الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عُبَيْدَة بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة: ابْن عَمْرو السَّلمَانِي، بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَسُكُون اللَّام: الْحَضْرَمِيّ. قَوْله: (إِن مَاتَا) أَي: الْمهْدي والمهدى إِلَيْهِ. قَوْله: (وَكَانَت فصلت الْهَدِيَّة) ، بالصَّاد الْمُهْملَة من الْفَصْل، وَالْمرَاد مِنْهُ: الْقَبْض، ويروى: وصلت الْهَدِيَّة من الْوَصْل، فالوصول بِالنّظرِ إِلَى المهدى إِلَيْهِ، والفصل بِالنّظرِ إِلَى الْمهْدي، إِذْ حَقِيقَة الْإِقْبَاض لَا بُد لَهَا من فصل الْمَوْهُوب عَن الْوَاهِب، وَوَصله إِلَى الْمُتَّهب وتفصيله بَين أَن يكون انفصلت أم لَا مصير مِنْهُ إِلَى أَن قبض الرَّسُول يقوم مقَام المهدى إِلَيْهِ، وَذهب الْجُمْهُور إِلَى أَن الْهَدِيَّة لَا تنْتَقل إِلَى المهدى إِلَيْهِ إلَاّ بِأَن يقبضهَا أَو وَكيله.
وَقَالَ الحَسَنُ أيُّهُما ماتَ قَبْلُ فَهْيَ لِورَثَةِ الْمُهداى لَهُ إذِا قبَضَها الرَّسُولُ
الْحسن هُوَ الْبَصْرِيّ. قَوْله: (أَيهمَا) أَي: أَي وَاحِد من الْمهْدي والمهدى إِلَيْهِ مَاتَ قبل الآخر. قَوْله: (فَهِيَ)، أَي: الْهَدِيَّة لوَرَثَة المهدى لَهُ، وَقَالَ ابْن بطال: إِن كَانَ بعث بهَا الْمهْدي مَعَ رَسُوله، فَمَاتَ الَّذِي أهديت إِلَيْهِ فَإِنَّهَا ترجع إِلَيْهِ، وَإِن كَانَ أرسل بهَا مَعَ رَسُول الَّذِي أهديت إِلَيْهِ فَمَاتَ المهدى إِلَيْهِ، فَهِيَ لوَرثَته، هَذَا قَول الحكم وَأحمد وَإِسْحَاق.
8952 -
حدَّثنا عليُّ بنُ عَبْدِ الله قَالَ حدَّثنا سُفْيَانُ قَالَ حدَّثنا ابنُ الْمُنْكَدِرِ سَمِعْتُ جابِراً رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ قَالَ لي النبيُّ صلى الله عليه وسلم لَوْ جاءَ مالُ البَحْرَيْنِ أَعْطَيْتُكَ هكَذَا ثَلاثاً فلَمْ يَقْدَمْ حَتَّى تُوُفِيَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فأمَرَ أبُو بَكْرٍ مُنادِياً فَنادى مَنْ كانَ لَهُ عِنْدَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم عِدَّةٌ أَو دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا فأتَيْتُهُ فقُلْتُ إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وعَدَنِي فَحَثاى لِي ثَلاثاً..
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن النَّبِي صلى الله عليه وسلم وعد جَابِرا بِشَيْء وَمَات قبل الْوَفَاء بِهِ، وَالْحكم فِيهِ إِن وَقع مثل هَذَا من غير النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، فالهبة لوَرَثَة الْوَاهِب، وَكَذَلِكَ لم يكن فِي حق النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، لَازِما وَلَكِن أَبَا بكر فعل ذَلِك على سَبِيل التَّطَوُّع، وَلم يكن يلْزم فِي ذَلِك شَيْء الشَّارِع، وَلَا أَبَا بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَإِنَّمَا أنفذ الصّديق ذَلِك بعد مَوته، صلى الله عليه وسلم، اقْتِدَاء بطريقة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، ولفعله، فَإِنَّهُ كَانَ أوفى النَّاس بعده وأصدقهم لوعده، فَإِن قلت: التَّرْجَمَة هَدِيَّة، وَالَّذِي قَالَه النَّبِي، صلى الله عليه وسلم: وعد؟ قلت: لما كَانَ وعد النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، لَا يجوز أَن يخلف نزلُوا وعده منزلَة الضَّمَان فِي الصِّحَّة، فرقا بَينه وَبَين غَيره من الْأمة مِمَّن يجوز أَن يَفِي وَأَن لَا يَفِي، وَقد تنزل الْهِبَة الَّتِي لم تقبض منزلَة الْوَعْد بهَا، وَقَالَ الْمُهلب: إنجاز الْوَعْد مَنْدُوب إِلَيْهِ، وَلَيْسَ بِوَاجِب، وَالدَّلِيل على ذَلِك اتِّفَاق الْجَمِيع على أَن من وعد بِشَيْء لم يضْرب بِهِ مَعَ الْغُرَمَاء، وَلَا خلاف أَنه مستحسن وَمن مَكَارِم الْأَخْلَاق. انْتهى. وَقيل: لم يرو عَن أحد من السّلف وجوب لقَضَاء بالعدة. قلت: فِيهِ نظر، لِأَن البُخَارِيّ ذكر أَن ابْن الأشوع وَسمرَة قضيا بِهِ. وَفِي تَارِيخ الْمُسْتَمْلِي) : أَن عبد الله بن شبْرمَة قضى على رجل بوعد وحبسه فِيهِ، وتلا:{كبر مقتاً عِنْد الله أَن تَقولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} (الصَّفّ: 03) .
وَرِجَال الحَدِيث أَرْبَعَة: عَليّ بن عبد الله الْمَعْرُوف بِابْن الْمَدِينِيّ، وسُفْيَان بن عُيَيْنَة وَمُحَمّد بن الْمُنْكَدر، مر فِي الْوضُوء، وَجَابِر بن عبد الله، والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي فَضَائِل النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، عَن عَمْرو النَّاقِد. قَوْله:(الْبَحْرين) على لفظ تَثْنِيَة بَحر مَوضِع بَين الْبَصْرَة وعمان، وَالنِّسْبَة إِلَيْهِ: بحراني. قَوْله: (ثَلَاثًا) أَي: ثَلَاث حثيات، من: حثيت الشَّيْء حثياً، وحثوت حثوا، إِذا قَبضته ورميته، والحثية الغرف بكف.
91 -
(بابٌ كيْفَ يُقْبَضُ العَبْدُ والْمَتاعُ)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ كَيفَ يقبض العَبْد الْمَوْهُوب وَالْمَتَاع الْمَوْهُوب، والترجمة فِي كَيْفيَّة الْقَبْض لَا فِي أصل الْقَبْض، على مَا يَجِيء بَيَانه، إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
وَقَالَ ابنُ عُمَرَ كُنْتُ علَى بَكْرٍ صَعْبٍ فاشْتَرَاهُ النبيُ، صلى الله عليه وسلم وَقَالَ هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ الله
هَذَا التَّعْلِيق ذكره البُخَارِيّ مَوْصُولا فِي كتاب الْبيُوع فِي: بَاب إِذا اشْترى شَيْئا فوهبه من سَاعَته، وَقد تقدم الْكَلَام
فِيهِ هُنَاكَ مشروحاً. وَوجه إِيرَاده هُنَا لبَيَان كَيْفيَّة قبض الْمَوْهُوب، والموهوب هُنَا مَتَاع، فَاكْتفى فِيهِ بِكَوْنِهِ فِي يَد البَائِع، وَلم يحْتَج إِلَى قبض آخر. وَقَالَ ابْن بطال: كَيْفيَّة الْقَبْض عِنْد الْعلمَاء بِإِسْلَام الْوَاهِب لَهَا إِلَى الْمَوْهُوب لَهُ، وحيازة الْمَوْهُوب لذَلِك: كركوب ابْن عمر الْجمل.
وَاخْتلفُوا فِي الْحِيَازَة: هَل هِيَ شَرط لصِحَّة الْهِبَة أم لَا؟ فَقَالَ بَعضهم: شَرط، وَهُوَ قَول أبي بكر الصّديق وَعمر الْفَارُوق وَعُثْمَان وَابْن عَبَّاس ومعاذ وَشُرَيْح ومسروق وَالشعْبِيّ وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ والكوفيين، وَقَالُوا: لَيْسَ للْمَوْهُوب لَهُ مُطَالبَة الْوَاهِب بِالتَّسْلِيمِ إِلَيْهِ، لِأَنَّهَا مَا لم يقبض عدَّة فَيحسن الْوَفَاء، وَلَا يقْضى عَلَيْهِ. وَقَالَ آخَرُونَ: تصح بالْكلَام دون الْقَبْض، كَالْبيع، روى عَن عَليّ وَابْن مَسْعُود وَالْحسن الْبَصْرِيّ وَالنَّخَعِيّ كَذَلِك، وَبِه قَالَ مَالك وَأحمد وَأَبُو ثَوْر، إِلَّا أَن أَحْمد وَأَبا ثَوْر قَالَا: للْمَوْهُوب لَهُ الْمُطَالبَة بهَا فِي حَيَاة الْوَاهِب، وَإِن مَاتَ بطلت الْهِبَة. فَإِن قلت: إِذا تعين فِي الْهِبَة حق الْمَوْهُوب لَهُ، وَجب لَهُ مُطَالبَة الْوَاهِب فِي حَيَاته، فَكَذَلِك بعد مماته كَسَائِر الْحُقُوق. قلت: هَذَا هُوَ الْقيَاس، لَوْلَا حكم الصّديق بَين ظهراني الصَّحَابَة وهم متوافرون فِيمَا وهبه لابنته جدَاد عشْرين وسْقا من مَاله بِالْغَابَةِ، وَلم تكن قبضتها، وَقَالَ لَهَا: لَو كنت خزنته كَانَ ذَلِك، وَإِنَّمَا هُوَ الْيَوْم مَال وإرث، وَلم يرو عَن أحد من الصَّحَابَة أَنه أنكر قَوْله ذَلِك، وَلَا رد عَلَيْهِ.
9952 -
حدَّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعيدٍ قَالَ حدَّثنا اللَّيثُ عنِ ابنِ مُلَيْكَةَ عنِ المِسْوَرِ بنِ مَخْرَمةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما أنَّهُ قَالَ قَسَمَ رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم أقْبِيَةً ولَمْ يُعْطِ مَخْرَمَةَ مِنْهَا شيْئاً فَقَالَ مخْرَمَةُ يَا بُنيَّ انْطَلِقْ بِنا إِلَى رسولِ الله، صلى الله عليه وسلم فانْطَلَقْتُ معَهُ فَقَالَ ادْخُلْ فادْعُهُ لي قَالَ فَدَعَوْتُهُ لَهُ فخَرَجَ إلَيْهِ وعَلَيْهِ قِباءٌ مِنْهَا فَقَالَ خبَأْنَا هاذا لَكَ قَالَ فنَظَرَ إلَيْهِ فَقَالَ رَضِيَ مَخْرَمَةُ..
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن نقل الْمَتَاع إِلَى الْمَوْهُوب لَهُ قبض، وَبِهَذَا يُجَاب عَن قَول من قَالَ: كَيفَ يدل الحَدِيث على التَّرْجَمَة الَّتِي هِيَ قبض العَبْد؟ لِأَنَّهُ لما علم أَن قبض الْمَتَاع بِالنَّقْلِ إِلَيْهِ علم مِنْهُ حكم العَبْد وَغَيره من سَائِر المنقولات.
ذكر رِجَاله وهم خَمْسَة: قُتَيْبَة بن سعيد، وَاللَّيْث بن سعد، وَعبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكَة، والمسور، بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة، وَأَبوهُ مخرمَة، بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة: ابْن نَوْفَل الزُّهْرِيّ، أسلم يَوْم الْفَتْح، بلغ مائَة وَخمْس عشرَة سنة، وَمَات سنة أَربع وَخمسين.
ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين. وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين. وَفِيه: القَوْل فِي موضِعين. وَفِيه: أَن شَيْخه بغلاني، وبغلان من بَلخ، وَأَن اللَّيْث مصري وَابْن أبي مليكَة مكي. وَفِيه: رد على من يَقُول: إِن الْمسور لم ير رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، وَلم يسمع مِنْهُ.
ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي اللبَاس عَن قُتَيْبَة أَيْضا، وَفِي الشَّهَادَات عَن زِيَاد بن يحيى، وَفِي الْخمس عَن عبد الله بن عبد الْوَهَّاب الحَجبي، وَفِي الْأَدَب عَن الحَجبي أَيْضا
…
وَأخرجه مُسلم فِي الزَّكَاة عَن قُتَيْبَة بِهِ، وَعَن زِيَاد بن يحيى، وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي اللبَاس عَن قُتَيْبَة وَيزِيد بن خَالِد، كِلَاهُمَا عَن اللَّيْث بِهِ وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الاسْتِئْذَان عَن قُتَيْبَة، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الزِّينَة عَن قُتَيْبَة.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (أقبية)، جمع: قبَاء، ممدوداً. وَقَالَ الْجَوْهَرِي: القباء الَّذِي يلبس، وَفِي (الْمغرب) مَا يدل على أَنه عَرَبِيّ، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ مَا قَالَه ابْن دُرَيْد، وَهُوَ: من قبوت الشَّيْء إِذا جمعته. قَوْله: (فَادعه لي) أَي: فَادع رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، لأجلي. وَفِي رِوَايَة تَأتي: قَالَ الْمسور فأعظمت ذَلِك، فَقَالَ: يَا بني إِنَّه لَيْسَ بجبار فدعوته فَخرج. قَوْله: (فَخرج إِلَيْهِ)، أَي: فَخرج رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، إِلَى مخرمَة. قَوْله:(وَعَلِيهِ قبَاء)، جملَة حَالية. قَوْله:(مِنْهَا)، أَي: من الأقببة، وَظَاهر هَذَا اسْتِعْمَال الْحَرِير، وَلَكِن قَالُوا: يجوز أَن يكون قبل النَّهْي، وَقيل: مَعْنَاهُ، وأنهه نشره على أكتافه ليراه مخرمَة كُله، وَهَذَا لَيْسَ بِلبْس، وَلَو كَانَ بعد التَّحْرِيم. قَوْله:(فَقَالَ خبأنا هَذَا لَك) . إِنَّمَا قَالَ هَذَا للملاطفة، لِأَنَّهُ كَانَ فِي خلقه شَيْء وَذكره فِي الْجِهَاد، وَلَفظه:(وَكَانَ فِي خلقه شدَّة) . قَوْله: (فَنظر إِلَيْهِ) أَي: قَالَ الْمسور: فَنظر مخرمَة إِلَى القباء. قَوْله: (فَقَالَ: رَضِي مخرمَة؟) ، قَالَ الدَّاودِيّ هُوَ من قَوْله، صلى الله عليه وسلم، مَعْنَاهُ: هَل رضيت على وَجه الِاسْتِفْهَام؟ وَقَالَ ابْن التِّين: