الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُنَافِقاً أوْ كانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ أرْبَعَةٍ كانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حتَّى يَدَعَها إذَا حدَّثَ كَذَبَ وإذَا وعَدَ أخْلَفَ وإذَا عاهَدَ غَدَرَ وإذَا خاصَمَ فَجَرَ.
(انْظُر الحَدِيث 43 وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَإِذا خَاصم فجر) . و (بشر) بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة ابْن خَالِد أَبُو مُحَمَّد العسكري، شيخ مُسلم أَيْضا، وَمُحَمّد هُوَ ابْن جَعْفَر، وَصرح بِهِ فِي بعض النّسخ، وَسليمَان هُوَ الْأَعْمَش. والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْإِيمَان فِي: بَاب عَلَامَات الْمُنَافِق، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن قبيصَة بن عقبَة عَن سُفْيَان عَن الْأَعْمَش
…
إِلَى آخِره، وَمر الْكَلَام فِيهِ، وَذكر هُنَاكَ مَوضِع: إِذا وعد أخلف، وَإِذا ائْتمن خَان، وَذَلِكَ لِأَن الْمَتْرُوك فِي الْمَوْضِعَيْنِ دَاخل تَحت الْمَذْكُور مِنْهُمَا.
81 -
(بابُ قِصاصِ الْمَظْلُومِ إذَا وجَدَ مالَ ظالِمِه)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم قصاص الْمَظْلُوم الَّذِي أَخذ مِنْهُ المَال إِذا وجد يَعْنِي: إِذا ظهر بِمَال الَّذِي ظلمه، وَجَوَاب، إِذا مَحْذُوف تَقْدِيره: هَل يَأْخُذ مِنْهُ بِقدر حَقه؟ يَعْنِي: يَأْخُذ. وَاكْتفى بِذكر أثر ابْن سِيرِين عَن ذكر الْجَواب، واستمرت عَادَته على هَذَا الْوَجْه وَهِي مَسْأَلَة الظفر، وفيهَا خلاف وتفصيل، فَقَالَ ابْن بطال: اخْتلف الْعلمَاء فِي الَّذِي يجْحَد وَدِيعَة غَيره، ثمَّ إِن الْمُودع يجد لَهُ مَالا، هَل يَأْخُذهُ عوضا من حَقه؟ فروى ابْن الْقَاسِم عَن مَالك: أَنه لَا يفعل، وروى عَنهُ: أَن لَهُ أَن يَأْخُذ حَقه إِذا وجده من مَاله إِذا لم يكن فِيهِ شَيْء من الزِّيَادَة، وَهُوَ قَول الشَّافِعِي، وَقَالَ النَّوَوِيّ: من لَهُ حق على رجل وَهُوَ عَاجز عَن اسْتِيفَائه يجوز لَهُ أَن يَأْخُذ من مَاله قدر حَقه من غير إِذْنه، وَهَذَا مَذْهَبنَا، وَمنع من ذَلِك أَبُو حنيفَة وَمَالك، وَقَالَ ابْن بطال: وروى ابْن وهب عَن مَالك: أَنه إِذا كَانَ على الجاحد لِلْمَالِ دين فَلَيْسَ لَهُ أَن يَأْخُذ إلَاّ مِقْدَار مَا يكون فِيهِ أُسْوَة الْغُرَمَاء، وَعَن أبي حنيفَة: يَأْخُذ من الذَّهَب الذَّهَب وَمن الْفضة الْفضة وَمن الْمكيل الْمكيل وَمن الْمَوْزُون الْمَوْزُون، وَلَا يَأْخُذ غير ذَلِك، وَقَالَ زفر: لَهُ أَن يَأْخُذ الْعرض بِالْقيمَةِ. انْتهى. قلت: مَذْهَبنَا أَنه إِذا بخس حَقه فَلهُ أَن يَأْخُذهُ وإلَاّ فَلَا.
وَقَالَ ابنُ سِيرِينَ يُقاصهُ وقَرَأ {وإنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} (النَّحْل: 621) .
أَي: قَالَ مُحَمَّد بن سِيرِين إِذا وجد مَال ظالمه يقاصه، بِالتَّشْدِيدِ، وَأَصله: يقاصصه، أَرَادَ: يَأْخُذ مثل مَاله، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله عبد الله بن حميد فِي تَفْسِيره من طَرِيق خَالِد الْحذاء عَنهُ بِلَفْظ: أَن أَخذ أحد مِنْك شَيْئا فَخذ مثله. قَوْله: (وَقَرَأَ)، إِشَارَة إِلَى أَنه احْتج فِيمَا ذهب إِلَيْهِ بقوله تَعَالَى:{وَإِن عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمثل مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} (النَّحْل: 621) . يَعْنِي: لَا يزِيد وَلَا ينقص.
0642 -
حدَّثنا أَبُو الْيَمانِ قَالَ أخْبرنَا شُعَيْبٌ عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ حدَّثني عُرْوَةُ أنَّ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قالَتْ جاءَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ بنِ رَبِيعَةَ فقالَتْ يَا رسولَ الله إنَّ أبَا سُفْيانَ رجُلٌ مِسِّيكٌ فَهَلْ عَلَيَّ حَرَجٌ أنْ أُطْعِمَ منَ الَّذِي لَهُ عِيَالَنا فَقَالَ لَا حَرَجَ عَلَيْكَ أنْ تُطْعِمِيهِمْ بالْمَعْرُوفِ..
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِذن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لهِنْد بِالْأَخْذِ من مَال زَوجهَا. قَالَ ابْن بطال: فَهَذَا يدل على جَوَاز أَخذ صَاحب الْحق من مَال من لَو يوفه أَو جَحده قدر حَقه، وَإسْنَاد هَذَا الحَدِيث على هَذَا النسق بِعَيْنِه قد مر غير مرّة. وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع، وَهِنْد بنت عتبَة، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق: ابْن ربيعَة أم مُعَاوِيَة، أسلمت يَوْم الْفَتْح وَمَاتَتْ فِي خلَافَة عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَزوجهَا أَبُو سُفْيَان اسْمه: صَخْر بن حَرْب بن أُميَّة وَالِد مُعَاوِيَة.
قَوْله: (مسيك)، بِفَتْح الْمِيم وَتَخْفِيف السِّين على وزن: فعيل، بِفَتْح الْفَاء، ويروى بِكَسْر الْمِيم وَتَشْديد السِّين على وزن فعيل بِالْكَسْرِ وَالتَّشْدِيد، وَهُوَ صِيغَة مُبَالغَة: كسكين وخمير، مَعْنَاهُ: بخيل شَدِيد الْمسك بِمَا فِي يَدَيْهِ، وَقَالَ عِيَاض: فِي رِوَايَة كثير من أهل الإتقان بِالْفَتْح وَالتَّخْفِيف، وَقَيده بَعضهم بِالْوَجْهَيْنِ، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: فِي كتب الحَدِيث الْفَتْح وَالتَّخْفِيف، وَالْمَشْهُور عِنْد الْمُحدثين الْكسر وَالتَّشْدِيد. قَوْله:(حرج)، أَي: إِثْم. قَوْله: (أَن تطعميهم)، كلمة: أَن مَصْدَرِيَّة، تَقْدِيره: لَا حرج عَلَيْك بإطعامك إيَّاهُم بِالْمَعْرُوفِ، أَي: بِقدر مَا يتعارف أَن يَأْكُل الْعِيَال، وَهَذَا الحَدِيث يشْتَمل على أَحْكَام، وَهِي النَّفَقَة للأولاد وَأَنَّهَا مقدرَة بالكفاية لَا بالإمداد.
وَجَوَاز سَماع كَلَام الْأَجْنَبِيَّة وَذكر الْإِنْسَان بِمَا يكره عِنْد الْحَاجة، وَأَن للْمَرْأَة مدخلًا فِي كَفَالَة أَوْلَادهَا، وَجَوَاز خُرُوج الْمَرْأَة من بَيتهَا لقَضَاء حَاجَتهَا، وَقد اسْتدلَّ بِهِ من يرى بِجَوَاز الحكم على الْغَائِب. قلت: هَذَا اسْتِدْلَال فَاسد من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَنه كَانَ فَتْوَى لَا حكما. وَالْآخر: أَن أَبَا سُفْيَان كَانَ حَاضرا فِي الْبَلَد.
1642 -
حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ قَالَ حدَّثنا اللَّيْثُ قَالَ حدَّثني يَزِيدُ عنْ أبِي الخَيْرِ عنْ عُقْبَةَ ابنِ عامِر رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ قُلْنا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إنَّكَ تَبْعَثُنَا فنَنْزِلُ بِقَوْمٍ لَا يَقْرُونا فَما تَرَى فِيهِ فَقَالَ لَنا إنْ نَزَلْتُمْ بِقَوْمٍ فَأُمِرَ لَكُمْ بِمَا يَنْبَغِي لِلضَّيْفِ فَأقْبَلُوا فإنْ لَمْ يَفْعَلُوا فَخُذُوا مِنْهُمْ حَقَّ الضَّيْفِ.
(الحَدِيث 1642 طرفه فِي: 7316) .
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ بالتكلف من قَوْله: (فَخُذُوا مِنْهُم حق الضَّيْف) فَإِنَّهُ أثبت فِيهِ حَقًا للضيف، وَلِصَاحِب الْحق أَخذ حَقه مِمَّن يتَعَيَّن فِي جِهَته، وَفِيه معنى قصاص الْمَظْلُوم.
وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة، وَيزِيد من الزِّيَادَة هُوَ ابْن أبي حبيب. وَأَبُو الْخَيْر ضد الشَّرّ واسْمه مرْثَد، بالثاء الْمُثَلَّثَة: ابْن عبد الله الْيَزنِي، وَهَؤُلَاء كلهم مصريون مَا خلا شَيْخه فَإِنَّهُ تنيسي، وَلَكِن أَصله من دمشق وعد من المصريين.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْأَدَب عَن قُتَيْبَة. وَأخرجه مُسلم فِي الْمَغَازِي عَن قُتَيْبَة وَمُحَمّد بن رمح. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْأَطْعِمَة عَن قُتَيْبَة. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي السّير عَن قُتَيْبَة، وَقَالَ: حسن، وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الْأَدَب عَن مُحَمَّد بن رمح.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (لَا يقرونا) ، بِفَتْح الْيَاء وَسُكُون الْقَاف وَإِسْقَاط نون الْجمع، كَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ وكريمة، وَفِي رِوَايَة غَيرهمَا لَا يقروننا، على الأَصْل، لِأَن نون جمع الْمُذكر لَا يسْقط إلَاّ فِي مَوَاضِع مَعْرُوفَة، وَأَصله من قريب الضَّيْف قرى، مثل قليته قلى. وقراءً إِذا أَحْسَنت إِلَيْهِ، فَإِذا كسرت الْقَاف قصرت، وَإِذا فتحتها مددت. وَقَالَ الْكرْمَانِي: لَا يقروننا، بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيف أَي: لَا يضيفونا. قَوْله: (فَخُذُوا مِنْهُم)، وَفِي رِوَايَة الكشميني: فَخُذُوا مِنْهُ، أَي: من مَالهم، وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ عَن أبي الْخَيْر عَن عقبَة بن عَامر، قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله، إِنَّا نمر بِقوم فَلَا هم يضيفونا وَلَا هم يؤدون مَا لنا عَلَيْهِم من الْحق، وَلَا نَحن نَأْخُذ مِنْهُم. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:(إِن أَبَوا إلَاّ أَن تَأْخُذُوا مِنْهُم كرها فَخُذُوا) . ثمَّ قَالَ: وَقد رُوِيَ عَن عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنه كَانَ يَأْمر بِنَحْوِ هَذَا.
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ: أَن ظَاهر الحَدِيث وجوب قِرى الضَّيْف، وَأَن المنزول عَلَيْهِ لَو امْتنع من الضِّيَافَة أخذت مِنْهُ كرها، وَإِلَيْهِ ذهب اللَّيْث مُطلقًا، وَخَصه أَحْمد بِأَهْل الْبَوَادِي دون الْقرى، وَمِمَّا اسْتدلَّ بِهِ على ذَلِك مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد من حَدِيث أبي كَرِيمَة، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَيْلَة الضَّيْف حق على كل مُسلم، فَمن أصبح بفنائه فَهُوَ عَلَيْهِ دين، فَإِن شَاءَ اقْتضى وَإِن شَاءَ ترك، وَأَبُو كَرِيمَة هُوَ الْمِقْدَام بن معدي كرب، وَصرح بِهِ الطَّحَاوِيّ فِي رِوَايَته عَنهُ، وروى الطَّحَاوِيّ أَيْضا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ:(أَيّمَا ضيف نزل بِقوم فَأصْبح الضَّيْف محروماً، فَلهُ أَن يَأْخُذهُ، بِقدر قراه، وَلَا حرج عَلَيْهِ) . وَقَالَ الْجُمْهُور: الضِّيَافَة سنَّة وَلَيْسَت بواجبة، وَقد كَانَت وَاجِبَة فنسخ وُجُوبهَا، قَالَه الطَّحَاوِيّ، وَاسْتدلَّ على ذَلِك بِحَدِيث الْمِقْدَاد ابْن الْأسود، قَالَ: جِئْت أَنا وَصَاحب لي حَتَّى كَادَت تذْهب أسماعنا وأبصارنا من الْجُوع، فَجعلنَا نتعرض للنَّاس فَلم يضفنا أحد، وَفِي رِوَايَة مُسلم: فَجعلنَا نعرض أَنْفُسنَا على أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَلَيْسَ أحد مِنْهُم يقبلنا، فأتينا النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَانْطَلق بِنَا إِلَى أَهله، فَإِذا ثَلَاثَة أعنز، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: احتلبوا هَذَا اللَّبن بَيْننَا
…
الحَدِيث بِطُولِهِ، قَالَ الطَّحَاوِيّ: أَفلا يرى أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لم يضيفوهم، وَقد بلغت بهم الْحَاجة، ثمَّ لم يعنفهم رَسُول الله على ذَلِك؟ فَدلَّ على نسخ مَا كَانَ أوجب على النَّاس من الضِّيَافَة، ثمَّ روى من حَدِيث عبد الله بن السَّائِب عَن أَبِيه عَن جده: أَنه سمع النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول: (لَا يَأْخُذ أحدكُم مَتَاع صَاحبه لاعباً وَلَا جاداً، وَإِذا أَخذ أحدكُم عَصا صَاحبه فليردها إِلَيْهِ) . وَأخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ أَيْضا، وَقيل: الحَدِيث مَحْمُول على الْمُضْطَرين. ثمَّ اخْتلفُوا: هَل يلْزم الْمُضْطَر الْعِوَض أَو لَا؟ فَقيل: يلْزم، وَقيل: لَا، وَقيل: كَانَ هَذَا فِي أول الْإِسْلَام، فَكَانَت الْمُوَاسَاة وَاجِبَة، فَلَمَّا فتحت الْفتُوح نسخ ذَلِك، وَيدل عَلَيْهِ قَوْله فِي حَدِيث أبي شُرَيْح عِنْد مُسلم فِي حق