الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عُمَرَ وأبُو بَكْرِ بنُ أبي حَثْمَةَ أنَّ عَبْدَ الله بنَ عُمَرَ قَالَ صَلَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ العِشَاءِ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ فَلَمَّا سَلَّمَ قامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أرَأيْتُكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ فَإِنَّ رَأْسَ مائَة لَا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ اليَوْمَ عَلَى ظَهْرِ الأرْضِ أحَدٌ فَوَهَلَ النَّاسُ فِي مَقَالَةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم إلَى مَا يَتَحَدَّثُونَ منَ هَذِهِ الأَحَادِيثِ عنْ مائَةِ سَنَةٍ وإنَّما قَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم لَا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ اليَوْمَ عَلَى ظَهْرِ الأرْضِ يُرِيدُ بِذَلِكَ أنَّهَا تَخْرِمُ ذَلِكَ القَرْنَ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: فَلَمَّا سلم قَامَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِلَى قَوْله: (فوهل النَّاس) .
ذكر رِجَاله وهم سِتَّة: أَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع وَشُعَيْب بن أبي حَمْزَة الْحِمصِي، وَمُحَمّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ، وَسَالم بن عبد الله بن عمر بن الْخطاب، وَأَبُو بكر بن سُلَيْمَان بن أبي حثْمَة، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الثَّاء الْمُثَلَّثَة: وَهُوَ ينْسب إِلَى جده، وَقد تقدمُوا فِي: بَاب السمر بِالْعلمِ، لِأَنَّهُ روى هَذَا الحَدِيث فِي: بَاب السمر بِالْعلمِ، فِي كتاب الْعلم: عَن سعيد بن عفير عَن اللَّيْث بن سعد عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن ابْن خَالِد بن مُسَافر عَن ابْن شهَاب عَن سَالم وَأبي بكر بن سُلَيْمَان بن أبي حثْمَة أَن عبد الله بن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، قَالَ:(صلى لنا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْعشَاء فِي آخر حَيَاته)، إِلَى قَوْله:(أحد) وَمن قَوْله: (فوهل النَّاس) إِلَى آخِره، وزاده هَهُنَا فِي هَذِه الرِّوَايَة.
بَيَان مَعْنَاهُ: قَوْله: (أَرَأَيْتكُم) مَعْنَاهُ:
أعلموني، وَالْكَاف للخطاب لَا مَحل لَهَا من الْإِعْرَاب، وَالْمِيم يدل على الْجَمَاعَة، وَهَذِه مَوْضِعه نصب، وَالْجَوَاب مَحْذُوف، وَالتَّقْدِير: أَرَأَيْتكُم ليلتكم هَذِه فاحفظوها واحفظوا تاريخها. قَوْله: (فوهل) ، بِفَتْح الْهَاء وَكسرهَا، أَي: قَالَ ابْن عمر: فوهل النَّاس. قَالَ الْجَوْهَرِي: وَهل من الشَّيْء وَعَن الشَّيْء: إِذا غلط فِيهِ، ووهل إِلَيْهِ، بِالْفَتْح، إِذا ذهب وهمه إِلَيْهِ، وَهُوَ يُرِيد غَيره، مثل: وهم. وَقَالَ الْخطابِيّ: أَي توهموا وغلطوا فِي التَّأْوِيل. وَقَالَ النَّوَوِيّ: يُقَال: وَهل، بِالْفَتْح يهل وهلاً، كضرب يضْرب ضربا أَي: غلط وَذهب همه إِلَى خلاف الصَّوَاب، وَهل، بِالْكَسْرِ، يوهل وهلاً، كحذر يحذر حذرا: أَي فزع. قَوْله (فِي مقَالَة النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والكشميهني: (من مقَالَة النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَي: من حَدِيثه. قَوْله: (إِلَى مَا يتحدثون من هَذِه الْأَحَادِيث) أَي: حَيْثُ تؤولونها بِهَذِهِ التأويلات الَّتِي كَانَت مَشْهُورَة بَينهم مشارا إِلَيْهَا عِنْدهم فِي الْمَعْنى المُرَاد عَن مائَة سنة. مثل: إِن المُرَاد بهَا انْقِرَاض الْعَالم بِالْكُلِّيَّةِ وَنَحْوه، لِأَن بَعضهم كَانَ يَقُول: إِن السَّاعَة تقوم عِنْد انْقِضَاء مائَة سنة، كَمَا روى ذَلِك الطَّبَرَانِيّ وَغَيره من حَدِيث أبي مَسْعُود البدري، ورد عَلَيْهِ عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وغرض ابْن عمر: أَن النَّاس مَا فَهموا مَا أَرَادَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من هَذِه الْمقَالة، وَحملُوهَا على محامل كلهَا بَاطِلَة، وبيَّن أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَرَادَ بذلك انخرام الْقرن عِنْد انْقِضَاء مائَة سنة من مقَالَته تِلْكَ، وَهُوَ الْقرن الَّذِي كَانَ هُوَ فِيهِ، بِأَن تَنْقَضِي أهاليه وَلَا يبْقى مِنْهُم أحد بعد مائَة سنة، وَلَيْسَ مُرَاده أَن ينقرض الْعَالم بِالْكُلِّيَّةِ، وَكَذَلِكَ وَقع بالاستقراء، فَكَانَ آخر من ضبط عمره مِمَّن كَانَ مَوْجُودا حِينَئِذٍ أَبُو الطُّفَيْل عَامر بن وَاثِلَة، وَقد أجمع أهل الحَدِيث على أَنه كَانَ آخر الصَّحَابَة موتا، وَغَايَة مَا قيل فِيهِ: إِنَّه بَقِي إِلَى سنة عشر وَمِائَة، وَهِي رَأس مائَة سنة من مقَالَة النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَهَذَا إِعْلَام من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِأَن أَعمار أمته لَيست تطول كأعمار من تقدم من الْأُمَم السالفة ليجتهدوا فِي الْعَمَل. قَوْله:(يُرِيد) أَي: يُرِيد النَّبِي صلى الله عليه وسلم بذلك أَي: بقوله هَذَا: أَنَّهَا، أَي: مائَة سنة، يَعْنِي: مضيها. قَوْله: (تخرم) ، من الإخرام، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة. قَوْله:(ذَلِك الْقرن) أَي: الْقرن الَّذِي هُوَ فِيهِ، والقرن، بِفَتْح الْقَاف: كل طبقَة مقترنين فِي وَقت، وَمِنْه قيل لأهل كل مُدَّة أَو طبقَة بعث فِيهَا نَبِي: قرن، قلت: السنون أَو كثرت.
وَمِمَّا يستنبط من هَذَا الحَدِيث وَالَّذِي قبله: أَن السمر الْمنْهِي عَنهُ بعد الْعشَاء إِنَّمَا هُوَ فِيمَا لَا يَنْبَغِي، وَكَانَ ابْن سِيرِين وَالقَاسِم وَأَصْحَابه يتحدثون بعد الْعشَاء، يَعْنِي فِي الْخَيْر، وَقَالَ مُجَاهِد: يكره السمر بعد الْعشَاء إلَاّ لمصل أَو لمسافر أَو دارس علم.
(بابُ السَّمَرِ معَ الضَّيْفِ والأَهْلِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان السمر مَعَ الْأَهْل، وَأهل الرجل خاصته وَعِيَاله وحاشيته. فَإِن قلت: مَا وَجه إِفْرَاد هَذَا الْبَاب من