الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 -
(بابٌ إذَا أعتَقَ عَبْداً بَيْنَ اثْنَيْنِ أوْ أمَةً بَيْنَ الشُّرَكاءِ)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ إِذا أعتق شخص عبدا كَائِنا بَين شَخْصَيْنِ أَو أمة، أَي: أَو أعتق شخص أمة كائنة بَين الشُّرَكَاء، وَإِنَّمَا خصص العَبْد بالإثنين وَالْأمة بالشركاء مَعَ أَن هَذَا الحكم فِيمَا إِذا كَانَت الْأمة بَين اثْنَيْنِ وَالْعَبْد بَين الشُّرَكَاء، مَعَ عدم التَّفَاوُت بَينهمَا، لأجل الْمُحَافظَة على لفظ الحَدِيث. قَوْله:(بَين اثْنَيْنِ) لَيْسَ إلَاّ على سَبِيل التَّمْثِيل، إِذْ الحكم كَذَلِك فِيمَا يكون بَين الثَّلَاثَة وَالْأَرْبَعَة وهلم جرّاً، وَقَالَ ابْن التِّين: أَرَادَ أَن العَبْد كالأمة لاشْتِرَاكهمَا فِي الرّقّ، قَالَ: وَقد بَين فِي حَدِيث ابْن عمر فِي آخر الْبَاب أَنه كَانَ يُفْتِي فيهمَا بذلك، قيل: كَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى رد قَول إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه: أَن هَذَا الحكم مُخْتَصّ بالذكور وخطئه، وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: العَبْد اسْم للمملوك الذّكر بِأَصْل وَضعه، وَالْأمة اسْم لمؤنثه بِغَيْر لغظه، وَمن ثمَّ قَالَ إِسْحَاق: إِن هَذَا الحكم لَا يتَنَاوَل الْأُنْثَى، وَخَالفهُ الْجُمْهُور فَلم يفرقُوا فِي الحكم بَين الذّكر وَالْأُنْثَى، إِمَّا لِأَن لفظ العَبْد يُرَاد بِهِ الْجِنْس، كَقَوْلِه تَعَالَى:{أَلا آتى الرَّحْمَن عبدا} (مَرْيَم: 39) . فَإِنَّهُ يتَنَاوَل الذّكر وَالْأُنْثَى قطعا، وَإِمَّا على طَرِيق الْإِلْحَاق لعدم الْفَارِق.
1252 -
عَلِيُّ بنُ عبْدِ الله قَالَ حَدثنَا سُفيانُ عنْ عَمْرو عنْ سالِمٍ عنْ أبِيهِ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عنِ النبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ أعْتَقَ عَبْداً بَيْنَ اثْنَيْنِ فإنْ كانَ مُوسِراً قُوِّمَ عَلَيْهِ ثُمَّ يُعْتَقُ..
أخرج البُخَارِيّ حَدِيث ابْن عَمْرو فِي هَذَا الْبَاب من سِتَّة طرق تشْتَمل على فُصُول من أَحْكَام عتق العَبْد الْمُشْتَرك، وَقد ذكرنَا مَا يتَعَلَّق بأبحاث هَذِه الْأَحَادِيث مستوفاة فِي: بَاب تَقْوِيم الْأَشْيَاء بَين الشُّرَكَاء بِقِيمَة عدل، فَإِنَّهُ أخرج فِيهِ حَدِيث أَيُّوب عَن نَافِع عَن ابْن عمر، وَأخرج أَيْضا حَدِيث جوَيْرِية بن أَسمَاء عَن نَافِع عَن ابْن عمر فِي: بَاب الشّركَة فِي الرَّقِيق، ولنذكر فِي أَحَادِيث هَذَا الْبَاب مَا لَا بُد مِنْهُ، وَمن أَرَادَ الإمعان فِيهِ فَليرْجع إِلَى: بَاب تَقْوِيم الْأَشْيَاء بَين الشُّرَكَاء.
وَعلي بن عبد الله هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ. وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة. وَعَمْرو هُوَ ابْن دِينَار. وَسَالم هُوَ ابْن عبد الله بن عمر.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْعتْق عَن عَمْرو النَّاقِد وَابْن أبي عمر. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن أَحْمد بن حَنْبَل. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن قُتَيْبَة وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم فرقهما، الْكل عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عَمْرو.
قَوْله: (سُفْيَان عَن عَمْرو)، وَفِي رِوَايَة الْحميدِي: عَن سُفْيَان حَدثنَا عَمْرو بن دِينَار عَن سَالم عَن أَبِيه، وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ من طَرِيق إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه: عَن سُفْيَان عَن عَمْرو أَنه سمع سَالم بن عبد الله بن عمر. قَوْله: (من أعتق) ظَاهره الْعُمُوم وَلكنه مَخْصُوص بالِاتِّفَاقِ، فَلَا يَصح من الْمَجْنُون وَلَا من الصَّبِي وَلَا من الْمَحْجُور عَلَيْهِ بِسَفَه عِنْد الشَّافِعِي، وَأَبُو حنيفَة لَا يرى الْحجر بِسَفَه فَتَصِح تَصَرُّفَاته، وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يريان الْحجر على السَّفِيه فِي تَصَرُّفَات لَا تصح مَعَ الْهزْل: كَالْبيع وَالْهِبَة وَالْإِجَارَة وَالصَّدَََقَة، وَلَا يحْجر عَلَيْهِ فِي غَيرهَا: كَالطَّلَاقِ وَالْعتاق، وَلَا يَصح أَيْضا من الْمَحْجُور عَلَيْهِ بِسَبَب إفلاث عِنْد الشَّافِعِي. قَوْله:(بَين اثْنَيْنِ)، كالمثال لِأَنَّهُ لَا فرق بَين أَن يكون بَين اثْنَيْنِ أَو أَكثر. قَوْله:(فَإِن كَانَ)، أَي: الْمُعْتق (مُوسِرًا) يَعْنِي: صَاحب يسَار. قَوْله: (قُوّم) على صِيغَة الْمَجْهُول، وَفِي رِوَايَة لمُسلم وَالنَّسَائِيّ: قوم عَلَيْهِ قيمَة عدل لَا وكس وَلَا شطط، والوكس، بِفَتْح الْوَاو وَسُكُون الْكَاف وبالسين الْمُهْملَة: النَّقْص، والشطط: الْجور. قَوْله: (ثمَّ يعْتق)، أَي: العَبْد.
وَبِهَذَا الحَدِيث احْتج الشَّافِعِي وَأحمد وَإِسْحَاق وَقَالُوا: إِذا كَانَ العَبْد بَين اثْنَيْنِ فَأعْتقهُ أَحدهمَا قوم عَلَيْهِ حِصَّة شَرِيكه، وَيعتق العَبْد كُله وَلَا يجب الضَّمَان عَلَيْهِ إلَاّ إِذا كَانَ مُوسِرًا، وَتَقْرِير مَذْهَب الشَّافِعِي مَا قَالَه فِي الْجَدِيد: إِنَّه إِذا كَانَ الْمُعْتق لحصته من العَبْد مُوسِرًا عتق جَمِيعه حِين أعْتقهُ، وَهُوَ حر من يَوْمئِذٍ يَرث وَيُورث عَنهُ، وَله وَلَاؤُه وَلَا سَبِيل للشَّرِيك على العَبْد، وَعَلِيهِ قيمَة نصيب شَرِيكه، كَمَا لَو قَتله، وَإِن كَانَ مُعسرا فالشريك على ملكه يقاسمه كَسبه أَو يَخْدمه يَوْمًا ويخلي لنَفسِهِ يَوْمًا، وَلَا سِعَايَة عَلَيْهِ لظَاهِر الحَدِيث. وَعند أبي يُوسُف وَمُحَمّد: يسْعَى العَبْد فِي نصيب شَرِيكه الَّذِي لم يعْتق إِذا كَانَ الْمُعْتق مُعسرا، وَلَا يرجع على العَبْد بِشَيْء، وَهُوَ قَول الشّعبِيّ وَالْحسن الْبَصْرِيّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَسَعِيد بن الْمسيب وَقَتَادَة، وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِك بِحَدِيث أبي هُرَيْرَة الَّذِي سَيَأْتِي فِي الْكتاب، فَإِنَّهُ رَوَاهُ كَمَا رَوَاهُ ابْن عمر، وَزَاد عَلَيْهِ حكم السّعَايَة على مَا سنبينه إِن شَاءَ الله تَعَالَى. وَأما أَبُو حنيفَة فَإِنَّهُ كَانَ يَقُول: إِذا كَانَ الْمُعْتق مُوسِرًا فالشريك بِالْخِيَارِ، إِن شَاءَ أعتق وَالْوَلَاء بَينهمَا نِصْفَانِ، وَإِن شَاءَ استسعى العَبْد فِي نصف الْقيمَة، فَإِذا أَدَّاهَا عتق وَالْوَلَاء بَينهمَا نِصْفَانِ، وَإِن شَاءَ ضمن الْمُعْتق نصف الْقيمَة
فَإِذا أَدَّاهَا عتق وَرجع بهَا المضمن على العَبْد فاستسعاه فِيهَا، وَكَانَ الْوَلَاء للْمُعْتق، وَإِن كَانَ الْمُعْتق مُعسرا فالشريك بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أعتق وَإِن شَاءَ استسعى العَبْد فِي نصف قِيمَته، فإيهما فعل فَالْولَاء بَينهمَا نِصْفَانِ. وَحَاصِل مَذْهَب أبي حنيفَة: أَنه يرى بتجزىء الْعتْق، وَأَن يسَار الْمُعْتق لَا يمْنَع السّعَايَة، وَاحْتج أَبُو حنيفَة فِيمَا ذهب إِلَيْهِ بِمَا رَوَاهُ البُخَارِيّ عَن عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك عَن نَافِع عَن عبد الله، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، على مَا يَجِيء عقيب الحَدِيث الْمَذْكُور، وَبِمَا رَوَاهُ البُخَارِيّ أَيْضا بِإِسْنَادِهِ عَن أبي هُرَيْرَة على مَا يَجِيء بعد هَذَا الْبَاب، فَإِنَّهُمَا يدلان على تجزىء الْإِعْتَاق وعَلى ثُبُوت السّعَايَة أَيْضا، على مَا سنبينه، إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
2252 -
حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ قَالَ أخبرنَا مالكٌ عنْ نافِعٍ عنْ عبْدِ الله بنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ أعْتَقَ شِرْكاً لَهُ فِي عَبْدٍ فكانَ لَهُ مالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ العَبْدِ قُوِّمَ الْعَبْدُ قيمَةَ عَدْلٍ فأعْطَى شُرَكَاءَهُ حصَصَهُمْ وعَتَقَ عَلَيْهِ وإلَاّ فَقدْ عَتَقَ منْهُ مَا عتَقَ..
هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا. وَأخرجه مُسلم أَيْضا فِي الْعتْق عَن يحيى بن يحيى. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن القعْنبِي. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن عُثْمَان بن عمر، الْكل عَن مَالك عَن نَافِع.
قَوْله: (شركا) ، بِكَسْر الشين، أَي: نَصِيبا. قَوْله: (فَكَانَ لَهُ مَال يبلغ) ، هَذَا هَكَذَا فِي رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره: كَانَ لَهُ مَا يبلغ أَي شَيْء يبلغ، وَإِنَّمَا قيد بقوله: يبلغ، لِأَنَّهُ إِذا كَانَ لَهُ مَال لَا يبلغ ثمن العَبْد لَا يقوم عَلَيْهِ مُطلقًا، لَكِن الْأَصَح عِنْد الشَّافِعِيَّة أَنه يسرى إِلَى الْقدر الَّذِي هُوَ مُوسر بِهِ تنفيذاً لِلْعِتْقِ بِحَسب الْإِمْكَان، وَبِه قَالَ مَالك. قَوْله:(ثمن العَبْد) أَي: ثمن بَقِيَّة العَبْد، لِأَنَّهُ مُوسر بِحِصَّتِهِ، وَقد أوضح ذَلِك النَّسَائِيّ فِي رِوَايَته من طَرِيق زيد بن أبي أنيسَة عَن عبيد الله بن عمر وَعمر بن نَافِع وَمُحَمّد بن عجلَان عَن نَافِع عَن ابْن عمر بِلَفْظ: وَله مَال يبلغ قيمَة أنصباء شركائه، فَإِنَّهُ يضمن لشركائه أنصباءهم وَيعتق العَبْد، وَالْمرَاد بِالثّمن هُنَا الْقيمَة، لِأَن الثّمن مَا اشْتريت بِهِ الْعين، وَاللَّازِم هُنَا الْقيمَة لَا الثّمن. قَوْله:(قوم)، على صِيغَة الْمَجْهُول. قَوْله:(قيمَة عدل)، وَهُوَ أَن لَا يُزَاد من قِيمَته وَلَا ينقص. قَوْله:(فَأعْطى شركاءه)، كَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين: إِن أعْطى، على بِنَاء الْفَاعِل وشركاءه بِالنّصب على المفعولية، وَرُوِيَ:(فَأعْطِي) على صِيغَة الْمَجْهُول، و: شركاؤه، بِالرَّفْع على أَنه مفعول نَاب عَن الْفَاعِل. قَوْله:(حصصهم) أَي: قيمَة حصصهم. قَوْله: (وإلَاّ) أَي: وَإِن لم يكن مُوسِرًا فقد عتق مِنْهُ حِصَّته، وَهِي مَا عتق. وَبِهَذَا الحَدِيث احْتج ابْن أبي ليلى وَمَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد فِي: أَن وجوب الضَّمَان على الْمُوسر خَاصَّة دون الْمُعسر، يدل عَلَيْهِ قَوْله:(وإلَاّ فقد عتق مِنْهُ مَا عتق) . وَقَالَ زفر: يضمن قيمَة نصيب شَرِيكه، مُوسِرًا كَانَ أَو مُعسرا. وَيخرج العَبْد كُله حرا لِأَنَّهُ جنى على مَال رجل، فَيجب عَلَيْهِ ضَمَان مَا أتلف بِجِنَايَتِهِ، وَلَا يفْتَرق الحكم فِيهِ، سَوَاء كَانَ مُوسِرًا أَو مُعسرا، والْحَدِيث حجَّة عَلَيْهِ.
3252 -
حدَّثنا عُبَيْدُ بنُ إسْماعيلَ عنْ أبِي أُسَامَةَ عنْ عُبَيْدِ الله عنْ نافِعٍ عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَنْ أَعْتَقَ شِرْكا لَهُ فِي مَمْلُوكٍ فعَلَيْهِ عِتْقُهُ كُلِّهِ إنْ كانَ لَهُ مَالٌ يَبْلغُ ثَمَنُهُ فإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مالٌ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ قيمَةَ عَدْلٍ عَلى الْمُعْتِقِ فأُعْتِقَ مِنْهُ مَا أعْتَقَ..
هَذَا طَرِيق آخر أخرجه عَن عبيد بن إِسْمَاعِيل واسْمه فِي الأَصْل: عبد الله، يكنى: أَبَا مُحَمَّد الْهَبَّاري الْقرشِي الْكُوفِي، وَهُوَ من أَفْرَاده، يروي عَن أبي أُسَامَة حَمَّاد بن أبي أُسَامَة عَن عبيد الله بن عمر الْعمريّ عَن نَافِع إِلَى آخِره. قَوْله:(فَعَلَيهِ) أَي: فعلى من أعتق شركا، أَي: نَصِيبا لَهُ. قَوْله: (كُله)، بِالْجَرِّ لِأَنَّهُ تَأْكِيد لقَوْله فِي: مَمْلُوك، وَقَالَ بَعضهم: كُله، بجر اللَّام تَأْكِيدًا للضمير الْمُضَاف، أَي: عتق العَبْد كُله. قلت: لَيْسَ هُنَا ضمير مُضَاف حَتَّى يكون تَأْكِيدًا لَهُ، وَفِيه مساهلة جدا. قَوْله:(فَأعتق مِنْهُ مَا أعتق) ، على صِيغَة الْمَجْهُول كِلَاهُمَا، وَهَذَا جَزَاء الشَّرْط، لِأَن قَوْله: يقوم عَلَيْهِ، صفة مَال وَلَيْسَ بجزاء، فَافْهَم.
حدَّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثنا بِشْرٌ عنْ عُبَيْدِ الله اخْتَصَرَهُ
هَذَا طَرِيق آخر أخرجه عَن مُسَدّد عَن بشر، بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة: عَن عبيد الله بن عمر الْعمريّ، قَوْله:(اخْتَصَرَهُ) أَي: اخْتَصَرَهُ مُسَدّد أَي بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور، يَعْنِي ذكر الْمَقْصُود مِنْهُ، وَأخرجه النَّسَائِيّ عَن عَمْرو بن عَليّ عَن بشر عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (من أعتق شركا لَهُ فِي عبد فقد أعتق كُله إِن كَانَ للَّذي أعتق نصِيبه من المَال مَا يبلغ ثمنه، يُقَام عَلَيْهِ قيمَة عدل فَيدْفَع إِلَى شركائه أنصباءهم ويخلي سَبيله) .
4252 -
حدَّثنا أبُو النُّعْمَانِ قَالَ حدَّثنا حَمَّادٌ عنْ أيُّوبَ عنْ نافِعٍ عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا عنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ منْ أعْتَقَ نَصِيباً لَهُ فِي مَمْلُوكٍ أوْ شَرْكا لَهُ فِي عَبْدٍ وكانَ لَهُ مِنَ الْمَالِ مَا يَبْلُغُ قِيمَتَهُ بِقيمَةِ الْعَدْلِ فَهْوَ عَتيقٌ قَالَ نافِعٌ وإلَاّ فقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ قَالَ أيُّوبُ لَا أدرِي أشَيْءٌ قالَهُ نافِعٌ أوْ شَيْءٌ فِي الْحَدِيثِ..
هَذَا طَرِيق آخر عَن أبي النُّعْمَان مُحَمَّد بن الْفضل عَن حَمَّاد بن زيد عَن أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ عَن نَافِع عَن عبد الله بن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا.
وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الشّركَة عَن عمرَان بن ميسرَة عَن عبد الْوَارِث، وَقد مر فِي: بَاب تَقْوِيم الْأَشْيَاء بَين الشُّرَكَاء بِقِيمَة عدل، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ مُسْتَوفى.
قَالَ ابْن عبد الْبر: لَا خلاف أَن التَّقْوِيم لَا يكون إلَاّ على الْمُوسر، ثمَّ اخْتلفُوا فِي وَقت الْعتْق، فَقَالَ الْجُمْهُور وَالشَّافِعِيّ فِي الْأَصَح وَبَعض الْمَالِكِيَّة: إِنَّه يعْتق فِي الْحَال، وحجتهم رِوَايَة أَيُّوب الْمَذْكُورَة حَيْثُ قَالَ: فَهُوَ عَتيق، وأوضح من ذَلِك مَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْن حبَان وَغَيرهمَا من طَرِيق سُلَيْمَان بن مُوسَى عَن نَافِع عَن ابْن عمر بِلَفْظ:(من أعتق عبدا وَله فِيهِ شُرَكَاء، وَله وَفَاء فَهُوَ حر) . وروى الطَّحَاوِيّ من طَرِيق ابْن أبي ذِئْب عَن نَافِع: (فَكَانَ للَّذي يعْتق نصِيبه مَا يبلغ ثمنه، فَهُوَ عَتيق كُله) . وَالْمَشْهُور عِنْد الْمَالِكِيَّة: أَنه لَا يعْتق إلَاّ بِدفع الْقيمَة، فَلَو أعتق الشَّرِيك قبل أَخذ الْقيمَة نفذ عتقه، وَهُوَ أحد أَقْوَال الشَّافِعِي، رحمه الله.
5252 -
حدَّثنا أحْمَدُ بنُ مِقْدَامٍ قَالَ حدَّثنا الْفُضَيْلُ بنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حدَّثنا مُوسَى بنُ عُقْبَةَ قَالَ أَخْبرنِي نافِعٌ عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما أنَّهُ كانَ يُفْتِي فِي العَبْدِ أوِ الأمَةِ يَكونُ بَيْنَ شُرَكاءَ فَيُعْتِقُ أحَدُهُمْ نِصِيبَهُ مِنْهُ يَقُولُ قدْ وجَبَ عَلَيْهِ عِتْقُهُ كُلِّهِ إذَا كانَ لِلَّذِي أعْتَقَ مِنَ الْمَالِ مَا يبْلُغُ يُقَوَّمُ مِنْ مالِهِ قِيمَةَ الْعَدْلِ ويُدْفَعُ إِلَى الشُّرَكَاءِ أنْصِباؤُهُمْ ويُخلَّى سَبِيلُ الْمُعْتَقِ يُخْبِرُ ذلِكَ ابنُ عُمَرَ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم..
هَذَا طَرِيق آخر فِيمَا رُوِيَ عَن ابْن عمر، أَشَارَ بِهِ إِلَى أَنه روى الحَدِيث الْمَذْكُور وَأفْتى بِمَا يَقْتَضِيهِ ظَاهره فِي حق الْمُوسر، ليرد بذلك على من لم يقل لَهُ. قَوْله:(مَا يبلغ) ، مَفْعُوله مَحْذُوف، وَتَقْدِيره: مَا يبلغ ثمنه. قَوْله: (سَبِيل الْمُعْتق)، بِفَتْح التَّاء أَي: الْعَتِيق، وَلم ينْفَرد مُوسَى بن عقبَة عَن نَافِع بِهَذَا السِّيَاق، بل وَافقه صَخْر بن جوَيْرِية. أخرجه الطَّحَاوِيّ، وَقَالَ: حَدثنَا أَبُو بكرَة، قَالَ: حَدثنَا روح بن عبَادَة، قَالَ: حَدثنَا صَخْر بن جوَيْرِية عَن نَافِع عَن ابْن عمر، كَانَ يُفْتِي فِي العَبْد أَو الْأمة يكون أَحدهمَا بَين شركائه فَيعتق أحدهم نصِيبه مِنْهُ، فَإِنَّهُ يجب عتقه على الَّذِي أعْتقهُ، إِذا كَانَ لَهُ من المَال مَا يبلغ ثمنه يقوم فِي مَاله قيمَة عدل، فَيدْفَع إِلَى شركائه أنصباءهم ويخلي سَبِيل العَبْد، يخبر بذلك عبد الله بن عمر عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. وَأخرجه أَبُو عوَانَة وَالدَّارَقُطْنِيّ.
ورَواهُ اللَّيْثُ وابنُ ذِئْبٍ وابْنُ إسْحَاقَ وجُوَيْرِيَةُ ويحْيى بنُ سعِيدٍ وإسْماعِيلُ بنُ أُمَيَّةَ عنْ نافِعٍ عنِ ابنِ عُمرَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم مُخْتَصَراً
أَي: روى الحَدِيث الْمَذْكُور اللَّيْث بن سعد، وَوصل رِوَايَته النَّسَائِيّ، قَالَ: أخبرنَا قُتَيْبَة، قَالَ: حَدثنَا اللَّيْث عَن نَافِع