الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لاستحقاقهم اياه بعصيانهم له- كان بهم- بما أظهر لهم من الأمور التى أظهرها لهم أمن الحاقه احكامهم فى الدنيا باحكام أوليائه وهم أعداء، وحشره إياهم فى الآخرة مع المؤمنين، وهم به من المكذبين- إلى أن ميز بينهم دينهم- مستهزئا وبهم ساخرا .. الخ»
فانت ترى فى هذا النموذج كثرة الاستطرادات وبعد أجزاء الجملة بعضها عن بعض بسطور بلغت نحو عشرة- فى احداها .. وقد وضحت لنا الفواصل التى وضعها الاستاذ محمود شاكر إمكان الربط بين الجملة الواحدة ولذلك علق فى الهامش بقوله «أكثر الطبرى الفصل بين الكلام فى هذه الفقرة وسياق العبارة هو كما يلى «فإذا كان ذلك كذلك كان معلوما أنه جل ثناؤه بذلك من فعلهم بهم.
. كان بهم مستهزئا وبهم ساخرا» وما بين الكلام فى هذين الموضوعين فصل للبيان.
وترك الفصلة الطويلة جدا وهى من أول قوله «فاذا كان ذلك كذلك ..
كان معلوما. وبين جزءي الجملة ما يزيد عن عشرة أسطر جاء بها لزيادة التوضيح- ولكن من الصعب جدا على القارئ العميق أن يصل إلى فهم هذه الفقرة .. ولا سيما فى الطبعات التى لا توجد فيها هذه الفواصل ..
لكن لا تظن أن هذه الظاهرة تعم الكتاب كله بل هى قليلة، وبجوار هذا القليل تجد الأسلوب المشرق الذى يمكن ادراكه بسهولة حين يدلى برأيه بعد نقله للروايات الكثيرة فى موضوع الآية ..
موقف الطبرى وموقفنا من الروايات:
ولقد كان الطبرى يورد هذه الروايات، وهو عالم بما فيها من تناقض أو كذب أو ضعف، ثم ينقدها أحيانا، ويأتى أيضا بالكثير منها ويتركها بلا نقد.
وبعض النقاد يذهبون إلى تبرئة ساحة أبى جعفر من النقد، لسياقه هذه الروايات دون نقدها، قائلين إنه ذكر لك السند، وعليك أنت أن تبحث عن صحته أو كذبه أو ضعفه .. الخ، راوين العبارة المشهورة بين علماء الحديث
(من أسند لك فقد حملك) يعنون أن من ذكر لك سند الرواية فقد برئت ذمته، وحملك أنت مسئولية البحث عن صحته ..
ومع أن هذا الكلام صحيح فى حد ذاته، وربما كان محتملا للخاصة أو خاصتهم فى زمنه إلا أنه يحمّل القراء عامة أمانة فوق طاقتهم، فليس كل قارئ عارفا بالرجال، أو
بأساليب النقد، حتى يستطيع التمييز بين المقبول وغير المقبول، وليس كل قارئ عنده الرغبة أو الأمانة التى تحمله على التوقف حتى يتبين.
على أن هذا إن كان ممكنا فى زمن كثرت فيه الكتب المطبوعة المتداولة التى عنيت بالرواة ونقدهم وبيان غثهم من سمينهم، فإنه لم يكن متيسرا من قبل شيوع هذه الكتب.
ومن أجل هذا كان تدوين هذه الروايات التى كانت متداولة على ألسنة الناس فى أيامه- ومعروف بين العلماء أنها كانت بضاعة القصاص للتكسب والرواج عند العامة- أقول كان رفعها إلى مقام التدوين، ووضعها بجانب كلام الله على أنها تفسير له، مما ساعد كثيرا على إشاعة الخرافات والأضاليل فى نفوس المسلمين ملصقة بتفسير كلام الله.
بل إنى أقول أكثر من هذا فيما يتصل بالروايات التى نقدها، وهى أمنية تمنيت أن لو كانت قد تحققت فى ذلك الزمن المبكر من وضع التفسير، كنت أتمنى أن لو اقتصر الطبرى وأمثاله على الروايات الصحيحة فى تفاسيرهم، وجردوها من الروايات الباطلة التى كروا عليها بالنقد .. لأنها كانت ستموت فى زمنها، أما بعد أن دونت ووضعت بجانب التفسير. فقد فتحوا الباب للقصاص وأصحاب الهوى أن يطلعوا عليها، ويستندوا إليها، فى حكاياتهم للعوام لجذب انتباههم، وكسب إعجابهم .. وابتزاز أموالهم .. كما نرى الكثير فى أيامنا ممن يدورون فى الأرياف، وبين العوام، أو متخلفى الثقافة، يتحدثون فى التفسير أو الدين ويستولون على ألبابهم بهذه الروايات الخيالية الخرافية، دون خوف من الله، ولا حرج من أصحاب العقول والفهم. ولا مراعاة لما يجب أن يكون عليه