الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(يهجع)، أَي: ينَام من الهجوع، وَهُوَ النّوم. قَوْله:(وَيذكر ذَلِك)، أَي: يذكر ابْن عمر التحصيب عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَالدَّلِيل عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ مُسلم عَن مُحَمَّد بن حَاتِم عَن روح عَن صَخْر بن جوَيْرِية عَن نَافِع أَن ابْن عمر كَانَ يرى التحصيب سنة، وَكَانَ يُصَلِّي الظّهْر يَوْم النَّفر بالحصبة، قَالَ: قد حصب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَالْخُلَفَاء بعده. وَالله أعلم.
941 -
(بابُ مَنْ نَزَلَ بِذِي طُوىً إذَا رَجَعَ مِنْ مَكَّةَ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَشْرُوعِيَّة نزُول من نزل بِذِي طوى إِذا رَجَعَ من مَكَّة مُتَوَجها إِلَى مقْصده، وَأما النُّزُول بِذِي طوى للداخل مَكَّة فقد مر بَيَانه فِي: بَاب الِاغْتِسَال عِنْد الدُّخُول فِي مَكَّة، وَفِي: بَاب دُخُول مَكَّة لَيْلًا أَو نَهَارا، وَقد وَقع سَهْو عَن الدَّاودِيّ حَيْثُ جعل ذَا طوى هُوَ المحصب، وَظن أَن الْمبيت مُتحد فيهمَا.
9671 -
وقالَ محَمَّدُ بنُ عِيسَى قَالَ حدَّثنا حَمَّادٌ عنْ أيُّوبَ عنْ نَافِعٍ عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أنَّهُ كانَ إذَا أقْبَلَ باتَ بِذِي طُوىً حَتَّى إذَا أصْبَحَ دَخَلَ وإذَا نَفَرَ مَرَّ بِذِي طُوَىً وباتَ بِها حَتَّى يُصْبِحَ وكانَ يَذْكُرُ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ.
(انْظُر الحَدِيث 194 وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَإِذا نفر مر بِذِي طوى) إِلَى آخِره.
وَرِجَاله خَمْسَة: الأول: مُحَمَّد بن عِيسَى بن الطباع أَبُو جَعْفَر أَخُو إِسْحَاق الْبَصْرِيّ، سكن الشَّام وَمَات فِي سنة ثَمَان وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ، وَهُوَ من أَفْرَاد البُخَارِيّ، وروى عَنهُ فِي الرِّدَّة. الثَّانِي: حَمَّاد، وَاخْتلف فِيهِ فَجزم الْإِسْمَاعِيلِيّ أَنه حَمَّاد بن سَلمَة، وَجزم الْمزي أَنه حَمَّاد بن يزِيد الثَّالِث أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ. الرَّابِع: نَافِع. الْخَامِس: عبد الله بن عمر، وَقد مضى طرف من هَذَا الحَدِيث فِي: بَاب الِاغْتِسَال لدُخُول مَكَّة.
قَوْله: (وَإِذا نفر مر بِذِي طوى) وَفِي رِوَايَة الْكشميهني، (وَإِذا نفر مر من ذِي طوى) إِلَى آخِره، قَالَ ابْن بطال: وَلَيْسَ هَذَا أَيْضا من مَنَاسِك الْحَج.
051 -
(بابُ التِّجَارَةِ أيَّامَ الْمَوْسِمِ والْبَيْعِ فِي أسْوَاقِ الجَاهِلِيَّةِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان جَوَاز التِّجَارَة فِي أَيَّام الْمَوْسِم، بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْوَاو وَكسر السِّين، وَقَالَ الْأَزْهَرِي: سمي موسم الْحَج موسما لِأَنَّهُ معلم يجْتَمع إِلَيْهِ النَّاس، وَهُوَ مُشْتَقّ من السِّمة، وَهِي الْعَلامَة. قَوْله:(وَالْبيع)، بِالْجَرِّ عطف على التِّجَارَة أَي: وَفِي بَيَان مَشْرُوعِيَّة البيع أَيْضا فِي أسواق الْجَاهِلِيَّة، وأسواق الْجَاهِلِيَّة أَرْبَعَة، وَهِي: عكاظ، وَذُو الْمجَاز، ومجنة وحباشة.
وَأما عكاظ فَهُوَ، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْكَاف وَبعد الْألف ظاء مُعْجمَة، قَالَ الرشاطي: هِيَ صحراء مستوية لَا علم فِيهَا وَلَا جبل، إلَاّ مَا كَانَ من الأنصاب الَّتِي كَانَت بهَا فِي الْجَاهِلِيَّة، وَبهَا من دِمَاء الْبدن كالأرحاء الْعِظَام، وَقَالَ مُحَمَّد بن حبيب: عكاظ بِأَعْلَى نجد، قريب من عَرَفَات، وَقَالَ غَيره: عكاظ وَرَاء قرن الْمنَازل بمرحلة من طَرِيق صنعاء، وَهِي من عمل الطَّائِف، وعَلى بريد مِنْهَا وأرضها لبني نصر، واتخذت سوقا بعد الْفِيل بِخمْس عشرَة سنة، وَتركت عَام خرجت الحرورية بِمَكَّة مَعَ الْمُخْتَار بن عَوْف سنة تسع وَعشْرين وَمِائَة إِلَى هَلُمَّ جرا. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: عكاظ فِيمَا بَين نَخْلَة والطائف إِلَى مَوضِع يُقَال لَهُ: الفتق، بِضَم الْفَاء وَالتَّاء الْمُثَنَّاة وبالقاف، وَبِه أَمْوَال ونخل لثقيف، بَينه وَبَين الطَّائِف عشرَة أَمْيَال، فَكَانَ سوق عكاظ يقوم صبح هِلَال ذِي الْقعدَة عشْرين يَوْمًا. وعكاظ مُشْتَقّ من قَوْلك: عكظت الرجل عكظا إِذا قهرته بحجتك، لأَنهم كَانُوا يتفاخرون هُنَاكَ بالفخر وَكَانَت بعكاظ وقائع مرّة بعد مرّة، وبعكاظ رأى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قس بن سَاعِدَة، وَحفظ كَلَامه وَكَانَ يتَّصل بعكاظ بلد تسمى: ركبة، بهَا عين تسمى: عين خليص، وَكَانَ ينزلها من الصَّحَابَة: قدامَة بن عمار الْكلابِي، ولقيط بن ضَمرَة الْعقيلِيّ، وَمَالك بن نَضْلَة الحبشي.
وَأما ذُو الْمجَاز: فقد ذكر ابْن إِسْحَاق: أَنَّهَا كَانَت بِنَاحِيَة عَرَفَة إِلَى جَانبهَا، وَعَن ابْن الْكَلْبِيّ أَنه كَانَ لهذيل على فَرسَخ من عَرَفَة، وَقَالَ الرشاطي: كَانَ ذُو الْمجَاز سوقا من أسواق الْعَرَب، وَهُوَ عَن يَمِين الْموقف بِعَرَفَة قَرِيبا من كبكب، وَهُوَ سوق مَتْرُوك. وَقَالَ الْكرْمَانِي: ذُو الْمجَاز بِلَفْظ ضد الْحَقِيقَة مَوضِع بمنى كَانَ بِهِ سوق فِي الْجَاهِلِيَّة، وَهَذَا غير صَحِيح، لِأَن الطَّبَرِيّ روى
عَن مُجَاهِد أَنهم كَانُوا لَا يبيعون وَلَا يبتاعون فِي الْجَاهِلِيَّة بِعَرَفَة وَلَا منى.
وَأما مجنة، فَهِيَ: بِفَتْح الْمِيم وَالْجِيم وَتَشْديد النُّون، وَهِي على أَمْيَال: مسيرَة من مَكَّة بِنَاحِيَة مر الظهْرَان، وَيُقَال: هِيَ على بريد من مَكَّة، وَهِي لكنانة وبأرضها، وشامة وطفيل جبلان مشرفان عَلَيْهَا، سميت بهَا لبساتين تتصل بهَا، وَهِي الْجنان، وَيحْتَمل أَن يكون من مجن يمجن، سميت بذلك لِأَن ضربا من المجون كَانَ بهَا.
وَأما حُبَاشَة: فَهِيَ بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة وَبعد الْألف شين مُعْجمَة، وَكَانَت بِأَرْض بارق نَحْو قنونا، بِفَتْح الْقَاف وَضم النُّون المخففة وَبعد الْوَاو الساكنة نون أُخْرَى، مَقْصُورَة من مَكَّة إِلَى جِهَة الْيمن على سِتّ مراحل، وَلم يذكر هَذَا فِي الحَدِيث لِأَنَّهُ لم يكن من مواسم الْحَج، وَإِنَّمَا كَانَ يُقَام فِي شهر رَجَب. وَقَالَ الرشاطي: هِيَ أكبر أسواق تهَامَة. كَانَ يقوم ثَمَانِيَة أَيَّام فِي السّنة. قَالَ حَكِيم بن حزَام، وَقد رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يحضرها واشتريت مِنْهُ فِيهَا بزا من بز تهَامَة، وَقَالَ الفاكهي: وَلم تزل هَذِه الْأَسْوَاق قَائِمَة فِي الْإِسْلَام إِلَى أَن كَانَ أول من ترك مِنْهَا سوق عكاظ فِي زمن الْخَوَارِج سنة تسع وَعشْرين وَمِائَة، وَآخر مَا ترك مِنْهَا سوق حُبَاشَة فِي زمن دَاوُد بن عِيسَى بن مُوسَى العباسي فِي سنة سبع وَتِسْعين وَمِائَة، وروى الزبير بن بكار فِي (كتاب النّسَب) من طَرِيق حَكِيم بن حزَام أَنَّهَا، أَي: سوق عكاظ، كَانَت تُقَام صبح هِلَال ذِي الْقعدَة إِلَى أَن يمْضِي عشرُون يَوْمًا، قَالَ: ثمَّ يقوم سوق مجنة عشرَة أَيَّام إِلَى هِلَال ذِي الْحجَّة، ثمَّ يقوم سوق ذُو الْمجَاز ثَمَانِيَة أَيَّام ثمَّ يتوجهون إِلَى منى لِلْحَجِّ، وَفِي حَدِيث أبي الزبير (عَن جَابر أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لبث عشر سِنِين يتبع النَّاس فِي مَنَازِلهمْ فِي الْمَوْسِم بمجنة وعكاظ يبلغ رسالات ربه) الحَدِيث. أخرجه أَحْمد وَغَيره.
0771 -
حدَّثنا عُثْمَانُ بنُ الهَيْثَمِ أخبرنَا ابنُ جُرَيْجٍ قَالَ عَمْرُو بنُ دِينَارٍ قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما كانَ ذُو المَجَازِ وعُكاظٌ مَتْجَرَ الناسِ فِي الجَاهِلِيَّةِ فَلَمَّا جاءَ الإسْلَامُ كأنَّهُمْ كَرِهُوا ذالِكَ حَتَّى نَزَلَتْ {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أنُ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ} فِي مَوَاسِمِ الحَجِّ. (الْبَقَرَة: 891) ..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَعُثْمَان بن الْهَيْثَم، بِفَتْح الْهَاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الثَّاء الْمُثَلَّثَة: أَبُو عَمْرو الْمُؤَذّن الْبَصْرِيّ، مَاتَ سنة عشْرين وَمِائَتَيْنِ. وَهُوَ من أَفْرَاد البُخَارِيّ، وَابْن جريج هُوَ عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز الْمَكِّيّ.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْبيُوع عَن عبد الله بن مُحَمَّد وَعلي بن عبد الله، وَفِي التَّفْسِير عَن مُحَمَّد، ثَلَاثَتهمْ عَن سُفْيَان عَنهُ بِهِ.
قَوْله: (متجر النَّاس)، بِفَتْح الْمِيم أَي: مَكَان تِجَارَتهمْ، وَفِي رِوَايَة ابْن عُيَيْنَة: أسواقا فِي الْجَاهِلِيَّة. قَوْله: (كَأَنَّهُمْ) أَي: كَانَ الْمُسلمين. قَوْله: (كَرهُوا ذَلِك)، وَفِي رِوَايَة ابْن عُيَيْنَة:(فكأنهم تأثموا) . أَي: خشبوا الْوُقُوع فِي الْإِثْم للاشتغال فِي أَيَّام النّسك بِغَيْر الْعِبَادَة. قَوْله: (حَتَّى نزلت {لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح} )(الْبَقَرَة: 891) . وروى أَبُو دَاوُد وَغَيره من حَدِيث يزِيد بن أبي زِيَاد عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس، قَالُوا: كَانُوا يَتَّقُونَ الْبيُوع وَالتِّجَارَة فِي الْمَوْسِم وَالْحج، يَقُولُونَ: أَيَّام ذكر، فَأنْزل الله تَعَالَى:{لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تَبْتَغُوا فضلا من ربكُم} (الْبَقَرَة: 891) . وَقَالَ ابْن جرير: حَدثنِي يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، حَدثنَا هَيْثَم أخبرنَا حجاج عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ:{لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تَبْتَغُوا فضلا من ربكُم} (الْبَقَرَة: 891) . فِي مواسم الْحَج، وَقَالَ عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس فِي هَذِه الْآيَة: لَا حرج عَلَيْكُم فِي الشِّرَاء وَالْبيع قبل الْإِحْرَام وَبعده، وَهَكَذَا روى الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس. قَوْله:(فِي مواسم الْحَج) هَذِه قِرَاءَة ابْن عَبَّاس، قَالَ وَكِيع: حَدثنَا طَلْحَة بن عَمْرو الْحَضْرَمِيّ عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ {لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تَبْتَغُوا فضلا من ربكُم} (الْبَقَرَة: 891) . فِي مواسم الْحَج وَرَوَاهُ عبد بن حميد عَن مُحَمَّد بن الْفضل عَن حَمَّاد بن زيد عَن عبد الله ابْن أبي زيد: سَمِعت ابْن الزبير يقْرَأ، فَذكر مثله سَوَاء، وَهَكَذَا فَسرهَا مُجَاهِد وَسَعِيد بن جُبَير وَعِكْرِمَة وَمَنْصُور بن الْمُعْتَمِر وَقَتَادَة وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَالربيع بن أنس وَغَيرهم. وَقَالَ الْكرْمَانِي: قَوْله: (فِي مواسم الْحَج) كَلَام الرَّاوِي ذكره تَفْسِيرا لِلْآيَةِ الْكَرِيمَة، وَقَالَ بَعضهم: فَاتَهُ مَا زَاده المُصَنّف فِي آخر حَدِيث ابْن عُيَيْنَة فِي الْبيُوع. قَرَأَهَا ابْن عَبَّاس وَرَوَاهُ ابْن أبي عمر فِي (مُسْنده) عَن ابْن عُيَيْنَة. وَقَالَ فِي آخِره: وَكَذَلِكَ كَانَ ابْن عَبَّاس يقْرؤهَا. انْتهى. قلت: نعم، ذهل الْكرْمَانِي عَن هَذَا، وَلَكِن قَوْله ذكره تَفْسِيرا لِلْآيَةِ الْكَرِيمَة لَهُ وَجه، لِأَن مُجَاهدًا وَمن ذَكَرْنَاهُمْ مَعَه فسروها هَكَذَا فجعلوها تَفْسِيرا وَلم يجعلوها قِرَاءَة، وَمَعَ هَذَا على تَقْدِير كَونهَا قِرَاءَة فَهِيَ من الْقِرَاءَة الشاذة وَحكمهَا عِنْد الْأَئِمَّة حكم التَّفْسِير. وَقَالَ أَحْمد: حَدثنَا أَسْبَاط