الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَيْسَ بنسك من مَنَاسِك الْحَج، إِنَّمَا نزل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم للاستراجة. وَقَالَ الْحَافِظ زكي الدّين عبد الْعَظِيم الْمُنْذِرِيّ: التحصيب مُسْتَحبّ عِنْد جَمِيع الْعلمَاء، وَقَالَ شَيخنَا زين الدّين: وَفِيه نظر لِأَن التِّرْمِذِيّ حكى اسْتِحْبَابه عَن بعض أهل الْعلم، وَحكى النَّوَوِيّ اسْتِحْبَابه عَن مَذْهَب الشَّافِعِي وَمَالك وَالْجُمْهُور، وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب، وَقد كَانَ من أهل الْعلم من لَا يستحبه فَكَانَت أَسمَاء وَعُرْوَة ابْن الزبير، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، لَا يحصبان، حَكَاهُ ابْن عبد الْبر فِي (الاستذكار) عَنْهُمَا، وَكَذَلِكَ سعيد بن جُبَير، فَقيل لإِبْرَاهِيم: إِن سعيد بن جُبَير لَا يَفْعَله، فَقَالَ: قد كَانَ يَفْعَله، ثمَّ بدا لَهُ، وَقَالَ ابْن بطال: وَكَانَت عَائِشَة لَا تحصب وَلَا أَسمَاء، وَهُوَ مَذْهَب عُرْوَة.
6671 -
حدَّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله قَالَ حَدثنَا سُفْيَانُ قَالَ عَمْرٌ وعنْ عَطاءٍ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ لَيْسَ التَّحْصِيبُ بِشِيْءٍ إِنَّمَا هُوَ مَنْزِلٌ نَزَلَهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم.
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه بَيَان حكم المحصب، وَعلي بن عبد الله الْمَعْرُوف بِابْن الْمَدِينِيّ، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَعَمْرو هُوَ ابْن دِينَار، وَعَطَاء هُوَ ابْن أبي رَبَاح.
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من طَرِيق سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عَمْرو عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس نَحوه، وَأخرجه النَّسَائِيّ عَن عَليّ بن حجر عَن سُفْيَان، وَأخرجه التِّرْمِذِيّ عَن ابْن أبي عمر عَن سُفْيَان عَن عَمْرو إِلَى آخِره، وَقَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح، وَذكر الدَّارَقُطْنِيّ أَن هَذَا حَدِيث عَليّ بن حجر، قَالَ ابْن عَسَاكِر: يَعْنِي تفرد بِهِ، وَابْن عُيَيْنَة سَمعه من حسن بن صَالح عَن عَمْرو، وَلَكِن كَذَا قَالَ ابْن حجر، وَهُوَ وهم مِنْهُ، فقد رَوَاهُ ابْن أبي عمر وَعبد الْجَبَّار بن الْعَلَاء وَجَمَاعَة غَيرهمَا، وَرَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ من حَدِيث أبي خَيْثَمَة حَدثنَا ابْن عُيَيْنَة حَدثنَا عَمْرو، وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو نعيم الْحَافِظ من طَرِيق عبد الله ابْن الزبير: حَدثنَا سُفْيَان حَدثنَا عَمْرو، فقد صرح أَبُو خَيْثَمَة والْحميدِي عَن سُفْيَان بِالتَّحْدِيثِ من عَمْرو فَانْتفى مَا قَالَه الدَّارَقُطْنِيّ، وَلما روى التِّرْمِذِيّ حَدِيث ابْن عمر قَالَ:(كَانَ النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، وَأَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، ينزلون بِالْأَبْطح) . قَالَ: وَفِي الْبَاب عَن عَائِشَة وَأبي رَافع وَابْن عَبَّاس. قلت: حَدِيث عَائِشَة أخرجه الْأَئِمَّة السِّتَّة، وَحَدِيث أبي رَافع أخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد من رِوَايَة سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن صَالح بن كيسَان عَن سُلَيْمَان بن يسَار (عَن أبي رَافع، قَالَ: لم يَأْمُرنِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن أنزل الأبطح حِين خرج من منى، وَلَكِن جِئْت فَضربت قُبَّته فجَاء فَنزل) قلت: وَفِي الْبَاب عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي أُسَامَة وَأنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَأخرج البُخَارِيّ حَدِيثهمْ، وَقَالَ بعض الْعلمَاء: كَانَ نُزُوله صلى الله عليه وسلم بالمحصب شكرا لله تَعَالَى على الظُّهُور بعد الاختفاء، وعَلى إِظْهَار دين الله تَعَالَى بَعْدَمَا أَرَادَ الْمُشْركُونَ من إخفائه، وَإِذا تقرر أَن نزُول المحصب لَا تعلق لَهُ بالمناسك فَهَل يسْتَحبّ لكل أحد أَن ينزل فِيهِ إِذا مر بِهِ؟ يحْتَمل أَن يُقَال باستحبابه مُطلقًا، وَيحْتَمل أَن يُقَال باستحبابه للْجمع الْكثير، وَإِظْهَار الْعِبَادَة فِيهِ إِظْهَارًا لشكر الله تَعَالَى على رد كيد الْكفَّار، وَإِبْطَال مَا أرادوه. وَالله أعلم.
841 -
(بابُ النُّزُولِ بِذِي طُوىً قَبْلَ أنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ والنُّزُولْ بالْبَطْجَاءِ الَّتِي بِذي الحُلَيْفَةِ إذَا رَجَعَ مِنْ مَكَّةَ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان نزُول الْحَاج بِذِي طوى قبل دُخُوله مَكَّة اتبَاعا للنَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي نُزُوله بمنازله جَمِيعًا، وَلَا يخْتَص ذَلِك بالمحصب. قَوْله:(بِذِي طوى) بِدُونِ الْألف وَاللَّام فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والسرخسي: بِذِي الطوى، بِالْألف وَاللَّام، وَيجوز فِي الطَّاء الحركات الثَّلَاث، والأفضح فتحهَا، وَيجوز صرف طوى وَمنعه، وَهُوَ مَوضِع بِأَسْفَل مَكَّة فِي صوب طَرِيق الْعمرَة الْمُعْتَادَة، وَقيل: هُوَ بَين مَكَّة والتنعيم، وَكلمَة: أَن، فِي قَوْله: قبل أَن يدْخل، مَصْدَرِيَّة أَي: قبل دُخُوله مَكَّة. قَوْله: (وَالنُّزُول)، بِالْجَرِّ عطف على النُّزُول الأول. قَوْله:(الَّتِي بِذِي الحليفة) صفة الْبَطْحَاء، وَاحْترز بِهِ عَن الْبَطْحَاء الَّتِي بَين مَكَّة وَمنى، وَقيل: الْبَطْحَاء بِالْمدِّ: هُوَ التُّرَاب الَّذِي فِي مسيل المَاء. وَقيل: إِنَّه مجْرى السَّيْل إِذا جف واستحجر، والبطحاء الَّتِي بِذِي الحليفة مَعْرُوفَة عِنْد أهل الْمَدِينَة وَغَيرهم بالعرس. قَوْله:(إِذا رَجَعَ)، أَي: الْحَاج من مَكَّة وَتوجه إِلَى الْمَدِينَة.
7671 -
حدَّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ المُنْذِرِ قَالَ حدَّثنا أبُو ضَمْرَةَ قَالَ حدَّثنا مُوسى بنُ عُقْبَةَ عنْ نَافِعٍ
أنَّ ابنَ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا كانَ يَبِيتُ بِذِي طُوىً بَيْنَ الثَّنْيَتَيْنِ ثُمَّ يَدْخُلُ مِنَ الثَّنْيَةِ الَّتِي بِأعْلَى مَكَّةَ وكانَ إذَا قَدِمَ مَكَّةَ حاجّا أوْ مُعْتَمرا لَمْ يُنِخْ ناقَتَهُ إلَاّ عِنْدَ بابِ المَسْجِدِ ثُمَّ يَدْخُلُ فَيَأتِي الرُّكْنَ الأسْوَدَ فَيَبْدأ بِهِ ثُمَّ يَطُوفْ سَبْعا ثَلَاثًا سعيا وأربَعا مَشْيا ثُمَّ يَنْصَرِفُ فَيُصَلِّي سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ يَنْطَلِقُ قَبْلَ أنْ يَرْجِعَ إلَى مَنْزِلِهِ فَيَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا والمَرْوَةِ وكانَ إذَا صَدَرَ عنِ الحَجِّ أوِ العُمْرَةِ أناخَ بِالْبَطْحَاءِ الَّتِي بِذِي الحُلَيْفَةِ الَّتِي كانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُنِيخُ بِها.
(انْظُر الحَدِيث 194 وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (كَانَ يبيت بِذِي طوى)، وَفِي قَوْله:(وَكَانَ إِذا صدر عَن الْحَج) إِلَى آخِره.
وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة، وَأَبُو ضَمرَة، بِفَتْح الضَّاد الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْمِيم، واسْمه أنس بن عِيَاض اللَّيْثِيّ مَشْهُور باسمه وكنيته.
قَوْله: (بَين الثنيتين)، وَهِي تَثْنِيَة ثنية وَهِي طَرِيق الْعقبَة. قَوْله:(لم ينخ)، بِضَم الْيَاء آخر الْحُرُوف وَكسر النُّون: من أَنَاخَ ينيخ إِذا برك جمله، وَالرَّاحِلَة النَّاقة الَّتِي تصلح لِأَن ترحل، وَقيل: هِيَ الْمركب من الْإِبِل ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى. قَوْله: (بَاب الْمَسْجِد) أَي: الْمَسْجِد الْحَرَام. قَوْله: (فَيَأْتِي الرُّكْن الْأسود)، أَي الرُّكْن الَّذِي فِيهِ الْحجر الْأسود. قَوْله:(سبعا)، أَي: سبع مَرَّات. قَوْله: (ثَلَاثًا) أَي: يطوف من السَّبع ثَلَاث مَرَّات، قَوْله:(سعيا) أَي: ساعيا، نصب على الْحَال، وَيجوز أَن يكون انتصابه على أَنه صفة لثلاثا. قَوْله:(وأربعا) أَي: يطوف أَربع مَرَّات من السَّبع مشيا. وَيجوز فِيهِ الْوَجْهَانِ الْمَذْكُورَان فِي: سعيا. قَوْله: (سَجْدَتَيْنِ) أَي: رَكْعَتَيْنِ، من بَاب إِطْلَاق إسم الْجُزْء على الْكل، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني:(رَكْعَتَيْنِ)، على الأَصْل. قَوْله:(وَكَانَ إِذا صدر) أَي: رَجَعَ مُتَوَجها نَحْو الْمَدِينَة. قَوْله: (بهَا) أَي: بِذِي الحليفة، ثمَّ اعْلَم أَن النُّزُول بِذِي طوى قبل أَن يدْخل مَكَّة وَالنُّزُول بالبطحاء الَّتِي بِذِي الحليفة عِنْد رُجُوعه لَيْسَ بِشَيْء من مَنَاسِك الْحَج، فَإِن شَاءَ فعله وَإِن شَاءَ تَركه.
8671 -
حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ قَالَ حدَّثنا خالِدُ بنُ الحَارِثِ قَالَ سُئِلَ عُبَيْدُ الله عنِ المُحَصَّبِ قَالَ فَحدثنا عُبَيْدُ الله عنْ نافِعٍ قَالَ نَزَلَ بِها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وعُمَرُ وابنُ عُمَرَ. وعنْ نافِعٍ أنَّ ابنَ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا كانَ يُصَلِّي بِها يَعْنِي الْمُحَصَّبَ الظُّهْرَ والعَصْرَ أحْسِبُهُ قَالَ والْمَغْرِبَ قَالَ خالِدٌ لَا أشُكُّ فِي العِشَاءِ ويَهْجَعُ هَجْعَةً ويَذْكُرُ ذالِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
لَا مُطَابقَة بني هَذَا الحَدِيث والترجمة إلَاّ من وَجه يُؤْخَذ تَقْرِيبًا، وَهُوَ أَن بَين حَدِيثي الْبَاب مُنَاسبَة من حَيْثُ إِن كلا مِنْهُمَا يتَضَمَّن أمرا غير لَازم، وَذَلِكَ أَن الحَدِيث الأول فِيهِ النُّزُول بِذِي طوى قبل الدُّخُول فِي مَكَّة، وبالبطحاء الَّتِي بِذِي الحليفة إِذا رَجَعَ من مَكَّة وكل مِنْهُمَا غير لَازم، وَلَا هما من مَنَاسِك الْحَج، وَكَذَلِكَ الحَدِيث الثَّانِي فِيهِ النُّزُول بالمحصب، وَهُوَ أَيْضا غير لَازم، وَلَا هُوَ من مَنَاسِك الْحَج، وَكَذَلِكَ فِي كل مِنْهُمَا، يرويهِ نَافِع عَن فعل ابْن عمر، فبهذين الاعتبارين تحققت الْمُنَاسبَة بَين الْحَدِيثين، والْحَدِيث الأول مُطَابق للتَّرْجَمَة، وَالثَّانِي مُطَابق للْأولِ، ومطابق المطابق لشَيْء مُطَابق لذَلِك الشَّيْء. فَافْهَم فَإِنَّهُ دَقِيق.
ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: عبد الله بن عبد الْوَهَّاب أَبُو مُحَمَّد الحَجبي، مَاتَ سنة ثَمَان وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ. الثَّانِي: خَالِد بن الْحَارِث أَبُو عُثْمَان الهُجَيْمِي. الثَّالِث: عبيد الله بن عمر بن حَفْص بن عَاصِم بن عمر بن الْخطاب. الرَّابِع: نَافِع مولى ابْن عمر. الْخَامِس: عبد الله بن عمر.
ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع وَاحِد. وَفِيه: أَن شَيْخه من أَفْرَاده وَأَنه وخَالِد بصريان وَعبيد الله وَنَافِع مدنيان.
قَوْله: (نزل بهَا)، أَي: بالمحصب، وَهَذَا من مرسلات نَافِع، وَعَن عمر مُنْقَطع وَعَن ابْن عمر مَوْصُول، وَيحْتَمل أَن يكون نَافِع سمع ذَلِك من ابْن عمر، فَيكون الْجَمِيع مَوْصُولا. قَوْله:(أَحْسبهُ)، أَي: أَظن يَعْنِي الشَّك إِنَّمَا هُوَ فِي الْمغرب لَا فِي الْعشَاء. قَوْله: (وَعَن نَافِع) غير مُعَلّق لِأَنَّهُ مَعْطُوف على الْإِسْنَاد الَّذِي قبله. قَوْله: