المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كِتَابُ الْهُدْنَةِ الْهُدْنَةُ: هِيَ مُصَالَحَةُ أَهْلِ الْحَرْبِ عَلَى تَرْكِ الْقِتَالِ مُدَّةً - عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج - جـ ٤

[ابن الملقن]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب النفقات

- ‌كتاب الجراح

- ‌بَابُ كَيفِيةِ القِصَاصِ وَمُسْتَوْفِيهِ وَالاختِلافِ فِيهِ

- ‌كِتَابُ الدِّيَّاتِ

- ‌بَابُ مُوجِبَاتِ الدِّيةِ وَالْعَاقِلَةِ وَالْكَفَّارَةِ

- ‌كتاب دعوى الدم والقسامة

- ‌كِتَابُ البُغَاةِ

- ‌كِتَابُ الرِّدَّةِ

- ‌كِتَابُ الزِّنَا

- ‌كِتَابُ حَدَّ الْقَذْفِ

- ‌كِتَابُ قَطْعِ الْسَّرِقَةِ

- ‌كِتَابُ قَاطِعِ الْطَّرِيقِ

- ‌كِتَابُ الأشْرِبَةِ

- ‌كِتَابُ الصِّيَالِ وضَمَانِ الوُلَاةِ

- ‌كِتَابُ السِّيَّرِ

- ‌كِتَابُ الْجِزْيَةِ

- ‌كِتَابُ الْهُدْنَةِ

- ‌كِتَابُ الصَّيْدِ والذَّبَائِحِ

- ‌كِتَابُ الأضْحِيَّةِ

- ‌كِتَابُ الأَطْعِمَةِ

- ‌كِتَابُ الْمُسَابَقَةِ والْمُنَاضَلَةِ

- ‌كِتَابُ الأَيْمَانِ

- ‌كِتَابُ النَّذْرِ

- ‌كِتَابُ الْقَضَاءِ

- ‌بَابُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ

- ‌بَابُ الْقِسْمَةِ

- ‌كِتَابُ الشَّهَادَاتِ

- ‌كِتَابُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ

- ‌كِتَابُ الْعِتْقِ

- ‌كِتَابُ التَّدْبِيرِ

- ‌كِتَابُ الْكِتَابَةِ

- ‌كِتَابُ أمَّهَاتِ الأوْلَادِ

الفصل: ‌ ‌كِتَابُ الْهُدْنَةِ الْهُدْنَةُ: هِيَ مُصَالَحَةُ أَهْلِ الْحَرْبِ عَلَى تَرْكِ الْقِتَالِ مُدَّةً

‌كِتَابُ الْهُدْنَةِ

الْهُدْنَةُ: هِيَ مُصَالَحَةُ أَهْلِ الْحَرْبِ عَلَى تَرْكِ الْقِتَالِ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِعِوَضٍ أَوْ غَيْرِهِ، سَوَاءٌ فِيْهِمْ مَنْ يُقَرُّ عَلَى دِيْنِهِ وَمَنْ لَا يُقَرُّ، وَهِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنَ الْهُدُون وَهُوَ السُّكُونُ. وَالأَصْلُ فِيْهَا قَبْلَ الإِجْمَاعِ قَوْلُهُ تَعَالَى:{فَسِيحُوا في الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} (376) وَقَوْلُهُ: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} (377) وَهَادَنَ عليه الصلاة والسلام قُرَيْشًا عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ.

عَقْدُهَا لِكُفَّارِ إِقْلِيْمٍ، أي كالهند والروم مثلًا، يَخْتَصُّ بِالإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ فِيْهَا، أي في عقد الهدنة لأنه من الأمور العظام، فإن تعاطاه الآحاد فسد لكن يلحقون بالمأمن، وَلِبَلْدَةٍ يَجُوزُ لِوَالِي الإِقْلِيمِ أَيْضًا، لدخول ذلك في ولايته.

فَرْعٌ: لا يقوم إمام البغاة مقام إمام أهل العدل في ذلك، قاله الماوردي.

وَإِنَّمَا تُعْقَدُ لِمَصْلَحَةٍ كَضَعْفِنَا بِقِلَّةِ عَدَدٍ وَأُهْبَةٍ أَوْ رَجَاءِ إِسْلَامِهِمْ أَوْ بَذْلِ جِزْيَةٍ، أي فإن لم يكن مصلحة لم يجز للإمام أن يهادنهم بل يقاتلهم إلى أن يسلموا أو يبذلوا الجزية إن كانوا أهل كتابٍ قال تعالى:{فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ} (378)، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ، أي ضعف ورأى الإمام المصلحة في الهدنة، جَازَتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، للآية السالفة، لَا سَنَةً، لما فيه من ترك أخذ الجزية، وَكَذَا دُوْنَهَا فِي الأَظْهَرِ، لمفهوم الآية، والثاني: يجوز؛ لأنها مدة تقصر عن مدة الجزية فجاز أن يؤمن

(376) التوبة / 2.

(377)

الأنفال / 61.

(378)

مُحَمَّد / 35.

ص: 1717

فيها من غير عوض كالأشهر الأربعة، قال المارودي: وهذا كله بالنسبة إلى نفوس المعقود (•) عليهم، أما أموالهم فيجوز العقد لها مُؤَبَّدًا، وفي جوازه كذلك للذرية وجهان، وَلِضَعْفٍ تَجُوزُ عَشْرَ سِنِيْنَ فَقَطْ، أى بحسب الحاجة؛ لأنَّهُ عليه الصلاة والسلام هَادَنَ قُرَيْشًا فِي (•) الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى وَضْعِ الْحَرْبِ عَشْرَ سِنِيْنَ كما رواه أبو داود (379)، وقوله (فَقَطْ) مراده أنه لا تجوز الزيادة على ذلك ولو احتيج إليها، نَعَمْ فيجوز والحالة هذه أن يعقد على عشر ثم عشر ثم عشر قبل أن تُقَضَّى الأُولى؛ جزم به الفوراني وغيره. وَمَتَى زَادَ عَلَى الْجَائِزِ، أي بأن زاد عند الضعف على عشر سنين أو احتاج إلى أربع سنين مثلًا فزاد، فَقَوْلًا: تَفْرِيْقُ الصَّفْقَةِ، لأنه جمعٌ في العقد الواحد بين ما يجوز العقد عليه وما لا يجوز، وقيل: يصح في الزائد قطعًا؛ لأنه يتسامح في معاقدة الكفار، وَإِطْلَاقُ العَقْدِ يُفْسِدُهُ، لأن الإطلاق يقتضي التأبيد؛ وحكى الرافعي في الإملاء عن البحر: أنه إذا أطلق الأمان حمل على أربع أشهر ويبلغ بعدها المأمن، وأقره عليه بعد أن قرر أن حكم الأمان حكم المهادنة حيث لا ضعف، وَكَذَا شَرْطٌ، فاسد، عَلَى الصَّحِيْحِ؛ بِأَنْ شَرَطَ مَنْعَ فَكِّ أَسْرَانَا، أي منهم، أَوْ تَرْكَ مَالِنَا لَهُمْ، أَوْ لِتُعْقَدَ لَهُمْ ذِمَّةٌ بِدُونِ دِيْنَارٍ، أَوْ بِدَفْعِ مَالٍ إِلَيْهِمْ، قال الإِمام: هو كالخلاف في أن الوقف هل يفسد بالشرط الفاسد؟ ولو دعت حاجة إلى بذل المال؛ جاز. وفي وجوب بذله عند الضرورة، وجهان؛ بناهما الرافعي على وجوب دفع الصائل، وضعَّفَ في الروضة البناء وصحح وجوب البذل للضرورة.

وَتَصُحُّ الهُدْنَةُ عَلَى أَنْ يَنْقُضَهَا الإِمَامُ مَتَى شَاءَ، لأنه عليه الصلاة والسلام

(•) في النسخة (1): المعهود.

(•) في النسخة (2): زمن.

(379)

• عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم (أَنَّهُمُ اصْطَلَحُواْ عَلَى وَضْعِ الْحَرْبِ عَشْرَ سِنِيْنَ يَأْمَنُ فِيْهِنَّ النَّاسُ). رواه أبو داود في السنن: كتاب الجهاد: باب في صلح العدو: الحديث (2766).

• قال ابن إسحاق: قال الزهريُّ: (هذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنِ عَبْدِ اللهِ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو؛ اصْطلَحَا عَلَى وَضْعِ الْحَربِ عَنِ النَّاسِ عَشْرَ سِنْيِنَ يَأْمَنُ فِيْهِنَّ النَّاسُ وَيَكُفَّ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ). رواه ابن هشام في السيرة: أمر الهدنة: ج 3 ص 332.

ص: 1718

وَادَعَ يَهُودَ خَيْبرَ وَقَالَ: [أُقِرُّكُمْ مَا أقَرَّكُمُ اللهُ] رواه البخاري من حديث ابن عمر (380)، لكن لو اقتصر الإمام اليوم على هذه اللفظة فسد العقد، لأنه عليه الصلاة والسلام يعلم ما عند الله بالوحي بخلاف غيره، وَمَتَى صَحَّتْ، يعني الهدنة، وَجَبَ الْكَفُّ عَنْهُمْ حَتَّى تَنْقَضِيَ أَوْ يَنْقُضُوهَا بِتَصْرِيْحٍ أَوْ قِتَالِنَا، أَوْ مُكَاتَبَةِ أَهْلِ الْحَرْبِ بِعَوْرَةٍ لَنَا، أَوْ قَتْلِ مُسْلِمٍ، قال تعالى:{فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ} (381) وقال: {فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ} (382)، وَإِذَا انْتَقَضَتْ جَازَتِ الإِغَارَةُ عَلَيْهِمْ وَبَيَاتُهُمْ، أي إذا كانوا في بلادهم؛ وسواء علموا أن ما أتوا به ينقض العهد أو لم يعلموا، قال الرافعي: وينبغي أن يقال إذا لم يعلموا أنه خيانة لا ينتقض العهد إلا إذا كان المفعول مما لا يشك في مضادته الهدنة كالقتال، أما من دخل دارنا بأمان أو بمهادنة فلا يغتالوا إن انتقض عهده بل يبلغ المأمن.

وَلَوْ نَقَضَ بَعْضُهُمْ وَلَمْ يُنْكِرِ الْبَاقُونَ بِقَوْلِ وَلَا فِعْلٍ، أي بل ساكنوهم وسكتوا، انْتَقَضَ فِيْهِمْ أيضًا، لأن سكوت الباقين يشعر بالرضى فجعل نقضًا منهم، كما أن هدنة البعض وسكوت الباقين هدنة في حق الكل، وَإِنْ أَنْكَرُواْ باعْتِزَالِهِمْ أَوْ إِعْلَامِ الإِمَامِ بِبَقَائِهِمْ عَلَى الْعَهْدِ فَلَا، لقوله تعالى:{أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ} (383).

وَلَوْ خَافَ خِيَانَتَهُمْ فَلَهُ نَبْذُ عَهْدِهِمْ إِلَيهِمْ، لقوله تعالى: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ

(380) • عَنِ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما؛ قَالَ: لَمَّا فَدَعَ أهْلُ خَيْبَرَ عَبْدَ اللهِ بْنُ عُمَرَ؛ قَامَ خَطِيْبًا، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَامَلَ أهْلَ خَيبرَ عَلَى أموَالِهِم، وَقالَ:[نُقِرُّكُمْ مَا أقَرَّكُمُ اللهُ]. رواه البخارى موصولًا في الصحيح: كتاب الشروط: باب إذا اشترط في المزارعة (إذا شئت): الحديث (2730).

• عَنِ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما؛ قَالَ: سَأَلَتِ الْيَهُودُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِيُقِرَّهُمْ بِهَا أَنْ يَكْفُوا عَمَلَهَا وَلَهُمْ نِصْفُ الثَّمَرِ؟ فَقالَ: [نُقِرُّكُمْ بِهَا عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا! ]. رواه البخاري في الصحيح: كتاب الحرث والمزارعة: باب (17): الحديث (2338).

(381)

التوبة / 4.

(382)

التوبة / 7.

(383)

الأعراف / 165.

ص: 1719

خِيَانَةً

} الآية (384)، فإن لم يخفها لم يجز، ويفهم من هذا أن عقدها لازم، وَيُبَلَّغُهُمُ الْمَأْمَنَ، أي بعد استيفاء ما وجب عليهم من الحقوق، وَلَا يَنْبُذُ عَقْدَ الذَّمَّةِ بِتُهْمَةٍ، أي بخلاف عقد الهدنة، والفرق بينهما من وجوه ذكرتها في الأصل منها أن عقد الذمة آكد؛ لأنه مؤبَّدٌ، ولأنه عقد معاوضة.

فَصْلٌ: وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ رَدِّ مُسْلِمَةِ تَأْتِيْنَا مِنْهُمْ، أي بخلاف شرط رد الرجل إذا هاجر مسلمًا، والفرق أنه لا يؤمن أن يصيبها زوجها الكافر أو أن تزوج من كافر، فَإِنْ شُرِطَ فَسَدَ الشَّرْطُ، أي سواء كان لها عشيرة أم لا لاستقرار الشريعة على منع الرد، وَكَذَا الْعَقْدُ فِي الأَصَحِّ، كالشرط الفاسد إذا قرن بالعقد، والثاني: لا؛ لأنها ليست بآكد من النكاح وهو لا يفسد بالشروط الفاسدة، وهذا الخلاف هو عين الخلاف السالف في كلام المصنف أول الباب؛ لكنه ضَعَّفَهُ هناك وقَوَّاهُ هنا فخالف.

وَإِنْ شَرَطَ رَدَّ مَنْ جَاءَ مُسْلِمًا أَوْ لَمْ يَذْكُرْ رَدًّا فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ لَمْ يَجِبْ دَفْعُ مَهْرٍ إِلَى زَوْجِهَا في الأَظْهَرِ، لأنه لو وجب بدل البضع لكان ذلك مهر المثل لا ما أنفق الزوج، والثاني: يجب لقوله تعالى: {وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا} (385) والمراد منه الصَّدَاقُ، ولأن البُضع متقوَّمٌ وهو حقه وقد أحلنا بينه وبينه.

وَلَا يُرَدُّ صَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ، لضعفهما؛ بل ولا يجوز الصلح بشرط ردهم، وَكَذَا عَبْدٌ وَحُرٌّ لَا عَشِيْرَةَ لَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ، لأنه جاء مسلمًا مراغمًا لهم، والظاهر: أنهم يسترقونه ويهينونه ولا عشيرة له تحميه، ووجه الرد أن المنع في حق النساء لخوف الفاحشة، وهو وجه في العبد لا طريقة، نعم؛ قال الرافعي: إن الذي يوجد للمعظم فيه منع الرد فأبدله المصنف بالمذهب، وأما مسألة الحر فالصحيح فيها طرد الوجهين في العبد، ومنهم من قطع فيه بالردِّ؛ لأن الْحُرَّيَّةَ في الجملة مظنةُ القوة والاقتدار.

وَيُرَدُّ مَنْ لَهُ عَشِيْرَةٌ طَلَبَتْهُ إِلَيْهَا، كما [رَدَّ عليه السلام أَبَا جَنْدَلَ عَلَى أَبِيهِ سُهَيْلٍ بنِ

ص: 1720

عُمْرٍو] رواه البخاري (386)، والظاهر: أنهم يذبون عنه ويحمونه، لَا إِلَى غيْرِهَا، أي لا يرد إلى غير عشيرته، إِلَّا أَن يَقْدِرَ الْمَطْلُوبُ عَلَى قَهْرِ الطاَّلِبِ وَالْهَرَبِ مِنْهُ، وعلى ذلك حُمِلَ رَدُّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَبَا بَصِيْرٍ؛ فَإِنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي طَلَبِهِ رَجُلَانِ فَرَدَّهُ إِلَيْهِمَا؛ فَقَتَلَ أحَدَهُمَا فِي الطَّرِيْقِ وأفْلَتَ الآخَرُ (387)، وإذا لم يطلبه أحد فلا رد كما لا غرم، وَمَعْنَى الرَّدَّ أَن يُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ طَالِبِهِ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الرُّجُوعِ، وعلى هذا حمل رد النبي صلى الله عليه وسلم أبا بصير وأبا جندل، ولا يبعد تسمية التخلية ردًا كما في الوديعة، وَلَا يَلْزَمُهُ يعني المطلوب، الرُّجُوعُ، ولذلك لم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم على أبي بصير امتناعه، وَلَهُ قَتْلُ الطَّالِبِ، لقصة أبي بصير السالفة، وَلَنَا التَّعْرِيضُ لَهُ بِهِ لَا التَّصْرِيْحُ، لأنَّ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ لأَبِي جَنْدَلَ حِيْنَ رُدَّ إِلَى أَبِيْهِ [اِصْبِرْ أَبَا جَنْدَلٍ؛ فَإِنَّمَا هُمُ المُشْرِكُونَ وَإِنَّمَا دَمُ أَحَدِهِمْ كَدَمِ كَلْبٍ] فعرَّض لهُ بقتل أبيهِ، كما رواه الإمام أحمد في مسنده (388)، وفي القتل والتعريض احتمال للإمام أشار إليه في الْمُحَرَّرِ بالظاهر، واعتذر في الدقائق عن حذفه فقال: تعبيره بالظاهر فيه إشارة إلى احتمال له، ولم يرد إثبات خلاف فلا خلاف فيه وهو عجيبٌ منه؛ وإلّا فالرافعي في الشرح الصغير أثبته وجهًا؛ وكذلك هو نفسه في عدة مواضع جعل إحتمال الإمام وجهًا.

وَلَوْ شَرَطَ أنْ يَرُدُّواْ مَنْ جَاءَهُم مُرْتَدًّا مِنّا لَزِمَهُمُ الْوَفَاءُ، عملًا بالتزامهم، فَإِنْ أَبَواْ فقَدْ نَقَضُواْ، العهد، وَالأَظْهَرُ: جَوَازُ شَرْطِ أَنْ لَا يَرُدُّواْ، أي من جاءهم منَّا مرتدًا؛ لأنه عليه السلام شرط ذلك في مهادنة قريش (389)، والثاني: المنعُ؛ ولا بد من

(386) رواه البخاري في الصحيح: كتاب الشروط: باب ما يجوز من الشروط في الإسلام: الحديث (2711 و 2712).

(387)

جزء من حديث طويل رواه البخاري في الصحيح: كتاب الشروط: باب الشروط في الجهاد: الحديث (2731 و 2732).

(388)

رواه الإمام أحمد في المسند: ج 4 ص 325 جزء من الحديث الطويل السابق. وفيه: (وَيُدْنِي قَائِمَ السَّيْفِ مِنْهُ).

(389)

في الكتاب: [أَنَّهُ لَا يَأْتِيْكَ مِنَّا رَجُلٌ - وإِن كَانَ عَلَى دِيْنِكَ - إِلَّا رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا]. رواه =

ص: 1721

استرداده لإعلاء الإسلام وإقامة حكم المرتدين عليه، قال الماوردي: والصحيح عندي صحة هذا الشرط في الرجال دون النساء كما ذكرنا في شرط ردَّ من جاءنا مسلمًا؛ لأَنَّ الأَبْضَاعَ يُحْتَاطُ لَهَا، وهو ما في الحاوي الصغير.

البخاري في الصحيح: كتاب الشروط: الحديث (2832).

ص: 1722