المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب متى يسجد من خلف الإمام) - عمدة القاري شرح صحيح البخاري - جـ ٥

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌(كتاب مَوَاقِيت الصَّلَاة)

- ‌ بَاب مَوَاقِيت الصَّلَاة وفضلها

- ‌(بابٌ قَوْلُ الله تَعَالَى {مُنِيبِينَ إلَيْهِ واتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (الرّوم:

- ‌(بابُ البَيْعَةِ عَلَى إقَامَةِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بابٌ الصَّلَاةُ كَفَّارَةٌ)

- ‌(بابُ فَضْلِ الصَّلَاةِ لوَقْتِهَا)

- ‌(بابٌ الصَلَوَاتُ الخَمْسُ كَفَّارَةٌ)

- ‌(بابُ تَضْيِيعِ الصَّلاةِ عَنْ وَقْتِهَا)

- ‌(بابٌ المصَلِّي يُنَاجِي رَبَّهُ عز وجل

- ‌(بابُ الإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الحَرِّ)

- ‌(بابُ الإبْرَادِ بِالظُهْرِ فِي السفَرِ)

- ‌(بابٌ وَقْتُ الظهْرِ عِنْدَ الزَّوَال)

- ‌(بابُ تَأْخِيرِ الظُّهْرِ إلَى العَصَرِ)

- ‌(بابُ وَقْتِ العَصْرِ. وقَالَ أبُو أُسامَةَ عنْ هِشَامٍ منْ قَعْرِ حُجْرَتِهَا)

- ‌(بابُ إثْمِ مَنْ تَرَكَ العَصْرَ)

- ‌(بابُ منْ أدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ العَصْرِ قَبْلَ الغُرُوبِ)

- ‌(بابُ وقْتِ المغْرَبَ)

- ‌(بابُ مَنْ كَرِهَ أنْ يُقَالَ لِلْمَغْرِبِ العِشَاءُ)

- ‌(بابُ ذِكْرِ العِشَاءِ والعَتْمَةِ ومَنْ رَآهُ واسِعا)

- ‌(بابُ وَقْتِ العِشَاءِ إذَا اجْتَمَعَ النَّاسُ أوْ تَأَخَّرُوا

- ‌(بابُ وَقْتِ العِشَاءِ إذَا اجْتَمَعَ النَّاسُ أوْ تَأَخَّرُوا

- ‌‌‌(يايُ فَضْلِ العِشَاءِ

- ‌(يايُ فَضْلِ العِشَاءِ

- ‌(بابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ النَّوْمِ قَبْلَ العِشَاءِ)

- ‌(بابُ النَّوْمِ قَبْلَ العِشَاءِ لِمَنْ غُلِبَ)

- ‌(بابُ وقْتِ العِشَاءِ إلَى نِصْفِ الليْلِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ صَّلَاةِ الفَجْرِ)

- ‌(بابُ وقتِ الفَجْرِ)

- ‌(بابُ منْ أدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الفَجْرِ)

- ‌(بابُ مَنْ أدْرَكَ مِنَ الصَّلاة رَكْعَةً)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الفَجْرِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ)

- ‌(بابٌ لَا يَتَحَرَّى الصَّلَاةَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يَكْرَهِ الصَّلَاةَ ألَاّ بَعْدَ العَصْرِ والفَجْرِ)

- ‌(بابُ مَا يُصَلَّى بَعْدَ العَصْرِ منَ الفَوَائِتِ وغَيْرِهَا)

- ‌(بابُ التَّبْكِيرِ بِالصَّلَاةِ فِي يَوْمِ غَيْمٍ)

- ‌(بابُ الأَذَانِ بعْدَ ذَهَابِ الوَقْتِ)

- ‌(بابُ مَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ جَمَاعَةً بَعْدَ ذَهَابِ الوَقْتِ)

- ‌(بابُ منْ نَسِيَ صلَاةً فَلْيُصَلِّ إِذا ذَكَرهَا وَلَا يُعِيدُ إلَاّ تِلْكَ الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب قضَاءِ الصَّلَوَاتِ الأُولَى فَالأُولَى)

- ‌(بابُ مَا يُكْرَهُ منَ السَّمَرِ بَعْدَ العِشَاءِ)

- ‌(بابُ السَّمَرِ فِي الفِقْهِ والخَيْرِ بَعْدَ العِشَاءِ)

- ‌(بابُ السَّمَرِ معَ الضَّيْفِ والأَهْلِ)

- ‌(بابُ السَّمَرِ معَ الضَّيْفِ والأَهْلِ)

- ‌(كِتَابُ الأذَانِ)

- ‌(بابُ بِدْءَ الأَذَانِ)

- ‌‌‌(بابٌ الأَذان مَثْنَى مَثْنَى)

- ‌(بابٌ الأَذان مَثْنَى مَثْنَى)

- ‌(بابٌ الإِقامَةُ واحِدَةٌ إِلَاّ قَوْلَهُ قَدْ قامَتِ الصَّلَاةُ)

- ‌(بابُ فَضْلِ التَّأذِينِ)

- ‌(بابُ رَفْعِ الصَّوْتِ بالنِّدَاءِ)

- ‌(بابُ مَا يُحْقَنُ بِالآذَانِ مِنَ الدِّمَاءِ)

- ‌(بابُ مَا يَقُولُ إذَا سَمِعَ المُنَادِي)

- ‌(بابُ الدُّعاءِ عِنْدَ النِّدَاءِ)

- ‌(بابُ الاستِهَامِ فِي الأذَانِ)

- ‌(بابُ الكَلَامِ فِي الأذَانِ)

- ‌(بابُ أَذانِ الأعْمَى إذَا كانَ لهُ مَنْ يُخْبِرِهِ)

- ‌(بابُ الآذَانِ بَعْدَ الفَجْرِ)

- ‌(بابُ الأذَانِ قَبْلَ الفَجْرِ)

- ‌(بابُ مَنِ انْتَظَرَ الإقَامَةَ)

- ‌(بابٌ هَل يُتْبِعُ المُؤَذِّنُ فاهُ هَهنا وهَهُنا وهَلْ يَلْتَفِتُ فِي الأَذَانِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الرَّجلِ فاتَتْنَا الصلاةُ)

- ‌(بابٌ لَا يَسْعَى إلَى الصَّلَاةِ وَلْيَأْتِ بالسَّكِينَةِ والوَقارِ)

- ‌(بابٌ مَتَى يَقُومُ النَّاسُ إذَا رَأوُا الإِمامَ عِنْدَ الإِقَامَةِ)

- ‌(بابٌ لَا يَسْعَى إلَى الصَّلَاةِ مُسْتَعْجِلاً وَلْيُقِمْ بِالسَّكِينَةِ والوَقَارِ)

- ‌(بابٌ هَلْ يَخْرُجُ مِنَ المَسْجِدِ لِعِلَّةٍ

- ‌(بابٌ إذَا قالَ الإمامُ مكانَكُمْ حَتَّى نَرْجِعَ انْتَظِرُوه)

- ‌(بابُ قَوْلِ الرَّجلِ مَا صَلَّيْنا)

- ‌(بابُ الإمامِ تَعْرِضُ لَهُ الحاجَةُ بَعْدَ الإِقَامَةِ)

- ‌(بابُ وُجُوبِ صَلَاةِ الجَمَاعَةِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ صَلَاةِ الجَمَاعَةِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ صَلَاةِ الفَجْرِ فِي جَمَاعةٍ)

- ‌(بابُ فَضْلِ التَّهْجِيرِ إلَى الظُّهْرِ)

- ‌(بابُ احْتِسَابِ الآثَارِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ صَلَاةِ العِشَاءِ فِي الجَمَاعَةِ)

- ‌(بابٌ اثْنان فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ)

- ‌(بابُ مَنْ جَلَسَ فِي المَسْجِد يَنْتَظَرُ الصَّلاةَ وفَضْلِ المسَاجِدِ)

- ‌(بابُ فَضْل منْ غَدَا إِلَى المَسْجِدِ ومنْ راحَ)

- ‌(بابٌ إذَا أُقِيمَتِ الصلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إلَاّ المَكْتُوبَةُ)

- ‌(بابُ حَدِّ المَرِيضِ أنْ يَشْهَدَ الجَمَاعَةَ)

- ‌(بابُ الرُّخْصَةِ فِي المَطَرِ والعِلَّةِ أنْ يُصَلِّيَ فِي رَحْلِهِ)

- ‌(بابٌ هَلْ يُصَلِّي الإِمامُ بِمَنْ حَضَرَ وهَلْ يَخْطُبُ يَوْمَ الجُمُعَةِ فِي المَطَرِ)

- ‌(بابٌ إذَا حَضَرَ الطَّعَامُ وأُقِيمتِ الصَّلَاةُ)

- ‌(بابُ إذَا دُعِيَ الإمامُ إلَى الصَّلَاةِ وَبِيَدِهِ مَا يأكُلُ)

- ‌(بابُ منْ كانَ فِي حاجَةِ أهْلِهِ فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَخَرَجَ)

- ‌(بابُ مَنْ صَلَّى بالنَّاسِ وَهْوَ لَا يُرِيدُ إلَاّ أنْ يُعَلِّمَهُمْ صَلَاةَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وسُنَّتَهْ)

- ‌(بابٌ أهْلُ العِلْمِ والفَضْلِ أحَقُّ بِالإمَامةِ)

- ‌(بابُ منْ قامَ إلَى جَنْبِ الإمَامِ لِعِلَّةٍ)

- ‌(بابُ مَنْ دَخَلَ لِيَؤُمَّ الناسَ فَجَاءَ الإمامُ الأوَّلُ فَتَأخَّرَ الأوَّلُ أوْ لَمْ يَتَأخَّرْ جازَتْ صَلَاتُهُ)

- ‌(بابٌ إذَا اسْتَوَوْا فِي القِرَاءَةِ فَلْيَؤُمَّهُمْ أكْبَرُهُمْ)

- ‌(بابٌ إِذا زَارَ الإمامُ قَوْما فَأمَّهُمْ)

- ‌(بابٌ إنَّمَا جُعِلَ الإمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ)

- ‌(بابُ مَتَى يَسْجُدُ مَنْ خَلْفَ الإمَامِ)

- ‌(بابُ إثْمِ مَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الإمَامِ)

- ‌(بابُ إمامَةِ العَبْدِ والمَوْلَى)

- ‌(بابٌ إذَا لَمْ يُتِمَّ الإمَامُ وَأَتَم مَنْ خَلْفَهُ)

- ‌(بابُ إمَامَةِ المَفْتُونِ والمُبْتَدِعِ)

- ‌(بابٌ يَقُومُ عنْ يَمِينِ الإمَامِ بِحِذَائِهِ سَوَاءً إذَا كانَا اثْنَيْنِ)

- ‌(بابٌ إذَا قامَ الرَّجُلُ عنْ يَسارِ الإمَامِ فَحَوَّلَهُ الإمَامُ إلَى يَمِينِهِ لَمْ تَفْسُدْ صلَاتُهُمَا)

- ‌(بابٌ إذَا لَمْ يَنْوِ الإمَامْ أَن يَؤُمَّ ثُمَّ جاءَ قَوْمٌ فَأَمَّهُمْ)

- ‌(بابٌ إذَا طَوَّلَ الإمامُ وكانَ لِلرَّجُلِ حاجَةٌ فَخَرَجَ فَصَلَّى)

- ‌(بابُ تَخْفِيفِ الإمَامِ فِي القِيامِ وإتْمَامِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ)

- ‌(بابٌ إذَا صَلَّى لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شاءَ)

- ‌(بابُ منْ شكا إمامَهُ إذَا طَوَّلَ)

- ‌(بابُ الإيجَازِ فِي الصَّلاةِ وَإكْمَالِهَا)

- ‌(بابُ منْ أخَفَّ الصَّلَاةَ عِنْدَ بُكَاءِ الصّبِيِّ)

- ‌(بابُ إذَا صَلَّى ثُمَّ أمَّ قَوْما)

- ‌(بابُ مَنْ أسْمَعَ النَّاسَ تَكْبِيرَ الإمَامِ)

- ‌(بابٌ الرَّجُلُ يَأتَمُّ بالإمَامِ ويأتَمُّ النَّاسُ بِالمَأمُومِ)

- ‌(بابٌ هِلْ يَأخُذُ الإمَامُ إذَا شَكَّ بِقَوْلِ الناسِ)

- ‌(بابٌ إذَا بَكَى الإمامُ فِي الصَّلاةِ

- ‌(بابُ إقْبَالِ الإمامِ النَّاسَ عِنْدَ تَسْوِيَةِ الصُفُوفِ)

- ‌(بابُ الصَّفِّ الأَوَّلِ)

- ‌(بابٌ إقامةُ الصَّف مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بابُ إثْمِ مَنْ لَمْ يُتِمَّ الصُّفُوفَ)

- ‌(بابُ الصَاقِ المَنْكِبِ بِالمَنْكِبِ والقَدَم بالقَدَمِ فِي الصَّفِّ)

- ‌(بابٌ إِذا قامَ الرَّجُلُ عَنْ يَسَارِ الإمَامِ وَحَوَّلَهُ الإمامُ خَلْفَهُ إلَى يَمِينِهِ تَمَّتْ صلاتُهُ)

- ‌(بابٌ المَرْأةُ وَحْدَهَا تَكُونُ صَفّا)

- ‌(بابُ مَيْمَنَةِ المَسْجِدِ والإمَامِ)

- ‌(بابٌ إذَا كانَ بَيْنَ الإمَامِ وبَيْنَ القَوْمِ حائِطٌ أوْ سُتْرَةٌ)

- ‌(بابُ صَلَاةِ اللَّيْلِ)

- ‌(أبْوابُ صِفَةُ الصَّلَاةِ)

- ‌(بابُ إيجَاب التَّكبِيرِ وَافْتِتَاحِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بابُ رَفْعِ اليَدَيْنِ فِي التَّكْبِيرَةِ الأولَى مَعَ الافْتِتَاحِ سَوَاءً)

- ‌(بابُ رَفْعِ اليَدَيْنِ إذَا كَبَّرَ وإذَا رَكَعَ وإذَا رَفَعَ)

- ‌(بابُ إلَى أيْنَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ)

- ‌(بابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ إذَا قامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ)

- ‌(بابُ وَضْعِ اليُمْنَى عَلَى اليُسْرَى فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بابُ الخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بابُ مَا يَقُولُ بَعْدَ التَّكْبِيرِ)

- ‌(بابُ رَفْعِ البَصَرِ إلَى الإمَامِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب رفع الْبَصَر إِلَى السَّمَاء فِي الصَّلَاة)

- ‌(بَاب الِالْتِفَات فِي الصَّلَاة)

الفصل: ‌(باب متى يسجد من خلف الإمام)

كَمَا أخبرنَا بِهِ الْحُسَيْن بن عبد الله بن يزِيد الْقطَّان بالرقة: حَدثنَا أَحْمد بن أبي الْحَوْرَاء سَمِعت أَبَا يحيى الجمان سَمِعت أَبَا حنيفَة يَقُول: مَا رَأَيْت فِيمَن لقِيت أفضل من عَطاء، وَلَا لقِيت فِيمَن لقِيت أكذب من جَابر الْجعْفِيّ، مَا أثْبته بِشَيْء من رَأْيِي إلاّ جَاءَنِي فِيهِ بِحَدِيث. قلت: أما إِنْكَاره النّسخ فَلَيْسَ لَهُ وَجه على مَا بَيناهُ، وَأما قَوْله: أفتى بِهِ من الصَّحَابَة جَابر وَغَيره، فقد قَالَ الشَّافِعِي: إِنَّهُم لم يبلغهم النّسخ، وَعلم الْخَاصَّة يُوجد عِنْد بعض ويعزب عَن بعض. انْتهى. وَكَذَا من أفتى بِهِ من التَّابِعين لم يبلغهم خبر النّسخ، وَأفْتى بِظَاهِر الْخَبَر الْمَنْسُوخ، وَأما قَوْله: وَالْإِجْمَاع إِجْمَاع الصَّحَابَة، فَغير مُسلم، فَإِن الْأَدِلَّة غير فارقة بَين أهل عصر بل تتَنَاوَل لأهل كل عصر كتناولها لأهل عصر الصَّحَابَة إِذْ لَو كَانَ خطابا للموجودين وَقت النُّزُول فَقَط يلْزم أَن لَا ينْعَقد إِجْمَاع الصَّحَابَة بعد موت من كَانَ مَوْجُودا وَقت النُّزُول، لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يكون إِجْمَاعهم أجماع جَمِيع المخاطبين وَقت النُّزُول، وَيلْزم أَن لَا يعْتد بِخِلَاف من أسلم أَو ولد من الصَّحَابَة بعد النُّزُول لكَوْنهم خَارِجين عَن الْخطاب، وَقد اتفقتم مَعنا على إِجْمَاع هَؤُلَاءِ فَلَا يخْتَص بالمخاطبين، وَالْخطاب لَا يخْتَص بالموجودين كالخطاب بِسَائِر التكاليف، وَهَذَا الَّذِي قَالَه ابْن حبَان هُوَ من مَذْهَب دَاوُد وَأَتْبَاعه، وَأما قَوْله: والمرسل عندنَا وَمَا لم يرو سيان

إِلَى آخِره، فَغير مُسلم أَيْضا لِأَن إرْسَال الْعدْل من الْأَئِمَّة تَعْدِيل لَهُ إِذْ لَو كَانَ غير عدل لوَجَبَ عَلَيْهِ التَّنْبِيه على جرحه والإخبار عَن حَاله، فالسكوت بعد الرِّوَايَة عَنهُ يكون تلبيسا أَو تحميلاً للنَّاس على الْعَمَل بِمَا لَيْسَ بِحجَّة، وَالْعدْل لَا يتهم بِمثل ذَلِك، فَيكون إرْسَاله توثيقا لَهُ لِأَنَّهُ يحْتَمل أَنه كَانَ مَشْهُورا عِنْده فروى عَنهُ بِنَاء على ظَاهر حَاله، وفوض تَعْرِيف حَاله إِلَى السَّامع حَيْثُ ذكر اسْمه. وَقد اسْتدلَّ بعض أَصْحَابنَا لقبُول الْمُرْسل بِاتِّفَاق الصَّحَابَة فَإِنَّهُم اتَّفقُوا على قبُول رِوَايَات ابْن عَبَّاس مَعَ أَنه لم يسمع من النَّبِي صلى الله عليه وسلم، إلاّ أَربع أَحَادِيث لصِغَر سنه كَمَا ذكره الْغَزالِيّ، أَو بضع عشر حَدِيثا كَمَا ذكره شمس الْأَئِمَّة السَّرخسِيّ. وَقَالَ ابْن سِيرِين: مَا كُنَّا نسند الحَدِيث إِلَى أَن وَقعت الْفِتْنَة، وَقَالَ بَعضهم: رد الْمَرَاسِيل بِدعَة حَادِثَة بعد الْمِائَتَيْنِ، وَالشعْبِيّ وَالنَّخَعِيّ من أهل الْكُوفَة، وَأَبُو الْعَالِيَة وَالْحسن من أهل الْبَصْرَة، وَمَكْحُول من أهل الشَّام كَانُوا يرسلون، وَلَا يظنّ بهم إلاّ الصدْق، فَدلَّ على كَون الْمُرْسل حجَّة نعم، وَقع الِاخْتِلَاف فِي مَرَاسِيل من دون الْقرن الثَّانِي وَالثَّالِث، فَعِنْدَ أبي الْحسن الْكُوفِي: يقبل إرْسَال كل عدل فِي كل عصر، فَإِن الْعلَّة الْمُوجبَة لقبُول الْمَرَاسِيل فِي الْقُرُون الثَّلَاثَة وَهِي: الْعَدَالَة والضبط، تَشْمَل سَائِر الْقُرُون، فَبِهَذَا التَّقْدِير انْتقض قَوْله، وَفِي هَذَا نقض للشريعة. وَأما قَوْله: وَالْعجب من أبي حنيفَة

إِلَى آخِره، كَلَام فِيهِ إساءة أدب وتشنيع بِدُونِ دَلِيل جلي: فَإِن أَبَا حنيفَة من أَيْن أحتج بِحَدِيث جَابر الْجعْفِيّ فِي كَونه نَاسِخا؟ وَمن نقل هَذَا من الثِّقَات عَن أبي حنيفَة حَتَّى يكون متناقضا فِي قَوْله وَفعله؟ بل احْتج أَبُو حنيفَة فِي نسخ هَذَا الْبَاب مثل مَا احْتج بِهِ غَيره كالثوري وَالشَّافِعِيّ وَأبي ثَوْر وَجُمْهُور السّلف، كَمَا مر مُسْتَوفى.

52 -

(بابُ مَتَى يَسْجُدُ مَنْ خَلْفَ الإمَامِ)

أَي: هَذَا بَاب تَرْجَمته: مَتى يسْجد من خلف الإِمَام، يَعْنِي إِذا اعتدل أَو جلس بَين السَّجْدَتَيْنِ. قَوْله:(من) فَاعل قَوْله: (يسْجد) .

قَالَ أنَسٌ فإذَا سَجَدَ فاسْجُدُوا

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه يبين معنى مَتى يسْجد من خلف الإِمَام، وَهُوَ أَنه يسْجد إِذا سجد الإِمَام، بِنَاء على تقدم الشَّرْط على االجزاء، وَهَذَا التَّعْلِيق أخرجه مَوْصُولا فِي: بَاب إِيجَاب التَّكْبِير، فَإِن فِيهِ: وَإِذا سجد فاسجدوا. وَقَالَ بَعضهم: هُوَ طرف من حَدِيثه الْمَاضِي فِي الْبَاب الَّذِي قبله قلت: لَيست هَذِه اللَّفْظَة فِي الحَدِيث الْمَاضِي، وَإِنَّمَا هِيَ فِي: بَاب إِيجَاب التَّكْبِير، كَمَا ذكرنَا وَقَالَ صَاحب (التَّلْوِيح) : وَفِي بعض النّسخ، قَالَ أنس: إِذا سجد فاسجدوا، يَعْنِي: من غير ذكره: عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم.

690 -

حدَّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حدَّثنا يَحْيَى بنُ سَعِيدٍ عَن سُفْيَانَ قَالَ حدَّثني أَبُو إسْحَاقَ قَالَ حدَّثني عَبْدُ الله بنُ يَزِيدَ قَالَ حدَّثني البَرَاءُ وَهْوَ غَيْرُ كَذُوبٍ قَالَ كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذَا قَالَ سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَهُ لَمْ يَحْنِ أحَدٌ مِنَّا ظَهْرَهُ حَتَّى يَقَعَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم سَاجِدا ثُمَّ نَقَعُ سُجُودا بَعْدَهُ

ص: 220

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (ثمَّ نقع سجودا بعده) ، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَن يكون سُجُود من خلف الإِمَام إِذا شرع الإِمَام فِي السَّجْدَة.

ذكر رِجَاله: وهم سِتَّة: الأول: مُسَدّد بن مسرهد، وَقد تكَرر ذكره. الثَّانِي: يحيى بن سعيد الْقطَّان. الثَّالِث: سُفْيَان الثَّوْريّ. الرَّابِع: أَبُو إِسْحَاق، واسْمه: عَمْرو بن عبد الله السبيعِي، بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة: نِسْبَة إِلَى سبيع بطن من هَمدَان. الْخَامِس: عبد الله بن يزِيد من الزِّيَادَة الخطمي كَذَا وَقع مَنْسُوبا عِنْد الإسماععيلي فِي رِوَايَة شُعْبَة عَن أبي إِسْحَاق، وَهُوَ مَنْسُوب إِلَى خطمي، بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَسُكُون الطَّاء: بطن من الْأَوْس. وَقَالَ الذَّهَبِيّ: عبد الله بن يزِيد بن زيد ابْن حُصَيْن بن عَمْرو الأوسي الخطمي أَبُو مُوسَى، شهد الْحُدَيْبِيَة وَمَات قبل ابْن الزبير. السَّادِس: الْبَراء بن عَازِب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين وبصيغة الْإِفْرَاد فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع وَاحِد. وَفِيه: القَوْل فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع. وَفِيه: عبد الله بن يزِيد الصَّحَابِيّ من أَفْرَاد البُخَارِيّ. وَفِيه: رِوَايَة الصَّحَابِيّ ابْن الصَّحَابِيّ عَن الصَّحَابِيّ ابْن الصَّحَابِيّ. وَذكر الذَّهَبِيّ فِي (تَجْرِيد الصَّحَابَة) وَالِد عبد الله ووالد الْبَراء كليهمَا من الصَّحَابَة، فَقَالَ: يزِيد بن زيد بن حُصَيْن الْأنْصَارِيّ الخطمي، وَالِد عبد الله وجد عدي بن ثَابت لأمه. وَقَالَ أَيْضا: عَازِب بن الْحَارِث وَالِد الْبَراء، قَالَ البراءوفيه: اشْترى أَبُو بكر من عَازِب رجلا. وَفِيه: أَن أَبَا إِسْحَاق كَانَ مَعْرُوفا بالرواية عَن الْبَراء بن عَازِب لكنه روى الحَدِيث الْمَذْكُور هَهُنَا بِوَاسِطَة. وَهُوَ: عبد الله بن يزِيد. وَفِيه: أَن أحد الروَاة كَانَ أَمِيرا وَهُوَ: عبد الله بن يزِيد، وَكَانَ أَمِيرا على الْكُوفَة فِي زمن عبد الله بن الزبير، وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ فِي: بَاب رفع الْبَصَر فِي الصَّلَاة: أَن أَبَا إِسْحَاق قَالَ: سَمِعت عبد الله ابْن يزِيد يخْطب. وَفِيه: قَوْله: (غير كذوب) وَهُوَ على وزن: فعول، وَهُوَ صِيغَة مُبَالغَة: كصبور وشكور، وَاخْتلفُوا فِي هَذَا قيل: فِي حق من؟ فَقَالَ يحيى بن معِين والْحميدِي وَابْن الْجَوْزِيّ: إِن الْإِشَارَة فِي قَول أبي إِسْحَاق: غير كذوب، إِلَى عبد الله بن يزِيد، لَا إِلَى الْبَراء، لِأَن الصَّحَابَة عدُول فَلَا يحْتَاج أحد مِنْهُم إِلَى تَزْكِيَة وتعديل. وَقَالَ الْخَطِيب: إِن كَانَ هَذَا القَوْل من أبي إِسْحَاق فَهُوَ فِي عبد الله بن يزِيد، وَإِن كَانَ من عبد الله فَهُوَ فِي الْبَراء. وَقَالَ الْخطابِيّ: هَذَا القَوْل لَا يُوجب تُهْمَة فِي الرَّاوِي؛ وَإِنَّمَا يُوجب حَقِيقَة الصدْق لَهُ لِأَن هَذِه عَادَتهم إِذا أَرَادوا تَأْكِيد الْعلم بالراوي وَالْعَمَل بِمَا روى، وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَة يَقُول: سَمِعت خليلي الصَّادِق المصدوق، وَقَالَ ابْن مَسْعُود: حَدثنِي الصَّادِق المصدوق، وسلك عِيَاض أَيْضا هَذَا المسلك وَقَالَ: لم يرد بِهِ التَّعْدِيل وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ تَقْوِيَة الحَدِيث إِذْ حدث بِهِ الْبَراء، وَهُوَ غير مُتَّهم: وَمثل هَذَا قَول أبي مُسلم الْخَولَانِيّ: حَدثنِي الحبيب الْأمين. وَقَالَ النَّوَوِيّ: معنى الْكَلَام: حَدثنِي الْبَراء وَهُوَ غير مُتَّهم، كَمَا علمْتُم فثقوا بِمَا أخْبركُم بِهِ عَنهُ.

قلت: قد ظهر من كَلَام الْخطابِيّ وعياض وَالنَّوَوِيّ أَن هَذَا القَوْل فِي الْبَراء، ويترجح هَذَا بِوَجْهَيْنِ: الأول: أَنه رُوِيَ عَن أبي إِسْحَاق فِي بعض طرقه: سَمِعت عبد الله بن يزِيد وَهُوَ يخْطب يَقُول: حَدثنَا الْبَراء، وَكَانَ غير كذوب. قَالَ ابْن دَقِيق الْعِيد: اسْتدلَّ بِهِ بَعضهم على أَنه كَلَام عبد الله بن يزِيد. قلت: إِذا كَانَ هَذَا كَلَام عبد الله فَيكون ذَاك فِي الْبَراء، وأوضح من هَذَا وَأبين مَا رَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة فِي (صَحِيحه) من طَرِيق محَارب بن دثار، قَالَ: سَمِعت عبد الله بن يزِيد على الْمِنْبَر يَقُول: حَدثنِي الْبَراء وَكَانَ غير كذوب. الثَّانِي: أَن الضَّمِير أَعنِي قَوْله: وَهُوَ يرجع إِلَى أقرب الْمَذْكُورين وَهُوَ الْبَراء، فَإِن قلت: كَيفَ نزه يحيى بن معِين الْبَراء عَن التَّعْدِيل لأجل صحبته وَلم ينزه عبد الله بن يزِيد وَهُوَ أَيْضا صَحَابِيّ؟ قلت: يحيى بن معِين لَا تثبت صحبته فَلذَلِك تنْسب هَذِه اللَّفْظَة إِلَيْهِ، وَوَافَقَهُ على ذَلِك مُصعب الزبيرِي، وَتوقف فِي صحبته أَحْمد وَأَبُو حَاتِم وَأَبُو دَاوُد، وأثبتها ابْن البرقي وَالدَّارَقُطْنِيّ وَآخَرُونَ. فَإِن قلت: نفي الكذوبية لَا يسْتَلْزم نفي الكاذبية، مَعَ أَنه يجب نفي مُطلق الْكَذِب عَنْهُمَا قلت: مَعْنَاهُ غير ذِي كذب، كَمَا قيل فِي قَوْله تَعَالَى:{وَمَا رَبك بظلام للعبيد} (فصلت: 46) . أَي: وَمَا رَبك بِذِي ظلم. فَإِن قلت: مَا سَبَب رِوَايَة عبد الله ابْن يزِيد هَذَا الحَدِيث؟ قلت: روى الطَّبَرَانِيّ من طَرِيقه أَنه كَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ بِالْكُوفَةِ، فَكَانَ النَّاس يضعون رؤوسهم قبل أَن يضع رَأسه، ويرفعون قبل أَن يرفع رَأسه، فَذكر الحَدِيث فِي إِنْكَاره عَلَيْهِم.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا عَن أبي نعيم وَعَن حجاج عَن شُعْبَة وَعَن آدم عَن إِسْرَائِيل. وَأخرجه مُسلم فِيهِ عَن أَحْمد بن يُونُس وَيحيى بن يحيى كِلَاهُمَا عَن زُهَيْر وَعَن أبي بكر بن خَلاد. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن حَفْص بن عمر عَن شُعْبَة بِهِ. وَأخرجه

ص: 221