المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب هل يقال رمضان أو شهر رمضان ومن رأى كله واسعا) - عمدة القاري شرح صحيح البخاري - جـ ١٠

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌(بابُ الوُقُوفِ بِعَرَفَةَ)

- ‌(بابُ السَّيْرِ إذَا دَفَعَ مِنْ عَرَفَةَ)

- ‌(بابُ النُّزُولِ بَيْنَ عَرَفةَ وجَمْعٍ)

- ‌(بابُ أمْرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بالسَّكِينَةِ عِنْدَ الإفَاضَةِ وإشارَتِهِ إلَيْهِمْ بِالسَّوْطِ)

- ‌(بابُ الجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بالمُزْدَلِفَةِ)

- ‌(بابُ منْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا ولَمْ يَتَطَوَّعْ)

- ‌(بابُ منْ أذَّنَ وأقامَ لِكُلِّ واحِدَةٍ مِنْهُمَا)

- ‌(بابُ منْ قَدَّمَ ضَعَفَةَ أهْلِهِ بِلَيْلٍ فَيَقِفُونَ بِالمُزْدَلِفَةِ ويَدْعُونَ ويُقَدِّمُ إذَا غابَ القَمَرُ)

- ‌(بابُ صَلاةِ الفَجْرِ بِالمُزْدَلِفَةِ)

- ‌(بابٌ متَى يُدْفَعُ مِنْ جَمْعٍ)

- ‌(بابُ التَّلْبِيَةِ والتَّكْبِيرِ غَدَاةَ النَّحْرِ حِينَ يَرْمِي الجَمْرَةَ وَالارْتِدَافِ فِي السَّيْرِ)

- ‌(بابٌ {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالعُمْرَةِ إِلَى الحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فصِيامُ ثَلاثَةِ أيَّامَ فِي الحَجِّ وسَبْعَةٍ إذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ ذالِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أهْلُهُ حَاضِرِي المَسْجِدِ

- ‌(بابُ رُكُوبِ الْبُدْنِ لِقَوْلِهِ تعَالى: {والبُدْنَ جَعلْناهَا لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ الله لَكُمْ فِيهَا خَيرٌ فاذْكُرُوا اسْمَ الله علَيْهَا صَوَافَّ فإذَا وجَبَتْ جُنُوبُهَا فكُلُوا مِنْهَا وأطْعِمُوا القَانِعَ والمُعْتَرَّ كذَلِكَ

- ‌(بابُ منْ سَاقَ الْبُدْنَ مَعَهُ)

- ‌(بابُ منِ اشْتَرَى الْهَدْيَ مِنَ الطَّرِيقِ)

- ‌(بابُ منْ أشْعَرَ وقَلَّدَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ ثُمَّ أحْرَمَ)

- ‌(بابُ فَتْلِ الْقَلَائِدِ لِلْبُدْنِ والْبَقَرِ)

- ‌(بابُ إشعارِ الْبُدُنِ)

- ‌(بابُ منْ قَلَّدَ الْقَلَائِدَ بِيَدِهِ)

- ‌(بابُ تَقْلِيدِ الْغَنَمِ)

- ‌(بابُ الْقَلائِدِ مِنَ الْعِهْنِ)

- ‌(بابُ تَقْلِيدِ النَّعْلِ)

- ‌(بابُ الْجِلَالِ لِلْبُدْنِ)

- ‌(بابُ منِ اشْتَرَى هَدْيَهُ مِنَ الطَّرِيقِ وقَلَّدَهُ)

- ‌(بابُ ذَبْحِ الرَّجُلِ الْبَقَرَ عنْ نِسَائِهِ مِنْ غَيْرِ أمْرِهِنَّ)

- ‌(بابُ النَّحْرِ فِي مَنْحَرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِنًى)

- ‌(بابُ منْ نَحَرَ بِيَدِهِ)

- ‌(بابُ نَحْرِ الإبِلِ مُقَيَّدَةً)

- ‌(بابُ نَحْرِ الْبُدُنِ قَائِمَةً)

- ‌(بابٌ لَا يُعْطَى الْجَزَّارُ مِنَ الهَدْيِ شَيْئا)

- ‌(بابٌ يُتَصَدَّقُ بِجُلُودِ الْهَدْيِ)

- ‌(بابٌ يُتَصَدَّقُ بِجِلَالِ البُدْنِ)

- ‌(بابٌ {وَإذُ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكانَ البَيْتِ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئا وطَهِّرْ بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ والْقَائِمينَ والرُّكَّعِ السُّجُودِ وأأذِّنْ فِي النَّاسِ بِالحَجِّ يَأتُوكَ رِجَالاً وعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ

- ‌(بابُ مَا يأكُلُ مِنَ الْبُدْنِ ومَا يَتَصَدَّقُ)

- ‌(بابُ الذَّبْحِ قَبْلَ الْحَلْقِ)

- ‌(بابُ مَنْ لَبَّدَ رَأسَهُ عِنْدَ الإحْرَامِ وحَلَقَ)

- ‌(بابُ الْحَلْقِ والتَّقْصِيرِ عِنْدَ الإحْلَالِ)

- ‌(بابُ تَقْصيرِ المُتَمَتِّعِ بَعْدَ العُمْرَةِ)

- ‌(بابُ الزِّيَارَةِ يَوْمَ النَّحْرِ)

- ‌(بابٌ إذَا رَمَى بَعْدَ مَا أمْسَى أوْ حَلَقَ قَبْلَ أنْ يَذْبَحَ ناسِيا أوْ جَاهِلاً)

- ‌(بابُ الفُتْيَا عَلَى الدَّابَّةِ عِنْدَ الجَمْرَةِ)

- ‌(بابُ الْخطْبَةِ أيَّامَ مِنىً)

- ‌(بابٌ هَلْ يَبِيتُ أصْحَابُ السِّقَايَةِ أوْ غَيْرُهُمْ بِمَكَّةَ لَيَالِي مِنىً)

- ‌(بابُ رَمْيِ الجِمَارِ)

- ‌(بابُ رَمْيِ الجِمَارِ مِنْ بَطْنِ الوَادِي)

- ‌(بابُ رَمْيِ الجِمَارِ بِسَبْعِ حَصَياتٍ)

- ‌(بابُ مَنْ رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ فجَعَلَ الْبَيْتَ عنْ يَسَارِهِ)

- ‌(بابٌ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ تَكْبِيرَةً)

- ‌(بابُ منْ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ ولَمْ يَقِفْ)

- ‌(بابٌ إذَا رَمىَ الجَمْرَتَيْنِ يَقُومُ ويُسْهِلُ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ)

- ‌(بابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ جَمْرَةِ الدُّنْيا والوُسْطَى)

- ‌(بابُ الدُّعَاءِ عِنْدَ الجَمْرَتَيْنِ)

- ‌(بابُ الطِّيبِ بَعْدَ رَمْيِ الجِمَارِ والحَلْقِ قَبْلَ الإفَاضَةِ)

- ‌(بابُ طَوَافِ الوَدَاعِ)

- ‌(بابٌ إذَا حاضَتِ المَرْأةُ بَعْدَما أفَاضَتْ)

- ‌(بابُ منْ صَلَّى الْعَصْرَ يَوْمَ النَّفْرِ بالأبْطَحِ)

- ‌(بابُ المُحَصَّبِ)

- ‌(بابُ النُّزُولِ بِذِي طُوىً قَبْلَ أنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ والنُّزُولْ بالْبَطْجَاءِ الَّتِي بِذي الحُلَيْفَةِ إذَا رَجَعَ مِنْ مَكَّةَ)

- ‌(بابُ مَنْ نَزَلَ بِذِي طُوىً إذَا رَجَعَ مِنْ مَكَّةَ)

- ‌(بابُ التِّجَارَةِ أيَّامَ الْمَوْسِمِ والْبَيْعِ فِي أسْوَاقِ الجَاهِلِيَّةِ)

- ‌(بابُ الإدْلاجِ مِنَ الْمُحَصَّبِ)

- ‌(أبوابُ العُمْرَةِ)

- ‌(وجوبُ العُمْرَةِ وفَضْلُهَا)

- ‌(بابُ مَنِ اعْتَمَرَ قَبْلَ الحَجِّ)

- ‌(بابٌ كم اعْتَمَرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بابُ عُمْرَةٍ فِي رَمَضَانَ)

- ‌(بابُ العُمْرَةِ لَيْلَةَ الحَصْبَةِ وغَيْرِهَا)

- ‌(بابُ عُمْرَةِ التنْعِيمِ)

- ‌(بابُ الاعْتِمَارِ بَعْدَ الحَجِّ بِغَيْرِ هَدْيٍ)

- ‌(بابُ أجْرِ العُمْرَةِ عَلَى قَدْرِ النَّصْبِ)

- ‌(بابُ المُعْتَمِرِ إذَا طافَ طَوَافَ الْعُمْرَةِ ثُمَّ خَرَجَ هَلْ يُجْزِئهُ مِنْ طَوَافِ الوَدَاعِ)

- ‌(بابٌ يَفْعَلُ فِي العُمْرَةِ مَا يَفْعَلُ فِي الحَجِّ)

- ‌(بابٌ مَتَى يَحِلُّ المُعْتَمِرُ)

- ‌(بابُ مَا يَقُولُ إذَا رَجَعَ مِنَ الحَجِّ أوِ العُمْرَةِ أوِ الغَزْوِ)

- ‌(بابُ اسْتِقْبَالِ الحَاجِّ القَادِمِينَ والثَّلاثَةَ علَى الدَّابَّةِ)

- ‌(بابُ القُدُومِ بِالغَدَاةِ)

- ‌‌‌(بابُ الدُّخُولِ بِالعَشِيِّ)

- ‌(بابُ الدُّخُولِ بِالعَشِيِّ)

- ‌(بابٌ لَا يَطْرُقُ أهْلَهُ إذَا بلَغَ المَدِينَةَ)

- ‌(بابُ مَنْ أسْرَعَ ناقَتَهُ إذَا بلغَ المَدِينَةَ)

- ‌(بابٌ السَّفرُ قِطْعَةٌ مِنَ العَذَابِ)

- ‌(بابُ المُسَافِرِ إذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ يُعَجِّلُ إلَى أهْلِهِ)

- ‌(كتابُ المُحْصَرِ وجَزَاءِ الصَّيْدِ)

- ‌(بابٌ إذَا أُحْصِرَ الْمُعْتَمِرُ)

- ‌(بابُ الإحْصَارِ فِي الحَجِّ)

- ‌(بابُ النَّحْرِ قَبْلَ الحَلْقِ فِي الحَصْرِ)

- ‌(بابُ منْ قَالَ لَيْسَ عَلىَ الْمُحْصَرِ بَدَلٌ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى {فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضا أوْ بِهِ أذَىً مِنْ رَأسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أوْ صَدَقَةِ أوْ نُسُكٍ}

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تعَالى {أوْ صَدقَةٍ} (الْبَقَرَة: 691) . وَهْيَ إطْعَامُ سِتَّةِ مَساكِينَ)

- ‌(بابٌ الإطْعَامُ فِي الْفِدْيَةِ نِصْفَ صَاعٍ)

- ‌(بابٌ النُّسُكُ شَاةٌ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى {فَلَا رَفَثَ} )

- ‌(بابُ قَولِ الله عز وجل {ولَا فُسُوقَ ولَا جِدَالَ فِي الحَجِّ} (الْبَقَرَة:

- ‌(كتاب جَزَاء الصَّيْد)

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وأنْتُمْ حُرُمٌ ومٍ نْ قتَلَهُ مِنْكْمْ مُتَعَمِّدا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النِّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيا بالِغَ الكَعْبَةِ أوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَسَاكِينَ أوْ

- ‌(بابٌ إذَا صَادَ الحَلَالُ فأهْدَى لِلْمُحْرِمِ الصَّيْدَ أكَلَهُ)

- ‌(بابٌ إذَا رأى المُحْرِمُون صَيْدا فَضَحِكُوا فَفَطِنَ الحَلَالُ)

- ‌(بابٌ لَا يُعِينُ الْمُحْرِمُ الحَلَالَ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ)

- ‌(بابٌ لَا يُشِيرُ الْمُحْرِمُ إلَى الصَّيْدِ لِكَيْ يَصْطَادَهُ الحَلَالُ)

- ‌(بابٌ إذَا أهْدَى لِلْمُحْرِمِ حِمَارا وَحْشِيا حَيّا لَمْ يَقْبَلْ)

- ‌(بابُ مَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ مِنَ الدَّوَابِّ)

- ‌(بابٌ لَا يُعْضَدُ شَجَرُ الحَرَمِ)

- ‌(بابٌ لَا يُنَفَّرُ صَيْدُ الحَرَمِ)

- ‌(بابُ لَا يَحِلُّ الْقِتَالُ بِمَكَّةَ)

- ‌(بابُ الحِجَامَةِ لِلْمُحْرِمِ)

- ‌(بابُ تَزْوِيجِ المحْرِمِ)

- ‌(بابُ مَا يُنْهَى مِنَ الطِّيبِ لِلْمُحْرِمِ والمُحْرِمَةِ)

- ‌(بابُ الاغْتِسَالِ لِلْمُحْرِمِ)

- ‌(بابُ لُبْسِ الْخُفَّيْنِ لِلْمُحْرِمِ إذَا لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ)

- ‌(بابٌ إذَا لَمْ يَجِدِ الإزَارَ فَلْيَلْبِسِ السَّرَاوِيلَ)

- ‌(بابُ لُبْسِ السِّلاحِ لِلْمُحْرِمِ)

- ‌(بابُ دُخُولِ الحَرَمِ ومَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ)

- ‌(بَاب إذَا أحْرَمَ جاهِلاً وعلَيْهِ قَمِيصٌ)

- ‌(بابُ المُحْرَمِ يَمُوتُ بِعَرَفَةَ ولَمْ يَأمُرِ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أنْ يُؤَدَّى عَنْهُ بَقِيَّةُ الحَجِّ)

- ‌(بابُ سُنَّةِ الْمُحْرِمِ إذَا ماتَ)

- ‌(بابُ الحَجِّ والنُّذُورِ عنِ المَيِّتِ والرَّجُلِ يَحُجُّ عنِ المَرْأةِ)

- ‌(بابُ الحَجِّ عَمَّنْ لَا يَسْتَطِيعُ الثُّبُوتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ)

- ‌(بابُ حَجِّ المَرْأةِ عنِ الرَّجُلِ)

- ‌(بابُ حَجَّةِ الصِّبْيَانِ)

- ‌(بابُ حَجِّ النِّسَاءِ)

- ‌(بابُ مَنْ نَذَرَ المَشْيَ إلَى الْكَعْبَةِ)

- ‌(كتاب فَضَائِل الْمَدِينَة)

- ‌(بابُ حَرَمِ المَدِينَةِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ المَدِينَةِ وأنَّها تَنْفِي النَّاسَ)

- ‌(بابٌ المَدِينةُ طابَةُ)

- ‌(بابُ لَابَتَيْ المَدِينَةِ)

- ‌(بابُ مَنْ رَغِبَ عنِ المَدِينَةِ)

- ‌(بابٌ الإيمانُ يأرِزُ إلَى المَدِينَةِ)

- ‌(بابُ إثْمِ منْ كادَ أهْلَ المَدِينَةِ)

- ‌(بابُ آطامِ المَدِينَةِ)

- ‌(بابٌ لَا يَدْخُلُ الدَّجَّالُ المَدِينَةَ)

- ‌(بابٌ المَدِينَةُ تَنْفي الخَبَثَ)

- ‌‌‌(بابٌالمَدِينَةُ تَنْفي الخَبَثَ)

- ‌(بابٌ

- ‌بَاب

- ‌(بابُ كَرَاهِيَةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنْ تُعْرَى المَدِينَةُ)

- ‌(كتاب الصَّوْم)

- ‌(بابُ وُجُوبِ صَوْمِ رمَضَانَ)

- ‌(بابُ فَضْلِ الصَّوْمِ)

- ‌(بابٌ الصَّوْمُ كَفَّارَةٌ)

- ‌(بابٌ هَلْ يُقالُ رمَضَانُ أوْ شَهْرُ رَمَضَانَ ومَنْ رَأى كُلَّهُ واسِعا)

- ‌(بابُ منْ صامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا واحْتِسابا ونِيَّةً)

- ‌(بابٌ أجْوَدُ مَا كانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَكُونُ فِي رَمَضَانَ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمُ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ والْعَمَلَ بِهِ فِي الصَّوْمِ)

- ‌(بابٌ هَلْ يَقُولُ أنِّي صائِمٌ إذَا شُتِمَ)

- ‌(بابُ الصَّوْمِ لِمَنْ خافَ عَلَى نَفْسِهِ الْعُزوبَةَ)

- ‌(بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم إذَا رَأيْتُمُ الهِلَالَ فَصُومُوا وإذَا رأيْتُمُوهُ فأفْطِرُوا)

- ‌(بابٌ شَهْرا عِيدٍ لَا يَنْقُصانِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لَا نَكْتُبُ ولَا نَحْسُبُ)

- ‌(بابٌ لَا يَتَقَدَّمَنَّ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ ولَا يَوْمَيْنِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الله جَلَّ ذِكْرُهُ {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وأنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ عَلِمٍ الله أنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أنْفُسَكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ وعَفَا عَنْكُمْ فاَلآنَ

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تعَالى: {وكُلُوا واشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الخَيْطُ الأبْيَضُ مِنَ الخيْطِ الأسْوَدِ مِنَ الفَجْرِ ثُمَّ أتِمُّوا الصِّيَامَ إلَى اللَّيْلِ} (الْبَقَرَة:

- ‌(بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لَا يَمْنَعَنَّكُمْ مِنْ سُحُورِكُمْ آذَانُ بِلَالٍ)

- ‌(بابُ تأخِيرِ السُّحُورِ)

- ‌(بابُ قَدْرِكَمْ بَيْنَ السُّحُور وصَلَاةِ الفَجْرِ)

- ‌(بابُ بَرَكَةِ السَّحُورِ مِنْ غَيْرِ إيْجَابٍ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وأصْحابَهُ واصَلُوا ولَمْ يُذْكَرِ السُّحُورِ)

- ‌بَاب إِذا نوى بِالنَّهَارِ صوما

- ‌وَفعله أَبُو طَلْحَة وَأَبُو هُرَيْرَة وَابْن الْعَبَّاس وَحُذَيْفَة رضي الله عنهم

الفصل: ‌(باب هل يقال رمضان أو شهر رمضان ومن رأى كله واسعا)

وَالصَّدَََقَة فِي عَجزه؟ قلت: لَا تكْرَار، إِذْ الأول: هُوَ النداء بِأَن الْإِنْفَاق، وَإِن كَانَ بِالْقَلِيلِ من جملَة الْخيرَات الْعَظِيمَة، وَذَلِكَ حَاصِل من كل أَبْوَاب الْجنَّة، وَالثَّانِي: استدعاء الدُّخُول إِلَى الْجنَّة، وَإِنَّمَا هُوَ من الْبَاب الْخَاص بِهِ، فَفِي الحَدِيث فَضِيلَة عَظِيمَة للإنفاق، وَلِهَذَا افْتتح بِهِ واختتم بِهِ. قَوْله:(بِأبي أَنْت وَأمي) أَي: أَنْت مفدى بِأبي وَأمي، فَتكون الْبَاء مُتَعَلقَة بِهِ، وَقيل: تَقْدِيره: فديتك بِأبي وَأمي. قَوْله: (من ضَرُورَة) أَي: من ضَرَر، أَي لَيْسَ على الْمَدْعُو من كل الْأَبْوَاب مضرَّة، أَي: قد سعد من دعِي من أَبْوَابهَا جَمِيعًا، وَيُقَال مَعْنَاهُ: مَا على من دعِي من تِلْكَ الْأَبْوَاب من لم يكن إلَاّ من أهل خصْلَة وَاحِدَة ودعي من بَابهَا لَا ضَرَر عَلَيْهِ، لِأَن الْغَايَة الْمَطْلُوبَة دُخُول الْجنَّة من أَيهَا أَرَادَ، لِاسْتِحَالَة الدُّخُول من الْكل مَعًا. وَقَالَ الْكرْمَانِي: أَقُول: يحْتَمل أَن تكون الْجنَّة كالقلعة لَهَا أسوار مُحِيط بَعْضهَا بِبَعْض، وعَلى كل سور بَاب، فَمنهمْ من يدعى من الْبَاب الأول فَقَط، وَمِنْهُم من يتَجَاوَز عَنهُ إِلَى الْبَاب الدَّاخِل وهلم جرا. قلت: هَذَا الَّذِي ذكره لَا يستبعده الْعقل، وَلَكِن معرفَة كَيْفيَّة الْجنَّة وَكَيْفِيَّة أَبْوَابهَا وَغير ذَلِك مَوْقُوفَة على السماع من الشَّارِع. قَوْله:(وَأَرْجُو أَن تكون مِنْهُم) ، خطاب لأبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، والرجاء من النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَاجِب، نبه عَلَيْهِ ابْن التِّين، فَدلَّ هَذَا على فَضِيلَة أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وعَلى أَنه من أهل هَذِه الْأَعْمَال كلهَا.

وَفِيه: أَن أَعمال الْبر لَا تفتح فِي الْأَغْلَب للْإنْسَان الْوَاحِد فِي جَمِيعهَا، وَإِن من فتح لَهُ فِي شَيْء مِنْهَا حرم غَيرهَا فِي الْأَغْلَب، وَأَنه قد يفتح فِي جَمِيعهَا للقليل من النَّاس، وَإِن الصدِّيق، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، مِنْهُم.

5 -

(بابٌ هَلْ يُقالُ رمَضَانُ أوْ شَهْرُ رَمَضَانَ ومَنْ رَأى كُلَّهُ واسِعا)

أَي: هَذَا بَاب يُقَال فِيهِ: هَل يُقَال؟ أَي: هَل يجوز أَن يُقَال: رَمَضَان من غير شهر مَعَه؟ أَو يُقَال: شهر رَمَضَان؟ قَوْله: (هَل يُقَال) ؟ على صِيغَة الْمَجْهُول، رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة السَّرخسِيّ وَالْمُسْتَمْلِي: بَاب هَل يَقُول، أَي: الْإِنْسَان أَو الْقَائِل. قَوْله: (وَمن رأى كُله وَاسِعًا) من جملَة التَّرْجَمَة أَي: من رأى القَوْل بِمُجَرَّد رَمَضَان أَو بقيده بِشَهْر وَاسِعًا أَي: جَائِزا لَا حرج على قَائِله، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: وَمن رَآهُ بهاء الضَّمِير، وَإِنَّمَا أطلق التَّرْجَمَة وَلم يفصح بالحكم للِاخْتِلَاف فِيهِ على عَادَته فِي ذَلِك، فَالَّذِي اخْتَارَهُ الْمُحَقِّقُونَ وَالْبُخَارِيّ مِنْهُم لَا يكره أَن يُقَال: جَاءَ رَمَضَان، وَلَا صمنا رَمَضَان، وَكَانَ عَطاء وَمُجاهد يكرهان أَن يَقُولَا: رَمَضَان، وَإِنَّمَا كَانَا يَقُولَانِ كَمَا قَالَ الله تَعَالَى: شهر رَمَضَان، لأَنا لَا نَدْرِي لَعَلَّ رَمَضَان إسم من أَسمَاء الله تَعَالَى، وَحَكَاهُ الْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن أَيْضا، قَالَ: وَالطَّرِيق إِلَيْهِ وَإِلَى مُجَاهِد ضَعِيفَة، وَهُوَ قَول أَصْحَاب مَالك. وَقَالَ النّحاس: وَهَذَا قَول ضَعِيف لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نطق بِهِ، فَذكر مَا ذكره البُخَارِيّ. وَفِي (التَّوْضِيح) : وَهُنَاكَ قَول ثَالِث، وَهُوَ قَول أَكثر أَصْحَابنَا إِن كَانَ هُنَاكَ قرينَة تصرفه إِلَى الشَّهْر فَلَا كَرَاهَة وَإِلَّا فَيكْرَه.

قَالُوا: وَيُقَال: قمنا رَمَضَان، ورمضان أفضل الْأَشْهر، وَإِنَّمَا يكره أَن يُقَال: قد جَاءَ رَمَضَان، وَدخل رَمَضَان، وَحضر، وَنَحْو ذَلِك. فَإِن قلت: فِي (كَامِل) ابْن عدي عَن أبي سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:(لَا تَقولُوا رَمَضَان، فَإِن رَمَضَان اسْم من أَسمَاء الله تَعَالَى، وَلَكِن قُولُوا: شهر رَمَضَان؟) قلت: قَالَ أَبُو حَاتِم: هَذَا خطأ، وَإِنَّمَا هُوَ قَول أبي هُرَيْرَة وَفِيه أَبُو معشر نجيح الْمدنِي، وَضَعفه ابْن عدي الَّذِي خرجه، وَقَالَ بَعضهم: أَشَارَ البُخَارِيّ بِهَذِهِ التَّرْجَمَة إِلَى دفع حَدِيث ضَعِيف، ثمَّ ذكر هَذَا الَّذِي خرجه ابْن عدي. قلت: هَذَا الْقَائِل أَخذ هَذَا الَّذِي قَالَه من كَلَام صَاحب (التَّلْوِيح) فَإِنَّهُ قَالَ: وَإِنَّمَا كَانَ البُخَارِيّ أَرَادَ بالتبويب دفع مَا رَوَاهُ أَبُو معشر نجيح فِي (كَامِل) ابْن عدي، وَهُوَ الَّذِي ذَكرْنَاهُ، وَهل هَذَا إلَاّ أَمر عَجِيب من هذَيْن الْمَذْكُورين؟ فَإِن لفظ التَّرْجَمَة: هَل يُقَال رَمَضَان أَو شهر رَمَضَان؟ من أَيْن يدل على هَذَا؟ فَمن أَي قبيل هَذِه الدّلَالَة؟ وَأَيْضًا: من قَالَ: إِن البُخَارِيّ اطلع على هَذَا الحَدِيث أَو وقف عَلَيْهِ حَتَّى يردهُ بِهَذِهِ التَّرْجَمَة؟ قَوْله: (رَمَضَان) قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: (رَمَضَان مصدر رمض إِذا احْتَرَقَ من الرمضاء، فأضيف إِلَيْهِ الشَّهْر وَجعل علما، وَمنع الصّرْف للتعريف وَالْألف وَالنُّون، وسموه بذلك لارتماضهم فِيهِ من حر الْجُوع ومقاساة شدته، كَمَا سموهُ: ناتقا لِأَنَّهُ كَانَ ينتقهم أَي يزعجهم إضجارا بشدته عَلَيْهِم، وَقيل: لما نقلوا أَسمَاء الشُّهُور عَن اللُّغَة الْقَدِيمَة سَموهَا بالأزمنة الَّتِي وَقعت فِيهَا، فَوَافَقَ هَذَا الشَّهْر أَيَّام رمض الْحر. قلت: كَانُوا يَقُولُونَ للْمحرمِ المؤتمر، ولصفر ناجر، ولربيع الأول خوان، ولربيع الآخر وبضان، ولجمادى الأولى ربى، ولجمادى الآخر حنين، ولرجب الْأَصَم، ولشعبان عاذل

ص: 265

ولرمضان ناتق، ولشوال وعل، وَلِذِي الْقعدَة، وَرَنَّة، وَلِذِي الْحجَّة برك، وَفِي (الغريبين) : هُوَ مَأْخُوذ من رمض الصَّائِم يرمض إِذا حرَّ جَوْفه من شدَّة الْعَطش، وَفِي (المغيث) اشتقاقه من: رمضت النصل أرمضه رَمضًا إِذا جعلته بَين حجرين ودققته ليرق، سمي بِهِ لِأَنَّهُ شهر مشقة، ليذكر صائموه مَا يقاسي أهل النَّار فِيهَا، وَقيل: من رمضت فِي الْمَكَان يَعْنِي: احْتبست، لِأَن الصَّائِم يحتبس عَمَّا نهى عَنهُ، و: فعلان، لَا يكَاد يُوجد من بَاب فعل، وَهُوَ فِي بَاب فعل بِالْفَتْح كثير، وَقَالَ ابْن خالويه: تَقول الْعَرَب، جَاءَ فلَان يَغْدُو رَمضًا ورمضا وترميضا ورمضانا إِذا كَانَ قلقا فَزعًا. وَفِي (الْمُحكم) : جمعه رمضانات ورماضين وأرمضة وأرمض، عَن بعض أهل اللُّغَة، وَلَيْسَ يثبت فِي (الصِّحَاح) : يجمع على أرمضاء، وَفِي (الْعلم) : الْمَشْهُور لأبي الْخطاب: وَيجمع أَيْضا على رماض، وَهُوَ الْقيَاس، وأراميض ورماض. قَوْله:(أَو شهر رَمَضَان) ، الشَّهْر عدد وَجمعه أشهر وشهور، ذكره فِي (الموعب) . وَفِي (الْمُحكم) : الشَّهْر الْقَمَر سمي بذلك لشهرته وظهوره، وَسمي الشَّهْر بذلك لِأَنَّهُ يشهر بالقمر، وَفِيه عَلامَة ابْتِدَائه وانتهائه. وَيُقَال: شهر وَشهر. والتسكين أَكثر.

وَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم منْ صامَ رَمَضَانَ

هَذَا التَّعْلِيق وَصله البُخَارِيّ فِي الْبَاب الَّذِي يَلِيهِ، وَقد ذكر هَذِه الْقطعَة مِنْهُ لصِحَّة قَول من يَقُول: رَمَضَان بِغَيْر، قيد شهر.

وَقَالَ لَا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ

أَي: قَالَ النَّبِي، صلى الله عليه وسلم: لَا تقدمُوا رَمَضَان، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله البُخَارِيّ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة على مَا سَيَأْتِي، وَذكر هَذِه الْقطعَة مِنْهُ أَيْضا لما ذكرنَا.

8981 -

حدَّثنا قُتَيْبَةُ قَالَ حدَّثنا إسْمَاعِيلُ بنُ جَعْفَرٍ عَن أبِي سُهَيْلٍ عنْ أبِيهِ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ إذَا جاءَ رَمَضَانُ فُتِحَتْ أبْوَابُ الجَنَّةِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه جَاءَ فِي الحَدِيث (إِذا جَاءَ رَمَضَان) من غير ذكر: شهر، وَهَذَا الحَدِيث يُفَسر الْإِبْهَام الَّذِي فِي التَّرْجَمَة.

ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: قُتَيْبَة بن سعيد. الثَّانِي: إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر بن أبي كثير أَبُو إِبْرَاهِيم الْأنْصَارِيّ، مولى زُرَيْق الْمُؤَدب. الثَّالِث: أَبُو سُهَيْل واسْمه نَافِع بن مَالك بن أبي عَامر عَمْرو بن الْحَارِث بن غيمان، بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف: الأصبحي، عَم أنس بن مَالك. وَالرَّابِع: أَبُو مَالك بن أبي عَامر، تَابِعِيّ كَبِير أدْرك عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. الْخَامِس: أَبُو هُرَيْرَة.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين. وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: أَن شَيْخه بلخي والبقية مدنيون.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الصَّوْم وَفِي صفة إِبْلِيس وَفِي مَوضِع آخر عَن يحيى بن بكير عَن اللَّيْث، وَأخرجه مُسلم فِي الصَّوْم عَن قُتَيْبَة وَيحيى بن أَيُّوب وَعلي بن حجر، ثَلَاثَتهمْ عَن إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر بِهِ وَعَن حَرْمَلَة بن يحيى وَعَن مُحَمَّد بن الحاتم وَحسن الْحلْوانِي. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن عَليّ بن حجر بِهِ وَعَن الرّبيع بن سُلَيْمَان وَعَن عبيد الله بن سعد عَن عَمه يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم عَن سعد بِهِ وَعَن إِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب وَعَن مُحَمَّد بن خَالِد بن عَليّ وَعَن عبد الله بن سعد عَن عَمه يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم عَن أَبِيه عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (فتحت) ، رُوِيَ بتَشْديد التَّاء وتخفيفها، كَذَا أخرجه مُخْتَصرا، وَقد أخرجه مُسلم بِتَمَامِهِ، وَقَالَ: حَدثنَا يحيى بن أَيُّوب وقتيبة بن سعيد وَابْن حجر، قَالُوا: حَدثنَا إِسْمَاعِيل، وَهُوَ ابْن جَعْفَر عَن أبي سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِذا جَاءَ رَمَضَان فتحت أَبْوَاب الْجنَّة وغلقت أَبْوَاب النَّار وصفدت الشَّيَاطِين) ، ثمَّ المُرَاد من فتح أَبْوَاب الْجنَّة حَقِيقَة الْفَتْح، وَذهب بَعضهم إِلَى أَن المُرَاد بِفَتْح أَبْوَاب الْجنَّة كَثْرَة الطَّاعَات فِي شهر رَمَضَان، فَإِنَّهَا موصلة إِلَى الْجنَّة، فكني بهَا عَن ذَلِك، وَيُقَال: المُرَاد بِهِ مَا فتح الله على الْعباد فِيهِ من الْأَعْمَال المستوجبة بهَا إِلَى الْجنَّة من الصّيام وَالصَّلَاة والتلاوة، وَأَن الطَّرِيق إِلَى الْجنَّة فِي رَمَضَان سهل، والأعمال فِيهِ أسْرع إِلَى الْقبُول.

9981 -

حدَّثني يحْيعى بنُ بُكَيُرٍ قَالَ حدَّثني اللَّيْثُ عنْ عُقَيلٍ عنِ ابنِ شِهَابٍ قَالَ أخبرَني ابنُ

ص: 266

أبِي أنَسٍ مَوْلَى التَّيْميِّينَ أنَّ أباهُ حَدَّثَهُ أنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ يقوُل قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذَا دخَل شهْرُ رَمَضَانَ فُتِحَتْ أبْوابُ السَّمَاءِ وغلِقَتْ أبْوَابُ جهَنَّمَ وسُلْسِلَتِ الشَّياطِينُ..

هَذَا طَرِيق آخر أتم من الطَّرِيق الأول، مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله:(إِذا دخل شهر رَمَضَان) ، حَيْثُ ذكر فِيهِ شهر، وَهُوَ مُطَابق لقَوْله فِي التَّرْجَمَة: أَو شهر رَمَضَان.

ذكر رِجَاله: وهم سَبْعَة: الأول: يحيى بن بكير وَقد تكَرر ذكره. الثَّانِي: اللَّيْث بن سعد. الثَّالِث: عقيل، بِضَم الْعين: ابْن خَالِد. الرَّابِع: مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ. الْخَامِس: ابْن أبي أنس هُوَ أَبُو سهل نَافِع ابْن أبي أنس بن مَالك بن أبي عَامر. السَّادِس: أَبوهُ مَالك بن أبي عَامر. السَّابِع: أَبُو هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْإِفْرَاد فِي موضِعين، وَفِيه: الْإِخْبَار بِصِيغَة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع. وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين. وَفِيه: السماع. وَفِيه: القَوْل فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: أَن شَيْخه مَنْسُوب إِلَى جده لِأَنَّهُ يحيى بن عبد الله بن بكير وَأَنه وَاللَّيْث مصريان، وَأَن عقيلاً أيلي. وَأَن ابْن أبي أنس وأباه مدنيان. وَفِيه: أَن ابْن أبي أنس من صغَار شُيُوخ الزُّهْرِيّ بِحَيْثُ أدْركهُ تلامذة الزُّهْرِيّ وَمن هُوَ أَصْغَر مِنْهُ كإسماعيل بن جَعْفَر، وَقد ابْن أبي أنس فِي الْوَفَاة عَن الزُّهْرِيّ، وَهَذَا الْإِسْنَاد يعد من رِوَايَة الأقران. وَفِيه: أَن ابْن أبي أنس مولى التيميين، أَي: مولى بني تيم، وَالْمرَاد مِنْهُ آل طَلْحَة بن عبيد الله أحد الْعشْرَة، وَكَانَ أَبُو عَامر وَالِد مَالك قد قدم مَكَّة فقطنها وحالف عُثْمَان بن عبيد الله أَخا طَلْحَة فنسب إِلَيْهِ، وَكَانَ مَالك الْفَقِيه يَقُول: لسنا موَالِي آل تيم، إِنَّمَا نَحن عرب من أصبح، وَلَكِن جدي حالفهم، وَالْحَاصِل أَن أَبَا سُهَيْل نَافِع بن مَالك بن أبي عَامر أَخُو أنس بن مَالك بن عَامر، عَم مَالك بن أنس الإِمَام حَلِيف عُثْمَان بن عبيد الله التَّيْمِيّ، بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف. وَقَالَ ابْن سعد فِي الطَّبَقَة من التَّابِعين الْمَدَنِيين: أَخْبرنِي عَم جدي الرّبيع، مَالك بن أبي عَامر وَهُوَ عَم مَالك بن أنس الْمُفْتِي عَن أَبِيه، فَذكر حَدِيثا أَنه عَاقد عبد الرَّحْمَن بن عُثْمَان بن عبيد الله التَّيْمِيّ فعدوا الْيَوْم فِي بني تيم لهَذَا السَّبَب، وَقيل: حَالف ابْنه عُثْمَان بن عبيد الله، وَأَبُو أنس كنية مَالك بن أبي عَامر، وَمَات مَالك سنة مائَة وَنَحْوهَا، كَمَا نقل عَن ابْن عبد الْبر، وَحكى الكلاباذي عَن ابْن سعد عَن الْوَاقِدِيّ: سنة إثنتي عشرَة وَمِائَة، عَن سبعين أَو نَيف وَسبعين. وَفِي (الطَّبَقَات) لِابْنِ سعد: أَنه شهد عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، عِنْد الْجَمْرَة وأصابه حجر فدماه، وَفِيه نظر ظَاهر، وَأَوْلَاده أَرْبَعَة: أنس وَنَافِع وأويس وَالربيع، أَوْلَاد مَالك الْمَذْكُور.

ذكر مَا قيل فِي هَذَا الحَدِيث: قَالَ النَّسَائِيّ: مُرَاد الزُّهْرِيّ بِابْن أبي أنس: نَافِع، فَأخْرج من وَجه آخر عَن عقيل عَن ابْن شهَاب أَخْبرنِي أَبُو سُهَيْل عَن أَبِيه، وَأخرجه من طَرِيق صَالح عَن ابْن شهَاب، فَقَالَ: أَخْبرنِي نَافِع بن أبي أنس، وَرَوَاهُ ابْن إِسْحَاق عَن الزُّهْرِيّ وَعَن أويس بن أبي أويس عديد بني تيم عَن أنس بن مَالك نَحوه، وَقَالَ: هَذَا خطأ وَلم يسمعهُ ابْن إِسْحَاق عَن الزُّهْرِيّ، وَفِي مَوضِع آخر: هَذَا حَدِيث مُنكر خطأ، وَلَعَلَّ ابْن إِسْحَاق سَمعه من إِنْسَان ضَعِيف فَقَالَ فِيهِ: وَذكر الزُّهْرِيّ، وَرَوَاهُ من حَدِيث أبي قلَابَة عَن أبي هُرَيْرَة بِلَفْظ:(أَتَاكُم رَمَضَان شهر مبارك فرض الله عَلَيْكُم صِيَامه، تفتح فِيهِ أَبْوَاب السَّمَاء وتغلق فِيهِ أَبْوَاب الْجَحِيم، وتغل فِيهِ مَرَدَة الشَّيَاطِين) . وَمن حَدِيثه عَن ابْن أبي شيبَة عَن عبد الْأَعْلَى عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة (عَن أبي هُرَيْرَة: أَن النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، كَانَ يرغب فِي قيام رَمَضَان من غير عَزِيمَة، وَقَالَ: إِذا دخل رَمَضَان فتحت أَبْوَاب الْجنَّة وغلقت الْجَحِيم وسلسلت فِيهِ الشَّيَاطِين) . وَقَالَ: هَذَا الثَّالِث الْأَخير خطأ من حَدِيث أبي سَلمَة، وَقَالَ: أرْسلهُ ابْن الْمُبَارك عَن معمر، ثمَّ سَاقه من حَدِيثه عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا:(إِذا دخل رَمَضَان فتحت) الحَدِيث.

وَعند التِّرْمِذِيّ من حَدِيث أبي بكر بن عَيَّاش عَن الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (إِذا كَانَ أول لَيْلَة من شهر رَمَضَان صفدت الشَّيَاطِين ومردة الْجِنّ، وغلقت أَبْوَاب النيرَان فَلم يفتح مِنْهَا بَاب، وَفتحت أَبْوَاب الْجنَّة فَلم يغلق مِنْهَا بَاب. .) الحَدِيث، وَقَالَ: غَرِيب لَا نَعْرِف مثل رِوَايَة أبي بكر بن عَيَّاش عَن الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة إلَاّ من حَدِيث أبي بكر بن عَيَّاش، وَسَأَلت مُحَمَّدًا عَنهُ؟ فَقَالَ: حَدثنَا الْحسن بن الرّبيع حَدثنَا أَبُو الْأَحْوَص عَن الْأَعْمَش عَن مُجَاهِد، قَوْله:(إِذا كَانَ أول لَيْلَة من شهر رَمَضَان)، فَذكر الحَدِيث. قَالَ مُحَمَّد: وَهَذَا

ص: 267

أصح عِنْدِي من حَدِيث أبي بكر بن عَيَّاش وَقَالَ شَيخنَا: لم يحكم التِّرْمِذِيّ على حَدِيث أبي هُرَيْرَة الْمَذْكُور بِصِحَّة وَلَا حسن مَعَ كَون رِجَاله رجال الصَّحِيح، وَكَانَ ذَلِك لِتَفَرُّد أبي بكر بن عَيَّاش بِهِ، وَإِن كَانَ احْتج بِهِ البُخَارِيّ، فَإِنَّهُ رُبمَا غلط، كَمَا قَالَ أَحْمد، ولمخالفة أبي الْأَحْوَص لَهُ فِي رِوَايَته عَن الْأَعْمَش، فَإِنَّهُ جعله مَقْطُوعًا من قَول مُجَاهِد، وَلذَلِك أدخلهُ التِّرْمِذِيّ فِي كتاب (الْعِلَل الْمُفْرد) ، وَذكر أَنه سَأَلَ البُخَارِيّ عَنهُ، وَذكر أَن كَونه عَن مُجَاهِد أصح عِنْده.

وَأما الْحَاكِم فَأخْرجهُ فِي (الْمُسْتَدْرك) وَصَححهُ، وَكَذَلِكَ صَححهُ ابْن حبَان، وَفِي رِوَايَة ابْن عَسَاكِر:(وَيغْفر فِيهِ إلَاّ لمن نأى، قَالُوا: أَو من نأى يَا أَبَا هُرَيْرَة؟ قَالَ: الَّذِي يَأْبَى أَن يسْتَغْفر الله عز وجل ، وروى من حَدِيث عتبَة بن فرقد، قَالَ: سَمِعت رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، يَقُول: (تفتح فِيهِ أَبْوَاب الْجنَّة وتغلق فِيهِ أَبْوَاب النَّار) الحَدِيث. قَالَ ابْن أبي حَاتِم: سَأَلت أبي عَن حَدِيث عتبَة بن فرقد عَن رجل من الصَّحَابَة يرفعهُ: (إِذا جَاءَ رَمَضَان فتحت أَبْوَاب الْجنَّة) الحَدِيث، فرجحه مَرْفُوعا. وَخطأ حَدِيث أنس، وَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ عَن أبي هُرَيْرَة. قلت: عتبَة بن فرقد السّلمِيّ أَبُو عبد الله لَيْسَ لَهُ صُحْبَة، نزل الْكُوفَة، وَقَالَ أَبُو عمر: كَانَ أَمِيرا لعمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، على بعض فتوحات الْعرَاق، وروى لَهُ النَّسَائِيّ والطَّحَاوِي، وروى النَّسَائِيّ من رِوَايَة عَطاء ابْن السَّائِب (عَن عرْفجَة، قَالَ: كَانَ عندنَا عتبَة بن فرقد، فتذاكرنا شهر رَمَضَان، فَقَالَ: مَا تذكرُونَ؟ قُلْنَا: شهر رَمَضَان. قَالَ: سَمِعت رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، يَقُول: تفتح فِيهِ أَبْوَاب الْجنَّة، وتغلق فِيهِ أَبْوَاب النَّار، وتغل فِيهِ الشَّيَاطِين، وينادي منادٍ كل لَيْلَة: يَا باغي الْخَيْر هَلُمَّ {وَيَا باغي الشَّرّ أقصر) . قَالَ النَّسَائِيّ: هَذَا خطأ، يُرِيد أَن الصَّوَاب أَنه حَدِيث رجل من الصَّحَابَة لم يسم، ثمَّ رَوَاهُ النَّسَائِيّ من رِوَايَة عَطاء بن السَّائِب عَن عرْفجَة، قَالَ: كنت فِي بَيت فِيهِ عتبَة بن فرقد، فَأَرَدْت أَن أحدث بِحَدِيث، وَكَانَ رجل من أَصْحَاب النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، كَأَنَّهُ أولى بِالْحَدِيثِ، فَحدث الرجل عَن النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فِي رَمَضَان تفتح أَبْوَاب السَّمَاء

الحَدِيث.، مثل حَدِيث عتبَة بن فرقد.

ذكر مَا ورد فِي هَذَا الْبَاب من أَحَادِيث الصَّحَابَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم: مِنْهَا: حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أخرجه النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه من رِوَايَة النَّضر بن شَيبَان، قَالَ: قلت لأبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن: حَدثنِي بِشَيْء سمعته من أَبِيك سَمعه أَبوك من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَيْسَ بَين رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَبَين أَبِيك أحد. قَالَ: نعم، حَدثنِي أبي، قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:(إِن الله تبارك وتعالى فرض صِيَام رَمَضَان، وسننت لكم قِيَامه، فَمن صَامَهُ وقامه إِيمَانًا واحتسابا خرج من ذنُوبه كَيَوْم وَلدته أمه) . قَالَ النَّسَائِيّ: هَذَا غلط، وَالصَّوَاب: أَبُو سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة.

وَمِنْهَا حَدِيث ابْن مَسْعُود، رَوَاهُ أَبُو يعلى عَنهُ أَنه سمع النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ يَقُول، وَقد أهل رَمَضَان: لَو يعلم الْعباد مَا فِي رَمَضَان لتمنت أمتِي أَن تكون السّنة كلهَا رَمَضَان. فَقَالَ رجل من خُزَاعَة: حَدثنَا بِهِ} قَالَ: إِن الْجنَّة تزين لرمضان من رَأس الْحول إِلَى الْحول، حَتَّى إِذا كَانَ أول يَوْم من رَمَضَان هبت ريح من تَحت الْعَرْش، فصفقت ورق الْجنَّة، فتنظر الْحور الْعين إِلَى ذَلِك، فَقُلْنَ: يَا رب! إجعل لنا من عِبَادك فِي هَذَا الشَّهْر أَزْوَاجًا تقر أَعيننَا بهم، وتقر أَعينهم بِنَا، فَمَا من عبد يَصُوم رَمَضَان إلَاّ زوج زَوْجَة من الْحور الْعين فِي خيمة من درة مجوفة، مِمَّا نعت الله تَعَالَى:{حور مقصورات فِي الْخيام} (الرَّحْمَن: 27) . على كل امْرَأَة مِنْهُنَّ سَبْعُونَ حلَّة، لَيْسَ مِنْهَا حلَّة على لون الْأُخْرَى، وتعطى سَبْعُونَ لونا من الطّيب: لَيْسَ مِنْهُ لون على ريح الآخر، لكل امْرَأَة مِنْهُنَّ سبعين سريرا من ياقوتة حَمْرَاء موشحة بالدر، على كل سَرِير سَبْعُونَ فراشا بطائنها من استبرق، وَفَوق السّبْعين فراشا سَبْعُونَ أريكة لكل امْرَأَة مِنْهُنَّ سَبْعُونَ ألف وصيفة لحاجاتها، وَسَبْعُونَ ألف وصيف، مَعَ كل وصيف صَحْفَة من ذهب، فِيهَا لون طَعَام يجد لآخر لقْمَة مِنْهَا لَذَّة لَا يجد لأوله، وَيُعْطى زَوجهَا مثل ذَلِك، على سَرِير من ياقوتة حَمْرَاء، عَلَيْهِ سواران من ذهب، موشح بياقوت أَحْمَر، هَذَا بِكُل يَوْم صَامَ من رَمَضَان سوى مَا عمل من الْحَسَنَات) هَذَا حَدِيث مُنكر وباطل، وَفِي سَنَده جرير بن أَيُّوب البَجلِيّ الْكُوفِي، كَانَ يضع الحَدِيث. قَالَه وَكِيع وَأَبُو نعيم الْفضل بن دُكَيْن، وَقَالَ ابْن معِين: لَيْسَ بِشَيْء. وَقَالَ البُخَارِيّ: وَأَبُو زرْعَة مُنكر الحَدِيث. وَقَالَ النَّسَائِيّ: مَتْرُوك الحَدِيث.

وَمِنْهَا: حَدِيث سلمَان الْفَارِسِي، رَوَاهُ الْحَارِث بن أبي أُسَامَة

ص: 268

فِي (مُسْنده) عَنهُ، قَالَ:(خَطَبنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم آخر يَوْم من شعْبَان، فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس إِنَّه قد أظلكم شهر عَظِيم، شهر مبارك، فِيهِ لَيْلَة خير من ألف شهر، فرض الله صِيَامه وَجعل قيام ليله تَطَوّعا، فَمن تطوع فِيهِ بخصلة من الْخَيْر كَانَ كمن أدّى سبعين فَرِيضَة فِيمَا سواهُ، وَمن أدّى فِيهِ فَرِيضَة كَانَ كمن أدّى سبعين فَرِيضَة، وَهُوَ شهر الصَّبْر، وَالصَّبْر ثَوَابه الْجنَّة، وَهُوَ شهر الْمُوَاسَاة، وَهُوَ شهر يُزَاد رزق الْمُؤمن فِيهِ، من فطر صَائِما كَانَ لَهُ عتق رَقَبَة ومغفرة لذنوبه، قيل: يَا رَسُول الله {لَيْسَ كلنا نجد مَا يفْطر الصَّائِم} قَالَ: يُعْطي الله هَذَا الثَّوَاب لمن فطر صَائِما على مذقة لبن أَو تَمْرَة أَو شربة مَاء، وَمن أشْبع صَائِما كَانَ لَهُ مغْفرَة لذنوبه، وسقاه الله من حَوْضِي شربة لَا يظمأ حَتَّى يدْخل الْجنَّة، وَكَانَ لَهُ مثل أجره من غير أَن ينقص من أجره شَيْئا. وَهُوَ شهر أَوله رَحْمَة وأوسطه مغْفرَة وَآخره عتق من النَّار، وَمن خفف عَن مَمْلُوكه فِيهِ أعْتقهُ الله من النَّار) ، وَلَا يَصح إِسْنَاده، وَفِي سَنَده إِيَاس. قَالَ شَيخنَا: الظَّاهِر أَنه ابْن أبي إِيَاس، قَالَ صَاحب (الْمِيزَان) إِيَاس بن أبي إِيَاس عَن سعيد بن الْمسيب لَا يعرف، وَالْخَبَر مُنكر.

وَمِنْهَا: حَدِيث أنس، أخرجه النَّسَائِيّ من طَرِيق مُحَمَّد بن إِسْحَاق. قَالَ: ذكر مُحَمَّد بن مُسلم عَن أويس ابْن أبي أويس عديد بني تيم، (عَن أنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: أَن رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، قَالَ: هَذَا رَمَضَان قد جَاءَكُم تفتح فَهِيَ أَبْوَاب الْجنَّة وتغلق فِيهِ أَبْوَاب النَّار، وتسلسل فِيهِ الشَّيَاطِين) . قَالَ النَّسَائِيّ: هَذَا حَدِيث خطأ، وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من رِوَايَة الْفضل بن عِيسَى الرقاشِي عَن يزِيد الرقاشِي عَن أنس بن مَالك، قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: هَذَا رَمَضَان قد جَاءَ تفتح فِيهِ أَبْوَاب الْجنَّة وتغلق فِيهِ أَبْوَاب النَّار، وتغل فِيهِ الشَّيَاطِين، بعدا لمن أدْرك رَمَضَان فَلم يغْفر لَهُ إِذا لم يغْفر لَهُ فِيهِ فَمَتَى؟) وَالْفضل بن عِيسَى مُنكر الحَدِيث، قَالَه أَبُو زرْعَة وَأَبُو حَاتِم، وَقَالَ ابْن معِين: رجل سوء. ولأنس: حَدِيث آخر رَوَاهُ الْعقيلِيّ فِي (الضُّعَفَاء) قَالَ: حَدثنَا جِبْرِيل بن عِيسَى المغربي حَدثنَا يحيى بن سُلَيْمَان الْقرشِي حَدثنَا أَبُو معمر عباد بن عبد الصَّمد عَن أنس بن مَالك، قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: (إِذا كَانَ أول لَيْلَة من شهر رَمَضَان نَادَى الله تبارك وتعالى رضوَان خَازِن الْجنَّة، يَقُول: يَا رضوَان {فَيَقُول: لبيْك سَيِّدي وَسَعْديك} فَيَقُول: زيَّن الْجنان للصائمين والقائمين من أمة مُحَمَّد، ثمَّ لَا نغلقها حَتَّى يَنْقَضِي شهرهم) . فَذكر حَدِيثا طَويلا جدا مُنْكرا، وَعباد ابْن عبد الصَّمد مُنكر الحَدِيث، قَالَه البُخَارِيّ وَأَبُو حَاتِم، وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ فِي (الْعِلَل المتناهية) وَيحيى بن سُلَيْمَان مَجْهُول.

وَمِنْهَا: حَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بِلَفْظ: (إِن رَسُول الله قَالَ يَوْمًا، وَحضر رَمَضَان: أَتَاكُم رَمَضَان شهر بركَة يغيثكم الله فِيهِ، فَينزل الرَّحْمَة ويحط الْخَطَايَا ويستجيب فِيهِ الدُّعَاء، ينظر الله إِلَى تنافسكم ويباهي بكم مَلَائكَته، فأروا الله من أَنفسكُم خيرا، فَإِن الشقي من حرم فِيهِ رَحْمَة الله عز وجل . وَفِي إِسْنَاده مُحَمَّد بن أبي قيس يحْتَاج إِلَى الْكَشْف.

وَمِنْهَا: حَدِيث ابْن عَبَّاس، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ من رِوَايَة نَافِع بن هُرْمُز عَن عَطاء بن أبي رَبَاح عَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (أَلا أخْبركُم بِأَفْضَل الْمَلَائِكَة؟ جِبْرِيل، عليه السلام، وَأفضل النَّبِيين؟ آدم عليه السلام، وَأفضل الْأَيَّام يَوْم الْجُمُعَة، وَأفضل الشُّهُور شهر رَمَضَان، وَأفضل اللَّيَالِي لَيْلَة الْقدر، وَأفضل النِّسَاء مَرْيَم بنت عمرَان عليها السلام ، وَنَافِع بن هُرْمُز ضَعِيف. وَلابْن عَبَّاس حَدِيث آخر رَوَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي (الْعِلَل المتناهية) من رِوَايَة الْقَاسِم بن الحكم العرني عَن الضَّحَّاك: (عَن ابْن عَبَّاس: أَنه سمع النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول: إِن الْجنَّة لتبخر وتزين من الْحول إِلَى الْحول لدُخُول شهر رَمَضَان، فَإِذا كَانَ أول لَيْلَة من شهر رَمَضَان هبت ريح من تَحت الْعَرْش، يُقَال لَهَا: المثيرة فيصطفق ورق أَشجَار الْجنَّة وَحلق المصاريع) . فَذكر حَدِيثا طَويلا مُنْكرا، وَالقَاسِم بن الحكم مَجْهُول، قَالَه أَبُو حَاتِم، وَقَالَ: يحيى ابْن سعيد الضَّحَّاك عندنَا ضَعِيف.

وَمِنْهَا: حَدِيث ابْن عمر، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ من رِوَايَة الْوَلِيد بن الْوَلِيد القلانسي عَن ابْن ثَوْبَان عَن عَمْرو بن دِينَار عَن ابْن عمر: أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِن الْجنَّة لتزخرف لرمضان من رَأس الْحول إِلَى الْحول الْمقبل، فَإِذا كَانَ أول لَيْلَة من رَمَضَان هبت ريح من تَحت الْعَرْش) الحَدِيث، والوليد بن الْوَلِيد ضعفه الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيره، وَوَثَّقَهُ أَبُو حَاتِم بقوله: صَدُوق.

وَمِنْهَا: حَدِيث عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي (الْأَوْسَط) بِلَفْظ:(ذَاكر الله فِي رَمَضَان مغْفُور لَهُ، وَسَائِل الله فِيهِ لَا يخيب)، وَفِي إِسْنَاده: هِلَال بن عبد الرَّحْمَن، ضعفه الْعقيلِيّ، بقوله:

ص: 269

مُنكر الحَدِيث.

وَمِنْهَا: حَدِيث أبي أُمَامَة، رَوَاهُ أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ بِلَفْظ:(لله عِنْد كل فطر عُتَقَاء) ، وَرِجَاله ثِقَات.

وَمِنْهَا: حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الصَّغِير بِلَفْظ:(إِن أَبْوَاب السَّمَاء تفتح فِي أول لَيْلَة من شهر رَمَضَان، وَلَا تغلق إِلَى آخر لَيْلَة مِنْهُ)، وَفِي إِسْنَاده مُحَمَّد بن مَرْوَان السَّعْدِيّ وَهُوَ ضَعِيف وَلأبي سعيد حَدِيث آخر رَوَاهُ الْبَزَّار بِلَفْظ:(إِن لله تبارك وتعالى عُتَقَاء فِي كل يَوْم وَلَيْلَة يَعْنِي: فِي رَمَضَان، وَإِن لكل مُسلم فِي كل يَوْم وَلَيْلَة دَعْوَة مستجابة)، وَفِيه أبان بن أبي عَيَّاش ضَعِيف. وَلأبي سعيد حَدِيث آخر رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بِلَفْظ:(صِيَام رَمَضَان إِلَى رَمَضَان كَفَّارَة لما بَينهمَا) .

وَمِنْهَا: حَدِيث أبي مَسْعُود الْغِفَارِيّ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بِلَفْظ حَدِيث ابْن مَسْعُود الْمُتَقَدّم، وَفِي إِسْنَاده الْهياج بن بسطَام وَهُوَ ضَعِيف، قَالَ أَحْمد: مَتْرُوك الحَدِيث، وَقَالَ ابْن معِين: لَيْسَ بِشَيْء، وَقَالَ أَبُو حَاتِم: يكْتب حَدِيثه.

وَمِنْهَا: حَدِيث عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، أخرجه النَّسَائِيّ عَنْهَا:(أَن رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، كَانَ يرغب النَّاس فِي قيام رَمَضَان من غير أَن يَأْمُرهُم بعزيمة أَمر فِيهِ فَيَقُول: من قَامَ رَمَضَان إِيمَانًا واحتسابا غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه) .

وَمِنْهَا: حَدِيث أم هانىء، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي (الصَّغِير) و (الْأَوْسَط) بِلَفْظ:(إِن أمتِي لم يخزوا مَا أَقَامُوا شهر رَمَضَان، قيل: يَا رَسُول الله؟ وَمَا خزيهم فِي إِضَاعَة شهر رَمَضَان؟ قَالَ: انتهاك الْمَحَارِم فِيهِ) الحَدِيث، وَفِيه:(فَاتَّقُوا شهر رَمَضَان فَإِن الْحَسَنَات تضَاعف فِيهِ مَا لَا تضَاعف فِيمَا سواهُ، وَكَذَلِكَ السَّيِّئَات) ، وَفِي إِسْنَاده عِيسَى بن سُلَيْمَان أَبُو طيبَة الْجِرْجَانِيّ، ذكره ابْن حبَان فِي الثِّقَات، وَضَعفه ابْن معِين.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (فتحت أَبْوَاب السَّمَاء)، قد ذكرنَا معنى: فتحت، وَهنا، قَالَ:(أَبْوَاب السَّمَاء)، وَفِي حَدِيث قُتَيْبَة الْمَاضِي قَالَ:(أَبْوَاب الْجنَّة)، وَقَالَ ابْن بطال: المُرَاد من السَّمَاء الْجنَّة بِقَرِينَة ذكر جَهَنَّم فِي مُقَابلَة. قلت: جَاءَ فِي رِوَايَة: (أَبْوَاب الرَّحْمَة) ، وَلَا تعَارض فِي ذَلِك، فأبواب السَّمَاء يصعد مِنْهَا إِلَى الْجنَّة لِأَنَّهَا فَوق السَّمَاء، وسقفها عرش الرَّحْمَن كَمَا ثَبت فِي (الصَّحِيح) . وأبواب الرَّحْمَة تطلق على أَبْوَاب الْجنَّة، لقَوْل النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، فِي الحَدِيث الصَّحِيح:(احتجت الْجنَّة وَالنَّار) الحَدِيث، وَفِيه:(وَقَالَ الله للجنة: أَنْت رَحْمَتي أرْحم بك من أَشَاء من عبَادي) الحَدِيث، وَقَالَ الطَّيِّبِيّ: فَائِدَة الْفَتْح تَوْقِيف الْمَلَائِكَة على استحماد فعل الصائمين، وَأَن ذَلِك من الله بِمَنْزِلَة عَظِيمَة، وَأَيْضًا فِيهِ أَنه إِذا علم الْمُكَلف المعتقد ذَلِك بِإِخْبَار الصَّادِق يزِيد فِي نشاطه ويتلقاه بأريحته وينصره مَا روى:(إِن الْجنَّة تزخرف لرمضان) . قَوْله: (وغلقت أَبْوَاب جَهَنَّم) لِأَن الصَّوْم جنَّة فتغلق أَبْوَابهَا بِمَا قطع عَنْهُم من الْمعاصِي وَترك الْأَعْمَال السَّيئَة المستوجبة للنار، ولقلة مَا يُؤَاخذ الله الْعباد بأعمالهم السَّيئَة ليستنقذ مِنْهَا ببركة الشَّهْر، ويهب الْمُسِيء للمحسن، ويجاوز عَن السَّيِّئَات، وَهَذَا معنى الإغلاق، قَوْله:(وسلسلت الشَّيَاطِين) أَي: شدت بالسلاسل. قَالَ الْحَلِيمِيّ: يحْتَمل أَن يكون المُرَاد أَن الشَّيَاطِين مسترقوا السّمع مِنْهُم أَن تسلسلهم يَقع فِي ليَالِي رَمَضَان دون أَيَّامه، لأَنهم كَانُوا منعُوا زمن نزُول الْقُرْآن من استراق السّمع، فزيد التسلسل مُبَالغَة فِي الْحِفْظ، وَيحْتَمل أَن يكون المُرَاد: أَن الشَّيَاطِين لَا يخلصون من إِفْسَاد الْمُسلمين إِلَى مَا يخلصون إِلَيْهِ فِي غَيره لاشتغالهم بالصيام الَّذِي فِيهِ قمع الشَّيَاطِين، وبقراءة الْقُرْآن، وَالذكر. وَقيل: المُرَاد بالشياطين بَعضهم، وهم المردة مِنْهُم، وَترْجم لذَلِك ابْن خُزَيْمَة فِي (صَحِيحه) وَأورد مَا أخرجه هُوَ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَالْحَاكِم من طَرِيق الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة بِلَفْظ:(إِذا كَانَ أول لَيْلَة من شهر رَمَضَان صفدت الشَّيَاطِين مَرَدَة الْجِنّ) . وَأخرجه النَّسَائِيّ من طَرِيق أبي قلَابَة عَن أبي هُرَيْرَة بِلَفْظ: (وتغل فِيهِ مَرَدَة الشَّيَاطِين)، وَيُقَال: تصفيد الشَّيَاطِين عبارَة عَن تعجيزهم عَن الإغواء وتزيين الشَّهَوَات، وصفدت، بِضَم الصَّاد الْمُهْملَة وبالفاء الْمُشَدّدَة الْمَكْسُورَة: أَي شدت بالأصفاد، وَهِي الأغلال، وَهُوَ بِمَعْنى: سلسلت. فَإِن قلت: قد تقع الشرور والمعاصي فِي رَمَضَان كثيرا، فَلَو سلسلت لم يَقع شَيْء من ذَلِك. قلت: هَذَا فِي حق الصائمين الَّذين حَافظُوا على شُرُوط الصَّوْم وراعوا آدابه، وَقيل: المسلسل بعض الشَّيَاطِين وهم المردة لَا كلهم، كَمَا تقدم فِي بعض الرِّوَايَات، وَالْمَقْصُود تقليل الشرور فِيهِ، وَهَذَا أَمر محسوس، فَإِن وُقُوع ذَلِك فِيهِ أقل من غَيره، وَقيل: لَا يلْزم من تسلسلهم وتصفيدهم كلهم أَن لَا تقع شرور وَلَا مَعْصِيّة، لِأَن لذَلِك أسبابا غير الشَّيَاطِين، كالنفوس الخبيثة والعادات القبيحة وَالشَّيَاطِين الأنسية.

ص: 270

0091 -

حدَّثنا يَحْيَء بنُ بُكَيْرٍ قَالَ حدَّثني اللَّيْثُ عنْ عُقَيْلٍ عنِ ابنِ شِهابٍ قَالَ أخبرَنِي سَالِمٌ أنَّ ابنَ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ إذَا رأيْتُمُوهُ فَصُومُوا وإذَا رَأيْتُمُوهُ فأفْطِرُوا فإنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فاقْدُرُوا لَهُ.

قيل: هَذَا الحَدِيث غير مُطَابق للتَّرْجَمَة، وَأجَاب عَنهُ صَاحب (التَّلْوِيح) : بِأَن فِي بعض طرق حَدِيث ابْن عمر (أَن رَسُول الله ت ذكر رَمَضَان، فَقَالَ: لَا تَصُومُوا حَتَّى تروا الْهلَال) ، فَكَأَن البُخَارِيّ على عَادَته أحَال على هَذَا، فطابق بذلك مَا بوب لَهُ من ذكر رَمَضَان، وَصَاحب (التَّوْضِيح) تبعه على ذَلِك. وَقَالَ بَعضهم: وَإِنَّمَا أَرَادَ المُصَنّف بإيراده فِي هَذَا الْبَاب ثُبُوت ذكر رَمَضَان بِغَيْر شهر، وَلم يَقع ذَلِك فِي الرِّوَايَة الموصولة، وَإِنَّمَا وَقع فِي الرِّوَايَة الْمُعَلقَة. قلت: قد ذهل هَذَا الْقَائِل عَن حَدِيث قُتَيْبَة فِي أول الْبَاب، فَإِنَّهُ مَوْصُول وَلَيْسَ فِيهِ ذكر شهر، والْحَدِيث الَّذِي يَلِيهِ عَن يحيى بن بكير فِيهِ ذكر الشَّهْر، والترجمة هَل يُقَال: رَمَضَان أَو شهر رَمَضَان؟ فَحَدِيث قُتَيْبَة يُطَابق قَوْله: هَل يُقَال رَمَضَان؟ وَحَدِيث يحيى يُطَابق قَوْله: أَو شهر رَمَضَان؟ فَضَاعَ الْوَجْه الَّذِي ذكره بَاطِلا. وَجَوَاب صَاحب التَّلْوِيح أَيْضا لَيْسَ بِشَيْء، وَالْوَجْه فِي هَذَا أَن يُقَال: الْأَحَادِيث الْمُعَلقَة والموصولة الْمَذْكُورَة فِي هَذَا الْبَاب تدل على أَن لشهر رَمَضَان أوصافا عَظِيمَة. مِنْهَا: أَن فِيهِ: غفران مَا تقدم من ذَنْب الصَّائِم فِيهِ إِيمَانًا واحتسابا، وَهُوَ الَّذِي علق مِنْهُ البُخَارِيّ قِطْعَة فِي أول الْبَاب. وَأَن فِيهِ: فتح أَبْوَاب الْجنان. وَأَن فِيهِ: غلق أَبْوَاب النَّار. وَأَن فِيهِ: تسلسل الشَّيَاطِين، وَقد ثَبت بالدلائل القطعية فَرضِيَّة هَذَا الصَّوْم الْمَوْصُوف بِهَذِهِ الْأَوْصَاف، وَأورد هَذَا الحَدِيث فِي هَذَا الْبَاب ليعلم أَن هَذَا الصَّوْم يكون فِي أَيَّام محدودة، وَهِي: أَيَّام شهر رَمَضَان، وَأَن الْوُجُوب يتَعَلَّق بِرُؤْيَتِهِ، فَمن هَذِه الْحَيْثِيَّة يسْتَأْنس لوجه إِيرَاد هَذَا الحَدِيث فِيهِ، وَيَكْفِي فِي التطابق أدنى الْمُنَاسبَة فَافْهَم.

ثمَّ سَنَد هَذَا الحَدِيث هُوَ بِعَيْنِه سَنَد الحَدِيث الَّذِي قبله، غير أَنه فِي الأول: يروي ابْن شهَاب عَن ابْن أبي أنس، عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَفِي هَذَا الحَدِيث يروي: ابْن شهَاب عَن سَالم بن عبد الله بن عمر عَن أَبِيه عبد الله بن عمر عَن النَّبِي، صلى الله عليه وسلم.

قَوْله: (إِذا رَأَيْتُمُوهُ) أَي: الْهلَال، لَا يُقَال: إِنَّه إِضْمَار قبل الذّكر لدلَالَة السِّيَاق عَلَيْهِ، كَقَوْلِه تَعَالَى:{ولأبويه بِكُل وَاحِد مِنْهُمَا السُّدس} (النِّسَاء: 11) . أَي: لأبوي الْمَيِّت. قَوْله: (فَإِن غم عَلَيْكُم) أَي: فَإِن ستر الْهلَال عَلَيْكُم، وَمِنْه الْغم، لِأَنَّهُ يستر الْقلب، وَالرجل الأغم المستور الْجَبْهَة بالشعر، وَسمي السَّحَاب غيما لِأَنَّهُ يستر السَّمَاء، وَيُقَال: غم الْهلَال إِذا استتر وَلم ير لاستتاره بغيم وَنَحْوه، وغممت الشَّيْء أَي: غطيته. قَوْله: (فاقدروا لَهُ) ، بِضَم الدَّال وَكسرهَا، يُقَال: قدرت لأمر كَذَا إِذا نظرت فِيهِ ودبرته.

وَقَالَ فِي (شرح الْمُهَذّب) وَغَيره: أَي ضيقوا لَهُ وقدروه تَحت السَّحَاب، وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا أَحْمد بن حَنْبَل وَغَيره مِمَّن يجوز صَوْم يَوْم الْغَيْم، عَن رَمَضَان، وَقَالَ آخَرُونَ: مِنْهُم ابْن شُرَيْح ومطرف بن عبد الله وَابْن قُتَيْبَة مَعْنَاهُ: قدروه بِحِسَاب الْمنَازل، يَعْنِي منَازِل الْقَمَر.

وَقَالَ أَبُو عمر فِي (الاستذكار) : وَقد كَانَ بعض كبار التَّابِعين يذهب فِي هَذَا إِلَى اعْتِبَاره بالنجوم ومنازل الْقَمَر، وَطَرِيق الْحساب. وَقَالَ ابْن سِيرِين، رَحمَه الله تَعَالَى: وَكَانَ أفضل لَهُ لَو لم يفعل، وَحكى ابْن شُرَيْح عَن الشَّافِعِي، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنه قَالَ: من كَانَ مذْهبه الِاسْتِدْلَال بالنجوم ومنازل الْقَمَر، ثمَّ تبين لَهُ من جِهَة النُّجُوم أَن الْهلَال اللَّيْلَة وغم عَلَيْهِ، جَازَ لَهُ أَن يعْتَقد الصَّوْم ويبيته ويجزيه. وَقَالَ أَبُو عمر: وَالَّذِي عندنَا فِي كتبه أَنه: لَا يَصح اعْتِقَاد رَمَضَان إلَاّ بِرُؤْيَة فَاشِية أَو شَهَادَة عادلة، أَو إِكْمَال شعْبَان ثَلَاثِينَ يَوْمًا، وعَلى هَذَا مَذْهَب جُمْهُور فُقَهَاء الْأَمْصَار بالحجاز وَالْعراق وَالشَّام وَالْمغْرب، مِنْهُم مَالك وَالشَّافِعِيّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْري وَأَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَعَامة أهل الحَدِيث إلَاّ أَحْمد وَمن قَالَ بقوله، وَذكر فِي (الْقنية) للحنفية: لَا بَأْس بالإعتماد على قَول المنجمين، وَعَن ابْن مقَاتل: لَا بَأْس بالاعتماد على قَوْلهم وَالسُّؤَال عَنْهُم، إِذا اتّفق عَلَيْهِ جمَاعَة مِنْهُم، وَقَول من قَالَ: إِنَّه يرجع إِلَيْهِم عِنْد الِاشْتِبَاه بعيد، وَعند الشَّافِعِي: لَا يجوز تَقْلِيد المنجم فِي حسابه، وَهل يجوز للمنجم أَن يعْمل بِحِسَاب نَفسه؟ فِيهِ وَجْهَان، وَقَالَ الْمَازرِيّ: حمل جُمْهُور الْفُقَهَاء قَوْله صلى الله عليه وسلم: (فاقدروا لَهُ) ، على أَن المُرَاد إِكْمَال الْعدة ثَلَاثِينَ، كَمَا فسره فِي حَدِيث آخر، وَلَا يجوز أَن يكون المُرَاد حِسَاب

ص: 271

النُّجُوم، لِأَن النَّاس لَو كلفوا بِهِ ضَاقَ عَلَيْهِم لِأَنَّهُ لَا يعرفهُ إلَاّ الْأَفْرَاد، والشارع إِنَّمَا يَأْمر النَّاس بِمَا يعرفهُ جماهيرهم، قَالَ الْقشيرِي: وَإِذا دلّ الْحساب على أَن الْهلَال قد طلع من الْأُفق على وَجه يرى لَوْلَا وجود الْمَانِع كالغيم مثلا، فَهَذَا يَقْتَضِي الْوُجُوب لوُجُود السَّبَب الشَّرْعِيّ، وَلَيْسَ حَقِيقَة الرُّؤْيَة مَشْرُوطَة فِي اللُّزُوم، فَإِن الِاتِّفَاق على أَن الْمَحْبُوس فِي المطمورة إِذا علم بإكمال الْعدة أَو بِالِاجْتِهَادِ أَن الْيَوْم من رَمَضَان وَجب عَلَيْهِ الصَّوْم، وَإِذا لم ير الْهلَال وَلَا أخبرهُ من رَآهُ، وَفِي (الاشراف) : صَوْم يَوْم الثَّلَاثِينَ من شعْبَان إِذْ لم ير الْهلَال مَعَ الصحو إِجْمَاع من الْأمة أَنه لَا يجب، بل هُوَ مَنْهِيّ عَنْهُم.

وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَاخْتلفُوا فِي هَذَا التَّقْدِير، يَعْنِي فِي قَوْله:(فاقدروا لَهُ)، فَقيل: مَعْنَاهُ قدرُوا عدد الشَّهْر الَّذِي كُنْتُم فِيهِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، إِذْ الأَصْل بَقَاء الشَّهْر، وَهَذَا هُوَ المرضي عِنْد الْجُمْهُور. وَقيل: قدرُوا لَهُ منَازِل الْقَمَر وسيره، فَإِن ذَلِك يدل على أَن الشَّهْر تِسْعَة وَعِشْرُونَ يَوْمًا أَو ثَلَاثُونَ، فَقَالُوا: هَذَا خطاب لمن خصّه الله بِهَذَا الْعلم، وَالْوَجْه هُوَ الأول.

وَقد اسْتُفِيدَ من هَذَا الحَدِيث: أَن وجوب الصَّوْم وَوُجُوب الْإِفْطَار عِنْد انْتِهَاء الصَّوْم متعلقان بِرُؤْيَة الْهلَال. وَقَالَ عبد الرَّزَّاق: حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن أبي رواد عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَن الله تَعَالَى جعل الْأَهِلّة مَوَاقِيت للنَّاس فصوموا لرُؤْيَته، وأفطروا لرُؤْيَته، فَإِن غم عَلَيْكُم فعدوا ثَلَاثِينَ. وَقَالَ الشَّافِعِي: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن سعد عَن ابْن شهَاب عَن سَالم عَن أَبِيه: (لَا تَصُومُوا حَتَّى تروا الْهلَال، وَلَا تفطروا حَتَّى تروه، فَإِن غم عَلَيْكُم فأكملوه الْعدة ثَلَاثِينَ) . قَالَ ابْن عبد الْبر: كَذَا قَالَ، وَالْمَحْفُوظ فِي حَدِيث ابْن عمر:(فاقدروا لَهُ)، وَقد ذكر عبد الرَّزَّاق عَن أَيُّوب (عَن نَافِع عَنهُ: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لهِلَال رَمَضَان: إِذا رَأَيْتُمُوهُ فصوموا، ثمَّ إِذا رَأَيْتُمُوهُ فأفطروا، فَإِن غم عَلَيْكُم فاقدروا لَهُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا) .

وَقَالَ أَبُو عمر: وروى ابْن عَبَّاس وَأَبُو هُرَيْرَة وَحُذَيْفَة وَأَبُو بكر وطلق الْحَنَفِيّ وَغَيرهم عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم: (صُومُوا لرُؤْيَته وأفطروا لرُؤْيَته، فَإِن غم عَلَيْكُم فأكملوا الْعدة ثَلَاثِينَ) . قلت: حَدِيث ابْن عَبَّاس أخرجه أَبُو دَاوُد عَنهُ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (لَا تقدمُوا الشَّهْر بصيام يَوْم وَلَا يَوْمَيْنِ إلَاّ أَن يكون شَيْء يَصُومهُ أحدكُم، لَا تَصُومُوا حَتَّى تروه، ثمَّ صُومُوا حَتَّى تروه، فَإِن حَال دونه غمامة فَأتمُّوا الْعدة ثَلَاثِينَ، ثمَّ أفطروا، والشهر تسع وَعِشْرُونَ) . وَحَدِيث أبي هُرَيْرَة عِنْد التِّرْمِذِيّ، رَوَاهُ من حَدِيث أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (لَا تقدمُوا الشَّهْر بِيَوْم وَلَا بيومين إلَاّ أَن يُوَافق ذَلِك صوما كَانَ يَصُومهُ أحدكُم، صُومُوا لرُؤْيَته وأفطروا لرُؤْيَته، فَإِن غم عَلَيْكُم فعدوا ثَلَاثِينَ ثمَّ أفطروا) . وَقَالَ: حَدِيث أبي هُرَيْرَة حَدِيث حسن صَحِيح، وَقد انْفَرد بِهِ التِّرْمِذِيّ من هَذَا الْوَجْه. وَحَدِيث حُذَيْفَة عِنْد أبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ، أخرجه أَبُو دَاوُد من رِوَايَة مَنْصُور عَن ربعي عَن حُذَيْفَة، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (لَا تقدمُوا الشَّهْر حَتَّى تروا الْهلَال أَو تكملوا الْعدة، ثمَّ صُومُوا حَتَّى تروا الْهلَال أَو تكملوا الْعدة) . وَنقل ابْن الْجَوْزِيّ فِي (التَّحْقِيق) : أَن أَحْمد ضعف حَدِيث حُذَيْفَة، وَقَالَ: لَيْسَ ذكر حُذَيْفَة فِيهِ بِمَحْفُوظ، وَقد أنكر عَلَيْهِ ابْن عبد الْهَادِي فِي (التَّنْقِيح) وَقَالَ: إِنَّه وهم مِنْهُ فَإِن أَحْمد إِنَّمَا أَرَادَ أَن الصَّحِيح قَول من قَالَ: عَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وجهالته غير قادحة فِي صِحَة الحَدِيث. وَحَدِيث أبي بكرَة رَوَاهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ وَمن طَرِيقه الْبَيْهَقِيّ بِلَفْظ:(صُومُوا لرُؤْيَته وأفطروا لرُؤْيَته، فَإِن غم عَلَيْكُم فأكملوا الْعدة ثَلَاثِينَ يَوْمًا) . وَحَدِيث طلق بن عَليّ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي (الْكَبِير) فَقَالَ: (عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه نهى أَن يَصُوم قبل رَمَضَان بِصَوْم يَوْم حَتَّى تروا الْهلَال، أَو نفي الْعدة، ثمَّ لَا تفطرون حَتَّى تروه، أَو نفي الْعدة) . وَفِي إِسْنَاده حبَان بن رفيدة، قَالَ ابْن حبَان: فِيهِ نظر، وَقَالَ الذَّهَبِيّ: لَا يعرف.

وَغَيرهم من الصَّحَابَة: الْبَراء بن عَازِب وَعَائِشَة وَعمر وَجَابِر وَرَافِع بن خديج وَابْن مَسْعُود وَابْن عمر وَعلي بن أبي طَالب وَسمرَة بن جُنْدُب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. فَحَدِيث الْبَراء بن عَازِب عِنْد الطَّبَرَانِيّ فِي (الْكَبِير) . وَحَدِيث عَائِشَة عِنْد أبي دَاوُد. وَحَدِيث عمر عِنْد الْبَيْهَقِيّ. وَحَدِيث جَابر عِنْد الْبَيْهَقِيّ أَيْضا. وَحَدِيث رَافع بن خديج عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ. وَحَدِيث ابْن مَسْعُود عِنْد الطَّبَرَانِيّ فِي (الْكَبِير) . وَحَدِيث ابْن عمر عِنْد مُسلم. وَحَدِيث عَليّ بن أبي طَالب عِنْد أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ. وَحَدِيث سَمُرَة بن جُنْدُب عِنْد الطَّبَرَانِيّ.

ثمَّ الْحِكْمَة فِي النَّهْي عَن التَّقْدِيم يَصُوم يَوْم أَو يَوْمَيْنِ، هِيَ أَن لَا يخْتَلط صَوْم الْفَرْض بِصَوْم نفل قبله وَلَا بعده، تحذيرا

ص: 272

مِمَّا صنعت النَّصَارَى فِي الزِّيَادَة على مَا افْترض عَلَيْهِم برأيهم الْفَاسِد، وَقد صَحَّ عَن أَكثر الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَمن بعدهمْ كَرَاهَة صَوْم يَوْم الشَّك إِنَّه من رَمَضَان، مِنْهُم: عَليّ وَعمر وَابْن مَسْعُود وَحُذَيْفَة وَابْن عَبَّاس وَأَبُو هُرَيْرَة وَأنس وَأَبُو وَائِل وَابْن الْمسيب وَعِكْرِمَة وَإِبْرَاهِيم وَالْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْري وَالْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة وَأَبُو عبيد وَأَبُو ثَوْر وَإِسْحَاق، وَجَاء مَا يدل على الْجَوَاز عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة، قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: لِأَن اتعجل فِي صَوْم رَمَضَان بِيَوْم أحب إِلَيّ من أَن أتأخر، لِأَنِّي إِذا تعجلت لم يفتني، وَإِذا تَأَخَّرت فَاتَنِي، وَمثله عَن عَمْرو بن الْعَاصِ وَعَن مُعَاوِيَة، لِأَن أَصوم يَوْمًا من شعْبَان أحب إِلَيّ من أَن أفطر يَوْمًا من رَمَضَان، وروى مثله عَن عَائِشَة، وَأَسْمَاء بِنْتي أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، فَإِن حَال دون منظره غيم وشبهة، فَكَذَلِك لَا يجب صَوْمه عِنْد الْكُوفِيّين وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْري، وَرِوَايَة عَن أَحْمد، فَلَو صَامَهُ وَبَان أَنه من رَمَضَان يحرم عندنَا، وَبِه قَالَ الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ. وَقَالَ ابْن عمر وَأحمد، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَطَائِفَة قَليلَة: يجب صَوْمه فِي الْغَيْم دون الصحو. وَقَالَ قوم: النَّاس تبع للْإِمَام إِن صَامَ صَامُوا وَإِن أفطر أفطروا، وَهُوَ قَول الْحسن وَابْن سِيرِين وسوار الْعَنْبَري وَالشعْبِيّ فِي رِوَايَة، وَأحمد فِي رِوَايَة.

وَقَالَ مطرف بن عبد الله بن الشخير وَابْن شُرَيْح عَن الشَّافِعِي وَابْن قُتَيْبَة والداودي، وَآخَرُونَ: يَنْبَغِي أَن يصبح يَوْم الشَّك مُفطرا متلوما غير آكل وَلَا عازم على الصَّوْم، حَتَّى إِذا تبين أَنه من رَمَضَان قبل الزَّوَال نوى، وَإِلَّا أفطر فِيمَا ذكره الطَّحَاوِيّ، وَيَوْم الشَّك هُوَ أَن يشْهد عِنْد القَاضِي من لَا تقبل شَهَادَته أَنه رَآهُ أَو أخبرهُ من يَثِق بِهِ من عبد أَو امْرَأَة، فَلَو صَامَهُ وَنوى التَّطَوُّع بِهِ فَهُوَ غير مَكْرُوه عِنْد الْحَنَفِيَّة، وَبِه قَالَ مَالك، وَفِي (شرح الْهِدَايَة) : وَالْأَفْضَل فِي حق الْخَواص صَوْمه بنية التَّطَوُّع بِنَفسِهِ وخاصته، وَهُوَ مَرْوِيّ عَن أبي يُوسُف، وَفرض الْعَوام التَّلَوُّم إِلَى أَن يقرب الزَّوَال. وَفِي (الْمُحِيط) إِلَى الزَّوَال، فَإِن ظهر أَنه من رَمَضَان نوى الصَّوْم وإلَاّ أفطر، وَإِن صَامَ قبل رَمَضَان ثَلَاثَة أَيَّام أَو شعْبَان كُله أَو وَافق يَوْم الشَّك يَوْمًا كَانَ يَصُومهُ فَالْأَفْضَل صَوْمه بنية النَّفْل. .

وَفِي (الْمَبْسُوط) الصَّوْم أفضل، قَالَ: وَتَأْويل النَّهْي أَن يَنْوِي الْفَرْض فِيهِ، وَفِي (الْمُحِيط) : إِن وَافق يَوْمًا كَانَ يَصُومهُ فالصوم أفضل وإلَاّ فالفطر أفضل، وَالصَّوْم قبله بِيَوْم أَو يَوْمَيْنِ مَكْرُوه، أَي صَوْم كَانَ، وَلَا يكره بِثَلَاثَة، وَهُوَ قَول أَحْمد.

وَقَالَ الشَّافِعِي: يكره التَّطَوُّع إِذا انتصف شعْبَان، لقَوْله صلى الله عليه وسلم:(إِذا انتصف شعْبَان فَلَا تَصُومُوا)، قَالَ التِّرْمِذِيّ: حسن صَحِيح، وَقَالَ النَّسَائِيّ: لَا نعلم أحدا روى هَذَا الحَدِيث غير الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن، وروى عَن أَحْمد أَنه قَالَ: هُوَ لَيْسَ بِمَحْفُوظ، قَالَ: وَسَأَلنَا عبد الرَّحْمَن ابْن مهْدي عَنهُ فَلم يُصَحِّحهُ، وَلم يخدش بِهِ، وَكَانَ يتوقاه، قَالَ أَحْمد والْعَلَاء: لَا يُنكر من حَدِيثه إلَاّ هَذَا، وَفِي رِوَايَة الْمروزِي: سَأَلنَا أَحْمد عَنهُ فَأنكرهُ، وَقَالَ أَبُو عبد الله: هَذَا خلاف الْأَحَادِيث الَّتِي رويت عَن النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، وعَلى تَقْدِير صِحَة قَول التِّرْمِذِيّ يُعَارضهُ حَدِيث عمرَان بن حُصَيْن، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، (أَن رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، قَالَ لرجل: هَل صمت من سرر شعْبَان؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَإِذا أفطرت فَصم يَوْمَيْنِ) . وسرر الشَّهْر آخِره، سمي بذلك لاستتار الْقَمَر فِيهِ. وروى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَاد جيد من حَدِيث مُعَاوِيَة: سَمِعت النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول: (صُومُوا الشَّهْر وسره وَأَنا مُتَقَدم بالصيام، فَمن أحب فليفعله) . وَعَن أم سَلمَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لم يكن يَصُوم من السّنة شهرا كَامِلا إلَاّ شعْبَان يصله برمضان، قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدِيث حسن، وَعند الْحَاكِم، على شَرطهمَا: عَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا: كَانَ أحب الشُّهُور إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن يَصُوم شعْبَان ثمَّ يصله برمضان، وَفِي (مُعْجم الْحَافِظ الْمُنْذِرِيّ) فِي حرف الْعين الْمُهْملَة، بِسَنَد فِيهِ ابْن صَالح كَاتب اللَّيْث بن سعد: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن سعد، حَدثنَا ابْن شهَاب عَن سَالم، قَالَ: كَانَ عبد الله بن عمر يَصُوم قبل هِلَال رَمَضَان بِيَوْم.

وَقَالَ غيرُهُ عنِ اللَّيْثِ قَالَ حدَّثني عُقَيْل ويُونسُ لِهِلَالِ رَمَضَانَ

أَي: قَالَ غير يحيى بن بكير، وَأَرَادَ بِهَذَا الْغَيْر: أَبُو صَالح عبد الله بن صَالح كَاتب اللَّيْث، حَدثنِي عقيل، بِضَم الْعين: ابْن خَالِد الْأَيْلِي كَذَلِك أخرجه الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيقه، قَالَ: حَدثنِي اللَّيْث حَدثنِي عقيل عَن ابْن شهَاب، وَذكره بِلَفْظ: سَمِعت النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، يَقُول لهِلَال رَمَضَان:(إِذا رَأَيْتُمُوهُ فصوموا) الحَدِيث. قَوْله: (وَيُونُس) أَي: يُونُس بن يزِيد الْأَيْلِي. وَفِي (التَّلْوِيح) حَدِيث يُونُس رَوَاهُ مُسلم فِي (صَحِيحه) قلت: حَدِيثه رَوَاهُ مُسلم عَن حَرْمَلَة، وَلَكِن لَيْسَ فِي رِوَايَته: لهِلَال، فَقَالَ: حَدثنِي حَرْمَلَة

ص: 273