الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فى حدود ثقافة الصحابة فهموا القرآن
«نحن أمة أمية لا نحسب ولا نكتب» (حديث)
المستوى الثقافى
ومن الضرورى أيضا أن نلاحظ المستوى الثقافى الذى كان عليه الصحابة وتلقوا به القرآن الكريم أو فهموه على ضوئه.
وهو عامل مهم .. لأنه على قدر وعى الانسان وثقافته، يكون فهمه لما يقرأ، أو يسمع، أو يكون حسن استقباله له،. ووضوحه عنده، كأجهزة الاستقبال. فعلى قدر سلامتها وقوّتها، يكون وضوح ما تتلقاه، أو تستقبله ..
ونحن ندرك من واقعنا أن الخطبة تلقى على المستمعين، فيأخذ كل منها على قدر ثقافته ووعيه، وأن الكتاب يقرأ، فلا يكون الجميع متساوين فى فهمه واستيعابه. بل على قدر ثقافة السامع أو القارئ يكون الفهم، ويكون الاستيعاب.
هذه حقيقة أولى لا جدال فيها ..
الحقيقة الثانية: أن القرآن عربى وفى أعلى درجات البلاغة. وهو بلغة القوم الذين نزل فيهم أولا .. وخاطبهم وتحداهم .. فمن الطبيعى أن يفهموه (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ)(1)
ولقد فهموه، وأدركوا بلاغته، وعرفوا منها مصدره (فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ)، آمن به من استجاب لفطرته، وصد عنه من قامت الحوائل عنده دون الاستجابة لهذه الفطرة، ولكنه كان فهما قائما على ما أتقنوه من فنون المعرفة وكان أولها وأهمها: الناحية البلاغية اللفظية.
(1) سورة إبراهيم/ 4.
الحقيقة الثالثة: أن أهم ما جاء القرآن من أجله هو العقائد والأحكام، وما يتصل بها من مكارم الأخلاق، ومن أجل توضيح العقائد وتدعيمها، والتدليل عليها، وتثبيت الداعين إليها، جاءت الآيات التى تتحدث عن دلائل قدرة الله فى خلقه، والآيات التى تسرد قصص السابقين
…
أما الآيات التى تتحدث عن العقائد، كالإيمان بالله وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر فهى آيات واضحة، يفهم مضمونها كل عربى، دون كبير عناء وبمجرد أن يسمعها أو يقرأها، حتى بعد أن ضعفت السليقة العربية فيهم، وذلك فى حدود قدرته وتصوره، وأما آيات الأحكام والأخلاق، فهى فى جملتها كذلك واضحة محددة، وتكفل الرسول أيضا بزيادة بيانها وتوضيحها قولا وعملا
…
ومثل ذلك فى العقائد:
(إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ)(وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً)(إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ)(آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ)(الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) .. (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ)(آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) .. إلى غير ذلك من الآيات التى يدرك العقل ما ترمى إليه.
ومثل ذلك فى الأحكام:
«وأحل الله البيع وحرم الربا» و «إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه» ، «يوصيكم الله فى أولادكم للذكر مثل حظ الانثيين. إلى آخر الآيتين .. إلى غير ذلك من الآيات ..
ومثل ذلك فى الأخلاق:
«وبالوالدين احسانا وبذى القربى واليتامى والمساكين والجار ذى القربى» الآية. «ادفع التى هى أحسن» .
فكانت هذه الآيات على قدر من الوضوح يكفى لالزام المخاطبين بمضمونها،