الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
47 -
(بابُ منْ قامَ إلَى جَنْبِ الإمَامِ لِعِلَّةٍ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم من قَامَ من الْمُصَلِّين إِلَى جنب الإِمَام لأجل عِلّة، وَإِنَّمَا قَالَ هَذَا لِأَن الأَصْل أَن يتَقَدَّم الإِمَام على الْمَأْمُوم، وَلَكِن للْمَأْمُوم أَن يقف بِجنب الإِمَام عِنْد وجود أَسبَاب تَقْتَضِي ذَلِك: أَحدهَا: هُوَ الْعلَّة الَّتِي ذكرهَا. وَالثَّانِي: ضيق الْموضع، فَلَا يقدر الإِمَام على التَّقَدُّم فَيكون مَعَ الْقَوْم فِي الصَّفّ. وَالثَّالِث: جمَاعَة العراة فَإِن إمَامهمْ يقف مَعَهم فِي الصَّفّ. وَالرَّابِع: أَن يكون مَعَ الإِمَام وَاحِد فَقَط يقف عَن يَمِينه، كَمَا فعل النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، بِابْن عَبَّاس إِذْ أداره من خَلفه إِلَى يَمِينه، وَبِهَذَا يرد على التَّمِيمِي حَيْثُ حصر الْجَوَاز الْمَذْكُور على صُورَتَيْنِ، فَقَالَ: لَا يجوز أَن يكون أحد مَعَ الإِمَام فِي صف إلاّ فِي موضِعين: أَحدهمَا: مثل مَا فِي الحَدِيث من ضيق الْموضع وَعدم الْقُدْرَة على التَّقَدُّم. وَالثَّانِي: أَن يكون رجل وَاحِد مَعَ الإِمَام، كَمَا فعل النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، بِابْن عَبَّاس حَيْثُ أداره من خَلفه إِلَى يَمِينه.
683 -
حدَّثنا زَكَرِيَّاءُ بنُ يَحْيَى قَالَ حدَّثنا ابنُ نُمَيْرٍ قَالَ أخبرنَا هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ عنْ أبِيهِ عنْ عائِشَةَ قالَتْ أمَرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أَبَا بَكْرٍ أنْ يُصلِّي بِالنَّاسِ فِي مَرَضِهِ فَكانَ يُصَلِّي بِهمْ، قَالَ عُرْوَةُ فَوجَدَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فِي نفسِهِ خِفَّةً فَخرَجَ فإذَا أبُو بَكْرٍ يَؤُمُّ النَّاسَ فَلَمَّا رَآهُ أبْو بكْرٍ اسْتَأخَرَ فَأشَارَ إليْهِ كَمَا أنْتَ فَجلَسَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حِذَاءَ أبِي بَكْرٍ إلَى جَنْبِهِ فكانَ أَبُو بكْرٍ يُصلِّي بِصلاةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم والناسُ يُصَلُّونَ بِصَلاةِ أبِي بَكْرٍ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة، وَابْن نمير هُوَ عبد الله بن نمير.
وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين والإخبار كَذَلِك فِي مَوضِع، والعنعنة فِي موضِعين. وَفِيه: القَوْل فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة أَيْضا عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَأبي كريب وَمُحَمّد بن عبد الله بن نمير بِهِ. وَأخرجه ابْن مَاجَه عَن أبي بكر بن أبي شيبَة بِهِ.
قَوْله: (قَالَ عُرْوَة) إِلَى آخِره، قَالَ الْكرْمَانِي: من هَهُنَا إِلَى آخِره مَوْقُوف عَلَيْهِ، وَهُوَ من مَرَاسِيل التَّابِعين وَمن تعليقات البُخَارِيّ، وَيحْتَمل دُخُوله تَحت الْإِسْنَاد الأول. وَقَالَ بَعضهم: هُوَ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور، وَوهم من جعله مُعَلّقا قلت: أَشَارَ بِهَذَا إِلَى قَول الْكرْمَانِي، وَمَعَ هَذَا إِن الْكرْمَانِي مَا جزم بِأَنَّهُ مُرْسل، بل قَالَ: يحْتَمل دُخُوله تَحت الْإِسْنَاد الأول. وَأخرجه ابْن مَاجَه بِهَذَا الْإِسْنَاد مُتَّصِلا بِمَا قبله، قَالَ: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة حَدثنَا عبد الله بن نمير عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَ: (أَمر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَبَا بكر أَن يُصَلِّي بِالنَّاسِ فِي مَرضه فَكَانَ يُصَلِّي بهم، فَوجدَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم خفَّة فَخرج، فَإِذا أَبُو بكر يؤم النَّاس، فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بكر اسْتَأْخَرَ فَأَشَارَ إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن: كَمَا أَنْت، فَجَلَسَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حذاء أبي بكر إِلَى جنبه، فَكَانَ أَبُو بكر يُصَلِّي بِصَلَاة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَالنَّاس يصلونَ بِصَلَاة أبي بكر)، فَإِن قلت: إِذا كَانَ الحَدِيث مُتَّصِلا فَلِمَ قطعه عُرْوَة عَن الْقدر الأول الَّذِي أَخذه عَن عَائِشَة؟ قلت: لاحْتِمَال أَن يكون عُرْوَة أَخذه عَن غير عَائِشَة، فَقطع الثَّانِي عَن الْقدر الأول لذَلِك. قَوْله:(اسْتَأْخَرَ) أَي: تَأَخّر. قَوْله: (أَن: كَمَا أَنْت) كلمة: مَا، مَوْصُولَة. وَأَنت، مُبْتَدأ وَخَبره مَحْذُوف، أَي: كَمَا أَنْت عَلَيْهِ أَو فِيهِ، و: الْكَاف، للتشبيه. أَي: كن مشابها لما أَنْت عَلَيْهِ، أَي: يكون حالك فِي الْمُسْتَقْبل مشابها بحالك فِي الْمَاضِي. وَيجوز أَن تكون الْكَاف زَائِدَة، أَي: الْتزم الَّذِي أَنْت عَلَيْهِ، وَهُوَ الْإِمَامَة. قَوْله:(حذاء أبي بكر) أَي: محاذيا من جِهَة الْجنب لَا من جِهَة القدام وَالْخلف، وَلَا مُنَافَاة بَين قَوْله فِي التَّرْجَمَة: قَامَ إِلَى جنب الإِمَام، وَهنا قَالَ: جلس إِلَى جنبه، لِأَن الْقيام إِلَى جنب الإِمَام قد يكون انتهاؤه بِالْجُلُوسِ فِي جنبه، وَلَا شكّ أَنه كَانَ قَائِما فِي الِابْتِدَاء ثمَّ صَار جَالِسا، أَو قَاس الْقيام على الْجُلُوس فِي جَوَاز كَونه فِي الْجنب، أَو المُرَاد: قيام أبي بكر لَا قيام رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَالْمعْنَى: قَامَ أَبُو بكر بِجنب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم محاذيا لَهُ لَا مُتَخَلِّفًا عَنهُ، لغَرَض مُشَاهدَة أَحْوَال رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.