الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
Nice، Toulon"؛ ولكن كلتا المنطقتين تحتوي مجموعة متشابهة من اللهجات1، وذلك لأن سكان المنطقة الشمالية يختلفون في أصولهم الشعبية عن سكان المنطقة الجنوبية، ولكن كلتا المنطقتين تضم من السكان مجموعة متجانسة في هذه الأصول. ولهجات المناطق الوسطى بفرنسا يختلف بعضها عن بعض اختلافًا غير يسير، وذلك لتعدد الأصول الشعبية التي ينتمي إليها سكان هذه المناطق2.
غير أنه من الخطأ المبالغة في أثر هذا العامل والعامل السابق له، كما حاول ذلك بعض الباحثين، ولا أدلَّ على أن أثرهما ليس بالدرجة التي تصورها هؤلاء من أن الطفل من أية أمة، وفي أي عصر، يستطيع بسهولة أن يجيد لغة أمة أخرى، أو عصر آخر عن طريق التقليد، إذا أحيط في دور طفولته بأفراد يتكلمون هذه اللغة، كما تقدمت الإشارة إلى ذلك في أول هذه الفقرة.
1 انقرض الآن معظم هذه اللهجات وحلت محلها الفرنسية الحديثة.
2 V. Dauzat: Vie du Langage 47
4-
الأخطاء السمعية:
وسقوط الأصوات الضعيفة، ونظرية روسلو ومييه Boussdlot-Meillet:
يعتمد الطفل في محاكاته للغة أبويه على حاسة السمع، كما سبق شرح ذلك في الفصل الثاني من الباب الأول من هذا الكتاب1. ولما كانت هذه الحاسة عرضة للزلل في إدراكاتها، كان لزامًا أن يجانب الطفل السداد في بعض ما يحاكيه، وأن تختلف لغته بعض الاختلاف في ناحيتها الصوتية عن لغة أبويه.
1 انظر صفحة 151.
وتنقسم الأخطاء اللغوية الناجمة عن هذا السبب قسمين:
1-
أخطاء خاصة مقصورة على بعض الأفراد؛ كالأخطاء الناجمة عن ضعف السمع أو اختلال أجهزته، وما إلى ذلك، وليس لمثل هذه الأمور شأن كبير في تطور اللغة؛ لأن آثارها مقصورة على أصحابها، تبقى معهم وحدهم في حياتهم وتموت بموتهم.
2-
أخطاء عامة يشترك فيها جميع أفراد الطبقة الواحدة، وتمتاز بها لغتهم عن لغة الطبقة السابقة لهم، وذلك كالأخطاء السمعية الناشئة عن ضعف بعض الأصوات، فقد يحيط بالصوت بعض مؤثرات تعمل على ضعفه بالتدريج، فيتضاءل جرسه شيئًا فشيئًا حتى يصل في عصرٍ ما إلى درجة لا يكاد يتبينه فيها السمع، فحينئذ يكون عرضة للسقوط، وذلك أن معظم الصغار في هذا العصر لا يكادون يتبينونه في نطق الكبار، فينطقون بالكلمات مجردة منه، ولا يفطن الآباء لسقوطه في لغة أولادهم للسبب نفسه الذي من أجله لم يفطن الأولاد لوجوده في لغة آبائهم.
ولا يخفى ما لهذا القسم من الأخطاء من أثر بليغ في تطور اللغة من ناحيتها الصوتية، فإليه يرجع السبب في سقوط كثير من الأصوات في مختلف اللغات الإنسانية، وخاصة في اللغات الهندية - الأوروبية. وقد ظهر أثر هذا العامل أوضح ما يكون في الأصوات الواقعة في أواخر الكلمات؛ كعلامات الإعراب في اللغة العربية.
ويرجع أكبر قسط من الفضل في توضيح هذا العامل وبيان آثاره إلى العلامتين روسلو ومييه Rousselot Meillet، ولذلك تنسب إليهما نظريته1.
1 انظر في ذلك: Dauzat، Des Patois، p. ll8; Meillet، Linguistique
generales، p. 79; Delacroix، Le Langage et la Pensee، p. 180 et stiv
وانظر في التعريف بروسلو ومييه صفحات 45، 61، 67 والتعليق الثالث بصفحة 67.