الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْبركَة فِي الصَّاع وَالْمدّ. وَقَالَ النَّوَوِيّ: الظَّاهِر أَن الْبركَة حصلت فِي نفس الْكَيْل بِحَيْثُ يَكْفِي الْمَدّ فِيهَا من لَا يَكْفِيهِ فِي غَيرهَا، وَهَذَا أَمر محسوس عِنْد من سكنها، وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: إِذا وجدت الْبركَة فِيهَا فِي وَقت حصلت إِجَابَة الدعْوَة، وَلَا يسْتَلْزم دوامها فِي كل حِين. وَلكُل شخص؟ قلت: فِيهِ مَا فِيهِ، وَقَوْلنَا: أَفضَلِيَّة مَكَّة على الْمَدِينَة وَغَيرهَا تثبت بدلائل أُخْرَى خارجية تغني عَمَّا ذَكرُوهُ كُله. فَافْهَم.
تابَعَهُ عُثْمَانُ بنُ عُمَرَ عنْ يُونُسَ
أَي: تَابع جَرِيرًا أَبَا وهب عُثْمَان بن عمر أَبُو مُحَمَّد الْبَصْرِيّ عَن يُونُس بن يزِيد عَن ابْن شهَاب، وَوصل هَذِه الْمُتَابَعَة الذهلي فِي جمعه لحَدِيث الزُّهْرِيّ، وَلَقَد أَتَى صَاحب (التَّلْوِيح) هُنَا بِمَا لَا يُغني شَيْئا.
6881 -
حدَّثنا قُتَيْبَةُ قَالَ حدَّثنا إسْمَاعِيلُ بنُ جَعْفَرٍ عنْ حُمَيْدٍ عنْ أنَسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ إذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ فنَظَرَ إلَى جُدُرَاتِ المَدِينَةِ أوْضَعَ راحِلَتَهُ وإنْ كانَ عَلى دَابَّةٍ حرَّكَها مِنْ حُبَّهَا.
(انْظُر الحَدِيث 2081) .
مطابقته للتَّرْجَمَة قد ذَكرنَاهَا فِي أول الْ
بَاب
، والْحَدِيث مضى فِي: بَاب من أسْرع نَاقَته إِذا بلغ الْمَدِينَة، وَقد اسْتَوْفَيْنَا الْكَلَام فِيهِ (والجدرات) بِضَمَّتَيْنِ جمع: الْجدر، جمع سَلامَة وَهُوَ جمع الْجِدَار. قَوْله:(أوضع) أَي: حملهَا على السّير السَّرِيع.
11 -
(بابُ كَرَاهِيَةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنْ تُعْرَى المَدِينَةُ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان كَرَاهِيَة النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَن تعرى، من العراء، وَهُوَ الْخُلُو، يُقَال: تَركه عراء أَي خَالِيا، والعراء بِالْمدِّ هُوَ الفضاء الَّذِي لَا ستْرَة بِهِ، وَمِنْه: أعريت الْمَكَان إِذا جعلته خَالِيا. قَوْله: (أَن تعرى الْمَدِينَة) أَي: يَجْعَل حواليها خَالِيَة.
7881 -
حدَّثنا ابنُ سَلامٍ قَالَ أخبرنَا الْفَزَارِيُّ عنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عنْ أنَسٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ أرَادَ بَنُو سَلِمَةَ أنْ يَتَحَوَّلُوا إلَى قُرْبِ المَسْجِدِ فَكَرِهَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أنْ تُعْرَى المَدِينةُ وَقَالَ يَا بَنِي سلِمَةَ ألَا تَحْتَسِبُونَ آثَارَكُمْ فأقامُوا.
(انْظُر الحَدِيث 556 وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فكره رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، أَن تعرى الْمَدِينَة) ، وَابْن سَلام اسْمه مُحَمَّد وَقد تكَرر ذكره، والفزاري، بِفَتْح الْفَاء وَتَخْفِيف الزَّاي وَبعدهَا الرَّاء: واسْمه مَرْوَان بن مُعَاوِيَة، وَقد مضى الحَدِيث فِي: بَاب احتساب الْآثَار، فِي أَوَائِل صَلَاة الْجَمَاعَة فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن ابْن أبي مَرْيَم عَن يحيى بن أَيُّوب عَن حميد عَن أنس الحَدِيث.
قَوْله: (بَنو سَلمَة)، بِفَتْح السِّين وَكسر اللَّام. قَوْله:(ألَا تحتسبون)، كلمة: ألَا، للتحضيض، وَمعنى: تحتسبون، تَعدونَ الْأجر فِي خطاكم إِلَى الْمَسْجِد فَإِن لكل خطْوَة أجرا، ويروى:(أَلا تحتسبوا) ، بِدُونِ نون الْجمع، وحذفه بِدُونِ الناصب والجازم فصيح شَائِع.
21 -
(بابٌ)
أَي: هَذَا بَاب، وَقد مضى وَجه الْكَلَام فِيهِ عَن قريب، وَوَقع هَذَا هَكَذَا فِي جَمِيع النّسخ بِلَا تَرْجَمَة.
8881 -
حدَّثنا مُسَدَّدٌ عنْ يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ الله بنِ عُمَرَ قَالَ حدَّثني خُبَيْبُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمانِ عنْ حَفْصِ بنِ عاصِمٍ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا بَيْنَ بَيْتِي ومِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ ومنْبَرِي عَلى حَوْضِي.
وَجه ذكر هَذَا الحَدِيث هُنَا من حَيْثُ إِن لفظ: بَاب، هَذَا مُجَردا بِمَعْنى فصل وَله تعلق بِالْبَابِ السَّابِق من حَيْثُ إِن فِيهِ كَرَاهَة إعراء الْمَدِينَة، وَفِي هَذَا ترغيب فِي سكناهَا، وَهَذَا تعلق قوي مُنَاسِب، وَيحيى هُوَ ابْن سعيد الْقطَّان، وخبيب، بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة الأولى.
والْحَدِيث مضى فِي أَوَاخِر كتاب الصَّلَاة فِي: بَاب فضل مَا بَين الْقَبْر والمنبر، بِهَذَا الْإِسْنَاد والمتن عَن مُسَدّد عَن يحيى إِلَى آخِره.
قَوْله: (مَا بَين بَيْتِي ومنبري) كَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَوَقع فِي رِوَايَة ابْن عَسَاكِر وَحده:(مَا بَين قَبْرِي ومنبري)، وَقَالَ بَعضهم: إِنَّه خطأ، وَاحْتج على ذَلِك بِأَن فِي (مُسْند) مُسَدّد شيخ البُخَارِيّ بِلَفْظ:(بَيْتِي) وَكَذَلِكَ بِلَفْظ (بَيْتِي) فِي: بَاب فضل مَا بَين الْقَبْر والمنبر. قلت: نِسْبَة هَذَا إِلَى الْخَطَأ خطأ، لِأَنَّهُ وَقع لفظ: قَبْرِي ومنبري، فِي حَدِيث ابْن عمر أخرجه الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد رِجَاله ثِقَات، وَكَذَا وَقع فِي حَدِيث سعد بن أبي وَقاص أخرجه الْبَزَّار بِسَنَد صَحِيح، على أَن المُرَاد بقوله: بَيْتِي، أحد بيوته لَا كلهَا، وَهُوَ بَيت عَائِشَة الَّذِي دفن صلى الله عليه وسلم فِيهِ فَصَارَ قَبره، وَقد ورد فِي حَدِيث:(مَا بَين الْمِنْبَر وَبَيت عَائِشَة رَوْضَة من رياض الْجنَّة)، أخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي (الْأَوْسَط) . قَوْله:(رَوْضَة) أَي: كروضة من رياض الْجنَّة فِي نزُول الرَّحْمَة وَحُصُول السعادات، وَحذف أَدَاة التَّشْبِيه للْمُبَالَغَة، وَقيل: مَعْنَاهُ أَن الْعِبَادَة فِيهَا تُؤدِّي إِلَى الْجنَّة فَيكون مجَازًا، أَو المُرَاد أَن ذَلِك الْموضع بِعَيْنِه ينْتَقل إِلَى الْجنَّة، فعلى مَا ذكرُوا إِمَّا تَشْبِيه وَإِمَّا مجَاز وَإِمَّا حَقِيقَة. قَوْله:(ومنبري على حَوْضِي)، أَكثر الْعلمَاء: المُرَاد أَن منبره بِعَيْنِه الَّذِي كَانَ، وَقيل: إِن لَهُ هُنَاكَ منبرا على حَوْضه، وَقيل: مَعْنَاهُ أَن مُلَازمَة منبره للأعمال الصَّالِحَة تورد صَاحبهَا إِلَى الْحَوْض وَيشْرب مِنْهُ المَاء، وَهُوَ الْحَوْض المورود الْمُسَمّى بالكوثر، وَقيل: إِن ذرع مَا بَين الْمِنْبَر وَالْبَيْت الَّذِي فِيهِ الْقَبْر الْآن ثَلَاث وَخَمْسُونَ ذِرَاعا، وَقيل: أَربع وَخَمْسُونَ وَسدس، وَقيل: خَمْسُونَ إلَاّ ثلي ذِرَاع، وَهُوَ الْآن كَذَلِك، فَكَأَنَّهُ نقص لما أَدخل من الْحُجْرَة فِي الْجِدَار.
9881 -
حدَّثنا عُبَيْدُ بنُ إسْمَاعِيلَ قَالَ حدَّثنا أبُو أُسَامَةَ عنْ هِشَامٍ عَنْ أبِيهِ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قالَتْ لَمَّا قَدِمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ وُعِكَ أبُو بَكْرٍ وبِلالٌ فكَانَ أبُو بَكْرٍ إذَا أخَذَتْهُ الحمَّى يَقُولُ:
(كُلُّ امْرىءٍ مُصَبَّحٌ فِي أهلِهِ
…
والْمَوْتُ أدْنَى مِنْ شِرَاكِ)
وكانَ بِلَالٌ إذَا أُقْلِعَ عَنْهُ الحُمَّى يَرْفَعُ عَقِيرَتَهُ يَقُولَ:
(ألَا لَيْتَ شَعْرِي هَلْ أبِيتَنَّ لَيْلَةً
…
بِوَادٍ وَحَوْلِي إذْخِرٌ وجَلِيلٌ)
(وهَلْ أرِدَنْ يَوْما مِياهَ مَجَنَّةٍ
…
وهَلْ يَبْدُونَ لِي شَامَةٌ وطَفِيلُ)
قَالَ اللَّهُمَّ الْعَنْ شَيْبَةَ بنَ رَبِيعَةَ وعُتْبَةَ بنَ رَبِيعَةَ وأُمَيَّةَ بنَ خَلَفٍ كمَا أخْرَجُونَا مِنْ أرْضِنَا إلَى أرْضِ الوَباءِ ثُمَّ قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أللَّهُمَّ حَبِّبْ إلَيْنَا كَحُبِّنَا مَكَّةَ أوْ أشَدُّ أللَّهُمَّ بارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا وفِي مُدِّنا وصَحِّحْها لَنا وانْقُلْ حُمَّاهَا إلَى الجُحْفَةِ قالَتْ وقَدِمْنَا المَدِينَةَ وهْيَ أوْبَأُ أرْضِ الله قالَتْ فَكانَ بُطْحَانُ يَجْرِي نَجْلاً تَعْنِي مَاء آجِنا..
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه صلى الله عليه وسلم لما فهم من الَّذين قدمُوا الْمَدِينَة القلق بِسَبَب نزولهم فِيهَا وَهِي وبيئة، دَعَا الله تَعَالَى أَن يحببهم الْمَدِينَة كحبهم مَكَّة، وَأَن يُبَارك فِي صاعهم وَفِي مدهم، وَأَن ينْقل الْحمى مِنْهَا إِلَى الْجحْفَة لِئَلَّا تعرى الْمَدِينَة.
ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: عبيد الله، بِضَم الْعين: ابْن إِسْمَاعِيل، واسْمه فِي الأَصْل: عبيد الله، يكنى أَبَا مُحَمَّد الْهَبَّاري الْقرشِي، قَالَ البُخَارِيّ: مَاتَ فِي شهر ربيع الأول يَوْم الْجُمُعَة سنة خمسين وَمِائَتَيْنِ. الثَّانِي: أَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة. الثَّالِث: هِشَام بن عُرْوَة. الرَّابِع: أَبوهُ عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام. الْخَامِس: عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ.
ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين. وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين. وَفِيه: أَن شَيْخه من أَفْرَاده وَأمه وَأَبُو أُسَامَة كوفيان وَهِشَام وَأَبوهُ مدنيان. وَفِيه: رِوَايَة الإبن عَن الْأَب، وَأخرج الحَدِيث مُسلم أَيْضا فِي الْحَج.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (لما قدم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَة) ، كَانَ قدومه صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَة يَوْم الْإِثْنَيْنِ قَرِيبا من وَقت الزَّوَال، قَالَ الْوَاقِدِيّ، رَحمَه الله تَعَالَى: لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول. وَقَالَ ابْن إِسْحَاق: لثنتي عشرَة لَيْلَة خلت مِنْهُ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُور الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُور من السّنة الأولى من التَّارِيخ الإسلامي. قَوْله:(وعك)، جَوَاب: لما، وَهُوَ على صِيغَة الْمَجْهُول، أَي: أَصَابَهُ الوعك وَهُوَ الْحمى، وَقَالَ ابْن سَيّده: رجل وعك ووعك موعوك، وَهَذِه الصِّيغَة على توهم فعل كألم، والوعك لم يجده الْإِنْسَان من شدَّة التَّعَب، وَفِي (الْجَامِع) : وعك إِذا أَخَذته الْحمى، والواعك الشَّديد من الْحمى، وَقد وعكته الْحمى تعكه إِذا أَدْرَكته وَفِي (الْمُجْمل) : الوعك الْحمى، وَقيل: هُوَ مغث الْحمى. قَوْله: (كل امرىء. .) إِلَى آخِره رجز مسدس. قَوْله: (مصبح)، بِلَفْظ الْمَفْعُول أَي: يُقَال لَهُ: صبحك الله بِالْخَيرِ، وأنعم الله تَعَالَى صباحك، وَالْمَوْت قد يفجؤه فَلَا يُمْسِي حَيا. قَوْله:(أدنى) أَي: أقرب. (من شِرَاك نَعله)، بِكَسْر الشين: أحد سيور النَّعْل الَّتِي تكون على وَجههَا. قَوْله: (إِذا أقلع) بِلَفْظ الْمَعْلُوم من الإقلاع عَن الْأَمر، وَهُوَ الْكَفّ عَنهُ، ويروى بِلَفْظ الْمَجْهُول. قَوْله:(عقيرته)، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَكسر الْقَاف: وَهُوَ الصَّوْت إِذا غنى بِهِ، أَو بَكَى، وَيُقَال: أَصله أَن رجلا قطعت إِحْدَى رجلَيْهِ فَرَفعهَا وصرخ، فَقيل لكل رَافع صَوته: قد رفع عقيرته، وَعَن أبي زيد يُقَال: رفع عقيرته إِذا قَرَأَ أَو غنى، وَلَا يُقَال فِي غير ذَلِك. وَفِي (التَّهْذِيب) للأزهري: أَصله أَن رجلا أُصِيب عُضْو من أَعْضَائِهِ وَله إبل اعْتَادَ حداءها، فانتشرت عَلَيْهِ إبِله، فَرفع صَوته بالأنين لما أَصَابَهُ من الْعقر فِي يَده، فَسمِعت لَهُ إبِله فحسبته يَحْدُو بهَا فاجتمعت إِلَيْهِ، فَقيل لكل من رفع صَوته: رفع عقيرته. وَفِي (الْمُحكم) : عقيرة الرجل صَوته إِذا غنى أَو قَرَأَ أَو بَكَى. قَوْله: (أَلا لَيْت شعري) إِلَى آخِره من الْبَحْر الطَّوِيل، وَأَصله: فعولن مفاعيلن، ثَمَان مَرَّات، وَفِيه الْقَبْض، وَكلمَة: ألَا، هُنَا لِلتَّمَنِّي وَمعنى: لَيْت شعري، لَيْتَني أشعر. قَوْله:(وحولى) الْوَاو فِيهِ للْحَال. قَوْله: (إذخر) ، بِكَسْر الْهمزَة، وَقد مر تَفْسِيره فِي: بَاب لَا ينفر صيد الْحرم وَفِي غَيره. قَوْله: (وجليل)، بِفَتْح الْجِيم وَكسر اللَّام الأولى وَهُوَ: الثمام، وَهُوَ نبت ضَعِيف يحشى بِهِ حصاص الْبَيْت. قَوْله:(وَهل أردن) بالنُّون الْخَفِيفَة، وَكَذَلِكَ قَوْله:(وَهل يبدُوَن) قَوْله: (مياه مجنة) ، الْمِيَاه جمع مَاء، و: المجنة، بِفَتْح الْمِيم وَالْجِيم وَتَشْديد النُّون: مَاء عِنْد عكاظ على أَمْيَال يسيرَة من مَكَّة بِنَاحِيَة مر الظهْرَان، وَقَالَ الْأَزْرَقِيّ: هِيَ على بريد من مَكَّة، وَقَالَ أَبُو الْفَتْح: يحْتَمل أَن تسمى مجنة ببساتين تتصل بهَا، وَهِي الْجنان، وَأَن يكون وَزنهَا: فعلة من مجن يمجن، سميت بذلك لِأَن ضربا من المجون كَانَ بهَا، وَزعم ابْن قرقول أَن ميمها تكسر. قَوْله:(وَهل يبدُوَن) أَي: هَل يظهرن لي: شامة، بالشين الْمُعْجَمَة و: طفيل، بِفَتْح الطَّاء وَكسر الْفَاء. وَقَالَ الْجَوْهَرِي: هما جبلان، وَقَالَ غَيره: طفيل جبل من حُدُود هرشي مشرف هُوَ وشامة على مجنة. وَقَالَ الْخطابِيّ: كنت أَحسب أَنَّهُمَا جبلان حَتَّى أنبئت أَنَّهُمَا عينان، وَذكر ابْن الْأَثِير والصاغاني: أَن شَابة بِالْبَاء الْمُوَحدَة بعد الْألف، وَقيل: إِن هذَيْن الْبَيْتَيْنِ اللَّذين أنشدهما بِلَال، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، ليسَا لَهُ، بل هما لبكر بن غَالب بن عَامر بن الْحَارِث ابْن مضاض الجرهمي، أنشدهما عِنْدَمَا نفتهم خُزَاعَة من مَكَّة، شرفها الله، وَقيل لغيره. قَوْله:(كَمَا أخرجونا) مُتَعَلق بقوله: (أللهم) فَقَوله: (أللهم الْعَن) مَعْنَاهُ: أللهم أبعدهم من رحمتك كَمَا أبعدونا من مَكَّة. قَوْله: (إِلَى أَرض الوباء) ، هُوَ مَقْصُور يهمز وَلَا يهمز، وَهُوَ الْمَرَض الْعَام، قَالَه بَعضهم، وَقَالَ الْجَوْهَرِي: الوباء، يمد وَيقصر، وَيُقَال: الوباء الْمَوْت الذريع، وَقَالَ الْأَطِبَّاء: هُوَ عفونة الْهَوَاء. قَوْله: (حبب)، أَمر من حبب يحبب. وَقَوله:(الْمَدِينَة) مَفْعُوله. قَوْله: (أَو أَشد)، أَي أَو حبا أَشد من حبنا لمَكَّة. قَوْله:(فِي صاعنا) أَي: فِي صَاع الْمَدِينَة، وَهُوَ كيل يسع أَرْبَعَة أَمْدَاد، وَالْمدّ رَطْل وَثلث رَطْل عِنْد أهل الْحجاز، ورطلان عِنْد أهل الْعرَاق، وَالْأول قَول الشَّافِعِي، وَالثَّانِي قَول أبي حنيفَة. وَقيل: إِن أصل الْمَدّ مُقَدّر بِأَن يمد الرجل يَدَيْهِ فَيمْلَأ كفيه طَعَاما. وَفِي رِوَايَة إِبْنِ إِسْحَاق عَن هِشَام عَن أَبِيه (عَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا: أللهم إِن إِبْرَاهِيم عَبدك وخليلك دعَاك لأهل مَكَّة، وَأَنا عَبدك وَرَسُولك أَدْعُوك لأهل الْمَدِينَة بِمثل مَا دعَاك إِبْرَاهِيم لأهل مَكَّة: أللهم بَارك لنا فِي مدينتنا) الحَدِيث. قَوْله: (وصححها) أَي: صحّح الْمَدِينَة من الْأَمْرَاض. وَزَاد فِي دُعَائِهِ بقوله: (وانقل حماها) أَي: حمى الْمَدِينَة، وَكَانَت وبيئة، وخصص بِهَذَا فِي الدُّعَاء لِأَن أَصْحَابه حِين
قدمُوا الْمَدِينَة وعكوا. قَوْله: (إِلَى الْجحْفَة) ، بِضَم الْجِيم وَسُكُون الْحَاء الْمُهْملَة وبالفاء، وَهِي مِيقَات أهل مصر وَالشَّام وَالْمغْرب الْآن. وَذكر ابْن الْكَلْبِيّ: أَن العماليق أخرجُوا بني عنبر وهم أخوة عَاد من يثرب فنزلوا الْجحْفَة، وَكَانَ اسْمهَا: مهيعة، فَجَاءَهُمْ سيل فاجتحفهم فسميت الْجحْفَة، وَمعنى: اجتحفهم: سلب أَمْوَالهم وأخرب أبنيتهم وَلم يبْق شَيْئا، وَإِنَّمَا خص الْجحْفَة لِأَنَّهَا كَانَت يَوْمئِذٍ دَار شرك. وَقَالَ الْخطابِيّ: وَكَانَ أهل الْجحْفَة إِذْ ذَاك يهودا، وَكَانَ صلى الله عليه وسلم كثيرا مَا يَدْعُو على من لم يجبهم إِلَى دَار الْإِسْلَام إِذا خَافَ مِنْهُ مَعُونَة أهل الْكفْر، وَيسْأل الله أَن يبتليهم بِمَا يشغلهم عَنهُ، وَقد دَعَا على قومه أهل مَكَّة حِين يئس مِنْهُم. فَقَالَ:(أللهم أَعنِي عَلَيْهِم بِسبع كسبع يُوسُف) ، ودعا على أهل الْجحْفَة بالحمى ليشغلهم بهَا فَلم تزل الْجحْفَة من يَوْمئِذٍ أَكثر بِلَاد الله حمَّى وَأَنه ليتقي شرب المَاء من عينهَا الَّذِي يُقَال لَهُ عين حم، فَقل من شرب مِنْهُ إلَاّ حُمَّ، وَلما دَعَا، عليه الصلاة والسلام، بذلك الدُّعَاء لم يبْق أحد من أهل الْجحْفَة إلَاّ أَخَذته الْحمى، وَيحْتَمل أَن يكون هَذَا هُوَ السِّرّ فِي أَن الطَّاعُون لَا يدْخل الْمَدِينَة، لِأَن الطَّاعُون وباء، وَسَيِّدنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم دَعَا بِنَقْل الوباء عَنْهَا، فَأجَاب الله دعاءه إِلَى آخر الْأَبَد. فَإِن قلت: نهى النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَن الْقدوم على الطَّاعُون، فَكيف قدمُوا الْمَدِينَة وَهِي وبيئة؟ قلت: كَانَ ذَلِك قبل النَّهْي، أَو أَن النَّهْي يخْتَص بالطاعون وَنَحْوه من الْمَوْت الذريع لَا الْمَرَض، وَإِن عَم. قَوْله:(قَالَت) ، يَعْنِي عَائِشَة، وَهُوَ مُتَّصِل بِمَا قبله فِي رِوَايَة عُرْوَة عَنْهَا. قَوْله:(وَهِي) أَي: الْمَدِينَة (أَو بِأَرْض الله)، وأوبأ بِالْهَمْزَةِ فِي آخِره على وزن أفعل التَّفْضِيل من الوباء أَي أَكثر وباء وَأَشد من غَيرهَا. قَوْله (فَكَانَ ب حَان بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الطَّاء الْمُهْملَة وَهُوَ وَاد فِي صحراء الْمَدِينَة قَوْله: قَوْله: (يجْرِي نجلاً) خبر كَانَ تَعْنِي مَاء آجنا، وَهُوَ من تَفْسِير الرَّاوِي، ونجلاً، بِفَتْح النُّون وَسُكُون الْجِيم، وَحكى ابْن التِّين فِيهِ نجلا بِفَتْح الْجِيم أَيْضا. وَقَالَ ابْن فَارس: النجل، بِفتْحَتَيْنِ سَعَة الْعين، وَقَالَ ابْن السّكيت: النجل النزُّ حِين يظْهر وينبع عين المَاء، وَقَالَ الحربن: نجلاً أَي: وَاسِعًا، وَمِنْه: عين نجلاء، أَي: وَاسِعَة. وَقيل: هُوَ الغدير الَّذِي لَا يزَال فِيهِ المَاء، وغرض عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، بذلك بَيَان السَّبَب فِي كَثْرَة الوباء بِالْمَدِينَةِ، لِأَن المَاء الَّذِي هَذِه صفته يحدث عِنْده الْمَرَض. قَوْله:(تَعْنِي مَاء آجنا) ، هَذَا من كَلَام الرَّاوِي، أَي: تَعْنِي عَائِشَة من قَوْلهَا: يجْرِي مَاء آجنا: الآجن بِالْمدِّ المَاء الْمُتَغَيّر الطّعْم واللون، يُقَال فِيهِ: أجن وأجن ياجن وياجن أجنا وأجونا فَهُوَ آجن بِالْمدِّ، وأجن. قَالَ عِيَاض: هَذَا تَفْسِير خطأ مِمَّن فسره، فَلَيْسَ المُرَاد هُنَا المَاء الْمُتَغَيّر، ورد عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَيْسَ كَمَا قَالَ، فَإِن عَائِشَة قَالَت: (ذَلِك فِي مقَام التَّعْلِيل لكَون الْمَدِينَة كَانَت وبيئة، وَلَا شكّ أَن النجل إِذا فسر بِكَوْن المَاء الْحَاصِل من النز فَهُوَ بصدد أَن يتَغَيَّر، وَإِذا تغير كَانَ اسْتِعْمَاله مِمَّا يحدث الوباء فِي الْعَادة.
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ فِيهِ: فضل أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، بَيَانه أَن الله لما ابتلى نبيه، عليه الصلاة والسلام، بِالْهِجْرَةِ وفراق الوطن ابتلى أَصْحَابه بالأمراض، فَتكلم كل إِنْسَان بِمَا فِيهِ، فَأَما أَبُو بكر فَتكلم بِأَن الْمَوْت شَامِل لِلْخلقِ فِي الصَّباح والمساء، وَأما بِلَال فتمنى الرُّجُوع إِلَى وَطنه، فَانْظُر إِلَى فضل أبي بكر على غَيره. وَفِيه: فِي دُعَائِهِ صلى الله عليه وسلم بِأَن يحبب الله لَهُم الْمَدِينَة حجَّة وَاضِحَة على من كذب، بِالْقدرِ، لِأَن الله عز وجل هُوَ الْمَالِك للنفوس يحبب إِلَيْهَا مَا شَاءَ، وَيبغض، فَأجَاب الله دَعْوَة نبيه صلى الله عليه وسلم فأحبوا الْمَدِينَة حبا دَامَ فِي نُفُوسهم إِلَى أَن مَاتُوا عَلَيْهِ. وَفِيه: رد على الصُّوفِيَّة إِذْ قَالُوا: إِن الْوَلِيّ لَا تتمّ لَهُ الْولَايَة إلَاّ إِذا تمّ لَهُ الرضى بِجَمِيعِ مَا نزل بِهِ، وَلَا يَدْعُو الله فِي كشف ذَلِك عَنهُ، فَإِن دَعَا فَلَيْسَ فِي الْولَايَة كَامِلا. وَفِيه: حجَّة على بعض الْمُعْتَزلَة الْقَائِلين بِأَن لَا فَائِدَة فِي الدُّعَاء مَعَ سَابق الْقدر، وَالْمذهب أَن الدُّعَاء عبَادَة مُسْتَقلَّة وَلَا يُسْتَجَاب مِنْهُ إلَاّ مَا سبق بِهِ التَّقْدِير. وَفِيه: جَوَاز هَذَا النَّوْع من الْغناء. وَفِيه مَذَاهِب: فَذهب أَبُو حنيفَة وَمَالك وَأحمد وَعِكْرِمَة وَالشعْبِيّ وَالنَّخَعِيّ وَحَمَّاد وَالثَّوْري وَجَمَاعَة من أهل الْكُوفَة: إِلَى تَحْرِيم الْغناء، وَذهب آخَرُونَ إِلَى كَرَاهَته، نقل ذَلِك عَن ابْن عَبَّاس، وَنَصّ عَلَيْهِ الشَّافِعِي وَجَمَاعَة من أَصْحَابه، وَحكي ذَلِك عَن مَالك وَأحمد، وَذهب آخَرُونَ إِلَى إِبَاحَته لَكِن بِغَيْر هَذِه الْهَيْئَة الَّتِي تعْمل الْآن، فَمن الصَّحَابَة عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، ذكره أَبُو عمر فِي (التَّمْهِيد) وَعُثْمَان، ذكره الْمَاوَرْدِيّ، وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف، ذكره ابْن أبي شيبَة وَسعد ابْن أبي وَقاص وَابْن عمر ذكرهمَا ابْن قُتَيْبَة، وَأَبُو مَسْعُود البدري وَأُسَامَة بن زيد، وبلال وخوات بن جُبَير ذكرهمَا الْبَيْهَقِيّ
وَعبد الله بن أَرقم ذكره أَبُو عمر، وجعفر بن أبي طَالب ذكره السهروردي فِي (عوارفه) والبراء بن مَالك ذكره أَبُو نعيم. وَابْن الزبير ذكره صَاحب (الْقُوت) وَابْن جَعْفَر وَمُعَاوِيَة وَعَمْرو بن الْعَاصِ والنعمان بن بشير وَحسان بن ثَابت وخارجة بن زيد وَعبد الرَّحْمَن بن حسان، ذكرهم أَبُو الْفرج فِي (تَارِيخه) ، وَقُطْبَة بن كَعْب ذكره الْهَرَوِيّ، ورباح بن المغترف ذكره ابْن طَاهِر. وَمن التَّابِعين جمَاعَة ذكرهم ابْن طَاهِر.
وَذَهَبت طَائِفَة إِلَى التَّفْرِقَة بَين الْغناء الْكثير والقليل، وَنقل ذَلِك عَن الشَّافِعِي، وَذَهَبت طَائِفَة إِلَى التَّفْرِقَة بَين الرِّجَال وَالنِّسَاء فحرموه من الْأَجَانِب وجوزوه من غَيرهم، وَقَالَ ابْن حزم: من نوى ترويح بهالقلب ليقوى على الطَّاعَة فَهُوَ مُطِيع، وَمن نوى بِهِ التقوية على الْمعْصِيَة فَهُوَ عَاص، وَإِن لم ينْو شَيْئا فَهُوَ لَغْو مَعْفُو عَنهُ، وَقَالَ الْأُسْتَاذ أَبُو مَنْصُور: إِذا سلم من تَضْييع فرض وَلم يتْرك حفظ حُرْمَة الْمَشَايِخ بِهِ فَهُوَ مَحْمُود، وَرُبمَا أجر.
وَفِيه: أَن الله تَعَالَى أَبَاحَ لِلْمُؤمنِ أَن يسْأَل ربه صِحَة جِسْمه وَذَهَاب الْآفَات عَنهُ إِذا نزلت بِهِ كسؤاله إِيَّاه فِي الرزق، وَلَيْسَ فِي دُعَاء الْمُؤمن ورغبته فِي ذَلِك إِلَى الله لوم وَلَا قدح فِي دينه. وَفِيه: تَمْثِيل الصَّالِحين والفضلاء بالشعر.
0981 -
حدَّثنا يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ قَالَ حدَّثنا اللَّيْثُ عنْ خالِدِ بنِ يَزِيدَ عنْ سَعِيدِ بنِ أبِي هِلَالٍ عنْ زَيْدِ بنِ أسْلَمَ عنْ أبِيهِ عنْ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي شَهَادَةً فِي سَبِيلِكَ واجْعَلْ مَوْتِي فِي بَلَدِ رسولِكَ وَحَدِيث.
هَذَا أثر عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، ذكره هُنَا لمناسبة بَينه وَبَين الحَدِيث السَّابِق، وَذَلِكَ أَنه لما سمع النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، أَنه دَعَا بقوله:(أللهم حبب إِلَيْنَا الْمَدِينَة كحبنا لمَكَّة) ، سَأَلَ الله تَعَالَى أَن يَجْعَل مَوته فِي الْمَدِينَة إِظْهَارًا لمحبته إِيَّاهَا كمحبته لمَكَّة، وإعلاما بصدقه فِي ذَلِك بسؤاله الْمَوْت فِيهَا، وَقيل: ذكر ابْن سعد سَبَب دُعَائِهِ بذلك، وَهُوَ مَا أخرجه بِإِسْنَاد صَحِيح عَن عَوْف بن مَالك أَنه رأى رُؤْيا فِيهَا أَن عمر شَهِيد يستشهد، فَقَالَ لما قصها عَلَيْهِ أنَّى لي بِالشَّهَادَةِ وَأَنا بَين ظهراني جَزِيرَة الْعَرَب لست أغزو وَالنَّاس حَولي؟ ثمَّ قَالَ: بلَى وبلى يَأْتِي بهَا الله إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
وَرِجَال هَذَا الْأَثر سَبْعَة كَمَا ترى، وخَالِد بن يزِيد من الزِّيَادَة تقدم فِي أول الْوضُوء، وَسَعِيد بن أبي هِلَال اللَّيْثِيّ الْمدنِي، يكنى أَبَا الْعَلَاء، وَزيد بن أسلم أَبُو أُسَامَة مولى عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، الْعَدوي، وَأَبوهُ أسلم مولى عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، يكنى أَبَا خَالِد وَكَانَ من سبي الْيمن، وَقَالَ الْوَاقِدِيّ: أَبُو زيد الحبشي البجاوي من بجاوة، وَكَانَ من سبي عين التَّمْر، ابتاعه عمر بن الْخطاب بِمَكَّة سنة إِحْدَى عشرَة لما بَعثه أَبُو بكر الصّديق ليقيم للنَّاس الْحَج، مَاتَ قبل مَرْوَان بن الحكم، وَهُوَ الَّذِي صلى عَلَيْهِ وَهُوَ ابْن أَربع عشرَة وَمِائَة سنة.
قَوْله: (شَهَادَة فِي سَبِيلك) ، فَقبل الله دعاءه ورزق الشَّهَادَة، وَقَتله أَبُو لؤلؤة غُلَام الْمُغيرَة بن شُعْبَة، ضربه فِي خاصرته وَهُوَ فِي صَلَاة الصُّبْح، وَكَانَ يَوْم الْأَرْبَعَاء لأَرْبَع بَقينَ من ذِي الْحجَّة، وَقيل: لثلاث بَقينَ مِنْهُ سنة ثَلَاث وَعشْرين، وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَسِتِّينَ سنة، فِي سنّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَسن أبي بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. قَوْله:(وَاجعَل موتِي فِي بلد رَسُولك) وَوَقع كَذَا، وَدفن عِنْد أبي بكر، وَأَبُو بكر عِنْد النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فالثلاثة فِي بقْعَة وَاحِدَة هِيَ أشرف الْبِقَاع.
وَقَالَ ابنُ زُرَيْعٍ عنْ رَوْحِ بنِ القَاسِمِ عنْ زَيْدِ بنِ أسْلَمَ عَنْ أُمِّهِ عنْ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قالَتْ سَمِعْتُ عُمَرَ نَحْوَهُ
وَابْن زُرَيْع هُوَ يزِيد بن زُرَيْع. قَوْله: (عَن أمه) قَالَ الْكرْمَانِي: قَالَ البُخَارِيّ: كَذَا قَالَ روح عَن أمه، وغرضه أَن الْمَشْهُور أَن زيدا يروي عَن أَبِيه لَا عَن أمه، لَكِن روح أسْند رِوَايَته إِلَى أمه. قلت: ذكر البُخَارِيّ هَذَا لتعليق وَالتَّعْلِيق الَّذِي بعده لبَيَان الِاخْتِلَاف فِيهِ على زيد بن أسلم، فاتفق هِشَام بن سعد، وَسَعِيد بن أبي هِلَال على أَنه: عَن زيد عَن أَبِيه أسلم عَن عمر، وَقد تابعهما حَفْص بن ميسرَة عَن زيد عَنهُ عمر بن شبة، وَانْفَرَدَ روح بن الْقَاسِم عَن زيد بقوله: عَن أمه، وَتَعْلِيق ابْن زُرَيْع وَصله، فَقَالَ: حَدثنَا أَبُو عَليّ الصَّواف حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن هَاشم حَدثنَا أُميَّة بن بسطَام حَدثنَا يزِيد بن زُرَيْع حَدثنَا روح بِلَفْظ: