الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(أَمرهم أَن يحلوا) يَعْنِي: لمن لم يكن مَعَهم الْهَدْي. قَوْله: (سبع بدن) كَذَا فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَفِي رِوَايَة كَرِيمَة وَغَيرهَا:(سَبْعَة بدن)، وَقد ذكرنَا وَجهه فِي: بَاب من نحر بِيَدِهِ. قَوْله: (قيَاما) نصب على الْحَال بِمَعْنى قَائِمَة.
5171 -
حدَّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حدَّثنا إسْمَاعِيلُ عنْ أيُّوبَ عنْ أبِي قِلَابَةَ عنْ أنَسِ بنِ مَالِكٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ صَلَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلم الظُّهْرَ بِالمَدِينَةِ أرْبَعا والْعَصْرَ بِذي الحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ..
هَذَا طَرِيق آخر فِي صدر حَدِيث أنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، الْمَذْكُور قبله فَإِنَّهُ أخرجه قبله عَن سُهَيْل بن بكار عَن وهيب ابْن خَالِد عَن أَيُّوب، وَهَذَا أخرجه عَن مُسَدّد عَن إِسْمَاعِيل بن علية عَن أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ عَن أبي قلَابَة عبد الله ابْن زيد، وَقد ذكرنَا فِي: بَاب من نحر بِيَدِهِ، أَن البُخَارِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أخرج هَذَا الحَدِيث عَن جمَاعَة مفرقا مُخْتَصرا وَمُطَولًا.
وعَنْ أيُّوبَ عنْ رَجُلٍ عَنْ أنَسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ثُمَّ بَاتَ حَتَّى أصْبَحَ فَصَلَّى الصُّبْحَ ثُمَّ رَكِبَ رَحِلَتَهْ حَتَّى إذَا اسْتَوَتْ بِهِ الْبَيْدَاءَ أهَلَّ بِعُمْرَةٍ وحَجَّةٍ.
قَالَ الْكرْمَانِي: هُوَ إِسْنَاد مَجْهُول، لكنه مَذْكُور على سَبِيل الْمُتَابَعَة، وَيحْتَمل فِي المتابعات مَا لَا يحْتَمل فِي الْأُصُول، وَقيل: المُرَاد بِهِ أَبُو قلَابَة. انْتهى. وَنقل صَاحب (التلويج) عَن الدَّاودِيّ أَنه قَالَ فِي آخِره: لَيْسَ بِمُسْنَد، لِأَن بَين أَيُّوب وَأنس رجل مَجْهُول، وَلَو كَانَ عَن أبي قلَابَة مَحْفُوظًا لم يكنِّ عَنهُ لجلالة أبي قلَابَة وثقته، وَإِنَّمَا يُكنَّى عَمَّن فِيهِ نظر. وَقَالَ ابْن التِّين: يحْتَمل أَن يكون أَيُّوب نَسيَه، وَهُوَ ثِقَة. بل هُوَ أولى أَن يحمل عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لم علم أَن فِيهِ نظرا لوَجَبَ عَلَيْهِ أَن يذكر اسْمه، أَو يسْقط حَدِيثه لَا يرويهِ الْبَتَّةَ. انْتهى. وَقيل: أَشَارَ بِهِ إِلَى اخْتِلَاف إِسْمَاعِيل بن علية ووهيب بن خَالِد عَن أَيُّوب، فساق وهيب عَنهُ بِإِسْنَاد وَاحِد، وَهُوَ الَّذِي روى عَن وهيب سهل بن بكار شيخ البُخَارِيّ. وَإِسْمَاعِيل روى مرّة عَن أَيُّوب عَن أبي قلَابَة عَن أنس وَهُوَ الَّذِي روى عَنهُ مُسَدّد شيخ البُخَارِيّ الْمَذْكُور آنِفا، وَمرَّة روى إِسْمَاعِيل عَن أَيُّوب عَن رجل عَن أنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَهَذِه الطَّرِيقَة الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا البُخَارِيّ، بقوله: وَعَن أَيُّوب عَن رجل عَن أنس، أَي: وروى إِسْمَاعِيل عَن أَيُّوب عَن رجل عَن أنس. فَافْهَم.
021 -
(بابٌ لَا يُعْطَى الْجَزَّارُ مِنَ الهَدْيِ شَيْئا)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ: لَا يُعطي صَاحب الْهَدْي الجزار من الْهَدْي الَّذِي يذبحه شَيْئا، هَذَا التَّقْدِير على أَن يكون قَوْله:(لَا يُعْطي) على صِيغَة الْمَعْلُوم، والجزار مَنْصُوب بِهِ، وعَلى تَقْدِير أَن يكون:(لَا يُعطى) ، على صِيغَة الْمَجْهُول، يكون الْفَاعِل محذوفا، والجزار مَرْفُوعا لإسناد الْفِعْل أليه.
6171 -
حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ كَثِيرٍ قَالَ أخبرنَا سُفْيَانُ قَالَ أَخْبرنِي ابنُ أبي نَجِيحٍ عنْ مُجَاهِدٍ عنُ عَبْدِ الرَّحْمانِ بنِ أبي لَيْلى عَن عَلَيٍّ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ بَعَثَنِي النبيُّ صلى الله عليه وسلم فَقُمْتُ علَى البُدْنِ فأمَرَنِي فقَسَمْتُ لُحُومَهَا ثُمَّ أمَرَنِي فَقَسَمْتُ جِلَالَهَا وجُلُودَهَا. قَالَ سُفْيَانُ (ح) وحدَّثني عَبْدُ الكَرِيمِ عنْ مُجَاهِدٍ عنْ عَبْدِ الرَّحْمانِ بنِ أبِي لَيْلَى عنْ عَلِيٍّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ قَالَ أمرَنِي النبيُّ صلى الله عليه وسلم أنْ أقُومَ عَلَى الْبُدْنِ ولَا أعْطِيَ عَلَيْهَا شَيْئا فِي جِزَارَتِهَا..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَلَا أعطي عَلَيْهَا شَيْئا فِي جزارتها) .
ذكر رِجَاله: وهم سَبْعَة: الأول: مُحَمَّد بن كثير ضد الْقَلِيل أَبُو عبد الله الْعَبْدي. الثَّانِي: سُفْيَان الثَّوْريّ. الثَّالِث: عبد الله بن يسَار بن أبي نجيح. الرَّابِع: مُجَاهِد بن جُبَير. الْخَامِس: عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى يسَار. السَّادِس: عبد الْكَرِيم بن مَالك، مَاتَ سنة سبع وَعشْرين وَمِائَة. السَّابِع: عَليّ
بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع، وبصيغة الْإِفْرَاد فِي موضِعين. وَفِيه: الْإِخْبَار بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وَاحِد. وَفِيه: العنعنة فِي سِتَّة مَوَاضِع. وَفِيه: أَن شَيْخه بَصرِي وسُفْيَان كُوفِي وَابْن أبي نجيح وَمُجاهد مكيان، وَعبد الرَّحْمَن كُوفِي وَعبد الْكَرِيم جزري. وَفِيه: القَوْل فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع.
ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْحَج عَن أبي نعيم عَن سيف وَعَن مُسَدّد عَن يحيى. وَفِيه وَفِي الْوكَالَة عَن قبيصَة عَن سُفْيَان. وَأخرجه مُسلم فِي الْحَج عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَعَمْرو بن مُحَمَّد النَّاقِد وَزُهَيْر بن حَرْب، ثَلَاثَتهمْ عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة، وَعَن يحيى بن يحيى وَعَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَعَن مُحَمَّد بن حَاتِم وَعَن مُحَمَّد ابْن مَرْزُوق وَعبد بن حميد. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن عَمْرو بن عون، وَعَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَعَن عمرَان بن يزِيد وَعَن عَمْرو بن عَليّ وَعَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم وَعَن مُحَمَّد بن الْمثنى، وَعَن مُحَمَّد بن آدم. وَأخرجه ابْن مَاجَه: عَن مُحَمَّد بن الصَّباح، وَفِي الْأَضَاحِي عَن مُحَمَّد بن معمر.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (حَدثنِي ابْن أبي نجيح)، ويروى: أَخْبرنِي ابْن أبي نجيح. قَوْله: (قَالَ سُفْيَان) ، هُوَ الثَّوْريّ، وَلَيْسَ بمعلق لِأَنَّهُ مَعْطُوف على قَوْله: أخبرنَا سُفْيَان، وَقد وَصله النَّسَائِيّ أَيْضا، وَقَالَ: أخبرنَا إِسْحَاق بن مَنْصُور حَدثنَا عبد الرَّحْمَن هُوَ ابْن مهْدي حَدثنَا سُفْيَان فَذكره. قَوْله: (فَقُمْت على الْبدن) أَي الَّتِي أرصدها للهدي، وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى: أَن أقوم على الْبدن. أَي: عِنْد نحرها للِاحْتِيَاط بهَا، وَلم يَقع هُنَا بَيَان عدد الْبدن، وَوَقع فِي الرِّوَايَة الثَّالِثَة أَنَّهَا: مائَة بَدَنَة، وَوَقع فِي رِوَايَة أبي دَاوُد من طَرِيق إِبْنِ إِسْحَاق عَن ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد: نحر النَّبِي صلى الله عليه وسلم ثَلَاثِينَ بَدَنَة، وَأَمرَنِي فنحرت سائرها. وَالأَصَح من ذَلِك مَا رَوَاهُ مُسلم فِي حَدِيث جَابر الطَّوِيل:(ثمَّ انْصَرف النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِلَى المنحر، فَنحر ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بَدَنَة، ثمَّ أعْطى عليا، فَنحر مَا غير، وأشركه فِي هَدْيه) الحَدِيث، فَعرف مِنْهُ أَن الْبدن كَانَت مائَة بَدَنَة، وَأَنه صلى الله عليه وسلم نحر مِنْهَا ثَلَاثًا وَسِتِّينَ، وَأَن عليا نحر الْبَاقِي. فَإِن قلت: كَيفَ الْجمع بَينه وَبَين رِوَايَة إِبْنِ إِسْحَاق؟ قلت: النَّبِي صلى الله عليه وسلم نحر ثَلَاثِينَ، ثمَّ أَمر عليا أَن ينْحَر فَنحر سبعا وَثَلَاثِينَ. مثلا: ثمَّ نحر النَّبِي صلى الله عليه وسلم ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، هَذَا بطرِيق يَتَأَتَّى ذَلِك، وإلَاّ فَالَّذِي رَوَاهُ مُسلم أصح وَالله أعلم. قَوْله:(فِي جزارتها) قَالَ ابْن التِّين: الجزارة، بِالْكَسْرِ اسْم للْفِعْل، وبالضم اسْم للسواقط، وَقد استقصينا الْكَلَام فِيهِ فِي: بَاب، الْجلَال للبدن، وعَلى مَا ذكره ابْن التِّين يَنْبَغِي أَن تقْرَأ: الجزارة، بِالْكَسْرِ. قيل: وَبِه صحت الرِّوَايَة، فَإِن صحت بِالضَّمِّ جَازَ أَن يكون المُرَاد لَا يُعْطي من بعض الْجَزُور أُجْرَة الجزار.
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ فِيهِ: جَوَاز التَّوْكِيل فِي الْقيام على مصَالح الْهَدْي من ذبحه وَقِسْمَة لَحْمه وَغير ذَلِك. وَفِيه: قسْمَة جَلَاله وجلوده يَعْنِي بَين الْفُقَرَاء لقَوْل عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: أَمرنِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن أقوم على بدنه وَأَن أَتصدق بلحمها وجلودها وأجلتها، وَأَن لَا أعطي أجر الجزار مِنْهَا. وَقَالَ: نَحن نُعْطِيه من عندنَا. وَفِيه: أَنه لَا يعْطى أُجْرَة الجزارة من لحم الْهَدْي. وَقَالَ ابْن خُزَيْمَة: النَّهْي عَن إِعْطَاء الجزار: المُرَاد بِهِ أَنه لَا يعْطى مِنْهَا عَن أجرته، وَكَذَا قَالَ الْبَغَوِيّ فِي (شرح السّنة) : قَالَ: وَأما إِذا أعطي أجرته كَامِلَة ثمَّ تصدق عَلَيْهِ إِذا كَانَ فَقِيرا كَمَا يتَصَدَّق على الْفُقَرَاء فَلَا بَأْس بذلك. وَقيل: إِعْطَاء الجازر على سَبِيل الْأُجْرَة مَمْنُوع لكَونه مُعَاوضَة، وَأما إِعْطَاؤُهُ صَدَقَة أَو هَدِيَّة أَو زِيَادَة على حقة فَالْقِيَاس الْجَوَاز، وَلَكِن إِطْلَاق الشَّارِع ذَلِك قد يفهم مِنْهُ منع الصَّدَقَة لِئَلَّا تقع مُسَامَحَة فِي الْأُجْرَة لأجل مَا يَأْخُذهُ فَيرجع إِلَى الْمُعَاوضَة. وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: وَلم يرخص فِي إِعْطَاء الجزار مِنْهَا فِي أجرته إِلَّا الْحسن الْبَصْرِيّ وَعبد الله بن عبيد بن عُمَيْر. وَفِيه: من اسْتدلَّ بِهِ على منع بيع الْجلد. قَالَ الْقُرْطُبِيّ: وَفِيه: دَلِيل على أَن جُلُود الْهَدْي وجلالها لَا تبَاع لعطفها على اللَّحْم وإعطائها حكمه. وَقد اتَّفقُوا على أَن لَحمهَا لَا يُبَاع، فَكَذَلِك الْجُلُود والجلال. وَأَجَازَهُ الْأَوْزَاعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق وَأَبُو ثَوْر، وَهُوَ وَجه عِنْد الشَّافِعِيَّة، قَالُوا: وَيصرف ثمنه مصرف الْأُضْحِية، وَاسْتدلَّ أَبُو ثَوْر على أَنهم اتَّفقُوا على جَوَاز الِانْتِفَاع بِهِ، فَكل مَا جَازَ الِانْتِفَاع بِهِ جَازَ بَيْعه، وعورض باتفاقهم على جَوَاز الْأكل من لحم هدي التَّطَوُّع، وَلَا يلْزم من جَوَاز أكله جَوَاز بَيْعه. وَفِي (التَّوْضِيح) : وَاخْتلفُوا فِي بيع الْجلد، فَروِيَ عَن ابْن عمر: أَنه لَا بَأْس بِأَن يَبِيعهُ وَيتَصَدَّق بِثمنِهِ، قَالَه أَحْمد وَإِسْحَاق، وَقَالَ