنْسَبُوا إِلَيْهِ فَكَذَلِكَ أَيْضًا كُلُّ أَبٍ حَدَثَ فِي الْإِسْلَامِ صَارَ فَخِذًا أَوْ صَارَ عَشِيرَةً يُنْسَبُ وَلَدُهُ إِلَيْهِ فِي الْإِسْلَامِ فَكَانَ هُوَ وَوَلَدُهُ يُنْسَبُونَ جَمِيعًا إِلَى عَشِيرَةٍ وَاحِدَةٍ قَدْ تَقَدَّمَتِ الْإِسْلَامَ فَهُمْ جَمِيعًا مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْعَشِيرَةِ ، هَذَا أَحْسَنُ الْأَقْوَالِ فِي هَذَا الْبَابِ عِنْدَنَا ، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ ، ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى مَا أَعْطَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَوِي قُرْبَاهُ ، فَوَجَدْنَا النَّاسَ قَدِ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَعْطَاهُ بِحَقٍّ قَدْ وَجَبَ لَهُمْ بِذِكْرِ اللهِ عز وجل إِيَّاهُمْ فِي آيَةِ الْغَنَائِمِ ، وَفِي آيَةِ الْفَيْءِ ، وَلَمْ يَكُنْ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنْعُهُمْ مِنْ ذَلِكَ ، وَلَا التَّخَطِّي بِهِ عَنْهُمْ إِلَى غَيْرِهِمْ وَلِأَنْفُسِهِمْ ، مِنْ خُمُسِ جَمِيعِ الْفَيْءِ ، وَمِنْ خُمُسِ خُمُسِ جَمِيعِ الْغَنَائِمِ ، كَمَا لَيْسَ لَهُ مِنْهُ ، مَنْعُ الْمُقَاتِلَةِ مِنْ أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ الْغَنَائِمِ ، وَلَا التَّخَطِّي بِهِ عَنْهُمْ إِلَى غَيْرِهِمْ ، وَقَالَ آخَرُونَ: لَمْ يَجِبْ لِذِي قَرَابَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَقٌّ فِي الْفَيْءِ ، وَلَا فِي خُمُسِ الْغَنَائِمِ بِالْآيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ ذَكَرْتُهُمَا فِي أَوَّلِ كِتَابِنَا هَذَا ، وَإِنَّمَا وَكَّدَ اللهُ أَمْرَهُمْ بِذِكْرِهِ إِيَّاهُمْ فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ ، ثُمَّ لَا يَجِبُ بَعْدَ ذَلِكَ لَهُمْ فِي الْفَيْءِ وَخُمُسِ الْغَنَائِمِ إِلَّا كَمَا يَجِبُ لِغَيْرِهِمْ مِنْ سَائِرِ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ لَا قَرَابَةَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ

ص: 291

5403 -

حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُكَيْرٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي ثَابِتُ بْنُ يَعْقُوبَ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي زَنْبَرٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ ، رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ: هَذَا كِتَابُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي الْفَيْءِ وَالْمَغْنَمِ ، أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّ اللهَ عز وجل أَنْزَلَ الْقُرْآنَ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم بَصَائِرَ وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ، فَشَرَعَ فِيهِ الدِّينَ ، وَأَبْهَجَ بِهِ السَّبِيلَ ، وَصَرَفَ بِهِ الْقَوْلَ ، وَبَيَّنَ مَا يُؤْتَى مِمَّا يُنَالُ بِهِ مِنْ رِضْوَانِهِ ، وَمَا يُنْتَهَى عَنْهُ مِنْ مَنَاهِيهِ وَمَسَاخِطِهِ ، ثُمَّ أَحَلَّ حَلَالَهُ الَّذِي وَسَّعَ بِهِ ، وَحَرَّمَ حَرَامَهُ ، فَجَعَلَهُ مَرْغُوبًا عَنْهُ ، مَسْخُوطًا عَلَى أَهْلِهِ ، وَجَعَلَ مِمَّا رَحِمَ بِهِ هَذِهِ الْأُمَّةَ ، وَوَسَّعَ بِهِ عَلَيْهِمْ مَا أَحَلَّ مِنَ الْمَغْنَمِ ، وَبَسَطَ مِنْهُ وَلَمْ يَحْظُرْهُ عَلَيْهِمْ ، كَمَا ابْتَلَى بِهِ أَهْلَ النُّبُوَّةِ وَالْكِتَابِ ، مِمَّنْ كَانَ قَبْلَهُمْ ، فَكَانَ مِنْ ذَلِكَ ، مَا نَقَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِخَاصَّةٍ دُونَ النَّاسِ ، مِمَّا غَنِمَهُ مِنْ أَمْوَالِ بَنِي قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ ، إِذْ يَقُولُ اللهُ حِينَئِذٍ {مَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الحشر: 6] ، فَكَانَتْ تِلْكَ الْأَمْوَالُ خَالِصَةً لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَجِبْ فِيهَا خُمُسٌ وَلَا مَغْنَمٌ ، لِيُوَلِّيَ اللهُ وَرَسُولَهُ أَمْرَهُ ، وَاخْتَارَ أَهْلَ الْحَاجَةِ بِهَا ، السَّابِقَةَ عَلَى مَا يُلْهِمُهُ مِنْ ذَلِكَ ، وَيَأْذَنُ لَهُ بِهِ ، فَلَمْ يَضُرَّ بِهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَخْتَرْهَا

⦗ص: 294⦘

لِنَفْسِهِ ، وَلَا لِأَقَارِبِهِ ، وَلَمْ يُخَصِّصْ بِهَذَا مِنْهُمْ بِفَرْضٍ وَلَا سُهْمَانَ ، وَلَكِنْ آثَرَ ، بِأَوْسَعِهَا وَأَكْثَرِهَا أَهْلَ الْحَقِّ وَالْقُدُمَةَ ، مِنَ الْمُهَاجِرِينَ {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ ، يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ ، أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحشر: 8] ، وَقَسَمَ اللهُ طَوَائِفَ مِنْهَا فِي أَهْلِ الْحَاجَةِ مِنَ الْأَنْصَارِ ، وَحَبَسَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَرِيقًا مِنْهَا لِنَائِبَتِهِ وَحَقِّهِ ، وَمَا يَعْرُوهُ: أَيْ يَعْرِضُ لَهُ وَيَعْتَرِيهِ ، غَيْرُ مُفْتَقِدٍ شَيْئًا مِنْهَا وَلَا مُسْتَأْثِرٍ بِهِ ، وَلَا مُرِيدٍ أَنْ يُؤْتِيهِ أَحَدٌ بَعْدَهُ ، فَجَعَلَهُ صَدَقَةً لَا يُورَثُ لِأَحَدٍ فِيهِ هَادَّةٌ فِي الدُّنْيَا ، وَمَحْقَرَةٌ لَهَا وَأَثَرَةٌ لِمَا عِنْدَ اللهِ ، فَهَذَا الَّذِي لَمْ يُوجَفْ فِيهِ خَيْلٌ وَلَا رِكَابٌ ، وَمِنِ الْأَنْفَالِ الَّتِي آثَرَ اللهُ بِهَا رَسُولَهُ وَلَمْ يَجْعَلْ لِأَحَدٍ فِيهَا مِثْلَ الَّذِي جَعَلَ لَهُ مِنَ الْمَغْنَمِ ، الَّذِي فِيهِ اخْتِلَافُ مَنِ اخْتَلَفَ ، قَوْلُ اللهِ عز وجل {مَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} [الحشر: 7] ، ثُمَّ قَالَ {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الحشر: 7] ، فَأَمَّا قَوْلُهُ:{فَلِلَّهِ} [الحشر: 7] فَإِنَّ اللهَ تبارك وتعالى غَنِيٌّ عَنِ الدُّنْيَا وَأَهْلِهَا وَكُلِّ مَا فِيهَا ، وَلَهُ ذَلِكَ كُلُّهُ ، وَلَكِنَّهُ يَقُولُ: اجْعَلُوهُ فِي سَبِيلِهِ الَّتِي أَمَرَ بِهَا ، وَقَوْلُهُ:{وَلِلرَّسُولِ} [الحشر: 7] فَإِنَّ الرَّسُولَ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَظٌّ فِي الْمَغْنَمِ إِلَّا كَحَظِّ الْعَامَّةِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَلَكِنَّهُ يَقُولُ: إِلَى الرَّسُولِ قِسْمَتُهُ وَالْعَمَلُ بِهِ وَالْحُكُومَةُ فِيهِ ، فَأَمَّا قَوْلُهُ:{وَلِذِي الْقُرْبَى} [الحشر: 7] فَقَدْ ظَنَّ جَهَلَةٌ مِنَ النَّاسِ ، أَنَّ لِذِي قُرْبَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم سَهْمًا مَفْرُوضًا مِنَ الْمَغْنَمِ ، قُطِعَ عَنْهُمْ وَلَمْ يُؤْتَهُ إِيَّاهُمْ ، وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ ، لَبَيَّنَهُ كَمَا بَيَّنَ فَرَائِضَ الْمَوَارِيثِ ، فِي النِّصْفِ ، وَالرُّبْعِ ، وَالسُّدُسِ ، وَالثُّمُنِ ، وَلَمَا نَقَصَ حَظُّهُمْ مِنْ ذَلِكَ غِنَاءٌ كَانَ عِنْدَ أَحَدِهِمْ ، أَوْ فَقْرٌ ، كَمَا لَا يَقْطَعُ ذَلِكَ حَظُّ الْوَرَثَةِ مِنْ سِهَامِهِمْ ، وَلَكِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ نَفَلَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ شَيْئًا مِنَ الْمَغْنَمِ ، مِنَ الْعَقَارِ ، وَالسَّبْيِ ، وَالْمَوَاشِي ، وَالْعُرُوضِ ، وَالصَّامِتِ ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَرْضٌ يُعْلَمُ ، وَلَا أَثَرٌ يُقْتَدَى بِهِ ، حَتَّى قَبَضَ اللهُ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم إِلَّا أَنَّهُ قَدْ قَسَمَ فِيهِمْ قِسْمًا يَوْمَ خَيْبَرَ ، لَمْ يَعُمَّ بِذَلِكَ يَوْمَئِذٍ عَامَّتَهُمْ ، وَلَمْ يُخَصِّصْ قَرِيبًا دُونَ آخَرَ أَحْوَجَ مِنْهُ ، لَقَدْ أَعْطَى يَوْمَئِذٍ مَنْ لَيْسَتْ لَهُ قَرَابَةٌ ، وَذَلِكَ لَمَّا شَكَوْا لَهُ مِنَ الْحَاجَةِ ، وَمَا كَانَ مِنْهُمْ فِي جَنْبِهِ مِنْ قَوْمِهِمْ ، وَمَا خَلَصَ إِلَى حُلَفَائِهِمْ مِنْ ذَلِكَ ، فَلَمْ يُفَضِّلْهُمْ عَلَيْهِمْ لِقَرَابَتِهِمْ ، وَلَوْ كَانَ لِذِي الْقُرْبَى حَقٌّ ، كَمَا ظَنَّ أُولَئِكَ ، لَكَانَ أَخْوَالُهُ ذَوِي قُرْبَى ، وَأَخْوَالُ أَبِيهِ وَجَدِّهِ ، وَكُلُّ مَنْ ضَرَبَهُ بِرَحِمٍ ، فَإِنَّهَا الْقُرْبَى كُلُّهَا ، وَكَمَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ كَمَا ظَنُّوا ، لَأَعْطَاهُمْ إِيَّاهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رضي الله عنهما ، بَعْدَمَا وَسِعَ الْفَيْءُ وَكَثُرَ ،

⦗ص: 295⦘

وَأَبُو الْحَسَنِ رضي الله عنهما: أَيْ عَلِيٌّ رضي الله عنه ، حِينَ مَلَكَ مَا مَلَكَ ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِيهِ قَائِلٌ ، أَفَلَا عَلَّمَهُمْ مِنْ ذَلِكَ أَمْرًا يَعْمَلُ بِهِ فِيهِمْ ، وَيُعْرَفُ بَعْدَهُ ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ كَمَا زَعَمُوا ، لَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} [الحشر: 7] فَإِنَّ مِنْ ذَوِي قَرَابَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، لَمَنْ كَانَ غَنِيًّا ، وَكَانَ فِي سَعَةٍ يَوْمَ يَنْزِلُ الْقُرْآنُ وَبَعْدَ ذَلِكَ ، فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ السَّهْمُ جَائِزًا لَهُ وَلَهُمْ ، كَانَتْ تِلْكَ دُولَةٌ ، بَلْ كَانَتْ مِيرَاثًا لِقَرَابَتِهِ ، لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ قَطْعُهَا وَلَا نَقْضُهَا ، وَلَكِنَّهُ يَقُولُ: لِذِي قُرْبَى ، بِحَقِّهِمْ وَقَرَابَتِهِمْ فِي الْحَاجَةِ ، وَالْحَقُّ اللَّازِمُ كَحَقِّ الْمُسْلِمِينَ ، فِي مَسْكَنَتِهِ وَحَاجَتِهِ ، فَإِذَا اسْتَغْنَى ، فَلَا حَقَّ لَهُ ، وَالْيَتِيمُ فِي يُتْمِهِ ، وَإِنْ كَانَ الْيَتِيمُ وَرِثَ عَنْ وَارِثِهِ ، فَلَا حَقَّ لَهُ ، وَابْنُ السَّبِيلِ ، فِي سَفَرِهِ وَصَيْرُورَتِهِ ، إِنْ كَانَ كَبِيرَ الْمَالِ ، مُوَسَّعًا عَلَيْهِ ، فَلَا حَقَّ لَهُ فِيهِ ، وَرُدَّ ذَلِكَ الْحَقُّ إِلَى أَهْلِ الْحَاجَةِ ، وَبَعَثَ اللهُ الَّذِينَ بَعَثَ ، وَذَكَرَ الْيَتِيمَ ذَا الْمَقْرَبَةِ وَالْمِسْكِينَ ذَا الْمَتْرَبَةِ ، كُلُّ هَؤُلَاءِ هَكَذَا ، لَمْ يَكُنْ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا صَالِحُ مَنْ مَضَى لِيَدَعُوا حَقًّا فَرَضَهُ اللهُ عز وجل لِذِي قَرَابَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَيَقُومُونَ لَهُمْ بِحَقِّ اللهِ فِيهِ كَمَا قَالَ «أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ» وَأَحْكَامَ الْقُرْآنِ ، وَلَقَدْ أَمْضَوْا عَلَى ذَلِكَ عَطَايَا مِنْ عَطَايَا وَضَعَهَا فِي أَفْيَاءِ النَّاسِ وَإِنَّ بَعْضَ مَنْ أُعْطِي مِنْ تِلْكَ الْعَطَايَا لَمَنْ هُوَ عَلَى غَيْرِ دِينِ الْإِسْلَامِ ، فَأَمْضَوْا ذَلِكَ لَهُمْ ، فَمَنْ زَعَمَ غَيْرَ هَذَا كَانَ مُفْتَرِيًا مُتَقَوِّلًا عَلَى اللهِ عز وجل وَرَسُولِهِ ، وَصَالِحِ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا غَيْرَ الْحَقِّ ، وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ يَقُولُ فِي الْخُمُسِ: إِنَّ اللهَ عز وجل فَرَضَهُ فَرَائِضَ مَعْلُومَةً ، فِيهَا حَقُّ مَنْ سَمَّى ، فَإِنَّ الْخُمُسَ فِي هَذَا الْأَمْرِ بِمَنْزِلَةِ الْمَغْنَمِ ، وَقَدْ آتَى اللهُ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم سَبْيًا ، فَأَخَذَ مِنْهُ أُنَاسًا ، وَتَرَكَ ابْنَتَهُ ، وَقَدْ أَرَتْهُ يَدَيْهَا مِنْ مَحَلِّ الرَّحَى ، فَوَكَلَهَا إِلَى ذِكْرِ اللهِ تَعَالَى وَالتَّسْبِيحِ ، فَهَذِهِ ادَّعَتْ حَقًّا لِقَرَابَتِهِ ، وَلَوْ كَانَ هَذَا الْخُمُسُ وَالْفَيْءُ ، عَلَى مَا ظَنَّ مَنْ يَقُولُ هَذَا الْقَوْلَ ، كَانَ ذَلِكَ حَيْفًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ ، وَاعْتِزَامًا لِمَا أَفَاءَ اللهُ عَلَيْهِمْ ، وَلَمَا عُطِّلَ قَسْمُ ذَلِكَ فِيمَنْ يَدَّعِي فِيهِ بِالْقَرَابَةِ وَالنَّسَبِ وَالْوِرَاثَةِ ، وَلَدَخَلَتْ فِيهِ سُهْمَانُ الْعَصَبَةِ وَالنِّسَاءُ أُمَّهَاتُ الْأَوْلَادِ ، وَيَرَى مَنْ تَفَقَّهَ فِي الدِّينِ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُوَافِقٍ لِقَوْلِ اللهِ عز وجل لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم {قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ} [سبأ: 47] وَ {مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} [ص: 86] وَقَوْلِ الْأَنْبِيَاءِ لِقَوْمِهِمْ مِثْلَ ذَلِكَ ، وَمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِيَدَّعِيَ مَا لَيْسَ لَهُ ، وَلَا لِيَدَعَ حَظًّا وَلَا قَسْمًا لِنَفْسِهِ وَلَا لِغَيْرِهِ ، وَاخْتَارَهُ اللهُ لَهُمْ وَامْتَنَّ عَلَيْهِمْ فِيهِ ، وَلَا لِيَحْرِمَهُمْ إِيَّاهُ ، وَلَقَدْ سَأَلَهُ نِسَاءُ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ ، الْفِكَاكَ وَتَخْلِيَةَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ سَبَايَاهُمْ ، بَعْدَمَا كَانُوا فَيْئًا ، فَفَكَّكَهُمْ وَأَطْلَقَهُمْ ،

⦗ص: 296⦘

وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَسْأَلُ مِنْ أَنْعَامِهِمْ شَجَرَةً بِرِدَائِهِ ، فَظَنَّ أَنَّهُمْ نَزَعُوهُ عَنْهُ «لَوْ كَانَ عَدَدُ شَجَرِ تِهَامَةَ نَعَمًا لَقَسَمْتُهُ بَيْنَكُمْ ، وَمَا أَنَا بِأَحَقَّ بِهِ مِنْكُمْ بِقَدْرِ وَبَرَةٍ آخُذُهَا مِنْ كَاهِلِ الْبَعِيرِ إِلَّا الْخُمُسَ ، فَإِنَّهُ مَرْدُودٌ فِيكُمْ» ، فَفِي هَذَا بَيَانُ مَوَاضِعِ الْفَيْءِ الَّتِي وَجَّهَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِ ، بِحُكْمِ اللهِ تَعَالَى ، وَعَدْلِ قَضَائِهِ ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ هَذَا ، أَوْ أَلْحَدَ فِيهِ ، وَسَمَّى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِغَيْرِ مَا سَمَّاهُ بِهِ رَبُّهُ ، كَانَ بِذَلِكَ مُفْتَرِيًا مُكَذِّبًا ، مُحَرِّفًا لِقَوْلِ اللهِ عز وجل عَنْ مَوَاضِعِهِ ، مُصِرًّا بِذَلِكَ وَمَنْ تَابَعَهُ عَلَيْهِ عَلَى التَّكْذِيبِ ، وَإِلَى مَا صَارَ إِلَيْهِ ضَلَالُ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ الَّذِينَ يَدَّعُونَ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَقَالَ آخَرُونَ إِنَّمَا جَعَلَ اللهُ أَمْرَ الْخُمُسِ إِلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم لِيَضَعَهُ فِيمَنْ رَأَى وَضْعَهُ فِيهِ ، مِنْ قَرَابَتِهِ ، غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا ، مَعَ مَنْ أَمَرَ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنَ الْخُمُسِ سِوَاهُمْ ، مِمَّنْ تَبَيَّنَ فِي آيَةِ الْخُمُسِ ، وَلِذَلِكَ أَمَرَهُ فِي آيَةِ الْفَيْءِ أَيْضًا ، فَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي هَذَا ، الِاخْتِلَافَ الَّذِي وَصَفْنَا ، وَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ فِي ذَلِكَ ، لِنَسْتَخْرِجَ مِنْ أَقْوَالِهِمْ هَذِهِ ، قَوْلًا صَحِيحًا ، فَاعْتَبَرْنَا قَوْلَ مَنْ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَعْطَى مِنْ قَرَابَتِهِ مَنْ أَعْطَى ، مَا أَعْطَاهُ بِحَقٍّ وَاجِبٍ لَهُمْ لَمْ يَذْكُرِ اللهُ إِيَّاهُمْ فِي آيَةِ الْغَنَائِمِ ، وَفِي آيَةِ الْفَيْءِ ، فَوَجَدْنَا هَذَا الْقَوْلَ فَاسِدًا ، لِأَنَّا رَأَيْنَاهُ صلى الله عليه وسلم أَعْطَى قَرَابَةً وَمَنَعَ قَرَابَةً ، فَلَوْ كَانَ مَا أَضَافَهُ اللهُ عز وجل إِلَيْهِمْ فِي آيَةِ الْغَنَائِمِ ، وَفِي آيَةِ الْفَيْءِ ، عَلَى طَرِيقِ الْفَرْضِ مِنْهُ لَهُمْ ، إِذًا لَمَا حَرَمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهُمْ أَحَدًا ، وَلَعَمَّهُمْ بِمَا جَعَلَ اللهُ لَهُمْ ، حَتَّى لَا يَكُونَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ خَارِجًا عَمَّا أَمَرَهُ اللهُ بِهِ فِيهِمْ ، أَلَا يَرَى أَنَّ رَجُلًا لَوْ أَوْصَى لِذِي قَرَابَةِ فُلَانٍ بِثُلُثِ مَالِهِ ، وَهُمْ يَخُصُّونَ وَيَعْرِفُونَ أَنَّ الْقَائِمَ بِوَصِيَّتِهِ لَيْسَ لَهُ وَضْعُ الثُّلُثِ فِي بَعْضِ الْقَرَابَةِ دُونَ بَقِيَّتِهِمْ ، حَتَّى يَعُمَّهُمْ جَمِيعًا بِالثُّلُثِ الَّذِي يُوصِي لَهُمْ بِهِ ، وَيُسَوِّي بَيْنَهُمْ فِيهِ ، وَإِنْ فَعَلَ فِيهِ مَا سِوَى ذَلِكَ ، كَانَ مُخَالِفًا لِمَا أَمَرَ بِهِ ، وَحَاشَ لِلَّهِ ، أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي شَيْءٍ مِنْ فِعْلِهِ لِمَا أَمَرَهُ اللهُ بِهِ مُخَالِفًا ، وَلِحُكْمِهِ تَارِكًا ، فَلَمَّا كَانَ مَا أَعْطَى مِمَّا صَرَفَهُ فِي ذَوِي قُرْبَاهُ ، لَمْ يَعُمَّ بِهِ قَرَابَتَهُ كُلَّهَا ، اسْتَحَالَ بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ اللهُ عز وجل ، لِقَرَابَتِهِ صلى الله عليه وسلم مَا قَدْ مَنَعَهُمْ مِنْهُ ، لِأَنَّ قَرَابَتَهُ لَوْ كَانَ جُعِلَ لَهُمْ شَيْءٌ بِعَيْنِهِ ، كَانُوا كَذَوِي قَرَابَةِ فُلَانٍ الْمُوصِي لَهُمْ بِثُلُثِ الْمَالِ ، الَّذِي لَيْسَ لِلْوَصِيِّ مَنْعُ بَعْضِهِمْ وَلَا إِيثَارُ أَحَدِهِمْ دُونَ أَحَدٍ ، فَبَطَلَ بِذَلِكَ ، هَذَا الْقَوْلُ ، ثُمَّ اعْتَبَرْنَا قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا: لَمْ يَجِبْ لِذِي قَرَابَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَقٌّ فِي آيَةِ الْفَيْءِ ، وَلَا فِي آيَةِ الْغَنَائِمِ ، وَإِنَّمَا وَكَّدَ أَمْرَهُ بِذِكْرِ اللهِ إِيَّاهُمْ ، أَيْ: فَيُعْطَوْنَ لِقَرَابَتِهِمْ وَلِفَقْرِهِمْ ، وَلِحَاجَتِهِمْ ، فَوَجَدْنَا هَذَا الْقَوْلَ فَاسِدًا لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ كَمَا قَالُوا ، لَمَا أَعْطَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَغْنِيَاءَ بَنِي هَاشِمٍ ، مِنْهُمُ الْعَبَّاسُ

⦗ص: 297⦘

بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رِضْوَانُ اللهُ عَلَيْهِمْ ، فَقَدْ أَعْطَاهُ مَعَهُمْ ، وَكَانَ مُوسِرًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ ، حَتَّى لَقَدْ تَعَجَّلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذِي الْقُرْبَى لَيْسَ لِلْفَقْرِ ، لَكِنْ لِمَعْنًى سِوَاهُ ، وَلَوْ كَانَ لِلْفَقْرِ أَعْطَاهُمْ ، لَكَانَ مَا أَعْطَاهُمْ مَا سَبِيلُهُ سَبِيلَ الصَّدَقَةِ ، وَالصَّدَقَةُ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ

ص: 293

5404 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ: ثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ ، عَنْ أَبِي الْحَوْرَاءِ السَّعْدِيِّ ، قَالَ:" قُلْتُ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رضي الله عنهما مَا تَحْفَظُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: أَذْكُرُ أَنِّي أَخَذْتُ تَمْرَةً مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ ، فَجَعَلْتُهَا فِي فِيَّ ، فَأَخْرَجَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَلْقَاهَا فِي التَّمْرِ ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ ، مَا كَانَ عَلَيْكَ فِي هَذِهِ التَّمْرَةِ لِهَذَا الصَّبِيِّ ، فَقَالَ: إِنَّا ، آلَ مُحَمَّدٍ ، لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ "

5405 -

حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَا: ثنا أَبُو عَاصِمٍ ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُمَارَةَ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ سِنَانٍ ، قَالَ: قُلْتُ لِلْحَسَنِ ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي آخِرِهِ «وَلَا لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِهِ»

ص: 297

5406 -

حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُؤَذِّنُ ، قَالَ: ثنا أَسَدُ بْنُ مُوسَى ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ وَسَعِيدٌ ابْنَا زَيْدٍ ، عَنْ أَبِي جَهْضَمٍ مُوسَى بْنِ سَالِمٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم قَالَ:" دَخَلْنَا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، فَقَالَ: مَا اخْتَصَّنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِشَيْءٍ دُونَ النَّاسِ إِلَّا بِثَلَاثٍ: إِسْبَاغِ الْوُضُوءِ ، وَأَنْ لَا نَأْكُلَ الصَّدَقَةَ ، وَأَنْ لَا نُنْزِيَ الْحُمُرَ عَلَى الْخَيْلِ "

ص: 297

5407 -

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ: ثنا أَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ ، قَالَ: ثنا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ ، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ ،

5408 -

وَحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ ، قَالَ:" أَخَذَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ رضي الله عنهما تَمْرَةً مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ ، فَأَدْخَلَهَا فِي فِيهِ ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: كِخْ كِخْ ، أَلْقِهَا أَلْقِهَا ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّا لَا نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ "

ص: 297

5409 -

حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَا: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ ، عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي إِبِلٍ سَائِمَةٍ «فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ ابْنَةُ لَبُونٍ ، مَنْ أَعْطَاهَا مُؤْتَجِرًا ، فَلَهُ أَجْرُهَا ، وَمَنْ مَنَعَهَا فَأَنَا آخِذُهَا مِنْهُ وَشَطْرَ إِبِلِهِ ، عَزْمَةٌ مِنْ عَزَمَاتِ رَبِّنَا ، لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ مِنَّا مِنْهَا شَيْءٌ»

ص: 297

5410 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ ، قَالَ: ثنا الْحَكَمُ بْنُ مَرْوَانَ الضَّرِيرُ ، ح

5411 -

وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ ، قَالَا: ثنا مَعْرُوفُ بْنُ وَاصِلٍ السَّعْدِيُّ ، قَالَ: سَمِعْتُ حَفْصَةَ فِي سَنَةِ تِسْعِينَ قَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ فِي حَدِيثِهِ: ابْنَةُ طَلْقٍ تَقُولُ: ثنا رُشَيْدُ بْنُ مَالِكٍ أَبُو عَمِيرَةَ قَالَ: " كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَتَى بِطَبَقٍ عَلَيْهِ تَمْرٌ، فَقَالَ: أَصَدَقَةٌ أَمْ هَدِيَّةٌ؟ فَقَالَ: بَلْ صَدَقَةٌ. قَالَ: فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيِ الْقَوْمِ وَالْحَسَنُ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَأَخَذَ الصَّبِيُّ تَمْرَةً فَجَعَلَهَا فِي فِيهِ ، فَأَدْخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أُصْبُعَهُ وَجَعَلَهُ يَتَرَفَّقُ بِهِ ، فَأَخْرَجَهَا ، فَقَذَفَهَا ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّا آلَ مُحَمَّدٍ لَا نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ "

ص: 297

5412 -

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ حَكِيمٍ الْأَوْدِيُّ ، قَالَ أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عِيسَى ،

⦗ص: 298⦘

عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ:" دَخَلْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَيْتَ الصَّدَقَةِ ، فَتَنَاوَلَ الْحَسَنُ تَمْرَةً، فَأَخْرَجَهَا مِنْ فِيهِ وَقَالَ: إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ ".

5413 -

حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَصْبَهَانِيُّ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ:«إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ» وَلَمْ يَشُكَّ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ رضي الله عنه: أَفَلَا يَرَى أَنَّ الصَّدَقَةَ الَّتِي تَحِلُّ لِسَائِرِ الْفُقَرَاءِ مِنْ غَيْرِ بَنِي هَاشِمٍ مِنْ جِهَةِ الْفَقْرِ ، لَا تَحِلُّ لِبَنِي هَاشِمٍ مِنْ حَيْثُ تَحِلُّ لِغَيْرِهِمْ ، فَكَذَلِكَ الْفَيْءُ وَالْغَنِيمَةُ ، لَوْ كَانَ مَا يُعْطَوْنَ مِنْهَا عَلَى جِهَةِ الْفَقْرِ ، إِذًا لَمَا حَلَّ لَهُمْ ، فَأَمَّا مَا احْتَجَّ بِهِ أَهْلُ هَذَا الْقَوْلِ لِقَوْلِهِمْ ، مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَاطِمَةَ بِالتَّسْبِيحِ ، عِنْدَمَا سَأَلَتْهُ أَنْ يُخْدِمَهَا خَادِمًا عِنْدَ قُدُومِ السَّبْيِ عَلَيْهِ ، فَوَكَّلَهَا إِذًا ، بِمَا أَمَرَهَا بِهِ مِنَ التَّسْبِيحِ وَلَمْ يُخْدِمْهَا مِنَ السَّبْيِ أَحَدًا ، فَذَكَرَ فِي ذَلِكَ مَا:

ص: 297

5414 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادٍ ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ ، عَنِ الْحَكَمِ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى يُحَدِّثُ عَنْ عَلِيٍّ " أَنَّ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَتَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَشْكُو إِلَيْهِ أَثَرَ الرَّحَى فِي يَدَيْهَا ، وَبَلَغَهَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَتَاهُ سَبْيٌ ، فَأَتَتْهُ تَسْأَلُهُ خَادِمًا ، فَلَمْ تَلْقَهُ وَلَقِيَتْهَا عَائِشَةُ رضي الله عنهما ، فَأَخْبَرَتْهَا الْحَدِيثَ ، فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَتْهُ بِذَلِكَ ، قَالَ: فَأَتَانَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا ، فَذَهَبْنَا أَنْ نَقُومَ فَقَالَ:«أَلَا أَدُلُّكُمَا عَلَى خَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَا؟ تُكَبِّرَانِ اللهَ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ ، وَتُسَبِّحَانِ اللهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ ، وَتَحْمَدَانِ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ ، إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا ، فَإِنَّهُ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ»

ص: 298

5415 -

حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُؤَذِّنُ ، قَالَ: ثنا أَسَدُ بْنُ مُوسَى ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ ، عَنْ أَبِيهِ ، " عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ لِفَاطِمَةَ ذَاتَ يَوْمٍ: قَدْ جَاءَ اللهُ أَبَاكِ بِسَعَةٍ مِنْ رَقِيقٍ فَاسْتَخْدِمِيهِ. فَأَتَتْهُ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: وَاللهِ لَا أُعْطِيكُمَا ، وَأَدَعَ أَهْلَ الصُّفَّةِ يَطْوُونَ بُطُونَهُمْ وَلَا أَجِدُ مَا أُنْفِقُ عَلَيْهِمْ ، وَلَكِنْ أَبِيعُهَا وَأُنْفِقُ عَلَيْهِمْ ، أَلَا أَدُلُّكُمَا عَلَى خَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَا عَلَّمَنِيهِ جِبْرِيلُ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ كَبِّرَا فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ عَشْرًا ، وَاحْمَدَا عَشْرًا ، وَسَبِّحَا عَشْرًا، فَإِذَا أَوَيْتُمَا إِلَى فِرَاشِكُمَا. ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ مَا ذَكَرَ فِي حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ شُعَيْبٍ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: أَفَلَا يَرَى أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُخْدِمْهَا مِنَ السَّبْيِ خَادِمًا ، وَلَوْ كَانَ لَهَا فِيهِ حَقٌّ بِمَا ذَكَرَ اللهُ مِنْ ذَوِي الْقُرْبَى فِي آيَةِ الْغَنِيمَةِ ، وَفِي آيَةِ الْفَيْءِ إِذًا لَمَا مَنَعَهَا مِنْ ذَلِكَ وَآثَرَ غَيْرَهَا عَلَيْهَا ، أَلَا تَرَاهُ يَقُولُ:«وَاللهِ لَا أُعْطِيكُمَا وَأَدَعَ أَهْلَ الصُّفَّةِ يَطْوُونَ بُطُونَهُمْ ، وَلَا أَجِدُ مَا أُنْفِقُ عَلَيْهِمْ» ، قِيلَ لَهُ: مَنْعُهُ إِيَّاهَا ، يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ قَرَابَةٌ ، وَلَكِنَّهَا كَانَتْ عِنْدَهُ أَقْرَبَ مِنَ الْقَرَابَةِ ، لِأَنَّ الْوَلَدَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ هُوَ قَرَابَةُ أَبِيهِ ، وَإِنَّمَا الْقَرَابَةُ مِنْ بَعْدِ الْوَلَدِ ،

⦗ص: 299⦘

أَلَا يَرَى إِلَى قَوْلِ اللهِ عز وجل فِي كِتَابِهِ: «قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ» فَجَعَلَ الْوَالِدَيْنِ غَيْرَ الْأَقْرَبِينَ ، فَكَمَا كَانَ الْوَالِدَانِ يَخْرُجَانِ مِنْ قَرَابَةِ وَلَدِهِمَا ، فَكَذَلِكَ وَلَدُهُمَا يَخْرُجُ مِنْ قَرَابَتِهِمَا ، وَلَقَدْ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ فِي رَجُلٍ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِذِي قَرَابَةِ فُلَانٍ: إِنَّ وَالِدَيْهِ وَوَلَدَهُ لَا يَدْخُلُونَ فِي ذَلِكَ ، لِأَنَّهُمْ أَقْرَبُ مِنَ الْقَرَابَةِ ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُعْطِ فَاطِمَةَ مَا سَأَلَتْهُ لِهَذَا الْمَعْنَى ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا فِي غَيْرِ فَاطِمَةَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ مِثْلُ هَذَا أَيْضًا ، فَذَكَرَ مَا

ص: 298

5416 -

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ ، قَالَ: ثنا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَيَّاشُ بْنُ عُقْبَةَ ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْفَضْلُ بْنُ الْحَسَنِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَكِيمِ أَنَّ أُمَّهُ حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا ذَهَبَتْ هِيَ وَأُمُّهَا حَتَّى دَخَلَتَا عَلَى فَاطِمَةَ رضي الله عنها ، فَخَرَجْنَ جَمِيعًا ، فَأَتَيْنَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ أَقْبَلَ مِنْ بَعْضِ مَغَازِيهِ ، وَمَعَهُ رَقِيقٌ ، فَسَأَلْنَهُ أَنْ يُخْدِمَهُنَّ، فَقَالَ: صَرِيعُكُنَّ يَتَامَى أَهْلِ بَدْرٍ "

ص: 299

5417 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ ، قَالَ أَمْلَى عَلَيْنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ ، عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عُقْبَةَ الْحَضْرَمِيِّ ، أَنَّ الْفَضْلَ بْنَ الْحَسَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ ، حَدَّثَهُ أَنَّ ابْنَ أُمِّ الْحَكِيمِ أَوْ ضُبَاعَةَ ابْنَتَيِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، حَدَّثَهُ عَنْ إِحْدَاهُمَا أَنَّهَا قَالَتْ:«أَصَابَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَبْيًا ، فَذَهَبْتُ أَنَا وَأُخْتِي فَاطِمَةُ ابْنَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ مَا نَحْنُ فِيهِ ، وَسَأَلْنَا أَنْ يُعْطِيَنَا شَيْئًا مِنَ السَّبْيِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَبَقَكُنَّ يَتَامَى بَدْرٍ ، وَلَكِنْ سَأَدُلُّكُنَّ عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَكُنَّ ، تُكَبِّرْنَ اللهَ عَلَى إِثْرِ كُلِّ صَلَاةٍ ، ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ تَكْبِيرَةً ، وَثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ تَسْبِيحَةً ، وَثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ تَحْمِيدَةً ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمَلِكُ وَلَهُ الْحَمْدُ ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، وَاحِدَةٌ ،» قَالَ عَيَّاشٌ: وَهُمَا ابْنَتَا عَمِّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

5418 -

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ ، قَالَ: ثنا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: وَلَا أَدْرِي ، مَا اسْمُ الرَّجُلِ ، وَلَا اسْمُ أَبِيهِ؟ ، قِيلَ لَهُ: لَيْسَ هَذَا حُجَّةً لَكَ عَلَى مَنْ أَوْجَبَ سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى ، لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُوجِبُهُ لِمَنْ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِيثَارَهُ بِهِ ، فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ آثَرَ بِهِ ذَا قُرْبَاهُ مِنْ يَتَامَى أَهْلِ بَدْرٍ ، وَمِنَ الضُّعَفَاءِ الَّذِينَ قَدْ صَارُوا لِضَعْفِهِمْ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ ، فَلَمَّا انْتَفَى قَوْلُ مَنْ رَأَى سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى وَاحِدٌ بِجُمْلَتِهِمْ ، عَلَى أَنَّهُمْ عِنْدَهُ بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ خَاصَّةً ، لَا يُتَخَطَّوْنَ إِلَى غَيْرِهِمْ وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّ حَقَّ ذَوِي الْقُرْبَى فِي خُمُسٍ فِي الْغَنَائِمِ ، وَفِي الْفَيْءِ بِفَقْرِهِمْ وَلِحَاجَتِهِمْ ، بِمَا احْتَجَجْنَا بِهِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْقَوْلَيْنِ ، ثَبَتَ الْقَوْلُ الْآخَرُ ، وَهُوَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ كَانَ لَهُ أَنْ يَخُصَّ بِهِ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ ،

⦗ص: 300⦘

وَيَحْرِمَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَمَا دَلِيلُكَ عَلَى ذَلِكَ؟ قِيلَ لَهُ: قَدْ ذَكَرْنَا مِنَ الدَّلَائِلِ عَلَى ذَلِكَ ، فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ ، مَا يُغْنِينَا عَنْ إِعَادَتِهِ هَاهُنَا ، مَعَ أَنَّا نَزِيدُ فِي ذَلِكَ بَيَانًا أَيْضًا

ص: 299

5419 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ ، قَالَ: ثنا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ ، حَدَّثَهُ ، أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ بْنَ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ حَدَّثَهُ قَالَ:" اجْتَمَعَ رَبِيعُهُ بْنُ الْحَارِثِ وَالْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَا: لَوْ بَعَثْنَا هَذَيْنِ الْغُلَامَيْنِ، لِي وَالْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَلَى الصَّدَقَةِ فَأَدَّيَا مَا يُؤَدِّي النَّاسُ وَأَصَابَا مَا يُصِيبُ النَّاسُ ، قَالَ: فَبَيْنَا هُمَا فِي ذَلِكَ ، جَاءَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَوَقَفَ عَلَيْهِمَا ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ عَلِيٌّ: لَا تَفْعَلَا ، فَوَاللهِ مَا هُوَ بِفَاعِلٍ ، فَقَالَا: مَا يَمْنَعُكَ هَذَا إِلَّا نَفَاسَةٌ عَلَيْنَا ، فَوَاللهِ لَقَدْ نِلْتُ صِهْرَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَمَا نَفِسْنَا عَلَيْكَ ، فَقَالَ عَلِيٌّ: أَنَا أَبُو حَسَنٍ ، أَرْسِلَاهُمَا فَانْطَلَقَا وَاضْطَجَعَ ، فَلَمَّا صَلَّى صلى الله عليه وسلم الظُّهْرَ ، سَبَقْنَاهُ إِلَى الْحُجْرَةِ فَقُمْنَا عِنْدَهَا حَتَّى جَاءَ فَأَخَذَ بِآذَانِنَا فَقَالَ أَخْرِجَا مَا تُضْمِرَانِ ثُمَّ دَخَلَ وَدَخَلْنَا عَلَيْهِ ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ عِنْدَ زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ فَتَوَاكَلْنَا الْكَلَامَ ، ثُمَّ تَكَلَّمَ أَحَدُنَا فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ ، أَنْتَ أَبَرُّ النَّاسِ وَأَوْصَلُ النَّاسِ وَبَلَغْنَا النِّكَاحَ ، وَقَدْ جِئْنَاكَ لِتُؤَمِّرَنَا عَلَى بَعْضِ الصَّدَقَاتِ فَنُؤَدِّيَ إِلَيْكَ كَمَا يُؤَدُّونَ ، وَنُصِيبَ كَمَا يُصِيبُونَ فَسَكَتَ حَتَّى أَرَدْنَا أَنْ نُكَلِّمَهُ ، وَجَعَلَتْ زَيْنَبُ تَلْمَعُ إِلَيْنَا مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ: أَنْ لَا تُكَلِّمَاهُ ، فَقَالَ إِنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَنْبَغِي لِآلِ مُحَمَّدٍ إِنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ ، ادْعُ إِلَيَّ مَحْمِيَّةَ ، وَكَانَ عَلَى الْخُمُسِ ، وَنَوْفَلَ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَجَاءَاهُ ، فَقَالَ لِمَحْمِيَّةَ: أَنْكِحْ هَذَا الْغُلَامَ ابْنَتَكَ، لِلْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ ، فَأَنْكَحَهُ ، وَقَالَ لِنَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ: أَنْكِحْ هَذَا الْغُلَامَ، فَأَنْكَحَنِي، فَقَالَ لِمَحْمِيَّةَ: أَصْدِقْ عَنْهُمَا مِنَ الْخُمُسِ كَذَا وَكَذَا " أَفَلَا يَرَى أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ مَحْمِيَّةَ أَنْ يُصْدِقَ عَنْهُمَا مِنَ الْخُمُسِ ، وَلَمْ يَقْسِمِ الْخُمُسَ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ عَدَدِ بَنِي هَاشِمٍ ، وَبَنِي الْمُطَّلِبِ ، فَيُعْلَمُ مِقْدَارُ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ أَتَى مَا سَمَّى اللهُ لِذَوِي الْقُرْبَى فِي الْآيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا ، فِي صَدْرِ كِتَابِنَا هَذَا ، لَيْسَ لِقَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ لِقَرَابَتِهِمْ ، لَوْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ إِذًا لَوَجَبَ التَّسْوِيَةُ فِيهِ بَيْنَهُمْ ، وَإِذًا لَمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَحْبِسُهُ فِي يَدِ مَحْمِيَّةَ دُونَ أَهْلِهِ حَتَّى يَضَعَهُ فِيهِمْ ، كَمَا لَمْ يَحْبِسْ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ الْغَنَائِمِ عَنْ أَهْلِهَا وَلَمْ يُوَلِّ عَلَيْهَا حَافِظًا دُونَ أَهْلِهَا ، فَفِي تَوْلِيَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْخُمُسِ مِنَ الْغَنَائِمِ مَنْ يَحْفَظُهُ حَتَّى يَضَعَهُ فِيمَنْ يَأْمُرُهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَوَضْعُهُ ، فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ حُكْمَهُ إِلَيْهِ فِيمَنْ يَرَى فِي ذَوِي قُرْبَاهُ وَلَوْ كَانَ لِذَوِي الْقُرْبَى حَقٌّ بِعَيْنِهِ ، لَا يَجُوزُ أَنْ يُصْرَفَ سَهْمٌ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَظُّهُ مِنْهُ إِلَى مَنْ سِوَاهُ ، وَإِنْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى ، لَمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَحْبِسُ حَقًّا لِلْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ

⦗ص: 301⦘

بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَلَا لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ وَلَا عَنْ غَيْرِهِمَا ، حَتَّى يُؤَدِّيَ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَقَّهُ ، وَلَمَا احْتَاجَ الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ وَعَبْدُ الْمُطَّلِبِ بْنُ رَبِيعَةَ أَنْ يُصَدِّقَ عَنْهُمَا شَيْئًا قَدْ جَعَلَهُ اللهُ لَهُمَا بِالْآيَةِ الَّتِي ذَكَرَهُمْ فِيهَا ، فَفِي انْتِفَاءِ مَا ذَكَرْنَا ، دَلِيلٌ صَحِيحٌ وَحُجَّةٌ قَائِمَةٌ ، أَنَّ مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم جَعَلَهُ فِي ذَوِي قُرْبَاهُ الَّذِينَ جَعَلَهُ فِيهِمْ ، وَمَا قَدْ كَانَ لَهُ صَرْفُهُ عَنْهُمْ إِلَى ذَوِي قُرْبَاهُ مِثْلُهُمْ ، وَإِنَّ بَعْضَهُمْ لَمْ يَكُنْ أَوْلَى بِهِ مِنْ بَعْضٍ ، إِلَّا مَنْ رَأَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَضْعَهُ فِيهِ مِنْهُمْ ، فَيَكُونُ بِذَلِكَ أَوْلَى مِمَّنْ رَأَى يُحْظِيهِ بِهِ مِنْهُمْ ، وَفِي ذَلِكَ أَيْضًا حُجَّةٌ أُخْرَى وَهِيَ:

أَنَّ فَهْدَ بْنَ سُلَيْمَانَ بْنِ يَحْيَى قَدْ:

ص: 300

5420 -

حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ بُدَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بِلْقَيْنَ قَالَ:" أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِوَادِي الْقُرَى ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، لِمَنِ الْمَغْنَمُ؟ فَقَالَ لِلَّهِ سَهْمٌ ، وَلِهَؤُلَاءِ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ ، قُلْتُ: فَهَلْ أَحَدٌ أَحَقُّ بِشَيْءٍ مِنَ الْمَغْنَمِ مِنْ أَحَدٍ؟ قَالَ لَا ، حَتَّى السَّهْمُ يَأْخُذُهُ أَحَدُكُمْ مِنْ جَنْبِهِ فَلَيْسَ بِأَحَقَّ بِهِ مِنْ أَخِيهِ "

5421 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ، قَالَ: ثنا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ ، قَالَ: ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بُلْقِينَ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلُهُ

ص: 301

5422 -

حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ ، قَالَ: ثنا أَسَدُ بْنُ مُوسَى ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ قَالَ:" كُنْتُ أَقْعُدُ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فَقَالَ إِنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ لَمَّا أَتَوُا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنِ الْقَوْمُ؟ أَوْ مَنِ الْوَفْدُ؟ قَالُوا: رَبِيعَةُ ، قَالَ مَرْحَبًا بِالْقَوْمِ ، أَوْ بِالْوَفْدِ ، غَيْرَ خَزَايَا وَلَا نَادِمِينَ ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّا لَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نَأْتِيَكَ إِلَّا فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ ، فَمُرْنَا بِأَصْلٍ فَصْلٍ نُخْبِرُ بِهِ مَنْ وَرَاءَنَا وَنَدْخُلُ بِهِ الْجَنَّةَ ، قَالَ أَتَدْرُونَ مَا الْإِيمَانُ بِاللهِ وَحْدَهُ؟ قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ ، وَإِقَامُ الصَّلَاةِ ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ ، وَصِيَامُ رَمَضَانَ ، وَأَنْ يُعْطُوا مِنَ الْمَغْنَمِ الْخُمُسَ "

ص: 301

5423 -

حَدَّثَنَا رَبِيعٌ الْمُؤَذِّنُ ، قَالَ: ثنا أَسَدٌ ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: " قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَعَلِمَ أَنَّهُ قَدْ أَضَافَ الْخُمُسَ مِنَ الْغَنِيمَةِ إِلَى اللهِ عز وجل ، وَلَمْ يُضِفْ إِلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهَا ، وَأَنَّ مَا سِوَاهُ مِنْهَا لِقَوْمٍ بِغَيْرِ أَعْيَانِهِمْ ، يَضَعُهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِمْ عَلَى مَا يَرَى وَلَوْ كَانَ لِذِي الْقُرْبَى الْمَعْلُومِ عَدَدُهُمْ ، لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ أَفَلَا يَرَى أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، كَانَ يَأْخُذُ الْخُمُسَ ، لِيَضَعَهُ فِيمَا يَرَى وَضْعَهُ ، وَيَقْسِمُ مَا بَقِيَ بَعْدَهُ عَلَى السُّهْمَانِ ، فَدَلَّ أَنَّ مَا كَانَ يَقْسِمُهُ عَلَى السُّهْمَانِ أَنَّهُ لِقَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ ، لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مَنْعُهُمْ مِنْهُ ، وَأَنَّ الَّذِي يَأْخُذُهُ ، لَا يَقْسِمُهُ حَتَّى يُدْخِلَ فِيهِ رَأْيَهُ هُوَ الَّذِي لَيْسَ لِقَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ ، وَأَنَّهُ مَرْدُودٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى يَضَعَهُ فِيمَا يَرَى ثُمَّ تَكَلَّمَ النَّاسُ فِي حُكْمِ مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَضَعُهُ فِي ذَوِي قُرْبَاهُ فِي حَيَاتِهِ ، كَيْفَ حُكْمُهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ قَائِلُونَ: هُوَ رَاجِعٌ مِنْ قَرَابَتِهِ إِلَى قَرَابَةِ الْخَلِيفَةِ مِنْ بَعْدِهِ

⦗ص: 302⦘

وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ لِبَنِي هَاشِمٍ ، وَلِبَنِي الْمُطَّلِبِ خَاصَّةً ، وَقَالَ آخَرُونَ: وَهُمُ الَّذِينَ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ مَا كَانَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِمَنْ رَأَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَضْعَهُ فِيهِ مِنْ قَرَابَتِهِ هُوَ مُنْقَطِعٌ عَنْهُمْ بِوَفَاةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَنَظَرْنَا فِي هَذِهِ الْأَقْوَالِ ، لِنَسْتَخْرِجَ مِنْهَا قَوْلًا صَحِيحًا ، فَرَأَيْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي حَيَاتِهِ فِي الْمَغْنَمِ ، سَهْمُ الصَّفِيِّ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِيهِ ، مَا

ص: 301

5424 -

حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ ، قَالَ: ثنا أَسَدُ بْنُ مُوسَى ، قَالَ: ثنا أَبُو هِلَالٍ الرَّاسِبِيُّ ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: " قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: إِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ هَذَا الْحَيُّ مِنْ مُضَرَ ، وَإِنَّا لَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نَأْتِيَكَ إِلَّا فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ ، فَمُرْنَا بِأَمْرٍ نَأْخُذُ بِهِ ، وَنُحَدِّثُ بِهِ مَنْ بَعْدَنَا ، قَالَ:«آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ ، شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ، وَأَنْ تُقِيمُوا الصَّلَاةَ ، وَتُؤْتُوا الزَّكَاةَ ، وَتُعْطُوا سَهْمَ اللهِ مِنَ الْغَنَائِمِ وَالصُّفَّى ، وَأَنْهَاكُمْ عَنِ الْحَنْتَمِ ، وَالدُّبَّاءِ ، وَالنَّقِيرِ ، وَالْمُزَفَّتِ»

ص: 302

5425 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ مُوسَى ، قَالَ: ثنا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَنَفَّلَ سَيْفَهُ ذَا الْفَقَارِ يَوْمَ بَدْرٍ»

ص: 302

5426 -

حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ يَحْيَى الْهَمْدَانِيُّ ، قَالَ: ثنا أَبُو النَّضْرِ قَالَ: ثنا الْأَشْجَعِيُّ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ مُطَرِّفٍ ، قَالَ:«سَأَلْتُ الشَّعْبِيَّ عَنْ سَهْمِ النَّبِيِّ ، صلى الله عليه وسلم كَسَهْمِ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَكَانَ الصَّفِيُّ يُصَفِّى بِهِ إِنْ شَاءَ عَبْدًا ، وَإِنْ شَاءَ أَمَةً ، وَإِنْ شَاءَ فَرَسًا»

ص: 302

5427 -

حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ ، قَالَ: ثنا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ:«تَنَفَّلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَيْفَهُ ذَا الْفَقَارِ يَوْمًا ، وَهُوَ الَّذِي رَأَى فِيهِ الرُّؤْيَا ، يَوْمَ أُحُدٍ»

ص: 302

5428 -

حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ اللَّيْثِيِّ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ فِيمَا يَحْتَجُّ بِهِ ، «كَانَتْ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثُ صَفَايَا ، بَنِي النَّضِيرِ ، وَخَيْبَرَ ، وَفَدَكَ» فَأَمَّا بَنُو النَّضِيرِ ، فَكَانَتْ ، فَجَزَّأَهَا ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ ، فَقَسَمَ مِنْهَا جُزْءًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَحَبَسَ جُزْءًا لِلنَّفَقَةِ ، فَمَا فَضَلَ عَنْ أَهْلِهِ ، رَدَّهُ إِلَى فُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ رِضْوَانُ اللهُ عَلَيْهِمْ "

ص: 302

5429 -

حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ يَحْيَى الْهَمْدَانِيُّ ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءِ ، قَالَ أَخْبَرَنَا الْجُرَيْرِيُّ ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ ، قَالَ: " بَيْنَمَا أنا مَعَ مُطَرِّفٍ بِأَعْلَى الْمِرْبَدِ ، فِي سُوقِ الْإِبِلِ إِذْ أَتَى عَلَيْنَا أَعْرَابِيٌّ مَعَهُ قِطْعَةُ أَدِيمٍ ، أَوْ قِطْعَةُ جِرَابٍ ، شَكَّ الْجُرَيْرِيُّ ، فَقَالَ: هَلْ فِيكُمْ مَنْ يَقْرَأُ؟ فَقُلْتُ: أَنَا أَقْرَأُ ، قَالَ: هَا ، فَاقْرَأْهُ ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَتَبَهُ لَنَا ،

⦗ص: 303⦘

فَإِذَا فِيهِ مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ ، لِبَنِي زُهَيْرِ بْنِ قَيْسٍ ، حَيٍّ مِنْ عُكْلٍ، إِنَّهُمْ إِنْ شَهِدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ ، وَفَارَقُوا الْمُشْرِكِينَ ، وَأَقَرُّوا بِالْخُمُسِ فِي غَنَائِمِهِمْ ، وَسَهْمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَصَفِيِّهِ ، فَإِنَّهُمْ آمِنُونَ بِأَمَانِ اللهِ ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُهُمْ: هَلْ سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا تُحَدِّثُنَا؟ قَالَ: نَعَمْ ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَذْهَبَ عَنْهُ وَحَرُ الصَّدْرِ ، فَلْيَصُمْ شَهْرَ الصَّبْرِ ، وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ» فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أَنْتَ سَمِعْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَلَا أَرَاكُمْ تَرَوْنَنَا ، أَنِّي أَكْذِبُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ لَا حَدَّثْتُكُمُ الْيَوْمَ حَدِيثًا ، فَأَخَذَهَا ، ثُمَّ انْطَلَقَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَجْمَعُوا جَمِيعًا أَنَّ هَذَا السَّهْمَ لَيْسَ لِلْخَلِيفَةِ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، وَأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ كَالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَلَمَّا كَانَ الْخَلِيفَةُ لَا يَخْلُفُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا كَانَ لَهُ ، مِمَّا خَصَّهُ اللهُ بِهِ دُونَ سَائِرِ الْمُقَاتِلِينَ مَعَهُ ، كَانَتْ قَرَابَتُهُ أَحْرَى أَنْ لَا تَخْلُفَ قَرَابَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فِيمَا كَانَ لَهُمْ فِي حَيَاتِهِ مِنَ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ ، فَبَطَلَ بِهَذَا ، قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّ سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى بَعْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِقَرَابَةِ الْخَلِيفَةِ مِنْ بَعْدِهِ ، ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى مَا قَالَ النَّاسُ ، سِوَى هَذَا الْقَوْلِ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي هَذَا الْفَصْلِ ، فَأَمَّا مَنْ خَصَّ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ دُونَ مَنْ سِوَاهُمْ مِنْ ذَوِي قُرْبَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَجَعَلَ سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى لَهُمْ خَاصَّةً ، فَقَدْ ذَكَرْنَا فَسَادَ قَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ ، فِي كِتَابِنَا هَذَا ، فَأَغْنَانَا ذَلِكَ عَنْ إِعَادَتِهِ هَاهُنَا ، وَكَذَلِكَ مَنْ جَعَلَهُ لِفُقَرَاءِ قَرَابَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم دُونَ أَغْنِيَائِهِمْ ، وَجَعَلَهُمْ كَغَيْرِهِمْ مِنْ سَائِرِ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ، فَقَدْ ذَكَرْنَا أَيْضًا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ ، فَسَادَ قَوْلِهِ ، فَأَغْنَانَا عَنْ إِعَادَتِهِ هَاهُنَا وَبَقِيَ قَوْلُ الَّذِينَ يَقُولُونَ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَهُ أَنْ يَضَعَهُ فِيمَنْ رَأَى وَضْعَهُ فِيهِ ، مِنْ ذَوِي قَرَابَتِهِ وَأَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ لَا يَسْتَحِقُّ مِنْهُ شَيْئًا حَتَّى يُعْطِيَهُ إِيَّاهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قَدْ كَانَ لَهُ أَنْ يَصْطَفِي مِنَ الْمَغْنَمِ لِنَفْسِهِ مَا رَأَى ، فَكَانَ ذَلِكَ مُنْقَطِعًا بِوَفَاتِهِ ، غَيْرَ وَاجِبٍ لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِ وَفَاتِهِ ، فَالنَّظَرُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ ، مَا لَهُ أَنْ يَخُصَّ بِهِ مَنْ رَأَى مِنْ ذَوِي قُرْبَاهُ دُونَ مَنْ سِوَاهُ مِنْ ذَوِي قُرْبَاهُ فِي حَيَاتِهِ ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ إِلَى أَحَدٍ مِنْ بَعْدِ وَفَاتِهِ ، وَلَمَّا بَطَلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ إِلَى أَحَدٍ بَعْدَ وَفَاتِهِ ، بَطَلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ السَّهْمُ لِأَحَدٍ مِنْ ذَوِي قَرَابَتِهِ ، بَعْدَ وَفَاتِهِ ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ أَبَى ذَلِكَ عَلَيْكُمْ ، عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا ، ثُمَّ ذَكَرَ

ص: 302

5430 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي ، جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ ، حَدَّثَهُ أَنَّ نَجْدَةَ ، صَاحِبُ الْيَمَامَةِ ، كَتَبَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما ، يَسْأَلُهُ عَنْ سَهْمِ ، ذَوِي الْقُرْبَى ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: إِنَّهُ لَنَا ، وَقَدْ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ دَعَانَا لِيُنْكَحَ مِنْهُ أَيِّمُنَا ، وَيُقْضَى مِنْهُ غَارِمُنَا ، فَأَبَى أَنْ يُسَلِّمَهُ لَنَا كُلَّهُ ، وَرَأَيْنَا أَنَّهُ لَنَا "

ص: 303

5431 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ: ثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ ، قَالَ: ثنا أَبِي ، قَالَ: سَمِعْتُ قَيْسًا يُحَدِّثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ ، قَالَ: كَتَبَ نَجْدَةُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما ، يَسْأَلُهُ عَنْ سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اللهُ عز وجل ، وَفَرَضَ لَهُمْ فَكَتَبَ إِلَيْهِ وَأَنَا شَاهِدٌ كِتَابَهُ: إِنَّهُمْ قَرَابَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَأَبَى ذَلِكَ عَلَيْنَا قَوْمُنَا قِيلَ لَهُ: إِنَّا لَمْ نَدْفَعْ أَنْ يَكُونَ قَدْ خُولِفْنَا فِيمَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ مِمَّا ذَكَرْنَا ، وَلَكِنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ ، رَأَى فِي ذَلِكَ أَنَّ سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى ثَابِتٌ ، وَأَنَّهُمْ بَنُو هَاشِمٍ ، فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَبَعْدَ وَفَاتِهِ ، وَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّ قَوْمَهُ أَبَوْا ذَلِكَ عَلَيْهِ ، وَفِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه ، وَمَنْ تَابَعَهُ مِنْهُمْ رِضْوَانُ اللهُ عَلَيْهِمْ ، وَعَلَى ذَلِكَ فَمِثْلُ مَنْ ذَكَرْنَا ، يَكُونُ قَوْلُهُ مُعَارِضًا لِقَوْلِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا ، وَلَقَدْ

ص: 304

5432 -

حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بِشْرٍ الْخَثْعَمِيِّ ، عَنِ ابْنِ حُمَيْدٍ ، قَالَ: وَقَعَتْ جَرَّةٌ فِيهَا وَرِقٌ مِنْ دَيْرِ حَرْبٍ فَأَتَيْتُ بِهَا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه فَقَالَ " اقْسِمْهَا عَلَى خَمْسَةِ أَخْمَاسٍ فَخُذْ أَرْبَعَةً ، وَهَاتِ خُمُسًا ، فَلَمَّا أَدْبَرْتُ قَالَ: أَفِي نَاحِيَتِكَ مَسَاكِينُ فُقَرَاءُ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ ، قَالَ: فَخُذْهُ ، فَاقْسِمْهُ بَيْنَهُمْ " أَفَلَا يَرَى أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ قَدْ أَمَرَهُ أَنْ يَقْسِمَ الْخُمُسَ مِنَ الرِّكَازِ فِي فُقَرَاءِ نَاحِيَتِهِ ، فَلَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِ دَفْعَ شَيْءٍ مِنْهُ إِلَى أَحَدٍ مِنْ ذَوِي قُرْبَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَهَذَا خِلَافُ مَا كَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما ، رَآهُ فِي ذَلِكَ وَقَدْ

ص: 304

5433 -

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ ، قَالَ: ثنا أَزْهَرُ بْنُ سَعْدٍ السَّمَّانُ ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَيْرُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُمَيَّةَ ، اللهُمَّ أَوْ حَدَّثَ الْقَوْمَ وَأَنَا فِيهِمْ ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ قَالَ: أَرْسَلَ إِلَيَّ عُمَرُ ظُهْرًا ، فَأَتَيْتُهُ فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَى الْبَابِ سَمِعْتُ نَحِيبًا شَدِيدًا ، فَقُلْتُ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ، أَعْيَى عُمَرُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ، فَدَخَلْتُ حَتَّى جِئْتُ فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: لَا بَأْسَ بِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَقَالَ: أَعْجَبَكَ مَا رَأَيْتَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ ، قَالَ: هَا إِنَّ الْخَطَّابَ عَلَى اللهِ لَوْ كَرَّسْنَا عَلَيْهِ ، كَانَ حَذَا إِلَى صَاحِبِي قَبْلِي ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ: اجْلِسْ بِنَا نَتَفَكَّرُ ، فَكَتَبْنَا الْمُحِقِّينَ فِي سَبِيلِ اللهِ ، وَكَتَبْنَا أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَنْ دُونَ ذَلِكَ ، فَأَصَابَ الْمُحِقِّينَ فِي سَبِيلِ اللهِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ ، وَأَصَابَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ ، رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِنَّ ، وَمَنْ دُونَ ذَلِكَ ، أَلْفٌ حَتَّى وَزَّعْنَا الْمَالَ أَفَلَا تَرَى أَنَّ عُمَرَ ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ ، قَدْ سَوَّيَا بَيْنَ الْمُحِقِّينَ ، وَبَيْنَ أَهْلِ الدَّرَجَةِ الَّتِي بَعْدَهُمْ ، وَلَمْ يُدْخِلَا فِي ذَلِكَ ، ذَوِي قُرْبَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِقَرَابَتِهِمْ ، كَمَا أَدْخَلَا الِاسْتِحْقَاقَ بِاسْتِحْقَاقِهِمْ ، وَقَدْ

ص: 304

5434 -

حَدَّثَنَا أَيْضًا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي رَجَاءٍ الْهَاشِمِيُّ ، قَالَ: ثنا أَبُو مَعْشَرٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، مَوْلَى غَفِرَةَ ، قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَوُلِّيَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه ، قَدِمَ عَلَيْهِ مَالٌ مِنَ الْبَحْرَيْنِ ، فَقَالَ: مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عِدَةٌ فَلْيَأْتِنِي ، وَلْيَأْخُذْ ،

⦗ص: 305⦘

فَأَتَى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ فَقَالَ: وَعَدَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَتَاهُ مَالٌ مِنَ الْبَحْرَيْنِ ، أَعْطَانِي هَكَذَا وَهَكَذَا ، وَهَكَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، مِلْءَ كَفَّيْهِ قَالَ: خُذْ بِيَدِكَ ، فَأَخَذَ بِيَدِهِ ، فَوَجَدَهَا خَمْسَمِائَةٍ فَقَالَ: اعْدُدْ إِلَيْهَا أَلْفًا. ثُمَّ أَعْطَى مَنْ كَانَ وَعَدَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا ، ثُمَّ قَسَمَ بَيْنَ النَّاسِ مَا بَقِيَ ، فَأَصَابَ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ ، فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ ، جَاءَهُ مَالٌ كَثِيرٌ أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ ، فَقَسَمَهُ بَيْنَ النَّاسِ ، فَأَصَابَ كُلَّ إِنْسَانٍ عِشْرُونَ دِرْهَمًا ، وَفَضَلَ مِنَ الْمَالِ فَضْلٌ ، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، قَدْ فَضَلَ فَضْلٌ، وَلَكُمْ خَدَمٌ يُعَالِجُونَ لَكُمْ ، وَيَعْمَلُونَ لَكُمْ ، فَإِنْ شِئْتُمْ رَضَخْنَا لَهُمْ ، فَرَضَخَ لَهُمْ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ ، خَمْسَةَ دَرَاهِمَ ، فَقِيلَ: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَوْ فَضَّلْتَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ بِفَضْلِهِمْ ، قَالَ: إِنَّمَا أُجُورُهُمْ عَلَى اللهِ ، إِنَّمَا هَذَا مَغَانِمُ ، وَالْأُسْوَةُ فِي الْمَغَانِمِ أَفْضَلُ مِنَ الْأَثَرَةِ ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه ، وَاسْتُخْلِفَ عُمَرُ ، فُتِحَتْ عَلَيْهِ الْفُتُوحُ ، وَجَاءَهُمْ مَالٌ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ كَانَ لِأَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه فِي هَذَا الْمَالِ رَأْيٌ وَلِي رَأْيٌ آخَرُ ، رَأَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَقْسِمَ بِالسَّوِيَّةِ ، وَرَأَيْتُ أَنْ أُفَضِّلَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ ، وَلَا أَجْعَلُ مَنْ قَاتَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَمَنْ قَاتَلَ مَعَهُ ، فَفَضَّلَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ ، فَجَعَلَ لِمَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنْهُمْ خَمْسَةَ آلَافٍ ، وَمَنْ كَانَ لَهُ إِسْلَامٌ مَعَ إِسْلَامِهِمْ ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ بَدْرًا ، أَرْبَعَةَ آلَافٍ أَرْبَعَةَ آلَافٍ ، وَلِلنَّاسِ عَلَى قَدْرِ إِسْلَامِهِمْ وَمَنَازِلِهِمْ ، وَفَرَضَ لِأَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا ، لِكُلِّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ ، إِلَّا صَفِيَّةَ وَجُوَيْرِيَةَ ، فَرَضَ لَهُمَا سِتَّةَ آلَافٍ ، سِتَّةَ آلَافٍ ، فَأَبَتَا أَنْ تَأْخُذَا ، فَقَالَ: إِنَّمَا فَرَضْتُ لَكُنَّ بِالْهِجْرَةِ ، فَقَالَتَا: إِنَّمَا فَرَضْتُ لَهُنَّ لِمَكَانِهِنَّ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَلَنَا مِثْلُ مَكَانِهِنَّ ، فَأَبْصَرَ ذَلِكَ عُمَرُ رضي الله عنه فَجَعَلَهُنَّ سَوَاءً ، وَفَرَضَ لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا ، لِقَرَابَتِهِ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَفَرَضَ لِنَفْسِهِ خَمْسَةَ آلَافٍ ، وَفَرَضَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ خَمْسَةَ آلَافٍ ، وَرُبَّمَا زَادَ الشَّيْءَ ، وَفَرَضَ لِلْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ رضي الله عنهما ، خَمْسَةَ آلَافٍ خَمْسَةَ آلَافٍ ، أَلْحَقَهُمَا بِأَبِيهِمَا لِقَرَابَتِهِمَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَفَرَضَ لِأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ ، أَرْبَعَةَ آلَافٍ ، وَفَرَضَ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا ، ثَلَاثَةَ آلَافٍ ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: بِأَيِّ شَيْءٍ زِدْتَهُ عَلَيَّ؟ قَالَ: فَبِمَا ، فَمَا كَانَ لِأَبِيهِ مِنَ الْفَضْلِ ، مَا لَمْ يَكُنْ لَكَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مِنَ الْفَضْلِ مَا لَمْ يَكُنْ لِي فَقَالَ: إِنَّ أَبَاهُ كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَبِيكَ ، وَكَانَ هُوَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْكَ ، وَفَرَضَ لِأَبْنَاءِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ ، مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا ، أَلْفَيْنِ أَلْفَيْنِ فَمَرَّ بِهِ عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ فَقَالَ: زِدْهُ أَلْفًا يَا غُلَامُ ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَحْشٍ: لِأَيِّ شَيْءٍ زِدْتَهُ عَلَيَّ؟ وَاللهِ مَا كَانَ لِأَبِيهِ مِنَ الْفَضْلِ مَا لَمْ يَكُنْ لِآبَائِنَا ، قَالَ: فَرَضْتُ لِأَبِي سَلَمَةَ أَلْفَيْنِ ، وَزِدْتُهُ لِأُمِّ سَلَمَةَ أَلْفًا ، فَلَوْ كَانَتْ لَكَ أُمٌّ مِثْلَ أُمِّ سَلَمَةَ ، زِدْتُكَ أَلْفًا ،

⦗ص: 306⦘

وَفَرَضَ لِأَهْلِ مَكَّةَ ثَمَانِي مِائَةٍ فِي الشَّرَفِ مِنْهُمْ ، ثُمَّ النَّاسُ عَلَى قَدْرِ مَنَازِلِهِمْ ، وَفَرَضَ لِعُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَمْرٍو ، ثَمَانِي مِائَةٍ ، وَفَرَضَ لِلنَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ فِي أَلْفَيْ دِرْهَمٍ ، فَقَالَ لَهُ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ: جَاءَكَ ابْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَمْرٍو ، وَنَسَبُهُ إِلَى جَدِّهِ ، فَفَرَضْتَ لَهُ ثَمَانِي مِائَةٍ ، وَجَاءَكَ هِنْبَةُ مِنَ الْأَنْصَارِ ، فَفَرَضْتَ لَهُ فِي أَلْفَيْنِ ، فَقَالَ: إِنِّي لَقِيتُ أَبَا هَذَا ، يَوْمَ أُحُدٍ ، فَسَأَلَنِي عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: مَا أَرَاهُ إِلَّا قَدْ قُتِلَ ، فَسَلَّ سَيْفَهُ ، وَكَسَرَ غِمْدَهُ ، وَقَالَ: إِنْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قُتِلَ ، فَإِنَّ اللهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ ، وَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ ، وَهَذَا يَرْعَى الْغَنَمَ بِمَكَّةَ أَفَتَرَانِي أَجْعَلُهُمَا سَوَاءً؟ ، قَالَ: فَعَمِلَ عُمَرُ ، عُمْرَهُ كُلَّهُ بِهَذَا ، حَتَّى إِذَا كَانَ فِي آخِرِ السَّنَةِ الَّتِي قُتِلَ فِيهَا سَنَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ ، حَجَّ فَقَالَ أُنَاسٌ مِنَ النَّاسِ: لَوْ مَاتَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ، قُمْنَا إِلَى فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ ، فَبَايَعْنَاهُ ، قَالَ أَبُو مَعْشَرٍ: يَعْنُونَ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللهِ فَلَمَّا قَدِمَ عُمَرُ الْمَدِينَةَ ، خَطَبَ ، فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ رَأَى أَبُو بَكْرٍ فِي هَذَا الْمَالِ رَأْيًا ، رَأَى أَنْ يَقْسِمَ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ وَرَأَيْتُ أَنْ أُفَضِّلَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ بِفَضْلِهِمْ ، فَإِنْ عِشْتُ هَذِهِ السَّنَةَ أَرْجِعُ إِلَى رَأْيِ أَبِي بَكْرٍ ، فَهُوَ خَيْرٌ مِنْ رَأْيِي أَفَلَا تَرَى أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه ، لَمَّا قَسَمَ ، سَوَّى بَيْنَ النَّاسِ جَمِيعًا ، فَلَمْ يُقَدِّمْ ذَوِي قُرْبَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ ، وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُمْ سَهْمًا فِي ذَلِكَ الْمَالِ أَبَانَهُمْ بِهِ عَنِ النَّاسِ ، فَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى لَهُمْ بَعْدَ مَوْتِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَقًّا فِي مَالِ الْفَيْءِ ، سِوَى مَا يَأْخُذُونَهُ كَمَا يَأْخُذُ مَنْ لَيْسَ بِذَوِي الْقُرْبَى ، ثُمَّ هَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه ، لَمَّا أَفْضَى إِلَيْهِ الْأَمْرُ وَرَأَى التَّفْضِيلَ بَيْنَ النَّاسِ عَلَى الْمَنَازِلِ ، لَمْ يَجْعَلْ لِذَوِي الْقُرْبَى سَهْمًا يَبِينُونَ أَيْ يَمْتَازُونَ بِهِ عَلَى النَّاسِ ، وَلَكِنَّهُ جَعَلَهُمْ وَسَائِرَ النَّاسِ سَوَاءً ، وَفَضَّلَ بَيْنَهُمْ بِالْمَنَازِلِ ، غَيْرَ مَا يَسْتَحِقُّونَهُ بِالْقَرَابَةِ ، لَوْ كَانَ لِأَهْلِهَا سَهْمٌ قَائِمٌ ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى مَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ مِنَ ارْتِفَاعِ سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِحَدِيثٍ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ

ص: 304

5435 -

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ: ثنا ابْنُ هِلَالٍ ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه ، فَجَاءَهُ عَلِيٌّ وَالْعَبَّاسُ رضي الله عنهما يَخْتَصِمَانِ ، قَالَ الْعَبَّاسُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا الْكَذَا الْكَذَا. قَالَ حَمَّادٌ: أَنَا أُكَنِّي عَنِ الْكَلَامِ ، فَقَالَ: وَاللهِ لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا تُوُفِّيَ وَوَلِيَ أَبُو بَكْرٍ صَدَقَتَهُ فَقَوِيَ عَلَيْهَا ، وَأَدَّى فِيهَا الْأَمَانَةَ ، فَزَعَمَ هَذَا أَنَّهُ خَانَ وَفَجَرَ ، وَكَلِمَةً قَالَهَا أَيُّوبُ ، قَالَ: وَاللهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ مَا خَانَ وَلَا فَجَرَ وَلَا كَذَا

⦗ص: 307⦘

قَالَ حَمَّادٌ

ص: 306

5436 -

وَحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ مَالِكٍ ، وَغَيْرِ وَاحِدٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ:«لَقَدْ كَانَ فِيهَا رَاشِدًا تَابِعًا لِلْحَقِّ» . ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ أَيُّوبَ: فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه ، وَلِيتُهَا بَعْدَهُ ، فَقَوِيتُ عَلَيْهَا فَأَدَّيْتَ فِيهَا الْأَمَانَةَ ، وَزَعَمَ هَذَا أَنِّي خُنْتُ ، وَلَا فَجَرْتُ ، وَلَا تِيكَ الْكَلِمَةُ وَفِي حَدِيثِ عَمْرٍو عَنِ الزُّهْرِيِّ: وَلَقَدْ كُنْتَ فِيهَا رَاشِدًا تَابِعًا لِلْحَقِّ ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ عِكْرِمَةَ: ثُمَّ أَتَيَانِي فَقَالَا: ادْفَعْ إِلَيْنَا صَدَقَةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهِمَا ، فَقَالَ هَذَا لِهَذَا: أَعْطِنِي نَصِيبِي مِنَ ابْنِ أَخِي ، وَقَالَ هَذَا لِهَذَا: أَعْطِنِي نَصِيبِي مِنَ امْرَأَتِي مِنْ أَبِيهَا ، وَقَدْ عَلِمَ «أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم» لَا يُورَثُ، مَا تَرَكَ صَدَقَةٌ " ، وَفِي حَدِيثِ عَمْرٍو ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " إِنَّا لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ عِكْرِمَةَ ، ثُمَّ تَلَا عُمَرُ رضي الله عنه:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} [التوبة: 60] الْآيَةَ ، فَهَذِهِ لِهَؤُلَاءِ ، ثُمَّ تَلَا:{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} [الأنفال: 41] إِلَى آخَرِ الْآيَةِ ، ثُمَّ قَالَ: وَهَذِهِ لِهَؤُلَاءِ ، وَفِي حَدِيثِ عَمْرٍو عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ:{وَمَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} [الحشر: 6] إِلَى آخَرِ الْآيَةِ فَكَانَتْ هَذِهِ خَاصَّةً لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا لَمْ يُوجِفِ الْمُسْلِمُونَ فِيهِ خَيْلًا وَلَا رِكَابًا ، فَكَانَ يَأْخُذُ مِنْ ذَلِكَ قُوتَهُ وَقُوتَ أَهْلِهِ ، وَيَجْعَلُ بَقِيَّةَ الْمَالِ لِأَهْلِهِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ أَيُّوبَ ، ثُمَّ تَلَا {مَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} [الحشر: 7] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ ، ثُمَّ {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ} [الحشر: 8] حَتَّى بَلَغَ {أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحجرات: 15] فَهَؤُلَاءِ الْمُهَاجِرُونَ ، ثُمَّ قَرَأَ:{وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ} حَتَّى بَلَغَ: {فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الأعراف: 8] قَالَ: فَهَؤُلَاءِ الْأَنْصَارُ ، قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} حَتَّى بَلَغَ {رَءُوفٌ رَحِيمٌ} ، فَهَذِهِ الْآيَةُ اسْتَوْعَبَتِ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا لَهُ حَقٌّ ، إِلَّا مَا يَمْلِكُونَ مِنْ رَقِيقِكُمْ ، فَإِنْ أَعِشْ إِنْ شَاءَ اللهُ لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا سَآتِيهِ حَقَّهُ ، حَتَّى رَاعِي الثُّلَّةِ يَأْتِيهِ حَظُّهُ ، أَوْ قَالَ: حَقُّهُ. قَالَ: فَهَذَا عُمَرُ رضي الله عنه قَدْ تَلَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} [الأنفال: 41] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ ، ثُمَّ قَالَ: وَهَذِهِ لِهَؤُلَاءِ ، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى قَدْ كَانَ ثَابِتًا عِنْدَهُ لَهُمْ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَمَا كَانَ لَهُمْ فِي حَيَاتِهِ

⦗ص: 308⦘

قِيلَ لَهُ: لَيْسَ فِيمَا ذَكَرْتَ ، عَلَى مَا ذَهَبْتَ إِلَيْهِ ، وَكَيْفَ يَكُونُ لَكَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى مَا ذَهَبْتَ إِلَيْهِ ، وَقَدْ كَتَبَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما إِلَى نَجْدَةَ حِينَ كَتَبَ ، يَسْأَلُهُ عَنْ سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى: قَدْ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ دَعَانَا إِلَى أَنْ يُنْكَحَ مِنْهُ أَيِّمُنَا وَيَكْسُو مِنْهُ عَارِينَا ، فَأَبَيْنَا عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يُسَلِّمَهُ لَنَا كُلَّهُ ، فَأَبَى ذَلِكَ عَلَيْنَا ، فَهَذَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يُخْبِرُ أَنَّ عُمَرَ أَبَى عَلَيْهِمْ دَفْعَ السَّهْمِ إِلَيْهِمْ ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ لَهُمْ ، فَكَيْفَ يُتَوَهَّمُ عَلَيْهِ فِيمَا رَوَى عَنْهُ مَالِكُ بْنُ أَوْسٍ غَيْرَ ذَلِكَ؟ وَلَكِنْ مَعْنَى مَا رَوَى عَنْهُ مَالِكُ بْنُ أَوْسٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِهِ: فَهَذِهِ لِهَؤُلَاءِ ، أَيْ: فَهِيَ لَهُمْ عَلَى مَعْنَى مَا جَعَلَهَا اللهُ لَهُمْ فِي وَقْتِ إِنْزَالِهِ الْآيَةَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِمْ ، وَعَلَى مِثْلِ مَا عَنَى بِهِ عز وجل ، مَا جَعَلَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيهَا مِنَ السَّهْمِ الَّذِي أَضَافَهُ إِلَيْهِ ، فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ السَّهْمُ جَارِيًا لَهُ صلى الله عليه وسلم فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ غَيْرَ مُنْقَطِعٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، بَلْ كَانَ جَارِيًا لَهُ فِي حَيَاتِهِ مُنْقَطِعًا عَنْهُ بِمَوْتِهِ ، وَكَذَلِكَ مَا أَضَافَهُ فِيهَا إِلَى ذَوِي قُرْبَاهُ كَذَلِكَ أَيْضًا وَاجِبًا لَهُمْ فِي حَيَاتِهِ ، يَضَعُهُ عليه السلام فِيمَنْ شَاءَ مِنْهُمْ ، مُرْتَفِعًا بِوَفَاتِهِ ، كَمَا لَمْ يَكُنْ قَوْلَ عُمَرَ فَهَذِهِ لِهَؤُلَاءِ ، لَا يَجِبُ بِهِ بَقَاءُ سَهْمِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْوَقْتِ الَّذِي قَالَ فِيهِ مَا قَالَ كَانَ ذَلِكَ قَوْلُهُ ، فَهِيَ لِهَؤُلَاءِ لَا يَجِبُ بِهِ بَقَاءُ سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى إِلَى الْوَقْتِ الَّذِي قَالَ فِيهِ مَا قَالَ ، مُعَارَضَةً صَحِيحَةً بَاقِيَةً ، أَنْ يَكُونَ حَدِيثُ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ هَذَا عَنْ عُمَرَ مُخَالِفًا لِحَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه فِي سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى

ص: 307

5437 -

وَلَقَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ، قَالَ: ثنا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنِ الْكَلْبِيِّ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أُمِّ هَانِئٍ أَنَّ فَاطِمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: يَا أَبَا بَكْرٍ مَنْ يَرِثُكَ إِذَا مِتَّ؟ قَالَ: وَلَدِي وَأَهْلِي ، قَالَتْ: فَمَا لَكَ تَرِثُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دُونِي؟ ، قَالَ: يَا ابْنَةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا وَرَّثَ أَبُوكَ دَارًا وَلَا ذَهَبًا ، وَلَا غُلَامًا ، قَالَتْ: وَلَا سَهْمَ اللهِ عز وجل ، الَّذِي جَعَلَهُ لَنَا وَصَافِيَتَنَا الَّتِي بِيَدِكَ ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّمَا هِيَ طُعْمَةٌ أَطْعَمَنِيهَا اللهُ عز وجل ، فَإِذَا مِتَّ ، كَانَتْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ»

ص: 308

5438 -

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ ، قَالَ: ثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أُمِّ هَانِئٍ ، أَنَّ فَاطِمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ لِأَبِي بَكْرٍ: مَنْ يَرِثُكَ إِذَا مِتَّ؟ ، قَالَ: وَلَدِي وَأَهْلِي ، قَالَتْ: فَمَا لَكَ تَرِثُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم دُونَنَا ، قَالَ: يَا ابْنَةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، مَا وَرَّثَ أَبُوكَ دَارًا ، وَلَا مَالًا ، وَلَا غُلَامًا ، وَلَا ذَهَبًا ، وَلَا فِضَّةً ، قَالَتْ: فَدَكُ الَّتِي جَعَلَهَا اللهُ لَنَا ، وَصَافِيَتَنَا الَّتِي بِيَدِكَ لَنَا ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ " إِنَّمَا طُعْمَةٌ أَطْعَمَنِيهَا اللهُ عز وجل ، فَإِذَا مِتَّ ، فَهِيَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَفَلَا يَرَى أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ قَدْ أَخْبَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ مَا كَانَ يُعْطِيهِ ذَوِي قُرْبَاهُ ، فَإِنَّمَا كَانَ مِنْ طُعْمَةٍ أَطْعَمَهَا اللهُ إِيَّاهُ وَمَلَّكَهُ إِيَّاهَا حَيَاتَهُ ، وَقَطَعَهَا عَنْ ذَوِي قَرَابَتِهِ بِمَوْتِهِ

⦗ص: 309⦘

وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي صَدْرِ هَذَا الْكِتَابِ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنهم أَنَّهُ قَالَ: اخْتَلَفَ النَّاسُ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ قَائِلٌ: سَهْمُ ذَوِي الْقُرْبَى لِقَرَابَةِ الْخَلِيفَةِ ، وَقَالَ قَائِلٌ: سَهْمُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِلْخَلِيفَةِ مِنْ بَعْدِهِ ، ثُمَّ اجْتَمَعَ رَأْيُهُمْ عَلَى أَنْ جَعَلُوا هَذَيْنِ السَّهْمَيْنِ فِي الْخَيْلِ وَالْعُدَّةِ فِي سَبِيلِ اللهِ ، فَكَانَ ذَلِكَ فِي إِمَارَةِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه ، فَلَمَّا أَجْمَعُوا بَعْدَمَا كَانُوا اخْتَلَفُوا ، كَانَ إِجْمَاعُهُمْ حُجَّةً ، وَفِيمَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ ، بُطْلَانُ سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى مِنَ الْمَغَانِمِ وَالْفَيْءِ ، بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَأَمَّا مَا رَوَيْتُمُوهُ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه ، فَإِنَّمَا كَانَ فِيمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ ، مُتَابِعًا لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما ، كَرَاهَةَ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ خِلَافَهُمَا ، وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ مَا

ص: 308

5439 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ، قَالَ: ثنا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه حَيْثُ وَلِيَ الْعِرَاقَ وَمَا وَلِيَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ ، كَيْفَ صَنَعَ فِي سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى؟ قَالَ: سَلَكَ بِهِ ، وَاللهِ ، سَبِيلَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما قُلْتُ: وَكَيْفَ ، وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ؟ قَالَ: أَمَا وَاللهِ ، مَا كَانَ أَهْلُهُ يَصْدُرُونَ إِلَّا عَنْ رَأْيِهِ ، قُلْتُ: فَمَا مَنَعَهُ؟ قَالَ: كَرِهَ ، وَاللهِ ، أَنْ يُدَّعَى عَلَيْهِ خِلَافَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه ، قِيلَ لَهُ: هَذَا تَأَوَّلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي تَرْكِهِ خِلَافَ أَبِي بَكْرِ وَعُمَرَ رضي الله عنهما ، وَهُوَ يَرَى فِي الْحَقِيقَةِ ، خِلَافَ مَا رَأَيَا ، لَا يَجُوزُ ذَلِكَ ، عِنْدَنَا ، عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه ، وَلَا يُتَوَهَّمُ عَلَى مِثْلِهِ ، فَكَيْفَ يُتَوَهَّمُ عَلَيْهِ وَقَدْ خَالَفَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما فِي أَشْيَاءَ ، وَخَالَفَ عُمَرَ وَحْدَهُ فِي أَشْيَاءَ أُخَرَ؟ مِنْهَا: مَا رَأَى مِنْ جَوَازِ بَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ بَعْدَ نَهْيِ عُمَرَ عَنْ بَيْعِهِنَّ ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا رَأَى مِنَ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ النَّاسِ فِي الْعَطَاءِ ، وَقَدْ كَانَ عُمَرُ رضي الله عنه يُفَضِّلُ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ سَوَابِقِهِمْ ، وَلَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبِ رضي الله عنه كَانَ أَعْرَفَ بِاللهِ مِنْ أَنْ يُجْرِيَ شَيْئًا عَلَى مَا الْحَقُّ عِنْدَهُ فِي خِلَافِهِ ، وَلَكِنَّهُ أَجْرَى الْأَمْرَ بِسَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى عَلَى مَا رَآهُ حَقًّا وَعَدْلًا ، فَلَمْ يُخَالِفْ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما فِيهِ ، وَلَقَدْ كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه فِيهِ يُخَالِفُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما فِي حَيَاتِهِمَا فِي أَشْيَاءَ قَدْ رَأَيَا فِي ذَلِكَ خِلَافَ مَا رَأَى ، فَلَا يَرَى الْأَمْرَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ دَنَفًا ، وَلَا يَمْنَعَانِهِ مِنْ ذَلِكَ ، وَلَا يُؤَاخِذَانِهِ عَلَيْهِ ، فَكَيْفَ يَسَعُهُ هَذَا فِي حَالٍ ، الْإِمَامُ فِيهَا غَيْرُهُ ، ثُمَّ بَصَقَ عَلَيْهِ فِي حَالٍ هُوَ الْإِمَامُ فِيهَا نَفْسُهُ ، هَذَا عِنْدَنَا مُحَالٌ ، وَلَقَدْ

ص: 309

5440 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ ، قَالَ: ثنا الْخَصِيبُ بْنُ نَاصِحٍ قَالَ: ثنا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ ، عَنْ عِيسَى بْنِ عَاصِمٍ ، عَنْ زَاذَانَ ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عَلِيٍّ فَتَذَاكَرْنَا الْخِيَارَ ، فَقَالَ: أَمَّا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ رضي الله عنه ، قَدْ سَأَلَنِي عَنْهُ فَقُلْتُ: إِنِ اخْتَارَتْ زَوْجَهَا فَهِيَ وَاحِدَةٌ وَهِيَ أَحَقُّ بِهَا ، وَإِنِ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَوَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ

⦗ص: 310⦘

فَقَالَ عُمَرُ: لَيْسَ كَذَلِكَ ، وَلَكِنَّهَا إِنِ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَهِيَ وَاحِدَةٌ وَهُوَ أَحَقُّ بِهَا ، وَإِنِ اخْتَارَتْ زَوْجَهَا ، فَلَا شَيْءَ ، فَلَمْ أَسْتَطِعْ إِلَّا مُتَابَعَةَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَلَمَّا آلَ الْأَمْرُ إِلَيَّ ، عَرَفْتُ أَنِّي مَسْئُولٌ عَنِ الْفُرُوجِ ، فَأَخَذْتُ بِمَا كُنْتُ أَرَى ، فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: رَأْيٌ رَأَيْتَهُ ، تَابَعَكَ عَلَيْهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ رَأْيٍ انْفَرَدْتَ بِهِ ، فَقَالَ: أَمَا وَاللهِ ، لَقَدْ أَرْسَلَ إِلَيَّ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فَخَالَفَنِي وَإِيَّاهُ فَقَالَ: إِذَا اخْتَارَتْ زَوْجَهَا فَوَاحِدَةٌ وَهُوَ أَحَقُّ بِهَا وَإِنِ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَثَلَاثٌ ، لَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ، أَفَلَا يَرَى أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه قَدْ أَخْبَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَمَا خَلَصَ إِلَيْهِ الْأَمْرُ وَعَرَفَ أَنَّهُ مَسْئُولٌ عَنِ الْفَرْجِ أَخَذَ بِمَا كَانَ يَرَى ، وَأَنَّهُ لَمْ يَرَ تَقْلِيدَ عُمَرَ فِيمَا يَرَى خِلَافَهُ رضي الله عنهما ، وَكَذَلِكَ أَيْضًا لَمَّا خَلَصَ إِلَيْهِ الْأَمْرُ اسْتَحَالَ ، مَعَ مَعْرِفَتِهِ بِاللهِ ، وَمَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُ مَسْئُولٌ عَنِ الْأَمْوَالِ ، أَنْ يَكُونَ يُبِيحُهَا مَنْ يَرَاهُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا ، وَيَمْنَعَ مِنْهَا أَهْلَهَا ، وَلَكِنَّهُ كَانَ الْقَوْلُ عِنْدَهُ ، فِي سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى ، كَالْقَوْلِ فِيمَا كَانَ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما ، فَأَجْرَى الْأَمْرَ عَلَى ذَلِكَ ، لَا عَلَى مَا سِوَاهُ ، فَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ ، وَأَبُو يُوسُفَ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ، رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِمْ ، فَإِنَّ الْمَشْهُورَ عَنْهُمْ فِي سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى ، أَنَّهُ قَدِ ارْتَفَعَ بِوَفَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، وَأَنَّ الْخُمُسَ مِنَ الْغَنَائِمِ ، وَجَمِيعِ الْفَيْءِ ، يُقْسَمَانِ فِي ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ ، لِلْيَتَامَى ، وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ. وَكَذَلِكَ

5441 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ الرَّبِيعِ اللُّؤْلُئِيُّ ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْبَدٍ ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَهَكَذَا يُعْرَفُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ ، فِي جَمِيعِ مَا رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مِنْ رَأْيِهِ ، وَمِمَّا حَكَاهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَأَبِي يُوسُفَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِمَا ، فَأَمَّا أَصْحَابُ الْإِمْلَاءِ

5442 -

فَإِنَّ جَعْفَرَ بْنَ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا قَالَ: ثنا بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ: أَمْلَى عَلَيْنَا أَبُو يُوسُفَ فِي رَمَضَانَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ ، قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [الأنفال: 41] فَهَذَا ، فِيمَا بَلَغَنَا ، وَاللهُ أَعْلَمُ ، فِيمَا أَصَابَ مِنْ عَسَاكِرِ أَهْلِ الشِّرْكِ مِنَ الْغَنَائِمِ ، وَالْخُمُسُ مِنْهَا ، عَلَى مَا سَمَّى الله عز وجل فِي كِتَابِهِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهَا بَيْنَ الْجُنْدِ الَّذِينَ أَصَابُوا ذَلِكَ ، لِلْفَرَسِ سَهْمٌ ، وَلِلرَّجُلِ سَهْمٌ ، عَلَى مَا جَاءَ مِنَ الْأَحَادِيثِ وَالْآثَارِ ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ: لِلرَّجُلِ سَهْمٌ ، وَلِلْفَرَسِ سَهْمٌ ، وَالْخُمُسُ يُقْسَمُ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ ، خُمُسُ اللهِ وَالرَّسُولِ وَاحِدٌ ، وَخُمُسُ ذَوِي الْقُرْبَى ، لِكُلِّ صِنْفٍ سَمَّاهُ اللهُ عز وجل فِي هَذِهِ الْآيَةِ خُمُسُ الْخُمُسِ ، فَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ ثُبُوتُ سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى قَالُوا: وَأَمْلَى عَلَيْنَا أَبُو يُوسُفَ فِي مَسْأَلَةٍ: قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِذَا ظَهَرَ الْإِمَامُ عَلَى بَلَدٍ مِنْ بِلَادِ أَهْلِ الشِّرْكِ فَهُوَ

⦗ص: 311⦘

بِالْخِيَارِ ، يَفْعَلُ فِيهِ الَّذِي يَرَى أَنَّهُ أَفْضَلُ وَخَيْرٌ لِلْمُسْلِمِينَ ، إِنْ رَأَى أَنْ يُخَمِّسَ الْأَرْضَ وَالْمَتَاعَ ، وَيَقْسِمَ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهِ بَيْنَ الْجُنْدِ الَّذِينَ افْتَتَحُوا مَعَهُ ، فَعَلَ ، وَيَقْسِمُ الْخُمُسَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ ، لِلْفُقَرَاءِ ، وَالْمَسَاكِينِ ، وَابْنِ السَّبِيلِ ، وَإِنْ رَأَى أَنْ يَتْرُكَ الْأَرْضِينَ وَيَتْرُكَ أَهْلَهَا فِيهَا ، وَيَجْعَلُهَا ذِمَّةً ، وَيَضَعُ عَلَيْهِمْ وَعَلَى أَرْضِهِمُ الْخَرَاجَ ، وَكَمَا فَعَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه بِالسَّوَادِ ، كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ ، سُقُوطُ سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْهُمْ ، وَالَّذِي اتَّفَقَتْ عَلَيْهِ هَاتَانِ الرِّوَايَتَانِ فِي الْفَيْءِ ، وَفِي خُمُسِ الْغَنِيمَةِ أَنَّهُمَا إِذَا خَلَصَا جَمِيعًا ، وُضِعَ خُمُسُ الْغَنَائِمِ فِيمَا يَجِبُ وَضْعُهُ فِيهِ ، مِمَّا ذَكَرْنَا ، وَأَمَّا الْفَيْءُ ، فَيُبْدَأُ مِنْهُ بِإِصْلَاحِ الْقَنَاطِرِ ، وَبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ ، وَأَرْزَاقِ الْقُضَاةِ ، وَأَرْزَاقِ الْجُنْدِ ، وَجَوَائِزِ الْوُفُودِ ، ثُمَّ يُوضَعُ مَا بَقِيَ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي مِثْلِ مَا يُوضَعُ فِيهِ خُمُسُ الْغَنَائِمِ سَوَاءٌ ، فَهَذِهِ وُجُوهُ الْفَيْءِ وَأَخْمَاسُ الْغَنَائِمِ الَّتِي كَانَتْ تَجْرِي عَلَيْهَا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ ، وَمَا يَجِبُ أَنْ يَمْتَثِلَ فِيهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، فَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ وَشَرَحْنَاهُ بِغَايَةِ مَا مَلَكْنَا ، وَاللهَ نَسْأَلُ التَّوْفِيقَ وَأَمَّا

ص: 309