المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب تأخير الظهر إلى العصر) - عمدة القاري شرح صحيح البخاري - جـ ٥

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌(كتاب مَوَاقِيت الصَّلَاة)

- ‌ بَاب مَوَاقِيت الصَّلَاة وفضلها

- ‌(بابٌ قَوْلُ الله تَعَالَى {مُنِيبِينَ إلَيْهِ واتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (الرّوم:

- ‌(بابُ البَيْعَةِ عَلَى إقَامَةِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بابٌ الصَّلَاةُ كَفَّارَةٌ)

- ‌(بابُ فَضْلِ الصَّلَاةِ لوَقْتِهَا)

- ‌(بابٌ الصَلَوَاتُ الخَمْسُ كَفَّارَةٌ)

- ‌(بابُ تَضْيِيعِ الصَّلاةِ عَنْ وَقْتِهَا)

- ‌(بابٌ المصَلِّي يُنَاجِي رَبَّهُ عز وجل

- ‌(بابُ الإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الحَرِّ)

- ‌(بابُ الإبْرَادِ بِالظُهْرِ فِي السفَرِ)

- ‌(بابٌ وَقْتُ الظهْرِ عِنْدَ الزَّوَال)

- ‌(بابُ تَأْخِيرِ الظُّهْرِ إلَى العَصَرِ)

- ‌(بابُ وَقْتِ العَصْرِ. وقَالَ أبُو أُسامَةَ عنْ هِشَامٍ منْ قَعْرِ حُجْرَتِهَا)

- ‌(بابُ إثْمِ مَنْ تَرَكَ العَصْرَ)

- ‌(بابُ منْ أدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ العَصْرِ قَبْلَ الغُرُوبِ)

- ‌(بابُ وقْتِ المغْرَبَ)

- ‌(بابُ مَنْ كَرِهَ أنْ يُقَالَ لِلْمَغْرِبِ العِشَاءُ)

- ‌(بابُ ذِكْرِ العِشَاءِ والعَتْمَةِ ومَنْ رَآهُ واسِعا)

- ‌(بابُ وَقْتِ العِشَاءِ إذَا اجْتَمَعَ النَّاسُ أوْ تَأَخَّرُوا

- ‌(بابُ وَقْتِ العِشَاءِ إذَا اجْتَمَعَ النَّاسُ أوْ تَأَخَّرُوا

- ‌‌‌(يايُ فَضْلِ العِشَاءِ

- ‌(يايُ فَضْلِ العِشَاءِ

- ‌(بابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ النَّوْمِ قَبْلَ العِشَاءِ)

- ‌(بابُ النَّوْمِ قَبْلَ العِشَاءِ لِمَنْ غُلِبَ)

- ‌(بابُ وقْتِ العِشَاءِ إلَى نِصْفِ الليْلِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ صَّلَاةِ الفَجْرِ)

- ‌(بابُ وقتِ الفَجْرِ)

- ‌(بابُ منْ أدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الفَجْرِ)

- ‌(بابُ مَنْ أدْرَكَ مِنَ الصَّلاة رَكْعَةً)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الفَجْرِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ)

- ‌(بابٌ لَا يَتَحَرَّى الصَّلَاةَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يَكْرَهِ الصَّلَاةَ ألَاّ بَعْدَ العَصْرِ والفَجْرِ)

- ‌(بابُ مَا يُصَلَّى بَعْدَ العَصْرِ منَ الفَوَائِتِ وغَيْرِهَا)

- ‌(بابُ التَّبْكِيرِ بِالصَّلَاةِ فِي يَوْمِ غَيْمٍ)

- ‌(بابُ الأَذَانِ بعْدَ ذَهَابِ الوَقْتِ)

- ‌(بابُ مَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ جَمَاعَةً بَعْدَ ذَهَابِ الوَقْتِ)

- ‌(بابُ منْ نَسِيَ صلَاةً فَلْيُصَلِّ إِذا ذَكَرهَا وَلَا يُعِيدُ إلَاّ تِلْكَ الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب قضَاءِ الصَّلَوَاتِ الأُولَى فَالأُولَى)

- ‌(بابُ مَا يُكْرَهُ منَ السَّمَرِ بَعْدَ العِشَاءِ)

- ‌(بابُ السَّمَرِ فِي الفِقْهِ والخَيْرِ بَعْدَ العِشَاءِ)

- ‌(بابُ السَّمَرِ معَ الضَّيْفِ والأَهْلِ)

- ‌(بابُ السَّمَرِ معَ الضَّيْفِ والأَهْلِ)

- ‌(كِتَابُ الأذَانِ)

- ‌(بابُ بِدْءَ الأَذَانِ)

- ‌‌‌(بابٌ الأَذان مَثْنَى مَثْنَى)

- ‌(بابٌ الأَذان مَثْنَى مَثْنَى)

- ‌(بابٌ الإِقامَةُ واحِدَةٌ إِلَاّ قَوْلَهُ قَدْ قامَتِ الصَّلَاةُ)

- ‌(بابُ فَضْلِ التَّأذِينِ)

- ‌(بابُ رَفْعِ الصَّوْتِ بالنِّدَاءِ)

- ‌(بابُ مَا يُحْقَنُ بِالآذَانِ مِنَ الدِّمَاءِ)

- ‌(بابُ مَا يَقُولُ إذَا سَمِعَ المُنَادِي)

- ‌(بابُ الدُّعاءِ عِنْدَ النِّدَاءِ)

- ‌(بابُ الاستِهَامِ فِي الأذَانِ)

- ‌(بابُ الكَلَامِ فِي الأذَانِ)

- ‌(بابُ أَذانِ الأعْمَى إذَا كانَ لهُ مَنْ يُخْبِرِهِ)

- ‌(بابُ الآذَانِ بَعْدَ الفَجْرِ)

- ‌(بابُ الأذَانِ قَبْلَ الفَجْرِ)

- ‌(بابُ مَنِ انْتَظَرَ الإقَامَةَ)

- ‌(بابٌ هَل يُتْبِعُ المُؤَذِّنُ فاهُ هَهنا وهَهُنا وهَلْ يَلْتَفِتُ فِي الأَذَانِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الرَّجلِ فاتَتْنَا الصلاةُ)

- ‌(بابٌ لَا يَسْعَى إلَى الصَّلَاةِ وَلْيَأْتِ بالسَّكِينَةِ والوَقارِ)

- ‌(بابٌ مَتَى يَقُومُ النَّاسُ إذَا رَأوُا الإِمامَ عِنْدَ الإِقَامَةِ)

- ‌(بابٌ لَا يَسْعَى إلَى الصَّلَاةِ مُسْتَعْجِلاً وَلْيُقِمْ بِالسَّكِينَةِ والوَقَارِ)

- ‌(بابٌ هَلْ يَخْرُجُ مِنَ المَسْجِدِ لِعِلَّةٍ

- ‌(بابٌ إذَا قالَ الإمامُ مكانَكُمْ حَتَّى نَرْجِعَ انْتَظِرُوه)

- ‌(بابُ قَوْلِ الرَّجلِ مَا صَلَّيْنا)

- ‌(بابُ الإمامِ تَعْرِضُ لَهُ الحاجَةُ بَعْدَ الإِقَامَةِ)

- ‌(بابُ وُجُوبِ صَلَاةِ الجَمَاعَةِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ صَلَاةِ الجَمَاعَةِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ صَلَاةِ الفَجْرِ فِي جَمَاعةٍ)

- ‌(بابُ فَضْلِ التَّهْجِيرِ إلَى الظُّهْرِ)

- ‌(بابُ احْتِسَابِ الآثَارِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ صَلَاةِ العِشَاءِ فِي الجَمَاعَةِ)

- ‌(بابٌ اثْنان فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ)

- ‌(بابُ مَنْ جَلَسَ فِي المَسْجِد يَنْتَظَرُ الصَّلاةَ وفَضْلِ المسَاجِدِ)

- ‌(بابُ فَضْل منْ غَدَا إِلَى المَسْجِدِ ومنْ راحَ)

- ‌(بابٌ إذَا أُقِيمَتِ الصلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إلَاّ المَكْتُوبَةُ)

- ‌(بابُ حَدِّ المَرِيضِ أنْ يَشْهَدَ الجَمَاعَةَ)

- ‌(بابُ الرُّخْصَةِ فِي المَطَرِ والعِلَّةِ أنْ يُصَلِّيَ فِي رَحْلِهِ)

- ‌(بابٌ هَلْ يُصَلِّي الإِمامُ بِمَنْ حَضَرَ وهَلْ يَخْطُبُ يَوْمَ الجُمُعَةِ فِي المَطَرِ)

- ‌(بابٌ إذَا حَضَرَ الطَّعَامُ وأُقِيمتِ الصَّلَاةُ)

- ‌(بابُ إذَا دُعِيَ الإمامُ إلَى الصَّلَاةِ وَبِيَدِهِ مَا يأكُلُ)

- ‌(بابُ منْ كانَ فِي حاجَةِ أهْلِهِ فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَخَرَجَ)

- ‌(بابُ مَنْ صَلَّى بالنَّاسِ وَهْوَ لَا يُرِيدُ إلَاّ أنْ يُعَلِّمَهُمْ صَلَاةَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وسُنَّتَهْ)

- ‌(بابٌ أهْلُ العِلْمِ والفَضْلِ أحَقُّ بِالإمَامةِ)

- ‌(بابُ منْ قامَ إلَى جَنْبِ الإمَامِ لِعِلَّةٍ)

- ‌(بابُ مَنْ دَخَلَ لِيَؤُمَّ الناسَ فَجَاءَ الإمامُ الأوَّلُ فَتَأخَّرَ الأوَّلُ أوْ لَمْ يَتَأخَّرْ جازَتْ صَلَاتُهُ)

- ‌(بابٌ إذَا اسْتَوَوْا فِي القِرَاءَةِ فَلْيَؤُمَّهُمْ أكْبَرُهُمْ)

- ‌(بابٌ إِذا زَارَ الإمامُ قَوْما فَأمَّهُمْ)

- ‌(بابٌ إنَّمَا جُعِلَ الإمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ)

- ‌(بابُ مَتَى يَسْجُدُ مَنْ خَلْفَ الإمَامِ)

- ‌(بابُ إثْمِ مَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الإمَامِ)

- ‌(بابُ إمامَةِ العَبْدِ والمَوْلَى)

- ‌(بابٌ إذَا لَمْ يُتِمَّ الإمَامُ وَأَتَم مَنْ خَلْفَهُ)

- ‌(بابُ إمَامَةِ المَفْتُونِ والمُبْتَدِعِ)

- ‌(بابٌ يَقُومُ عنْ يَمِينِ الإمَامِ بِحِذَائِهِ سَوَاءً إذَا كانَا اثْنَيْنِ)

- ‌(بابٌ إذَا قامَ الرَّجُلُ عنْ يَسارِ الإمَامِ فَحَوَّلَهُ الإمَامُ إلَى يَمِينِهِ لَمْ تَفْسُدْ صلَاتُهُمَا)

- ‌(بابٌ إذَا لَمْ يَنْوِ الإمَامْ أَن يَؤُمَّ ثُمَّ جاءَ قَوْمٌ فَأَمَّهُمْ)

- ‌(بابٌ إذَا طَوَّلَ الإمامُ وكانَ لِلرَّجُلِ حاجَةٌ فَخَرَجَ فَصَلَّى)

- ‌(بابُ تَخْفِيفِ الإمَامِ فِي القِيامِ وإتْمَامِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ)

- ‌(بابٌ إذَا صَلَّى لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شاءَ)

- ‌(بابُ منْ شكا إمامَهُ إذَا طَوَّلَ)

- ‌(بابُ الإيجَازِ فِي الصَّلاةِ وَإكْمَالِهَا)

- ‌(بابُ منْ أخَفَّ الصَّلَاةَ عِنْدَ بُكَاءِ الصّبِيِّ)

- ‌(بابُ إذَا صَلَّى ثُمَّ أمَّ قَوْما)

- ‌(بابُ مَنْ أسْمَعَ النَّاسَ تَكْبِيرَ الإمَامِ)

- ‌(بابٌ الرَّجُلُ يَأتَمُّ بالإمَامِ ويأتَمُّ النَّاسُ بِالمَأمُومِ)

- ‌(بابٌ هِلْ يَأخُذُ الإمَامُ إذَا شَكَّ بِقَوْلِ الناسِ)

- ‌(بابٌ إذَا بَكَى الإمامُ فِي الصَّلاةِ

- ‌(بابُ إقْبَالِ الإمامِ النَّاسَ عِنْدَ تَسْوِيَةِ الصُفُوفِ)

- ‌(بابُ الصَّفِّ الأَوَّلِ)

- ‌(بابٌ إقامةُ الصَّف مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بابُ إثْمِ مَنْ لَمْ يُتِمَّ الصُّفُوفَ)

- ‌(بابُ الصَاقِ المَنْكِبِ بِالمَنْكِبِ والقَدَم بالقَدَمِ فِي الصَّفِّ)

- ‌(بابٌ إِذا قامَ الرَّجُلُ عَنْ يَسَارِ الإمَامِ وَحَوَّلَهُ الإمامُ خَلْفَهُ إلَى يَمِينِهِ تَمَّتْ صلاتُهُ)

- ‌(بابٌ المَرْأةُ وَحْدَهَا تَكُونُ صَفّا)

- ‌(بابُ مَيْمَنَةِ المَسْجِدِ والإمَامِ)

- ‌(بابٌ إذَا كانَ بَيْنَ الإمَامِ وبَيْنَ القَوْمِ حائِطٌ أوْ سُتْرَةٌ)

- ‌(بابُ صَلَاةِ اللَّيْلِ)

- ‌(أبْوابُ صِفَةُ الصَّلَاةِ)

- ‌(بابُ إيجَاب التَّكبِيرِ وَافْتِتَاحِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بابُ رَفْعِ اليَدَيْنِ فِي التَّكْبِيرَةِ الأولَى مَعَ الافْتِتَاحِ سَوَاءً)

- ‌(بابُ رَفْعِ اليَدَيْنِ إذَا كَبَّرَ وإذَا رَكَعَ وإذَا رَفَعَ)

- ‌(بابُ إلَى أيْنَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ)

- ‌(بابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ إذَا قامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ)

- ‌(بابُ وَضْعِ اليُمْنَى عَلَى اليُسْرَى فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بابُ الخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بابُ مَا يَقُولُ بَعْدَ التَّكْبِيرِ)

- ‌(بابُ رَفْعِ البَصَرِ إلَى الإمَامِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب رفع الْبَصَر إِلَى السَّمَاء فِي الصَّلَاة)

- ‌(بَاب الِالْتِفَات فِي الصَّلَاة)

الفصل: ‌(باب تأخير الظهر إلى العصر)

ابْن عبد الرَّحْمَن الْكُوفِي الْعَبْدي، وَلم يخرج لَهما البُخَارِيّ شَيْئا، وَأما خَالِد السّلمِيّ الْمَذْكُور هُنَا فَلَيْسَ لَهُ ذكر فِي هَذَا الْكتاب إِلَّا فِي هَذَا الْموضع، وَهُوَ من أَفْرَاد البُخَارِيّ. وَفِيه: أَن راوييه مروزيان والبقية بصريون.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره. أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الصَّلَاة عَن أبي الْوَلِيد هِشَام بن عبد الْملك ومسدد، فرقهما، كِلَاهُمَا عَن بشر بن الْمفضل. وَأخرجه مُسلم فِيهِ عَن يحيى بن يحيى. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن أَحْمد بن حَنْبَل. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن أَحْمد ابْن مُحَمَّد عَن ابْن الْمُبَارك وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن سُوَيْد بن نصر عَن ابْن الْمُبَارك. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن إِسْحَاق ابْن إِبْرَاهِيم عَن بشر بن الْمفضل.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (بالظهائر) جمع: ظهيرة، وَهِي الهاجرة. وَأَرَادَ بهَا: الظّهْر، وَجَمعهَا نظرا إِلَى ظهر الْأَيَّام. قَوْله:(سجدنا على ثيابنا) ، كَذَا فِي رِوَايَة أبي ذَر، والأكثرين، وَفِي رِوَايَة كَرِيمَة:(فسجدنا)، بِالْفَاءِ العاطفة على مُقَدّر نَحْو: فرشنا الثِّيَاب فسجدنا عَلَيْهَا. قَوْله: (اتقاء الْحر) أَي: لأجل اتقاء الْحر، وانتصابه على التَّعْلِيل، والاتقاء: مصدر من: اتَّقى، يَتَّقِي، وَأَصله: اوتقى، لِأَنَّهُ من: وقى. فَنقل إِلَى بَاب الافتعال، ثمَّ قلبت: الْوَاو تَاء وأدغمت التَّاء فِي التَّاء، فَصَارَ: اتَّقى، وأصل الاتقاء: الاوتقاء، فَفعل بِهِ مَا فعل بِفِعْلِهِ. وَقَالَ الْكرْمَانِي: والاتقاء مُشْتَقّ من الْوِقَايَة، أَي: وقاية لأنفسنا من الْحر، أَي: احْتِرَازًا مِنْهُ. قلت: الْمصدر يشتق مِنْهُ الْأَفْعَال وَلَا يُقَال لَهُ: مُشْتَقّ، لِأَنَّهُ مَوضِع صُدُور الْفِعْل، كَمَا تقرر فِي مَوْضِعه. وَقد ذكرنَا مَا يتَعَلَّق بِالْأَحْكَامِ الَّتِي فِيهِ فِي بَاب السُّجُود على الثَّوْب فِي شدَّة الْحر.

12 -

(بابُ تَأْخِيرِ الظُّهْرِ إلَى العَصَرِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان تَأْخِير صَلَاة الظّهْر إِلَى أول وَقت الْعَصْر، وَالْمرَاد أَنه لما فرغ من صَلَاة الظّهْر دخل وَقت صَلَاة الْعَصْر وَلَيْسَ المُرَاد أَنه جمع بَينهمَا فِي وَقت وَاحِد.

543 -

حدَّثنا أبُو النُّعْمَانِ قَالَ حدَّثنا حَمَّادٌ هُوَ ابنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بنِ دِينَارٍ عنْ جَابِرِ بنِ زَيْدٍ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم صلى بِالمَدِينَةِ سَبْعا وَثَمَانِيا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ والمَغْرِبَ والعِشَاءَ فَقَالَ أيُّوبُ لعَلَّهُ فِي لَيْلَةٍ مَطِيرَةٍ قَالَ عَسَى.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (سبعا وثمانيا)، لِأَن المُرَاد من قَوْله:(سبعا) الْمغرب وَالْعشَاء، وَمن قَوْله:(ثمانيا) الظّهْر وَالْعصر، على مَا نذكرهُ، إِن شَاءَ الله تَعَالَى، وَذَلِكَ أَنه أخر الْمغرب إِلَى آخر وقته، فحين فرغ مِنْهُ دخل وَقت الْعشَاء، وَكَذَلِكَ أخر الظّهْر إِلَى آخر وقته، فَلَمَّا صلاهَا خرج وقته وَدخل وَقت الْعَصْر صلى الْعَصْر، فَهَذَا الْجمع الَّذِي قَالَه أَصْحَابنَا: إِنَّه جمع فعلا لَا وقتا. وَقيل: أَشَارَ البُخَارِيّ إِلَى إِثْبَات القَوْل باشتراك الْوَقْتَيْنِ. قلت: لَا نسلم ذَلِك، لِأَن من تَأْخِير الظّهْر إِلَى الْعَصْر لَا يفهم ذَلِك وَلَا يستلزمه.

ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: أَبُو النُّعْمَان مُحَمَّد بن الْفضل. الثَّانِي: حَمَّاد بن زيد. الثَّالِث: عَمْرو بن دِينَار. الرَّابِع: جَابر بن زيد أَبُو الشعْثَاء، تقدم فِي بَاب الْغسْل بالصاع. الْخَامِس: أنس بن مَالك، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين. وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: أَن رُوَاته بصريون مَا خلا عَمْرو بن دِينَار، فَإِنَّهُ مكي.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه أَيْضا فِي صَلَاة اللَّيْل عَن عَليّ بن عبد الله. وَأخرجه مُسلم فِيهِ عَن أبي بكر بن أبي شيبَة عَن سُفْيَان بِهِ، وَعَن أبي الرّبيع الزهْرَانِي عَن حَمَّاد. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن سُلَيْمَان ابْن حَرْب ومسدد وَعَمْرو بن عون، ثَلَاثَتهمْ عَن حَمَّاد بِهِ. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن قُتَيْبَة عَن سُفْيَان بِهِ، وَعَن حَمَّاد بِهِ، وَعَن مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى عَن خَالِد عَن ابْن جريج عَن عَمْرو بن دِينَار نَحوه، وَعَن أبي عَاصِم.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (سبعا) أَي: سبع رَكْعَات، ثَلَاثًا للمغرب وأربعا للعشاء، وثمان رَكْعَات لِلظهْرِ وَالْعصر، وَفِي الْكَلَام لف وَنشر. قَوْله:(الظّهْر) وَمَا عطف عَلَيْهِ، منصوبات إِمَّا بدل أَو عطف بَيَان أَو على الِاخْتِصَاص أَو على نزع الخافص: أَي: لِلظهْرِ وَالْعصر. قَوْله: (أَيُّوب) هُوَ: أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ، وَالْمقول لَهُ هُوَ جَابر بن زيد. قَوْله:(لَعَلَّه) أَي: لَعَلَّ هَذَا التَّأْخِير كَانَ فِي لَيْلَة

ص: 30

مطيرة، بِفَتْح الْمِيم وَكسر الطَّاء، أَي: كَثِيرَة الْمَطَر. قَوْله: (قَالَ: عَسى) أَي: قَالَ جَابر بن زيد: عَسى ذَلِك كَانَ فِي اللَّيْلَة الْمَطِيرَة، فاسم عَسى وَخَبره محذوفان.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: تَكَلَّمت الْعلمَاء فِي هَذَا الحَدِيث، فأوله بَعضهم على أَنه جمع بِعُذْر الْمَطَر، وَيُؤَيّد هَذَا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا القعْنبِي عَن مَالك عَن أبي الزبير الْمَكِّيّ عَن سعيد بن جُبَير عَن عبد الله بن عَبَّاس، قَالَ:(صلى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الظّهْر وَالْعصر جَمِيعًا وَالْمغْرب وَالْعشَاء جَمِيعًا فِي غير خوف وَلَا سفر. قَالَ مَالك: أرى ذَلِك كَانَ فِي مطر) . وَأخرجه مُسلم وَالنَّسَائِيّ، وَلَيْسَ فِيهِ كَلَام مَالك، رحمه الله. وَقَالَ الْخطابِيّ: وَقد اخْتلف النَّاس فِي جَوَاز الْجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ للمطر فِي الْحَضَر فَأَجَازَهُ جمَاعَة من السّلف، رُوِيَ ذَلِك عَن ابْن عمر، وَفعله عُرْوَة بن الزبير، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَابْن الْمسيب وَعمر ابْن عبد الْعَزِيز وَأَبُو بكر بن عبد الرَّحْمَن وَأَبُو سَلمَة وَعَامة فُقَهَاء الْمَدِينَة، وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد بن حَنْبَل، غير أَن الشَّافِعِي اشْترط فِي ذَلِك أَن يكون الْمَطَر قَائِما فِي وَقت افْتِتَاح الصَّلَاتَيْنِ مَعًا، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو ثَوْر وَلم يشْتَرط ذَلِك غَيرهمَا. وَكَانَ مَالك يرى أَن يجمع الممطور فِي الطين وَفِي حَالَة الظلمَة، وَهُوَ قَول عمر بن عبد الْعَزِيز. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَأَصْحَاب الرَّأْي: يُصَلِّي الممطور كل صَلَاة فِي وَقتهَا. قلت: هَذَا التَّأْوِيل ترده الرِّوَايَة الْأُخْرَى (من غير خوف وَلَا مطر) وأوله بَعضهم على أَنه كَانَ فِي غيم فصلى الظّهْر، ثمَّ انْكَشَفَ وَبَان أَن أول وَقت الْعَصْر دخل فَصلاهَا، وَهَذَا بَاطِل لِأَنَّهُ وَإِن كَانَ فِيهِ أدنى احْتِمَال فِي الظّهْر وَالْعصر فَلَا احْتِمَال فِيهِ فِي الْمغرب وَالْعشَاء، وأوله آخَرُونَ على أَنه كَانَ بِعُذْر الْمَرَض أَو نَحوه مِمَّا هُوَ فِي مَعْنَاهُ من الْأَعْذَار. وَقَالَ النَّوَوِيّ وَهُوَ قَول أَحْمد وَالْقَاضِي حُسَيْن من أَصْحَابنَا، وَاخْتَارَهُ الْخطابِيّ وَالْمُتوَلِّيّ وَالرُّويَانِيّ من أَصْحَابنَا، وَهُوَ الْمُخْتَار لتأويله لظَاهِر الحَدِيث، وَلِأَن الْمَشَقَّة فِيهِ أشق من الْمَطَر. قلت: هَذَا أَيْضا ضَعِيف لِأَنَّهُ مُخَالف لظَاهِر الحَدِيث، وتقييده بِعُذْر الْمَطَر تَرْجِيح بِلَا مُرَجّح وَتَخْصِيص بِلَا مُخَصص، وَهُوَ بَاطِل، وَأحسن التأويلات فِي هَذَا وأقربها إِلَى الْقبُول أَنه على تَأْخِير الأولى إِلَى آخر وَقتهَا فَصلاهَا فِيهِ، فَلَمَّا فرغ عَنْهَا دخلت الثَّانِيَة فَصلاهَا، وَيُؤَيّد هَذَا التَّأْوِيل وَيبْطل غَيره مَا رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم من حَدِيث عبد الله بن مَسْعُود، قَالَ:(مَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم صلى صَلَاة لغير وَقتهَا إلَاّ بِجمع، فَإِنَّهُ جمع بَين الْمغرب وَالْعشَاء بِجمع، وَصلى صَلَاة الصُّبْح من الْغَد قبل وَقتهَا) . وَهَذَا الحَدِيث يبطل الْعَمَل بِكُل حَدِيث فِيهِ جَوَاز الْجمع بَين الظّهْر وَالْعصر وَالْمغْرب وَالْعشَاء، سَوَاء كَانَ فِي حضر أَو سفر أَو غَيرهمَا. فَإِن قلت: فِي حَدِيث ابْن عمر: (إِذا جد بِهِ السّير جمع بَين الْمغرب وَالْعشَاء بعد أَن يغيب الشَّفق) ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيره، وَهَذَا صَرِيح فِي الْجمع فِي وَقت إِحْدَى الصَّلَاتَيْنِ. وَقَالَ النَّوَوِيّ: وَفِيه إبِْطَال تَأْوِيل الْحَنَفِيَّة فِي قَوْلهم إِن المُرَاد بِالْجمعِ تَأْخِير الأولى إِلَى آخر وَقتهَا، وَتَقْدِيم الثَّانِيَة إِلَى أول وَقتهَا، وَمثله فِي حَدِيث أنس: إِذا ارتحل قبل أَن تزِيغ الشَّمْس أخر الظّهْر إِلَى وَقت الْعَصْر، ثمَّ نزل فَجمع بَينهمَا، وَهُوَ صَرِيح فِي الْجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقت الثَّانِيَة، وَالرِّوَايَة الْأُخْرَى أوضح دلَالَة وَهِي قَوْله: إِذا أَرَادَ أَن يجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ فِي السّفر أخر الظّهْر حَتَّى يدْخل أول وَقت الْعَصْر، ثمَّ يجمع بَينهمَا. وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى:(وَيُؤَخر الْمغرب حَتَّى يجمع بَينهَا وَبَين الْعشَاء حَتَّى يغيب الشَّفق) . قلت: الْجَواب عَن الأول: أَن الشَّفق نَوْعَانِ: أَحْمَر وأبيض، كَمَا اخْتلف الْعلمَاء من الصَّحَابَة وَغَيرهم فِيهِ، وَيحْتَمل أَنه جمع بَينهمَا بعد غياب الْأَحْمَر فَتكون الْمغرب فِي وَقتهَا على قَول من يَقُول الشَّفق هُوَ الْأَبْيَض، وَكَذَلِكَ الْعشَاء تكون فِي وَقتهَا على قَول من يَقُول الشَّفق هُوَ الْأَحْمَر، وَيُطلق عَلَيْهِ أَنه جمع بَينهمَا بعد غياب الشَّفق، وَالْحَال أَنه صلى كل وَاحِدَة مِنْهُمَا فِي وَقتهَا على اخْتِلَاف الْقَوْلَيْنِ فِي تَفْسِير الشَّفق، وَهَذَا مِمَّا فتح لي من الْفَيْض الإلهي.

وَفِيه: إبِْطَال لقَوْل من ادّعى بطلَان تَأْوِيل الْحَنَفِيَّة فِي الحَدِيث الْمَذْكُور. وَالْجَوَاب عَن الثَّانِي: أَن معنى قَوْله: أخر الظّهْر إِلَى وَقت الْعَصْر أَخّرهُ إِلَى وقته الَّذِي يتَّصل بِهِ وَقت الْعَصْر فصلى الظّهْر فِي آخر وقته، ثمَّ صلى الْعَصْر مُتَّصِلا بِهِ فِي أول وَقت الْعَصْر، فيطلق عَلَيْهِ أَنه جمع بَينهمَا، لكنه فعلا لَا وقتا. وَالْجَوَاب عَن الثَّالِث: أَن أول وَقت الْعَصْر مُخْتَلف فِيهِ كَمَا عرف، وَهُوَ إِمَّا بصيرورة ظلّ كل شَيْء مثله أَو مثلَيْهِ، فَيحْتَمل أَنه أخر الظّهْر إِلَى أَن صَار ظلّ كل شَيْء مثله ثمَّ صلاهَا وَصلى عقيبها الْعَصْر، فَيكون قد صلى الظّهْر فِي وَقتهَا على قَول من يرى أَن آخر وَقت الظّهْر بصيرورة ظلّ كل شَيْء مثله، وَيكون قد صلى الْعَصْر فِي وَقتهَا على قَول من يرى أَن أول

ص: 31