الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الطبعة الأولى
1:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان.
وبعد، فمنذ عهد بعيد، وخاصةً منذ أن كُشِفَت اللغة السنسكريتية، لم تنفك موضوعات علم اللغة موضع عناية عدد كبير من أعلام الباحثين في أمم الغرب، وقد بُذِلَت في هذا السبيل جهودٌ قيمةٌ مشكورةٌ بلغ بفضلها هذا العلم درجةً راقيةً من النضج والكمال، فوضحت حدوده ومناهجه، وهذبت أساليبه وطرق دراسته، وتميزت فروعه بعضها من بعض، واختص في كل فرع منها عدد كبير من العلماء، فتوفروا على دراسته، وقتلوا مسائله بحثًا، ومن ثَمَّ أصبحت مراجع هذا العلم من أكثر مراجع العلوم عددًا، وأوسعها نطاقًا، وأدقها بحثًا، وأجلها قيمةً.
وعلى الرغم من ذلك، لم يكتب فيه باللغة العربية -على ما أعلم- مؤلف يعتد به، اللهم إلّا بعض كتب قديمة تمثل هذه البحوث في أدوار طفولتها الأولى، بل في أدوارها السابقة للطفولة، ولا تكاد اليوم -وقد أيفع هذا العلم- تنقع من صدًى ولا تسمن من جوع.
حيال هذا، رأيت أن الواجب يحتِّمُ عليَّ -وقد وقفت قسطًا من جهودي على هذا العلم، وقمت بتدريسه مدة طويلة- أن أقول بأول
1 ظهرت الطبعة الأولى لهذا الكتاب حوالي سنة 1940.
محاولةٍ في هذا السبيل، فكتبت هذه العجالة، معتمدًا فيها على طائفة كبيرة من أوثق المصادر العربية والإفرنجية التي يرى القارئ بعضها مشارًا إليه في ثنايا تعليقاتنا، وبعضها مدونًا في ثبت المراجع في آخر الكتاب.
ولم آل جهدًا أن أوفق بين غرضين، ليس من اليسير التوفيق بينهما: أحدهما ألَّا أغادر ناحية من النواحي البارزة في هذا العلم إلّا عرضت لها، مناقشًا أهم ما قيل فيها، ومدليًا بما يصح الركون إليه في صددها؛ والآخر مراعاة الإيجاز في علاج الموضوعات حتى لا أتجاوز النطاق الذي رسمته لهذه العجالة، والذي ينبغي أن تكون عليه أول محاولة.
والله أسأل أن يتيح متابعة ما بدأته وتنقيحه وتكملته، وأن يهيئ لنا من أمرنا رشدًا.
دكتور: علي عبد الواحد وافي