الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ شِبْهِ الْعَمْدِ الَّذِي لَا قَوْدَ فِيهِ مَا هُوَ
؟
5030 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ قَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ جَوْشَنٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ أَوْسٍ السَّدُوسِيِّ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ يَوْمَ فَتْحِ
⦗ص: 186⦘
مَكَّةَ فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ أَلَا إِنَّ قَتِيلَ خَطَأِ الْعَمْدِ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا وَالْحَجَرِ ، فِيهِ دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ مِنْهَا أَرْبَعُونَ خِلْفَةً فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالُوا: لَا قَوَدَ عَلَى مَنْ قَتَلَ رَجُلًا بِعَصًا أَوْ حَجَرٍ. وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ رضي الله عنه. وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ مِنْهُمْ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِمَا فَقَالُوا: إِذَا كَانَتِ الْخَشَبَةُ مِثْلُهَا يَقْتُلُ فَعَلَى الْقَاتِلِ بِهَا الْقِصَاصُ وَذَلِكَ عَمْدٌ. وَإِنْ كَانَ مِثْلُهَا لَا يَقْتُلُ فَفِي ذَلِكَ الدِّيَةُ وَذَلِكَ شِبْهُ الْعَمْدِ. وَقَالُوا: لَيْسَ فِيمَا احْتَجَّ بِهِ عَلَيْنَا أَهْلُ الْمَقَالَةِ الْأُولَى مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أَلَا إِنَّ قَتِيلَ خَطَأِ الْعَمْدِ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا وَالْحَجَرِ ، فِيهِ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ» دَلِيلٌ عَلَى مَا قَالُوا ، لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَرَادَ بِذَلِكَ الْعَصَا الَّتِي لَا تَقْتُلُ مِثْلُهَا الَّتِي هِيَ كَالسَّوْطِ الَّذِي لَا يَقْتُلُ مِثْلُهُ. فَإِنْ كَانَ أَرَادَ ذَلِكَ فَهُوَ الَّذِي قُلْنَا ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَرَادَ ذَلِكَ وَأَرَادَ مَا قُلْتُمْ أَنْتُمْ فَقَدْ تَرَكْنَا الْحَدِيثَ وَخَالَفْنَاهُ. فَنَحْنُ بَعْدُ لَمْ نُثْبِتْ خِلَافَنَا لِهَذَا الْحَدِيثِ إِذْ كُنَّا نَقُولُ: إِنَّ مِنَ الْعَصَا مَا إِذَا قُتِلَ بِهِ لَمْ يَجِبْ بِهِ عَلَى الْقَاتِلِ قَوَدٌ. وَهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي حَمَلْنَا عَلَيْهِ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ أَوْلَى مِمَّا حَمَلَهُ عَلَيْهِ أَهْلُ الْمَقَالَةِ الْأُولَى ; لِأَنَّ مَا حَمَلْنَاهُ عَلَيْهِ لَا يُضَادُّ حَدِيثَ أَنَسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي إِيجَابِهِ الْقَوْدَ عَلَى الْيَهُودِيِّ الَّذِي رَضَخَ رَأْسَ الْجَارِيَةِ بِحَجَرٍ. وَمَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ أَهْلُ الْمَقَالَةِ الْأُولَى يُضَادُّ ذَلِكَ وَيَنْفِيهِ. وَلَأَنْ يُحْمَلَ الْحَدِيثُ عَلَى مَا يُوَافِقُ بَعْضُهُ بَعْضًا أَوْلَى مِنْ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا يُضَادُّ بَعْضُهُ بَعْضًا. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَأَنْتَ قَدْ قُلْتَ إِنَّ حَدِيثَ أَنَسٍ رضي الله عنه هَذَا مَنْسُوخٌ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ فَكَيْفَ أَثْبَتَّ الْعَمَلَ بِهِ هَاهُنَا؟ قِيلَ لَهُ: لَمْ نَقُلْ إِنَّ حَدِيثَ أَنَسٍ رضي الله عنه هَذَا مَنْسُوخٌ مِنْ جِهَةِ مَا ذَكَرْتُ وَقَدْ ثَبَتَ وُجُوبُ الْقَوْدِ وَالْقَتْلِ بِالْحَجَرِ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ. وَإِنَّمَا قُلْتُ: إِنَّ الْقِصَاصَ بِالْحَجَرِ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَنْسُوخًا لِمَا قَدْ ذَكَرْتُ مِنَ الْحُجَّةِ فِي ذَلِكَ. فَحَدِيثُ أَنَسٍ رضي الله عنه فِي إِيجَابِ الْقَوْدِ عِنْدَنَا غَيْرُ مَنْسُوخٍ. وَفِي كَيْفِيَّةِ الْقَوْدِ الْوَاجِبِ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَنْسُوخًا عَلَى مَا فَسَّرْنَا وَبَيَّنَّا فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ. فَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ لِلَّذِينَ قَالُوا: إِنَّ الْقَتْلَ بِالْحَجَرِ لَا يُوجِبُ الْقَوْدَ فِي دَفْعِ حَدِيثِ أَنَسٍ رضي الله عنه
⦗ص: 187⦘
أَنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَا أَوْجَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْقَتْلِ فِي ذَلِكَ حَقًّا لِلَّهِ عز وجل وَجَعَلَ الْيَهُودِيَّ كَقَاطِعِ الطَّرِيقِ الَّذِي يَكُونُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ حَدًّا مِنْ حُدُودِ اللهِ عز وجل. فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَإِنَّ قَاطِعَ الطَّرِيقِ إِذَا قَتَلَ بِحَجَرٍ أَوْ بِعَصًا وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَتْلُ فِي قَوْلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ لَا قَوْدَ عَلَى مَنْ قَتَلَ بِعَصًا ، وَقَدْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ. وَقَدْ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رضي الله عنه فِي الْخِنَاقِ إِنَّ عَلَيْهِ الدِّيَةَ وَأَنَّهُ لَا يُقْتَلُ إِلَّا أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ غَيْرَ مَرَّةٍ فَيُقْتَلُ وَيَكُونُ ذَلِكَ حَدًّا مِنْ حُدُودِ اللهِ عز وجل. فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَتَلَ الْيَهُودِيَّ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ رضي الله عنه لِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَتْلُ لِلَّهِ عز وجل كَمَا يَجِبُ عَلَى قَاطِعِ الطَّرِيقِ. فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رضي الله عنه يَقُولُ: كُلُّ مَنْ قَطَعَ الطَّرِيقَ فَقَتَلَ بِعَصًا أَوْ حَجَرٍ أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي الْمِصْرِ يَكُونُ حُكْمُهُ فِيمَا فَعَلَ حُكْمَ قَاطِعِ الطَّرِيقِ ، وَكَذَلِكَ الْخَنَّاقُ الَّذِي قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ غَيْرَ مَرَّةٍ أَنَّهُ يُقْتَلُ. وَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي فِي الْقِيَاسِ عَلَى قَوْلِهِ: أَنْ يَكُونَ يَجِبُ عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مَرَّةً وَاحِدَةً الْقَتْلُ وَيَكُونُ ذَلِكَ حَدًّا مِنْ حُدُودِ اللهِ عز وجل كَمَا يَجِبُ إِذَا فَعَلَهُ مِرَارًا لِأَنَّا رَأَيْنَا الْحُدُودَ يُوجِبُهَا انْتِهَاكُ الْحُرْمَةِ مَرَّةً وَاحِدَةً ثُمَّ لَا يَجِبُ عَلَى مَنِ انْتَهَكَ تِلْكَ الْحُرْمَةَ ثَانِيَةً إِلَّا مَا وَجَبَ عَلَيْهِ فِي انْتِهَاكِهَا فِي الْبَدْءِ. فَكَانَ النَّظَرُ فِيمَا وَصَفْنَا أَنْ يَكُونَ الْجَانِي الْخَنَّاقُ كَذَلِكَ أَيْضًا وَأَنْ يَكُونَ حُكْمُهُ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ هُوَ حُكْمَهُ فِي آخِرِ مَرَّةٍ هَذَا هُوَ النَّظَرُ فِي هَذَا الْبَابِ. وَفِي ثُبُوتِ مَا ذَكَرْنَا مَا يَرْفَعُ أَنْ يَكُونَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ رضي الله عنه حُجَّةٌ عَلَى مَنْ يَقُولُ مَنْ قَتَلَ رَجُلًا بِحَجَرٍ فَلَا قَوْدَ عَلَيْهِ. وَكَانَ مِنْ حُجَّةِ أَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنه أَيْضًا فِي قَوْلِهِ هَذَا مَا
5031 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:" اقْتَتَلَتِ امْرَأَتَانِ مِنْ هُذَيْلٍ فَضَرَبَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِحَجَرٍ فَقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا فَاخْتَصَمُوا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَضَى أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا عَبْدٌ أَوْ وَلِيدَةٌ وَقَضَى بِدِيَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا وَوَرِثَهَا وَلَدُهَا وَمَنْ مَعَهُمْ. فَقَالَ حَمَلُ بْنُ مَالِكِ بْنِ النَّابِغَةِ الْهُذَلِيُّ: يَا رَسُولَ اللهِ ، كَيْفَ أَغْرَمُ مَنْ لَا شَرِبَ وَلَا أَكَلَ وَلَا نَطَقَ وَلَا اسْتَهَلَّ؟ فَمِثْلُ ذَلِكَ بَطَلَ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا هَذَا مِنْ إِخْوَانِ الْكُهَّانِ مِنْ أَجْلِ سَجْعِهِ الَّذِي سَجَعَهُ "
5032 -
حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ: ثنا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ نَضْلَةَ الْخُزَاعِيِّ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ «أَنَّ امْرَأَتَيْنِ ضَرَبَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِعَمُودِ الْفُسْطَاطِ فَقَتَلَتْهَا. فَقَضَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالدِّيَةِ عَلَى عَصَبَةِ الْقَاتِلَةِ وَقَضَى مَا فِي بَطْنِهَا بِغُرَّةٍ وَالْغُرَّةُ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ. فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ أَغْرَمُ مَنْ لَا طَعِمَ وَلَا شَرِبَ وَلَا صَاحَ وَلَا اسْتَهَلَّ وَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ. فَقَالَ سَجْعٌ كَسَجْعِ الْأَعْرَابِ»
5033 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ ، قَالَ أَخْبَرَنَا زَائِدَةُ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ نَضْلَةَ ، عَنِ الْمُغِيرَةِ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ قَالُوا: فَهَذِهِ الْآثَارُ تُخْبِرُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَقْتُلِ الْمَرْأَةَ الْقَاتِلَةَ بِالْحَجَرِ وَلَا بِعَمُودِ الْفُسْطَاطِ وَعَمُودُ الْفُسْطَاطِ يَقْتُلُ مِثْلُهُ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَا قَوَدَ عَلَى مَنْ قَتَلَ بِخَشَبَةٍ وَإِنْ كَانَ مِثْلُهَا يَقْتُلُ. فَكَانَ مِنْ حُجَّةِ مَنْ خَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ أَنْ قَالَ: فَقَدْ رَوَى حَمَلٌ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خِلَافَ هَذَا فَذَكَرَ مَا
حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه نَشَدَ النَّاسَ أَيْ سَأَلَهُمْ وَأَقْسَمَ عَلَيْهِمْ قَضَاءَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْجَنِينِ. فَقَامَ حَمَلُ بْنُ مَالِكِ بْنِ النَّابِغَةِ فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ وَإِنَّ إِحْدَاهُمَا ضَرَبَتِ الْأُخْرَى بِمِسْطَحٍ فَقَتَلَتْهَا وَجَنِينَهَا فَقَضَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْجَنِينِ بِغُرَّةٍ وَأَنْ تُقْتَلَ مَكَانَهَا ".
5034 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ النُّعْمَانِ ، قَالَ: ثنا الْحُمَيْدِيُّ ، قَالَ: ثنا هِشَامُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمَخْزُومِيُّ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ طَاوُسٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ وَأَنْ تُقْتَلَ مَكَانَهَا فَهَذَا حَمَلُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه يَرْوِي عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَتَلَ الْمَرْأَةَ بِالَّتِي قَتَلَتْهَا بِالْمِسْطَحِ. فَقَدْ خَالَفَ أَبَا هُرَيْرَةَ وَالْمُغِيرَةَ رضي الله عنهما فِيمَا رَوَيَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَضَائِهِ بِالدِّيَةِ فِي ذَلِكَ. فَقَدْ تَكَافَأَتِ الْأَخْبَارُ فِي ذَلِكَ. فَلَمَّا تَكَافَأَتْ وَاخْتَلَفَتْ وَجَبَ النَّظَرُ فِي ذَلِكَ لِنَسْتَخْرِجَ مِنَ الْقَوْلَيْنِ قَوْلًا صَحِيحًا فَاعْتَبَرْنَا ذَلِكَ. فَوَجَدْنَا الْأَصْلَ الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ أَنَّ مَنْ قَتَلَ رَجُلًا بِحَدِيدَةٍ عَمْدًا فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ وَهُوَ آثِمٌ فِي ذَلِكَ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ. وَإِذَا قَتَلَهُ خَطَأً فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَالْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ وَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ فَكَانَتِ الْكَفَّارَةُ تَجِبُ حَيْثُ يَرْتَفِعُ الْإِثْمُ.
⦗ص: 189⦘
وَتَرْتَفِعُ الْكَفَّارَةُ حَيْثُ يَجِبُ الْإِثْمُ. وَرَأَيْنَا شِبْهَ الْعَمْدِ قَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ الدِّيَةَ فِيهِ وَأَنَّ الْكَفَّارَةَ فِيهِ وَاجِبَةٌ وَاخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّتِهَا مَا هِيَ؟ فَقَالَ قَائِلُونَ: هُوَ الرَّجُلُ يَقْتُلُ رَجُلًا مُتَعَمِّدًا بِغَيْرِ سِلَاحٍ. وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ الرَّجُلُ يَقْتُلُ الرَّجُلَ بِالشَّيْءِ الَّذِي لَا يَرَى أَنَّهُ يَقْتُلُهُ كَأَنَّهُ يَتَعَمَّدُ ضَرْبَ رَجُلٍ بِسَوْطٍ أَوْ بِشَيْءٍ لَا يَقْتُلُ مِثْلَهُ فَيَمُوتُ مِنْ ذَلِكَ فَهَذَا شِبْهُ الْعَمْدِ عِنْدَهُمْ. فَإِنْ كَرَّرَ عَلَيْهِ الضَّرْبَ بِالسَّوْطِ مِرَارًا حَتَّى كَانَ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ يَقْتُلُ مِثْلُهُ كَانَ ذَلِكَ عَمْدًا وَوَجَبَ عَلَيْهِ فِيهِ الْقَوَدُ. وَكُلُّ مَنْ جَعَلَ مِنْهُمْ شِبْهَ الْعَمْدِ عَلَى جِنْسٍ مِنْ هَذَيْنِ الْجِنْسَيْنِ أَوْجَبَ فِيهِ الْكَفَّارَةَ. وَقَدْ رَأَيْنَا الْكَفَّارَةَ فِيمَا قَدْ أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْفَرِيقَانِ تَجِبُ حَيْثُ لَا يَجِبُ الْإِثْمُ وَتَنْتَفِي حَيْثُ يَكُونُ الْإِثْمُ وَكَانَ الْقَاتِلُ بِحَجَرٍ أَوْ بِعَصًا أَوْ مِثْلِ ذَلِكَ يَقْتُلُ عَلَيْهِ إِثْمُ النَّفْسِ وَهُوَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ كَمَنْ قَتَلَ رَجُلًا بِحَدِيدَةٍ وَكَانَ مَنْ قَتَلَ رَجُلًا بِسَوْطٍ لَيْسَ مِثْلُهُ يَقْتُلُ غَيْرَ آثِمٍ إِثْمَ الْقَتْلِ وَلَكِنَّهُ آثِمٌ إِثْمَ الضَّرْبِ فَكَانَ إِثْمُ الْقَتْلِ فِي هَذَا عَنْهُ مَرْفُوعًا لِأَنَّهُ لَمْ يَرُدَّهُ وَإِثْمُ الضَّرْبِ عَلَيْهِ مَكْتُوبٌ لِأَنَّهُ قَصَدَهُ وَأَرَادَهُ. فَكَانَ النَّظَرُ أَنْ يَكُونَ شِبْهُ الْعَمْدِ الَّذِي قَدْ أُجْمِعَ أَنَّ فِيهِ كَفَّارَةً فِي النَّفْسِ هُوَ مَا لَا إِثْمَ فِيهِ وَهُوَ الْقَتْلُ بِمَا لَيْسَ مِثْلُهُ يَقْتُلُ الَّذِي يَتَعَمَّدُ بِهِ الضَّرْبَ وَلَا يُرَادُ بِهِ تَلَفُ النَّفْسِ فَيَأْتِي ذَلِكَ عَلَى تَلَفِ النَّفْسِ. فَقَدْ ثَبَتَ بِذَلِكَ قَوْلُ أَهْلِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِمَا. وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ