الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى
5209 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ ، عَنِ الْحَكَمِ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى يُحَدِّثُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ " أَنَّ فَاطِمَةَ أَتَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَشْكُو إِلَيْهِ أَثَرَ الرَّحَى فِي يَدِهَا وَقَدْ بَلَغَهَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَتَاهُ سَبْيٌ ، فَأَتَتْهُ تَسْأَلُهُ خَادِمًا ، فَلَمْ تَلْقَهُ ، وَلَقِيَتْهَا عَائِشَةُ ، فَأَخْبَرَتْهَا الْحَدِيثَ فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَتْهُ بِذَلِكَ قَالَ: فَأَتَانِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا ، فَذَهَبْنَا لِنَقُومَ فَقَالَ مَكَانَكُمَا فَقَعَدَ بَيْنَنَا حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِي فَقَالَ أَلَا أَدُلُّكُمَا عَلَى خَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَا تُكَبِّرَانِ اللهَ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ ، وَتُسَبِّحَانِ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ ، وَتَحْمَدَانِ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ ، إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا ، فَإِنَّهُ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ
5210 -
حَدَّثَنَا رَبِيعٌ الْمُؤَذِّنُ ، قَالَ: ثنا أَسَدٌ ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ لِفَاطِمَةَ ذَاتَ يَوْمٍ قَدْ جَاءَ اللهُ أَبَاكَ بِسَعَةٍ وَرَقِيقٍ فَأْتِيهِ فَاطْلُبِي مِنْهُ خَادِمًا فَأَتَتْهُ ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ:«وَاللهِ لَا أُعْطِيكُمَا وَأَدَعُ أَهْلَ الصُّفَّةِ يَطْوُونَ بُطُونَهُمْ ، وَلَا أَجِدُ مَا أُنْفِقُ عَلَيْهِمْ ، وَلَكِنْ أَبِيعُهَا ، وَأُنْفِقُ عَلَيْهِمْ ، أَلَا أَدُلُّكُمَا عَلَى خَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَا؟ عَلَّمَنِيهِ جَبْرَائِيلُ ، كَبِّرَا فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ عَشْرًا ، وَسَبِّحَا عَشْرًا ، وَاحْمَدَا عَشْرًا ، وَإِذَا آوَيْتُمَا إِلَى فِرَاشِكُمَا» ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ مَا فِي حَدِيثِ سُلَيْمَانَ
5211 -
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ ، قَالَ: ثنا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَيَّاشُ بْنُ عُقْبَةَ ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْفَضْلُ بْنُ حَسَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَكَمِ ، أَنَّ أُمَّهُ ، حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا ، ذَهَبَتْ هِيَ وَأُمُّهَا حَتَّى دَخَلَتْ عَلَى فَاطِمَةَ ، فَخَرَجْنَ جَمِيعًا، فَأَتَيْنَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ أَقْبَلَ مِنْ بَعْضِ مَغَازِيهِ ، وَمَعَهُ رَقِيقٌ ، فَسَأَلَتْهُ أَنْ يَخْدُمَهُنَّ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " سَبَقَكُنَّ يَتَامَى أَهْلِ بَدْرٍ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ ذَوِي قَرَابَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَا سَهْمَ لَهُمْ مِنَ الْخُمُسِ مَعْلُومٌ ، وَلَا حَظَّ لَهُمْ مِنْهُ خِلَافُ حَظِّ غَيْرِهِمْ قَالُوا وَإِنَّمَا جَعَلَ اللهُ لَهُمْ مَا جَعَلَ مِنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [الأنفال: 41] وَبِقَوْلِهِ {مَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ} [الحشر: 7] بِحَالِ فَقْرِهِمْ وَحَاجَتِهِمْ ، فَأَدْخَلَهُمْ مَعَ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ فَكَمَا يَخْرُجُ الْفَقِيرُ وَالْيَتِيمُ وَالْمِسْكِينُ مِنْ ذَلِكَ ، لِخُرُوجِهِمْ مِنَ الْمَعْنَى الَّذِي بِهِ اسْتَحَقُّوا مَا اسْتَحَقُّوا مِنْ ذَلِكَ ، فَكَذَلِكَ ذَوُو قَرَابَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْمَضْمُومُونَ مَعَهُمْ ، إِنَّمَا كَانُوا ضُمُّوا مَعَهُمْ لِفَقْرِهِمْ ، فَإِذَا اسْتَغْنَوْا ، خَرَجُوا مِنْ ذَلِكَ
⦗ص: 234⦘
وَقَالُوا: لَوْ كَانَ لِقَرَابَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ حَظٌّ ، لَكَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهُمْ ، إِذْ كَانَتْ أَقْرَبَهُمْ إِلَيْهِ نَسَبًا ، وَأَمَسَّهُمْ بِهِ رَحِمًا ، فَلَمْ يَجْعَلْ لَهَا حَظًّا فِي السَّبْيِ الَّذِي ذَكَرْنَا ، وَلَمْ يُخْدِمْهَا مِنْهُ خَادِمًا وَلَكِنَّهُ وَكَلَهَا إِلَى ذِكْرِ اللهِ عز وجل ، لِأَنَّ مَا تَأْخُذُ مِنْ ذَلِكَ ، إِنَّمَا حُكْمُهَا فِيهِ حُكْمُ الْمَسَاكِينِ ، فِيمَا تَأْخُذُ مِنَ الصَّدَقَةِ فَرَأَى أَنَّ تَرْكَهَا ذَلِكَ وَالْإِقْبَالَ عَلَى ذِكْرِ اللهِ عز وجل وَتَسْبِيحِهِ وَتَهْلِيلِهِ ، خَيْرٌ لَهَا مِنْ ذَلِكَ وَأَفْضَلُ وَقَدْ قَسَمَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم جَمِيعَ الْخُمُسِ ، فَلَمْ يَرَيَا لِقَرَابَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ حَقًّا ، خِلَافَ حَقِّ سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ هَذَا هُوَ الْحَكَمُ عِنْدَهُمَا ، وَثَبَتَ ، إِذْ لَمْ يُنْكِرْهُ عَلَيْهِمَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يُخَالِفْهُمَا فِيهِ ، أَنَّ ذَلِكَ كَانَ رَأْيَهُمْ فِيهِ أَيْضًا ، وَإِذَا ثَبَتَ الْإِجْمَاعُ فِي ذَلِكَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما وَمِنْ جَمِيعِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثَبَتَ الْقَوْلُ بِهِ وَوَجَبَ الْعَمَلُ بِهِ ، وَتَرْكُ خِلَافِهِ ثُمَّ هَذَا عَلِيٌّ رضي الله عنه ، لَمَّا صَارَ الْأَمْرُ إِلَيْهِ ، حَمَلَ النَّاسَ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا وَذَكَرُوا فِي ذَلِكَ مَا قَدْ
5212 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ، قَالَ: ثنا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ فَقُلْتُ: رَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ حَيْثُ وَلِيَ الْعِرَاقَ ، وَمَا وَلِيَ مِنْ أُمُورِ النَّاسِ ، كَيْفَ صَنَعَ فِي سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى قَالَ: سَلَكَ بِهِ ، وَاللهِ ، سَبِيلَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما قُلْتُ: وَكَيْفَ؟ وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ مَا تَقُولُونَ؟ قَالَ: إِنَّهُ ، وَاللهِ ، مَا كَانَ أَهْلُهُ يَصْدُرُونَ إِلَّا عَنْ رَأْيِهِ قُلْتُ: فَمَا مَنَعَهُ؟ قَالَ: كَرِهَ ، وَاللهِ ، أَنْ يُدَّعَى عَلَيْهِ خِلَافُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما فَهَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه ، قَدْ أَجْرَاهُ عَلَى مَا كَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رضي الله عنهما أَجْرَيَاهُ عَلَيْهِ ، لِأَنَّهُ رَأَى ذَلِكَ عَدْلًا وَلَوْ كَانَ رَأْيُهُ ، خِلَافَ ذَلِكَ ، مَعَ عِلْمِهِ ، وَدِينِهِ ، وَفَضْلِهِ ، إِذًا لَرَدَّهُ إِلَى مَا رَأَى وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ أَيْضًا بِمَا
5213 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ، قَالَ: ثنا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ ، قَالَ: ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ ، قَالَ: سَأَلْتُ الْحَسَنَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنَ عَلِيٍّ ، عَنْ قَوْلِ اللهِ عز وجل {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41] قَالَ: أَمَّا قَوْلُهُ «فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ» فَهُوَ مِفْتَاحُ كَلَامٍ ، لِلَّهِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ ، لِلرَّسُولِ ، وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَاخْتَلَفَ النَّاسُ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ قَوْمٌ: مِنْهُمْ سَهْمُ ذَوِي الْقُرْبَى لِقَرَابَةِ الْخَلِيفَةِ ، وَقَالَ قَوْمٌ: سَهْمُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِلْخَلِيفَةِ مِنْ بَعْدِهِ
⦗ص: 235⦘
ثُمَّ أَجْمَعُوا رَأْيَهُمْ أَنْ جَعَلُوا هَذَيْنِ السَّهْمَيْنِ فِي الْخَيْلِ وَالْعُدَّةِ فِي سَبِيلِ اللهِ ، عز وجل ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي إِمَارَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما قَالُوا: أَفَلَا تَرَى أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ أَجْمَعَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ رَجَعَ إِلَى الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ الَّذِي تَكُونُ عُدَّةً لِلْمُسْلِمِينَ ، لِقِتَالِ عَدُوِّهِمْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لِذَوِي قَرَابَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَا مُنِعُوا مِنْهُ ، وَلَمَا صُرِفُوا إِلَى غَيْرِهِمْ ، وَلَا خَفِيَ ذَلِكَ عَلَى الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، مَعَ عِلْمِهِ فِي أَهْلِهِ ، وَتَقَدُّمِهِ فِيهِمْ وَقَدْ قَالَ ذَلِكَ أَيْضًا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فِي جَوَابِهِ لِنَجْدَةَ ، لَمَّا كَتَبَ إِلَيْهِ يَسْأَلُهُ عَنْ سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى وَذَكَرُوا فِي ذَلِكَ مَا
5214 -
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ ، قَالَ ثَنَا عَمِّي جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ هُرْمُزَ ، حَدَّثَهُ أَنَّ نَجْدَةَ صَاحِبَ الْيَمَامَةِ كَتَبَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ عَنْ سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى فَكَتَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ «إِنَّهُ لَنَا وَقَدْ كَانَ دَعَانَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِيُنْكِحَ مِنْهُ أَيِّمَنَا ، وَيَقْضِي عَنْهُ مِنْ غَارِمِنَا ، فَأَبَيْنَا إِلَّا أَنْ يُسَلِّمَهُ لَنَا كُلَّهُ ، وَرَأَيْنَا أَنَّهُ لَنَا»
5215 -
حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ: ثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ ، قَالَ: ثنا أَبِي ، قَالَ: سَمِعْتُ قَيْسًا ، يُحَدِّثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ ، قَالَ: كَتَبَ نَجْدَةُ بْنُ عَامِرٍ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يَسْأَلُهُ عَنْ سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى الَّذِي ذَكَرَ اللهُ ، وَفَرَضَ لَهُمْ فَكَتَبَ إِلَيْهِ وَأَنَا شَاهِدٌ " كُنَّا نَرَى أَنَّهُمْ قَرَابَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَبَى ذَلِكَ عَلَيْنَا قَوْمُنَا فَهَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا يُخْبِرُ أَنَّ قَوْمَهُمْ أَبَوْا عَلَيْهِمْ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ ، وَلَمْ يُظْلَمْ مَنْ أَبَى ذَلِكَ عَلَيْهِ فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ مَا أُرِيدَ فِي ذَلِكَ بِقَرَابَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم هُوَ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْفَقْرِ وَالْحَاجَةِ فَهَذِهِ حُجَجُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ ذَوِي الْقُرْبَى ، لَا سَهْمَ لَهُمْ مِنَ الْخُمُسِ ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا مَنْ بَعْدَهُ وَقَدْ خَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ ، فَقَالُوا: قَدْ كَانَ لَهُمْ سَهْمٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَهُوَ خُمُسُ الْخُمُسِ ، وَكَانَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَضَعَهُ فِيمَنْ شَاءَ مِنْهُمْ وَذَكَرُوا فِي ذَلِكَ مَا
5216 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَحْرِ بْنِ مَطَرٍ وَعَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ الْبَغْدَادِيَّانِ ، قَالَا: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ، قَالَ: لَمَّا قَسَمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى ، أَعْطَى بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ ، وَلَمْ يُعْطِ بَنِي أُمَيَّةَ شَيْئًا ، وَبَنِي نَوْفَلٍ فَأَتَيْتُ أَنَا وَعُثْمَانُ رضي الله عنه ، رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ ، هَؤُلَاءِ بَنُو هَاشِمٍ ، فَضَّلَهُمُ اللهُ بِكَ ، فَمَا بَالُنَا وَبَنِي الْمُطَّلِبِ؟ وَإِنَّمَا نَحْنُ وَهُمْ فِي النَّسَبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ
⦗ص: 236⦘
فَقَالَ: «إِنَّ بَنِي الْمُطَّلِبِ لَمْ يُفَارِقُونِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَلَا فِي الْإِسْلَامِ» قَالُوا: فَلَمَّا أَعْطَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ السَّهْمَ بَعْضَ الْقَرَابَةِ ، وَحَرَمَ مِنْ قَرَابَتِهِ مِنْهُ كَقَرَابَتِهِمْ ، ثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ اللهَ لَمْ يُرِدْ بِمَا جَعَلَ لِذَوِي الْقُرْبَى ، كُلَّ قَرَابَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ خَاصًّا مِنْهُمْ ، وَجَعَلَ الرَّأْيَ فِي ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، يَضَعُهُ فِيمَنْ شَاءَ مِنْهُمْ ، وَإِذَا مَاتَ فَانْقَطَعَ رَأْيُهُ ، انْقَطَعَ مَا جُعِلَ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ ، كَمَا قَدْ جَعَلَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَصْطَفِيَ مِنَ الْمَغْنَمِ لِنَفْسِهِ سَهْمَ الصَّفِيِّ ، فَكَانَ ذَلِكَ مَا كَانَ حَيًّا ، يَخْتَارُ لِنَفْسِهِ مِنَ الْمَغْنَمِ مَا شَاءَ ، فَلَمَّا مَاتَ انْقَطَعَ ذَلِكَ وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ ، وَمُحَمَّدٌ ، رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِمْ وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ ، فَقَالُوا: بَلْ ذَوُو الْقُرْبَى الَّذِينَ جَعَلَ اللهُ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ مَا جَعَلَ ، هُمْ: بَنُو هَاشِمٍ ، وَبَنُو الْمُطَّلِبِ فَأَعْطَاهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا أَعْطَاهُمْ ، مِنْ ذَلِكَ بِجَعْلِ اللهِ ، عز وجل ، ذَلِكَ لَهُمْ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يُعْطِيَ غَيْرَهُمْ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ ، وَبَنِي نَوْفَلٍ ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يَدْخُلُوا فِي الْآيَةِ وَإِنَّمَا دَخَلَ فِيهَا مِنْ قَرَابَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، بَنُو هَاشِمٍ ، وَبَنُو الْمُطَّلِبِ خَاصَّةً فَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي هَذَا هَذَا الِاخْتِلَافَ ، فَذَهَبَ كُلُّ فَرِيقٍ إِلَى مَا ذَكَرْنَا وَاحْتَجَّ لِقَوْلِهِ بِمَا وَصَفْنَا ، وَجَبَ أَنْ نَكْشِفَ كُلَّ قَوْلٍ مِنْهَا ، وَمَا ذَكَرْنَا مِنْ حُجَّةِ قَائِلِهِ ، لِنَسْتَخْرِجَ مِنْ هَذِهِ الْأَقَاوِيلِ قَوْلًا صَحِيحًا ، فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ ، فَابْتَدَأْنَا بِقَوْلِ الَّذِي نَفَى أَنْ يَكُونَ لَهُمْ فِي الْآيَةِ شَيْءٌ بِحَقِّ الْقَرَابَةِ ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا جَعَلَ لَهُمْ فِيهَا مَا جَعَلَ لِحَاجَتِهِمْ وَفَقْرِهِمْ ، كَمَا جَعَلَ لِلْمِسْكِينِ وَالْيَتِيمِ فِيهَا مَا جَعَلَ ، لِحَاجَتِهِمَا وَفَقْرِهِمَا ، فَإِذَا ارْتَفَعَ الْفَقْرُ عَنْهُمْ جَمِيعًا ارْتَفَعَتْ حُقُوقُهُمْ مِنْ ذَلِكَ فَوَجَدْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قَدْ قَسَّمَ سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى حِينَ قَسَّمَهُ فَأَعْطَى بَنِي هَاشِمٍ ، وَبَنِي الْمُطَّلِبِ ، وَعَمَّهُمْ بِذَلِكَ جَمِيعًا ، وَقَدْ كَانَ فِيهِمُ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَا جَعَلَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ ، هُوَ لِعِلَّةِ الْفَقْرِ ، لَا لِعِلَّةِ الْقَرَابَةِ ، إِذَا لَمَا دَخَلَ أَغْنِيَاؤُهُمْ فِي فُقَرَائِهِمْ فِيمَا جُعِلَ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ ، وَلَقَصَدَ إِلَى الْفُقَرَاءِ مِنْهُمْ ، دُونَ الْأَغْنِيَاءِ فَأَعْطَاهُمْ ، كَمَا فَعَلَ فِي الْيَتَامَى فَلَمَّا أَدْخَلَ أَغْنِيَاءَهُمْ فِي فُقَرَائِهِمْ ، ثَبَتَ بِذَلِكَ ، أَنَّهُ قَصَدَ بِذَلِكَ إِلَى أَعْيَانِ الْقَرَابَةِ لِعِلَّةِ قَرَابَتِهِمْ ، لَا لِعِلَّةِ فَقْرِهِمْ وَأَمَّا مَا ذَكَرُوا مِنْ حَدِيثِ فَاطِمَةَ رضي الله عنها ، حَيْثُ سَأَلَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُخْدِمَهَا خَادِمًا ، مِنَ السَّبْيِ الَّذِي كَانَ قَدِمَ عَلَيْهِ ، فَلَمْ يَفْعَلْ ، وَوَكَلَهَا إِلَى ذِكْرِ اللهِ عز وجل ، وَالتَّسْبِيحِ فَهَذَا لَيْسَ فِيهِ ، عِنْدَنَا ، دَلِيلٌ لَهُمْ عَلَى مَا ذَكَرُوا ، لِأَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَقُلْ لَهَا حِينَ سَأَلَتْهُ: لَا حَقَّ لَكَ فِيهِ ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، لَبَيَّنَ ذَلِكَ لَهَا كَمَا بَيَّنَهُ لِلْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ ، وَرَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ ، حِينَ سَأَلَا أَنْ
⦗ص: 237⦘
يَسْتَعْمِلَهُمَا عَلَى الصَّدَقَةِ ، لِيُصِيبَا مِنْهَا ، فَقَالَ لَهُمَا إِنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ ، وَأَنَّهَا لَا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ ، وَلَا لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ «، وَقَدْ يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ لَمْ يُعْطِهَا الْخَادِمَ حِينَئِذٍ ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَسَمَ ، فَلَمَّا قَسَمَ أَعْطَاهَا حَقَّهَا مِنْ ذَلِكَ ، وَأَعْطَى غَيْرَهَا أَيْضًا حَقَّهُ فَيَكُونُ تَرْكُهُ إِعْطَاءَهَا إِنَّمَا كَانَ لِأَنَّهُ لَمْ يُقْسِمْ ، وَدَلَّهَا عَلَى تَسْبِيحِ اللهِ ، وَتَحْمِيدِهِ ، وَتَهْلِيلِهِ الَّذِي يَرْجُو لَهَا بِهِ الْفَوْزَ مِنَ اللهِ تَعَالَى ، وَالزُّلْفَى عِنْدَهُ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَخْدَمَهَا مِنْ ذَلِكَ ، بَعْدَمَا قَسَّمَ ، وَلَا نَعْلَمُ فِي الْآثَارِ مَا يَدْفَعُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَنَعَهَا مِنْ ذَلِكَ ، إِنْ كَانَ مَنَعَهَا مِنْهُ ، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ قَرَابَةً ، وَلَكِنْ أَقْرَبُ مِنَ الْقَرَابَةِ ، لِأَنَّ الْوَلَدَ لَا يُقَالُ هُوَ مِنْ قَرَابَةِ أَبِيهِ ، إِنَّمَا يُقَالُ ذَلِكَ لِمَنْ غَيْرُهُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْهُ أَلَا تَرَى ، إِلَى قَوْلِ اللهِ عز وجل» قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ " فَجَعَلَ الْوَالِدَيْنِ غَيْرَ الْأَقْرَبِينَ ، لِأَنَّهُمْ أَقْرَبُ مِنَ الْأَقْرَبِينَ فَكَمَا كَانَ الْوَالِدُ يَخْرُجُ مِنْ قَرَابَةِ وَلَدِهِ ، فَكَذَلِكَ الْوَلَدُ يَخْرُجُ مِنْ قَرَابَةِ وَالِدِهِ وَقَدْ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ ، نَحْوًا مِمَّا ذَكَرْنَا فِي رَجُلٍ قَالَ: قَدْ أَوْصَيْتُ بِثُلُثِ مَالِي ، لِقَرَابَةِ فُلَانٍ ، أَنَّ وَالِدَيْهِ وَوَلَدَهُ لَا يَدْخُلُونَ فِي ذَلِكَ ، لِأَنَّهُمْ أَقْرَبُ مِنَ الْقَرَابَةِ ، وَلَيْسُوا بِقَرَابَةٍ ، وَاحْتَجَّ فِي ذَلِكَ بِهَذِهِ الْآيَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا ، فَهَذَا وَجْهٌ آخَرُ فَارْتَفَعَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ أَيْضًا بِحَدِيثِ فَاطِمَةَ رضي الله عنها هَذَا ، حُجَّةٌ فِي نَفْيِ سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى وَأَمَّا مَا احْتَجُّوا بِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما مِنْ فِعْلِهِمَا ، وَأَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُنْكِرُوا ذَلِكَ عَلَيْهِمَا ، فَإِنَّ هَذَا مِمَّا يَسَعُ فِيهِ اجْتِهَادُ الرَّأْيِ ، فَرَأَيَا هُمَا ذَلِكَ ، وَاجْتَهَدَا ، فَكَانَ مَا أَدَّاهُمَا إِلَيْهِ اجْتِهَادُهُمَا ، هُوَ مَا رَأَيَا فِي ذَلِكَ فَحَكَمَا بِهِ ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِمَا ، وَهُمَا فِي ذَلِكَ مُثَابَانِ مَأْجُورَانِ ، وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُنْكِرَ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا أَحَدٌ ، وَهُمَا إِمَامَانِ عَدْلَانِ ، رَأَيَا رَأْيًا فَحَكَمَا بِهِ ، فَفَعَلَا فِي ذَلِكَ الَّذِي كُلِّفَا؟ وَلَكِنْ قَدْ رَأَى فِي ذَلِكَ غَيْرُهُمَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِخِلَافِ مَا رَأَيَا ، فَلَمْ يُعَنِّفُوهُمَا فِيمَا حَكَمَا بِهِ مِنْ ذَلِكَ ، إِذْ كَانَ الرَّأْيُ فِي ذَلِكَ وَاسِعًا ، وَالِاجْتِهَادُ لِلنَّاسِ جَمِيعًا فَأَدَّى أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما رَأْيَهُمَا فِي ذَلِكَ إِلَى مَا رَأَيَا وَحَكَمَا ، وَأَدَّى غَيْرُهُمَا مِمَّنْ خَالَفَهُمَا اجْتِهَادَهُ فِي ذَلِكَ إِلَى مَا رَآهُ ، وَكُلٌّ مَأْجُورٌ فِي اجْتِهَادِهِ فِي ذَلِكَ ، مُثَابٌ مُؤَدٍّ لِلْفَرْضِ الَّذِي عَلَيْهِ ، وَلَمْ يُنْكِرْ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ قَوْلَهُ ، لِأَنَّ مَا خَالَفَ إِلَيْهِ هُوَ رَأْيٌ ، وَالَّذِي قَالَهُ مُخَالِفُهُ هُوَ رَأْيٌ أَيْضًا ، وَلَا تَوْقِيفَ مَعَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِقَوْلِهِ ، مِنْ كِتَابٍ ، وَلَا سُنَّةٍ ، وَلَا إِجْمَاعٍ ،
⦗ص: 238⦘
وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما ، قَدْ كَانَا خُولِفَا فِيمَا رَأَيَا مِنْ ذَلِكَ ، قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: قَدْ كُنَّا نَرَى أَنَّا نَحْنُ هُمْ قَرَابَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَأَبَى ذَلِكَ عَلَيْنَا قَوْمُنَا ، فَأَخْبَرَ أَنَّهُمْ رَأَوْا فِي ذَلِكَ رَأْيًا ، أَبَاهُ عَلَيْهِمْ قَوْمُهُمْ ، وَأَنَّ عُمَرَ دَعَاهُمْ إِلَى أَنْ يُزَوِّجَ مِنْهُ أَيِّمَهُمْ وَيَكْسُوَ مِنْهُ عَارِيَهُمْ ، قَالَ: فَأَبَيْنَا عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يُسَلِّمَهُ لَنَا كُلَّهُ ، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُمْ قَدْ كَانُوا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ ، وَأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا نَزَعُوا عَمَّا كَانُوا رَأَوْا مِنْ ذَلِكَ ، لِرَأْيِ أَبِي بَكْرٍ وَلَا رَأْيِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا فَدَلَّ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ حُكْمَ ذَلِكَ كَانَ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ، وَعِنْدَ سَائِرِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، كَحُكْمِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تُخْتَلَفُ فِيهَا الَّتِي يَسَعُ فِيهَا اجْتِهَادُ الرَّأْيِ ، وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: ثُمَّ أُفْضِيَ الْأَمْرُ إِلَى عَلِيٍّ رضي الله عنه ، فَلَمْ يُغَيِّرْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ، عَمَّا كَانَ وَضَعَهُ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما ، قَالُوا: فَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ قَدْ كَانَ رَأَى فِي ذَلِكَ أَيْضًا ، مِثْلَ الَّذِي رَأَيَا ، فَلَيْسَ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرُوا ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَقِيَ فِي يَدِ عَلِيٍّ مِمَّا كَانَ وَقَعَ فِي يَدِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ لِأَنَّهُمَا لَمَّا كَانَ ذَلِكَ ، وَقَعَ فِي أَيْدِيهِمَا ، أَنْفَذَاهُ فِي وُجُوهِهِ الَّتِي رَأَيَاهَا فِي ذَلِكَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِمَا ، ثُمَّ أُفْضِيَ الْأَمْرُ إِلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ ، فَلَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ سَبَى أَحَدًا وَلَا ظَهَرَ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الْعَدُوِّ ، وَلَا غَنِمَ غَنِيمَةً يَجِبُ فِيهَا خُمُسٌ لِلَّهِ ، لِأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ شُغْلُهُ فِي خِلَافَتِهِ كُلِّهَا ، بِقِتَالِ مَنْ خَالَفَهُ ، مِمَّنْ لَا يُسْبَى وَلَا يُغْنَمُ وَإِنَّمَا يُحْتَجُّ بِقَوْلِ عَلِيٍّ رضي الله عنه فِي ذَلِكَ لَوْ سَبَى وَغَنِمَ ، فَفَعَلَ فِي ذَلِكَ مِثْلَ مَا كَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَعَلَا فِي الْأَخْمَاسِ وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ سَبَى وَلَا غَنِمَ ، فَلَا حُجَّةَ لِأَحَدٍ فِي تَغْيِيرِ مَا كَانَ فُعِلَ قَبْلَهُ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ بَقِيَ فِي يَدِهِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ ، مِمَّا كَانَ غَنِمَهُ مِنْ قَبْلِهِ ، فَحَرَمَهُ ذَوِي قَرَابَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، لَمَا كَانَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا حُجَّةٌ تَدُلُّ عَلَى مَذْهَبِهِ فِي ذَلِكَ كَيْفَ كَانَ؟ لِأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا صَارَ إِلَيْهِ بَعْدَمَا نَفَذَ فِيهِ الْحَكَمُ مِنَ الْإِمَامِ الَّذِي كَانَ قَبْلَهُ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ إِبْطَالُ ذَلِكَ الْحُكْمِ ، وَإِنْ كَانَ هُوَ يَرَى خِلَافَهُ ، لِأَنَّ ذَلِكَ الْحُكْمَ مِمَّا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْعُلَمَاءُ ، وَلَوْ كَانَ عَلِيٌّ رضي الله عنه رَأَى فِي ذَلِكَ مَا كَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رضي الله عنهما رَأَيَاهُ فِي قَرَابَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ قَدْ خَالَفَهُ ، لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: كُنَّا نَرَى أَنَّا نَحْنُ هُمْ ، فَأَبَى ذَلِكَ عَلَيْنَا قَوْمُنَا ، فَهَذَا جَوَابَاتُ الْحُجَجِ الَّتِي احْتَجَّ بِهَا الَّذِينَ نَفَوْا سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا لَهُمْ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا فِي حَيَاتِهِ ، وَأَنَّهُمْ كَانُوا فِي ذَلِكَ كَسَائِرِ الْفُقَرَاءِ فَبَطَلَ هَذَا الْمَذْهَبُ ، فَثَبَتَ أَحَدُ الْمَذَاهِبِ الْأُخَرِ ، فَأَرَدْنَا أَنْ نَنْظُرَ فِي قَوْلِ مَنْ جَعَلَهُ لِقَرَابَةِ الْخَلِيفَةِ مِنْ بَعْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَجَعَلَ سَهْمَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِلْخَلِيفَةِ مِنْ بَعْدِهِ هَلْ لِذَلِكَ وَجْهٌ؟
⦗ص: 239⦘
فَرَأَيْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ كَانَ فُضِّلَ بِسَهْمِ الصَّفِيِّ وَبِخُمُسِ الْخُمُسِ ، وَجُعِلَ لَهُ مَعَ ذَلِكَ فِي الْغَنِيمَةِ سَهْمٌ كَسَهْمِ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ رَأَيْنَاهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ سَهْمَ الصَّفِيِّ لَيْسَ لِأَحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَأَنَّ حُكْمَ رَسُولِ اللهِ فِي ذَلِكَ خِلَافُ حُكْمِ الْإِمَامِ مِنْ بَعْدِهِ ، فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَيْضًا أَنَّ حُكْمَهُ فِي خُمُسِ الْخُمُسِ ، خِلَافُ حُكْمِ الْإِمَامِ مِنْ بَعْدِهِ ثَبَتَ أَنَّ حُكْمَهُ فِيمَا وَصَفْنَاهُ خِلَافُ حُكْمِ الْإِمَامِ مِنْ بَعْدِهِ ، ثَبَتَ أَنَّ حُكْمَ قَرَابَتِهِ فِي ذَلِكَ خِلَافُ حُكْمِ قَرَابَةِ الْإِمَامِ مِنْ بَعْدِهِ ، قُلِّبَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ مِنَ الْآخَرَيْنِ فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ ، فَإِذَا اللهُ عز وجل قَالَ {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [الأنفال: 41] فَكَانَ سَهْمُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم جَارِيًا لَهُ ، مَا كَانَ حَيًّا إِلَى أَنْ مَاتَ ، وَانْقَطَعَ بِمَوْتِهِ ، وَكَانَ سَهْمُ الْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى ، فَقَالَ قَوْمٌ: هُوَ لَهُمْ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، كَمَا كَانَ لَهُمْ فِي حَيَاتِهِ ، وَقَالَ قَوْمٌ: قَدِ انْقَطَعَ عَنْهُمْ بِمَوْتِهِ ، وَكَانَ اللهُ عز وجل قَدْ جَمَعَ كُلَّ قَرَابَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي قَوْلِهِ «وَلِذِي الْقُرْبَى» فَلَمْ يَخُصَّ أَحَدًا مِنْهُمْ دُونَ أَحَدٍ ثُمَّ قَسَمَ ذَلِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، فَأَعْطَى مِنْهُمْ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ خَاصَّةً ، وَحَرَمَ بَنِي أُمَيَّةَ ، وَبَنِي نَوْفَلٍ ، وَقَدْ كَانُوا مَحْصُورِينَ مَعْدُودِينَ ، وَفِيمَنْ أَعْطَى الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ ، وَفِيمَنْ حَرَمَ كَذَلِكَ فَثَبَتَ أَنَّ ذَلِكَ السَّهْمَ كَانَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَجَعَلَهُ فِي أَيِّ قَرَابَتِهِ شَاءَ ، فَصَارَ بِذَلِكَ حُكْمُهُ حُكْمَ سَهْمِهِ الَّذِي كَانَ يَصْطَفِي لِنَفْسِهِ فَكَمَا كَانَ ذَلِكَ مُرْتَفِعًا بِوَفَاتِهِ ، غَيْرَ وَاجِبٍ لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ ، كَانَ هَذَا أَيْضًا كَذَلِكَ مُرْتَفِعًا بِوَفَاتِهِ ، غَيْرَ وَاجِبٍ لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ ، وَمُحَمَّدٍ ، رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ