المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب هل يخرج من المسجد لعلة - عمدة القاري شرح صحيح البخاري - جـ ٥

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌(كتاب مَوَاقِيت الصَّلَاة)

- ‌ بَاب مَوَاقِيت الصَّلَاة وفضلها

- ‌(بابٌ قَوْلُ الله تَعَالَى {مُنِيبِينَ إلَيْهِ واتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (الرّوم:

- ‌(بابُ البَيْعَةِ عَلَى إقَامَةِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بابٌ الصَّلَاةُ كَفَّارَةٌ)

- ‌(بابُ فَضْلِ الصَّلَاةِ لوَقْتِهَا)

- ‌(بابٌ الصَلَوَاتُ الخَمْسُ كَفَّارَةٌ)

- ‌(بابُ تَضْيِيعِ الصَّلاةِ عَنْ وَقْتِهَا)

- ‌(بابٌ المصَلِّي يُنَاجِي رَبَّهُ عز وجل

- ‌(بابُ الإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الحَرِّ)

- ‌(بابُ الإبْرَادِ بِالظُهْرِ فِي السفَرِ)

- ‌(بابٌ وَقْتُ الظهْرِ عِنْدَ الزَّوَال)

- ‌(بابُ تَأْخِيرِ الظُّهْرِ إلَى العَصَرِ)

- ‌(بابُ وَقْتِ العَصْرِ. وقَالَ أبُو أُسامَةَ عنْ هِشَامٍ منْ قَعْرِ حُجْرَتِهَا)

- ‌(بابُ إثْمِ مَنْ تَرَكَ العَصْرَ)

- ‌(بابُ منْ أدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ العَصْرِ قَبْلَ الغُرُوبِ)

- ‌(بابُ وقْتِ المغْرَبَ)

- ‌(بابُ مَنْ كَرِهَ أنْ يُقَالَ لِلْمَغْرِبِ العِشَاءُ)

- ‌(بابُ ذِكْرِ العِشَاءِ والعَتْمَةِ ومَنْ رَآهُ واسِعا)

- ‌(بابُ وَقْتِ العِشَاءِ إذَا اجْتَمَعَ النَّاسُ أوْ تَأَخَّرُوا

- ‌(بابُ وَقْتِ العِشَاءِ إذَا اجْتَمَعَ النَّاسُ أوْ تَأَخَّرُوا

- ‌‌‌(يايُ فَضْلِ العِشَاءِ

- ‌(يايُ فَضْلِ العِشَاءِ

- ‌(بابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ النَّوْمِ قَبْلَ العِشَاءِ)

- ‌(بابُ النَّوْمِ قَبْلَ العِشَاءِ لِمَنْ غُلِبَ)

- ‌(بابُ وقْتِ العِشَاءِ إلَى نِصْفِ الليْلِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ صَّلَاةِ الفَجْرِ)

- ‌(بابُ وقتِ الفَجْرِ)

- ‌(بابُ منْ أدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الفَجْرِ)

- ‌(بابُ مَنْ أدْرَكَ مِنَ الصَّلاة رَكْعَةً)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الفَجْرِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ)

- ‌(بابٌ لَا يَتَحَرَّى الصَّلَاةَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يَكْرَهِ الصَّلَاةَ ألَاّ بَعْدَ العَصْرِ والفَجْرِ)

- ‌(بابُ مَا يُصَلَّى بَعْدَ العَصْرِ منَ الفَوَائِتِ وغَيْرِهَا)

- ‌(بابُ التَّبْكِيرِ بِالصَّلَاةِ فِي يَوْمِ غَيْمٍ)

- ‌(بابُ الأَذَانِ بعْدَ ذَهَابِ الوَقْتِ)

- ‌(بابُ مَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ جَمَاعَةً بَعْدَ ذَهَابِ الوَقْتِ)

- ‌(بابُ منْ نَسِيَ صلَاةً فَلْيُصَلِّ إِذا ذَكَرهَا وَلَا يُعِيدُ إلَاّ تِلْكَ الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب قضَاءِ الصَّلَوَاتِ الأُولَى فَالأُولَى)

- ‌(بابُ مَا يُكْرَهُ منَ السَّمَرِ بَعْدَ العِشَاءِ)

- ‌(بابُ السَّمَرِ فِي الفِقْهِ والخَيْرِ بَعْدَ العِشَاءِ)

- ‌(بابُ السَّمَرِ معَ الضَّيْفِ والأَهْلِ)

- ‌(بابُ السَّمَرِ معَ الضَّيْفِ والأَهْلِ)

- ‌(كِتَابُ الأذَانِ)

- ‌(بابُ بِدْءَ الأَذَانِ)

- ‌‌‌(بابٌ الأَذان مَثْنَى مَثْنَى)

- ‌(بابٌ الأَذان مَثْنَى مَثْنَى)

- ‌(بابٌ الإِقامَةُ واحِدَةٌ إِلَاّ قَوْلَهُ قَدْ قامَتِ الصَّلَاةُ)

- ‌(بابُ فَضْلِ التَّأذِينِ)

- ‌(بابُ رَفْعِ الصَّوْتِ بالنِّدَاءِ)

- ‌(بابُ مَا يُحْقَنُ بِالآذَانِ مِنَ الدِّمَاءِ)

- ‌(بابُ مَا يَقُولُ إذَا سَمِعَ المُنَادِي)

- ‌(بابُ الدُّعاءِ عِنْدَ النِّدَاءِ)

- ‌(بابُ الاستِهَامِ فِي الأذَانِ)

- ‌(بابُ الكَلَامِ فِي الأذَانِ)

- ‌(بابُ أَذانِ الأعْمَى إذَا كانَ لهُ مَنْ يُخْبِرِهِ)

- ‌(بابُ الآذَانِ بَعْدَ الفَجْرِ)

- ‌(بابُ الأذَانِ قَبْلَ الفَجْرِ)

- ‌(بابُ مَنِ انْتَظَرَ الإقَامَةَ)

- ‌(بابٌ هَل يُتْبِعُ المُؤَذِّنُ فاهُ هَهنا وهَهُنا وهَلْ يَلْتَفِتُ فِي الأَذَانِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الرَّجلِ فاتَتْنَا الصلاةُ)

- ‌(بابٌ لَا يَسْعَى إلَى الصَّلَاةِ وَلْيَأْتِ بالسَّكِينَةِ والوَقارِ)

- ‌(بابٌ مَتَى يَقُومُ النَّاسُ إذَا رَأوُا الإِمامَ عِنْدَ الإِقَامَةِ)

- ‌(بابٌ لَا يَسْعَى إلَى الصَّلَاةِ مُسْتَعْجِلاً وَلْيُقِمْ بِالسَّكِينَةِ والوَقَارِ)

- ‌(بابٌ هَلْ يَخْرُجُ مِنَ المَسْجِدِ لِعِلَّةٍ

- ‌(بابٌ إذَا قالَ الإمامُ مكانَكُمْ حَتَّى نَرْجِعَ انْتَظِرُوه)

- ‌(بابُ قَوْلِ الرَّجلِ مَا صَلَّيْنا)

- ‌(بابُ الإمامِ تَعْرِضُ لَهُ الحاجَةُ بَعْدَ الإِقَامَةِ)

- ‌(بابُ وُجُوبِ صَلَاةِ الجَمَاعَةِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ صَلَاةِ الجَمَاعَةِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ صَلَاةِ الفَجْرِ فِي جَمَاعةٍ)

- ‌(بابُ فَضْلِ التَّهْجِيرِ إلَى الظُّهْرِ)

- ‌(بابُ احْتِسَابِ الآثَارِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ صَلَاةِ العِشَاءِ فِي الجَمَاعَةِ)

- ‌(بابٌ اثْنان فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ)

- ‌(بابُ مَنْ جَلَسَ فِي المَسْجِد يَنْتَظَرُ الصَّلاةَ وفَضْلِ المسَاجِدِ)

- ‌(بابُ فَضْل منْ غَدَا إِلَى المَسْجِدِ ومنْ راحَ)

- ‌(بابٌ إذَا أُقِيمَتِ الصلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إلَاّ المَكْتُوبَةُ)

- ‌(بابُ حَدِّ المَرِيضِ أنْ يَشْهَدَ الجَمَاعَةَ)

- ‌(بابُ الرُّخْصَةِ فِي المَطَرِ والعِلَّةِ أنْ يُصَلِّيَ فِي رَحْلِهِ)

- ‌(بابٌ هَلْ يُصَلِّي الإِمامُ بِمَنْ حَضَرَ وهَلْ يَخْطُبُ يَوْمَ الجُمُعَةِ فِي المَطَرِ)

- ‌(بابٌ إذَا حَضَرَ الطَّعَامُ وأُقِيمتِ الصَّلَاةُ)

- ‌(بابُ إذَا دُعِيَ الإمامُ إلَى الصَّلَاةِ وَبِيَدِهِ مَا يأكُلُ)

- ‌(بابُ منْ كانَ فِي حاجَةِ أهْلِهِ فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَخَرَجَ)

- ‌(بابُ مَنْ صَلَّى بالنَّاسِ وَهْوَ لَا يُرِيدُ إلَاّ أنْ يُعَلِّمَهُمْ صَلَاةَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وسُنَّتَهْ)

- ‌(بابٌ أهْلُ العِلْمِ والفَضْلِ أحَقُّ بِالإمَامةِ)

- ‌(بابُ منْ قامَ إلَى جَنْبِ الإمَامِ لِعِلَّةٍ)

- ‌(بابُ مَنْ دَخَلَ لِيَؤُمَّ الناسَ فَجَاءَ الإمامُ الأوَّلُ فَتَأخَّرَ الأوَّلُ أوْ لَمْ يَتَأخَّرْ جازَتْ صَلَاتُهُ)

- ‌(بابٌ إذَا اسْتَوَوْا فِي القِرَاءَةِ فَلْيَؤُمَّهُمْ أكْبَرُهُمْ)

- ‌(بابٌ إِذا زَارَ الإمامُ قَوْما فَأمَّهُمْ)

- ‌(بابٌ إنَّمَا جُعِلَ الإمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ)

- ‌(بابُ مَتَى يَسْجُدُ مَنْ خَلْفَ الإمَامِ)

- ‌(بابُ إثْمِ مَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الإمَامِ)

- ‌(بابُ إمامَةِ العَبْدِ والمَوْلَى)

- ‌(بابٌ إذَا لَمْ يُتِمَّ الإمَامُ وَأَتَم مَنْ خَلْفَهُ)

- ‌(بابُ إمَامَةِ المَفْتُونِ والمُبْتَدِعِ)

- ‌(بابٌ يَقُومُ عنْ يَمِينِ الإمَامِ بِحِذَائِهِ سَوَاءً إذَا كانَا اثْنَيْنِ)

- ‌(بابٌ إذَا قامَ الرَّجُلُ عنْ يَسارِ الإمَامِ فَحَوَّلَهُ الإمَامُ إلَى يَمِينِهِ لَمْ تَفْسُدْ صلَاتُهُمَا)

- ‌(بابٌ إذَا لَمْ يَنْوِ الإمَامْ أَن يَؤُمَّ ثُمَّ جاءَ قَوْمٌ فَأَمَّهُمْ)

- ‌(بابٌ إذَا طَوَّلَ الإمامُ وكانَ لِلرَّجُلِ حاجَةٌ فَخَرَجَ فَصَلَّى)

- ‌(بابُ تَخْفِيفِ الإمَامِ فِي القِيامِ وإتْمَامِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ)

- ‌(بابٌ إذَا صَلَّى لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شاءَ)

- ‌(بابُ منْ شكا إمامَهُ إذَا طَوَّلَ)

- ‌(بابُ الإيجَازِ فِي الصَّلاةِ وَإكْمَالِهَا)

- ‌(بابُ منْ أخَفَّ الصَّلَاةَ عِنْدَ بُكَاءِ الصّبِيِّ)

- ‌(بابُ إذَا صَلَّى ثُمَّ أمَّ قَوْما)

- ‌(بابُ مَنْ أسْمَعَ النَّاسَ تَكْبِيرَ الإمَامِ)

- ‌(بابٌ الرَّجُلُ يَأتَمُّ بالإمَامِ ويأتَمُّ النَّاسُ بِالمَأمُومِ)

- ‌(بابٌ هِلْ يَأخُذُ الإمَامُ إذَا شَكَّ بِقَوْلِ الناسِ)

- ‌(بابٌ إذَا بَكَى الإمامُ فِي الصَّلاةِ

- ‌(بابُ إقْبَالِ الإمامِ النَّاسَ عِنْدَ تَسْوِيَةِ الصُفُوفِ)

- ‌(بابُ الصَّفِّ الأَوَّلِ)

- ‌(بابٌ إقامةُ الصَّف مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بابُ إثْمِ مَنْ لَمْ يُتِمَّ الصُّفُوفَ)

- ‌(بابُ الصَاقِ المَنْكِبِ بِالمَنْكِبِ والقَدَم بالقَدَمِ فِي الصَّفِّ)

- ‌(بابٌ إِذا قامَ الرَّجُلُ عَنْ يَسَارِ الإمَامِ وَحَوَّلَهُ الإمامُ خَلْفَهُ إلَى يَمِينِهِ تَمَّتْ صلاتُهُ)

- ‌(بابٌ المَرْأةُ وَحْدَهَا تَكُونُ صَفّا)

- ‌(بابُ مَيْمَنَةِ المَسْجِدِ والإمَامِ)

- ‌(بابٌ إذَا كانَ بَيْنَ الإمَامِ وبَيْنَ القَوْمِ حائِطٌ أوْ سُتْرَةٌ)

- ‌(بابُ صَلَاةِ اللَّيْلِ)

- ‌(أبْوابُ صِفَةُ الصَّلَاةِ)

- ‌(بابُ إيجَاب التَّكبِيرِ وَافْتِتَاحِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بابُ رَفْعِ اليَدَيْنِ فِي التَّكْبِيرَةِ الأولَى مَعَ الافْتِتَاحِ سَوَاءً)

- ‌(بابُ رَفْعِ اليَدَيْنِ إذَا كَبَّرَ وإذَا رَكَعَ وإذَا رَفَعَ)

- ‌(بابُ إلَى أيْنَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ)

- ‌(بابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ إذَا قامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ)

- ‌(بابُ وَضْعِ اليُمْنَى عَلَى اليُسْرَى فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بابُ الخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بابُ مَا يَقُولُ بَعْدَ التَّكْبِيرِ)

- ‌(بابُ رَفْعِ البَصَرِ إلَى الإمَامِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب رفع الْبَصَر إِلَى السَّمَاء فِي الصَّلَاة)

- ‌(بَاب الِالْتِفَات فِي الصَّلَاة)

الفصل: ‌(باب هل يخرج من المسجد لعلة

مَالك رَحمَه الله تَعَالَى: السّنة فِي الشُّرُوع فِي الصَّلَاة بعد الْإِقَامَة وبداية اسْتِوَاء الصَّفّ. وَقَالَ أَحْمد: إِذا قَالَ الْمُؤَذّن: قد قَامَت الصَّلَاة، يقوم. وَقَالَ زفر: إِذا قَالَ الْمُؤَذّن: قد قَامَت الصَّلَاة، مرّة قَامُوا، وَإِذا قَالَ ثَانِيًا افتتحوا. وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد: يقومُونَ فِي الصَّفّ إِذا قَالَ: حَيّ على الصَّلَاة، فَإِذا قَالَ: قد قَامَت الصَّلَاة كبر الإِمَام، لِأَنَّهُ أَمِين الشَّرْع، وَقد أخبر بقيامها فَيجب تَصْدِيقه وَإِذا لم يكن الإِمَام فِي الْمَسْجِد فَذهب الْجُمْهُور إِلَى أَنهم لَا يقومُونَ حَتَّى يروه. فَإِن قلت: روى مُسلم من حَدِيث أبي هُرَيْرَة: (أُقِيمَت الصَّلَاة فقمنا فعدلنا الصُّفُوف قبل أَن يخرج إِلَيْنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم . وَفِي رِوَايَة: (إِن الصَّلَاة كَانَت تُقَام لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَيَأْخُذ النَّاس مَصَافهمْ قبل أَن يقوم النَّبِي صلى الله عليه وسلم مقَامه) . وَفِي رِوَايَة جَابر بن سَمُرَة: (كَانَ بِلَال يُؤذن، إِذا دحضت الشَّمْس، فَلَا يُقيم حَتَّى يخرج النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَإِذا خرج الإِمَام أَقَامَ الصَّلَاة حِين يرَاهُ) وَبَين هَذِه الرِّوَايَات مُعَارضَة. قلت: وَجه الْجمع بَينهمَا: أَن بِلَالًا كَانَ يراقب خُرُوج النَّبِي صلى الله عليه وسلم من حَيْثُ لَا يرَاهُ غَيره، أَو إلَاّ الْقَلِيل، فَعِنْدَ أول خُرُوجه يُقيم، وَلَا يقوم النَّاس حَتَّى يروه، ثمَّ لَا يقوم مقَامه حَتَّى بِعدْل الصُّفُوف. وَقَوله فِي رِوَايَة أبي هُرَيْرَة:(فَيَأْخُذ النَّاس مَصَافهمْ قبل خُرُوجه) ، لَعَلَّه كَانَ مرّة أَو مرَّتَيْنِ أَو نَحْوهمَا، لبَيَان الْجَوَاز؛ أَو لعذر. وَلَعَلَّ قَوْله، صلى الله عليه وسلم:(فَلَا تقوموا حَتَّى تروني) كَانَ بعد ذَلِك. قَالَ الْعلمَاء: وَالنَّهْي عَن الْقيام قبل أَن يروه لِئَلَّا يطول عَلَيْهِم الْقيام، لِأَنَّهُ قد يعرض لَهُ عَارض فَيتَأَخَّر بِسَبَبِهِ.

23 -

(بابٌ لَا يَسْعَى إلَى الصَّلَاةِ مُسْتَعْجِلاً وَلْيُقِمْ بِالسَّكِينَةِ والوَقَارِ)

أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ: لَا يقوم الشَّخْص إِلَى الصَّلَاة حَال كَونه مستعجلاً، وليقم إِلَى الصَّلَاة متلبسا بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقار، وَقد مر مَعْنَاهُ، وَالْفرق بَينهمَا، وَهَذَا هَكَذَا هُوَ رِوَايَة الْحَمَوِيّ، وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي: بَاب لَا يسْعَى إِلَى الصَّلَاة، وَفِي رِوَايَة البَاقِينَ: بَاب لَا يسْعَى إِلَى الصَّلَاة وَلَا يقوم إِلَيْهَا مستعجلاً.

638 -

حدَّثنا أبُو نُعَيْمٍ قَالَ حدَّثنا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عنْ عبْدِ الله ابنِ أبي قَتَادَةَ عنْ أبِيهِ قَالَ قالَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِي وَعَلَيْكُمْ بالسَّكِينَةِ (انْظُر الحَدِيث 637) .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَأَبُو نعيم الْفضل بن دُكَيْن، وشيبان بن عبد الرَّحْمَن النَّحْوِيّ، وَيحيى بن أبي كثير، وَهَذَا الحَدِيث قد مر عَن مُسلم بن إِبْرَاهِيم عَن هِشَام عَن يحيى عَن عبد الله بن أبي قَتَادَة عَن أَبِيه، وَفِي هَذَا زِيَادَة على ذَلِك وَهُوَ قَوْله:(وَعَلَيْكُم بِالسَّكِينَةِ) ، وَهَذَا هَكَذَا فِي رِوَايَة أبي ذَر وكريمة، وَفِي رِوَايَة الْأصيلِيّ وَأبي الْوَقْت:(وَعَلَيْكُم بِالسَّكِينَةِ) بِحَذْف: الْبَاء، وَكَذَا أخرجه أَبُو عوَانَة من طَرِيق شَيبَان، وَقد ذكرنَا إِعْرَاب الْوَجْهَيْنِ عَن قريب.

تَابَعَهُ عَلِيُّ بنُ المُبَارَكِ

أَي: تَابع عَليّ بن الْمُبَارك الْبَصْرِيّ شَيبَان عَن يحيى بن أبي كثير، وَقد وصل البُخَارِيّ هَذِه الْمُتَابَعَة فِي كتاب الْجُمُعَة، وَلَفظه:(وَعَلَيْكُم بِالسَّكِينَةِ) بِغَيْر: بَاء. وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس الطرقي: تفرد شَيبَان وَعلي بن الْمُبَارك عَن يحيى بِهَذِهِ الزِّيَادَة، ورد عَلَيْهِ ذَلِك، لِأَن مُعَاوِيَة بن سَلام تابعهما عَن يحيى، ذكره أَبُو دَاوُد عقيب رِوَايَة أبان عَن يحيى، فَقَالَ: رَوَاهُ مُعَاوِيَة بن سَلام وَعلي بن الْمُبَارك عَن يحيى وَقَالا فِيهِ: (حَتَّى تروني وَعَلَيْكُم السكينَة) .

24 -

‌(بابٌ هَلْ يَخْرُجُ مِنَ المَسْجِدِ لِعِلَّةٍ

؟)

أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ: هَل يخرج الرجل من الْمَسْجِد بعد إِقَامَة الصَّلَاة لأجل عِلّة؟ أَي: ضَرُورَة؟ وَذَلِكَ مثل أَن يكون مُحدثا أَو جنبا أَو كَانَ حاقنا أَو حصل بِهِ رُعَاف أَو نَحْو ذَلِك، أَو كَانَ إِمَامًا بِمَسْجِد آخر؟ فَإِن قلت: رُوِيَ (عَن أبي هُرَيْرَة أَنه رأى رجلا يخرج من الْمَسْجِد بعد أَن أذن الْمُؤَذّن بالعصر، فَقَالَ: أما هَذَا فقد عصى أَبَا الْقَاسِم) . رَوَاهُ مُسلم وَالْأَرْبَعَة. قلت: هَذَا مَحْمُول على من خرج بِغَيْر ضَرُورَة، وَقد أوضح ذَلِك مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي (الْأَوْسَط) : من طَرِيق سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَلَفظه: (لَا يسمع النداء فِي مَسْجِدي ثمَّ يخرج مِنْهُ إِلَّا لحَاجَة ثمَّ لَا يرجع إِلَيْهِ إلَاّ مُنَافِق.

ص: 154

639 -

حدَّثنا عَبْدُ العَزِيزِ بنِ عَبْدِ الله قَالَ حدَّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ سَعْدٍ عنْ صالِحِ بنِ كَيْسَان عنِ ابنِ شِهَابٍ عنْ أبِي سَلَمَةَ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ أنَّ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم خَرَجَ وقَدْ أُقِيمَتِ الصَّلاةُ وَعُدِّلَتِ الصُفُوفُ حَتَّى إذَا قامَ فِي مُصَلَاّهُ انْتَظَرْنا أنْ يُكَبِّرَ انْصَرَفَ قالَ عَلَى مَكَانِكُمْ فَمَكَثْنَا عَلَى هَيْئَتِنَا حَتَّى خَرَجَ إلَيْنَا يَنْطُفُ رأسُهُ مَاء وقَدِ اغْتَسَلَ (انْظُر الحَدِيث 275 وطرفه) .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

ذكر رِجَاله: وهم سِتَّة: عبد الْعَزِيز بن عبد الله بن يحيى أَبُو الْقَاسِم القريشي، وَابْن شهَاب هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين: وَفِيه: العنعنة فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع. وَفِيه: القَوْل فِي مَوضِع وَاحِد. وَفِيه: أَن شيخ البُخَارِيّ من أَفْرَاده. وَفِيه: رِوَايَة ثَلَاثَة من التَّابِعين يروي بَعضهم عَن بعض، وهم صَالح بن كيسَان فَإِنَّهُ رأى عبد الله بن عمر، وَالزهْرِيّ وَأَبُو سَلمَة. وَفِيه: أَن رُوَاته كلهم مدنيون.

وَأخرج البُخَارِيّ فِي كتاب الْغسْل فِي: بَاب إِذا ذكر فِي الْمَسْجِد أَنه جنب يخرج كَمَا هُوَ وَلَا يتَيَمَّم: حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد، قَالَ: حَدثنَا عُثْمَان بن عمر، قَالَ: حَدثنَا يُونُس عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ:(أُقِيمَت الصَّلَاة وَعدلت الصُّفُوف قيَاما، فَخرج إِلَيْنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا قَامَ فِي مُصَلَّاهُ ذكر أَنه جنب، فَقَالَ لنا: مَكَانكُمْ، ثمَّ رَجَعَ فاغتسل ثمَّ خرج إِلَيْنَا وَرَأسه يقطر، فَكبر وصلينا مَعَه) . وَقد قُلْنَا هُنَاكَ: إِنَّه أخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ، وتكلمنا بِمَا فِيهِ الْكِفَايَة، ولنتكلم هُنَا بِمَا يتَعَلَّق بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُور.

فَقَوله: (خرج) أَي: من الْحُجْرَة، وَقَالَ بَعضهم: يحْتَمل أَن يكون خُرُوجه فِي حَال الْإِقَامَة، وَيحْتَمل أَن تكون الْإِقَامَة تقدّمت خُرُوجه، وَهُوَ ظَاهر فِي الرِّوَايَة الَّتِي فِي الْبَاب الَّذِي بعده لتعقيب الْإِقَامَة بالتسوية، وتعقيب التَّسْوِيَة بِخُرُوجِهِ جَمِيعًا بِالْفَاءِ. قلت: لَيْسَ فِيهِ الاحتمالان اللَّذَان ذكرهمَا، بل معنى الْحَدِيثين سَوَاء، لِأَن الجملتين أَعنِي قَوْله:(وَقد أُقِيمَت الصَّلَاة وَعدلت الصُّفُوف) . وقعتا حَالين، وَالْمعْنَى أَنه خرج وَالْحَال أَنهم أَقَامُوا الصَّلَاة وَعدلُوا الصُّفُوف، وَكَذَلِكَ معنى الحَدِيث الثَّانِي، لِأَن الْفَاء فِيهِ لَيست للتعقيب كَمَا ظَنّه هَذَا الْقَائِل، وَإِنَّمَا هَذِه: الْفَاء، تسمى: فَاء الْحَال، وَالْمعْنَى: حَال إِقَامَة الصَّلَاة وتعديل الصُّفُوف خرج النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: السّنة أَن تكون الْإِقَامَة بِنَظَر الإِمَام، فَلم أُقِيمَت قبل خُرُوجه؟ وَتقدم حَدِيث:(لَا تقوموا حَتَّى تروني) فلِمَ عدلت الصُّفُوف قبل ذَلِك؟ قلت: لفظ: قد، يقرب الْمَاضِي من الْحَال، فَمَعْنَاه خرج فِي حَال الْإِقَامَة، وَفِي حَال التَّعْدِيل فَلَا يلْزم المحذوران الْمَذْكُورَان أَو علمُوا بالقرائن خُرُوجه، أَو أذن لَهُ فِي الْإِقَامَة وَلَهُم فِي الْقيام. انْتهى. قلت: لَا حَاجَة إِلَى قَوْله: بِأَن لفظ: قد، يقرب الْمَاضِي من الْحَال، لِأَن الْجُمْلَة الَّتِي دخلت عَلَيْهَا لَفْظَة: قد، حَالية كَمَا ذكرنَا، وَالْأَصْل أَن الْجُمْلَة الفعلية الْمَاضِيَة إِذا وَقعت حَالا تدخل عَلَيْهَا: قد، كَمَا تدخل: الْوَاو، على الْجُمْلَة الإسمية إِذا وَقعت حَالا، وَإِذا دخلت الْجُمْلَة الفعلية الْوَاقِعَة حَالا عَن لَفْظَة: قد، ظَاهرا تقدر فِيهَا، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى:{أوجاؤكم حصرت صُدُورهمْ} (النِّسَاء: 90) . أَي: قد حصرت. قَوْله: (وَعدلت) أَي: سويت. قَوْله: (حَتَّى إِذا قَامَ فِي مُصَلَّاهُ انتظرناه أَن يكبر انْصَرف) . وَفِي رِوَايَة مُسلم من طَرِيق يُونُس عَن الزُّهْرِيّ: (قبل أَن يكبر فَانْصَرف) . وَفِيه: دَلِيل على أَنه انْصَرف قبل أَن يدْخل فِي الصَّلَاة. فَإِن قلت: يُعَارضهُ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْن حبَان: (عَن أبي بكرَة ان النَّبِي صلى الله عليه وسلم دخل فِي صَلَاة الْفجْر فَكبر ثمَّ أَوْمَأ إِلَيْهِم) ، وَمَا رَوَاهُ مَالك من طَرِيق عَطاء بن يسَار مُرْسلا أَنه صلى الله عليه وسلم كبر فِي صَلَاة من الصَّلَوَات ثمَّ أَشَارَ بِيَدِهِ، أَن: امكثوا قلت: إِذا قُلْنَا إنَّهُمَا وَاقِعَتَانِ فَلَا تعَارض، وإلَاّ فَالَّذِي فِي الصَّحِيح أصح. قَوْله:(انتظرنا)، جملَة حَالية عَامل فِي الظّرْف. قَوْله:(أَن يكبر) كلمة: أَن، مَصْدَرِيَّة أَي: انتظرنا تكبيره. قَوْله: (انْصَرف) أَي: إِلَى الْحُجْرَة، وَهُوَ جَوَاب: إِذا. قَوْله: (قَالَ)، اسْتِئْنَاف. قَوْله:(على مَكَانكُمْ)، أَي: توقفوا على مَكَانكُمْ والزموا موضعكم. قَوْله: (فَمَكثْنَا)، من: الْمكْث، وَهُوَ: اللّّبْث. قَوْله: (على هيئتنا)، بِفَتْح الْهَاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الْهمزَة بعْدهَا التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق: أَي: على الْهَيْئَة وَالصُّورَة الَّتِي كُنَّا عَلَيْهَا، وَهِي: قيامهم فِي الصُّفُوف المعدلة، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني:(على هينتنا) بِكَسْر الْهَاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح النُّون وَكسر التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق، والهينة: الرِّفْق والتأني، وَرِوَايَة الْجَمَاعَة أصوب وأوجه. قَوْله:(ينطف)، بِكَسْر الطَّاء وَضمّهَا أَي: يقطر، كَمَا صرح بِهِ فِي الرِّوَايَة الَّتِي تَأتي بعْدهَا هَذِه، وَهَذِه الْجُمْلَة حَال، وَكَذَا

ص: 155