الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا وَالْحَجَرِ فِيهِ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ مِنْهَا أَرْبَعُونَ خِلْفَةً فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا «. فَكَانَ مِنْ حُجَّتِنَا عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي النَّفْسِ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِيهَا. وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ وَهُوَ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ بِإِسْنَادِهِ فِي أَوَّلِ هَذَا الْكِتَابِ فِي خَبَرِ» الرُّبَيِّعِ أَنَّهَا لَطَمْتُ جَارِيَةً فَكَسَرْتُ ثَنِيَّتَهَا فَاخْتَصَمُوا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَ بِالْقِصَاصِ ". وَقَدْ رَأَيْنَا اللَّطْمَةَ إِذَا أَتَتْ عَلَى النَّفْسِ لَمْ يَجِبْ فِيهَا قَوَدٌ وَرَأَيْنَاهَا فِيمَا دُونَ النَّفْسِ قَدْ أَوْجَبَتِ الْقَوَدَ. فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ مَا كَانَ فِي النَّفْسِ شِبْهُ عَمْدٍ أَنَّهُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ عَمْدٌ عَلَى تَصْحِيحِ هَذِهِ الْآثَارِ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ
بَابُ الرَّجُلِ يَقُولُ عِنْدَ مَوْتِهِ: إِنْ مِتُّ فَفُلَانٌ قَتَلَنِي قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: قَدْ رَوَيْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا سَأَلَ الْجَارِيَةَ الَّتِي رُضِخَ رَأْسُهَا مَنْ رَضَخَ رَأْسَكَ أَفُلَانٌ هُوَ؟ فَأَوْمَتْ بِرَأْسِهَا أَيْ نَعَمْ فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِرَضْخِ رَأْسِهِ بَيْنَ حَجَرَيْنِ»
. فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى هَذَا الْحَدِيثِ فَزَعَمُوا أَنَّهُمْ قَلَّدُوهُ وَقَالُوا: مَنِ ادَّعَى - وَهُوَ فِي حَالِ الْمَوْتِ - أَنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ قَوْلِهِ فِي ذَلِكَ وَقَتَلَ الَّذِي ذَكَرَ أَنَّهُ قَتَلَهُ. وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ فَقَالُوا: قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَأَلَ الْيَهُودِيَّ فَأَقَرَّ بِمَا ادَّعَتِ الْجَارِيَةُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ فَقَتَلَهُ بِإِقْرَارِهِ لَا بِدَعْوَى الْجَارِيَةِ. فَاعْتَبَرْنَا الْآثَارَ الَّتِي قَدْ جَاءَتْ فِي ذَلِكَ: هَلْ نَجِدُ فِيهَا عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ دَلِيلًا؟ فَإِذَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ
5037-
قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: ثنا أَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ قَالَ: ثنا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ وَزَادَ قَالَ: فَسَأَلَهُ فَأَقَرَّ بِمَا ادَّعَتْ فَرَضَخَ رَأْسَهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ
5038 -
حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ: ثنا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: ثنا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ " أَنَّ يَهُودِيًّا رَضَخَ رَأْسَ جَارِيَةٍ بَيْنَ حَجَرَيْنِ فَقِيلَ لَهَا: مَنْ فَعَلَ بِكِ هَذَا؟ أَفُلَانٌ؟ أَفُلَانٌ؟ حَتَّى ذَكَرُوا الْيَهُودِيَّ فَأُتِيَ بِهِ فَاعْتَرَفَ فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَرَضَخَ رَأْسَهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ " فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا قَتَلَهُ بِإِقْرَارِهِ بِمَا ادَّعَى عَلَيْهِ لَا بِدَعْوَى الْجَارِيَةِ. وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ أَيْضًا مَا قَدْ أَجْمَعُوا عَلَيْهِ.
⦗ص: 191⦘
أَلَا تَرَى أَنَّ رَجُلًا لَوِ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ دَعْوَى قَتْلًا أَوْ غَيْرَهُ فَسَأَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ ذَلِكَ فَأَوْمَأَ بِرَأْسِهِ أَيْ: نَعَمْ أَنَّهُ لَا يَكُونُ بِذَلِكَ مُقِرًّا. فَإِذَا كَانَ إِيمَاءُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِرَأْسِهِ لَا يَكُونُ مِنْهُ إِقْرَارًا يَجِبُ بِهِ عَلَيْهِ حَقٌّ كَانَ إِيمَاءُ الْمُدَّعِي بِرَأْسِهِ أَحْرَى أَنْ لَا يُوجِبَ لَهُ حَقًّا. وَقَدْ
5039 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» . فَمَنَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُعْطَى أَحَدٌ بِدَعْوَاهُ دَمًا أَوْ مَالًا وَلَمْ يُوجِبْ لِلْمُدَّعَى فِيهِ بِدَعْوَاهُ إِلَّا بِالْيَمِينِ. فَهَذَا حُكْمُ هَذَا الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ تَصْحِيحِ مَعَانِي الْآثَارِ. وَأَمَّا وَجْهُ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ فَإِنَّهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ رَجُلًا لَوِ ادَّعَى فِي حَالِ مَوْتِهِ أَنَّ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَرَاهِمَ ثُمَّ مَاتَ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مَقْبُولٍ مِنْهُ وَأَنَّهُ فِي ذَلِكَ كَهُوَ فِي دَعْوَاهُ فِي حَالِ الصِّحَّةِ. فَالنَّظَرُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ هُوَ فِي دَعْوَاهُ الدَّمَ فِي تِلْكَ الْحَالِ كَهُوَ فِي دَعْوَاهُ ذَلِكَ فِي حَالِ الصِّحَّةِ. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ وَقَدْ
5040 -
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ: ثنا خَالِدُ بْنُ نِزَارٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: كُنْتُ عَامِلًا لِابْنِ الزُّبَيْرِ عَلَى الطَّائِفِ فَكَتَبْتُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فِي امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا فِي بَيْتٍ تَخْرِزَانِ حَرِيرًا لَهُمَا فَأَصَابَتْ إِحْدَاهُمَا يَدَ صَاحِبَتِهَا بِالْإِشْفَى فَجَرَحَتْهَا فَخَرَجَتْ وَهِيَ تَدْمَى وَفِي الْحُجْرَةِ حِدَاتٌ فَقَالَتْ: أَصَابَتْنِي فَأَنْكَرَتْ ذَلِكَ الْأُخْرَى. فَكَتَبْتُ فِي ذَلِكَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَكَتَبَ إِلَيَّ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَوْ أَنَّ النَّاسَ أُعْطُوا بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى نَاسٌ مِنَ النَّاسِ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ فَادْعُهَا فَاقْرَأْ هَذِهِ الْآيَةَ عَلَيْهَا { «إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا» } [آل عمران: 77] الْآيَةَ فَقَرَأْتُ عَلَيْهَا الْآيَةَ فَاعْتَرَفَتْ " قَالَ نَافِعٌ: فَحَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ عَبَّاسٍ فَسَرَّهُ. أَفَلَا تَرَى أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ قَدْ رَدَّ حُكْمَهَا فِي ذَلِكَ إِلَى حُكْمِ سَائِرِ مَا يَدَّعِي النَّاسُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَاللهُ أَعْلَمُ