الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ الْحَائِضُ مَا يَحِلُّ لِزَوْجِهَا مِنْهَا
.
4371 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنِ الْأَسْوَدِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ:«كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُ إِحْدَانَا أَنْ تَتَّزِرَ وَهِيَ حَائِضٌ ، ثُمَّ يُضَاجِعَهَا» قَالَ شُعْبَةُ: وَقَالَ مَرَّةً: يُبَاشِرُهَا
4372 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ قَالَ: ثنا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: ثنا حُرَيْثُ بْنُ عَمْرٍو ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ مَسْرُوقٍ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ:«رُبَّمَا بَاشَرَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا حَائِضٌ فَوْقَ الْإِزَارِ»
4373 -
حَدَّثَنَا رَبِيعٌ الْمُؤَذِّنُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَسَدٌ قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ ح
4374 -
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ يُونُسَ قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَدَّادٍ ، عَنْ مَيْمُونَةَ ، قَالَتْ:«كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُبَاشِرُ نِسَاءَهُ فَوْقَ الْإِزَارِ ، وَهُنَّ حُيَّضٌ»
4375 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ ، وَاللَّيْثُ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ حَبِيبٍ ، مَوْلَى عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ نَدْبَةَ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: إِنَّ اللَّيْثَ يَقُولُ بُدَيَّةُ مَوْلَاةُ مَيْمُونَةَ ، عَنْ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُبَاشِرُ الْمَرْأَةَ مِنْ نِسَائِهِ ، وَهِيَ حَائِضٌ ، إِذَا كَانَ عَلَيْهَا إِزَارٌ يَبْلُغُ أَنْصَافَ الْفَخِذَيْنِ أَوِ الرُّكْبَتَيْنِ وَفِي حَدِيثِ اللَّيْثِ: مُحْتَجِزَةً بِهِ
4376 -
حَدَّثَنَا رَبِيعٌ الْمُؤَذِّنُ قَالَ: ثنا أَسَدٌ قَالَ: ثنا اللَّيْثُ ، فَذَكَرَ مِثْلَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنِ اللَّيْثِ سَوَاءً. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الْحَائِضَ لَا يَنْبَغِي لِزَوْجِهَا أَنْ يُجَامِعَهَا إِلَّا كَذَلِكَ ، وَلَا يَطَّلِعَ مِنْهَا عَلَى عَوْرَةٍ. وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِفِعْلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِي ذَكَرْنَا ، وَمِمَّنْ قَالَ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ. وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ أَيْضًا بِمَا رُوِيَ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
4377 -
فَإِنَّهُ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: ثنا عَلِيُّ
⦗ص: 37⦘
بْنُ الْجَعْدِ قَالَ: أَخْبَرَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عَمْرٍو الشَّامِيِّ ، عَنْ أَحَدِ النَّفَرِ الَّذِينَ أَتَوْا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَكَانُوا ثَلَاثَةً ، فَسَأَلُوهُ: مَا لِلرَّجُلِ مِنَ امْرَأَتِهِ إِذَا أَحْدَثَتْ؟ يَعْنُونَ الْحَيْضَ. فَقَالَ: سَأَلْتُمُونِي عَنْ شَيْءٍ ، مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَدٌ مُنْذُ سَأَلْتُ عَنْهُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«لَهُ مِنْهَا مَا فَوْقَ الْإِزَارِ ، مِنَ التَّقْبِيلِ وَالضَّمِّ ، وَلَا يَطَّلِعُ عَلَى مَا تَحْتَهُ»
4378 -
حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ: ثنا أَبُو غَسَّانَ قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عَمْرٍو الْبَجَلِيِّ ، أَنَّ قَوْمًا أَتَوْا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَسَأَلُوهُ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ.
4379 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ قَالَ: ثنا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: ثنا الْمَسْعُودِيُّ قَالَ: ثنا عَاصِمُ بْنُ عَمْرٍو الْبَجَلِيِّ ، أَنَّ قَوْمًا أَتَوْا عُمَرَ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ.
4380 -
حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عُمَيْرٍ ، مَوْلًى لِعُمَرَ ، عَنْ عُمَرَ ، مِثْلَهُ. وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ ، فَقَالُوا: لَا بَأْسَ بِمَا فَوْقَ الْإِزَارِ مِنْهَا ، وَمَا تَحْتَ الْإِزَارِ إِذَا اجْتَنَبَ مَوَاضِعَ الدَّمِ. وَقَالُوا: أَمَّا مَا ذَكَرْتُمْ مِنْ فِعْلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَلَا حُجَّةَ لَكُمْ فِي ذَلِكَ ، لِأَنَّا نَحْنُ لَا نُنْكِرُ أَنَّ لِزَوْجِ الْحَائِضِ مِنْهَا مَا فَوْقَ الْإِزَارِ ، فَيَكُونُ هَذَا الْحَدِيثُ حُجَّةً عَلَيْنَا. بَلْ نَحْنُ نَقُولُ: لَهُ مِنْهَا مَا فَوْقَ الْإِزَارِ وَمَا تَحْتَهُ ، إِذَا اجْتَنَبَ مَوَاضِعَ الدَّمِ ، كَمَا لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ قَبْلَ حُدُوثِ الْحَيْضِ. وَإِنَّمَا ذَلِكَ الْحَدِيثُ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ أَنَّ لِزَوْجِ الْحَائِضِ مِنْهَا مَا فَوْقَ الْإِزَارِ. فَأَمَّا مَنْ أَبَاحَ ذَلِكَ لَهُ ، فَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَيْسَ بِحَجَّةٍ عَلَيْهِ ، وَعَلَيْكُمُ الْبُرْهَانُ بَعْدُ ، لِقَوْلِكُمْ: إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ مِنْهَا إِلَّا ذَلِكَ. فَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها فِي هَذَا ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، مَا يُوَافِقُ مَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ نَحْنُ ، وَيُخَالِفُ مَا ذَهَبْتُمْ أَنْتُمْ إِلَيْهِ ، وَهِيَ أَحَدُ مَنْ رَوَيْتُمْ عَنْهَا ، مِمَّا كَانَ يَفْعَلُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِنِسَائِهِ إِذَا حِضْنَ ، مَا ذَكَرْتُمْ مِنْ ذَلِكَ
4381 -
حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ: ثنا زُهَيْرُ قَالَ: ثنا أَبُو إِسْحَاقَ ، عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ:«كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، يُبَاشِرُنِي وَأَنَا فِي شِعَارٍ وَاحِدٍ ، وَأَنَا حَائِضٌ ، وَلَكِنَّهُ كَانَ أَمْلَكَكُمْ لِأَرَبِهِ ، أَوْ أَمْلَكَ لِأَرَبِهِ» فَهَذَا عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُبَاشِرُهَا فِي إِزَارٍ وَاحِدٍ ، فَفِي ذَلِكَ إِبَاحَةُ مَا تَحْتَ الْإِزَارِ.
⦗ص: 38⦘
فَلَمَّا جَاءَ هَذَا عَنْهَا ، وَقَدْ جَاءَ عَنْهَا أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُهَا أَنْ تَتَّزِرَ ثُمَّ يُبَاشِرُهَا ، كَانَ هَذَا - عِنْدَنَا - عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ هَكَذَا مَرَّةً ، وَهَكَذَا مَرَّةً ، وَفِي ذَلِكَ إِبَاحَةُ الْمَعْنَيَيْنِ جَمِيعًا. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ ، مَا يُوَافِقُ هَذَا الْقَوْلَ الَّذِي صَحَّحْنَا عَلَيْهِ حَدِيثَيْ عَائِشَةَ رضي الله عنها ، لِلَّذِينَ ذَكَرْنَا
4382 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ قَالَ: ثنا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ ثَابِتٍ ، عَنْ أَنَسٍ ، أَنَّ الْيَهُودَ ، كَانُوا لَا يَأْكُلُونَ ، وَلَا يَشْرَبُونَ ، وَلَا يَقْعُدُونَ مَعَ الْحُيَّضِ فِي بَيْتٍ. فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: 222] فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ ، مَا خَلَا الْجِمَاعَ» فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ ، أَنَّهُمْ كَانُوا قَدْ أُبِيحُوا مِنَ الْحَائِضِ كُلَّ شَيْءٍ مِنْهَا ، غَيْرَ جِمَاعِهَا خَاصَّةً ، وَذَلِكَ عَلَى جِمَاعِ الْفَرَجِ دُونَ مَا سِوَاهُ. وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ بِعَيْنِهِ ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا
4383 -
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ عَائِشَةَ: مَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ مِنَ امْرَأَتِهِ إِذَا كَانَتْ حَائِضًا؟ فَقَالَتْ: «كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا فَرْجَهَا»
4384 -
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللهِ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ مَسْرُوقٍ ، عَنْ عَائِشَةَ ، مِثْلَ ذَلِكَ
4385 -
حَدَّثَنَا رَبِيعٌ الْمُؤَذِّنُ قَالَ: ثنا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ قَالَ: ثنا اللَّيْثُ ، عَنْ بُكَيْرٍ ، عَنْ أَبِي مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلٍ ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ عِقَالٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ: مَا يَحْرُمُ عَلِيَّ مِنَ امْرَأَتِي إِذَا حَاضَتْ؟ قَالَتْ: «فَرْجُهَا» فَهَذَا وَجْهُ هَذَا الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ تَصْحِيحِ مَعَانِي الْآثَارِ. وَأَمَّا وَجْهُهُ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ ، فَإِنَّا رَأَيْنَا الْمَرْأَةَ قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ ، لِزَوْجِهَا أَنْ يُجَامِعَهَا فِي فَرْجِهَا ، وَلَهُ مِنْهَا مَا فَوْقَ الْإِزَارِ ، وَمَا تَحْتَ الْإِزَارِ أَيْضًا. ثُمَّ إِذَا حَاضَتْ ، حَرُمَ عَلَيْهِ الْجِمَاعُ فِي فَرْجِهَا ، وَحَلَّ لَهُ مِنْهَا ، مَا فَوْقَ الْإِزَارِ بِاتِّفَاقِهِمْ. وَاخْتَلَفُوا فِيمَا تَحْتَ الْإِزَارِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا ، فَأَبَاحَهُ بَعْضُهُمْ ، فَجَعَلَ حُكْمَهُ حُكْمَ مَا فَوْقَ الْإِزَارِ ، وَمَنَعَ مِنْهُ بَعْضُهُمْ فَجَعَلَ حُكْمَهُ حُكْمَ الْجِمَاعِ فِي الْفَرَجِ. فَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ ، وَجَبَ النَّظَرُ ، لِنَعْلَمَ أَيُّ الْوَجْهَيْنِ هُوَ أَشْبَهُ بِهِ ، فَيُحْكَمَ لَهُ بِحُكْمِهِ؟
⦗ص: 39⦘
فَرَأَيْنَا الْجِمَاعَ فِي الْفَرَجِ ، يُوجِبُ الْحَدَّ وَالْمَهْرَ وَالْغُسْلَ ، وَرَأَيْنَا الْجِمَاعَ فِيمَا سِوَى الْفَرَجِ لَا يُوجِبُ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ حُكْمُ مَا فَوْقَ الْإِزَارِ ، وَمَا تَحْتَ الْإِزَارِ. فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ حُكْمَ مَا تَحْتَ الْإِزَارِ أَشْبَهُ بِمَا فَوْقَ الْإِزَارِ مِنْهُ بِالْجِمَاعِ فِي الْفَرَجِ. فَالنَّظَرُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ هُوَ فِي حُكْمِ الْحَائِضِ ، فَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْجِمَاعِ فَوْقَ الْإِزَارِ ، لَا حُكْمَ الْجِمَاعِ فِي الْفَرَجِ. وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ ، وَبِهِ نَأْخُذُ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ رضي الله عنه: ثُمَّ نَظَرْتُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي هَذَا الْبَابِ ، وَفِي تَصْحِيحِ الْآثَارِ فِيهِ ، فَإِذَا هِيَ تَدُلُّ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ ، لَا عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مُحَمَّدٌ. وَذَلِكَ أَنَّا وَجَدْنَاهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ: فَنَوْعٌ مِنْهَا مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يُبَاشِرُ نِسَاءَهُ وَهُنَّ حُيَّضٌ ، فَوْقَ الْإِزَارِ ، فَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى مَنْعِ الْمَحِيضِ مِنَ الْمُبَاشَرَةِ تَحْتَ الْإِزَارِ ، لِمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ هَذَا الْبَابِ. وَنَوْعٌ آخَرُ مِنْهَا ، وَهُوَ مَا رَوَى عُمَيْرُ ، مَوْلَى عُمَرَ ، عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي مَوْضِعِهِ. فَكَانَ فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ جِمَاعِ الْحُيَّضِ تَحْتَ الْإِزَارِ ، لِأَنَّ مَا فِيهِ مِنْ كَلَامِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَذِكْرُهُ مَا فَوْقَ الْإِزَارِ ، فَإِنَّمَا هُوَ جَوَابٌ لِسُؤَالِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ إِيَّاهُ: مَا لِلرَّجُلِ مِنَ امْرَأَتِهِ إِذَا كَانَتْ حَائِضًا؟ فَقَالَ لَهُ: مَا فَوْقَ الْإِزَارِ فَكَانَ ذَلِكَ جَوَابَ سُؤَالِهِ ، لَا نُقْصَانَ فِيهِ وَلَا تَقْصِيرَ. وَنَوْعٌ آخَرُ مَا هُوَ ، مَا رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ عَلَى مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ ، فَذَلِكَ مُبِيحٌ لِإِتْيَانِ الْحُيَّضِ دُونَ الْفَرَجِ ، وَإِنْ كَانَ تَحْتَ الْإِزَارِ. فَأَرَدْنَا أَنْ نَنْظُرَ أَيُّ هَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ تَأَخَّرَ عَنْ صَاحِبِهِ ، فَنَجْعَلُهُ نَاسِخًا لَهُ؟ فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ ، فَإِذَا حَدِيثُ أَنَسٍ ، فِيهِ إِخْبَارٌ عَمَّا كَانَتِ الْيَهُودُ عَلَيْهِ ، وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ بِخِلَافِهِمْ ، قَدْ رَوَيْنَا ذَلِكَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما ، فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ ، وَكَذَلِكَ أَمَرَهُ اللهُ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ:{أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} [الأنعام: 90] فَكَانَ عَلَيْهِ اتِّبَاعُ مَنْ تَقَدَّمَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ حَتَّى يَحْدُثَ لَهُ شَرِيعَةٌ تَنْسَخُ شَرِيعَتَهُ. فَكَانَ الَّذِي نَسَخَ مَا كَانَتِ الْيَهُودُ عَلَيْهِ ، مِنَ اجْتِنَابِ كَلَامِ الْحَائِضِ وَمُؤَاكَلَتِهَا وَالِاجْتِمَاعِ مَعَهَا فِي بَيْتٍ ، هُوَ مَا هُوَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ رضي الله عنه لَا وَاسِطَةَ بَيْنَهُمَا. فَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ رضي الله عنه هَذَا ، إِبَاحَةُ جِمَاعِهَا فِيمَا دُونَ الْفَرَجِ.
⦗ص: 40⦘
وَكَانَ الَّذِي فِي حَدِيثِ عُمَرَ الْإِبَاحَةَ لِمَا فَوْقَ الْإِزَارِ ، وَالْمَنْعَ مَا تَحْتَ الْإِزَارِ. فَاسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُتَقَدِّمًا لِحَدِيثِ أَنَسٍ رضي الله عنه إِذَا كَانَ حَدِيثُ أَنَسٍ رضي الله عنه هُوَ النَّاسِخَ لِاجْتِنَابِ الِاجْتِمَاعِ مَعَ الْحَائِضِ ، وَمُؤَاكَلَتِهَا وَمُشَارَبَتِهَا. فَثَبَتَ أَنَّهُ مُتَأَخِّرٌ عَنْهُ ، وَنَاسِخٌ لِبَعْضِ الَّذِي أُبِيحَ فِيهِ. فَثَبَتَ بِذَلِكَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ مِنْ هَذَا ، بِتَصْحِيحِ الْآثَارِ ، وَانْتَفَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ