الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني: فصائل اللغات وخواص كل فصيلة منها وما بينها من صلات:
1-
أشهر الآراء في فصائل اللغات:
حاول كثير من علماء اللغة أن يرجع اللغات الإنسانية -بعد أن تَمَّ تفرعها تحت تأثير العوامل السابق ذكرها في الفصل السابق- إلى فصائل عامة، وقد اختلفت وجهات نظرهم بهذا الصدد اختلافًا كبيرًا.
فبعضهم نظر إلى الموضوع من ناحية التطور والارتقاء، فقسَّم اللغات الإنسانية إلى ثلاث فصائل تختلف أفراد كلٍّ منها عما عداها في درجة رقيها، وتمثل كل منها مرحلة خاصة من المراحل التي اجتازها الكلام الإنساني في سبيل تطوره.
وأشهر نظرية بهذا الصدد هي نظرية شليجيل التي تقسّم اللغات من هذه الناحية إلى ثلاث فصائل: "اللغات غير المتصرفة أو العازلة"، "وتشمل الصينية والسامية والبرمانية والتبتية
…
إلخ"، و"اللغات اللصقية أو الوصلية" "وتشمل التركية والمنغولية والمنشورية واليابانية ولغات الباسك
…
إلخ"، و"اللغات المتصرفة أو التحليلية" "وتشمل الفارسية والهندية واللاتينية والإغريقية والجرمانية والعربية والعبرية
…
إلخ.
وقد شرحنا في الباب الأول هذه النظرية وناقشناها، فظهر لنا فسادها من عدة وجوه، وتبين أن الأساليب الثلاثة التي تقسّم على أساسها اللغات الإنسانية إلى فصائل:"العزل واللصق والتصرف"، توجد مجتمعة في كل لغة إنسانية، فلا نكاد نعثر على لغة عارية عن أسلوب منها1.
وبعضهم قطع النظر عن موضوع التطور والارتقاء، وقسّم اللغات الإنسانية إلى فصائل يجمع أفراد كل فصيلة منها صلات قرابة لغوية؛ فتتفق في أصول الكلمات، وقواعد البنية، وتركيب الجمل
…
وما إلى ذلك، ويتكون من الأمم الناطقة بها مجموعة إنسانية متميزة، ترجع إلى أصول شعبية واحدة أو متقاربة، وتؤلف بينها طائفة من الروابط الجغرافية والتاريخية والاجتماعية.
وأشهر نظرية قسمت اللغات على هذه الأسس هي نظرية مكس مولر Max Muler، التي ترجع جميع اللغات الإنسانية إلى ثلاث فصائل: الفصيلة الهندية-الأوربية، والفصيلة السامية-الحامية، والفصيلة الطورانية2 وسنتكلم على كل فصيلة منها على حدة فيما يلي:
1 انظر صفحات 115-118.
2 فطن كثير من العلماء قبل مكس مولر إلى صلات القرابة التي تربط اللغات الهندية والآرية والأوربية بعضها ببعض، وإلى الصفات التي يشترك فيها أفراد الفصيلة الحامية-السامية. كما تقدمت الإشارة إلى ذلك في فقرة "تاريخ البحوث اللغوية"، وكما أشرنا إليه في كتابنا "فقه اللغة". انظر صفحتي 7، 8 الطبعة السابعة. ولكن يرجع الفضل إلى مكس مولر في تكملة هذه البحوث ونشرها، وفي دراسة الفصيلة الهندية الأوروبية على الأخص دراسة عميقة مستوعبة، وفي إضافة فصيلة ثالثة إلى الفصيلتين السابقتين، وهي فصيلة اللغات الطورانية، وقد اتفق معه في جعل هذه اللغات فصيلة ثالثة العلامة الألمان بونسن Bunesn في كتابه "Outlines of the Philosophy of Universal history، الذي ظهر في نفس العصر الذي ظهر فيه بحث مكس مولر بهذا الصدد Classification of the Turanian Laguages Lerrer on the. ولهذا نسب إلى مكس مولر تقسيم اللغات إلى هذه الفصائل الثلاث.