الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِلَّا متوضىء) . وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: كَذَا رَوَاهُ مُعَاوِيَة بن يحيى الصَّدَفِي وَهُوَ ضَعِيف، وَالصَّحِيح رِوَايَة يُونُس وَغَيره عَن الزُّهْرِيّ مُرْسلا وَلما ذكر التِّرْمِذِيّ حَدِيث يُونُس قَالَ: هَذَا أصح، يَعْنِي من الحَدِيث الْمَرْفُوع الَّذِي عِنْده من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن أبي هُرَيْرَة، وَعند أبي الشَّيْخ من حَدِيث عبد الْجَبَّار بن وَائِل عَن أَبِيه قَالَ: حق وَسنة مسنونة أَن لَا يُؤذن إلَاّ وَهُوَ طَاهِر. وَقَالَهُ عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس، وَرَوَاهُ عَن أَبِيه أَيْضا مَرْفُوعا، وَعند ابْن أبي شيبَة أَمر مُجَاهِد مؤذنه أَنه لَا يُؤذن حَتَّى يتَوَضَّأ.
وقَالَتْ عائِشَةُ كانَ النبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ الله عَلَى كلِّ أحْيَانِهِ
هَذَا التَّعْلِيق وَصله مُسلم من حَدِيث عبد الله الْبَهِي عَنْهَا، وَقَالَ فِيهِ التِّرْمِذِيّ: حسن غَرِيب. فَإِن قلت: ذكر البُخَارِيّ هُنَا عَن بِلَال وَابْن عمر وَإِبْرَاهِيم وَعَطَاء وَعَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، فَمَا وَجه ذَلِك فِي هَذَا الْبَاب وَلَيْسَ فِي التَّرْجَمَة، مَا يشْتَمل على شَيْء من ذَلِك؟ قلت: إِنَّه لما ترْجم هَذَا الْبَاب بِمَا ترْجم بِهِ، وَذكر فِيهِ الِاسْتِفْهَام فِي موضِعين، وَلم يجْزم بِشَيْء فيهمَا لأجل الِاخْتِلَاف الَّذِي ذَكرْنَاهُ فيهمَا، أَشَارَ بِالْخِلَافِ الَّذِي بَين بِلَال وَابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، إِلَى أَن هَذَا الَّذِي شَاهد بِلَالًا حِين يتبعهُ فَاه، رَآهُ بِالضَّرُورَةِ أَنه جعل إصبعيه فِي أُذُنَيْهِ، وَالَّذِي شَاهد ابْن عمر لم ير مِنْهُ ذَلِك، فَكَانَ لذكر ذَلِك فِي هَذَا الْبَاب وَجه من هَذِه الْحَيْثِيَّة، ثمَّ أَشَارَ بِالْخِلَافِ الَّذِي بَين إِبْرَاهِيم وَعَطَاء: إِلَى أَن هَذَا الْمُؤَذّن الَّذِي يتبع فَاه أَو غَيره يتبع فَاه كَيفَ حَاله؟ أهوَ فِي الطَّهَارَة أم لَا؟ وَهُوَ أَيْضا وَجه مَا من هَذِه الْحَيْثِيَّة، فَوجدت الْمُنَاسبَة فِي ذكر هذَيْن الشَّيْئَيْنِ، وَأدنى الْمُنَاسبَة كافٍ، لِأَن الْمقَام إقناعي غير برهاني. وَأما وَجه ذكر مَا رُوِيَ عَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، هَهُنَا فَهُوَ لبَيَان عدم صِحَة إِلْحَاق الْأَذَان بِالصَّلَاةِ، فَإِن مِنْهُم من شَرط فِيهِ الطَّهَارَة، وَذكر أَن حكمه مُخَالف لحكم الصَّلَاة، لِأَنَّهُ من جملَة الْأَذْكَار، فَلَا تشْتَرط فِيهِ الطَّهَارَة كَمَا لَا تشْتَرط فِي سَائِر الْأَذْكَار، وَأَشَارَ إِلَى ذَلِك بِحَدِيث عَائِشَة الْمَذْكُور، لِأَن قَوْلهَا:(على كل أحيانه) متناول لحين الْحَدث، وَأَشَارَ بِهَذَا أيضاإلى أَن قَوْله فِي ذَلِك هُوَ مثل قَول النَّخعِيّ، وَهُوَ قَول أَصْحَابنَا أَيْضا. كَمَا ذَكرْنَاهُ.
634 -
حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ يُوسُفَ قَالَ حدَّثنا سُفْيَانُ عنْ عَوْنِ بنِ أبي جُحَيْفَةَ عنْ أبِيهِ أنَّهُ رَأى بِلالاً يُؤَذِّنُ فَجَعَلْتُ أتَتَبَّعُ فاهُ هَهُنَا وهَهُنَا بِالأذَانِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
ذكر رِجَاله: وهم أَرْبَعَة: مُحَمَّد بن يُوسُف الْفرْيَابِيّ، وسُفْيَان الثَّوْريّ، وَعون، بِفَتْح الْعين: ابْن أبي جُحَيْفَة، وَأَبوهُ أَبُو جُحَيْفَة، بِضَم الْجِيم: واسْمه وهب بن عبد الله، وَقد تقدمُوا كلهم.
وَأخرجه الغساني فِي الصَّلَاة عَن مَحْمُود بن غيلَان عَن وَكِيع عَنهُ نَحوه، وَرِوَايَة وَكِيع عَن سُفْيَان عِنْد مُسلم أتم من رِوَايَة البُخَارِيّ فَإِنَّهُ أوردهُ مُخْتَصرا، وفيهَا:(فَجعلت أتتبع فَاه هَهُنَا وَهَهُنَا يَمِينا وَشمَالًا يَقُول: حَيّ على الصَّلَاة حَيّ على الْفَلاح) . وَفِيه تَقْيِيد الِالْتِفَات فِي الْأَذَان وَأَن مَحَله عِنْد الحيعلتين، وَبَوَّبَ عَلَيْهِ ابْن خُزَيْمَة: انحراف الْمُؤَذّن عِنْد قَوْله: حَيّ على الصَّلَاة حَيّ على الْفَلاح، بفمه لَا بِبدنِهِ كُله. قَالَ: وَإِنَّمَا يُمكن الانحراف بالفم بانحراف الْوَجْه، ثمَّ سَاقه من طَرِيق وَكِيع أَيْضا بِلَفْظ: فَجعل يَقُول فِي أَذَانه هَكَذَا، ويحرف رَأسه يَمِينا وَشمَالًا، وَقد ذكرنَا اخْتِلَاف الرِّوَايَات فِيهِ فِي أول الْبَاب. وَالله أعلم.
20 -
(بابُ قَوْلِ الرَّجلِ فاتَتْنَا الصلاةُ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان قَول الرجل: فاتتنا الصَّلَاة، يَعْنِي: هَل يكره أم لَا؟
وَكَرِهَ ابنُ سِيرِينَ أنْ يَقُولَ فاتَتْنَا الصَّلَاةُ ولَكِنْ لِيَقُلْ لَمْ نُدْرِكْ
ابْن سِيرِين هُوَ مُحَمَّد بن سِيرِين، بِكَسْر السِّين الْمُهْملَة، ومطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله ابْن أبي شيبَة فِي (مُصَنفه) : عَن أَزْهَر عَن ابْن عون، قَالَ: كَانَ مُحَمَّد يكره أَن يَقُول: فاتتنا الصَّلَاة، وَيَقُول: لم أدْرك مَعَ بني فلَان. قَوْله: (أَن يَقُول)، أَي: الرجل. قَوْله: (وَليقل)، ويروى:(وَلَكِن ليقل) .
وَقَوْلُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أصَحُّ
(قَول النَّبِي) : كَلَام إضافي مُبْتَدأ وَقَوله: (أصح) خَبره، وَلَيْسَ المُرَاد مِنْهُ أفعل التَّفْضِيل، لِأَنَّهُ إِذا أُرِيد بِهِ التَّفْضِيل يلْزم أَن يكون قَول ابْن سِيرِين صَحِيحا. وَقَول النَّبِي صلى الله عليه وسلم أصح مِنْهُ، وَلَيْسَ كَذَلِك، وَإِنَّمَا المُرَاد بالأصح: لِأَنَّهُ قد يذكر أفعل وَيُرَاد بِهِ التَّوْضِيح لَا التَّفْضِيل. وَهَذَا الْكَلَام من البُخَارِيّ رد على ابْن سِيرِين، لِأَن الشَّارِع جوز لفظ الْفَوات، وَابْن سِيرِين كرهه.
635 -
حدَّثنا أبُو نُعَيْمٍ قَالَ حدَّثنا شَيْبَانُ عنْ عنْ يَحْيَى عنْ عَبْدِ الله ابنِ أبي قَتَادَةَ عنْ أبِيهِ قالَ بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إذْ سَمِعَ جَلَبَةَ الرِّجَالِ فَلَمَّا صَلَّى قالْ مَا شَأنُكُمْ قالُوا اسْتَعْجَلْنَا إلَى الصَّلَاةِ قَالَ فَلَا تَفْعَلُوا إذَا أتَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَعَلَيْكُمْ بِالسكِينَةِ فَما أدْرَكْتُمْ فَصَلوا وَما فَاتَكُمْ فأَتِمُّوا.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَمَا فاتكم فَأتمُّوا) .
ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: أَبُو نعيم الْفضل بن دُكَيْن. الثَّانِي: شَيبَان، بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف بعْدهَا الْبَاء الْمُوَحدَة: ابْن عبد الرَّحْمَن النَّحْوِيّ. الثَّالِث: يحيى بن أبي كثير. الرَّابِع: عبد الله بن أبي قَتَادَة. الْخَامِس: أَبُو قَتَادَة، واسْمه الْحَارِث بن ربعي الْأنْصَارِيّ.
ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين. وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين بَصرِي وكوفي. وَفِيه: القَوْل فِي موضِعين.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم أَيْضا فِي الصَّلَاة عَن إِسْحَاق بن مَنْصُور عَن أبي بكر بن أبي شيبَة.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (بَيْنَمَا) أَصله: بَين، فزيدت فِيهِ: الْمِيم وَالْألف، وَرُبمَا تزاد الْألف فَقَط، فَيُقَال: بَينا، وهما ظرفا زمَان بِمَعْنى المفاجأة، ويضافان إِلَى جملَة من فعل وفاعل ومبتدأ وَخبر، ويحتاجان إِلَى جَوَاب يتم بِهِ الْمَعْنى، والأفصح أَن لَا يكون إِذْ وَإِذا فِي جوابيهما. تَقول: بَينا زيد جَالس دخل عَلَيْهِ عَمْرو، وَإِذ دخل عَلَيْهِ عَمْرو، وَإِذا دخل عَلَيْهِ عَمْرو. وَقَوله:(جلبة الرِّجَال) بِالْألف وَاللَّام فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة الْأصيلِيّ:(جلبة رجال) ، بِدُونِ الْألف وَاللَّام، والجلبة، بالفتحات: الْأَصْوَات، وَذَلِكَ الصَّوْت كَانَ بِسَبَب حركتهم وَكَلَامهم واستعجالهم. قَوْله:(مَا شَأْنكُمْ؟) الشَّأْن بِالْهَمْزَةِ وَالتَّخْفِيف أَي: الْحَال. أَي: مَا حالكم حَيْثُ وَقع مِنْك الجلبة؟ قَوْله: (لَا تَفعلُوا) أَي: لَا تستعجلوا، وَذكر بِلَفْظ الْفِعْل لَا بِلَفْظ الاستعجال مُبَالغَة فِي النَّهْي عَنهُ. قَوْله:(بِالسَّكِينَةِ)، بِفَتْح السِّين وَكسر الْكَاف: التأني والهينة، ويروى:(فَعَلَيْكُم السكينَة) ، بِدُونِ حرف الْجَرّ، وَبِالنَّصبِ نَحْو: عَلَيْك زيدا، أَي: إلزمه، وَيجوز الرّفْع على أَنه مُبْتَدأ وَخَبره هُوَ قَوْله:(عَلَيْكُم) . قَوْله: (فَمَا أدركتم) أَي: الْقدر الَّذِي أدركتموه فِي الصَّلَاة مَعَ الإِمَام فصلوا مَعَه، وَمَا فاتكم مِنْهَا فأتموه.
وَفِي هَذِه اللَّفْظَة اخْتِلَاف، فَعِنْدَ أبي نعيم الْأَصْبَهَانِيّ:(وَمَا فاتكم فاقضوا) ، وَكَذَا ذكرهَا الْإِسْمَاعِيلِيّ من حَدِيث شَيبَان عَن يحيى، وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد من حَدِيث أبي هُرَيْرَة، (فَمَا أدركتم فصلوا، وَمَا فاتكم فَأتمُّوا)، وَكَذَا هُوَ فِي أَكثر رِوَايَات مُسلم. وَفِي رِوَايَة:(فَاقْض مَا سَبَقَك)، وَفِي رِوَايَة لأبي دَاوُد:(فاقضوا مَا سبقكم)، وَعند أَحْمد من حَدِيث ابْن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد عَنهُ:(وَمَا فاتكم فاقضوا) . وَفِي (الْمحلى) : من حَدِيث ابْن جريج عَن عَطاء عَن أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ: (إِذا كَانَ أحدكُم مُقبلا إِلَى الصَّلَاة فليمش على رسله، فَإِنَّهُ فِي صَلَاة، فَمَا أدْرك فَليصل، وَمَا فَاتَهُ فليقض، بعد مَا قَالَ عَطاء: وَإِنِّي لَا أصنعه) . وَفِي (مُسْند أبي قُرَّة) : عَن ابْن جريج عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَنهُ بِلَفْظ: (فاقضوا) . قَالَ: وَذكر سُفْيَان عَن سعد بن إِبْرَاهِيم حَدثنِي عَمْرو بن أبي سَلمَة عَن أَبِيه عَنهُ، بِلَفْظ:(وليقض مَا سبقه) .
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: اخْتلف الْعلمَاء فِي الْقَضَاء والإتمام الْمَذْكُورين: هَل هما بِمَعْنى وَاحِد أَو بمعنيين؟ وترتب على ذَلِك خلاف فِيمَا يُدْرِكهُ الدَّاخِل مَعَ الإِمَام: هَل هُوَ فِي أول صلَاته أَو آخرهَا؟ على أَرْبَعَة أَقْوَال: أَحدهَا: أَنه أول صلَاته وَأَنه يكون بانيا عَلَيْهِ فِي الْأَفْعَال والأقوال، وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَإِسْحَاق وَالْأَوْزَاعِيّ، وَهُوَ مَرْوِيّ عَن عَليّ وَابْن الْمسيب وَالْحسن وَعَطَاء وَمَكْحُول، وَرِوَايَة عَن مَالك وَأحمد، وَاسْتَدَلُّوا بقوله:(وَمَا فاتكم فَأتمُّوا) ، لِأَن لفظ إلاتمام وَاقع على باقٍ من شَيْء