الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصحابة وفهمهم للقرآن اعتبارات لا بدّ من مراعاتها
..
ونعود للكلام عن الصحابة رضوان الله عليهم ومدى فهمهم للقرآن وتفسيرهم له بشيء أكثر من التفصيل ..
فحين نقول إن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين كانوا يفهمون القرآن، قد ينطبع فى أذهان الكثيرين أنهم كانوا يفهمونه على النحو التفصيلى الذى نراه الآن فى كتب التفسير، بحيث لم تكن هناك كلمة أو عبارة غامضة عليهم، لا سيما وهم عرب فصحاء والرسول صلى الله عليه وسلم معهم، يعلمهم ويرشدهم، ويستطيعون سؤاله عن كل شىء يدق فهمه عليهم
…
فهل كان الأمر كذلك؟.
وإذا شئنا أن نضع هذا السؤال فى صيغة أخرى، فإنه يمكن أن نقول: إلى أى حد كان الصحابة يفهمون القرآن ويفسرونه؟
وللإجابة عن هذا السؤال لا بد أن نضع أمام اعتبارنا الأمور الآتية:
1 -
أن القرآن عربى والصحابة عرب فصحاء.
2 -
أنهم لم يكونوا سواء فى الفهم أو الذكاء، كما لم يكونوا سواء فى قربهم من الرسول وبعدهم عنه.
3 -
أن الوقت كان وقت دعوة وبناء للعقيدة ودفاع عنها بالحجة أو السيف.
4 -
أن الصحابة كان همهم الأول الإيمان مع التطبيق والسلوك.
5 -
أن آيات نزلت وأحاديث صدرت من الرسول تحد من تتبع المتشابهات ومن كثرة السؤال
…
6 -
أن البيئة العربية فى ذلك الوقت لم تكن بيئة علمية بالمعنى المعروف ..
هذه الاعتبارات يجب أن نضعها أمامنا، ونحن نتحدث عن فهم الصحابة للقرآن أو تفسيرهم له.
ويمكن أن نتناول كل اعتبار من هذه الاعتبارات بشيء من البسط والتوضيح.
نزل القرآن باللغة العربية فى عهد ازدهرت فيه هذه اللغة، فلم يكن قد داخل الألسنة شىء مما داخلها بعد ذلك حين اختلط العرب بغيرهم، من أبناء البلاد التى اعتنقت الإسلام، ولقد امتن الله سبحانه على العرب بنزول القرآن بلغتهم، وفى متناول فهمهم
إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (1)
إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2)
وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آياتُهُ (3)
نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ 193 عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ 194 بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ 195 (4)
كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (5)
ومؤدى هذا كله أن القرآن نزل بلغة العرب واضحا وبينا، لكى يعقلوه ويتدبروه، ويصلوا عن هذا الطريق إلى الإيمان به، وبالذى أنزله، ومن أنزل عليه .. وقد جعل الله معجزة رسوله فى هذا القرآن، وتحدى العرب أن يأتوا بسورة من مثله فى بلاغته وبيانه .. وهذا يقتضى بالطبع أن يكونوا مدركين له، وللمعانى التى احتوت عليها الآيات وعبرت عنها الكلمات .. إذ بغير إدراك المعانى لا يمكن تذوق البلاغة، ولا الإحساس بالعجز عن مجاراة القرآن فى التعبير عنها بمثل هذا الأسلوب.
(1) أول سورة يوسف.
(2)
سورة الزخرف.
(3)
سورة فصلت.
(4)
الشعراء/ 195.
(5)
فصلت/ 3.