الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4878 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ: ثنا وَهْبٌ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَلْقَمَةَ ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ ، أَتَى جَارِيَةَ امْرَأَتِهِ. فَقَالَ: مَا أُبَالِي إِيَّاهَا أَتَيْتُ أَوْ جَارِيَةَ امْرَأَةِ عَوْسَجَةَ فَهَذَا عَلْقَمَةُ رحمه الله وَهُوَ أَجَلُّ أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه وَأَعْلَمُهُمْ قَدْ تَرَكَ قَوْلَ عَبْدِ اللهِ فِي ذَلِكَ مَعَ جَلَالَةِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه عِنْدَهُ - وَصَارَ إِلَى غَيْرِهِ. وَذَلِكَ عِنْدَنَا - لِثُبُوتِ نَسْخِ مَا كَانَ ذَهَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللهِ فِي ذَلِكَ عِنْدَهُ ، فَكَذَلِكَ نَقُولُ: مَنْ زَنَى بِجَارِيَةِ امْرَأَتِهِ حُدَّ إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ شُبْهَةً مِثْلَ أَنْ يَقُولَ ظَنَنْتُ أَنَّهَا تَحِلُّ لِي أَوْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ أَحَلَّتْهَا لَهُ ، فَيُدْرَأَ عَنْهُ الْحَدُّ وَيُعَزَّرَ وَيَجِبَ عَلَيْهِ الْعُقْرُ. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ ، رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ
بَابٌ: مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ أَبِيهِ أَوْ ذَاتَ مَحْرَمٍ مِنْهُ فَدَخَلَ بِهَا
.
4879 -
حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ ، عَنِ السُّدِّيِّ ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ ، " عَنِ الْبَرَاءِ ، قَالَ: لَقِيتُ خَالِي، وَمَعَهُ الرَّايَةُ. فَقُلْتُ: أَيْنَ تَذْهَبُ؟ فَقَالَ: أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ أَبِيهِ مِنْ بَعْدِهِ أَنْ أَضْرِبَ عُنُقَهُ أَوْ أَقْتُلَهُ ".
4880 -
حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ: ثنا يُوسُفُ ، هُوَ ابْنُ مُنَازِلٍ وَأَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ قَالَا: ثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ ، عَنْ أَشْعَثَ ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ ، عَنِ الْبَرَاءِ ، قَالَ: مَرَّ بِي خَالِي أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ الْأَسْلَمِيُّ مَعَهُ اللِّوَاءُ فَذَكَرَ مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ آتِيهِ بِرَأْسِهِ
4881 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ يَعْقُوبَ الطَّالْقَانِيُّ قَالَ: هُشَيْمٌ حَدَّثَنَاهُ قَالَ أَخْبَرَنَا الْأَشْعَثُ ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ ، " عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ، قَالَ: مَرَّ بِي الْحَارِثُ بْنُ عَمْرٍو ، وَمَعَهُ لِوَاءٌ قَدْ عَقَدَهُ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: إِلَى أَيِّ شَيْءٍ بَعَثَكَ؟ قَالَ: إِلَى رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ أَبِيهِ أَنْ أَضْرِبَ عُنُقَهُ "
⦗ص: 149⦘
4882 -
حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ: ثنا يُوسُفُ هُوَ ابْنُ مُنَازِلٍ قَالَ: ثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ أَشْعَثَ فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ
4883 -
حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنْ مُطَّرِفٍ ، عَنْ أَبِي الْجَهْمِ ، " عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ، قَالَ: ضَلَّتْ إِبِلٌ لِي فَخَرَجْتُ فِي طَلَبِهَا فَإِذَا الْخَيْلُ قَدْ أَقْبَلَتْ فَلَمَّا رَأَى أَهْلُ الْمَاءِ الْخَيْلَ انْضَمُّوا إِلَيَّ وَجَاءُوا إِلَى خِبَاءٍ مِنْ تِلْكَ الْأَخْبِيَةِ فَاسْتَخْرَجُوا مِنْهَا رَجُلًا فَضَرَبُوا عُنُقَهُ قَالُوا: هَذَا رَجُلٌ أَعْرَسَ بِامْرَأَةِ أَبِيهِ ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَتَلَهُ ". قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى مَنْ تَزَوَّجَ ذَاتَ مَحْرَمٍ مِنْهُ وَهُوَ عَالِمٌ بِحُرْمَتِهَا عَلَيْهِ ، فَدَخَلَ بِهَا أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الزَّانِي ، وَأَنَّهُ يُقَامُ عَلَيْهِ حَدُّ الزِّنَا الرَّجْمُ أَوِ الْجَلْدُ وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِهَذِهِ الْآثَارِ. وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَّا اللهُ. وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ ، فَقَالُوا: لَا يَجِبُ فِي هَذَا حَدُّ الزِّنَا ، وَلَكِنْ يَجِبُ فِيهِ التَّعْزِيرُ وَالْعُقُوبَةُ الْبَلِيغَةُ. وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ رَحِمَهُمَا اللهُ.
4884 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ، بِذَلِكَ
4885 -
حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ ذَاتَ مَحْرَمٍ مِنْهُ فَدَخَلَ بِهَا قَالَ: لَا حَدَّ عَلَيْهِ. وَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ عَلَى الَّذِينَ احْتَجُّوا عَلَيْهِمَا بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ فِي تِلْكَ الْآثَارِ أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالْقَتْلِ وَلَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ الرَّجْمِ ، وَلَا ذِكْرُ إِقَامَةِ الْحَدِّ. وَقَدْ أَجْمَعُوا جَمِيعًا أَنَّ فَاعِلَ ذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَتْلٌ إِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ - فِي قَوْلِ مَنْ يُوجِبُ عَلَيْهِ الْحَدَّ - عَلَيْهِ الرَّجْمُ إِنْ كَانَ مُحْصَنًا. فَلَمَّا لَمْ يَأْمُرِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الرَّسُولَ بِالرَّجْمِ ، وَإِنَّمَا أَمَرَهُ بِالْقَتْلِ ثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ الْقَتْلَ لَيْسَ بِحَدٍّ لِلزِّنَا ، وَلَكِنَّهُ لِمَعْنًى خِلَافَ ذَلِكَ. وَهُوَ أَنَّ ذَلِكَ الْمُتَزَوِّجَ ، فَعَلَ مَا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الِاسْتِحْلَالِ كَمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَصَارَ بِذَلِكَ مُرْتَدًّا ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُفْعَلَ بِهِ مَا يُفْعَلُ بِالْمُرْتَدِّ. وَهَكَذَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ وَسُفْيَانُ رَحِمَهُمَا اللهُ ، يَقُولَانِ فِي هَذَا الْمُتَزَوِّجِ إِذَا كَانَ أَتَى فِي ذَلِكَ عَلَى الِاسْتِحْلَالِ أَنَّهُ يُقْتَلُ. فَإِذَا كَانَ لَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَنْفِي مَا يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ وَسُفْيَانُ ، لَمْ يَكُنْ فِيهِ حُجَّةٌ عَلَيْهِمَا لِأَنَّ مُخَالِفَهُمَا لَيْسَ بِالتَّأْوِيلِ أَوْلَى مِنْهُمَا.
⦗ص: 150⦘
وَفِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَقَدَ لِأَبِي بُرْدَةَ الرَّايَةَ» وَلَمْ تَكُنِ الرَّايَاتُ تُعْقَدُ إِلَّا لِمَنْ أَمَرَ بِالْمُحَارَبَةِ ، وَالْمَبْعُوثُ عَلَى إِقَامَةِ حَدِّ الزِّنَا ، غَيْرُ مَأْمُورٍ بِالْمُحَارَبَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا أَنَّهُ بَعَثَهُ إِلَى رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ أَبِيهِ وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ دَخَلَ بِهَا. فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْعُقُوبَةُ وَهِيَ الْقَتْلُ مَقْصُودًا بِهَا إِلَى الْمُتَزَوِّجِ لِتَزَوُّجِهِ دَلَّ ذَلِكَ أَنَّهَا عُقُوبَةٌ وَجَبَتْ بِنَفْسِ الْعَقْدِ لَا بِالدُّخُولِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا وَالْعَاقِدُ مُسْتَحِلٌّ لِذَلِكَ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَهُوَ عِنْدَنَا عَلَى أَنَّهُ تَزَوَّجَ وَدَخَلَ بِهَا. قِيلَ لَهُ: وَهُوَ عِنْدَ مُخَالِفِكَ عَلَى أَنَّهُ تَزَوَّجَ وَاسْتَحَلَّ. فَإِنْ قَالَ: لَيْسَ لِلِاسْتِحْلَالِ ذِكْرٌ فِي الْحَدِيثِ. قِيلَ لَهُ: وَلَا لِلدُّخُولِ ذِكْرٌ فِي الْحَدِيثِ فَإِنْ جَازَ أَنْ تَحْمِلَ مَعْنَى الْحَدِيثِ عَلَى دُخُولٍ غَيْرِ مَذْكُورٍ فِي الْحَدِيثِ جَازَ لِخَصْمِكَ أَنْ يَحْمِلَهُ عَلَى اسْتِحْلَالٍ غَيْرِ مَذْكُورٍ فِي الْحَدِيثِ. وَقَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ حَرْفٌ زَائِدٌ عَلَى مَا فِي الْآثَارِ الْأُوَلِ
4886 -
حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ ، قَالَ: ثنا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ ، " عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْبَرَاءِ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ: لَقِيَ خَالَهُ وَمَعَهُ رَايَةٌ فَقُلْتُ لَهُ: إِلَى أَيْنَ تَذْهَبُ؟ فَقَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى رَجُلٍ نَكَحَ امْرَأَةَ أَبِيهِ أَنْ أَقْتُلَهُ وَآخُذَ مَالَهُ " وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ غَيْرِ الْبَرَاءِ مَا
4887 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ ، وَفَهْدٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْوَرْدِ قَالُوا: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُنَازِلٍ الْكُوفِيُّ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ جَدَّهُ مُعَاوِيَةَ إِلَى رَجُلٍ عَرَّسَ بِامْرَأَةِ أَبِيهِ أَنْ يَضْرِبَ عُنُقَهُ وَيُخَمِّسَ مَالَهُ» فَلَمَّا أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ بِأَخْذِ مَالِ الْمُتَزَوِّجِ وَتَخْمِيسِهِ دَلَّ ذَلِكَ أَنَّ الْمُتَزَوِّجَ كَانَ بِتَزَوُّجِهِ مُرْتَدًّا مُحَارِبًا فَوَجَبَ أَنْ يُقْتَلَ لِرِدَّتِهِ ، وَكَانَ مَالُهُ كَمَالِ الْحَرْبِيِّينَ لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ الَّذِي لَمْ يُحَارِبْ كُلٌّ قَدْ أَجْمَعَ فِي أَخْذِ مَالِهِ ، عَلَى خِلَافِ التَّخْمِيسِ. فَقَالَ قَوْمٌ وَهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ رحمهم الله وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمْ مَالُهُ لِوَرَثَتِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. وَقَالَ مُخَالِفُوهُمْ: مَالُهُ كُلٌّ فَيْءٌ وَلَا تَخْمِيسَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجِفْ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ. فَفِي تَخْمِيسِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَالَ الْمُتَزَوِّجِ - الَّذِي ذَكَرْنَا - دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ قَدْ كَانَتْ مِنْهُ الرِّدَّةُ وَالْمُحَارَبَةُ جَمِيعًا. فَانْتَفَى بِمَا ذَكَرْنَا أَنْ يَكُونَ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ وَسُفْيَانَ رَحِمَهُمَا اللهُ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ حُجَّةٌ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ رَأَيْنَا ذَلِكَ النِّكَاحَ نِكَاحًا لَا يَثْبُتُ فَكَانَ يَنْبَغِي إِذَا لَمْ يَثْبُتْ أَنْ يَكُونَ فِي حُكْمِ مَا لَمْ يَنْعَقِدْ فَيَكُونُ الْوَاطِئُ عَلَيْهِ كَالْوَاطِئِ لَا عَلَى نِكَاحٍ فَيُحَدُّ.
⦗ص: 151⦘
قِيلَ لَهُ: إِنْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، فَلِمَ كَانَ سُؤَالُكَ إِيَّانَا مَا ذَكَرْتُ ذِكْرَ التَّزْوِيجِ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَقُولَ رَجُلٌ زَنَى بِذَاتِ مَحْرَمٍ مِنْهُ. فَإِنْ قُلْتُ ذَلِكَ كَانَ جَوَابُنَا لَكَ أَنْ نَقُولَ: عَلَيْهِ الْحَدُّ وَإِنْ أَطْلَقْتُ اسْمَ التَّزَوُّجِ ، وَسَمَّيْتُ ذَلِكَ النِّكَاحَ نِكَاحًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا فَلَا حَدَّ عَلَى وَاطِئٍ عَلَى نِكَاحٍ جَائِزٍ وَلَا فَاسِدٍ. وَقَدْ رَأَيْنَا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه ، قَضَى فِي الْمُتَزَوِّجِ فِي الْعِدَّةِ الَّتِي لَا يَثْبُتُ فِيهَا نِكَاحُ الْوَاطِئِ عَلَى ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ مَذْهَبِكَ. وَذَلِكَ أَنَّ
4888 -
إِبْرَاهِيمَ بْنَ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ قَالَ: ثنا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ طُلَيْحَةَ نَكَحَتْ فِي عِدَّتِهَا فَأُتِيَ بِهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَضَرَبَهَا ضَرَبَاتٍ بِالْمِخْفَقَةِ وَضَرَبَ زَوْجَهَا وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَقَالَ أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ فِي عِدَّتِهَا فُرِّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا الَّذِي نَكَحَتْ ثُمَّ اعْتَدَّتْ بَقِيَّةَ عِدَّتِهَا مِنَ الْأَوَّلِ ، ثُمَّ اعْتَدَّتْ مِنَ الْآخَرِ وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا الْآخَرُ ثُمَّ لَمْ يَنْكِحْهَا أَبَدًا ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا اعْتَدَّتْ مِنَ الْأَوَّلِ وَكَانَ الْآخَرُ خَاطِبًا مِنَ الْخُطَّابِ
4889 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ
4890 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ: ثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ ، قَالَ: ثنا هِشَامُ بْنُ أَبِي عُبَيْدِ اللهِ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، أَنَّ رَجُلًا ، تَزَوَّجَ امْرَأَةً فِي عِدَّتِهَا ، فَرُفِعَ إِلَى عُمَرَ فَضَرَبَهَا دُونَ الْحَدِّ وَجَعَلَ لَهَا الصَّدَاقَ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَقَالَ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا. قَالَ: وَقَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه إِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا جَعَلْتُهُمَا مَعَ الْخُطَّابِ. أَفَلَا تَرَى أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه قَدْ ضَرَبَ الْمَرْأَةَ وَالزَّوْجَ الْمُتَزَوِّجَ فِي الْعِدَّةِ بِالْمِخْفَقَةِ فَاسْتَحَالَ أَنْ يَضْرِبَهُمَا وَهُمَا جَاهِلَانِ بِتَحْرِيمِ مَا فَعَلَا لِأَنَّهُ كَانَ أَعْرَفَ بِاللهِ عز وجل مِنْ أَنْ يُعَاقِبَ مَنْ لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ. فَلَمَّا ضَرَبَهُمَا دَلَّ ذَلِكَ أَنَّ الْحُجَّةَ قَدْ كَانَتْ قَامَتْ عَلَيْهِمَا بِالتَّحْرِيمِ قَبْلَ أَنْ يَفْعَلَا ثُمَّ هُوَ رضي الله عنه لَمْ يُقِمْ عَلَيْهِمَا الْحَدَّ وَقَدْ حَضَرَهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَتَابَعُوهُ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يُخَالِفُوهُ فِيهِ. فَهَذَا دَلِيلٌ صَحِيحٌ أَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ إِذَا كَانَ وَإِنْ كَانَ لَا يَثْبُتُ ، وَجَبَ لَهُ حُكْمُ النِّكَاحِ فِي وُجُوبِ الْمَهْرِ بِالدُّخُولِ الَّذِي يَكُونُ بَعْدَهُ وَفِي الْعِدَّةِ مِنْهُ وَفِي ثُبُوتِ النَّسَبِ وَمَا كَانَ يُوجِبُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ فَيَسْتَحِيلُ أَنْ يَجِبَ فِيهِ حَدٌّ لِأَنَّ الَّذِي يُوجِبُ الْحَدَّ هُوَ الزِّنَا ، وَالزِّنَا لَا يُوجِبُ ثُبُوتَ نَسَبٍ وَلَا مَهْرٍ وَلَا عِدَّةٍ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّ هَذَا الَّذِي ذَكَرْتُ مِنْ وَطْءِ ذَاتِ الْمَحْرَمِ مِنْهُ عَلَى النِّكَاحِ الَّذِي وَصَفْتَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ زِنًا فَهُوَ أَغْلَظُ مِنَ الزِّنَا فَأَحْرَى أَنْ يَجِبَ فِيهِ مَا يَجِبُ فِي الزِّنَا.
⦗ص: 152⦘
قِيلَ لَهُ: قَدْ أَخْرَجْتَهُ بِقَوْلِكَ هَذَا مِنْ أَنْ يَكُونَ زِنًا وَزَعَمْتُ أَنَّهُ أَغْلَظُ مِنَ الزِّنَا وَلَيْسَ مَا كَانَ مِثْلَ الزِّنَا أَوْ مَا كَانَ أَعْظَمَ مِنَ الزِّنَا مِنَ الْأَشْيَاءِ الْمُحَرَّمَةِ يَجِبُ فِي انْتِهَاكِهَا مِنَ الْعُقُوبَاتِ مَا يَجِبُ فِي الزِّنَا لِأَنَّ الْعُقُوبَاتِ إِنَّمَا تُؤْخَذُ مِنْ جِهَةِ التَّوْقِيفِ لَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ. أَلَا تَرَى أَنَّ اللهَ عز وجل قَدْ حَرَّمَ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ كَمَا حَرَّمَ الْخَمْرَ ، وَقَدْ جَعَلَ عَلَى شَارِبِ الْخَمْرِ حَدًّا لَمْ يُجْعَلْ مِثْلُهُ عَلَى أَكْلِ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ ، وَلَا عَلَى أَكْلِ لَحْمِ الْمَيْتَةِ وَإِنْ كَانَ تَحْرِيمُ مَا أَتَى بِهِ كَتَحْرِيمِ مَا أَتَى ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ قَذْفُ الْمُحْصَنَةِ جَعَلَ اللهُ فِيهِ جَلْدَ ثَمَانِينَ وَسُقُوطَ شَهَادَةِ الْقَاذِفِ وَإِلْزَامَ اسْمِ الْفِسْقِ. وَلَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ فِيمَنْ رَمَى رَجُلًا بِالْكُفْرِ ، وَالْكُفْرُ فِي نَفْسِهِ أَعْظَمُ وَأَغْلَظُ مِنَ الْقَذْفِ. فَكَانَتِ الْعُقُوبَاتُ قَدْ جُعِلَتْ فِي أَشْيَاءَ خَاصَّةٍ ، وَلَمْ يُجْعَلْ فِي أَمْثَالِهَا وَلَا فِي أَشْيَاءَ هِيَ أَعْظَمُ مِنْهَا وَأَغْلَظُ. فَكَذَلِكَ مَا جَعَلَ اللهُ تَعَالَى مِنَ الْحَدِّ فِي الزِّنَا لَا يَجِبُ بِهِ أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا فِيمَا هُوَ أَغْلَظُ مِنَ الزِّنَا. فَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ هُوَ النَّظَرُ ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَسُفْيَانَ رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى