الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ التَّدْبِيرِ
اَلتَّدْبِيرُ: هوَ لُغَةً النَّظَرُ فِي عَوَاقِبِ الأُمُورِ، وَشَرْعًا: تَعْلِيقُ عَتْقٍ يَقَعُ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَحَدَّهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ تَعْلِيْقُ عِتْقٍ بِالْمَوْتِ، وَهُوَ غَيْرُ مَانِعٍ، فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ: إذَا مِتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ مَوْتِي بشَهْرٍ فَمَاتَ فَجْأَةً فَهَذَا تَعْلِيْقٌ بالْمَوْتِ وَلَيْسَ تَدْبِيْرًا؛ لأَنَّهُ يُعْتَقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ؛ وَالَتَّدْبِيْرُ مَأْخُوذٌ مِنَ الدُّبُرِ؛ لأَنَّ الْمَوْتَ دُبُرُ الْحَيَاةِ، وَالإِجْمَاعُ قائِمٌ عَلَى جَوَازِهِ.
صَرِيْحُهُ: أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي، أَوْ إِذَا مِتُّ! أَوْ مَتَى مِتُّ! فَأَنْتَ حُرٌّ، أَوْ أعْتَقْتُكَ بَعْدَ مَوْتِي، أي وكذا حَرَّرْتُكَ بعد موتي فإذا مِتُّ فأنت عتيق، لأنه لا يحتمل غيره، وأغرَبَ في الكفاية فعدَّ إذا متُّ فأنتَ حُرٌّ من الكنايات، وَكَذَا دَبَّرْتُكَ أَوْ أَنْتَ مُدَبَّرٌ عَلَى الْمَذْهَبِ، كذا نص عليه هنا، ونص في الكفاية على أن قوله: كَاتَبْتُكَ على هذا لا يكفي حتى يقول: فإذا أدَّيْتَ فأنتَ حُرٌّ أو يَنْوِيَهُ، وفيهما طريقان. فقيل فيهما قولان نقلًا وتخريجًا، أحدهما: أنهما صريحان لاشتهارهما في معنيهما كالبيع والهبة، والثاني: كنايتان لخلوهما عن لفظ الحرية والعتق وأظهرهما تقرير النصين كما مشى عليه المصنف فيهما هنا، وفي باب الكتابة، والفرق أن الكتابة على العقد المعلوم وعلى غيره فلا بد من التمييز باللفظ أو النية بخلاف التدبير، ولأن التدبير مشهور يعرفه كل أحد، والكتابة لا يعرفها إلا الخواص.
وَيَصِحُّ بِكِنَايَةِ عِتْقٍ مَعَ نِيَّةٍ كَخَلَّيْتُ سَبِيْلَكَ بَعْدَ مَوْتِي، حينئذ كالصريح، وَيَجُوزُ، أي التدبير، مُقَيَّدًا كَإِنْ مِتُّ فِي ذَا الشَّهْرِ أَوِ الْمَرَضِ فَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ
مَوْتِي، أي: فَإِنْ وُجِدَتِ الصَّفَةُ وَماتَ، أي فإن مات على الصفة المذكورة، عَتَقَ وَإِلَّا فَلَا، قياسًا على تعليق العتق.
وَيُشْتَرَطُ الدُّخُولُ قَبْلَ مَوْتِ السَّيَّدِ، كسائر الصفات المعلق عليها، وإن مات السيد قبل الدخول فلا تدبير ولغا التعليق، إلا أن يصرّح كما سيأتي أثره، فَإِنْ قَالَ: إِنْ مِتُّ ثُمَّ دَخَلْتَ فَأَنْتَ حُرٌّ اشْتُرِطَ دُخُولٌ بَعْدَ الْمَوْتِ، اعتبارًا بمقتضى تعليقه، وَهُوَ، أي الدخول بعد الموت، عَلَى التَّرَاخِي، أى ليس في لفظه ما يقتضي الفورية، وَلَيْسَ لِلْوَارِثِ بَيْعُهُ قَبْلَ الدُّخُولِ، إذ ليس له إبطال تعليق الميت، وإن كان للميت أن يبطله كما لو أوصى لرجل بشيء ثم مات ليس للوارث بيعه وإن كان للموصي أن يبيعه.
وَلَوْ قَالَ: إِذَا مِتُّ وَمَضَى شَهْرٌ فَأَنْتَ حُرٌّ فَلِلْوَارِثِ اسْتِخْدَامُهُ فِي الشَّهْرِ، لبقائه على ملكه، لَا بَيعُهُ، لما سلف، وَلَوْ قَالَ: إِنْ شِئْتُ فَأَنْتَ مُدَبَّرٌ أَوْ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي إِنْ شِئْتُ اشْتُرِطَتِ الْمَشِيْئَةُ مُتَّصِلَةً، كما لو قال لامرأته: أنتِ طالقٌ إن شِئْتِ، وَإِنْ قَالَ: مَتَى شِئْتُ فَلِلتَّرَاخِي، لأنه صريح فيه، وكذا مهما شئت، نَعَمْ: تشترط المشيئة في حياة السيد كسائر الصفات المعلق عليها إلا إذا علق صريحًا بِمَشِيئَتِهِ بعد الموت؛ وإنما يحصل العتق بمشيئة بعد الموت وكذا.
وَلَوْ قَالَا لَعَبْدِهِمَا: إِذَا مِتْنَا فَأَنْتَ حُرٌّ لَمْ يَعْتِقْ حَتَّى يَمُوتَا، أي إمَّا معًا أو مُرَتَّبًا؛ لأنهما عَلَّقَا عتقه بموتهما، ثم إن ماتا معًا فالحاصل عتق لا تدبير على الأصح، وإن ماتا مرتبًا فقيل ليس بتدبير، والأصح أنه إذا مات أحدهما صار نصيب الثاني مدبرًا، فَإِنْ مَاتَ أحَدُهُمَا فَلَيْسِ لِوَارِثهِ بَيْعُ نَصِيْبِهِ، لأنه صار مستحق العتق بموت الشريك.
فَصْلٌ: وَلَا يَصِحُّ تَدْبِيْرُ مَجْنُونٍ؛ وَصَبِيًّ لَا يُمَيَّزُ، لعدم أهليتهما للعقود، وَكَذَا مُمَيَّزٌ فِي الأَظْهَرِ، كإعتاقه، والثاني: الصحة؛ لأنه لا يضيع فيه بل هو باق على ملكه، والخلاف كالخلاف في وصيته وقد سلف في بابه، وَيَصِحُّ مِن سَفِيْهٍ، لأنه صحيح العبارة ولا ضرر عليه في ذلك.
فَرْعٌ: تدبير المفلس كإعتاقه وقد سلف في بابه.
فَرْعٌ: في تدبير السكران الخلاف في تصرفاته كما قدمه المصنف في بابه.
وَكَافِرٍ أَصْلِيًّ، كما يصح استيلاده وتعليقه العتق بصفة، وَتَدْبِيْرُ الْمُرْتَدِّ يُبْنَى عَلَى أَقْوَالِ مِلْكِهِ، أي فإن قلنا ببقائه صح؛ أو بزواله فلا؛ أو بوقفه فموقوف إن أسلم بَانَ صحته، وإن مات مرتدًا بَانَ فساده، وَلَوْ دَبَّرَ ثُمَّ ارْتَدَّ لَم يَبْطُلْ عَلَى الْمَذْهَبِ، أي بل إذا مات مرتدًا عتق العبد صيانة لحق العبد عن الضياع لحقَّ الغرماء، والطريق الثاني: القطع بالبطلان، والثالث: البناء على أقوال الملك.
وَلَوِ ارْتَدَّ الْمُدَبَّرُ لَمْ يَبْطُلْ، أي تدبيره وإن صار دمُهُ مُهْدَرًا، كما لا يبطل الاستيلاد والكتابة بها، وَلحَرْبِيًّ حَمْلُ مُدَبَّرِهِ إِلَى دَارِهِمْ، أي ولو جرى التدبير في دار الإسلام، وكذا له حمل مُسْتَوْلَدَتِهِ أيضًا بخلاف مُكَاتَبِهِ لاستقلاله.
وَلوْ كَانَ لِكَافِرٍ عَبْدٌ مُسْلِمٌ فدَبَّرَهُ؛ نُقِضَ وَبِيْعَ عَلَيْهِ، لما في بقاء ملكه عليه من الإذلال، وهذه المسألة لم أرها هنا في الشرح ولا في الروضة، وكلام الرافعي في باب الكتابة في كلامه على كتابة الذمي قد يعطي المنع فَرَاجِعْ ذلك من الأصل.
وَلَوْ دَبَّرَ كَافِرٌ كَافِرًا فَأَسْلَمَ وَلَمْ يَرْجِعِ السَّيَّدُ فِي التَّدْبِيْرِ نُزِعَ مِنْ يَدِ سَيِّدِهِ، لما في بقائه في يده من الإذلال، وَصُرِفَ كَسْبُهُ إِلَيْهِ، كما لو أَسْلَمتْ مستولدتهُ، وَفِي قَوْلٍ: يُبَاعُ، أي وينقض التدبير دفعًا لإذلاله، والأظهر: الأول لتوقع الحريَّة، أما إذا رجع عنه بالقول وجَوَّزْنَاهُ فإنه يباع جزمًا؛ لأنه رجع قنًّا؛ والكافر مأمورٌ بإزالة ملكه عن المسلم، وَلَهُ بَيْعُ الْمُدَبَّرِ، للإتباع، متفق عليه من حديث جابر (563).
فَرْعٌ: له أيضًا إزالة ملكه بغير البيع من الهبة والوصية وغيرهما.
(563) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه؛ (أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ غُلامًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ؛ فَاحْتَاجَ! فَأَخَذَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم؛ فَقَالَ: [مَنْ تَشْتَرِيْهِ مِنَّي؟ ] فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ بكَذَا وَكَذَا؛ فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ). رواه البخاري في الصحيح: كتاب البيوع: باب المزايدة: الحديث (2141). ومسلم في الصحيح: كتاب الزكاة: باب الابتداء في النفقة: الحديث (41/ 997).
وَالتَّدْبِيْرُ تَعْلِيْقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ، نظرًا إلى الصيغة، وَفِي قَوْلٍ: وَصِيَّةٌ، أي للعبد بالعتق نظرًا إلى أنه يعتبر من الثلث، فَلَوْ بَاعَهُ، أي وكذا لو وهبه ثم أقبضه، ثُمَّ مَلَكَهُ لَمْ يَعُدِ التَّدْبِيْرُ عَلَى الْمَذْهَبِ، هذا الخلاف مبني على الخلاف المذكور قَبْلُ إن قلنا إنه وصية؛ فلا يعود الملك كما لو أوصى بشيء وباعه وعاد إلى ملكه، وإن قلنا إنه تعليق عتق بصفة فهو على الخلاف في عود الحنث، فالأظهر: أنه لا يعود فحصل أن الأظهر أنه لا يعود التدبير.
وَلَوْ رَجَعَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ كَأَبْطَلْتُهُ، فَسَخْتُهُ، نَقَضْتُهُ، رَجَعْتُ فِيْهِ صَحَّ إِنْ قُلْنَا: وَصِيَّةٌ، لأنه تصرف ينجز بالموت ويعتبر من الثلث، وَإِلَّا، أي وإن قلنا إنَّهُ تعليق عتق بصفة، فَلَا، كما في سائر التعليقات، وسواء التدبير المطلق والمقيد على الأصح، وَلَوْ عُلَّقَ، عتق، مُدَبَّرٌ بصِفَةٍ صَحَّ، أي ويبقى التدبير بحاله كما لو دبر المعلق عتقه بصفة فإنه يجوز، وَعَتَقَ بِالأَسْبَقِ مِنَ الْمَوْتِ وَالصَّفَةِ، أي فإن وجدت الصفة قبل الموت عتق، وإن مات قبلها عتق بالتدبير، وَلَهُ وَطْءُ مُدَبَّرَةٍ، لبقاء ملكه، وَلَا يَكُونُ رُجُوعًا، أي وإن جعلناه وصية سواء عزل أم لا، فَإِنْ أَوْلَدَهَا بَطَلَ تَدْبِيْرُهُ، لقوة الاستيلاد، وَلَا يَصِحُّ تَدْبِيْرُ أُمَّ وَلَدٍ، لأنها تستحق العتق بعد الموت بجهة هي أقوى منه، وَيَصِحُّ تَدْبِيْرُ مُكَاتَبٍ، كما يصح أن يعلق عتقه بعد تدبيره على صفة، وَكِتَابَةُ مُدَبَّرٍ، بناء على أنه تعليق عتق بصفة.
فَصْلٌ: وَلَدَتْ مُدَبَّرَةٌ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنًا لَا يَثْبُتُ لِلْوَلَدِ حُكْمُ التَّدْبِيْرِ فِي الأَظْهَرِ، لأنه عقد يقبل الرفع فلا يسري إلى الولد كالرهن، والثاني: يثبت كما يَتْبَعُ ولد المستولدة أمه، وهذا ما صححه الرافعي في شرحه ورَدَّ عليه في الروضة بتصحيحه الأول في المُحَرَّرِ، وهذا إذا حدَثَ بعد التدبير وانفصل قبل موت السيد، فإن كانت حاملاً عند موته عتق معها قطعًا، كما لو اعتق حاملًا؛ فإن لم يحتملها الثلث حاملاً عتق منها قدر الثلث.
وَلَوْ دَبَّرَ حَامِلًا ثَبَتَ لَهُ حُكْمُ التَّدْبِيْرِ عَلَى الْمَذْهَبِ، أي وإن قلنا الحمل لا يُعلَم
لتناول اللفظ له، والطريق الثاني: إن قلنا إن الحمل يعلم فمدبر، وإلّا فالقولان في المسألة الأُولى، فَإِنْ مَاتَتْ، أي الأُمُّ في حياة السيد، أَوْ رَجَعَ فِي تَدْبِيْرِهَا، أي وصححناه، دَامَ تَدْبِيْرُهُ، وأما في الأُولى؛ فكما لو دبر عبدين فمات أحدهما قبل موت السيد، وأما في الثانية؛ فكالرجوع بعد الانفصال، وَقِيْلَ: إِنْ رَجَعَ وَهُوَ مُتَّصِلٌ فَلَا، أي لا يدوم تدبيره بل يبيعها في الرجوع كما يبيعها في التدبير، وَلَوْ دَبَّرَ حَمْلًا صَحَّ، كاعتاقه، فَإِنْ مَاتَ، أي السيد، عَتَقَ دُونَ الأُمَّ، وَإِنْ بَاعَها صَحَّ وَكَانَ رُجُوعًا عَنْهُ، أي عن تدبير الحمل، كما لو باع المدبر ناسيًا للتدبير، وَلَوْ وَلَدَتِ الْمُعَلَّقُ عِتْقُهَا لَمْ يَعْتِقِ الْوَلَدُ، لأنه عقد يلحقه الفسخ فلم يسر إلى الولد كالرهن والوصية، وَفِي قَوْلٍ: إِنْ عَتَقَتْ بِالصَّفَةِ عَتَقَ، كولد أم الولد، ومحل الخلاف في الحمل الكائن بعد التعليق، أما الموجود عنده فيتبعها قطعًا صرح به ابن الصباغ وغيره، وأجرى فيه الخلاف المصنف في تصحيحه، وَلَا يَتْبَعُ مُدَبَّرًا وَلَدَهُ، بل يتبع الأُم رقًا وحرية، وَجِنَايَتُهُ كَجِنَايَةِ قِنًّ، لثبوت الملك عليه.
فَرْعٌ: الجناية عليه كالجناية على قنًّ أيضًا.
فَصْلٌ: وَيَعْتِقُ بِالْمَوْتِ مِنَ الثُّلُثِ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ بَعْدَ الدَّيْنِ، لقول ابن عمر:(الْمُدَبَّرُ مِنَ الثُّلُثِ) ولا يصح رَفْعُهُ (564) وإنما يعتق بَعْدَ الدُّيُوْنِ كما ذكره، فإن كان عليه دَين مستغرق لم يعتق شيء منه، فإن كان يستغرق نصفه بيع في الدين وعتق الباقي من ثلثه ولا استسعاب (565)؛ والحيلة في عتق الجميع بعد الموت، وإن لم يكن له مال سواه ذكرته في الأصل، واشير إليه أول الباب فَسَارِعْ إليه.
(564) رواه الشافعي في الأم: أحكام التدبير: المشيئة في العتق والتدبير: ج 8 ص 18، وقال: قال علي بن ظبيان: كنت أخذته مرفوعًا، فقال لي أصحابي: ليس بمرفوع؛ وهو موقوف على ابن عمر فوقفته. وقال الشافعي: (والحفاظ الذين يحدثونه يقفونه على ابن عمر، ولا أعلم من أدركت من المفتين اختلفوا في أن المدبر وصية من الثلث).
(565)
السَّعْبُ: كُلُّ مَا تَسَعَّبَ مِنْ شَرَابٍ وَغيْرِهِ. وَانْسَعَبَ الْمَاءُ: سَالَ. وَهُوَ مُسَعَّبٌ لَهُ كَذَا: مُسَوَّغٌ.
وَلَوْ عَلَّقَ عِتْقًا عَلَى صِفَةٍ تَخْتَصُّ بِالْمَرَضِ كَإِنْ دَخَلْتَ فِي مَرَضِ مَوْتِي فَأَنْتَ حُرٌّ عَتَقَ مِنَ الثُّلُثِ، كما لو أعتقه حينئذ، وَإِنِ احْتَمَلَتْ الصَّحَّةَ فَوُجِدَتْ فِي الْمَرَضِ فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ فِي الأَظْهَرِ، لأنه حين عَلَّقَ لم يكن مُتَّهَمًا بابطال حقِّ الورثة، والثاني: من الثلث اعتبارًا بوقت وجود الصفة؛ فإن العتق حينئذ يحصل، ومحل الخلاف ما إذا وجدت الصفة بغير اختياره، فإن وجدت باختياره اعتبر العتق من الثلث.
وَلَوِ ادَّعَى عَبْدُهُ التَّدْبِيْرَ فَأَنْكَرَهُ فَلَيْسَ بِرُجُوعٍ، أي وإن جوزنا الرجوع عنه؛ لأنه كذب فلم يؤثر، بَلْ يُحَلَّفُ، أي بأن يقول: إنْ كُنْتُ دَبَّرْتُ فقد رَجَعْتُ عنه، إذا جوزنا الرجوع باللفظ وجزم به في أصل الروضة في الدعاوى أنه رجوعٌ تفريعًا على جواز الرجوع بالقول، وهو خلاف ما جزم به هنا.
وَلَوْ وُجِدَ مَعَ مُدَبَّرٍ مَالٌ فَقَالَ: كَسَبْتُهُ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ، وَقَالَ الْوَارِثُ: قَبْلَهُ؛ صُدِّقَ الْمُدَبَّرُ بِيَمِيْنِهِ، لأن اليد له بخلاف ما إذا كان التنازع في الولد حيث ادَّعَتْ وجوده بعد موت السيد، وعكس الوارث؛ فإن القول قول الوارث؛ لأنها تزعم حريَّته والْحُرُّ لا يدخل تحت اليد، وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قُدَّمَتْ بَيِّنَتُهُ، لاعتضادها باليد.
فَرْعٌ: لو أقام الوارث بيِّنةً؛ بأن هذا المال كان في يد المدبر في حياة السيد؟ فقال الْمُدَبَّرُ: كان في يدي، لكن كان لفلان! فملكته بعد موت السيد؛ صُدّق المدبر أيضًا نصَّ عليه.