الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَا خلا البرني، والعجوة يُسَمِّيه أهل الْمَدِينَة الألوان، واحدته لينَة، وَأَصله: لونة، قلبت الواء يَاء لسكونها وانكسار مَا قبلهَا. قَوْله:(إِذْ صنع)، أَي: حِين صنع. قَوْله: (أَن سَيكون) ، بِفَتْح الْهمزَة، لِأَنَّهُ مفعول لقَوْله: علمنَا، قَوْله:(وَقَالَ هِشَام)، أَي: ابْن عُرْوَة، وَرِوَايَة هِشَام هَذِه قد تقدّمت مَوْصُولَة فِي الاستقراض. قَوْله:(وَقَالَ ابْن إِسْحَاق) أَي: روى مُحَمَّد ابْن إِسْحَاق عَن وهب بن كيسَان عَن جَابر صَلَاة الظّهْر.
وَاعْلَم أَن هَذَا الِاخْتِلَاف، فِي رِوَايَة عبيد الله بن عمر:(صَلَاة الْمغرب، وَفِي رِوَايَة هِشَام، صَلَاة الْعَصْر)، وَفِي رِوَايَة ابْن إِسْحَاق:(صَلَاة الظّهْر) غير قَادِح فِي صِحَة أصل الحَدِيث، لِأَن تعْيين الصَّلَاة بِعَينهَا لَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ كَبِير معنى.
41 -
(بابُ الصُّلْحِ بالدَّيْنِ والْعَيْنِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم الصُّلْح بِالدّينِ وَالْعين، وَقَالَ ابْن بطال: اتّفق الْعلمَاء على أَنه إِن صَالح غريمة عَن دَرَاهِمه بِدَرَاهِم أقل مِنْهَا أَنه جَائِز إِذا حل الْأَجَل، فَإِذا لم يحل الْأَجَل لم يجز أَن يحط عَنهُ شَيْئا، وَإِذا صَالحه بُد حُلُول الْأَجَل عَن دَرَاهِم بِدَنَانِير أَو عَكسه لم يجز إلَاّ بِالْقَبْضِ، لِأَنَّهُ صرف، فَإِن قبض بَعْضًا وَبَقِي بَعْضًا جَازَ فِيمَا قبض وانتقض فِيمَا لم يقبض.
0172 -
حدَّثنا عبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حدَّثنا عُثْمَانُ بنُ عُمَرَ قَالَ أخبرَنَا يونُسُ. وَقَالَ اللَّيْثُ حدَّثني يُونُسُ عنْ ابنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبرنِي عبدُ الله بنُ كَعْبٍ أنَّ كَعْبَ بنَ مالِكٍ أخبرَهُ أنَّهُ تَقَاضَى ابنَ أبِي حَدْرَدٍ دَيْناً كانَ لَهُ علَيْهِ فِي عَهْدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْجِدِ فارْتَفَعَتْ أصْوَاتُهُما حتَّى سَمِعَهَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وهْوَ فِي بَيْتٍ فخَرَجَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلَيْهِمَا حتَّى كَشَفَ سِجْفَ حُجْرَتِهِ فنَادَى كَعْبَ بنَ مالِكٍ فَقَالَ يَا كَعْبُ فَقَالَ لَبَّيْكَ يَا رسولَ الله فأشارَ بِيَدِهِ أَن ضَعِ الشَّطْرَ فَقَالَ كَعْبٌ قَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ الله فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قُمْ فاقْضِهِ..
قَالَ ابْن التِّين: لَيْسَ فِيهِ مَا ترْجم بِهِ. وَأجِيب: بِأَن فِيهِ الصُّلْح فِيمَا يتَعَلَّق بِالدّينِ، وَقَالَ الْكرْمَانِي. فَإِن قلت: لَيْسَ فِي الحَدِيث ذكر الْعين، فَكيف دلّ على التَّرْجَمَة؟ قلت: بِالْقِيَاسِ على الدّين، وَهَذَا الحَدِيث قد تقدم قبل ثَلَاثَة أَبْوَاب، وَفِي كتاب الصَّلَاة كَمَا ذَكرْنَاهُ، وَأخرجه هُنَا من طَرِيقين: الثَّانِي مُعَلّق وَهُوَ قَوْله: وَقَالَ اللَّيْث، وَوَصله الذهلي فِي الزهريات.
بِسم الله الرحْمان الرَّحِيمِ
45 -
(كِتابُ الشُّرُوطِ)
أَي: هَذَا كتاب فِي بَيَان أَحْكَام الشُّرُوط، وَهُوَ جمع شَرط، وَهُوَ الْعَلامَة. وَفِي الِاصْطِلَاح: الشَّرْط مَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ وجود الشَّيْء وَلم يكن دَاخِلا فِيهِ. وَقيل: مَا يلْزم من انتفائه انْتِفَاء الْمَشْرُوط، وَلَا يلْزم من وجوده وجود الْمَشْرُوط، وَالْمرَاد هُنَا بَيَان مَا يَصح من الشُّرُوط وَمَا لَا يَصح.
1 -
(بابُ مَا يَجُوزُ مِنَ الشُّرُوطِ فِي الإسْلامِ والأحْكَامِ والمُبَايَعَةِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَا يجوز من الشُّرُوط فِي الْإِسْلَام، يَعْنِي الدُّخُول فِيهِ، وَهَذَا كَمَا اشْترط النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، على جرير حِين بَايعه على الْإِسْلَام:(النصح لكل مُسلم)، وَفِي لفظ:(على إِقَامَة الصَّلَاة وإيتاء الزَّكَاة والنصح لكل مُسلم)، وَلَا يجوز أَن يشْتَرط من يدْخل فِي الْإِسْلَام أَن لَا يُصَلِّي أَو لَا يُزكي عِنْد الْقُدْرَة. وَنَحْو ذَلِك. قَوْله:(وَالْأَحْكَام)، أَي: الْعُقُود والفسوخ والمعاملات. قَوْله: (والمبايعة) ، من عطف الْخَاص على الْعَام، وَهَذَا الْبَاب، وَقَبله: كتاب الشُّرُوط، رِوَايَة أبي ذَر، وَلَيْسَ فِي رِوَايَة غَيره لفظ: كتاب الشُّرُوط.
2172 -
حدَّثنا يَحْيَى بنُ بُكَيْر قَالَ حدَّثنا اللَّيْثُ عنْ عقَيْلٍ عنِ ابنِ شِهابٍ قَالَ أَخْبرنِي عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ أنَّهُ سَمِعَ مَرْوَانَ والمِسْوَرَ بنَ مَخْرَمَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما يُخْبِرَانِ عنْ أصْحَابِ رسولِ الله، صلى الله عليه وسلم قَالَ لَمَّا كاتَبَ سُهَيْلُ بنُ عَمْرٍ ويَوْمَئِذٍ كانَ فِيما اشْتَرَطَ سُهَيْلُ بنُ عَمْرو عَلى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ لَا يَأْتِيكَ مِنَّا أحَدٌ وإنْ كانَ على دِينِكَ إلَاّ رَدَدْتَهُ إلَيْنَا وخَلَّيْتَ بَيْنَنَا وبَيْنَهُ فَكَرِهَ الْمُؤْمِنُونَ ذَلِكَ وامْتَعَضُوا مِنْهُ وأبى سُهَيْلٌ إلَاّ ذلِكَ فَكاتَبَهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم علَى ذَلِكَ فرَدَّ يَوْمَئِذٍ أبَا جَنْدَلٍ إِلَى أبِيهِ سُهَيْلِ ابنِ عَمْرٍ وولَمْ يأتِهِ أحَدٌ مِنَ الرِّجَالِ إلَاّ رَدَّهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وإنْ كانَ مُسْلِماً وجاءَ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ وكانَتْ أُمُّ كَلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بنِ أبِي مُعَيْطٍ مِمَّنْ خَرَجَ إلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ وهْيَ عاتِقٌ فَجاءَ أهْلُهَا يَسْأَلُونَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أنْ يَرْجِعَهَا ألَيْهِمْ فَلَمْ يَرْجِعْهَا إلَيْهِمْ لِمَا أنْزَلَ الله فِيهِنَّ {إذَا جاءَكُمْ الْمُؤْمِنَاتُ مِهَاجِرَاتٍ فامْتَحِنُوهُنَّ الله أعْلَمُ بِإيمَانِهِنَّ} (الممتحنة: 01) . إِلَى قَوْله: {ولَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} (الممتحنة: 01) . قَالَ عُرْوَةُ فأخْبَرَتْنِي عائِشَةُ أنَّ رسوُلَ الله صلى الله عليه وسلم كانَ يَمْتَحِنُهُنَّ بِهَذِهِ الآيةَ {يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا جاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فامْتَحِنُوهُنَّ} (الممتحنة: 01) . إِلَى {غَفُورٌ رَحيِمٌ} (الممتحنة: 21) . قالَ عُرْوَةُ قالَتْ عائِشَةُ فَمَنْ أقَرَّ بِهاذَا الشَّرْطِ مِنْهُنَّ قَالَ لَهَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قَدْ بايَعْتُكَ كَلَاماً يُكَلِّمُها بِهِ وَالله مَا مَسَّتْ يَدُهُ يَدَ امْرَأةٍ قَطُّ فِي الْمُبَايَعَةِ وَمَا بَايَعَهُنَّ إلَاّ بِقَوْلِهِ..
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (كَانَ فِيمَا اشْترط سُهَيْل بن عَمْرو) إِلَى قَوْله: (وَجَاء الْمُؤْمِنَات) . وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الطَّلَاق، ومروان هُوَ ابْن الحكم والمسور، بِكَسْر الْمِيم: ابْن مخرمَة، بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة، لَهُ ولأبيه صُحْبَة.
قَوْله: (يخبران عَن أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم هَكَذَا قَالَ عقيل عَن الزُّهْرِيّ، وَهُوَ مُرْسل عَنْهُمَا لِأَنَّهُمَا لم يحضرا الْقِصَّة، فعلى هَذَا فَالْحَدِيث من مُسْند من لم يسم من الصَّحَابَة، وَلم يصب من أخرجه من أَصْحَاب الْأَطْرَاف فِي مُسْند الْمسور أَو مَرْوَان، أما مَرْوَان، فَإِنَّهُ لَا يَصح لَهُ سَماع من النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَلَا صُحْبَة لإنه خرج إِلَى الطَّائِف طفْلا لَا يعقل لما نفى النَّبِي، صلى الله عليه وسلم أَبَاهُ الحكم، وَكَانَ مَعَ أَبِيه بِالطَّائِف حَتَّى اسْتخْلف عُثْمَان فردهما، وَقد روى حَدِيث الْحُدَيْبِيَة بِطُولِهِ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم. وَأما الْمسور فصح سَمَاعه من النَّبِي صلى الله عليه وسلم لكنه إِنَّمَا قدم مَعَ أَبِيه وَهُوَ صَغِير بعد الْفَتْح، وَكَانَت هَذِه الْقِصَّة قبل ذَلِك بِسنتَيْنِ، وَلَا يُقَال: إِنَّه رِوَايَة عَن الْمَجْهُول، لِأَن الصَّحَابَة كلهم عدُول فَلَا قدح فِيهِ بِسَبَب عدم معرفَة أسمائهم. قَوْله: (لما كَاتب سُهَيْل بن عَمْرو) ، قد ذكرنَا تَرْجَمته فِيمَا مضى عَن قريب، وَكَانَ أحد أَشْرَاف قُرَيْش وخطيبهم، أسر يَوْم بدر، فَقَالَ عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ:(انْزعْ ثنيته فَلَا يقوم عَلَيْك خَطِيبًا) ، فَقَالَ رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم:(دَعه، فَعَسَى أَن يقوم مقَاما تحمده) . أسلم يَوْم الْفَتْح وَكَانَ رَقِيقا كثير الْبكاء عِنْد قِرَاءَة الْقُرْآن، فَمَاتَ رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، وَاخْتلف النَّاس بِمَكَّة، وارتد كَثِيرُونَ، فَقَامَ سُهَيْل خَطِيبًا. وَسكن النَّاس ومنعهم من الِاخْتِلَاف، وَهَذَا هُوَ الْمقَام الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم. قَوْله:(يَوْمئِذٍ) أَي: يَوْم صلح الْحُدَيْبِيَة. قَوْله: (فامتعضوا مِنْهُ) ، بِعَين مُهْملَة وضاد مُعْجمَة، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: مَعْنَاهُ: شقّ عَلَيْهِم وَعظم، يُقَال: معض من شَيْء سَمعه وامتعض إِذا غضب وشق عَلَيْهِ، وَقَالَ القَاضِي: لَا أصل لهَذَا من كَلَام الْعَرَب، وَأَحْسبهُ: فكرهوا ذَلِك وامتعضوا مِنْهُ أَي: شقّ عَلَيْهِم. وَقَالَ ابْن قرقول: (امتعظوا) ، كَذَا للأصيلي والهمداني، وفسروه: كرهوه، وَهُوَ غير صَحِيح، وَفِي الْخط والهجاء وَإِنَّمَا يَصح لَو كَانَ امتعضوا بضاد غير مشالة، كَمَا عِنْد أبي ذَر هُنَا وعبدوس، بِمَعْنى:(كَرهُوا وانفوا) وَقد وَقع مُفَسرًا كَذَلِك فِي بعض الرِّوَايَات فِي (الْأُم) وَعند الْقَابِسِيّ أَيْضا فِي (الْمَغَازِي) : (امَّعظوا) بتَشْديد الْمِيم وبالظاء الْمُعْجَمَة، وَكَذَا لعبدوس، وَعند بَعضهم:(اتغظوا) ، من الغيظ، وَعند بَعضهم عَن النَّسَفِيّ، واتغضوا، بغين
مُعْجمَة وضاد مُعْجمَة غير مشالة، قَالَ: وكل هَذِه الرِّوَايَات إحالات وتغييرات، وَلَا وَجه لشَيْء من ذَلِك إلَاّ: امتعضوا، وَمعنى: انغضوا فِي رِوَايَة النَّسَفِيّ: تفَرقُوا من الإنغاض، قَالَ الله تَعَالَى:{فسينغضون إِلَيْك} (الْإِسْرَاء: 15) . قَوْله: (مهاجرات) نصب على الْحَال من {الْمُؤْمِنَات) . قَوْله: (أم كُلْثُوم) ، بِضَم الْكَاف وَسُكُون اللَّام وَضم الثَّاء الْمُثَلَّثَة بنت عقبَة، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الْقَاف وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة: ابْن أبي معيط، بِضَم الْمِيم وَفتح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره طاء مُهْملَة: أم حميد بن عبد الرَّحْمَن. قَوْله: (وَهِي عاتق) ، جملَة حَالية، والعاتق بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة من فَوق: الْجَارِيَة الشَّابَّة أول مَا أدْركْت. قَوْله: (أَن يرجعها) ، بِفَتْح الْيَاء، وَرجع يتَعَدَّى وَلَا يتَعَدَّى. قَوْله: {إِذا جَاءَكُم الْمُؤْمِنَات} وأولها قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا جَاءَكُم الْمُؤْمِنَات مهاجرات فامتحنوهن، الله أعلم بإيمانهن فَإِن علمتموهم مؤمنات فَلَا ترجعوهن إِلَى الْكفَّار، لَا هن حل لَهُم وَلَا هم يحلونَ لَهُنَّ، وَآتُوهُمْ مَا أَنْفقُوا وَلَا جنَاح عَلَيْكُم أَن تنكحوهن إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورهنَّ، وَلَا تمسكوا بعصم الكوفر، واسألوا مَا أنفقتم وليسألوا مَا أَنْفقُوا ذَلِكُم حكم الله يحكم بَيْنكُم وَالله عليم حَكِيم، وَإِن فاتكم شَيْء من أزواجكم إِلَى الْكفَّار فعاقبتم فآتوا الَّذين ذهبت أَزوَاجهم مثل مَا أَنْفقُوا وَاتَّقوا الله الَّذِي أَنْتُم بِهِ مُؤمنُونَ، يَا أَيهَا النَّبِي إِذا جَاءَك الْمُؤْمِنَات يبايعنك على أَن لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّه شَيْئا وَلَا يَسْرِقن وَلَا يَزْنِين وَلَا يقتلن أَوْلَادهنَّ وَلَا يَأْتِين بِبُهْتَان يَفْتَرِينَهُ بَين أَيْدِيهنَّ وَأَرْجُلهنَّ وَلَا يَعْصِينَك فِي مَعْرُوف فبايعهن واستغفر لَهُنَّ الله إِن الله غَفُور رَحِيم} (الممتحنة: 01 21) . قَوْله: {إذَا جَاءَكُم الْمُؤْمِنَات} سماهن: مؤمنات لتصديقهن بألسنتهن ونطقهن بِكَلِمَة الشَّهَادَة، وَلم يظْهر مِنْهُنَّ مَا يُنَافِي ذَلِك. قَوْله:(مهاجرات) يَعْنِي: من دَار الْكفْر إِلَى دَار الْإِسْلَام. قَوْله: {فامتحنوهن} أَي: فاختبروهن بِالْحلف وَالنَّظَر فِي الأمارات ليغلب على ظنونكم صدق إيمانهن. وَقَالَ ابْن عَبَّاس: معنى امتحانهن أَن يستحلفن مَا خرجن من بغض زوج وَمَا خرجن عَن أَرض إِلَى أَرض، وَمَا خرجن التمَاس دنيا، وَمَا خرجن إلَاّ حبا لله وَرَسُوله. قَوْله:{الله أعلم بإيمانهن} أَي: أعلم مِنْكُم لأنكم تكسبون فِيهِ علما يطمئن مَعَه نفوسكم إِذا استحلفتموهن، وَعند الله حَقِيقَة الْعلم بِهِ {فَإِن علمتموهن مؤمنات} الْعلم الَّذِي تبلغه طاقتكم، وَهُوَ الظَّن الْغَالِب بِالْحلف وَظُهُور الأمارات. {فَلَا ترجعوهن إِلَى الْكفَّار} وَلَا تردوهن مؤمنات} الْعلم الَّذِي تبلغه طاقتكم، وَهُوَ الظَّن الْغَالِب بِالْحلف وَظُهُور الأمارات {فَلَا ترجعوهن إِلَى الْكفَّار} وَلَا تردوهن إِلَى أَزوَاجهنَّ الْمُشْركين {لَا هن حل لَهُم وَلَا هم يحلونَ لَهُنَّ} لِأَنَّهُ لَا حل بَين المؤمنة والمشرك. قَوْله:{وَآتُوهُمْ} أَي: أعْطوا أَزوَاجهنَّ الْكفَّار مَا أَنْفقُوا مثل مَا دفعُوا إلَيْهِنَّ من الْمهْر، سمي الظَّن الْغَالِب علما فِي قَوْله:{فَإِن علمتموهن مؤمنات} إِيذَانًا بِأَن الظَّن الْغَالِب وَمَا يُفْضِي إِلَيْهِ الِاجْتِهَاد وَالْقِيَاس بشرائطها جَار مجْرى الْعلم، وَأَن صَاحبه غير دَاخل فِي قَوْله:{وَلَا تقف مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم} (الْإِسْرَاء: 63) . قَوْله: {وَلَا جنَاح عَلَيْكُم} يَعْنِي: {أَن تنكحوهن إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورهنَّ} وَإِن كَانَ لَهُنَّ أَزوَاج كفار لِأَنَّهُ فرق بَينهمَا الْإِسْلَام إِذا استبرئت أرحامهن بِالْحيضِ، وَالْمرَاد من الأجور: مهورهن، لِأَن الْمهْر أجر الْبضْع. قَوْله:{وَلَا تمسكوا بعصم الكوافر} العصم: جمع الْعِصْمَة، وَهِي مَا يعتصم بِهِ من عقد وَسبب، والكوافر جمع كَافِرَة، وَنهى الله تَعَالَى الْمُؤمنِينَ عَن الْمقَام على نِكَاح المشركات، وأمرهن بفراقهن، وَقَالَ ابْن عَبَّاس: يَقُول: لَا نَأْخُذ بِعقد الكوافر، فَمن كَانَت لَهُ امْرَأَة كَافِرَة بِمَكَّة فَلَا يتقيدن بهَا، فقد انْقَطَعت عصمتها مِنْهُ. قَالَ الزُّهْرِيّ: فَلَمَّا نزلت هَذِه الْآيَة طلق عمر بن الْخطاب امْرَأتَيْنِ كَانَتَا لَهُ بِمَكَّة مشركتين: قريبَة بنت أبي أُميَّة بن الْمُغيرَة، فَتَزَوجهَا بعده مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان، وهما على شركهما بِمَكَّة. وَالْأُخْرَى أم كُلْثُوم بنت عَمْرو الْخُزَاعِيَّة أم عبد الله بن عمر، فَتَزَوجهَا أَبُو جهم بن حذافة، رجل من قَومهَا وهما على شركهما. قَوْله:{واسألوا مَا أنفقتم} أَي: اسألوا أَيهَا الْمُؤْمِنُونَ {الَّذين ذهبت أَزوَاجهم} فلحقن بالمشركين مَا أنفقتم عَلَيْهِنَّ من الصَدَاق من تزوجهن مِنْهُم {وليسألوا} يَعْنِي الْمُشْركين الَّذين لحقت أَزوَاجهم بكم مؤمنات إِذا تَزَوَّجن مِنْكُم من تزَوجهَا مِنْكُم مَا أَنْفقُوا أَي: أَزوَاجهنَّ الْمُشْركين من الْمهْر. قَوْله: {ذَلِكُم} إِشَارَة إِلَى جَمِيع مَا ذكر فِي هَذِه الْآيَة. قَوْله: {حكم الله يحكم بَيْنكُم} إِشَارَة إِلَى جَمِيع مَا ذكر فِي هَذِه الْآيَة. قَوْله: {حكم الله يحكم بَيْنكُم} كَلَام مُسْتَأْنف، وَقيل: حَال من حكم الله على حذف الضَّمِير، أَي: يحكم الله بَيْنكُم {وَالله عليم حَكِيم} . قَوْله: {وَإِن فاتكم شَيْء من أزواجكم} أَي: وَإِن سبقكم وانفلت مِنْكُم من أزواجكم {إِلَى الْكفَّار فعاقبتم} يَعْنِي: فظفرتم وأصبتم من الْكفَّار عُقبى، وَهِي الْغَنِيمَة، وظفرتم وَكَانَت الْعَاقِبَة لكم {فآتوا الَّذين ذهبت أَزوَاجهم} إِلَى الْكفَّار مِنْكُم {مثل مَا أَنْفقُوا عَلَيْهِنَّ} من الْغَنِيمَة الَّتِي صَارَت فِي أَيْدِيكُم من أَمْوَال الْكفَّار. وَقَالَ ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: وَكَانَ جَمِيع من لحق بالمشركين من نسَاء الْمُؤمنِينَ الْمُهَاجِرين رَاجِعَة عَن الْإِسْلَام سِتّ نسْوَة: أم الْحَكِيم بنت أبي سُفْيَان، كَانَت تَحت عِيَاض بن شَدَّاد الفِهري.