المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب فضل التهجير إلى الظهر) - عمدة القاري شرح صحيح البخاري - جـ ٥

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌(كتاب مَوَاقِيت الصَّلَاة)

- ‌ بَاب مَوَاقِيت الصَّلَاة وفضلها

- ‌(بابٌ قَوْلُ الله تَعَالَى {مُنِيبِينَ إلَيْهِ واتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (الرّوم:

- ‌(بابُ البَيْعَةِ عَلَى إقَامَةِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بابٌ الصَّلَاةُ كَفَّارَةٌ)

- ‌(بابُ فَضْلِ الصَّلَاةِ لوَقْتِهَا)

- ‌(بابٌ الصَلَوَاتُ الخَمْسُ كَفَّارَةٌ)

- ‌(بابُ تَضْيِيعِ الصَّلاةِ عَنْ وَقْتِهَا)

- ‌(بابٌ المصَلِّي يُنَاجِي رَبَّهُ عز وجل

- ‌(بابُ الإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الحَرِّ)

- ‌(بابُ الإبْرَادِ بِالظُهْرِ فِي السفَرِ)

- ‌(بابٌ وَقْتُ الظهْرِ عِنْدَ الزَّوَال)

- ‌(بابُ تَأْخِيرِ الظُّهْرِ إلَى العَصَرِ)

- ‌(بابُ وَقْتِ العَصْرِ. وقَالَ أبُو أُسامَةَ عنْ هِشَامٍ منْ قَعْرِ حُجْرَتِهَا)

- ‌(بابُ إثْمِ مَنْ تَرَكَ العَصْرَ)

- ‌(بابُ منْ أدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ العَصْرِ قَبْلَ الغُرُوبِ)

- ‌(بابُ وقْتِ المغْرَبَ)

- ‌(بابُ مَنْ كَرِهَ أنْ يُقَالَ لِلْمَغْرِبِ العِشَاءُ)

- ‌(بابُ ذِكْرِ العِشَاءِ والعَتْمَةِ ومَنْ رَآهُ واسِعا)

- ‌(بابُ وَقْتِ العِشَاءِ إذَا اجْتَمَعَ النَّاسُ أوْ تَأَخَّرُوا

- ‌(بابُ وَقْتِ العِشَاءِ إذَا اجْتَمَعَ النَّاسُ أوْ تَأَخَّرُوا

- ‌‌‌(يايُ فَضْلِ العِشَاءِ

- ‌(يايُ فَضْلِ العِشَاءِ

- ‌(بابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ النَّوْمِ قَبْلَ العِشَاءِ)

- ‌(بابُ النَّوْمِ قَبْلَ العِشَاءِ لِمَنْ غُلِبَ)

- ‌(بابُ وقْتِ العِشَاءِ إلَى نِصْفِ الليْلِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ صَّلَاةِ الفَجْرِ)

- ‌(بابُ وقتِ الفَجْرِ)

- ‌(بابُ منْ أدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الفَجْرِ)

- ‌(بابُ مَنْ أدْرَكَ مِنَ الصَّلاة رَكْعَةً)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الفَجْرِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ)

- ‌(بابٌ لَا يَتَحَرَّى الصَّلَاةَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يَكْرَهِ الصَّلَاةَ ألَاّ بَعْدَ العَصْرِ والفَجْرِ)

- ‌(بابُ مَا يُصَلَّى بَعْدَ العَصْرِ منَ الفَوَائِتِ وغَيْرِهَا)

- ‌(بابُ التَّبْكِيرِ بِالصَّلَاةِ فِي يَوْمِ غَيْمٍ)

- ‌(بابُ الأَذَانِ بعْدَ ذَهَابِ الوَقْتِ)

- ‌(بابُ مَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ جَمَاعَةً بَعْدَ ذَهَابِ الوَقْتِ)

- ‌(بابُ منْ نَسِيَ صلَاةً فَلْيُصَلِّ إِذا ذَكَرهَا وَلَا يُعِيدُ إلَاّ تِلْكَ الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب قضَاءِ الصَّلَوَاتِ الأُولَى فَالأُولَى)

- ‌(بابُ مَا يُكْرَهُ منَ السَّمَرِ بَعْدَ العِشَاءِ)

- ‌(بابُ السَّمَرِ فِي الفِقْهِ والخَيْرِ بَعْدَ العِشَاءِ)

- ‌(بابُ السَّمَرِ معَ الضَّيْفِ والأَهْلِ)

- ‌(بابُ السَّمَرِ معَ الضَّيْفِ والأَهْلِ)

- ‌(كِتَابُ الأذَانِ)

- ‌(بابُ بِدْءَ الأَذَانِ)

- ‌‌‌(بابٌ الأَذان مَثْنَى مَثْنَى)

- ‌(بابٌ الأَذان مَثْنَى مَثْنَى)

- ‌(بابٌ الإِقامَةُ واحِدَةٌ إِلَاّ قَوْلَهُ قَدْ قامَتِ الصَّلَاةُ)

- ‌(بابُ فَضْلِ التَّأذِينِ)

- ‌(بابُ رَفْعِ الصَّوْتِ بالنِّدَاءِ)

- ‌(بابُ مَا يُحْقَنُ بِالآذَانِ مِنَ الدِّمَاءِ)

- ‌(بابُ مَا يَقُولُ إذَا سَمِعَ المُنَادِي)

- ‌(بابُ الدُّعاءِ عِنْدَ النِّدَاءِ)

- ‌(بابُ الاستِهَامِ فِي الأذَانِ)

- ‌(بابُ الكَلَامِ فِي الأذَانِ)

- ‌(بابُ أَذانِ الأعْمَى إذَا كانَ لهُ مَنْ يُخْبِرِهِ)

- ‌(بابُ الآذَانِ بَعْدَ الفَجْرِ)

- ‌(بابُ الأذَانِ قَبْلَ الفَجْرِ)

- ‌(بابُ مَنِ انْتَظَرَ الإقَامَةَ)

- ‌(بابٌ هَل يُتْبِعُ المُؤَذِّنُ فاهُ هَهنا وهَهُنا وهَلْ يَلْتَفِتُ فِي الأَذَانِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الرَّجلِ فاتَتْنَا الصلاةُ)

- ‌(بابٌ لَا يَسْعَى إلَى الصَّلَاةِ وَلْيَأْتِ بالسَّكِينَةِ والوَقارِ)

- ‌(بابٌ مَتَى يَقُومُ النَّاسُ إذَا رَأوُا الإِمامَ عِنْدَ الإِقَامَةِ)

- ‌(بابٌ لَا يَسْعَى إلَى الصَّلَاةِ مُسْتَعْجِلاً وَلْيُقِمْ بِالسَّكِينَةِ والوَقَارِ)

- ‌(بابٌ هَلْ يَخْرُجُ مِنَ المَسْجِدِ لِعِلَّةٍ

- ‌(بابٌ إذَا قالَ الإمامُ مكانَكُمْ حَتَّى نَرْجِعَ انْتَظِرُوه)

- ‌(بابُ قَوْلِ الرَّجلِ مَا صَلَّيْنا)

- ‌(بابُ الإمامِ تَعْرِضُ لَهُ الحاجَةُ بَعْدَ الإِقَامَةِ)

- ‌(بابُ وُجُوبِ صَلَاةِ الجَمَاعَةِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ صَلَاةِ الجَمَاعَةِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ صَلَاةِ الفَجْرِ فِي جَمَاعةٍ)

- ‌(بابُ فَضْلِ التَّهْجِيرِ إلَى الظُّهْرِ)

- ‌(بابُ احْتِسَابِ الآثَارِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ صَلَاةِ العِشَاءِ فِي الجَمَاعَةِ)

- ‌(بابٌ اثْنان فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ)

- ‌(بابُ مَنْ جَلَسَ فِي المَسْجِد يَنْتَظَرُ الصَّلاةَ وفَضْلِ المسَاجِدِ)

- ‌(بابُ فَضْل منْ غَدَا إِلَى المَسْجِدِ ومنْ راحَ)

- ‌(بابٌ إذَا أُقِيمَتِ الصلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إلَاّ المَكْتُوبَةُ)

- ‌(بابُ حَدِّ المَرِيضِ أنْ يَشْهَدَ الجَمَاعَةَ)

- ‌(بابُ الرُّخْصَةِ فِي المَطَرِ والعِلَّةِ أنْ يُصَلِّيَ فِي رَحْلِهِ)

- ‌(بابٌ هَلْ يُصَلِّي الإِمامُ بِمَنْ حَضَرَ وهَلْ يَخْطُبُ يَوْمَ الجُمُعَةِ فِي المَطَرِ)

- ‌(بابٌ إذَا حَضَرَ الطَّعَامُ وأُقِيمتِ الصَّلَاةُ)

- ‌(بابُ إذَا دُعِيَ الإمامُ إلَى الصَّلَاةِ وَبِيَدِهِ مَا يأكُلُ)

- ‌(بابُ منْ كانَ فِي حاجَةِ أهْلِهِ فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَخَرَجَ)

- ‌(بابُ مَنْ صَلَّى بالنَّاسِ وَهْوَ لَا يُرِيدُ إلَاّ أنْ يُعَلِّمَهُمْ صَلَاةَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وسُنَّتَهْ)

- ‌(بابٌ أهْلُ العِلْمِ والفَضْلِ أحَقُّ بِالإمَامةِ)

- ‌(بابُ منْ قامَ إلَى جَنْبِ الإمَامِ لِعِلَّةٍ)

- ‌(بابُ مَنْ دَخَلَ لِيَؤُمَّ الناسَ فَجَاءَ الإمامُ الأوَّلُ فَتَأخَّرَ الأوَّلُ أوْ لَمْ يَتَأخَّرْ جازَتْ صَلَاتُهُ)

- ‌(بابٌ إذَا اسْتَوَوْا فِي القِرَاءَةِ فَلْيَؤُمَّهُمْ أكْبَرُهُمْ)

- ‌(بابٌ إِذا زَارَ الإمامُ قَوْما فَأمَّهُمْ)

- ‌(بابٌ إنَّمَا جُعِلَ الإمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ)

- ‌(بابُ مَتَى يَسْجُدُ مَنْ خَلْفَ الإمَامِ)

- ‌(بابُ إثْمِ مَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الإمَامِ)

- ‌(بابُ إمامَةِ العَبْدِ والمَوْلَى)

- ‌(بابٌ إذَا لَمْ يُتِمَّ الإمَامُ وَأَتَم مَنْ خَلْفَهُ)

- ‌(بابُ إمَامَةِ المَفْتُونِ والمُبْتَدِعِ)

- ‌(بابٌ يَقُومُ عنْ يَمِينِ الإمَامِ بِحِذَائِهِ سَوَاءً إذَا كانَا اثْنَيْنِ)

- ‌(بابٌ إذَا قامَ الرَّجُلُ عنْ يَسارِ الإمَامِ فَحَوَّلَهُ الإمَامُ إلَى يَمِينِهِ لَمْ تَفْسُدْ صلَاتُهُمَا)

- ‌(بابٌ إذَا لَمْ يَنْوِ الإمَامْ أَن يَؤُمَّ ثُمَّ جاءَ قَوْمٌ فَأَمَّهُمْ)

- ‌(بابٌ إذَا طَوَّلَ الإمامُ وكانَ لِلرَّجُلِ حاجَةٌ فَخَرَجَ فَصَلَّى)

- ‌(بابُ تَخْفِيفِ الإمَامِ فِي القِيامِ وإتْمَامِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ)

- ‌(بابٌ إذَا صَلَّى لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شاءَ)

- ‌(بابُ منْ شكا إمامَهُ إذَا طَوَّلَ)

- ‌(بابُ الإيجَازِ فِي الصَّلاةِ وَإكْمَالِهَا)

- ‌(بابُ منْ أخَفَّ الصَّلَاةَ عِنْدَ بُكَاءِ الصّبِيِّ)

- ‌(بابُ إذَا صَلَّى ثُمَّ أمَّ قَوْما)

- ‌(بابُ مَنْ أسْمَعَ النَّاسَ تَكْبِيرَ الإمَامِ)

- ‌(بابٌ الرَّجُلُ يَأتَمُّ بالإمَامِ ويأتَمُّ النَّاسُ بِالمَأمُومِ)

- ‌(بابٌ هِلْ يَأخُذُ الإمَامُ إذَا شَكَّ بِقَوْلِ الناسِ)

- ‌(بابٌ إذَا بَكَى الإمامُ فِي الصَّلاةِ

- ‌(بابُ إقْبَالِ الإمامِ النَّاسَ عِنْدَ تَسْوِيَةِ الصُفُوفِ)

- ‌(بابُ الصَّفِّ الأَوَّلِ)

- ‌(بابٌ إقامةُ الصَّف مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بابُ إثْمِ مَنْ لَمْ يُتِمَّ الصُّفُوفَ)

- ‌(بابُ الصَاقِ المَنْكِبِ بِالمَنْكِبِ والقَدَم بالقَدَمِ فِي الصَّفِّ)

- ‌(بابٌ إِذا قامَ الرَّجُلُ عَنْ يَسَارِ الإمَامِ وَحَوَّلَهُ الإمامُ خَلْفَهُ إلَى يَمِينِهِ تَمَّتْ صلاتُهُ)

- ‌(بابٌ المَرْأةُ وَحْدَهَا تَكُونُ صَفّا)

- ‌(بابُ مَيْمَنَةِ المَسْجِدِ والإمَامِ)

- ‌(بابٌ إذَا كانَ بَيْنَ الإمَامِ وبَيْنَ القَوْمِ حائِطٌ أوْ سُتْرَةٌ)

- ‌(بابُ صَلَاةِ اللَّيْلِ)

- ‌(أبْوابُ صِفَةُ الصَّلَاةِ)

- ‌(بابُ إيجَاب التَّكبِيرِ وَافْتِتَاحِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بابُ رَفْعِ اليَدَيْنِ فِي التَّكْبِيرَةِ الأولَى مَعَ الافْتِتَاحِ سَوَاءً)

- ‌(بابُ رَفْعِ اليَدَيْنِ إذَا كَبَّرَ وإذَا رَكَعَ وإذَا رَفَعَ)

- ‌(بابُ إلَى أيْنَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ)

- ‌(بابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ إذَا قامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ)

- ‌(بابُ وَضْعِ اليُمْنَى عَلَى اليُسْرَى فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بابُ الخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بابُ مَا يَقُولُ بَعْدَ التَّكْبِيرِ)

- ‌(بابُ رَفْعِ البَصَرِ إلَى الإمَامِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب رفع الْبَصَر إِلَى السَّمَاء فِي الصَّلَاة)

- ‌(بَاب الِالْتِفَات فِي الصَّلَاة)

الفصل: ‌(باب فضل التهجير إلى الظهر)

فالمقصرين. وَقيل: تقع الْفَاء تَارَة بِمَعْنى: ثمَّ، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى:{ثمَّ خلقنَا النُّطْفَة علقَة فخلقنا الْعلقَة مُضْغَة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا الْعِظَام لَحْمًا} (الْمُؤْمِنُونَ: 140) . فالفا آتٍ فِيهَا بِمَعْنى: ثمَّ، لتراخي معطوفاتها، فعلى هَذَا يجوز أَن تكون الْفَاء هَهُنَا بِمَعْنى: ثمَّ، بِمَعْنى أبعدهم ثمَّ أبعدهم. قَوْله:(ممشى) ، بِفَتْح الْمِيم الأولى وَسُكُون الثَّانِيَة اسْم مَكَان، وَهُوَ مَنْصُوب على التَّمْيِيز، وَالْمعْنَى: أبعدهم مَسَافَة إِلَى الْمَسْجِد. قَوْله: (من الَّذِي يُصَلِّي) أَعم من أَن يكون مَعَ جمَاعَة أَو وَحده. قَوْله: (ثمَّ ينَام) قَالَ الْكرْمَانِي فَإِن قلت: هَذَا التَّفْضِيل أَمر ظَاهر ضَرُورِيّ، فَمَا الْفَائِدَة فِي ذكره؟ قلت: مَعْنَاهُ أَن الَّذِي ينتظرها حَتَّى يُصليهَا مَعَ الإِمَام آخر الْوَقْت أعظم أجرا من الَّذِي يُصليهَا فِي وَقت الِاخْتِيَار وَحده، أَو: الَّذِي ينتظرها حَتَّى يُصليهَا مَعَ الإِمَام أعظم أجرا من الَّذِي يُصليهَا أَيْضا مَعَ الإِمَام بِدُونِ انْتِظَار، أَي: كَمَا أَن بعد الْمَكَان مُؤثر فِي زِيَادَة الْأجر كَذَلِك طول الزَّمَان، لِأَنَّهُمَا يتضمنان لزِيَادَة الْمَشَقَّة الْوَاقِعَة مُقَدّمَة للْجَمَاعَة قلت: قد علم أَن السَّبَب فِي تَحْصِيل هَذَا الْأجر الْعَظِيم انْتِظَار الصَّلَاة وإقامتها مَعَ الإِمَام، فَإِن وجد أَحدهمَا دون الْأُخَر فَلَا يحصل لَهُ ذَلِك، وَيعلم من هَذَا أَيْضا أَن تَأْخِير الصَّلَاة عَن وَقت الِاخْتِيَار لَا يَخْلُو عَن أجر كَمَا فِي تَأْخِير الظّهْر إِلَى أَن) يبرد الْوَقْت عِنْد اشتداد الْحر، وَتَأْخِير الْعَصْر إِلَى مَا قبل تغير قرص الشَّمْس، وَتَأْخِير الْعشَاء إِلَى مَا قبل ثلث اللَّيْل، وَتَأْخِير الصُّبْح إِلَى وَقت الْإِسْفَار. ثمَّ قَالَ الْكرْمَانِي أَيْضا. فَإِن قلت: فَمَا فَائِدَة: ثمَّ ينَام؟ قلت: أَشَارَ إِلَى الاسْتِرَاحَة الْمُقَابلَة للْمَشَقَّة الَّتِي فِي ضمن الِانْتِظَار.

وَمِمَّا يُسْتَفَاد مِنْهُ: الدّلَالَة على فضل الْمَسْجِد الْبعيد لأجل كَثْرَة الخطا، وَسَيَأْتِي بَيَان ذَلِك فِي الْبَاب الَّذِي يَلِي هَذَا الْبَاب، إِن شَاءَ الله.

32 -

(بابُ فَضْلِ التَّهْجِيرِ إلَى الظُّهْرِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان فضل التهجير إِلَى صَلَاة الظّهْر. التهجير: التبكير إِلَى كل شَيْء والمبادرة إِلَيْهِ، يُقَال: هجر يهجر تهجيرا فَهُوَ مهجر، وَهِي لُغَة قَليلَة حجازية، أَرَادَ الْمُبَادرَة إِلَى أول وَقت الصَّلَاة، وَإِنَّمَا قَالَ: إِلَى الظّهْر مَعَ أَن لفظ التهجير يُغني عَنهُ لزِيَادَة التَّأْكِيد، وَعَامة نسخ البُخَارِيّ: بَاب فضل التهجير إِلَى الظّهْر. وَعَلِيهِ شرح ابْن التِّين وَغَيره، وَفِي بَعْضهَا: بَاب فضل التهجير إِلَى الصَّلَاة، وَعَلِيهِ شرح ابْن بطال، وَهَذِه النُّسْخَة أَعم وأشمل.

652 -

ح دَّثنا قُتَيْبَةُ عنْ مالكٍ عنْ سُمَيّ مَوْلَى أبي بَكْرٍ عنْ أبي صالْحٍ السَّمَّانِ عنْ أبي هُرَيْرَةَ أنَّ رسْولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلى الطَّرِيقِ فَأَخَّرَهُ فَشَكَرَ الله لَهُ فَغَفَرَ لَهُ. ثمَّ قَالَ الشُّهَدَاءُ خَمْسٌ المَطْعُونُ والمَبْطُونُ والغَرِيقُ وصَاحِبُ الهدْمِ والشَّهِيدُ فِي سبِيلِ الله. وَقَالَ لَوْ يَعْلَمُ االنَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ والصَّفِّ الأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إلَاّ أنْ يَسْتَهِمُوا لَاسْتَهَمُوا عَلَيْهِ. وَلَوْ يَعْلَمُون مَا فِي التَّهْجِيرِ لاسْتَبَقُوا إلَيْهِ. ولَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي العَتَمَةِ والصُّبْحِ لأتَوْهُمَا حَبْوا.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (لَو يعلمُونَ مَا فِي التهجير لاستبقوا إِلَيْهِ) وَهَذَا الْمَتْن، الَّذِي ذكره مُشْتَمل على خَمْسَة أَحَادِيث: الأول: الَّذِي أَخذ الْغُصْن. الثَّانِي: الشُّهَدَاء، الثَّالِث: الاستهام. الرَّابِع: التهجير. الْخَامِس: الحبو، وَلم يفرق البُخَارِيّ بَينهَا كعادته لأجل التراجم، لِأَن قُتَيْبَة حدث بِهِ عَن مَالك هَكَذَا مجموعا.

ذكر رجال: وهم خَمْسَة، قد ذكرُوا غير مرّة، وَسُمَيّ، بِضَم السِّين مُهْملَة وَفتح الْمِيم: مولى أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام بن الْمُغيرَة القريشي المَخْزُومِي الْمدنِي، وَأَبُو صَالح اسْمه: ذكْوَان، بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة، وَكَانَ يجلب السّمن وَالزَّيْت إِلَى الْكُوفَة.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع وَاحِد، وَفِيه: العنعنة فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع. وَفِيه: أَن رُوَاته كلهم مدنيون مَا خلا قُتَيْبَة بن سعيد، فَإِنَّهُ بغلاني، بغلان بَلخ من خُرَاسَان.

ص: 170

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرج البُخَارِيّ قَوْله: (لَو يعلم النَّاس مَا فِي النداء) إِلَى آخِره فِي الصَّلَاة عَن عبد الله بن يُوسُف، وَفِي الشَّهَادَات عَن إِسْمَاعِيل، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن عتبَة بن عبد الله وقتيبة فرقهما، وَعَن الْحَارِث ابْن مِسْكين عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم، سبعتهم عَن مَالك بِهِ، وَأخرج قَوْله:(بَيْنَمَا رجل يمشي فِي طَرِيق) الحَدِيث فِي الصَّلَاة عَن قُتَيْبَة. وَأخرجه مُسلم فِي الْأَدَب وَفِي الْجِهَاد عَن يحيى بن يحيى، كِلَاهُمَا عَن مَالك. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْبر عَن قُتَيْبَة بِهِ، وَقَالَ: حَدِيث حسن صَحِيح.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (بَيْنَمَا رجل)، قد ذكرنَا فِيمَا مضى أَن أصل: بَيْنَمَا، بَين، فاشبعت الفتحة فَصَارَت ألفا، وزيدت فِيهِ الْمِيم، فَصَارَت: بَيْنَمَا. وَيُقَال: بَينا، بِدُونِ الْمِيم، أَيْضا، وهما ظرفا زمَان بِمَعْنى المفاجأة، ويضافان إِلَى جملَة من فعل وفاعل ومبتدأ وَخبر، ويحتاجان إِلَى جَوَاب يتم بِهِ الْمَعْنى، والمبتدأ هُنَا قَوْله:(رجل) خصص بِالصّفةِ وَهِي قَوْله: (يمشي) وَخَبره قَوْله (وجد) قَوْله (فَأَخذه) وَفِي رِوَايَة الْكشميهني (فَأَخَّرَهُ) عَن طَرِيق قَوْله (فَشكر الله لَهُ)، مَعْنَاهُ: تقبل الله مِنْهُ وَأثْنى عَلَيْهِ، يُقَال: شكرته وشكرت لَهُ بِمَعْنى وَاحِد. قَوْله: (الشُّهَدَاء) جمع: شَهِيد، سمي بِهِ لِأَن الْمَلَائِكَة يشْهدُونَ مَوته، فَكَانَ مشهودا. وَقيل: مشهود لَهُ بِالْجنَّةِ، فعلى هَذَا يكون الشَّهِيد على وزن: فعيل، بِمَعْنى: مفعول، وَقيل: لِأَنَّهُ حَيّ عِنْد الله حَاضر يشْهد حَضْرَة الْقُدس ويحضرها، وَقيل: لِأَنَّهُ شهد مَا أعد الله لَهُ من الكرامات. وَقيل: لِأَنَّهُ مِمَّن يستشهد مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَوْم الْقِيَامَة على سَائِر الْأُمَم المكذبين، فعلى هَذِه الْمعَانِي يكون: الشَّهِيد، بِمَعْنى: شَاهد. قَوْله: (خمس) ، بِدُونِ التَّاء، هَكَذَا فِي رِوَايَة أبي ذَر عَن الْحَمَوِيّ، وَفِي رِوَايَة البَاقِينَ: خَمْسَة، بِالتَّاءِ، وَهَذَا هُوَ الأَصْل. وَلَكِن إِذا كَانَ الْمُمَيز غير مَذْكُور جَازَ الْأَمْرَانِ، وَفِي رِوَايَة مَالك فِي (الْمُوَطَّأ) :(الشُّهَدَاء سَبْعَة)، وَنقص: الشَّهِيد فِي سَبِيل الله، وَزَاد: صَاحب ذَات الْجنب والحريق، وَالْمَرْأَة تَمُوت بِجمع، أَي: الَّتِي تَمُوت وَوَلدهَا فِي بَطنهَا. وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان وَالْحَاكِم، من حَدِيث جَابر بن عتِيك مَرْفُوعا:(الشَّهَادَة سَبْعَة سوى الْقَتْل فِي سَبِيل الله: المطعون والغريق وَصَاحب الْجنب والمبطون وَصَاحب الْحَرِيق وَالَّذِي يَمُوت تَحت الْهدم وَالْمَرْأَة تَمُوت بِجمع) . وَفِي حَدِيث ابْن مَاجَه، من حَدِيث عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا:(موت الْغَرِيب شَهَادَة) ، وَإِسْنَاده ضَعِيف. وروى سُوَيْد بن سعيد الحدثاني عَن عَليّ بن مسْهر عَن أبي يحيى القَتَّات، عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (من عشق فعف وكتمه ثمَّ مَاتَ مَاتَ شَهِيدا) . وَقد أنكرهُ على سُوَيْد الْأَئِمَّة، قَالَه ابْن عدي فِي كَامِله، وَكَذَا أنكرهُ الْبَيْهَقِيّ وَابْن طَاهِر، وَقَالَ ابْن حبَان: من روى مثل هَذَا عَن عَليّ بن مسْهر تجب مجانبة رِوَايَته، وسُويد بن سعيد هَذَا وَإِن كَانَ مُسلم أخرج لَهُ فِي صَحِيحه فقد اعتذر مُسلم عَن ذَلِك، وَقَالَ: إِنَّه لم يَأْخُذ عَنهُ إلَاّ مَا كَانَ عَالِيا وتوبع عَلَيْهِ، وَلأَجل هَذَا أعرض عَن مثل هَذَا الحَدِيث، وَذكر ابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس فِي تعداد الشُّهَدَاء: الشريق وَمَا أكله السَّبع. فَإِن قلت: الشُّهَدَاء فِي الصَّحِيح: خَمْسَة، وَفِي رِوَايَة مَالك: سَبْعَة، وَمَعَ رِوَايَة ابْن مَاجَه عَن ابْن عَبَّاس تكون: ثَمَانِيَة، وَمَعَ رِوَايَة سُوَيْد بن غَفلَة عَن بن عَبَّاس: تِسْعَة، وَفِي رِوَايَة ابْن عَسَاكِر عَنهُ يكون أحد عشر؟ قلت: لَا تنَاقض بَينهَا لِأَن الِاخْتِلَاف فِي الْعدَد بِحَسب اخْتِلَاف الْوَحْي على النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، قَوْله:(المطعون) : هُوَ، الَّذِي يَمُوت فِي الطَّاعُون، أَي: الوباء، وَلم يرد المطعون بِالسِّنَانِ، لِأَنَّهُ الشَّهِيد فِي سَبِيل الله، والطاعون مرض عَام فَيفْسد لَهُ الْهَوَاء فتفسد الأمزجة والأبدان. قَوْله:(والمبطون) ، هُوَ صَاحب الإسهال، وَقيل: هُوَ الَّذِي بِهِ الاسْتِسْقَاء، وَقيل: هُوَ الَّذِي يشتكي بَطْنه. وَقيل: من مَاتَ بداء بَطْنه مُطلقًا. قَوْله: (وَصَاحب الْهدم) ، هُوَ الَّذِي يَمُوت تَحت الْهدم، وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: بِفَتْح الدَّال الْمُهْملَة، وَهُوَ اسْم مَا يَقع، وَأما بتسكين الدَّال فَهُوَ الْفِعْل، وَالَّذِي يَقع هُوَ الَّذِي يقتل، وَيجوز أَن ينْسب الْقَتْل إِلَى الْفِعْل. قَوْله:(والشهيد فِي سَبِيل الله) هَذَا هُوَ الْخَامِس من الشُّهَدَاء. وَقَالَ الطَّيِّبِيّ فَإِن قلت: خَمْسَة، خبر الْمُبْتَدَأ والمعدود هَذَا بَيَان لَهُ، فَكيف يَصح لَهُ فِي الْخَامِس، فَإِنَّهُ حمل الشَّيْء على نَفسه فَكَأَنَّهُ قَالَ: الشَّهِيد هُوَ الشَّهِيد؟ قلت: هُوَ من بَاب.

(أَنا أَبُو النَّجْم وشعري شعري)

وَقَالَ الْكرْمَانِي: الأولى أَن يُقَال: المُرَاد بالشهيد: الْقَتِيل، فَكَأَنَّهُ قَالَ: الشُّهَدَاء كَذَا وَكَذَا والقتيل فِي سَبِيل الله. قَوْله: (إلَاّ أَن يستهموا) أَي: إلَاّ أَن يقترعوا، وَتقدم الْكَلَام فِيهِ فِي: بَاب الاستهام فِي الْأَذَان. قَوْله: (وَلَو حبوا)، الحبو: حبو الصَّغِير على يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ. وَقَالَ ابْن الْأَثِير: الْحَيَوَان يمشي على يَدَيْهِ وركبتيه أَو استه، وحبا الْبَعِير، إِذا برك ثمَّ زحف من الإعياء، وحبا الصَّغِير إِذا زحف على أسته

ص: 171