الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِيهِ رد لقَوْل إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ: يكره أَن يَقُول الرجل: لم نصل، وَكَرَاهَة النَّخعِيّ لَيست على إِطْلَاقهَا، بل إِنَّمَا هِيَ فِي حق منتظر الصَّلَاة، ومنتظر الصَّلَاة فِي الصَّلَاة، فَقَوْل المنتظر: مَا صلينَا يَقْتَضِي نفي مَا أثْبته الشَّارِع، فَلذَلِك كرهه، وَالدَّلِيل على ذَلِك أَن البُخَارِيّ لَو أَرَادَ الرَّد عَلَيْهِ مُطلقًا لصرح بذلك كَمَا صرح بِالرَّدِّ على ابْن سِيرِين فِي تَرْجَمَة: فاتتنا الصَّلَاة.
641 -
حدَّثنا أبُو نُعَيْمٍ قَالَ حدَّثنا شَيْبَانُ عنْ يَحْيَى قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ يَقُولُ أخبرنَا جابِرُ بنُ عَبْدِ الله أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جاءَهُ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ يَوْمَ الخَنْدَقِ فَقَالَ يَا رسولَ الله وَالله مَا كِدْتُ أنْ أصَلِّيَ حَتَّى كادَتِ الشَّمْسُ تَغْرُبُ وذَلِكَ بَعْدَ مَا أفْطَرَ الصَّائِمُ فَقَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم وَالله مَا صَلَّيْتُها فَنَزَلَ النبيُّ ألَى بُطْحَانَ وأنَا مَعَهُ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ صَلَّى يَعْنِي العَصْرَ بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا المَغْرِبَ. .
قَالَ الْكرْمَانِي: مَا يظْهر من كَلَامه أَن مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (مَا كدت أَن أُصَلِّي)، وَهُوَ معنى: مَا صليت، بِحَسب عرف الِاسْتِعْمَال، فَهَذَا قَول عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، للنَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ بَعضهم: ثمَّ إِن اللَّفْظ الَّذِي أوردهُ الْمُؤلف وَقع النَّفْي فِيهِ من قَول النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَا من قَول الرجل، لَكِن فِي بعض طرقه وُقُوع ذَلِك من الرجل أَيْضا، وَهُوَ عمر كَمَا أوردهُ فِي الْمَغَازِي، وَهَذِه عَادَة مَعْرُوفَة للمؤلف، يترجم بِبَعْض مَا وَقع فِي طرق الحَدِيث الَّذِي يَسُوقهُ، وَلَو لم يَقع فِي الطَّرِيق الَّتِي يوردها فِي تِلْكَ التَّرْجَمَة. انْتهى. قلت: الَّذِي قَالَه الْكرْمَانِي هُوَ الْأَوْجه لِأَنَّهُ لَا يحسن أَن يترجم بِبَعْض مَا فِي حَدِيث أورد فِي غير الْبَاب الَّذِي ترْجم بِهِ، وَالْأَحْسَن أَن تقع الْمُطَابقَة بَين التَّرْجَمَة والْحَدِيث فِي الْبَاب الَّذِي ذكره.
ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة قد ذكرُوا غير مرّة، وَأَبُو نعيم: الْفضل بن دُكَيْن، وشيبان بن عبد الرَّحْمَن النَّحْوِيّ وَيحيى ابْن أبي كثير.
وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين والإخبار كَذَلِك فِي مَوضِع. وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع وَاحِد. وَفِيه: السماع. وَفِيه: القَوْل فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
وَهَذَا الحَدِيث قد مر فِي: بَاب من صلى بِالنَّاسِ جمَاعَة بعد ذهَاب الْوَقْت، وَقد اسْتَوْفَيْنَا الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
قَوْله: (مَا كدت أَن أُصَلِّي) خبر: كَاد، قد يسْتَعْمل: بِأَن اسْتِعْمَال: عَسى، وَالْأَصْل عدمهَا، وَقد اسْتعْمل هَهُنَا على الْوَجْهَيْنِ حَيْثُ قَالَ:(ان اصلي وتغرب) . قَوْله: (وَذَلِكَ) أَي: القَوْل. قَوْله: (بَعْدَمَا أفطر الصَّائِم) أَي: بعد الْغُرُوب، قَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: كَيفَ يكون الْمَجِيء بعد الْغُرُوب، وَقد صرح بِأَنَّهُ جَاءَ يَوْم الخَنْدَق؟ قلت: أَرَادَ بِالْيَوْمِ الزَّمَان، كَمَا يُقَال رَأَيْته يَوْم ولادَة فلَان، وَإِن كَانَت بِاللَّيْلِ، وَالْغَرَض مِنْهُ بَيَان التَّارِيخ لَا خُصُوصِيَّة الْوَقْت. قَوْله:(بطحان) ، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الطَّاء، وَهُوَ وَاد بِالْمَدِينَةِ، غير منصرف.
27 -
(بابُ الإمامِ تَعْرِضُ لَهُ الحاجَةُ بَعْدَ الإِقَامَةِ)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ الإِمَام تعرض
…
إِلَى آخِره، و: تعرض، بِكَسْر الرَّاء: أَي، تظهر، وَبعده مُقَدّر، تَقْدِيره: هَل يُبَاح لَهُ التشاغل بِالْحَاجةِ قبل الدُّخُول فِي الصَّلَاة أم لَا؟ وَالْحَاصِل: أَنه يجوز. وَقيد بقوله: (بعد الْإِقَامَة) ، لِأَن قبل الْإِقَامَة الْجَوَاز بِالطَّرِيقِ الأولى
642 -
حدَّثنا أبُو مَعْمَرِ عَبْدُ الله بنُ عَمْرٍ وَقَالَ حدَّثنا عَبْدُ الوَارِثِ قَالَ حدَّثَنا عَبْدُ العَزِيزِ ابنُ صُهَيْبٍ عَنْ أنَسٍ قَالَ أقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يُنَاجِي رَجُلاً فِي جانِبِ المَسْجِدِ فَما قامَ إلَى الصَّلَاةِ حَتَّى نَامَ القَوْمُ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم ناجى ذَلِك الرجل وَالصَّلَاة قد أُقِيمَت، وَأطَال الْمُنَاجَاة فَهَذَا هُوَ عرُوض الْحَاجة لَهُ، فَلذَلِك قيد فِي التَّرْجَمَة بِالْإِمَامِ. وَقَالَ ابْن الْمُنِير: خص الإِمَام بِالذكر يَعْنِي فِي التَّرْجَمَة مَعَ أَن الحكم عَام. قلت: إِنَّمَا قيدها بِالْإِمَامِ لتَعلق هَذَا الحكم بِهِ، لِأَن الْمَأْمُوم إِذا عرضت لَهُ حَاجَة لَا يتَقَيَّد بِهِ غَيره من الْقَوْم، بِخِلَاف الإِمَام، فَإِنَّهُ إِذا
عرضت لَهُ حَاجَة يتَقَيَّد بِهِ الْقَوْم جَمِيعًا، وَمَعَ هَذَا فقد أَشَارَ إِلَى بَيَان عُمُوم الحكم بِالْبَابِ الَّذِي بعده، على مَا يَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
ذكر رِجَاله: وهم أَرْبَعَة قد ذكرُوا، وَأَبُو معمر بِفَتْح الميمين، وَعبد الْوَارِث بن سعيد، وَعبد الْعَزِيز بن صُهَيْب، بِضَم الصَّاد الْمُهْملَة وَفتح الْهَاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره بَاء مُوَحدَة.
ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع وَاحِد. وَفِيه: القَوْل فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: أَن رُوَاته كلهم بصريون. قَوْله: (عَن أنس) وَفِي رِوَايَة لمُسلم: (سمع أنسا) .
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة أَيْضا عَن شَيبَان بن فروخ، وَأَبُو دَاوُد عَن مُسَدّد.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (أُقِيمَت الصَّلَاة) ، وَكَانَت صَلَاة الْعشَاء، بَينه حَمَّاد بن ثَابت عَن أنس عَن مُسلم، ودلت الْقَرِينَة أَيْضا أَنَّهَا كَانَت صَلَاة الْعشَاء، وَهِي قَوْله:(حَتَّى نَام الْقَوْم) قَوْله (وَالنَّبِيّ) ، مُبْتَدأ وَخَبره، قَوْله:(يُنَاجِي) ، وَالْجُمْلَة حَال، وَالْمعْنَى: يُنَاجِي رجلا يحادثه. وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد: (وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وسلمنجي فِي جَانب الْمَسْجِد)، يَعْنِي: مناج، كنديم، بِمَعْنى: منادم، ووزير بِمَعْنى موازر، وَإِنَّمَا ذكر من بَاب المفاعلة ليدل على أَن الرجل أَيْضا يُشَارِكهُ فِي الحَدِيث. قيل: لم يعرف اسْم الرجل مَا هُوَ؟ وَقيل: كَانَ كَبِيرا فِي قومه فَأَرَادَ أَن يتألفه، صلى الله عليه وسلم، على الْإِسْلَام، وَلَيْسَ لهَذَا دَلِيل. قلت: لَا يبعد أَن يكون هَذَا ملكا، وَأنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، رَآهُ فِي صُورَة رجل. قَوْله:(حَتَّى نَام الْقَوْم)، وَزَاد شُعْبَة عَن عبد الْعَزِيز:(ثمَّ قَامَ فصلى) ، وَهَذِه الزِّيَادَة عِنْد البُخَارِيّ فِي الاسْتِئْذَان، وَلمُسلم أَيْضا. وَقَالَ الْكرْمَانِي: ونام الْقَوْم، أَي: نعس بعض الْقَوْم. قلت: الظَّاهِر أَنه فسر هَذَا هَكَذَا من عِنْده، وَلكنه وَقع هَكَذَا فِي رِوَايَة ابْن حبَان من وَجه آخر: عَن أنس، وَوَقع فِي مُسْند إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه: عَن ابْن علية عَن عبد الْعَزِيز فِيهِ: حَتَّى نعس بعض الْقَوْم، وَلَو كَانَ وَقت الْكرْمَانِي على هَذَا لَكَانَ أَشَارَ إِلَيْهِ بِوَجْه مَا.
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ فِيهِ: جَوَاز مُنَاجَاة الِاثْنَيْنِ بِحُضُور الْجَمَاعَة، وَقَالَ بَعضهم: وَفِي الحَدِيث جَوَاز مُنَاجَاة الْوَاحِد بِحَضْرَة الْجَمَاعَة. قلت: بَاب المفاعلة لَا يسند إِلَى الْوَاحِد، وَلَو كَانَ هَذَا الْقَائِل وقف على مَعَاني الْأَفْعَال لقَالَ مثل مَا قُلْنَا. وَفِيه: جَوَاز الْفَصْل بَين الْإِقَامَة وَالْإِحْرَام للضَّرُورَة، وَقَالَ صَاحب (التَّلْوِيح) وَفِيه: جَوَاز الْكَلَام بعد الْإِقَامَة، وَإِن كَانَ إِبْرَاهِيم وَالزهْرِيّ وتبعهما الحنفيون: كَرهُوا ذَلِك، حَتَّى قَالَ بعض أَصْحَاب أبي حنيفَة: إِذا قَالَ الْمُؤَذّن: قد قَامَت الصَّلَاة وَجب على الإِمَام التَّكْبِير. وَقَالَ مَالك: إِذا بَعدت الْإِقَامَة رَأَيْت أَن تُعَاد الْإِقَامَة اسْتِحْبَابا. قلت: إِنَّمَا كره الْحَنَفِيَّة الْكَلَام بَين الْإِقَامَة وَالْإِحْرَام إِذا كَانَ لغير ضَرُورَة، وَأما إِذا كَانَ لأمر من أُمُور الدّين فَلَا يكره. وَفِيه: جَوَاز تَأْخِير الصَّلَاة عَن أول وَقتهَا.
28 -
بابُ الكَلَامِ إذَا أُقِيمَتِ الصَّلاةُ أَي: هَذَا بَاب جَوَاز الْكَلَام لأجل مُهِمّ من الْأُمُور عِنْد إِقَامَة الصَّلَاة، وَكَأن البُخَارِيّ أَرَادَ بذلك الرَّد على من كرهه مُطلقًا.
643 -
حدَّثنا عَيَّاشُ بنُ الوَلِيدِ قالَ حدَّثنا عَبْدُ الأعْلى قَالَ حدَّثنا حُمَيْدٌ قالَ سألْتُ ثابِتا البُنَانِيَّ عنِ الرَّجُلِ يَتَكَلَّمُ بَعْدَ مَا تُقَامُ الصَّلَاةُ فَحَدَّثَنِي عنْ أنَسِ بنِ مالِكٍ قَالَ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَعَرَضَ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ فَحَبَسَهُ بَعْدَ مَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فحبسه بَعْدَمَا أُقِيمَت الصَّلَاة)، لِأَن مَعْنَاهُ: حَبسه عَن الصَّلَاة بِسَبَب التَّكَلُّم مَعَه.
ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: عَيَّاش، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره شين مُعْجمَة: ابْن الْوَلِيد، بِفَتْح الْوَاو وَكسر اللَّام، وَقد تقدم فِي: بَاب الْجنب يخرج. الثَّانِي: عبد الْأَعْلَى بن عبد الْأَعْلَى السَّامِي، بِالسِّين الْمُهْملَة، مر فِي: بَاب الْمُسلم من سلم الْمُسلمُونَ. الثَّالِث: حميد، بِضَم الْحَاء: الطَّوِيل، وَقد تقدم. الرَّابِع: ثَابت، بالثاء الْمُثَلَّثَة: ابْن أسلم الْبنانِيّ، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَخْفِيف النُّون وَبعد الْألف نون أُخْرَى مَكْسُورَة، وَهِي نِسْبَة إِلَى: بنانة، زَوْجَة سعد بن لؤَي بن غَالب ابْن فهر. وَقيل: كَانَت حاضنة لِبَنِيهِ فَقَط، وَقَالَ ابْن دُرَيْد فِي (الوشاح) : فِي: بَاب من دخل فِي قبائل قُرَيْش وهم فيهم إِلَى الْيَوْم؛