الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
667 -
حدَّثنا إسماعِيلُ قَالَ حدَّثني مالِكٌ عنِ ابنِ شِهَابٌ عنْ مَحْمُودِ بنِ الرَّبِيعِ الأَنصَارِيِّ أنَّ عِتْبَانَ بنَ مالِكٍ كانَ يَؤُمُّ قَومَهُ وهُوَ أعْمَى وأنَّهُ قَالَ لِرسولِ الله صلى الله عليه وسلم يَا رسولَ الله إنَّها تكُونُ الظلمَةُ والسَّيْلُ وَأَنا رَجُلٌ ضَرِيرُ البَصَرِ فَصَلِّ يَا رسولَ الله فِي بَيْتِي مَكانا أتَّخِذُهُ مُصَلى فَجَاءَهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أيْنَ تُحِبُّ أنْ أُصَلِّيَ فأشَارَ إلَى مَكانٍ مِنَ البَيْتِ فَصَلَّى فِيهِ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم. .
مطابقته أَيْضا للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَهَذَا الحَدِيث قد مر مطولا فِي: بَاب الْمَسَاجِد فِي الْبيُوت: عَن سعيد بن عفير عَن اللَّيْث عَن عقيل عَن ابْن شهَاب عَن مَحْمُود بن الرّبيع الْأنْصَارِيّ
…
الحَدِيث، وَإِسْمَاعِيل شيخ البُخَارِيّ هُنَا هُوَ ابْن أبي أُويس.
قَوْله: (مَحْمُود بن الرّبيع، بِفَتْح الرَّاء، وعتبان، بِكَسْر الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وبالباء الْمُوَحدَة. قَوْله: (إِنَّهَا)، أَي: أَن الْقِصَّة، أَو: أَن الْحَالة. قَوْله: (تكون) تَامَّة لَا تحْتَاج إِلَى الْخَبَر. قَوْله: (والسيل) سيل المَاء. قَوْله: (اتَّخذهُ) بِالرَّفْع والحزم. قَوْله: (مصلى)، بِضَم الْمِيم أَي: موضعا للصَّلَاة. وَقَالَ الْكرْمَانِي: الظلمَة هَل لَهَا دخل فِي الرُّخْصَة أم السَّيْل وَحده يَكْفِي فِيهَا؟ فَأجَاب: بِأَنَّهُ لَا دخل لَهَا وَكَذَا ضرارة الْبَصَر، بل كل وَاحِد من الثَّلَاثَة عذر كَاف فِي ترك الْجَمَاعَة، لَكِن عتْبَان جمع بَين الثَّلَاثَة بَيَانا لتَعَدد أعذاره ليعلم أَنه شَدِيد الْحِرْص على الْجَمَاعَة لَا يَتْرُكهَا إلَاّ عِنْد كَثْرَة الْمَوَانِع.
وَفِيه من الْفَوَائِد: جَوَاز إِمَامَة الْأَعْمَى وَترك الْجَمَاعَة للْعُذْر. والتماس دُخُول الأكابر منزل الأصاغر. واتخاذ مَوضِع معِين من الْبَيْت مَسْجِدا وَغَيره.
قَوْله فِي حَدِيث ابْن عمر: ثمَّ قَالَ هَذَا مشْعر بِأَنَّهُ قَالَه بعد الْأَذَان، وَتقدم فِي بَاب الْكَلَام فِي الْأَذَان أَنه كَانَ فِي اثناء الْأَذَان، فَعلم مِنْهُ جَوَاز الْأَمريْنِ. وَقَوله:(إِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْمر الْمُؤَذّن) مُحْتَمل لَهما لَا تَخْصِيص لَهُ بِأَحَدِهِمَا. قَوْله: (ذَات برد) بِسُكُون الرَّاء، وَكَذَلِكَ حكمه: فِي لَيْلَة ذَات برد، بِفَتْح الرَّاء. وَقَالَ الْكرْمَانِي: ابْن عمر أذن عِنْد الرّيح وَالْبرد، وَأمر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ عِنْد الْمَطَر وَالْبرد، فَمَا وَجه استدلاله؟ فَأجَاب: بِأَنَّهُ قَاس الرّيح على الْمَطَر بِجَامِع الْمَشَقَّة، ثمَّ قَالَ: هَل يَكْفِي الْمَطَر فَقَط أَو الرّيح أَو الْبرد فِي رخصَة ترك الْجَمَاعَة أم يحْتَاج إِلَى ضم أحد الْأَمريْنِ بالمطر؟ فَأجَاب: بِأَن كل وَاحِد مِنْهَا عذر مُسْتَقل فِي ترك الْحُضُور إِلَى الْجَمَاعَة نظرا إِلَى الْعلَّة، وَهِي الْمَشَقَّة، وَالله أعلم بِحَقِيقَة الْحَال.
41 -
(بابٌ هَلْ يُصَلِّي الإِمامُ بِمَنْ حَضَرَ وهَلْ يَخْطُبُ يَوْمَ الجُمُعَةِ فِي المَطَرِ)
أَي: هَذَا بَاب تَرْجَمته: هَل يُصَلِّي الإِمَام بِمن حضر من الَّذين لَهُم الْعلَّة المرخصة للتخلف عَن الْجَمَاعَة؟ يَعْنِي: يُصَلِّي بهم وَلَا يكره ذَلِك؟ فَإِن قلت: فَحِينَئِذٍ مَا فَائِدَة الْأَمر بِالصَّلَاةِ فِي الرّحال؟ قلت: فَائِدَته الْإِبَاحَة، لِأَن من كَانَ لَهُ الْعذر إِذا تكلّف وَحضر فَلهُ ذَلِك وَلَا حرج عَلَيْهِ.
قَوْله: (وَهل يخْطب) أَي: الْخَطِيب يَوْم الْجُمُعَة فِي الْمَطَر إِذا حضر أَصْحَاب الْأَعْذَار الْمَذْكُورين، يَعْنِي: يخْطب وَلَا يتْرك وَيُصلي بهم الْجُمُعَة.
668 -
حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ قَالَ حدَّثنا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ قَالَ حدَّثنا عَبْدُ الحَمِيدِ صاحِبُ الزِّيَادِيِّ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الله بنِ الحَارِثِ قَالَ خَطَبَنَا ابنُ عَبَّاس فِي يَوْمٍ ذِي رَدْغٍ فَأَمَرَ المُؤَذِّنَ لَمَّا بَلَغَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ قَالَ قلِ الصَّلَاةَ فِي الرِّحَالِ فَنَظَرَ بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ فَكَأَنَّهُمْ أنْكَرُوا فَقَالَ كأنَّكُمْ أنْكَرْتُمْ هَذَا إنَّ هَذا فَعَلَهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي يَعْنِي النبيَّ صلى الله عليه وسلم إنَّهَا عَزْمَةٌ وإنِّي كَرِهْتُ أنْ أُحْرِجَكُمْ. (انْظُر الحَدِيث 616 وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة تفهم من قَوْله: (خَطَبنَا) ، لِأَن ذَلِك كَانَ يَوْم الْجُمُعَة، وَكَانَ يَوْم الْمَطَر. وَمن قَوْله أَيْضا:(إِنَّهَا عَزمَة) أَي: إِن الْجُمُعَة متحتمة، وَمَعَ هَذَا كره ابْن عَبَّاس أَن يكلفهم بهَا لأجل الْحَرج.
ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة كلهم قد ذكرُوا، والْحَدِيث أَيْضا مضى فِي: بَاب الْكَلَام فِي الْأَذَان. وَأخرجه هُنَاكَ عَن مُسَدّد عَن حَمَّاد عَن أَيُّوب وَعبد الحميد صَاحب الزيَادي وَعَاصِم الْأَحْوَال عَن عبد الله بن الْحَارِث. قَالَ: خَطَبنَا ابْن عَبَّاس. . الحَدِيث. وَفِي متني الحَدِيث تفَاوت يقف عَلَيْهِ المعاود، وَقد ذكرنَا هُنَاكَ جَمِيع تعلقات الحَدِيث.
وَشَيْخه هُنَا: عبد الله بن عبد الْوَهَّاب الحَجبي، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَالْجِيم وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة: الْبَصْرِيّ، وَقد تقدم فِي: بَاب ليبلغ الشَّاهِد الْغَائِب فِي كتاب الْعلم.
قَوْله: (ذِي ردغ) أَي: ذِي وَحل. قَوْله: (الصَّلَاة) بِالنّصب أَي: الزموها، وَيجوز بِالرَّفْع، أَي: الصَّلَاة رخصَة فِي الرّحال. قَوْله: (كَأَنَّهُمْ)، ويروى: فكأنهم. قَوْله: (إِن هَذَا فعله) على صِيغَة الْمَاضِي، ويروي:(هَذَا فعل رَسُول الله ت) . قَوْله: (أَن أحرجكم)، بِضَم الْهمزَة وَسُكُون الْحَاء الْمُهْملَة وَكسر الرَّاء وَفتح الْجِيم: وَمَعْنَاهُ أَن أؤثمكم، من الْإِثْم، وأحرجكم من الإحراج، وثلاثيه من الْحَرج، وَهُوَ الْإِثْم. ويروى:(أَن أخرجكم) من الْإِخْرَاج، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة.
وعنْ حَمَّادٍ عنْ عَاصِمٍ عنْ عبْدِ الله بنِ الحَارِثِ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ نحْوَهُ غَيْرَ أنَّهُ قَالَ كرِهْتُ أنْ أُؤَثِّمَكُمْ فَتَجِيئُونَ وتَدُوسُونَ الطِّينَ إِلَى رُكَبِكُمْ.
قَوْله: (وَعَن حَمَّاد عَن عَاصِم) عطف على قَوْله: (حَدثنَا حَمَّاد بن زيد) ، وَلَيْسَ بمعلق، وَقد ذكرنَا الْآن أَنه رَوَاهُ فِي: بَاب الْكَلَام فِي الْأَذَان، عَن مُسَدّد عَن حَمَّاد عَن أَيُّوب وَعبد الحميد وَعَاصِم، وَهنا: عَن حَمَّاد عَن عَاصِم وَحده، وَعَاصِم هُوَ الْأَحول. قَوْله:(نَحوه) أَي: نَحْو الحَدِيث الْمَذْكُور آنِفا، وَلَكِن لما كَانَت فِيهِ زِيَادَة ذكرهَا بقوله:(غير أَنه قَالَ: كرهت أَن أؤثمكم) إِلَى آخِره، وَفِي الحَدِيث الْمَذْكُور آنِفا:(كرهت أَن أحرجكم)، وَهنا: أؤثمكم، وَكِلَاهُمَا فِي الْمَعْنى قريب، والتفاوت فِي اللَّفْظ.
ثمَّ هَذِه اللَّفْظَة رويت على وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَن أؤثمكم، من الإيثام من بَاب الإفعال، يُقَال: آثمه يؤثمه، إِذا أوقعه فِي الْإِثْم. وَالْآخر: أَن أؤثمكم من التأثيم من بَاب التفعيل. قَوْله: (فتجيئون) إِلَى آخِره، زَائِد صرف على الرِّوَايَة الأولى، وتجيئون: بالنُّون على الأَصْل فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: فتجيئوا، بِحَذْف النُّون، وَهُوَ لُغَة للْعَرَب حَيْثُ يحذفون نون الْجمع بِدُونِ الْجَازِم والناصب. قَوْله:(وتدوسون الطين) من الدوس وَهُوَ الْوَطْء.
669 -
حدَّثنا مَسْلِمُ بنُ إبْرَهِيمَ قَالَ حَدثنَا هِشَامٌ عنْ يَحْيَى عنْ أبي سَلَمَةَ قَالَ سألْتُ أبَا سَعِيدٍ الخدْرِيَّ فَقَالَ جاءَتْ سَحَابَةٌ فَمَطَرَتْ حَتَّى سالَ السَّقْفُ وكانَ مَنْ جَرِيدِ النخْلِ فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَرَأيْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يَسْجُدُ فِي المَاءِ والطِّينِ حَتَّى رَأَيْتُ أثَرَ الطِّينِ فِي جَبْهَتِهِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي الْجُزْء الأول مِنْهَا من حَيْثُ إِن الْعَادة أَن فِي يَوْم الْمَطَر يتَخَلَّف بعض النَّاس عَن الْجَمَاعَة، فَلَا شكّ أَن صَلَاة الإِمَام تكون حِينَئِذٍ مَعَ من حضر، فينطبق على قَوْله: بَاب هَل يُصَلِّي الإِمَام بِمن حضر؟ وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَإِن صَحَّ أَن هَذَا كَانَ فِي يَوْم الْجُمُعَة فدلالته على الْجُزْء الْأَخير ظَاهِرَة. قلت: سَيَأْتِي فِي الِاعْتِكَاف أَنَّهَا كَانَت فِي صَلَاة الصُّبْح.
ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: مُسلم بن إِبْرَاهِيم الْأَزْدِيّ القصاب الْبَصْرِيّ. الثَّانِي: هِشَام بن أبي عبد الله الدستوَائي. الثَّالِث: يحيى بن أبي كثير الْيَمَانِيّ الطَّائِي. الرَّابِع: أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف. الْخَامِس: أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، واسْمه: سعد بن مَالك.
ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين. وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين. وَفِيه: السُّؤَال. وَفِيه: القَوْل فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين بَصرِي وأهوازي ويماني ومدني.
ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الِاعْتِكَاف عَن معَاذ بن فضَالة، وَفِي الصَّلَاة فِي موضِعين عَن مُسلم بن إِبْرَاهِيم وَفِيه أَيْضا عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل. وَفِي الصَّوْم أَيْضا عَن عبد الله بن مُنِير وَفِي الِاعْتِكَاف أَيْضا عَن إِسْمَاعِيل بن أبي أويس عَن مَالك وَعَن إِبْرَاهِيم بن حَمْزَة وَفِي الصَّوْم أَيْضا عَن عبد الرَّحْمَن بن بشر وَعَن عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك. وَأخرجه مُسلم فِي الصَّوْم عَن قُتَيْبَة وَعَن ابْن ابي عَمْرو، وَعَن مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى وَعَن عبد بن حميد وَعَن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن الدَّارمِيّ، وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الصَّلَاة عَن القعْنبِي عَن مَالك وَعَن مُحَمَّد بن الْمثنى وَعَن مُحَمَّد بن يحيى
وَعَن مُؤَمل بن الْفضل. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الِاعْتِكَاف عَن قُتَيْبَة بِهِ وَعَن مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى وَعَن مُحَمَّد بن سَلمَة والْحَارث بن مِسْكين وَعَن مُحَمَّد بن بشار. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الصَّوْم عَن مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى عَن مُعْتَمر بِبَعْضِه وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة بِبَعْضِه.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (سَأَلت أَبَا سعيد) : المسؤول عَنهُ مَحْذُوف بيَّنه فِي الِاعْتِكَاف وَهُوَ قَوْله: إِن أَبَا سَلمَة قَالَ: (سَأَلت أَبَا سعيد، قلت: هَل سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يذكر لَيْلَة الْقدر؟ قَالَ: نعم) وسرد تَمام الحَدِيث. قَوْله: (حَتَّى سَالَ السّقف) ، هُوَ إِسْنَاد مجازي، لِأَن السّقف لَا يسيل، وَإِنَّمَا يسيل المَاء الَّذِي يُصِيبهُ، وَهَذَا من قبيل قَوْلهم: سَالَ الْوَادي، أَي: مَاء الْوَادي، وَهُوَ من قبيل ذكر الْمحل وَإِرَادَة الْحَال. قَوْله:(وَكَانَ من جريد النّخل)، أَي: وَكَانَ سقف الْمَسْجِد من جريد النّخل، والجريد بِمَعْنى: المجرود، وَهُوَ الْقَضِيب الَّذِي يجرد عَنهُ الخوص، يَعْنِي: يقشر، وَسَيَأْتِي تَمام الْكَلَام فِي بَاب الِاعْتِكَاف.
670 -
حدَّثنا آدَمُ قَالَ حدَّثنا شُعْبَةُ قَالَ حدَّثنا أنَسُ بنُ سِيرِينَ قَالَ سَمِعْتُ أنَسا يَقُولُ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ إنِّي لَا أسْتَطِيعُ الصَّلَاةَ مَعَكَ وَكَانَ رَجُلاً ضَخْما فَصَنَعَ للنبيّ صلى الله عليه وسلم طَعَاما فَدَعَاهُ إلَى مَنْزِلِهِ فَبَسَطَ لَهُ حَصِيرا ونَضَحَ طَرَفَ الحَصِيرِ فَصَلَّى علَيْهِ رَكْعَتَيْنِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ آلِ الجَارُودِ لأِنَسٍ أكانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلّي الضُّحَى قَالَ مَا رَأيْتُهُ صَلَاّهَا إلاّ يَوْمَئِذٍ
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي بِسَائِر الْحَاضِرين عِنْد غيبَة الرجل الضخم، فينطبق الحَدِيث على قَوْله: بَاب هَل يُصَلِّي الإِمَام بِمن حضر؟ فَإِن قلت: لَيْسَ فِي حَدِيث أنس ذكر الْخطْبَة. قلت: لَا يلْزم أَن يدل كل حَدِيث فِي الْبَاب على كل التَّرْجَمَة، بل لَو دلّ الْبَعْض على الْبَعْض لكفى.
ذكر رِجَاله: وهم أَرْبَعَة: الأول: آدم بن أبي إِيَاس وَقد تكَرر ذكره. الثَّانِي: شُعْبَة بن الْحجَّاج كَذَلِك. الثَّالِث: أنس ابْن سِيرِين ابْن أخي مُحَمَّد بن سِيرِين، مولى أنس بن مَالك الْأنْصَارِيّ، مَاتَ بعد سنة عشر وَمِائَة. الرَّابِع: أنس بن مَالك، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: السماع. وَفِيه: القَوْل فِي خَمْسَة مَوَاضِع. وَفِيه: أَن شيخ البُخَارِيّ من أَفْرَاده. وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين عسقلاني وواسطي وبصري.
ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي صَلَاة الضُّحَى عَن عَليّ بن الْجَعْد عَن شُعْبَة، وَفِي الْأَدَب عَن مُحَمَّد بن سَلام. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الصَّلَاة عَن عبيد الله بن معَاذ عَن أَبِيه عَن شُعْبَة.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (قَالَ رجل من الْأَنْصَار)، قَالَ بَعضهم: قيل: إِنَّه عتْبَان بن مَالك وَهُوَ مُحْتَمل لتقارب القضيتين. قلت: هُوَ مُبْهَم لَا يُفَسر بِهَذَا الِاحْتِمَال، وَأَيْضًا من هُوَ هَذَا الْقَائِل؟ ينظر فِيهِ. قَوْله:(مَعَك) أَي: فِي الْجَمَاعَة فِي الْمَسْجِد قَوْله: (ضخما) أَي: سمينا، والضخم الغليظ من كل شَيْء. قَوْله:(حَصِيرا) قَالَ ابْن سَيّده: الْحَصِير سَقِيفَة تصنع من بردى واسل ثمَّ تفترش، سمي بذلك لِأَنَّهُ يَلِي وَجه الأَرْض، وَوجه الأَرْض سمي حَصِيرا. وَفِي (الجمهرة) : الْحَصِير عَرَبِيّ، سمي حَصِيرا لانضمام بعضه إِلَى بعض. وَقَالَ الْجَوْهَرِي: الْحَصِير البارية. قَوْله: (ونضح طرف الْحَصِير)، النَّضْح بِمَعْنى: الرش إِن كَانَت النَّجَاسَة متوهمة فِي طرف الْحَصِير، وَبِمَعْنى: الْغسْل، إِن كَانَت متحققة، أَو يكون النَّضْح لأجل تليينه لأجل الصَّلَاة عَلَيْهِ. قَوْله:(رجل من آل الْجَارُود)، وَفِي أبي دَاوُد: قَالَ فلَان بن الْجَارُود لأنس، و: الْجَارُود، بِالْجِيم وبضم الرَّاء وَبعد الرَّاء دَال مُهْملَة. قَوْله:(أَكَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم؟) الْهمزَة فِيهِ للاستفهام.
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: وَهُوَ على وُجُوه: الأول: فِيهِ جَوَاز اتِّخَاذ الطَّعَام لأولي الْفضل ليستفيد من علمهمْ. الثَّانِي: فِيهِ اسْتِحْبَاب إِجَابَة الدعْوَة، وَقيل بِالْوُجُوب. الثَّالِث: فِيهِ جَوَاز الصَّلَاة على الْحَصِير من غير كَرَاهَة، وَفِي مَعْنَاهُ: كل شَيْء يعْمل من نَبَات الأَرْض، وَهَذَا إِجْمَاع إلَاّ مَا رُوِيَ عَن عمر بن عبد الْعَزِيز، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَإِنَّهُ كَانَ يعْمل لأجل التَّوَاضُع كَمَا