الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
9 -
(بابٌ هَلْ يَقُولُ أنِّي صائِمٌ إذَا شُتِمَ)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ: هَل يَقُول الشَّخْص: إِنِّي صَائِم إِذا شَتمه أحد؟ وَلم يذكر جَوَاب الِاسْتِفْهَام اكْتِفَاء بِمَا فِي حَدِيث الْبَاب.
4091 -
حدَّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ مُوسَى قَالَ أخبرنَا هِشَامُ بنُ يُوسُفَ عنِ ابنِ جُرَيْجٍ قَالَ أخبرنِي عَطاءٌ عنْ أبِي صالِحٍ الزَّيَّاتِ أنَّهُ سَمِعَ أبَا هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ يَقُولُ قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ الله كُلُّ عَمَلِ ابنِ آدَمَ لَهُ إلَاّ الصِّيامَ فإنَّهُ لِي وأنَا أُجْزِي بِهِ والصِّيامُ جُنَّةٌ وإذَا كانَ يَوْمُ صَوْمِ أحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثَ ولَا يَصْخَبْ فإنْ سَابَّهُ أحَدٌ أوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إنِّي امْرُؤٌ صائِمٌ والَّذِي نَفْسُ محَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ الله مِنْ رِيحِ المِسْكِ لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحَهُمَا إذَا أفْطَرَ فَرِحَ وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فَإِن سابه أحد أَو قَاتله فَلْيقل: إِنِّي امْرُؤ صَائِم) ، وَقد مضى هَذَا الحَدِيث قبل هَذَا بِخَمْسَة أَبْوَاب، وَهُوَ: بَاب فضل الصَّوْم، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن عبد الله بن مسلمة عَن مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة، وَهنا أخرجه: عَن إِبْرَاهِيم بن مُوسَى بن يزِيد التَّمِيمِي الْفراء أَبُو إِسْحَاق الرَّازِيّ يعرف بالصغير عَن هِشَام بن يُوسُف أبي عبد الرَّحْمَن الصَّنْعَانِيّ الْيَمَانِيّ قاضيها عَن عبد الْملك بن جريج عَن عَطاء بن أبي رَبَاح عَن أبي صَالح ذكْوَان الزيات السمان عَن أبي هُرَيْرَة، وَهَهُنَا زِيَادَة هِيَ قَوْله:(فَلَا يصخب)، وَهُنَاكَ:(وَلَا يجهل)، وَقَوله:(للصَّائِم فرحتان) إِلَى آخِره، وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى.
قَوْله: (وَلَا يصخب) ، بالصَّاد الْمُهْملَة وَالْخَاء الْمُعْجَمَة فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وروى بَعضهم:(وَلَا يسخب) ، بِالسِّين بدل الصَّاد، ومعناهما وَاحِد وَهُوَ الْخِصَام والصياح. قَوْله:(لخلوف) ، بِضَم الْخَاء وبالواو بعد اللَّام فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني:(لخلف) ، بِحَذْف الْوَاو، وَقَالَ بَعضهم: كَأَنَّهَا صِيغَة جمع، وَسكت وَلم يبين مفرده مَا هُوَ، وَالظَّاهِر أَنه جمع: خلفة، بِالْكَسْرِ. وَقَالَ ابْن الْأَثِير: الخلفة بِالْكَسْرِ تغير ريح الْفَم، وَأَصلهَا فِي النَّبَات أَن ينْبت الشَّيْء بعد الشَّيْء لِأَنَّهَا رَائِحَة حدثت بعد الرَّائِحَة الأولى. وَرُوِيَ فِي غير البُخَارِيّ بِهَذِهِ اللَّفْظَة أَعنِي: خلفة. قَوْله: (للصَّائِم فرحتان)، جملَة إسمية من الْمُبْتَدَأ الْمُؤخر وَالْخَبَر الْمُقدم. قَوْله:(يفرحهما)، أَي: يفرح بهما، فَحذف الْجَار وأوصل الضَّمِير كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى:{فليصمه} (الْبَقَرَة: 581) . أَي: فليصم فِيهِ، وَهُوَ مفعول مُطلق فأصله: يفرح الفرحتين، فَجعل الضَّمِير بدله نَحْو: عبد الله أَظُنهُ منطلق. قَوْله: (إِذا أفطر فَرح)، وَفِي رِوَايَة مُسلم:(بفطرة) . وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: مَعْنَاهُ فَرح بِزَوَال جوعه وعطشه حَيْثُ أُبِيح لَهُ الْفطر، وَهَذَا الْفَرح طبيعي، وَهُوَ السَّابِق للفهم. وَقيل: إِن فرحه بفطره إِنَّمَا هُوَ من حَيْثُ إِنَّه تَمام صَوْمه وخاتمة عِبَادَته وَتَخْفِيف من ربه ومعونة على مُسْتَقْبل صَوْمه. قَوْله: (فَرح بصومه)، أَي: بجزائه وثوابه، وَقيل: هُوَ السرُور بِقبُول صَوْمه وترتب الْجَزَاء الوافر عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْن الْعَرَبِيّ: فرحه عِنْد إفطاره بلذة الْغذَاء عِنْد الْفُقَهَاء، وبخلوص الصَّوْم من الرَّفَث واللغو عِنْد الْفُقَرَاء.
01 -
(بابُ الصَّوْمِ لِمَنْ خافَ عَلَى نَفْسِهِ الْعُزوبَةَ)
أَي: هَذَا بَاب فِي كسر النَّفس بِالصَّوْمِ لمن خَافَ على نَفسه الْعُزُوبَة، بِضَم الْعين وَالزَّاي. قَالَ الْجَوْهَرِي: الْعُزُوبَة والعزبة الِاسْم. قلت: من عزب يعزب ويعزب، قَالَ الْكسَائي: العزب الَّذِي لَا أهل لَهُ، والعزبة الَّتِي لَا زوج لَهَا، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: العزب الْبعيد من النِّكَاح، وَمعنى: خَافَ على نَفسه الْعُزُوبَة، يَعْنِي: خَافَ من بعد النِّكَاح أَن يَقع فِي الْعَنَت وَهُوَ الزِّنَا، ومادة هَذِه اللَّفْظَة فِي الأَصْل تدل على الْبعد، وَمِنْه يُقَال: عزب عني فلَان أَي: بعد، وَيُقَال: تعزب فلَان زَمَانا، ثمَّ تأهل، ثمَّ لفظ الْعُزُوبَة فِي التَّرْجَمَة رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر: الْعزبَة، وَكِلَاهُمَا وَاحِد كَمَا ذكرنَا.
5091 -
حدَّثنا عَبْدَانُ عنْ أبِي حَمْزَةَ عنِ الأعْمَشِ عنْ إبْرَاهِيمَ عنْ عَلْقَمَةَ قَالَ بيْنا أنَا أمْشِي مَعَ عَبْدِ الله رَضِي الله تَعَالَى عنهُ فَقَالَ كُنَّا مَعَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ مَنِ اسْتَطاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فإنَّهُ أغَضُّ لِلْبَصَرِ وأحْصَنُ لِلْفَرْجِ ومَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بالصَّوْمِ فإنَّهُ لَهُ وِجاءٌ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فَعَلَيهِ بِالصَّوْمِ) .
ذكر رِجَاله: وهم سِتَّة: الأول: عَبْدَانِ هُوَ عبد الله بن عُثْمَان. الثَّانِي: أَبُو حَمْزَة، بِالْحَاء الْمُهْملَة وبالزاي: اسْمه مُحَمَّد بن مَيْمُون السكرِي، وَقد مر فِي: بَاب نفض الْيَدَيْنِ فِي الْغسْل. الثَّالِث: سُلَيْمَان الْأَعْمَش. الرَّابِع: إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ. الْخَامِس: عَلْقَمَة بن قيس النَّخعِيّ. السَّادِس: عبد الله بن مَسْعُود.
ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وَاحِد. وَفِيه: العنعنة فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع. وَفِيه: أَن شَيْخه وَشَيخ شَيْخه مروزيان، والبقية الثَّلَاثَة كوفيون. وَفِيه: القَوْل فِي موضِعين. وَفِيه: رِوَايَة الرَّاوِي عَن خَاله، لِأَن عَلْقَمَة خَال إِبْرَاهِيم.
ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي النِّكَاح عَن عمر بن حَفْص بن غياث عَن أَبِيه عَن رجل. وَأخرجه مُسلم فِي النِّكَاح عَن يحيى بن يحيى وَأبي بكر وَأبي كريب، ثَلَاثَتهمْ عَن أبي مُعَاوِيَة، وَعَن عُثْمَان عَن جرير. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن عُثْمَان عَن جرير، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن أَحْمد بن حَرْب عَن أبي مُعَاوِيَة وَفِي الصَّوْم عَن بشر بن خَالِد وَعَن هِلَال بن الْعَلَاء عَن أَبِيه وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي النِّكَاح عَن عبد الله بن عَامر.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (بَينا أَنا أَمْشِي)، قد ذكرنَا غير مرّة أَن أصل: بَينا، بَين، فأشبعت الفتحة فَصَارَت ألفا، يُقَال: بَينا وبينما، وهما ظرفا زمَان بِمَعْنى المفاجأة، ويضافان إِلَى جملَة، والأفصح فِي جوابهما أَن لَا يكون بإذ وَإِذا، وَقد جَاءَ بهما كثيرا. وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: جَوَاب بَين كَيفَ صَحَّ بِالْفَاءِ وَهُوَ إِمَّا بإذا أَو بِالْفِعْلِ الْمُجَرّد؟ قلت: إِمَّا أَن تجْعَل الْفَاء مقَام إِذْ للأخوة بَينهمَا، وَإِمَّا أَن يُقَال: لفظ قَالَ مُقَدّر، وَالْمَذْكُور مُفَسّر لَهُ. انْتهى. قلت: هَذَا كُله تعسف لأَنا لَا نسلم أَن جَوَاب: بَين، بإذ، لأَنا قُلْنَا الْآن إِن الْأَفْصَح أَن يكون بِالْفَاءِ، وَلَا نسلم قَوْله بِالْفِعْلِ الْمُجَرّد، وَأَيْضًا لَا نسلم الْأُخوة بَين إِذا وَالْفَاء، وَالصَّوَاب أَن يُقَال: جَوَاب بَين هُوَ قَوْله: فَقَالَ، وَالْفَاء لَا تضر وَلَا يفْسد بِهِ الْمَعْنى وَلَا يحْتَاج إِلَى تَقْدِير شَيْء. وَقَوله:(قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم ، جملَة مُعْتَرضَة بَين قَوْله: (بَينا)، وَبَين جَوَابه. فَافْهَم. قَوْله:(من اسْتَطَاعَ) قَالَ الْقُرْطُبِيّ: الِاسْتِطَاعَة هُنَا عبارَة عَن وجود مَا بِهِ يتَزَوَّج وَلم يرد الْقُدْرَة على الْوَطْء، وَقَالَ الْكرْمَانِي، رحمه الله، وَتَقْدِيره من اسْتَطَاعَ مِنْكُم الْجِمَاع لقدرته على مُؤَن النِّكَاح فليتزوج، وَمن لم يسْتَطع الْجِمَاع لعَجزه عَن مؤنه فَعَلَيهِ بِالصَّوْمِ. قَوْله:(الْبَاءَة)، فِيهَا أَربع لُغَات: الفصيحة الْمَشْهُورَة بِالْمدِّ وَالْهَاء. الثَّانِيَة بِلَا مد. الثَّالِثَة: بِالْمدِّ بِلَا هَاء. الرَّابِعَة: الباهة بهاءين بِلَا مد. وَفِي (الموعب) : الْبَاء الْحَظ من النِّكَاح، وَعَن ابْن الْأَعرَابِي: الْبَاء والباه والباهة: النِّكَاح. وَفِي (الصِّحَاح) : الباهة مثل الباعة لُغَة فِي الْبَاءَة، وَمِنْه سمي النِّكَاح، بَاء أَو باهة، لِأَن الرجل يتبوء من أَهله إِي يستمكن مِنْهَا كَمَا يتبوء من دَاره، وبوأه منزلا أنزلهُ فِيهِ، وَالِاسْم البيئة بِالْفَتْح وَالْكَسْر، وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الباه الغشيان. قَوْله: (فَإِنَّهُ) أَي: فَإِن التَّزَوُّج، يدل عَليّ قَوْله:(فليتزوج) . قَوْله: (أَغضّ)، بالغين وَالضَّاد المعجمتين أَي: أدعى إِلَى غض الْبَصَر. قَوْله: (وَأحْصن)، أَي أدعى إِلَى إِحْصَان الْفرج. وَقَالَ صَاحب (التَّوْضِيح) : يحْتَمل أَن يكون أَغضّ وَأحْصن للْمُبَالَغَة، وَيحْتَمل أَن يَكُونَا على بابهما قلت: هَذَا تصرف من لَيْسَ لَهُ يَد فِي الْعَرَبيَّة، لِأَن كلا مِنْهُمَا أفعل التَّفْضِيل، فَكيف يكونَانِ على بابهما. قَوْله:(فَإِنَّهُ) أَي: فَإِن الصَّوْم لَهُ أَي للصَّائِم. قَوْله: (وَجَاء) بِكَسْر الْوَاو وبالمد، وَهُوَ رض الخصيتين، وَقيل: هُوَ رض الْعُرُوق، والخصيتان بحالهما، وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: وَقد قَالَه بَعضهم بِفَتْح الْوَاو وَالْقصر. وَلَيْسَ بِشَيْء. وَقَالَ ابْن سَيّده: وجأ التيس وجأ ووجاء فَهُوَ موجوء، ووجيء، وَقيل: الوجيء مصدر والوجاء إسم، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: وَرُوِيَ: وجا بِوَزْن عَصا يُرِيد التَّعَب والحفي، وَذَلِكَ بعيد إلَاّ أَن يُرَاد فِيهِ معنى الفتور، لِأَن من وجىء فتر عَن الْمَشْي، فَشبه الصَّوْم فِي بَاب النِّكَاح بالتعب فِي بَاب الْمَشْي.
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: قَالَ الْخطابِيّ: وَفِيه: دَلِيل على جَوَاز المعاناة لقطع الْبَاءَة بالأدوية لقَوْله: (فليصم) ، وَقَالَ