الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَي: انْكَشَفَ. قَوْله: (وأنقِ) أَمر من الأنقاء، وَهُوَ التَّطْهِير. وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي:(واتَّقِ) من الاتقاء، بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة الْمُشَدّدَة، وَهُوَ الحذر. ويروى:(ألقِ)، من الْإِلْقَاء وَهُوَ الرَّمْي. قَوْله:(واصنع فِي عمرتك كَمَا تصنع فِي حجك) أَي: كصنعك فِي حجك من اجْتِنَاب الْمُحرمَات وَمن أَعمال الْحَج إلَاّ الْوُقُوف، فَلَا وقُوف فِيهَا وَلَا رمي، وأركانها أَرْبَعَة: الْإِحْرَام وَالطّواف وَالسَّعْي وَالْحلق أَو التَّقْصِير.
0971 -
حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ قَالَ أخبرنَا مالِكٌ عَن هِشامِ بنِ عُرْوَةَ عنْ أبِيهِ أنَّهُ قَالَ قُلْتُ لِ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا زَوْجَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وأنَا يَوْمَئِذٍ حَدِيثُ السِّنِّ أرَأيْتِ قَوْلَ الله تبارك وتعالى إنَّ الصَّفَا والمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ الله فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا فَلَا أُرَى عَلَى أحَدٍ شَيْئا أنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهِمَا فَقالَتْ عائِشَةُ كَلَاّ لَوْ كانَتْ كَما تَقُولُ كانَتْ فَلَا جُناحَ عَلَيْهِ أنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهِمَا إنَّمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي الأنْصَارِ كانُوا يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ وكَانَتْ مَناةُ حَذْوَ قُدَيْدٍ وكانُوا يَتَحَرَّجُونَ أنْ يَطُوفُوا بَيْنَ الصَّفَا والمَرْوَةِ فَلَمَّا جَاءَ الإسْلامُ سَألُوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عنْ ذَلِكَ فأنْزَلَ الله تَعالى إنَّ الصَّفا والمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ الله فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُناحَ عَلَيْهِ أنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي أَنه يصنع فِي حجه من السَّعْي بَين الصَّفَا والمروة، وَقد مر هَذَا الحَدِيث فِي: بَاب وجوب الصَّفَا والمروة، بأطول مِنْهُ فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن أبي الْيَمَان عَن شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة
…
إِلَى آخِره، وَقد مرت مباحثه هُنَاكَ مستوفاة. قَوْله:(وَأَنا يَوْمئِذٍ حَدِيث السن) يُرِيد لم يكن لَهُ بعد فِقْهٌ وَلَا علم من سنَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مِمَّا يتَأَوَّل بِهِ نَص الْكتاب وَالسّنة. قَوْله: (كلاًّ) هِيَ كلمة ردع، أَي: لَيْسَ الْأَمر كَذَلِك. قَوْله: (كَمَا تَقول) أَي: عدم وجوب السَّعْي. قَوْله: (مَنَاة)، بِفَتْح الْمِيم وَتَخْفِيف النُّون: اسْم صنم. قَوْله: (حَذْو قديد)، أَي: محاذيه، و: قديد، بِضَم الْقَاف: مَوضِع بَين مَكَّة وَالْمَدينَة. قَوْله: (يتحرجون)، يَعْنِي: يحترزون من الْإِثْم الَّذِي فِي الطّواف باعتقادهم، أَو يحترزونه لأجل الطّواف، أَو مَعْنَاهُ: يتكلفون الْحَرج فِي الطّواف ويرونه فِيهِ.
زَادَ سُفْيَانُ وَأبُو مُعَاوِيَةَ عنْ هِشَامٍ مَا أتَمَّ الله حَجَّ امْرِىءٍ ولَا عُمْرَتَهُ مَا لَمْ يَطُفْ بَيْنَ الصَّفَا والمَرْوَةِ
أَي: زَاد سُفْيَان بن عُيَيْنَة وَأَبُو مُعَاوِيَة مُحَمَّد بن خازم، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَالزَّاي: الضَّرِير عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة: (مَا أتم الله حج امرىء. .) إِلَى آخِره. أما رِوَايَة سُفْيَان فوصلها الطَّبَرِيّ من طَرِيق وَكِيع عَنهُ عَن هِشَام، فَذكر الْوُقُوف فَقَط. وَأما رِوَايَة أبي مُعَاوِيَة فوصلها مُسلم، فَقَالَ: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: أخبرنَا أَبُو مُعَاوِيَة عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه (عَن عَائِشَة، قَالَ: قلت لَهَا: إِنِّي لأَظُن رجلا لم يطف بَين الصَّفَا والمروة، مَا ضره؟ قَالَت: لِمَ قلت؟ لِأَن الله تَعَالَى يَقُول: {إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله فَمن حج الْبَيْت أَو اعْتَمر فَلَا جنَاح عَلَيْهِ} (الْبَقَرَة: 891) . إِلَى آخر الْآيَة، قَالَت:(مَا أتم الله حج امرىء وَلَا عمرته لم يطف بَين الصَّفَا والمروة) الحَدِيث بِطُولِهِ.
11 -
(بابٌ مَتَى يَحِلُّ المُعْتَمِرُ)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ مَتى يخرج الْمُعْتَمِر من إِحْرَامه، وَقد أبهم الحكم لِأَن فِي حل الْمُعْتَمِر من عمرته خلافًا، فمذهب ابْن عَبَّاس أَنه يحل بِالطّوافِ، وَإِلَيْهِ ذهب إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه، وَعند الْبَعْض: إِذْ دخل الْمُعْتَمِر الْحرم حل وَإِن لم يطف وَلم
يسع، وَله أَن يفعل كل مَا حرم على الْمحرم، وَيكون الطّواف وَالسَّعْي فِي حَقه كالرمي وَالْمَبِيت فِي حق الْحَاج، وَهَذَا مَذْهَب شَاذ. وَقَالَ ابْن بطال: لَا أعلم خلافًا بَين أَئِمَّة الْفَتْوَى: أَن الْمُعْتَمِر لَا يحل حَتَّى يطوف وَيسْعَى.
وَقَالَ عَطاءٌ عنْ جابِرٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أمَرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أصْحَابَهُ أنْ يَجْعَلُوها عُمْرَةً ويَطُوفُوا ثُمَّ يُقَصِّرُوا ويحِلُّوا
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه فهم من قَوْله صلى الله عليه وسلم: (إِن الْمُعْتَمِر لَا يحل حَتَّى يطوف وَيقصر) . فَإِن قلت: لم يذكر السَّعْي هُنَا؟ قلت: مُرَاده من قَوْله (ويطوفوا) أَي: بِالْبَيْتِ وَبَين الصَّفَا والمروة لِأَن جَابر أَجْزم بِأَن الْمُعْتَمِر لَا يحل لَهُ أَن يخرج امْرَأَته حَتَّى يطوف بَين الصَّفَا والمروة، فَعلم من هَذَا أَن المُرَاد من الطّواف فِي قَوْله:(ويطوفوا) أَعم من الطّواف بِالْبَيْتِ وَمن الطّواف بَين الصَّفَا والمروة، وَهَذَا التَّعْلِيق طرف من حَدِيث وَصله البُخَارِيّ فِي: بَاب عمْرَة التَّنْعِيم.
1971 -
حدَّثنا إسْحَاقُ بنُ إبْرَاهِيمَ عنْ جَريرٍ عنْ إسْمَاعِيلَ عنْ عَبْدِ الله بنِ أبِي أوْفَى قَالَ اعْتَمَرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم واعْتَمَرْنَا مَعَهُ فلَمَّا دخَلَ مَكَّةَ وطُفْنَا مَعَهُ وأتَى الصَّفَا والمَرْوَةَ وأتيْنَاها معَهُ وكُنَّا نَسْتُرُهُ من أهلِ مكَّةَ أنْ يَرْمِيَهُ أحَدٌ فَقَالَ لَهُ صاحِبٌ لِي أكانَ دَخَلَ الْكَعْبَةَ قَالَ لَا. قالَ فحَدِّثْنَا مَا قَالَ لِخَدِيحَةَ قَالَ بَشِّرُوا خَدِيجَةَ بِبَيْتٍ مِنَ الجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ لَا صَخَبَ فِيهِ ولَا نَصَبَ.
(الحَدِيث 2971 طرفه فِي: 9183) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَرِجَاله أَرْبَعَة الأول: إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم هُوَ ابْن رَاهَوَيْه. الثَّانِي: جرير بن عبد الحميد. الثَّالِث: إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد الأحمسي البَجلِيّ الْكُوفِي، وَاسم أبي خَالِد سعد، وَيُقَال: هُرْمُز، وَيُقَال: كثير، مَاتَ سنة أَربع أَو خمس أَو سِتّ وَأَرْبَعين وَمِائَة. الرَّابِع: عبد الله بن أبي أوفى، وَاسم أبي أوفى عَلْقَمَة، مَاتَ سنة سِتّ وَثَمَانِينَ، وَهُوَ أحد من روى عَنهُ أَبُو حنيفَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَلَا يلْتَفت إِلَى قَول الْمُنكر المتعصب.
ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْحَج عَن مُسَدّد، وَفِي الْمَغَازِي عَن مُحَمَّد بن عبد الله ابْن نمير، وَعَن عَليّ بن عبد الله عَن سُفْيَان، وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن مُسَدّد وَعَن تَمِيم بن الْمُنْتَصر، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن عَمْرو بن عَليّ وَعَن إِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب، وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن ابْن نمير.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (عَن جرير)، وَقَالَ ابْن رَاهَوَيْه فِي (مُسْنده) : أخبرنَا جرير. قَوْله: (اعْتَمر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَي: عمْرَة الْقَضَاء. قَوْله: (وأتيناها)، ويروى:(وأتيناهما) أَي: الصَّفَا والمروة، وَهَذَا هُوَ الأَصْل، وَوجه إِفْرَاد الضَّمِير على تَقْدِير: أَتَيْنَا بقْعَة الصَّفَا والمروة. قَوْله: (وأتى الصَّفَا والمروة) أَي: سعى بَينهمَا. قَوْله: (أَن يرميه أحد) أَي: مَخَافَة أَن يرميه أحد من الْمُشْركين. قَوْله: (قَالَ لَهُ صَاحب لي) أَي: قَالَ إِسْمَاعِيل الْمَذْكُور لعبد الله بن أبي أوفى، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. قَوْله:(أَكَانَ) أَي: أَكَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم (دخل الْكَعْبَة؟ قَالَ: لَا) أَي: لم يدْخل الْكَعْبَة فِي تِلْكَ الْعمرَة، وَلَيْسَ المُرَاد نفي دُخُوله مُطلقًا، لِأَنَّهُ ثَبت دُخُوله فِي غير هَذَا الْحَالة. قَوْله:(فحدثنا) بِلَفْظ الْأَمر. قَوْله: (لِخَدِيجَة) هِيَ: بنت خويلد زوج النَّبِي صلى الله عليه وسلم. قَوْله: (بِبَيْت) قَالَ الْخطابِيّ: أَي بقصر. قَوْله: (من الْجنَّة)، ويروى:(فِي الْجنَّة) . بِكَلِمَة: فِي. قَوْله: (لَا صخب)، بِفَتْح الصَّاد الْمُهْملَة وَالْخَاء الْمُعْجَمَة وَالْبَاء الْمُوَحدَة: وَهُوَ الصياح (وَالنّصب) بالنُّون التَّعَب، وَمعنى نفي الصخب وَالنّصب أَنه مَا من بَيت فِي الدُّنْيَا يجْتَمع فِيهِ أَهله إلَاّ كَانَ بَينهم صخب وجلبة، وإلَاّ كَانَ فِي بنائِهِ وإصلاحه نصب وتعب، فَأخْبر أَن قُصُور أهل الْجنَّة بِخِلَاف ذَلِك لَيْسَ فِيهَا شَيْء من الْآفَات الَّتِي تعتري أهل الدُّنْيَا.
وَفِيه من الْفَوَائِد: أَن الْعمرَة لَا بُد فِيهَا من الطّواف وَالسَّعْي بَين الصَّفَا والمروة. وَفِيه: بَيَان فَضِيلَة خَدِيجَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.
369 -
(حَدثنَا الْحميدِي قَالَ حَدثنَا سُفْيَان عَن عَمْرو بن دِينَار قَالَ سَأَلنَا ابْن عمر رضي الله عنهما عَن رجل طَاف بِالْبَيْتِ فِي عمْرَة وَلم يطف بَين الصَّفَا والمروة أَيَأتِي امْرَأَته فَقَالَ قدم النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ -
فَطَافَ بِالْبَيْتِ سبعا وَصلى خلف الْمقَام رَكْعَتَيْنِ وَطَاف بَين الصَّفَا والمروة سبعا وَقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة قَالَ وَسَأَلنَا جَابر بن عبد الله رضي الله عنهما فَقَالَ لَا يقربنها حَتَّى يطوف بَين الصَّفَا والمروة) مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ أَن الْمُعْتَمِر لَا يحل حَتَّى يطوف بَين الصَّفَا والمروة سبعا بَعْدَمَا طَاف بِالْبَيْتِ سبعا كَمَا يخبر بِهِ حَدِيث ابْن عمر وَجَابِر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم والْحَدِيث مر فِي كتاب الصَّلَاة فِي بَاب قَول الله عز وجل {وَاتَّخذُوا من مقَام إِبْرَاهِيم مصلى} فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ بِعَين هَذَا الْإِسْنَاد وبعين هَذَا الْمَتْن من غير زِيَادَة وَهَذَا نَادِر جدا والْحميدِي بِضَم الْحَاء وَفتح الْمِيم هُوَ عبد الله بن الزبير نِسْبَة إِلَى أحد أجداده حميد وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى هُنَاكَ قَوْله " فِي عمْرَة " وَفِي رِوَايَة أبي ذَر " فِي عمرته " قَوْله " أَيَأتِي امْرَأَته " الْهمزَة فِيهِ للاستفهام على سَبِيل الاستخبار أَي يُجَامِعهَا قَوْله " لَا يقربنها " أَي لَا يباشرنها بَينهمَا وَهُوَ بنُون التَّأْكِيد وَالْمرَاد نهي الْمُبَاشرَة بِالْجِمَاعِ ومقدماته لَا مُجَرّد الْقرب مِنْهَا قَوْله " فَطَافَ بَين الصَّفَا والمروة " أَي سعى بَينهمَا وَإِطْلَاق الطّواف على السَّعْي إِنَّمَا هُوَ للمشاكلة وَيجوز أَن يكون لكَونه نوعا من الطّواف قَوْله " إسوة " بِكَسْر الْهمزَة وَضمّهَا قَوْله " قَالَ وَسَأَلنَا جَابِرا " الْقَائِل هُوَ عَمْرو بن دِينَار. وَفِيه وجوب السَّعْي بَين الصَّفَا والمروة وَصَلَاة رَكْعَتَيْنِ بعد الطّواف خلق الْمقَام
5971 -
حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ قَالَ حدَّثنا غُنْدَرٌ قَالَ حدَّثنا شعبَةُ عنْ قَيسِ بنِ مُسْلِمٍ عنْ طَارِقِ بنِ شِهَابٍ عنْ أبِي مُوسَى الأشْعَرِيِّ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ قَدِمْتُ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم بالْبَطْحَاءِ وهُوَ مُنِيخٌ فَقَالَ أحَجَجْتَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ بِما أهْلَلْتَ قُلْتُ لَبَّيْكَ بِإهْلَالٍ كَإهْلَالِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ أحْسَنْتَ طُفْ بِالْبَيْتِ وبِالصَّفَا والمَرْوَةِ ثُمَّ أحلَّ فَطُفْتُ بِالْبَيْتِ وبالصَّفَا والمَرْوَةِ ثُمَّ أتَيْتُ امْرَأةً مِنْ قَيْسٍ فَفَلَتْ رَأسِي ثُمَّ أهْلَلْتُ بالحَجِّ فكُنْتُ أُفْتِي بِهِ حَتَّى كانَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ فَقَالَ إنْ أخَذْنَا بِكِتَابِ الله فإنَّهُ يأمُرُنَا بالتَّمَامِ وإنْ أخذْنَا بِقَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فإنَّهُ لَمُ يحِلَّ حَتَّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (طف بِالْبَيْتِ وبالصفا والمروة ثمَّ أحل) فَإِنَّهُ يخبر أَن الْمُعْتَمِر يحل بعد الطّواف بِالْبَيْتِ وَالسَّعْي بَين الصَّفَا والمروة، والْحَدِيث مضى فِي: بَاب من أهل فِي زمن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كإهلال النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن مُحَمَّد بن يُوسُف عَن سُفْيَان عَن قيس بن مُسلم عَن طَارق بن شهَاب عَن أبي مُوسَى، وَهنا أخرجه: عَن مُحَمَّد بن بشار عَن غنْدر وَهُوَ مُحَمَّد بن جَعْفَر الْبَصْرِيّ
…
إِلَى آخِره، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ مستقصىً.
قَوْله: (منيخ) أَي: رَاحِلَته، وَهُوَ كِنَايَة عَن النُّزُول بهَا. قَوْله:(أحججت؟) الْهمزَة فِيهِ للاستفهام أَي: هَل أَحرمت بِالْحَجِّ أَو نَوَيْت الْحَج؟ قَوْله: (ففلت رَأْسِي) أَي: ففتشت رَأْسِي واستخرجت مِنْهُ الْقمل، وَهُوَ على وزن: رمت، وَأَصله، فليت، قلبت الْيَاء ألفا لتحركها وانفتاح مَا قبلهَا، ثمَّ حذفت لالتقاء الساكنين فَصَارَ: فَلت، على وزن: فعت، لِأَن الْمَحْذُوف مِنْهُ لَام الْفِعْل، وَذَلِكَ كَمَا فعل فِي رمت وَنَحْوه من معتل اللَّام. قَوْله:(يَأْمُرنَا بالتمام) وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: (يَأْمر) . قَوْله: (حَتَّى يبلغ)، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني:(حَتَّى بلغ) ، بِلَفْظ الْمَاضِي.
وَاحْتج الطَّبَرِيّ بِهَذَا الحَدِيث على أَن من زعم أَن الْمُعْتَمِر يحل من عمرته إِذا أكمل عمرته ثمَّ جَامع قبل أَن يحلق أَنه مُفسد لعمرته، فَقَالَ: أَلا ترى قَوْله صلى الله عليه وسلم لأبي مُوسَى: (طف بِالْبَيْتِ وَبَين الصَّفَا والمروة ثمَّ أحل) . وَلم يقل: طف بِالْبَيْتِ وَبَين الصَّفَا والمروة وَقصر من شعرك أَو إحلق ثمَّ أحل، فَتبين بذلك أَن الْحلق وَالتَّقْصِير ليسَا من النّسك، وَإِنَّمَا هما من مَعَاني الْإِحْلَال، كَمَا أَن لبس الثِّيَاب وَالطّيب بعد طواف الْمُعْتَمِر بِالْبَيْتِ وسعيه من مَعَاني إحلاله، فَتبين فَسَاد قَول من زعم
أَن الْمُعْتَمِر إِذا جَامع قبل الْحلق بعد طَوَافه وسعيه أَنه مُفسد عمرته، وَهُوَ قَول الشَّافِعِي. وَقَالَ ابْن الْمُنْذر: وَلَا أحفظ ذَلِك عَن غَيره. وَقَالَ مَالك وَالثَّوْري والكوفيون: عَلَيْهِ الْهَدْي، وَقَالَ عَطاء: يسْتَغْفر الله وَلَا شَيْء عَلَيْهِ. وَقَالَ الطَّبَرِيّ: وَفِي حَدِيث أبي مُوسَى بَيَان فَسَاد من قَالَ: إِن الْمُعْتَمِر إِن خرج من الْحرم قبل أَن يقصر أَن عَلَيْهِ دَمًا، وَإِن كَانَ طَاف وسعى قبل خُرُوجه مِنْهُ. وَفِيه: أَيْضا أَنه صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا أذن لأبي مُوسَى بالإحلال من عمرته بعد الطّواف وَالسَّعْي، فَبَان بذلك أَن من حل مِنْهَا قبل ذَلِك فقد أَخطَأ وَخَالف السّنة. واتضح بِهِ فَسَاد قَول من زعم أَن الْمُعْتَمِر إِذا دخل الْحرم فقد حل، وَله أَن يلبس ويتطيب وَيعْمل مَا يعمله الْحَلَال. وَهُوَ قَول ابْن عمر وَابْن الْمسيب وَعُرْوَة وَالْحسن، وَاخْتلف الْعلمَاء إِذا وطىء الْمُعْتَمِر بعد طَوَافه وَقبل سَعْيه، فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَأَبُو ثَوْر: عَلَيْهِ الْهَدْي وَعمرَة أُخْرَى مَكَانهَا، وَيتم عمرته الَّتِي أفسدها. قَالَ صَاحب (التَّوْضِيح) : وَوَافَقَهُمْ أَبُو حنيفَة إِذا جَامع بعد أَرْبَعَة أَشْوَاط بِالْبَيْتِ، أَنه يقْضِي مَا بَقِي من عمرته وَعَلِيهِ دم، وَلَا شَيْء عَلَيْهِ، وَهَذَا الحكم لَا دَلِيل عَلَيْهِ إلَاّ الدَّعْوَى قلت.
6971 -
حدَّثنا أحْمَدُ بنُ عِيسَى قَالَ حدَّثنا ابنُ وَهْبٍ قَالَ أخبرنَا عَمْرٌ وعنْ أبِي الأسْوَدِ أنَّ عَبْدَ الله مَوْلَى أسْمَاءَ بِنْتِ أبِي بَكْرٍ قَالَ حدَّثَهُ أنَّهُ كانَ يَسْمَعُ أسْمَاءَ تَقُولُ كلَّمَا مَرَّتْ بالحَجُونِ صَلَّى الله على مُحَمَّدٍ لَقَدْ نَزَلْنَا معَهُ هاهُنا وَنَحْنُ يَوْمَئِذٍ خِفَافٌ قَلِيلٌ ظَهْرُنا قَلِيلَةٌ أزْوَادُنا فاعْتَمَرْتُ أَنا وأُخْتِي عائشَةُ والزُّبَيرُ وفُلانٌ وفُلَانٌ فلَمَّا مَسَحْنا الْبَيْتَ أحْلَلْنَا ثُمَّ أهْلَلْنَا مِنَ العَشِيِّ بالحَجِّ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فَلَمَّا مسحنا الْبَيْت أَحللنَا)، لِأَن مَعْنَاهُ: لما طفنا بِالْبَيْتِ أَحللنَا أَي: صرنا حَلَالا. وَالطّواف ملزوم للمسح عرفا. فَإِن قلت: الْمُعْتَمِر إِنَّمَا يحل بعد الطّواف وَبعد السَّعْي بَين الصَّفَا والمروة وَالْحلق أَيْضا، فَكيف يكون هَذَا؟ قلت: حذف ذَلِك مِنْهُ للْعلم بِهِ كَمَا يُقَال: لما زنى فلَان رجم، وَالتَّقْدِير لما أحصن وزني رجم.
ذكر رِجَاله: وهم سِتَّة: الأول: أَحْمد بن عِيسَى، كَذَا وَقع فِي رِوَايَة كَرِيمَة: أَحْمد بن عِيسَى مَنْسُوبا وَهُوَ أَحْمد بن عِيسَى بن حسان أَبُو عبد الله التسترِي، مصري الأَصْل. كَانَ يتجر إِلَى تستر، مَاتَ سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ. وَقَالَ ابْن قَانِع: مَاتَ بسر من رأى، تكلم فِيهِ يحيى بن معِين، وروى عَنهُ مُسلم أَيْضا وَفِي رِوَايَة الْأَكْثَرين: حَدثنَا أَحْمد غير مَنْسُوب يحدث عَنهُ البُخَارِيّ فِي غير مَوضِع، كَذَا من غير نِسْبَة، وَاخْتلفُوا فِيهِ، فَقَالَ قوم: إِنَّه أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن ابْن أخي عبد الله بن وهب، وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّه أَحْمد ابْن صَالح أَو أَحْمد بن عِيسَى، وَقَالَ أَبُو أَحْمد الْحَافِظ النَّيْسَابُورِي، أَحْمد بن وهب هُوَ ابْن أخي ابْن وهب، وَقَالَ أَبُو عبد الله ابْن مَنْدَه: كل مَا قَالَ البُخَارِيّ فِي الْجَامِع حَدثنَا أَحْمد عَن ابْن وهب هُوَ أَحْمد بن صَالح الْمصْرِيّ، وَلم يخرج البُخَارِيّ عَن أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن فِي (الصَّحِيح) شَيْئا وَإِذا حدث عَن أَحْمد بن عِيسَى نسبه، وَوَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر: حَدثنَا أَحْمد بن صَالح. وَقد أخرجه مُسلم عَن أَحْمد بن عِيسَى عَن ابْن وهب. الثَّانِي: عبد الله بن وهب. الثَّالِث: عَمْرو، بِفَتْح الْعين: ابْن الْحَارِث. الرَّابِع: أَبُو الْأسود هُوَ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الْمَشْهُور بيتيم عُرْوَة بن الزبير. الْخَامِس: عبد الله بن كيسَان أَبُو عَمْرو، مولى أَسمَاء بنت أبي بكر. السَّادِس: أَسمَاء بنت أبي بكر.
السَّادِس أَسمَاء بنت أبي بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين، وبصيغة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع. وَفِيه: الْإِخْبَار بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع. وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع. وَفِيه: السماع. وَفِيه: القَوْل فِي مَوضِع. وَفِيه: أَن رجال هَذَا الْإِسْنَاد نصفهم مصريون ونصفهم مدنيون. وَفِيه: أَن عبد الله الْمَذْكُور لَيْسَ لَهُ عِنْد البُخَارِيّ غير حديثين: أَحدهمَا هَذَا، وَالْآخر مضى فِي: بَاب من قدم ضعفة أَهله فَافْهَم.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْحَج أَيْضا عَن هَارُون بن سعيد الْأَيْلِي وَأحمد بن عِيسَى، كِلَاهُمَا عَن ابْن وهب.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (بالحجون) ، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَضم الْجِيم المخففة وَفِي آخِره نون، قَالَ الْبكْرِيّ: الْحجُون على وزن: فعول، مَوضِع بِمَكَّة عِنْد المحصب، وَهُوَ الْجَبَل المشرف بحذاء الْمَسْجِد الَّذِي على شعب الجزارين إِلَى مَا بَين