الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من معنى قَوْله: إِنَّهَا بلغت محلهَا، لِأَن مَعْنَاهُ قد زَالَ عَنْهَا حكم الصَّدَقَة وَصَارَت حَلَالا لنا، وخَالِد بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن الطَّحَّان الوَاسِطِيّ، يروي عَن خَالِد بن مهْرَان الْحذاء، وَأم عَطِيَّة اسْمهَا نسيبة، بِضَم النُّون، وَقيل: بِفَتْحِهَا، وَكَذَا وَقع بِالْفَتْح فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ من رِوَايَة وهب بن بَقِيَّة عَن خَالِد بن عبد الله. والْحَدِيث قد مر فِي كتاب الزَّكَاة فِي: بَاب إِذا تحولت الصَّدَقَة، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عَليّ بن عبد الله عَن يزِيد بن زُرَيْع عَن خَالِد عَن حَفْصَة بنت سِيرِين عَن أم عَطِيَّة الْأَنْصَارِيَّة
…
إِلَى آخِره، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
قَوْله: (بعثت بِهِ أم عَطِيَّة) على صِيغَة الْمَعْلُوم، وَقَوله:(بعثت إِلَيْهَا) على صِيغَة الْمَعْلُوم. قَوْله: (محلهَا) ، بِفَتْح الْحَاء، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني بِكَسْرِهَا، وَهُوَ يَقع على الزَّمَان وَالْمَكَان.
8 -
(بابُ مَنْ أهْدَى إِلَى صاحِبِهِ وتَحَرَّى بعْضَ نِسائِهِ دُونَ بَعْضٍ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان إهداء من أهْدى إِلَى أحد من أَصْحَابه، وتحرى أَي قصد بعض نِسَائِهِ، يَعْنِي: أَرَادَ أَن يكون إهداؤه إِلَى صَاحبه يَوْم يكون صَاحبه عِنْد وَاحِدَة مِنْهُنَّ.
0852 -
حدَّثنا سُلَيْمانُ بنُ حَرْبٍ قَالَ حدَّثنا حمَّادُ بنُ زَيْدٍ عنْ هِشَامٍ عنْ أبِيهِ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهَا قالَتْ كانَ النَّاسُ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمِي وقالتْ أمُّ سَلَمَةَ إنَّ صَواحِبِي اجْتَمَعْنَ فذَكَرَتْ لَهُ فأعْرَضَ عَنْها.
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من معنى قَول عَائِشَة: (كَانَ النَّاس يتحرون بهداياهم يومي) وَهِشَام هُوَ ابْن عُرْوَة يروي عَن أَبِيه عُرْوَة ابْن الزبير، وَفِي بعض النّسخ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ هُنَا مُخْتَصرا. وَأخرجه فِي فضل عَائِشَة مطولا على مَا سَيَأْتِي، إِن شَاءَ الله تَعَالَى. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي المناقب عَن يحيى بن درست.
قَوْله: (يومي)، أَي: يَوْم نوبتي لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَأم سَلمَة هِيَ هِنْد إِحْدَى زَوْجَات النَّبِي صلى الله عليه وسلم. قَوْله:(إِن صواحبي) أَرَادَت بِهِ بَقِيَّة أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَكَانَ اجتماعهن عِنْد أم سَلمَة، وقلن لَهَا: خبِّري رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن يَأْمر النَّاس بِأَن يهدوا لَهُ حَيْثُ كَانَ، فَذكرت ذَلِك أم سَلمَة لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَأَعْرض عَنْهَا، يَعْنِي: لم يلْتَفت إِلَى مَا قَالَت لَهُ، ويروى: فَأَعْرض عَنْهُن، أَي: عَن أَزوَاجه الْبَقِيَّة، وَذكر ابْن سعد فِي (طَبَقَات النِّسَاء) من حَدِيث أم سَلمَة، قَالَت: كَانَ الْأَنْصَار يكثرون إلطاف رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، سعد بن عبَادَة وَسعد بن معَاذ وَعمارَة بن حزم وَأَبُو أَيُّوب، وَذَلِكَ لقرب جوارهم من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.
1852 -
حدَّثنا إسْمَاعِيلُ قَالَ حدَّثني أخِي عنْ سُلَيْمَانَ عنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ عنْ أبِيهِ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهَا أنَّ نِسَاءَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم كُنَّ حِزْبَيْنِ فَحزْبٌ فيهِ عائِشَةُ وحَفْصَةُ وصَفِيَّةُ وسَوْدَةُ والحِزْبُ الآخَرُ أُمُّ سَلَمَةَ وسَائرُ نِساءِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وكانَ المُسْلِمُونَ قدْ عَلِمُوا حُبَّ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم عائِشَةَ فإذَا كانتْ عِنْدَ أحدهِمْ هَدِيَّةٌ يُرِيدُ أنْ يُهْدِيهَا إِلَى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أخَّرَهَا حتَّى إذَا كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا بَعَثَ صاحِبُ الهَدِيَّةِ إِلَى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهَا فَكلَّمَ حِزْبُ أُمِّ سَلَمَةَ فَقُلْنَ لَهَا كَلِّمِي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يُكَلِّمُ النَّاسَ فيقُولُ مَنْ أَرَادَ أنْ يُهْدِيَ إِلَى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم هدِيَّةً فلْيُهْدِها إليْهِ حَيْثُ كانَ مِنْ بُيُوتِ نِسائِهِ فَكَلَّمَتْهُ أُمُّ سَلمَة بِما قُلْنَ فَلَمْ يَقُلْ لَهَا شَيْئاً فسَألْنَها فقالَتْ مَا قَالَ لِي شَيْئاً فقُلْنَ
لَهَا فَكَلِّميهِ قالَتْ فكلَّمْتُهُ حِينَ دارَ إلَيْها أَيْضا فلَمْ يَقُلْ لَها شَيْئاً فسألْنَها فقالَتْ مَا قالَ لِي شَيئاً فقُلْنَ لَها كَلِّمِيهِ حتَّى يُكَلِّمَكِ فدَارَ إليْها فكلَّمَتْهُ فَقَالَ لَهَا لَا تُؤْذِيني فِي عائِشَةَ فإنَّ الوَحْيَ لَمْ يَأْتِني وَأَنا فِي ثوْبِ امْرَأةٍ إلَاّ عائِشَةَ قالتْ فقالتْ أتُوبُ إلاى الله مِنْ أذاكَ يَا رسوُلَ الله ثُمَّ إنَّهُنَّ دَعَوْنَ فاطِمَةَ بِنْتَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فأرسلَتْ إِلَى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم تقُولُ إنَّ نِساءَكَ يَنْشُدْنَكَ الله العَدْلَ فِي بِنْتِ أبِي بَكْرٍ فكَلَّمَتْهُ فَقَالَ يَا بُنَيَّةَ ألَا تُحِبِّينَ مَا أُحِبُّ قالَتْ بَلاى فرَجَعَتْ إلَيْهِنَّ فأخْبَرَتْهُنَّ فقُلْنَ ارْجِعِي إلَيْهِ فأبَتْ أنْ تَرْجِعَ فأرْسَلْنَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ فأتَتْهُ فأغْلَظَتْ وقالتْ إنَّ نِسَاءَكَ يَنْشُدْنَكَ الله العَدْلَ فِي بِنْتِ ابنِ أبِي قُحَافَةَ فرَفَعَتْ صَوْتَها حتَّى تَناوَلَتْ عائِشَةَ وهِيَ قاعِدَةٌ فَسَبَّتْهَا حتَّى أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لَيَنْظُرُ إِلَى عائِشَةَ هَلْ تَكلَّمُ قَالَ فتَكَلَّمَتْ عائِشَةُ تَرُدُّ علَى زَيْنَبَ حتَّى أسْكَتَتْهَا قالتْ فَنَظَرَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِلَى عائشةَ وَقَالَ إنَّها بِنْتُ أبِي بَكْرٍ.
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (وَكَانَ الْمُسلمُونَ قد علمُوا. .) إِلَى قَوْله: (إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فِي بَيت عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا) .
ذكر رِجَاله وهم سِتَّة: الأول: إِسْمَاعِيل بن أبي أويس. الثَّانِي: أَخُوهُ، هُوَ أَبُو بكر عبد الحميد ابْن أبي أويس، مر فِي الْعلم. الثَّالِث: سُلَيْمَان بن بِلَال، مر فِي الْإِيمَان. الرَّابِع: هِشَام بن عُرْوَة. الْخَامِس: عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام. السَّادِس: أم الْمُؤمنِينَ عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.
ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وبصيغة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع. وَفِيه: العنعنة فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع. وَفِيه: القَوْل فِي مَوضِع وَاحِد. وَفِيه: أَن رُوَاته كلهم مدنيون. وَفِيه: رِوَايَة الْأَخ عَن الْأَخ. وَفِيه: رِوَايَة الابْن عَن الْأَب وَقد تَابع البُخَارِيّ فِي السَّنَد الْمَذْكُور حميد بن زَنْجوَيْه فِي رِوَايَة أبي نعيم، وَإِسْمَاعِيل القَاضِي فِي رِوَايَة أبي عوَانَة فروياه عَن إِسْمَاعِيل كَمَا قَالَ، وَخَالفهُم مُحَمَّد بن يحيى الذهلي فَرَوَاهُ إِسْمَاعِيل: حَدثنِي سُلَيْمَان، فَحذف الْوَاسِطَة بَين إِسْمَاعِيل وَسليمَان، وَهُوَ أَخُو إِسْمَاعِيل: عبد الحميد.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (حزبين) ، تَثْنِيَة حزب، وَهُوَ الطَّائِفَة وَيجمع على أحزاب. قَوْله:(عَائِشَة) ، هِيَ بنت أبي بكر الصّديق، (وَحَفْصَة) هِيَ بنت عمر بن الْخطاب، (وَصفِيَّة) بنت حييّ الْخَيْبَرِية. (وَسَوْدَة) بنت زَمعَة العامرية. قَوْله:(أم سَلمَة)، هِيَ بنت أبي أُميَّة. قَوْله:(وَسَائِر نسَاء رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَي: وَبَقِيَّة نِسَائِهِ، صلى الله عليه وسلم، وَهِي الْأَرْبَع: زَيْنَب بنت جحش الأَسدِية، ومَيْمُونَة بنت الْحَارِث الْهِلَالِيَّة، وَأم حَبِيبَة رَملَة بنت أبي سُفْيَان الأموية، وَجُوَيْرِية بنت الْحَارِث الْمُصْطَلِقِيَّة. قَوْله: (يكلم النَّاس)، يجوز بِالْجَزْمِ وبالرفع. قَوْله:(فَيَقُول)، تَفْسِير لقَوْله: يكلم. قَوْله: (فليهدها إِلَيْهِ)، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: فليهد، بِلَا ضمير. قَوْله:(بِمَا قُلْنَ)، أَي: بِالَّذِي قلنه. قَوْله: (حِين دَار إِلَيْهَا)، أَي: إِلَى عَائِشَة أَرَادَ يَوْم كَونه، صلى الله عليه وسلم، فِي نوبَة عَائِشَة فِي بَيتهَا. قَوْله:(فكلمته)، أَي: فكلمت أم سَلمَة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:(لَا تؤذيني فِي عَائِشَة)، كلمة: فِي، هَهُنَا للتَّعْلِيل، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى:{فذلكن الَّذِي لمتنني فِيهِ} (يُوسُف: 23) . وَفِي الحَدِيث: أَن امْرَأَة دخلت النَّار فِي هرة حبستها. قَوْله: (قَالَت: فَقَالَت)، أَي: قَالَت عَائِشَة فَقَالَت أم سَلمَة: أَتُوب إِلَى الله. قَوْله: (ثمَّ إنَّهُنَّ) أَي: إِن نسَاء النَّبِي اللَّاتِي هن الحزب الآخر. قَوْله: (دعون)، أَي: طلبن فَاطِمَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: دعين قَوْله: (تَقول)، أَي: فَاطِمَة تَقول لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (إِن نِسَاءَك ينشدنك الله الْعدْل) أَي: يسألنك بِاللَّه الْعدْل، وَمَعْنَاهُ: التَّسْوِيَة بَينهُنَّ فِي كل شَيْء من الْمحبَّة وَغَيرهَا، هَكَذَا قَالَه بَعضهم، وَلَكِن الْمَعْنى التَّسْوِيَة بَينهُنَّ فِي الْمحبَّة الْمُتَعَلّقَة بِالْقَلْبِ، لِأَنَّهُ كَانَ يُسَوِّي بَينهُنَّ فِي الْأَفْعَال المقدورة. وَأَجْمعُوا على أَن محبتهن
لَا تَكْلِيف فِيهَا وَلَا يلْزمه فِيهَا لِأَنَّهَا لَا قدرَة عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا يُؤمر بِالْعَدْلِ فِي الْأَفْعَال، حَتَّى اخْتلفُوا فِي أَنه: هَل يلْزمه الْقسم بَين الزَّوْجَات أم لَا؟ وَفِي رِوَايَة الْأصيلِيّ: يناشدنك الله الْعدْل، وَفِي رِوَايَة مُسلم عَن ابْن شهَاب: أَخْبرنِي مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن ابْن الْحَارِث بن هِشَام، قَالَت: أرْسلت أَزوَاج النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، فَاطِمَة بنت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فاستأذنت عَلَيْهِ وَهُوَ مُضْطَجع معي فِي مِرْطِي فَأذن لَهَا، فَقَالَت: يَا رَسُول الله {إِن أَزوَاجك أَرْسلنِي يسألنك الْعدْل فِي بنت أبي قُحَافَة، وَأَنا ساكتة. قَالَت: فَقَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (أَلَسْت تحبين مَا أحب؟) فَقَالَت: بلَى قَالَ: (فأحبي هَذِه) . قَالَت فَاطِمَة حِين سَمِعت ذَلِك من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَرَجَعت إِلَى أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم فأخبرتهن بِالَّذِي قَالَت وَبِالَّذِي قَالَ لَهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَقُلْنَ لَهَا: مَا نرَاك أغنيت عَنَّا من شَيْء، فارجعي إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقولِي لَهُ: إِن أَزوَاجك ينشدنك الْعدْل فِي بنت أبي قُحَافَة، فَقَالَت فَاطِمَة: وَالله لَا ُأكَلِّمهُ فِيهَا أبدا. قَالَت عَائِشَة: فَأرْسل أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم زَيْنَب بنت جحش، زوج النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَهِي الَّتِي كَانَت تساميني مِنْهُنَّ من الْمنزلَة عِنْد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، لم أرَ امْرَأَة قطّ خيرا فِي الدّين من زَيْنَب وَأتقى لله وأصدق حَدِيثا وأوصل للرحم وَأعظم صَدَقَة، وَأَشد ابتذالاً لنَفسهَا فِي الْعَمَل الَّذِي تصدق بِهِ، وتقرب إِلَى الله مَا عدا سُورَة من حِدة كَانَت فِيهَا تسرع الْفَيْئَة، قَالَت: فاستأذنت على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَعَ عَائِشَة على الْحَال الَّذِي دخلت فَاطِمَة عَلَيْهَا وُجُوبهَا فَإِذن لَهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَت: يَا رَسُول الله} إِن أَزوَاجك أرسلنني يسألنك الْعدْل فِي بنت أبي قُحَافَة. قَالَت: ثمَّ وَقعت بِي فاستطالت عَليّ وَأَنا أرقب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وأرقب طرفه: هَل يَأْذَن لي فِيهَا؟ قَالَت: فَلم تَبْرَح زَيْنَب حَتَّى عرفت أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا يكره أَن أنتصر، قَالَت: فَلَمَّا وَقعت بهَا لم أنشبها حَتَّى انهيت عَلَيْهَا. قَالَت: فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَتَبَسم: إِنَّهَا بنت أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَإِنَّمَا سقت حَدِيث مُسلم بِكَمَالِهِ لِأَنَّهُ كالشرح لحَدِيث البُخَارِيّ مَعَ زيادات فِيهِ، وسأشرح بعض مَا فِيهِ. قَوْله:(يَا بنية)، تَصْغِير إشفاق. قَوْله:(فَأَتَتْهُ) أَي: فَأَتَت زَيْنَب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. قَوْله: (فأغلظت) أَي: فِي كَلَامهَا. قَوْله: (فِي بنت أبي قُحَافَة)، بِضَم الْقَاف وَتَخْفِيف الْحَاء الْمُهْملَة وبالفاء: هِيَ كنية وَالِد أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، واسْمه: عُثْمَان بن عَامر بن عَمْرو بن كَعْب بن سعد ابْن تَمِيم بن مرّة بن كَعْب بن لؤَي بن غَالب، وَاسم أبي بكر: عبد الله، يلتقي مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي مرّة بن كَعْب. قَوْله:(حَتَّى تناولت)، أَي: تعرضت. قَوْله: (وَهِي قَاعِدَة) ، جملَة حَالية، أَي: عَائِشَة قَاعِدَة، وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه مُخْتَصرا من طَرِيق عبد الله الْبَهِي: عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة، قَالَت: دخلت عَليّ زَيْنَب بنت جحش فسبتني فردعها النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَأَبت، فَقَالَ: سبيهَا، فسببتها حَتَّى جف رِيقهَا فِي فمها. انْتهى. يحْتَمل أَن تكون هَذِه قَضِيَّة أُخْرَى. قَوْله:(وَقَالَ: إِنَّهَا بنت أبي بكر)، أَي: إِنَّهَا شريفة عَاقِلَة عارفة كأبيها وَقيل: مَعْنَاهُ هِيَ أَجود فهما وأدق نظرا مِنْهَا. وَفِيه: الِاعْتِبَار بِالْأَصْلِ فِي مثل هَذِه الْأَشْيَاء. وَفِيه: لَطِيفَة أُخْرَى، وَهِي، أَنه، صلى الله عليه وسلم، نَسَبهَا إِلَى أَبِيهَا فِي معرض الْمَدْح، ونسبت فِيمَا تقدم إِلَى أبي قُحَافَة حَيْثُ لما أُرِيد النّيل مِنْهَا، ليخرج أَبُو بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ من الْوسط إِذْ ذَاك، وَلِئَلَّا يهيج ذكره الْمحبَّة. قَوْله فِي رِوَايَة مُسلم: تساميني، بِالسِّين الْمُهْملَة أَي: تضاهيني فِي الْمنزلَة من السمو وَهُوَ الِارْتفَاع. قَوْله؛ (مَا عدا سُورَة من حِدة) بِالْحَاء الْمُهْملَة، وَهُوَ العجلة بِالْغَضَبِ، ويروى: من حد، بِدُونِ الْهَاء، وَهُوَ شدَّة الْخلق، وصحف صَاحب (التَّحْرِير) فروى: سَوْدَة، بِالدَّال وَجعلهَا بنت زَمعَة، وَهُوَ ظَاهر الْغَلَط. قَوْله:(تسرع مِنْهَا الْفَيْئَة) ، بِفَتْح الْفَاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الْهمزَة، وَهُوَ الرُّجُوع من: فَاء إِذا رَجَعَ، وَمعنى كَلَامهَا أَنَّهَا كَامِلَة الْأَوْصَاف إلَاّ فِي شدَّة خلق بِسُرْعَة غضب، وَمَعَ ذَلِك يسْرع زَوَالهَا عَنْهَا. قَوْله: لم أنشبها أَي: لم أهملها حَتَّى أنحيت، بالنُّون والحاء الْمُهْملَة، أَي قصدتها بالمعارضة، ويروى: حِين أنحيت، وَرجح القَاضِي هَذِه الرِّوَايَة وَمَا ثمَّ مَوضِع ترجح، ويروى: أثختها بالثاء الْمُثَلَّثَة وَالْخَاء الْمُعْجَمَة وبالنون، أَي: قطعتها وغلبتها. قَوْله: (وَتَبَسم) ، جملَة وَقعت حَالا.
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ فِيهِ: فَضِيلَة عَظِيمَة لعَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا. وَفِيه: أَنه لَا حرج على الرجل فِي إِيثَار بعض نِسَائِهِ بالتحف، وَإِنَّمَا اللَّازِم الْعدْل فِي الْمبيت وَالنَّفقَة وَنَحْو ذَلِك من الْأُمُور اللَّازِمَة، كَذَا رُوِيَ عَن الْمُهلب، وَاعْترض على ذَلِك بِأَنَّهُ