المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب الاستهام في الأذان) - عمدة القاري شرح صحيح البخاري - جـ ٥

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌(كتاب مَوَاقِيت الصَّلَاة)

- ‌ بَاب مَوَاقِيت الصَّلَاة وفضلها

- ‌(بابٌ قَوْلُ الله تَعَالَى {مُنِيبِينَ إلَيْهِ واتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (الرّوم:

- ‌(بابُ البَيْعَةِ عَلَى إقَامَةِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بابٌ الصَّلَاةُ كَفَّارَةٌ)

- ‌(بابُ فَضْلِ الصَّلَاةِ لوَقْتِهَا)

- ‌(بابٌ الصَلَوَاتُ الخَمْسُ كَفَّارَةٌ)

- ‌(بابُ تَضْيِيعِ الصَّلاةِ عَنْ وَقْتِهَا)

- ‌(بابٌ المصَلِّي يُنَاجِي رَبَّهُ عز وجل

- ‌(بابُ الإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الحَرِّ)

- ‌(بابُ الإبْرَادِ بِالظُهْرِ فِي السفَرِ)

- ‌(بابٌ وَقْتُ الظهْرِ عِنْدَ الزَّوَال)

- ‌(بابُ تَأْخِيرِ الظُّهْرِ إلَى العَصَرِ)

- ‌(بابُ وَقْتِ العَصْرِ. وقَالَ أبُو أُسامَةَ عنْ هِشَامٍ منْ قَعْرِ حُجْرَتِهَا)

- ‌(بابُ إثْمِ مَنْ تَرَكَ العَصْرَ)

- ‌(بابُ منْ أدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ العَصْرِ قَبْلَ الغُرُوبِ)

- ‌(بابُ وقْتِ المغْرَبَ)

- ‌(بابُ مَنْ كَرِهَ أنْ يُقَالَ لِلْمَغْرِبِ العِشَاءُ)

- ‌(بابُ ذِكْرِ العِشَاءِ والعَتْمَةِ ومَنْ رَآهُ واسِعا)

- ‌(بابُ وَقْتِ العِشَاءِ إذَا اجْتَمَعَ النَّاسُ أوْ تَأَخَّرُوا

- ‌(بابُ وَقْتِ العِشَاءِ إذَا اجْتَمَعَ النَّاسُ أوْ تَأَخَّرُوا

- ‌‌‌(يايُ فَضْلِ العِشَاءِ

- ‌(يايُ فَضْلِ العِشَاءِ

- ‌(بابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ النَّوْمِ قَبْلَ العِشَاءِ)

- ‌(بابُ النَّوْمِ قَبْلَ العِشَاءِ لِمَنْ غُلِبَ)

- ‌(بابُ وقْتِ العِشَاءِ إلَى نِصْفِ الليْلِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ صَّلَاةِ الفَجْرِ)

- ‌(بابُ وقتِ الفَجْرِ)

- ‌(بابُ منْ أدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الفَجْرِ)

- ‌(بابُ مَنْ أدْرَكَ مِنَ الصَّلاة رَكْعَةً)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الفَجْرِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ)

- ‌(بابٌ لَا يَتَحَرَّى الصَّلَاةَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يَكْرَهِ الصَّلَاةَ ألَاّ بَعْدَ العَصْرِ والفَجْرِ)

- ‌(بابُ مَا يُصَلَّى بَعْدَ العَصْرِ منَ الفَوَائِتِ وغَيْرِهَا)

- ‌(بابُ التَّبْكِيرِ بِالصَّلَاةِ فِي يَوْمِ غَيْمٍ)

- ‌(بابُ الأَذَانِ بعْدَ ذَهَابِ الوَقْتِ)

- ‌(بابُ مَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ جَمَاعَةً بَعْدَ ذَهَابِ الوَقْتِ)

- ‌(بابُ منْ نَسِيَ صلَاةً فَلْيُصَلِّ إِذا ذَكَرهَا وَلَا يُعِيدُ إلَاّ تِلْكَ الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب قضَاءِ الصَّلَوَاتِ الأُولَى فَالأُولَى)

- ‌(بابُ مَا يُكْرَهُ منَ السَّمَرِ بَعْدَ العِشَاءِ)

- ‌(بابُ السَّمَرِ فِي الفِقْهِ والخَيْرِ بَعْدَ العِشَاءِ)

- ‌(بابُ السَّمَرِ معَ الضَّيْفِ والأَهْلِ)

- ‌(بابُ السَّمَرِ معَ الضَّيْفِ والأَهْلِ)

- ‌(كِتَابُ الأذَانِ)

- ‌(بابُ بِدْءَ الأَذَانِ)

- ‌‌‌(بابٌ الأَذان مَثْنَى مَثْنَى)

- ‌(بابٌ الأَذان مَثْنَى مَثْنَى)

- ‌(بابٌ الإِقامَةُ واحِدَةٌ إِلَاّ قَوْلَهُ قَدْ قامَتِ الصَّلَاةُ)

- ‌(بابُ فَضْلِ التَّأذِينِ)

- ‌(بابُ رَفْعِ الصَّوْتِ بالنِّدَاءِ)

- ‌(بابُ مَا يُحْقَنُ بِالآذَانِ مِنَ الدِّمَاءِ)

- ‌(بابُ مَا يَقُولُ إذَا سَمِعَ المُنَادِي)

- ‌(بابُ الدُّعاءِ عِنْدَ النِّدَاءِ)

- ‌(بابُ الاستِهَامِ فِي الأذَانِ)

- ‌(بابُ الكَلَامِ فِي الأذَانِ)

- ‌(بابُ أَذانِ الأعْمَى إذَا كانَ لهُ مَنْ يُخْبِرِهِ)

- ‌(بابُ الآذَانِ بَعْدَ الفَجْرِ)

- ‌(بابُ الأذَانِ قَبْلَ الفَجْرِ)

- ‌(بابُ مَنِ انْتَظَرَ الإقَامَةَ)

- ‌(بابٌ هَل يُتْبِعُ المُؤَذِّنُ فاهُ هَهنا وهَهُنا وهَلْ يَلْتَفِتُ فِي الأَذَانِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الرَّجلِ فاتَتْنَا الصلاةُ)

- ‌(بابٌ لَا يَسْعَى إلَى الصَّلَاةِ وَلْيَأْتِ بالسَّكِينَةِ والوَقارِ)

- ‌(بابٌ مَتَى يَقُومُ النَّاسُ إذَا رَأوُا الإِمامَ عِنْدَ الإِقَامَةِ)

- ‌(بابٌ لَا يَسْعَى إلَى الصَّلَاةِ مُسْتَعْجِلاً وَلْيُقِمْ بِالسَّكِينَةِ والوَقَارِ)

- ‌(بابٌ هَلْ يَخْرُجُ مِنَ المَسْجِدِ لِعِلَّةٍ

- ‌(بابٌ إذَا قالَ الإمامُ مكانَكُمْ حَتَّى نَرْجِعَ انْتَظِرُوه)

- ‌(بابُ قَوْلِ الرَّجلِ مَا صَلَّيْنا)

- ‌(بابُ الإمامِ تَعْرِضُ لَهُ الحاجَةُ بَعْدَ الإِقَامَةِ)

- ‌(بابُ وُجُوبِ صَلَاةِ الجَمَاعَةِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ صَلَاةِ الجَمَاعَةِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ صَلَاةِ الفَجْرِ فِي جَمَاعةٍ)

- ‌(بابُ فَضْلِ التَّهْجِيرِ إلَى الظُّهْرِ)

- ‌(بابُ احْتِسَابِ الآثَارِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ صَلَاةِ العِشَاءِ فِي الجَمَاعَةِ)

- ‌(بابٌ اثْنان فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ)

- ‌(بابُ مَنْ جَلَسَ فِي المَسْجِد يَنْتَظَرُ الصَّلاةَ وفَضْلِ المسَاجِدِ)

- ‌(بابُ فَضْل منْ غَدَا إِلَى المَسْجِدِ ومنْ راحَ)

- ‌(بابٌ إذَا أُقِيمَتِ الصلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إلَاّ المَكْتُوبَةُ)

- ‌(بابُ حَدِّ المَرِيضِ أنْ يَشْهَدَ الجَمَاعَةَ)

- ‌(بابُ الرُّخْصَةِ فِي المَطَرِ والعِلَّةِ أنْ يُصَلِّيَ فِي رَحْلِهِ)

- ‌(بابٌ هَلْ يُصَلِّي الإِمامُ بِمَنْ حَضَرَ وهَلْ يَخْطُبُ يَوْمَ الجُمُعَةِ فِي المَطَرِ)

- ‌(بابٌ إذَا حَضَرَ الطَّعَامُ وأُقِيمتِ الصَّلَاةُ)

- ‌(بابُ إذَا دُعِيَ الإمامُ إلَى الصَّلَاةِ وَبِيَدِهِ مَا يأكُلُ)

- ‌(بابُ منْ كانَ فِي حاجَةِ أهْلِهِ فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَخَرَجَ)

- ‌(بابُ مَنْ صَلَّى بالنَّاسِ وَهْوَ لَا يُرِيدُ إلَاّ أنْ يُعَلِّمَهُمْ صَلَاةَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وسُنَّتَهْ)

- ‌(بابٌ أهْلُ العِلْمِ والفَضْلِ أحَقُّ بِالإمَامةِ)

- ‌(بابُ منْ قامَ إلَى جَنْبِ الإمَامِ لِعِلَّةٍ)

- ‌(بابُ مَنْ دَخَلَ لِيَؤُمَّ الناسَ فَجَاءَ الإمامُ الأوَّلُ فَتَأخَّرَ الأوَّلُ أوْ لَمْ يَتَأخَّرْ جازَتْ صَلَاتُهُ)

- ‌(بابٌ إذَا اسْتَوَوْا فِي القِرَاءَةِ فَلْيَؤُمَّهُمْ أكْبَرُهُمْ)

- ‌(بابٌ إِذا زَارَ الإمامُ قَوْما فَأمَّهُمْ)

- ‌(بابٌ إنَّمَا جُعِلَ الإمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ)

- ‌(بابُ مَتَى يَسْجُدُ مَنْ خَلْفَ الإمَامِ)

- ‌(بابُ إثْمِ مَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الإمَامِ)

- ‌(بابُ إمامَةِ العَبْدِ والمَوْلَى)

- ‌(بابٌ إذَا لَمْ يُتِمَّ الإمَامُ وَأَتَم مَنْ خَلْفَهُ)

- ‌(بابُ إمَامَةِ المَفْتُونِ والمُبْتَدِعِ)

- ‌(بابٌ يَقُومُ عنْ يَمِينِ الإمَامِ بِحِذَائِهِ سَوَاءً إذَا كانَا اثْنَيْنِ)

- ‌(بابٌ إذَا قامَ الرَّجُلُ عنْ يَسارِ الإمَامِ فَحَوَّلَهُ الإمَامُ إلَى يَمِينِهِ لَمْ تَفْسُدْ صلَاتُهُمَا)

- ‌(بابٌ إذَا لَمْ يَنْوِ الإمَامْ أَن يَؤُمَّ ثُمَّ جاءَ قَوْمٌ فَأَمَّهُمْ)

- ‌(بابٌ إذَا طَوَّلَ الإمامُ وكانَ لِلرَّجُلِ حاجَةٌ فَخَرَجَ فَصَلَّى)

- ‌(بابُ تَخْفِيفِ الإمَامِ فِي القِيامِ وإتْمَامِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ)

- ‌(بابٌ إذَا صَلَّى لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شاءَ)

- ‌(بابُ منْ شكا إمامَهُ إذَا طَوَّلَ)

- ‌(بابُ الإيجَازِ فِي الصَّلاةِ وَإكْمَالِهَا)

- ‌(بابُ منْ أخَفَّ الصَّلَاةَ عِنْدَ بُكَاءِ الصّبِيِّ)

- ‌(بابُ إذَا صَلَّى ثُمَّ أمَّ قَوْما)

- ‌(بابُ مَنْ أسْمَعَ النَّاسَ تَكْبِيرَ الإمَامِ)

- ‌(بابٌ الرَّجُلُ يَأتَمُّ بالإمَامِ ويأتَمُّ النَّاسُ بِالمَأمُومِ)

- ‌(بابٌ هِلْ يَأخُذُ الإمَامُ إذَا شَكَّ بِقَوْلِ الناسِ)

- ‌(بابٌ إذَا بَكَى الإمامُ فِي الصَّلاةِ

- ‌(بابُ إقْبَالِ الإمامِ النَّاسَ عِنْدَ تَسْوِيَةِ الصُفُوفِ)

- ‌(بابُ الصَّفِّ الأَوَّلِ)

- ‌(بابٌ إقامةُ الصَّف مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بابُ إثْمِ مَنْ لَمْ يُتِمَّ الصُّفُوفَ)

- ‌(بابُ الصَاقِ المَنْكِبِ بِالمَنْكِبِ والقَدَم بالقَدَمِ فِي الصَّفِّ)

- ‌(بابٌ إِذا قامَ الرَّجُلُ عَنْ يَسَارِ الإمَامِ وَحَوَّلَهُ الإمامُ خَلْفَهُ إلَى يَمِينِهِ تَمَّتْ صلاتُهُ)

- ‌(بابٌ المَرْأةُ وَحْدَهَا تَكُونُ صَفّا)

- ‌(بابُ مَيْمَنَةِ المَسْجِدِ والإمَامِ)

- ‌(بابٌ إذَا كانَ بَيْنَ الإمَامِ وبَيْنَ القَوْمِ حائِطٌ أوْ سُتْرَةٌ)

- ‌(بابُ صَلَاةِ اللَّيْلِ)

- ‌(أبْوابُ صِفَةُ الصَّلَاةِ)

- ‌(بابُ إيجَاب التَّكبِيرِ وَافْتِتَاحِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بابُ رَفْعِ اليَدَيْنِ فِي التَّكْبِيرَةِ الأولَى مَعَ الافْتِتَاحِ سَوَاءً)

- ‌(بابُ رَفْعِ اليَدَيْنِ إذَا كَبَّرَ وإذَا رَكَعَ وإذَا رَفَعَ)

- ‌(بابُ إلَى أيْنَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ)

- ‌(بابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ إذَا قامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ)

- ‌(بابُ وَضْعِ اليُمْنَى عَلَى اليُسْرَى فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بابُ الخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بابُ مَا يَقُولُ بَعْدَ التَّكْبِيرِ)

- ‌(بابُ رَفْعِ البَصَرِ إلَى الإمَامِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب رفع الْبَصَر إِلَى السَّمَاء فِي الصَّلَاة)

- ‌(بَاب الِالْتِفَات فِي الصَّلَاة)

الفصل: ‌(باب الاستهام في الأذان)

الشَّيْخ من حَدِيث ابْن عَبَّاس يرفعهُ: (من سمع النداء فَقَالَ: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله، أبلغه الدرجَة والوسيلة عنْدك، واجعلنا فِي شَفَاعَته يَوْم الْقِيَامَة، إلَاّ وَجَبت لَهُ الشَّفَاعَة) وَفِيه: إِثْبَات الشَّفَاعَة للْأمة صَالحا وطالحا لزِيَادَة الثَّوَاب أَو إِسْقَاط الْعقَاب، لِأَن لَفْظَة: من، عَامَّة، فَهُوَ حجَّة على الْمُعْتَزلَة حَيْثُ خصصوها بالمطيع لزِيَادَة درجاته فَقَط.

(بابُ الاستِهَامِ فِي الأذَانِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم الاستهام أَي: الاقتراع فِي الْأَذَان. قَالَ الْخطابِيّ: وَإِنَّمَا قيل لَهُ الاستهام: لأَنهم كَانُوا يَكْتُبُونَ أَسْمَاءَهُم على سِهَام إِذا اخْتلفُوا فِي الشَّيْء، فَمن خرج سَهْمه غلب، والقرعة أصل من أصُول الشَّرِيعَة فِي حَال من اسْتَوَت دَعوَاهُم فِي الشَّيْء لترجيح أحدهم، وفيهَا تطبيب الْقُلُوب.

ويُذْكَرُ أنَّ أقْوَاما اخْتَلَفُوا فِي الآذَانِ فَأقْرَعَ بَيْنَهُمْ سَعْدٌ

ويروى: (أَن قوما) . قَوْله: (الْأَذَان) أَي: فِي منصب التأذين، يَعْنِي: اخْتلَافهمْ لم يكن فِي نفس الْأَذَان، وَإِنَّمَا كَانَ فِي التأذين، وَالْأَذَان يَأْتِي بِمَعْنى: التأذين، وَسعد هُوَ سعد بن أبي وَقاص، أحد الْعشْرَة المبشرة، وَكَانَ ذَلِك عِنْد فتح الْقَادِسِيَّة فِي خلَافَة عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فِي سنة خمس عشرَة، وَكَانَ سعد يَوْمئِذٍ أَمِيرا على النَّاس. وَذكره البُخَارِيّ هَكَذَا مُعَلّقا، وَأخرجه سعيد ابْن مَنْصُور، وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق أبي عبيد، كِلَاهُمَا عَن هشيم عَن عبد الله بن شبْرمَة قَالَ: تشاح النَّاس فِي الْأَذَان بالقادسية فاختصموا إِلَى سعد بن أبي وَقاص، فأقرع بَينهم، وَهَذَا مُنْقَطع، وَقد وَصله سيف بن عمر فِي (الْفتُوح) والطبري من طَرِيقه: عَنهُ عَن عبد الله بن شبْرمَة عَن شَقِيق وَهُوَ أَبُو وَائِل قَالَ: افتتحنا الْقَادِسِيَّة صدر النَّهَار، فتراجعنا وَقد أُصِيب الْمُؤَذّن، فَذكره وَزَاد: فَخرجت الْقرعَة لرجل مِنْهُم، فَأذن. وَقَالَ الصغاني: الْقَادِسِيَّة قَرْيَة على طَرِيق الْحَاج على مرحلة من الْكُوفَة. وَقيل: مر إِبْرَاهِيم، عليه الصلاة والسلام، بالقادسية فَوجدَ هُنَاكَ عجوزا، فغسلت رَأسه فَقَالَ: قدست من أَرض، فسميت: الْقَادِسِيَّة. وَقيل: سميت بهَا لنزول أهل قادس بهَا، وقادس قَرْيَة بمروالروذ.

615 -

حدَّثنا عَبْدُ اللَّهِ بنُ يُوسُفَ قَالَ أخبرنَا مالِكٌ عنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أبِي بَكْرٍ عنْ أبي صَالِحٍ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ أنَّ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لَوْ يَعْلمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إلَاّ أنْ يَسْتَهِمُوا عليهِ لاستهموا ولَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إلَيْهِ ولَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي العَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لأَتَوْهُمَا ولَوْ حَبْوا. .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (لَو يعلم النَّاس مَا فِي النداء) وَهُوَ الْأَذَان.

ذكر رِجَاله وهم خَمْسَة: عبد الله التنيسِي، وَمَالك ابْن أنس، وَسمي، بِضَم السِّين الْمُهْملَة وَفتح الْمِيم وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف؛ مولى أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام الْقرشِي الْمدنِي، قَتله الحرورية بِقديد سنة ثَلَاثِينَ وَمِائَة، وَأَبُو صَالح ذكْوَان الزيات.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وَاحِد، وبصيغة الْإِخْبَار كَذَلِك فِي مَوضِع، وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: أَن رُوَاته مدنيون مَا خلا شيخ البُخَارِيّ.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الشَّهَادَات عَن إِسْمَاعِيل. وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن يحيى بن يحيى. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن إِسْحَاق بن مُوسَى عَن معن بن عِيسَى. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن عتبَة بن عبد الله وقتيبة فرقهما وَعَن الْحَارِث بن مِسْكين عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم، سبعتهم عَن مَالك بِهِ.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (لَو يعلم النَّاس) قَالَ الطَّيِّبِيّ: وضع الْمُضَارع مَوضِع الْمَاضِي ليُفِيد اسْتِمْرَار الْعلم. قَوْله: (مَا فِي النداء) أَي: الْأَذَان، وَهِي رِوَايَة بشر بن عمر عَن مَالك عِنْد السراج. فَإِن قلت: مَا الْفرق بَين النداء وَالْأَذَان؟ قلت: لَفْظَة الْأَذَان والتأذين أخص من لفظ النداء لُغَة وَشرعا. وَالْفرق بَين الْأَذَان والتأذين أَن التأذين يتَنَاوَل جَمِيع مَا يصدر من الْمُؤَذّن من قَول وَفعل وهيئة وَنِيَّة، وَأما الْأَذَان فَهُوَ حَقِيقَة تعقل بِدُونِ ذَلِك. قَوْله:(والصف الأول) زَاد أَبُو الشَّيْخ فِي رِوَايَة لَهُ

ص: 124

من طَرِيق الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة: (من الْخَيْر وَالْبركَة)، وَالتَّقْدِير: لَو يعلم النَّاس مَا فِي الصَّفّ الأول؟ وَقَالَ الطَّيِّبِيّ: أطلق مفعول: يعلم، وَهُوَ كلمة: مَا، وَلم يبين الْفَضِيلَة مَا هِيَ ليُفِيد ضربا من الْمُبَالغَة، وَأَنه مِمَّا لَا يدْخل تَحت الْوَصْف. قَوْله:(ثمَّ لَا يَجدونَ) ، هَذِه رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والحموي، وَفِي رِوَايَة غَيرهمَا:(لم يَجدوا) . وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَفِي بعض الرِّوَايَات: (لَا يَجدوا)، ثمَّ قَالَ: جوز بَعضهم حذف النُّون بِدُونِ الناصب والجازم، قَالَ ابْن مَالك: حذف نون الرّفْع فِي مَوضِع الرّفْع لمُجَرّد التَّخْفِيف ثَابت فِي اللُّغَة فِي الْكَلَام الفصيح نظمه ونثره. قَوْله: (إِلَّا أَن يستهموا عَلَيْهِ) من الاستهام وَهُوَ الاقتراع، يُقَال: استهموا فسهمهم فلَان سَهْما إِذا أقرعهم، وَقَالَ صَاحب (الْعين) : الْقرعَة مِثَال الظلمَة، الاقتراع، وَقد اقترعوا وتقارعوا وقارعته فقرعته أَي: أصابتني الْقرعَة دونه، وأقرعت بَينهم: إِذا أَمرتهم أَن يقترعوا، وقارعت بَينهم أَيْضا، وَالْأول أصوب، ذكره ابْن التياني فِي (الموعب) وَفِي (التَّهْذِيب) لأَبي مَنْصُور عَن ابْن الْأَعرَابِي: القرع والسبق وَالنَّدْب: الْخطر الَّذِي يستبق عَلَيْهِ. وَقَالَ النَّوَوِيّ: مَعْنَاهُ أَنهم لَو علمُوا فَضِيلَة الْأَذَان وعظيم جَزَائِهِ، ثمَّ لم يَجدوا طَرِيقا يحصلونه بِهِ لضيق الْوَقْت أَو لكَونه لَا يُؤذن لِلْمَسْجِدِ إلَاّ وَاحِد لاقترعوا فِي تَحْصِيله. وَقَالَ الطَّيِّبِيّ: الْمَعْنى: لَو علمُوا مَا فِي النداء والصف الأول من الْفَضِيلَة، ثمَّ حاولوا الاستباق، لوَجَبَ عَلَيْهِم ذَلِك، وأتى: بثم، الْمُؤَذّن بتراخي رُتْبَة الاستباق من الْعلم، وَقدم ذكر الْأَذَان دلَالَة على تهيء الْمُقدمَة الموصلة إِلَى الْمَقْصُود الَّذِي هُوَ المثول بَين يَدي رب الْعِزَّة. قَوْله:(عَلَيْهِ) أَي: على كل وَاحِد من الْأَذَان والصف الأول، وَقد نَازع ابْن عبد الْبر والقرطبي فِي مرجع الضَّمِير، فَقَالَ ابْن عبد الْبر: يرجع إِلَى الصَّفّ الأول لِأَنَّهُ أقرب الْمَذْكُورين. وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: يلْزم مِنْهُ أَن يبْقى النداء ضائعا لَا فَائِدَة لَهُ، بل الضَّمِير يعود على معنى الْكَلَام الْمُتَقَدّم، مثل قَوْله تَعَالَى:{وَمن يفعل ذَلِك يلق أثاما} (الْفرْقَان: 68) . أَي: جَمِيع مَا ذكر. قلت: الصَّوَاب مَعَ الْقُرْطُبِيّ، وَيُؤَيِّدهُ مَا رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق عَن مَالك بِلَفْظ:(لاستهموا عَلَيْهِمَا)، فَدلَّ ذَلِك على صِحَة التَّقْدِير الَّذِي قدرناه. قَوْله:(مَا فِي التهجير) أَي: التَّكْبِير إِلَى الصَّلَوَات. قَالَه الْهَرَوِيّ: وَقَالَ غَيره: المُرَاد التبكير بِصَلَاة الظّهْر، يَعْنِي الأتيان إِلَى صَلَاة الظّهْر فِي أول الْوَقْت، لِأَن التهجير مُشْتَقّ من الهاجرة وَهِي شدَّة الْحر نصف النَّهَار، وَهُوَ أول وَقت الظّهْر. قلت: الصَّوَاب مَعَ الْهَرَوِيّ، لِأَن اللَّفْظ مُطلق وتخصيصه بالاشتقاق لَا وَجه لَهُ. ثمَّ المُرَاد من التبكير إِلَى الصَّلَوَات التهيء والاستعداد لَهَا، وَلَا يلْزم من ذَلِك إِقَامَتهَا فِي أول أَوْقَاتهَا، وَكَيف وَقد أَمر الشَّارِع بالإبراد فِي الظّهْر، والإسفار فِي الْفجْر؟ وَأَيْضًا الهاجرة تطلق على وَقت الظّهْر إِلَى أَن يقرب الْعَصْر، فَإِذا أبرد يصدق عَلَيْهِ أَنه هجر على مَا لَا يخفى. قَوْله:(لاستبقوا إِلَيْهِ) أَي: إِلَى التهجير. وَقَالَ ابْن أبي حَمْزَة: المُرَاد من الاستباق التبكير، بِأَن يسْبق غَيره فِي الْحُضُور إِلَى الصَّلَاة. قَوْله:(مَا فِي الْعَتَمَة) ، وَهِي صَلَاة الْعشَاء، يَعْنِي: لَو يعلمُونَ مَا فِي ثَوَاب أَدَائِهَا وَأَدَاء (الصُّبْح لأتوهما وَلَو حبوا) أَي: وَلَو كَانُوا حابين، من: حبى الصَّبِي إِذا مَشى على أَربع. قَالَه صَاحب (الْمُجْمل) . وَيُقَال: إِذا مَشى على يَدَيْهِ أَو رُكْبَتَيْهِ أَو أسته.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ فِيهِ: فَضِيلَة الْأَذَان وَقد ذكرنَا فِيمَا مضى من ذَلِك. وَفِيه: فَضِيلَة الصَّفّ الأول لاستماع الْقُرْآن إِذا جهر الإِمَام، والتأمين عِنْد فَرَاغه من الْفَاتِحَة، وَالتَّكْبِير عقيب تَكْبِير الإِمَام، وَأَيْضًا يحْتَمل أَن يحْتَاج الإِمَام إِلَى اسْتِخْلَاف عِنْد الْحَدث فَيكون هُوَ خَلِيفَته، فَحصل لَهُ بذلك أجر عَظِيم، أَو يضْبط صفة الصَّلَاة وينقلها وَيعلمهَا النَّاس، وروى مُسلم:(خير صُفُوف الرِّجَال أَولهَا وشرها آخرهَا، وَخير صُفُوف النِّسَاء آخرهَا وشرها أَولهَا) . وَفِي (الْأَوْسَط) للطبراني: (اسْتغْفر صلى الله عليه وسلم للصف الأول ثَلَاث مَرَّات، وَللثَّانِي مرَّتَيْنِ، وللثالث مرّة) . وَعَن جَابر بن سَمُرَة من حَدِيث مُسلم: (أَلا تصفون كَمَا تصف الْمَلَائِكَة عِنْد رَبهَا، يتمون الصَّفّ الأول؟) وَعند ابْن مَاجَه عَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا:(لَا يزَال قوم يتأخرون عَن الصَّفّ الأول حَتَّى يؤخرهم الله إِلَى النَّار) . وَعَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف: (إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ على الصَّفّ الأول) . وَعند ابْن حبَان عَن الْبَراء عَن عَازِب: (إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ على الصَّفّ الأول) . وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ اخْتلف فِي الصَّفّ الأول: هَل هُوَ الَّذِي يَلِي الإِمَام أَو المبكر؟ وَالصَّحِيح: أَنه الَّذِي يَلِي الإِمَام، فَإِن كَانَ بَين الإِمَام وَبَين النَّاس حَائِل، كَمَا أحدث النَّاس المقاصير، فالصف الأول الَّذِي على الْمَقْصُورَة. وَفِي (التَّوْضِيح) : الصَّفّ الأول مَا يَلِي الإِمَام، وَلَو وَقع فِيهِ حَائِل، خلافًا لمَالِك. وَأبْعد من قَالَ: إِنَّه المبكر، وَلَو جَاءَ رجل وَرَأى الصَّفّ الأول مسدودا لَا يَنْبَغِي لَهُ أَن يزاحمهم، وَقد

ص: 125