المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب إنما جعل الإمام ليؤتم به) - عمدة القاري شرح صحيح البخاري - جـ ٥

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌(كتاب مَوَاقِيت الصَّلَاة)

- ‌ بَاب مَوَاقِيت الصَّلَاة وفضلها

- ‌(بابٌ قَوْلُ الله تَعَالَى {مُنِيبِينَ إلَيْهِ واتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (الرّوم:

- ‌(بابُ البَيْعَةِ عَلَى إقَامَةِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بابٌ الصَّلَاةُ كَفَّارَةٌ)

- ‌(بابُ فَضْلِ الصَّلَاةِ لوَقْتِهَا)

- ‌(بابٌ الصَلَوَاتُ الخَمْسُ كَفَّارَةٌ)

- ‌(بابُ تَضْيِيعِ الصَّلاةِ عَنْ وَقْتِهَا)

- ‌(بابٌ المصَلِّي يُنَاجِي رَبَّهُ عز وجل

- ‌(بابُ الإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الحَرِّ)

- ‌(بابُ الإبْرَادِ بِالظُهْرِ فِي السفَرِ)

- ‌(بابٌ وَقْتُ الظهْرِ عِنْدَ الزَّوَال)

- ‌(بابُ تَأْخِيرِ الظُّهْرِ إلَى العَصَرِ)

- ‌(بابُ وَقْتِ العَصْرِ. وقَالَ أبُو أُسامَةَ عنْ هِشَامٍ منْ قَعْرِ حُجْرَتِهَا)

- ‌(بابُ إثْمِ مَنْ تَرَكَ العَصْرَ)

- ‌(بابُ منْ أدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ العَصْرِ قَبْلَ الغُرُوبِ)

- ‌(بابُ وقْتِ المغْرَبَ)

- ‌(بابُ مَنْ كَرِهَ أنْ يُقَالَ لِلْمَغْرِبِ العِشَاءُ)

- ‌(بابُ ذِكْرِ العِشَاءِ والعَتْمَةِ ومَنْ رَآهُ واسِعا)

- ‌(بابُ وَقْتِ العِشَاءِ إذَا اجْتَمَعَ النَّاسُ أوْ تَأَخَّرُوا

- ‌(بابُ وَقْتِ العِشَاءِ إذَا اجْتَمَعَ النَّاسُ أوْ تَأَخَّرُوا

- ‌‌‌(يايُ فَضْلِ العِشَاءِ

- ‌(يايُ فَضْلِ العِشَاءِ

- ‌(بابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ النَّوْمِ قَبْلَ العِشَاءِ)

- ‌(بابُ النَّوْمِ قَبْلَ العِشَاءِ لِمَنْ غُلِبَ)

- ‌(بابُ وقْتِ العِشَاءِ إلَى نِصْفِ الليْلِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ صَّلَاةِ الفَجْرِ)

- ‌(بابُ وقتِ الفَجْرِ)

- ‌(بابُ منْ أدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الفَجْرِ)

- ‌(بابُ مَنْ أدْرَكَ مِنَ الصَّلاة رَكْعَةً)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الفَجْرِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ)

- ‌(بابٌ لَا يَتَحَرَّى الصَّلَاةَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يَكْرَهِ الصَّلَاةَ ألَاّ بَعْدَ العَصْرِ والفَجْرِ)

- ‌(بابُ مَا يُصَلَّى بَعْدَ العَصْرِ منَ الفَوَائِتِ وغَيْرِهَا)

- ‌(بابُ التَّبْكِيرِ بِالصَّلَاةِ فِي يَوْمِ غَيْمٍ)

- ‌(بابُ الأَذَانِ بعْدَ ذَهَابِ الوَقْتِ)

- ‌(بابُ مَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ جَمَاعَةً بَعْدَ ذَهَابِ الوَقْتِ)

- ‌(بابُ منْ نَسِيَ صلَاةً فَلْيُصَلِّ إِذا ذَكَرهَا وَلَا يُعِيدُ إلَاّ تِلْكَ الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب قضَاءِ الصَّلَوَاتِ الأُولَى فَالأُولَى)

- ‌(بابُ مَا يُكْرَهُ منَ السَّمَرِ بَعْدَ العِشَاءِ)

- ‌(بابُ السَّمَرِ فِي الفِقْهِ والخَيْرِ بَعْدَ العِشَاءِ)

- ‌(بابُ السَّمَرِ معَ الضَّيْفِ والأَهْلِ)

- ‌(بابُ السَّمَرِ معَ الضَّيْفِ والأَهْلِ)

- ‌(كِتَابُ الأذَانِ)

- ‌(بابُ بِدْءَ الأَذَانِ)

- ‌‌‌(بابٌ الأَذان مَثْنَى مَثْنَى)

- ‌(بابٌ الأَذان مَثْنَى مَثْنَى)

- ‌(بابٌ الإِقامَةُ واحِدَةٌ إِلَاّ قَوْلَهُ قَدْ قامَتِ الصَّلَاةُ)

- ‌(بابُ فَضْلِ التَّأذِينِ)

- ‌(بابُ رَفْعِ الصَّوْتِ بالنِّدَاءِ)

- ‌(بابُ مَا يُحْقَنُ بِالآذَانِ مِنَ الدِّمَاءِ)

- ‌(بابُ مَا يَقُولُ إذَا سَمِعَ المُنَادِي)

- ‌(بابُ الدُّعاءِ عِنْدَ النِّدَاءِ)

- ‌(بابُ الاستِهَامِ فِي الأذَانِ)

- ‌(بابُ الكَلَامِ فِي الأذَانِ)

- ‌(بابُ أَذانِ الأعْمَى إذَا كانَ لهُ مَنْ يُخْبِرِهِ)

- ‌(بابُ الآذَانِ بَعْدَ الفَجْرِ)

- ‌(بابُ الأذَانِ قَبْلَ الفَجْرِ)

- ‌(بابُ مَنِ انْتَظَرَ الإقَامَةَ)

- ‌(بابٌ هَل يُتْبِعُ المُؤَذِّنُ فاهُ هَهنا وهَهُنا وهَلْ يَلْتَفِتُ فِي الأَذَانِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الرَّجلِ فاتَتْنَا الصلاةُ)

- ‌(بابٌ لَا يَسْعَى إلَى الصَّلَاةِ وَلْيَأْتِ بالسَّكِينَةِ والوَقارِ)

- ‌(بابٌ مَتَى يَقُومُ النَّاسُ إذَا رَأوُا الإِمامَ عِنْدَ الإِقَامَةِ)

- ‌(بابٌ لَا يَسْعَى إلَى الصَّلَاةِ مُسْتَعْجِلاً وَلْيُقِمْ بِالسَّكِينَةِ والوَقَارِ)

- ‌(بابٌ هَلْ يَخْرُجُ مِنَ المَسْجِدِ لِعِلَّةٍ

- ‌(بابٌ إذَا قالَ الإمامُ مكانَكُمْ حَتَّى نَرْجِعَ انْتَظِرُوه)

- ‌(بابُ قَوْلِ الرَّجلِ مَا صَلَّيْنا)

- ‌(بابُ الإمامِ تَعْرِضُ لَهُ الحاجَةُ بَعْدَ الإِقَامَةِ)

- ‌(بابُ وُجُوبِ صَلَاةِ الجَمَاعَةِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ صَلَاةِ الجَمَاعَةِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ صَلَاةِ الفَجْرِ فِي جَمَاعةٍ)

- ‌(بابُ فَضْلِ التَّهْجِيرِ إلَى الظُّهْرِ)

- ‌(بابُ احْتِسَابِ الآثَارِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ صَلَاةِ العِشَاءِ فِي الجَمَاعَةِ)

- ‌(بابٌ اثْنان فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ)

- ‌(بابُ مَنْ جَلَسَ فِي المَسْجِد يَنْتَظَرُ الصَّلاةَ وفَضْلِ المسَاجِدِ)

- ‌(بابُ فَضْل منْ غَدَا إِلَى المَسْجِدِ ومنْ راحَ)

- ‌(بابٌ إذَا أُقِيمَتِ الصلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إلَاّ المَكْتُوبَةُ)

- ‌(بابُ حَدِّ المَرِيضِ أنْ يَشْهَدَ الجَمَاعَةَ)

- ‌(بابُ الرُّخْصَةِ فِي المَطَرِ والعِلَّةِ أنْ يُصَلِّيَ فِي رَحْلِهِ)

- ‌(بابٌ هَلْ يُصَلِّي الإِمامُ بِمَنْ حَضَرَ وهَلْ يَخْطُبُ يَوْمَ الجُمُعَةِ فِي المَطَرِ)

- ‌(بابٌ إذَا حَضَرَ الطَّعَامُ وأُقِيمتِ الصَّلَاةُ)

- ‌(بابُ إذَا دُعِيَ الإمامُ إلَى الصَّلَاةِ وَبِيَدِهِ مَا يأكُلُ)

- ‌(بابُ منْ كانَ فِي حاجَةِ أهْلِهِ فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَخَرَجَ)

- ‌(بابُ مَنْ صَلَّى بالنَّاسِ وَهْوَ لَا يُرِيدُ إلَاّ أنْ يُعَلِّمَهُمْ صَلَاةَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وسُنَّتَهْ)

- ‌(بابٌ أهْلُ العِلْمِ والفَضْلِ أحَقُّ بِالإمَامةِ)

- ‌(بابُ منْ قامَ إلَى جَنْبِ الإمَامِ لِعِلَّةٍ)

- ‌(بابُ مَنْ دَخَلَ لِيَؤُمَّ الناسَ فَجَاءَ الإمامُ الأوَّلُ فَتَأخَّرَ الأوَّلُ أوْ لَمْ يَتَأخَّرْ جازَتْ صَلَاتُهُ)

- ‌(بابٌ إذَا اسْتَوَوْا فِي القِرَاءَةِ فَلْيَؤُمَّهُمْ أكْبَرُهُمْ)

- ‌(بابٌ إِذا زَارَ الإمامُ قَوْما فَأمَّهُمْ)

- ‌(بابٌ إنَّمَا جُعِلَ الإمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ)

- ‌(بابُ مَتَى يَسْجُدُ مَنْ خَلْفَ الإمَامِ)

- ‌(بابُ إثْمِ مَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الإمَامِ)

- ‌(بابُ إمامَةِ العَبْدِ والمَوْلَى)

- ‌(بابٌ إذَا لَمْ يُتِمَّ الإمَامُ وَأَتَم مَنْ خَلْفَهُ)

- ‌(بابُ إمَامَةِ المَفْتُونِ والمُبْتَدِعِ)

- ‌(بابٌ يَقُومُ عنْ يَمِينِ الإمَامِ بِحِذَائِهِ سَوَاءً إذَا كانَا اثْنَيْنِ)

- ‌(بابٌ إذَا قامَ الرَّجُلُ عنْ يَسارِ الإمَامِ فَحَوَّلَهُ الإمَامُ إلَى يَمِينِهِ لَمْ تَفْسُدْ صلَاتُهُمَا)

- ‌(بابٌ إذَا لَمْ يَنْوِ الإمَامْ أَن يَؤُمَّ ثُمَّ جاءَ قَوْمٌ فَأَمَّهُمْ)

- ‌(بابٌ إذَا طَوَّلَ الإمامُ وكانَ لِلرَّجُلِ حاجَةٌ فَخَرَجَ فَصَلَّى)

- ‌(بابُ تَخْفِيفِ الإمَامِ فِي القِيامِ وإتْمَامِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ)

- ‌(بابٌ إذَا صَلَّى لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شاءَ)

- ‌(بابُ منْ شكا إمامَهُ إذَا طَوَّلَ)

- ‌(بابُ الإيجَازِ فِي الصَّلاةِ وَإكْمَالِهَا)

- ‌(بابُ منْ أخَفَّ الصَّلَاةَ عِنْدَ بُكَاءِ الصّبِيِّ)

- ‌(بابُ إذَا صَلَّى ثُمَّ أمَّ قَوْما)

- ‌(بابُ مَنْ أسْمَعَ النَّاسَ تَكْبِيرَ الإمَامِ)

- ‌(بابٌ الرَّجُلُ يَأتَمُّ بالإمَامِ ويأتَمُّ النَّاسُ بِالمَأمُومِ)

- ‌(بابٌ هِلْ يَأخُذُ الإمَامُ إذَا شَكَّ بِقَوْلِ الناسِ)

- ‌(بابٌ إذَا بَكَى الإمامُ فِي الصَّلاةِ

- ‌(بابُ إقْبَالِ الإمامِ النَّاسَ عِنْدَ تَسْوِيَةِ الصُفُوفِ)

- ‌(بابُ الصَّفِّ الأَوَّلِ)

- ‌(بابٌ إقامةُ الصَّف مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بابُ إثْمِ مَنْ لَمْ يُتِمَّ الصُّفُوفَ)

- ‌(بابُ الصَاقِ المَنْكِبِ بِالمَنْكِبِ والقَدَم بالقَدَمِ فِي الصَّفِّ)

- ‌(بابٌ إِذا قامَ الرَّجُلُ عَنْ يَسَارِ الإمَامِ وَحَوَّلَهُ الإمامُ خَلْفَهُ إلَى يَمِينِهِ تَمَّتْ صلاتُهُ)

- ‌(بابٌ المَرْأةُ وَحْدَهَا تَكُونُ صَفّا)

- ‌(بابُ مَيْمَنَةِ المَسْجِدِ والإمَامِ)

- ‌(بابٌ إذَا كانَ بَيْنَ الإمَامِ وبَيْنَ القَوْمِ حائِطٌ أوْ سُتْرَةٌ)

- ‌(بابُ صَلَاةِ اللَّيْلِ)

- ‌(أبْوابُ صِفَةُ الصَّلَاةِ)

- ‌(بابُ إيجَاب التَّكبِيرِ وَافْتِتَاحِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بابُ رَفْعِ اليَدَيْنِ فِي التَّكْبِيرَةِ الأولَى مَعَ الافْتِتَاحِ سَوَاءً)

- ‌(بابُ رَفْعِ اليَدَيْنِ إذَا كَبَّرَ وإذَا رَكَعَ وإذَا رَفَعَ)

- ‌(بابُ إلَى أيْنَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ)

- ‌(بابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ إذَا قامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ)

- ‌(بابُ وَضْعِ اليُمْنَى عَلَى اليُسْرَى فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بابُ الخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بابُ مَا يَقُولُ بَعْدَ التَّكْبِيرِ)

- ‌(بابُ رَفْعِ البَصَرِ إلَى الإمَامِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب رفع الْبَصَر إِلَى السَّمَاء فِي الصَّلَاة)

- ‌(بَاب الِالْتِفَات فِي الصَّلَاة)

الفصل: ‌(باب إنما جعل الإمام ليؤتم به)

50 -

(بابٌ إِذا زَارَ الإمامُ قَوْما فَأمَّهُمْ)

أَي: هَذَا بَاب تَرْجَمته: إِذا زار الإِمَام أَي: الإِمَام الْأَعْظَم، أَو من يجْرِي مجْرَاه، إِذا زار قوما فَأمهمْ فِي الصَّلَاة، وَلم يبين حكمه فِي التَّرْجَمَة: هَل للْإِمَام ذَلِك أم يحْتَاج إِلَى إِذن الْقَوْم؟ فَاكْتفى بِمَا ذكر فِي حَدِيث الْبَاب فَإِنَّهُ يشْعر بالاستئذان كَمَا سَنذكرُهُ، إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

686 -

حدَّثنا مُعَاذُ بنُ أسَدٍ قَالَ أخْبَرَنَا عَبْدُ الله قَالَ أخْبرنا مَعْمَرٌ عَن الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبرنِي محْمُودُ بنُ الرَّبِيعَ قَالَ سَمِعْتُ عِتْبَانَ بنَ مالِكٍ الأنْصَارِيَّ قَالَ اسْتَأْذَنَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فَأَذِنْتُ لَهُ فَقَالَ أيْنَ تُحِبُّ أنْ أُصَلِّيَ مِنْ بَيْتِكَ فأشَرْتُ لَهُ إلَى المَكَانِ الَّذِي أُحِبُّ فقامَ وَصَفَفْنا خَلْفَهُ ثُمَّ سَلَّمَ وَسَلمْنا.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فَقَالَ: أَيْن تحب أَن أُصَلِّي) إِلَى آخِره، فَإِنَّهُ يتَضَمَّن أَمريْن: أَحدهمَا: قصدا، وَهُوَ تعْيين الْمَكَان من صَاحب الْمنزل. وَالْآخر: ضمنا، وَهُوَ الاسْتِئْذَان بِالْإِمَامَةِ فَإِن قلت: الإِمَام الْأَعْظَم سُلْطَان على الْمَالِك فَلَا يحْتَاج إِلَى الاسْتِئْذَان؟ قلت: فِي الاسْتِئْذَان رِعَايَة الْجَانِبَيْنِ، مَعَ أَنه ورد فِي حَدِيث أبي مَسْعُود:(لَا يؤم الرجل الرجل فِي سُلْطَانه وَلَا يجلس على تكرمته إلاّ بِإِذْنِهِ) ، فَإِن مَالك الشَّيْء سُلْطَان عَلَيْهِ، وَقد نقل بَعضهم هُنَا وَجْهَيْن فِي ذكر التَّرْجَمَة، وَفِيهِمَا عسف وَبعد، وَالْوَجْه مَا ذكرته.

ذكر رِجَاله: وهم سِتَّة: الأول: معَاذ بن أَسد أَبُو عبد الله الْمروزِي نزيل الْبَصْرَة، وَلَيْسَ هُوَ أَخا لمعلى بن أَسد أحد شُيُوخ البُخَارِيّ أَيْضا، وَكَانَ معَاذ الْمَذْكُور كَاتبا لعبد الله بن الْمُبَارك وَهُوَ شَيْخه فِي هَذَا الْإِسْنَاد، وَحكى عَنهُ البُخَارِيّ أَنه قَالَ فِي سنة إِحْدَى وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ. أَنا ابْن إِحْدَى وَسبعين سنة، كَأَنَّهُ ولد سنة خمسين وَمِائَة. الثَّانِي: عبد الله بن الْمُبَارك. الثَّالِث: معمر بِفَتْح الميمين: ابْن رَاشد. الرَّابِع: مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ. الْخَامِس: مَحْمُود بن الرّبيع، بِفَتْح الرَّاء: أَبُو مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ. وَقَالَ أَبُو نعيم، عقل مجة مجها رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي وَجهه من دلو فِي دَارهم، ذكره الذَّهَبِيّ فِي كتاب (تَجْرِيد الصَّحَابَة) مِنْهُم، وَقد تقدم فِي بَاب الْمَسَاجِد فِي الْبيُوت. السَّادِس: عتْبَان بن مَالك الْأنْصَارِيّ.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع. وَفِيه: الْإِخْبَار كَذَلِك فِي موضِعين وبصيغة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع. وَفِيه: القَوْل فِي خَمْسَة مَوَاضِع. وَفِيه: السماع. وَفِيه: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ عَن الصَّحَابِيّ والصحابي عَن الصَّحَابِيّ. وَفِيه: أَن شَيْخه من أَفْرَاده. وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين مروزيين والبصري وَالْمَدَنِي.

وَقد ذكرنَا تعدد مَوْضِعه، وَمن أخرجه غَيره فِي: بَاب إِذا دخل بَيْتا يُصَلِّي حَيْثُ شَاءَ، وَبَقِيَّة مَا يتَعَلَّق بِهِ فِي: بَاب الْمَسَاجِد فِي الْبيُوت.

قَوْله: (وصففنا خَلفه)، بِفَتْح الْفَاء الأولى وَسُكُون الثَّانِيَة: جمع الْمُتَكَلّم، ويروى:(وَصفنَا)، بتَشْديد الْفَاء أَي: صففنا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، خَلفه.

51 -

(بابٌ إنَّمَا جُعِلَ الإمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ)

أَي: هَذَا بَاب تَرْجَمته: إِنَّمَا جعل الإِمَام ليؤتم أَي: ليقتدي بِهِ، وَهَذِه التَّرْجَمَة قِطْعَة من حَدِيث مَالك من أَحَادِيث الْبَاب على مَا يَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

وصَلَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِه الذِي تُوُفِّيَ فِيهِ بِالنَّاسِ وَهْوَ جَالِس

هَذَا التَّعْلِيق تقدم مُسْندًا من حَدِيث عَائِشَة فَإِن قلت: هَذَا لَا دخل لَهُ فِي التَّرْجَمَة، فَمَا فَائِدَة ذكره؟ قلت: إِنَّه يُشِير بِهِ إِلَى أَن التَّرْجَمَة الَّتِي هِيَ قِطْعَة من الحَدِيث عَام يَقْتَضِي مُتَابعَة الْمَأْمُوم الإِمَام مُطلقًا، وَقد لحقه دَلِيل الْخُصُوص، وَهُوَ حَدِيث

ص: 213

عَائِشَة: (فَإِن النَّبِي صلى الله عليه وسلم صلى فِي مَرضه الَّذِي توفّي فِيهِ وَهُوَ جَالس وَالنَّاس خَلفه قيام، وَلم يَأْمُرهُم بِالْجُلُوسِ)، فَدلَّ على دُخُول التَّخْصِيص فِي عُمُوم قَوْله:(إِنَّمَا جعل الإِمَام ليؤتم بِهِ) .

وَقَالَ ابنُ مَسْعُودٍ إذَا رَفَعَ قَبْلَ الإمَامِ يَعُودُ فَيَمْكُثُ بِقَدْرِ مَا رَفَعَ ثُمَّ يَتْبَعُ الإمَام

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من لفظ التَّرْجَمَة على مَا لَا يخفى، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله ابْن أبي شيبَة بِسَنَد صَحِيح: عَن هشيم أخبرنَا حُصَيْن عَن هِلَال بن يسَار عَن أبي حَيَّان الْأَشْجَعِيّ، وَكَانَ من أَصْحَاب عبد الله، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (وَلَا تبَادرُوا أئمتكم بِالرُّكُوعِ وَلَا بِالسُّجُود، وَإِذا رفع أحدكُم رَأسه وَالْإِمَام ساجد فليسجد ثمَّ ليمكث قدر مَا سبقه بِهِ الإِمَام) . وروى عبد الرَّزَّاق عَن عمر نَحْو قَول ابْن مَسْعُود بِإِسْنَاد صَحِيح، وَلَفظه:(إيما رجل رفع رَأسه قبل الإِمَام فِي رُكُوع أَو سُجُود فليضع رَأسه بِقدر رَفعه إِيَّاه) ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق ابْن لَهِيعَة، وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: روينَاهُ عَن إِبْرَاهِيم وَالشعْبِيّ أَنه يعود فَيسْجد، وَحكى ابْن سَحْنُون عَن أَبِيه نَحوه، وَمذهب مَالك أَن من خفض أَو رفع قبل إِمَامه أَنه يرجع فيفعل مَا دَامَ إِمَامه لم يرفع من ذَلِك، وَبِه قَالَ أَحْمد وَإِسْحَاق وَالْحسن وَالنَّخَعِيّ، وَرُوِيَ نَحوه عَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَقَالَ ابْنه: من ركع أَو سجد قبل إِمَامه لَا صَلَاة لَهُ، وَهُوَ قَول أهل الظَّاهِر. وَقَالَ الشَّافِعِي وَأَبُو ثَوْر: إِذا ركع أَو سجد قبله فَإِن إدركه الإِمَام فيهمَا أَسَاءَ، ويجزيه حَكَاهُ ابْن بطال، وَلَو أدْرك الإِمَام فِي الرُّكُوع فَكبر مقتديا بِهِ ووقف حَتَّى رفع الإِمَام رَأسه فَرَكَعَ، لَا يجْزِيه عندنَا، خلافًا لزفَر.

وقالَ الحَسنُ فيمَنْ يَرْكَعُ معَ الإمَامِ ركْعَتَيْنِ ولَا يَقْدِرُ عَلَى السُّجُودِ يَسْجُدُ لِلرَّكْعَةِ الآخِرَةِ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ يَقْضِي الرَّكْعَةَ الأُولَى بِسُجُودِهَا وفِيمَنْ نَسِيَ سَجْدَةٍ حَتَّى قَامَ يَسْجُدُ

أَي: الْحسن الْبَصْرِيّ، وَالَّذِي قَالَه مَسْأَلَتَانِ: الأولى: قَوْله: (فِيمَن يرْكَع) إِلَى قَوْله: (بسجودها) ، وَوَصلهَا سعيد ب) مَنْصُور عَن هشيم عَن يُونُس عَن الْحسن، وَلَفظه:(فِي الرجل يرْكَع يَوْم الْجُمُعَة فيزحمه النَّاس فَلَا يقدر على السُّجُود، قَالَ: إِذا فرغوا من صلَاتهم سجد سَجْدَتَيْنِ لركعته الأولى، ثمَّ يقوم فَيصَلي رَكْعَة وسجدتين) . قَوْله: (وَلَا يقدر على السُّجُود) أَي: لزحام وَنَحْوه على السُّجُود بَين الرَّكْعَتَيْنِ، وَقد فسره فِيمَا رَوَاهُ سعيد بن مَنْصُور بقوله:(فِي الرجل يرْكَع يَوْم الْجُمُعَة فيزاحمه النَّاس فَلَا يقدر على السُّجُود) ، وَإِنَّمَا ذكر يَوْم الْجُمُعَة فِي هَذَا، وَإِن كَانَ الحكم عَاما، لِأَن الْغَالِب فِي يَوْم الْجُمُعَة ازدحام النَّاس. قَوْله:(الْآخِرَة)، ويروى:(الْأَخِيرَة)، وَإِنَّمَا قَالَ: الرَّكْعَة الأولى دون الثَّانِيَة لاتصال الرُّكُوع الثَّانِي بِهِ. الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة: قَوْله: (وفيمن نسي سَجْدَة) أَي: قَالَ الْحسن فِيمَن نسي سَجْدَة من أول صلَاته. قَوْله: (يسْجد) يَعْنِي: يطْرَح الْقيام الَّذِي فعله على غير نظم الصَّلَاة وَيجْعَل وجوده كَالْعدمِ، وَوَصلهَا ابْن أبي شيبَة بأتم مِنْهُ، وَلَفظه:(فِي رجل نسي سَجْدَة من أول صلَاته فَلم يذكرهَا حَتَّى كَانَ آخر رَكْعَة من صلَاته، قَالَ: يسْجد ثَلَاث سَجدَات، فَإِن ذكرهَا قبل السَّلَام يسْجد سَجْدَة وَاحِدَة، وَإِن ذكرهَا بعد انْقِضَاء الصَّلَاة يسْتَأْنف الصَّلَاة) فَإِن قلت: مَا مُطَابقَة الْمَرْوِيّ عَن الْحسن للتَّرْجَمَة؟ قلت: مطابقته لَهَا من حَيْثُ إِن فِيهِ مُتَابعَة الإِمَام بِوُجُود بعض الْمُخَالفَة فِيهِ، وَقَالَ مَالك فِي مَسْأَلَة الزحام: لَا يسْجد على ظهر أحد، فَإِن خَالف يُعِيد، وَقَالَ أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ وَأَبُو ثَوْر: يسْجد وَلَا إِعَادَة عَلَيْهِ.

78 -

(حَدثنَا أَحْمد بن يُونُس قَالَ حَدثنَا زَائِدَة عَن مُوسَى بن أبي عَائِشَة عَن عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة قَالَ دخلت على عَائِشَة فَقلت أَلا تحدثيني عَن مرض رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - قَالَت بلَى ثقل النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - فَقَالَ أصلى النَّاس قُلْنَا لَا هم ينتظرونك قَالَ ضَعُوا لي مَاء فِي المخضب قَالَت فَفَعَلْنَا فاغتسل فَذهب لينوء فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ ثمَّ أَفَاق فَقَالَ صلى الله عليه وسلم َ - أصلى النَّاس قُلْنَا لَا هم ينتظرونك يَا رَسُول الله قَالَ ضَعُوا لي مَاء فِي المخضب قَالَت فَقعدَ فاغتسل ثمَّ ذهب لينوء

ص: 214

فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ ثمَّ أَفَاق فَقَالَ أصلى النَّاس فَقُلْنَا لَا وهم ينتظرونك يَا رَسُول الله فَقَالَ ضَعُوا لي مَاء فِي المخضب فَقعدَ فاغتسل ثمَّ ذهب لينوء فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ ثمَّ أَفَاق فَقَالَ أصلى النَّاس فَقُلْنَا لَا هم ينتظرونك يَا رَسُول الله وَالنَّاس عكوف فِي الْمَسْجِد ينتظرون النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - لصَلَاة الْعشَاء الْآخِرَة فَأرْسل النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - إِلَى أبي بكر بِأَن يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَأَتَاهُ الرَّسُول فَقَالَ إِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - يَأْمُرك أَن تصلي بِالنَّاسِ فَقَالَ أَبُو بكر وَكَانَ رجلا رَقِيقا يَا عمر صل بِالنَّاسِ فَقَالَ لَهُ عمر أَنْت أَحَق بذلك فصلى أَبُو بكر تِلْكَ الْأَيَّام ثمَّ إِن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - وجد من نَفسه خفَّة فَخرج بَين رجلَيْنِ أَحدهمَا الْعَبَّاس لصَلَاة الظّهْر وَأَبُو بكر يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بكر ذهب ليتأخر فَأَوْمأ إِلَيْهِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - بِأَن لَا يتَأَخَّر قَالَ أجلساني إِلَى جنبه فأجلساه إِلَى جنب أبي بكر قَالَ فَجعل أَبُو بكر يُصَلِّي وَهُوَ يأتم بِصَلَاة النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - وَالنَّاس بِصَلَاة أبي بكر وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم َ - قَاعد قَالَ عبيد الله فَدخلت على عبد الله بن عَبَّاس فَقلت لَهُ أَلا أعرض عَلَيْك مَا حَدَّثتنِي عَائِشَة عَن مرض النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - قَالَ هَات فعرضت عَلَيْهِ حَدِيثهَا فَمَا أنكر مِنْهُ شَيْئا غير أَنه قَالَ أسمعت لَك الرجل الَّذِي كَانَ مَعَ الْعَبَّاس قلت لَا قَالَ هُوَ عَليّ) مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله " فَجعل أَبُو بكر يُصَلِّي وَهُوَ يأتم بِصَلَاة النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - " وَكَون الإِمَام جعل ليؤتم بِهِ ظَاهر هَهُنَا. (ذكر رِجَاله) وهم خَمْسَة. الأول أَحْمد بن يُونُس هُوَ أَحْمد بن عبد الله التَّمِيمِي الْيَرْبُوعي الْكُوفِي. الثَّانِي زَائِدَة بن قدامَة الْبكْرِيّ الْكُوفِي. الثَّالِث مُوسَى بن أبي عَائِشَة الْهَمدَانِي أَبُو بكر الْكُوفِي. الرَّابِع عبيد الله بتصغير العَبْد ابْن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود أَبُو عبد الله الْهُذلِيّ أحد الْفُقَهَاء السَّبْعَة مَاتَ سنة ثَمَان وَتِسْعين. الْخَامِس أم الْمُؤمنِينَ عَائِشَة. (ذكر لطائف إِسْنَاده) فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين وَفِيه العنعنة فِي موضِعين وَفِيه القَوْل فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع وَفِيه أَن الثَّلَاثَة الأول من الروَاة كوفيون وَفِيه شيخ البُخَارِيّ مَذْكُور باسم جده. (ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره) أما البُخَارِيّ فَإِنَّهُ أخرجه هَذَا الحَدِيث مقطعا وَمُطَولًا ومختصرا فِي مَوَاضِع عديدة قد ذكرنَا أَكْثَرهَا وَأخرجه هُنَا عَن أَحْمد بن يُونُس وَوَافَقَهُ فِي ذَلِك مُسلم وَأخرجه عَن زَائِدَة عَن مُوسَى بن أبي عَائِشَة بِهِ وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الصَّلَاة عَن ابْن عَبَّاس الْعَنْبَري عَن ابْن مهْدي عَن زَائِدَة بِهِ وَفِي الْوَفَاة عَن سُوَيْد بن نصر عَن ابْن الْمُبَارك عَن زَائِدَة (ذكر مَعْنَاهُ) قَوْله " أَلا " للعرض والاستفتاح قَوْله " بلَى " بِمَعْنى نعم أحَدثك قَوْله " لما ثقل " بِضَم الْقَاف يَعْنِي لما اشْتَدَّ مَرضه وَقد استقصينا الْكَلَام فِيهِ فِي بَاب الْغسْل وَالْوُضُوء فِي المخضب وَفِي حد الْمَرِيض أَن يشْهد الْجَمَاعَة وَغَيرهمَا وَنَذْكُر هَهُنَا بعض شَيْء مِمَّا يحْتَاج إِلَيْهِ لسرعة الْوُقُوف عَلَيْهِ قَوْله " أصلى النَّاس " الْهمزَة فِيهِ للاستفهام والاستخبار قَوْله " فَقُلْنَا لَا " ويروى " قُلْنَا " بِدُونِ الْفَاء قَوْله " وهم ينتظرونك " الْوَاو فِيهِ للْحَال قَوْله " ضَعُوا لي مَاء " بِاللَّامِ وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والسرخسي " ضعوني " بالنُّون والكرماني ذهل عَن رِوَايَة الْجُمْهُور الَّتِي هِيَ بِاللَّامِ وَسَأَلَ على رِوَايَة النُّون فَقَالَ الْقيَاس بِاللَّامِ لَا بالنُّون لِأَن المَاء مفعول وَهُوَ لَا يتَعَدَّى إِلَى مفعولين ثمَّ أجَاب بِأَن الْوَضع ضمن معنى الإيتاء أَو لفظ المَاء تَمْيِيز عَن المخضب مقدم عَلَيْهِ أَن جَوَّزنَا التَّقْدِيم أَو هُوَ مَنْصُوب بِنَزْع الْخَافِض (قلت) كل هَذَا تعسف إِلَّا معنى التَّضْمِين فَلهُ وَجه قَوْله " فِي المخضب " بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة وَفتح الضَّاد الْمُعْجَمَة وَفِي آخِره بَاء مُوَحدَة وَهُوَ المركن أَي الاجانة قَوْله " فَفَعَلْنَا فاغتسل " ويروى " فَفَعَلْنَا فَقعدَ فاغتسل " قَوْله " فَذهب " بِالْفَاءِ وَفِي رِوَايَة الْكشميهني " ثمَّ ذهب " قَوْله " لينوء " بِضَم النُّون بعْدهَا همزَة أَي لينهض بِجهْد وَقَالَ الْكرْمَانِي وينوء كيقوم

ص: 215

لفظا وَمعنى قَوْله " فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ " فِيهِ أَن الْإِغْمَاء جَائِز على الْأَنْبِيَاء لِأَنَّهُ شَبيه بِالنَّوْمِ وَقَالَ النَّوَوِيّ لِأَنَّهُ مرض من الْأَمْرَاض بِخِلَاف الْجُنُون فَإِنَّهُ لم يجز عَلَيْهِم لِأَنَّهُ نقص (قلت) الْعقل فِي الْإِغْمَاء يكون مَغْلُوبًا وَفِي الْمَجْنُون يكون مسلوبا قَوْله " قُلْنَا لَا " يَعْنِي لم يصلوا قَوْله " هم ينتظرونك " جملَة اسمية وَقعت حَالا بِلَا وَاو وَهُوَ جَائِز وَقد وَقع فِي الْقُرْآن نَحْو قَوْله تَعَالَى {قُلْنَا اهبطوا بَعْضكُم لبَعض عَدو} وَكَذَلِكَ هم ينتظرونك الثَّانِي قَوْله " لصَلَاة الْعشَاء " كَذَا بِاللَّامِ فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والكشميهني " الصَّلَاة الْعشَاء الْآخِرَة " قَوْله " عكوف " بِضَم الْعين جمع العاكف أَي مجتمعون وأصل العكف اللّّبْث وَمِنْه الِاعْتِكَاف لِأَنَّهُ لبث فِي الْمَسْجِد قَوْله " تِلْكَ الْأَيَّام " أَي الَّتِي كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - فِيهَا مَرِيضا غير قَادر على الْخُرُوج قَوْله " لصَلَاة الظّهْر " هُوَ صَرِيح فِي أَن الصَّلَاة الْمَذْكُورَة كَانَت صَلَاة الظّهْر وَزعم بَعضهم أَنَّهَا الصُّبْح قَوْله " أجلساني " من الإجلاس قَوْله " وَهُوَ يأتم بِصَلَاة النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - " هَذِه رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والسرخسي وَرِوَايَة الْأَكْثَرين " فَجعل أَبُو بكر يُصَلِّي وَهُوَ قَائِم " من الْقيام قَوْله " بِصَلَاة النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - " ويروى " بِصَلَاة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - " وَقد قَالَ الشَّافِعِي بِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - لم يصل بِالنَّاسِ فِي مرض مَوته فِي الْمَسْجِد إِلَّا مرّة وَاحِدَة وَهِي هَذِه الَّتِي صلى فِيهَا قَاعِدا وَكَانَ أَبُو بكر فِيهَا إِمَامًا ثمَّ صَار مَأْمُوما يسمع النَّاس التَّكْبِير قَوْله " أَلا أعرض " الْهمزَة للاستفهام وَلَا للنَّفْي وَلَيْسَ حرف التَّنْبِيه وَلَا حرف التحضيض بل هُوَ اسْتِفْهَام للعرض (ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ) وَقد ذكرنَا أَكثر فَوَائِد هَذَا الحَدِيث فِي بَاب حد الْمَرِيض أَن يشْهد الْجَمَاعَة وَنَذْكُر أَيْضا مَا لم نذكرهُ هُنَاكَ فِيهِ دَلِيل على أَن اسْتِخْلَاف الإِمَام الرَّاتِب إِذا اشْتَكَى أولى من صلَاته بالقوم قَاعِدا لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم َ - اسْتخْلف أَبَا بكر وَلم يصل بهم قَاعِدا غير مرّة وَاحِدَة وَفِيه صِحَة إِمَامَة الْمَعْذُور لمثله وَفِيه دَلِيل على صِحَة إِمَامَة الْقَاعِد للقائم أَيْضا خلافًا لما رُوِيَ عَن مَالك فِي الْمَشْهُور عَنهُ ولمحمد بن الْحسن وَقَالا فِي ذَلِك أَن الَّذِي نقل عَنهُ صلى الله عليه وسلم َ - كَانَ خَاصّا بِهِ وَاحْتج مُحَمَّد أَيْضا بِحَدِيث جَابر عَن الشّعبِيّ مَرْفُوعا " لَا يُؤمن أحد بعدِي جَالِسا " أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ ثمَّ الْبَيْهَقِيّ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ لم يروه عَن الشّعبِيّ غير جَابر الْجعْفِيّ وَهُوَ مَتْرُوك والْحَدِيث مُرْسل لَا تقوم بِهِ حجَّة وَقَالَ بن بزيزة لَو صَحَّ لم يكن فِيهِ حجَّة لِأَنَّهُ يحْتَمل أَن يكون المُرَاد مِنْهُ الصَّلَاة بالجالس (قلت) يَعْنِي يَجْعَل جَالِسا مَفْعُولا لَا حَال وَهَذَا خلاف ظَاهر التَّرْكِيب فِي زعم المحتج بِهِ وَزعم عِيَاض نَاقِلا عَن بعض الْمَالِكِيَّة أَن الحَدِيث الْمَذْكُور يدل على نسخ الْأَمر الْمُتَقَدّم لَهُم بِالْجُلُوسِ لما صلوا خَلفه قيَاما ورد بِأَن ذَلِك على تَقْدِير صِحَّته يحْتَاج إِلَى تَارِيخ ثمَّ اعْلَم أَن جَوَاز صَلَاة الْقَائِم خلف الْقَاعِد هُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف وَالشَّافِعِيّ وَمَالك فِي رِوَايَة وَالْأَوْزَاعِيّ وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِك بِحَدِيث عَائِشَة الْمَذْكُور (فَإِن قلت) روى البُخَارِيّ وَمُسلم وَالْأَرْبَعَة عَن أنس قَالَ " سقط رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - عَن فرس " الحَدِيث وَفِيه " إِذا صلى قَاعِدا فصلوا قعُودا " وروى البُخَارِيّ أَيْضا وَمُسلم عَن عَائِشَة قَالَت " اشْتَكَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - فَدخل عَلَيْهِ نَاس من أَصْحَابه " الحَدِيث وَفِيه " إِذا صلى جَالِسا فصلوا جُلُوسًا "(قلت) هَؤُلَاءِ يجْعَلُونَ هذَيْن الْحَدِيثين منسوخين بِحَدِيث عَائِشَة الْمُتَقَدّم أَنه صلى آخر صلَاته قَاعِدا وَالنَّاس خَلفه قيام وَأَيْضًا أَن تِلْكَ الصَّلَاة كَانَت تَطَوّعا والتطوعات يحْتَمل فِيهَا مَا لَا يحْتَمل فِي الْفَرَائِض وَقد صرح بذلك فِي بعض طرقه كَمَا أخرجه أَبُو دَاوُد فِي سنَنه عَن أبي سُفْيَان عَن جَابر قَالَ " ركب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - فرسا لَهُ فِي الْمَدِينَة فصرعه على جذع نَخْلَة فانفكت قدمه فأتيناه نعوده فوجدناه فِي مشربَة لعَائِشَة يسبح جَالِسا قَالَ فقمنا خَلفه فَسكت عَنَّا ثمَّ أتيناه مرّة أُخْرَى نعوده فصلى الْمَكْتُوبَة جَالِسا فقمنا خَلفه فَأَشَارَ إِلَيْنَا فَقَعَدْنَا قَالَ فَلَمَّا قضى الصَّلَاة قَالَ إِذا صلى الإِمَام جَالِسا فصلوا جُلُوسًا فَإِذا صلى قَائِما فصلوا قيَاما وَلَا تَفعلُوا كَمَا يفعل أهل الْفَارِس بعظمائها " وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه كَذَلِك ثمَّ قَالَ وَفِي هَذَا الْخَبَر دَلِيل على أَن مَا فِي حَدِيث حميد عَن أنس أَنه صلى بهم قَاعِدا وهم قيام أَنه إِنَّمَا كَانَت الصَّلَاة سبْحَة فَلَمَّا حضرت الْفَرِيضَة أَمرهم بِالْجُلُوسِ فجلسوا فَكَانَ أَمر فَرِيضَة لَا فَضِيلَة (قلت) وَمِمَّا يدل على أَن التطوعات يحْتَمل فِيهَا مَا لَا يحْتَمل فِي الْفَرَائِض مَا أخرجه التِّرْمِذِيّ عَن عَليّ بن زيد عَن سعيد بن الْمسيب عَن أنس قَالَ " قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - إياك والالتفات فِي الصَّلَاة فَإِنَّهُ هلكة فَإِن كَانَ لَا بُد فَفِي التَّطَوُّع لَا فِي الْفَرِيضَة " وَقَالَ حَدِيث حسن -

ص: 216

688 -

حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ قَالَ أخبرنَا مالِكٌ عنْ هِشَام بنِ عُرْوَةَ عنْ أبِيهِ عنْ عائِشَةَ أمّ المُؤْمِنِينَ أنَّها قالَتْ صلَّى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِهِ وَهْوَ شَاكٍ فَصَلَّى جَالِسا وصَلَّى وَرَاءهُ قَوْمٌ قِياما فَأشَارَ إلَيْهِمْ أنْ اجْلِسُوا فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ إنَّمَا جُعِلَ الإمامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فإذَا رَكَعَ فارْكَعُوا وإذَا رفَعَ فارْفَعُوا وإذَا قَالَ سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ وإذَا صَلَّى جَالِسا فَصَلُّوا جُلُوسا أجْمَعُونَ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة لِأَن التَّرْجَمَة هِيَ بِعَينهَا. قَوْله: صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا جعل الإِمَام ليؤتم بِهِ) .

وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة. وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّفْسِير عَن قُتَيْبَة، وَفِي السَّهْو عَن إِسْمَاعِيل. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الصَّلَاة عَن القعْنبِي عَن مَالك بِهِ.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (فِي بَيته) أَي: فِي الْمشْربَة الَّتِي فِي حجرَة عَائِشَة، كَمَا بَينه أَبُو سُفْيَان عَن جَابر، وَهَذَا يدل على أَن تِلْكَ الصَّلَاة لم تكن فِي الْمَسْجِد، وَكَأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم عجز عَن الصَّلَاة بِالنَّاسِ فِي الْمَسْجِد، وَكَانَ يُصَلِّي فِي بَيته بِمن حضر، لكنه لم ينْقل أَنه اسْتخْلف، وَمن ثمَّة قَالَ عِيَاض: إِنَّه الظَّاهِر أَنه صلى فِي حجرَة عَائِشَة وَأتم بِهِ من حضر عِنْده، وَمن كَانَ فِي الْمَسْجِد. وَهَذَا الَّذِي قَالَه يحْتَمل، وَيحْتَمل أَيْضا أَن يكون اسْتخْلف، وَإِن لم ينْقل. لَكِن يلْزم على الأول أَن تكون صَلَاة الإِمَام أَعلَى من صَلَاة الْمَأْمُومين، وَمذهب عِيَاض خِلَافه. قلت: لَهُ أَن يَقُول: إِنَّمَا يمْنَع كَون الإِمَام أَعلَى من الْمَأْمُوم، إِذا لم يكن مَعَه أحد، وَكَانَ مَعَه هُنَا بعض الصَّحَابَة. قَوْله:(وَهُوَ شَاك)، بتَخْفِيف الْكَاف وَأَصله: شاكي. نَحْو: قاضٍ، وَأَصله قَاضِي، استثقلت الضمة على الْيَاء فحذفت فَصَارَت: شَاك، وَهُوَ: من الشكاية وَهِي: الْمَرَض، وَالْمعْنَى هُنَا: شَاك عَن مزاجه لانحرافه عَن الصِّحَّة. وَقَالَ ابْن الْأَثِير: الشكو والشكوى والشكاة والشكاية: الْمَرَض. قَوْله: (فصلى جَالِسا) أَي: حَال كَونه جَالِسا. وَقَالَ عِيَاض: يحْتَمل أَن يكون أَصَابَهُ من السقطة رض فِي الْأَعْضَاء مَنعه من الْقيام، ورد هَذَا بِأَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِك، وَإِنَّمَا كَانَت قدمه منفكة، كَمَا فِي رِوَايَة بشر بن الْمفضل: عَن حميد عَن أنس عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ، وَكَذَا لأبي دَاوُد وَابْن خُزَيْمَة من رِوَايَة أبي سُفْيَان عَن جَابر قَالَ:(ركب رَسُول لله صلى الله عليه وسلم فرسا بِالْمَدِينَةِ فصرعه على جذع نَخْلَة فانفكت قدمه، فأتيناه نعوده فوجدناه فِي مشربَة لعَائِشَة. .) الحَدِيث، وَقد ذَكرْنَاهُ عَن قريب. وَفِي رِوَايَة يزِيد بن حميد:(جحش سَاقه أَو كتفه)، وَفِي رِوَايَة الزُّهْرِيّ عَن أنس:(جحش شقَّه الْأَيْمن) ، وَالْحَاصِل هُنَا أَن عَائِشَة أبهمت الشكوى، وَبَين جَابر وَأنس السَّبَب وَهُوَ: السُّقُوط عَن الْفرس، وَعين جَابر الْعلَّة فِي الصَّلَاة قَاعِدا وَهِي انفكاك الْقدَم فَإِن قلت: وَقعت الْمُخَالفَة بَين هَذِه الرِّوَايَات فَمَا التَّوْفِيق بَينهَا؟ قلت: يحْتَمل وُقُوع هَذَا كُله قَوْله: (فَأَشَارَ عَلَيْهِم)، كَذَا وَقع فِي رِوَايَة الْحَمَوِيّ بِلَفْظ: عَلَيْهِم، وَفِي رِوَايَة الْأَكْثَرين:(فَأَشَارَ إِلَيْهِم)، وروى أَيُّوب عَن هِشَام بِلَفْظ:(فَأَوْمأ إِلَيْهِم)، وروى عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن هِشَام بِلَفْظ:(فأخلف بِيَدِهِ يومي بهَا إِلَيْهِم) . قَوْله: (فَلَمَّا انْصَرف)، أَي: رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من الصَّلَاة. قَوْله: (إِنَّمَا جعل الإِمَام ليؤتم بِهِ) أَي: ليقتدى بِهِ وَيتبع، وَمن شَأْن التَّابِع أَن لَا يسْبق متبوعه وَلَا يتَقَدَّم عَلَيْهِ فِي موقفه ويراقب أَحْوَاله. قَوْله:(فَإِذا ركع) أَي: الإِمَام (فاركعوا)، الْفَاء فِيهِ وَفِي قَوْله:(فاسجدوا) ، للتعقيب، وَيدل على أَن الْمُقْتَدِي لَا يسْبق الإِمَام بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُود حَتَّى إِذا سبق الإِمَام فيهمَا وَلم يلْحق الإِمَام فَسدتْ صلَاته، وَالدَّلِيل على أَن الْفَاء للتعقيب مَا رَوَاهُ مُسلم من رِوَايَة الْأَعْمَش عَن أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ:(لَا تبَادرُوا الإِمَام إِذا كبر فكبروا) ، وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد، من رِوَايَة مُصعب بن مُحَمَّد عَن أبي صَالح:(لَا تركعوا حَتَّى يرْكَع وَلَا تسجدوا حَتَّى يسْجد) . قَوْله: (وَإِذا رفع) أَي: الإِمَام راسه (فارفعوا) رؤسكم. فَإِن قلت: الْفَاء الَّتِي للتعقيب هِيَ الْفَاء العاطفة، وَالْفَاء الَّتِي هُنَا للربط فَقَط لِأَنَّهَا وَقعت جَوَابا للشّرط، فعلى هَذَا لَا تَقْتَضِي تَأَخّر أَفعَال الْمَأْمُوم عَن الإِمَام؟ قلت: وَظِيفَة الشَّرْط التَّقَدُّم على الْجَزَاء، مَعَ أَن رِوَايَة أبي دَاوُد تصرح بِانْتِفَاء التَّقَدُّم والمقارنة، وَلَا اعْتِبَار لقَوْل من يَقُول: إِن الْجَزَاء يكون مَعَ الشَّرْط. قَوْله: (فَإِذا قَالَ: سمع الله لمن حَمده) . قَوْله: سمع الله، مجَاز عَن الْإِجَابَة، والإجابة مجَاز عَن الْقبُول، فَصَارَ هَذَا مجَاز الْمجَاز، وَالْهَاء فِي: حَمده، هَاء السكتة والاستراحة لَا للكناية. قَوْله:(رَبنَا وَلَك الْحَمد) ، جَمِيع الرِّوَايَات فِي حَدِيث عَائِشَة

ص: 217

بِإِثْبَات الْوَاو، وَكَذَا فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَأنس إلاّ فِي رِوَايَة اللَّيْث عَن الزُّهْرِيّ فِي بَاب إِيجَاب التَّكْبِير، والكشميهني بِحَذْف الْوَاو، وَمِنْهُم من رجح إِثْبَات الْوَاو لِأَن فِيهَا معنى زَائِدا لكَونهَا عاطفة على مَحْذُوف تَقْدِيره: يَا رَبنَا استجب، أَو: يَا رَبنَا أطعناك وَلَك الْحَمد، فيشتمل على الدُّعَاء وَالثنَاء مَعًا. وَمِنْهُم من رجح حذفهَا لِأَن الأَصْل عدم التَّقْدِير فَتَصِير عاطفة على كَلَام غير تَامّ. وَقَالَ ابْن دَقِيق الْعِيد: وَالْأول أوجه، وَقَالَ النَّوَوِيّ: ثبتَتْ الراوية بِإِثْبَات الْوَاو وحذفها، والوجهان جائزان بِغَيْر تَرْجِيح. قَوْله:(وَإِذا صلى جَالِسا) أَي: حَال كَونه جَالِسا. قَوْله: (فصلوا جُلُوسًا) أَي: جالسين، وَهُوَ أَيْضا حَال. قَوْله:(أَجْمَعُونَ)، تَأْكِيد للضمير الَّذِي فِي: صلوا، كَذَا وَقع بِالْوَاو فِي جَمِيع الطّرق فِي (الصَّحِيحَيْنِ) إلاّ أَن الروَاة اخْتلفُوا فِي رِوَايَة همام عَن أبي هُرَيْرَة فَقَالَ بَعضهم: أَجْمَعِينَ، بِالْيَاءِ فوجهه أَن يكون مَنْصُوبًا على الْحَال، أَي: جُلُوسًا مُجْتَمعين، أَو يكون تَأْكِيدًا لَهُ، وَقَالَ بَعضهم: يكون نصبا على التَّأْكِيد لضمير مُقَدّر مَنْصُوب، كَأَنَّهُ قَالَ: أعنيكم أَجْمَعِينَ. قلت: هَذَا تعسف جدا، لَيْسَ فِي الْكَلَام مَا يصحح هَذَا التَّقْدِير.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: وَهُوَ على وُجُوه: الأول: فِيهِ جَوَاز صَلَاة القائمين وَرَاء الْجَالِس، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى عَن قريب. الثَّانِي: فِيهِ وجوب مُتَابعَة الْمَأْمُوم الإِمَام حَتَّى فِي الصِّحَّة وَالْفساد، وَقَالَ الشَّافِعِي: يتبع فِي الْمُوَافقَة لَا فِي الصِّحَّة وَالْفساد، وَقَالَ النَّوَوِيّ: مُتَابعَة الإِمَام وَاجِبَة فِي الْأَفْعَال الظَّاهِرَة بِخِلَاف النِّيَّة؛ وَقَالَ بَعضهم: يُمكن أَن يسْتَدلّ من هَذَا الحَدِيث على عدم دُخُولهَا، لِأَنَّهُ يَقْتَضِي الْحصْر فِي الِاقْتِدَاء بِهِ فِي أَفعاله لَا فِي جَمِيع أَحْوَاله، كَمَا لَو كَانَ مُحدثا أَو حَامِل نَجَاسَة، فَإِن الصَّلَاة خَلفه تصح لمن لم يعلم حَاله على الصَّحِيح. قلت: لَا دلَالَة فِيهِ على الْحصْر، بل يدل الحَدِيث على وجوب الْمُتَابَعَة مُطلقًا، ثمَّ قَالَ هَذَا الْقَائِل: ثمَّ مَعَ وجود الْمُتَابَعَة لَيْسَ شَيْء مِنْهَا شرطا فِي صِحَة الْقدْوَة إلَاّ تَكْبِيرَة الْإِحْرَام، وَاخْتلف فِي السَّلَام، وَالْمَشْهُور عِنْد الْمَالِكِيَّة اشْتِرَاطه مَعَ الْإِحْرَام وَالْقِيَام من التَّشَهُّد الأول. انْتهى. (قُلْنَا) : تَكْفِي الْمُقَارنَة، لِأَن معنى الائتمام: الِامْتِثَال، وَمن فعل مثل مَا فعل إِمَامه صَار ممتثلاً. الثَّالِث: اسْتدلَّ أَبُو حنيفَة بقوله: (وَإِذا قَالَ: سمع الله لمن حَمده، فَقولُوا: رَبنَا وَلَك الْحَمد) على أَن وَظِيفَة الإِمَام: التسميع ووظيفة الْمَأْمُوم: التَّحْمِيد، لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قسم، وَالْقِسْمَة تنَافِي الشّركَة، وَبِه قَالَ مَالك وَأحمد فِي رِوَايَة، وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ وَأحمد فِي رِوَايَة يَأْتِي الإِمَام بهما، والْحَدِيث حجَّة عَلَيْهِم وَأما الْمُؤْتَم فَلَا يَقُول إلاّ: رَبنَا وَلَك الْحَمد، لَيْسَ إلاّ عندنَا، وَقَالَ الشَّافِعِي وَمَالك: يجمع بَينهمَا.

689 -

حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ قَالَ أخبرنَا مالِكٌ عنِ ابنِ شِهَابٍ عَن انس ابْن مَالك أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ركِبَ فَرَسا فَصُرِعَ عَنْهُ فَجُحِشَ شِقُّهُ الأيْمَنُ فَصَلَّى صَلَاةً مِنَ الصَّلَوَاتِ وَهْوَ قاعِدٌ فَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ قُعُودا فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ إنَّما جُعِلَ الإمامُ لِيُؤتَمَّ بِهِ فإذَا صَلى قائِما فَصَلُّوا قِيَاما فإذَا رَكَعَ فارْكَعْوا وإذَا رَفَعَ فارْفَعُوا وإذَا قَالَ سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَهُ فقُولُوا رَبَّنَا ولَكَ الحَمْدُ وإذَا صَلَّى قائِما فَصَلُّوا قِياما وإذَا صَلى جالِسا فَصَلُّوا جُلُوسا أجْمَعُونَ.

مطابقته للتَّرْجَمَة مثل مَا ذكرنَا فِي الحَدِيث الَّذِي قبله، وَابْن شهَاب هُوَ: مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ، وَهُوَ أَنه مثل الحَدِيث الأول غير أَن ذَاك عَن مَالك عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة، وَهَذَا عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن أنس، وَاعْتبر الِاخْتِلَاف فِي الْمَتْن من حَيْثُ الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان. قَوْله:(عَن أنس)، وَفِي رِوَايَة شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ: أَخْبرنِي أنس قَوْله: (فصلى صَلَاة من الصَّلَوَات)، وَفِي رِوَايَة سُفْيَان عَن الزُّهْرِيّ:(فَحَضَرت الصَّلَاة)، وَكَذَا فِي رِوَايَة حميد عَن أنس عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ. وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: اللَّام للْعهد ظَاهرا، وَالْمرَاد الْفَرْض لِأَن الْمَعْهُود من عَادَتهم اجْتِمَاعهم للْفَرض بِخِلَاف النَّافِلَة، وَحكى عِيَاض عَن ابْن الْقَاسِم: أَن هَذِه الصَّلَاة كَانَت نفلا. وَقَالَ بَعضهم: وَتعقب: بِأَن فِي رِوَايَة جَابر عِنْد ابْن خُزَيْمَة وَأبي دَاوُد الْجَزْم بِأَنَّهَا فرض، لكني لم أَقف على تَعْيِينهَا إلاّ فِي حَدِيث أنس:(فصلى بِنَا يَوْمئِذٍ)، وَالظَّاهِر أَنَّهَا الظّهْر أَو الْعَصْر انْتهى. قلت: لَا ظَاهر هُنَا يدل على مَا دَعَاهُ وَلما لَا يجوز أَن تكون الَّتِي صلى بهم يَوْمئِذٍ نفلا. قَوْله: (فجحش)، بجيم مَضْمُومَة ثمَّ حاء مُهْملَة مَكْسُورَة أَي: خدش،

ص: 218

وَهُوَ أَن يتقشر جلد الْعُضْو. قَوْله: (فصلينا وَرَاءه قعُودا) أَي: حَال كوننا قَاعِدين. فَإِن قلت: هَذَا يُخَالف حَدِيث عَائِشَة لِأَن فِيهِ: (فصلى جَالِسا وَصلى وَرَاءه قوم قيَاما) . قلت: أُجِيب عَن ذَلِك بِوُجُوه: الأول: أَن فِي رِوَايَة أنس اختصارا وَكَأَنَّهُ اقْتصر على مَا آل إِلَيْهِ الْحَال بعد أمره لَهُم بِالْجُلُوسِ. الثَّانِي: مَا قَالَه الْقُرْطُبِيّ وَهُوَ أَنه: يحْتَمل أَن يكون بَعضهم قعد من أول الْحَال، وَهُوَ الَّذِي حَكَاهُ أنس، وَبَعْضهمْ قَامَ حَتَّى أَشَارَ إِلَيْهِ بِالْجُلُوسِ، وَهُوَ الَّذِي حكته عَائِشَة. الثَّالِث: مَا قَالَه قوم وَهُوَ احْتِمَال تعدد الْوَاقِعَة، وَقَالَ بَعضهم: وَفِيه بعد قلت: الْبعد فِي الْوَجْهَيْنِ الْأَوَّلين، وَالْوَجْه الثَّالِث هُوَ الْقَرِيب، وَيدل عَلَيْهِ مَا وَقع فِي رِوَايَة أبي دَاوُد عَن جَابر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنهم دخلُوا يعودونه مرَّتَيْنِ، فصلى بهما فيهمَا، وَبَين أَن الأولى كَانَت نَافِلَة وأقرهم على الْقيام وَهُوَ جَالس، وَالثَّانيَِة كَانَت فَرِيضَة وابتدأوا قيَاما فَأَشَارَ إِلَيْهِم بِالْجُلُوسِ. وَفِي رِوَايَة بشر عَن حميد عَن أنس نَحوه عِنْد الإسماعيل. قَوْله:(وَإِذا صلى جَالِسا فصلوا جُلُوسًا) قيل: إِن المُرَاد بِالْأَمر أَن يَقْتَدِي بِهِ فِي جُلُوسه فِي التَّشَهُّد وَبَين السَّجْدَتَيْنِ لِأَنَّهُ ذكر ذَلِك عقيب ذكر الرُّكُوع وَالرَّفْع مِنْهُ، وَالسُّجُود فَيحمل على أَنه لما جلس بَين السَّجْدَتَيْنِ قَامُوا تَعْظِيمًا لَهُ فَأَمرهمْ بِالْجُلُوسِ تواضعا، وَقد نبه على ذَلِك بقوله فِي حَدِيث جَابر:(إِن كدتم آنِفا تَفْعَلُونَ فعل فَارس وَالروم، يقومُونَ على مُلُوكهمْ وهم قعُود فَلَا تَفعلُوا) . وَقَالَ ابْن دَقِيق الْعِيد: هَذَا بعيد لِأَن سِيَاق طرق الحَدِيث يأباه وَلِأَنَّهُ لَو كَانَ المُرَاد بِالْجُلُوسِ فِي الرُّكْن لقَالَ: وَإِذا جلس فاجلسوا ليناسب قَوْله: (فَإِذا سجدوا) فَلَمَّا عدل عَن ذَلِك إِلَى قَوْله: (وَإِذا صلى جَالِسا) كَانَ كَقَوْلِه: (وَإِذا صلى قَائِما) .

وَمِمَّا يُسْتَفَاد مِنْهُ: غير مَا ذكرنَا فِي الحَدِيث السَّابِق، مَشْرُوعِيَّة ركُوب الْخَيل والتدرب على أخلاقها، واستحباب التأسي إِذا حصل مِنْهَا سُقُوط أَو عَثْرَة أَو غير ذَلِك بِمَا اتّفق للنَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي هَذِه الْوَاقِعَة، وَبِه الأسوة الْحَسَنَة، وَمن ذَلِك أَنه يجوز على النَّبِي صلى الله عليه وسلم مَا يجوز على الْبشر من الأسقام وَنَحْوهَا من غير نقص فِي مِقْدَاره بذلك، بل لِيَزْدَادَ قدره رفْعَة ومنصبه جلالة.

قَالَ أبُو عَبْدِ الله قَالَ الحُمَيْدِيُّ قَوْلهُ إذَا صَلَّى جالِسا فَصَلُّوا جُلُوسا هُوَ فِي مَرَضِهِ القَدِيمِ ثمَّ صلَّى بَعْدَ ذَلِكَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم جالِسا والنَّاسُ خَلْفَهُ قِياما لَمْ يَأمُرْهُمْ بَالقُعودِ وإنَّمَا يُؤخَذُ بِالآخِرِ فالآخِرِ مِنْ فَعْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم

أَبُو عبد الله هُوَ: البُخَارِيّ نَفسه، والْحميدِي هُوَ شيخ البُخَارِيّ وتلميذ الشَّافِعِي، واسْمه: عبد الله بن الزبير بن عِيسَى ابْن عبيد الله بن الزبير بن عبيد الله بن حميد الْقرشِي الْأَسدي الْمَكِّيّ، ويكنى أَبَا بكر، وَهُوَ من أَفْرَاد البُخَارِيّ، مَاتَ سنة تسع عشرَة وَمِائَتَيْنِ، وَيفهم من هَذَا الْكَلَام أَن ميل البُخَارِيّ إِلَى مَا قَالَه الْحميدِي، وَهُوَ الَّذِي ذهب إِلَيْهِ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَالثَّوْري وَأَبُو ثَوْر وَجُمْهُور السّلف أَن الْقَادِر على الْقيام لَا يُصَلِّي وَرَاء الْقَاعِد إلَاّ قَائِما. وَقَالَ المرغيناني: الْفَرْض وَالنَّفْل سَوَاء. وَقَوله: إِنَّمَا يُؤْخَذ) إِلَى آخِره، إِشَارَة إِلَى أَن الَّذِي يجب بِهِ الْعَمَل هُوَ مَا اسْتَقر عَلَيْهِ آخر الْأَمر من النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَلما كَانَ آخر الْأَمريْنِ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم صلَاته قَاعِدا وَالنَّاس وَرَاءه قيام، دلّ على أَن مَا كَانَ قبله من ذَلِك مَرْفُوع الحكم. فَإِن قلت: ابْن حبَان لم ير النّسخ، فَإِنَّهُ قَالَ، بعد أَن روى حَدِيث عَائِشَة الْمَذْكُور: وَفِي هَذَا الْخَبَر بَيَان وَاضح أَن الإِمَام إِذا صلى قَاعِدا كَانَ على الْمَأْمُومين أَن يصلوا قعُودا، وَأفْتى بِهِ من الصَّحَابَة جَابر بن عبد الله وَأَبُو هُرَيْرَة وَأسيد بن حضير وَقيس ابْن فَهد، وَلم يرو عَن غَيرهم من الصَّحَابَة خلاف هَذَا بِإِسْنَاد مُتَّصِل وَلَا مُنْقَطع، فَكَانَ إِجْمَاعًا وَالْإِجْمَاع عندنَا إِجْمَاع الصَّحَابَة. وَقد أفتى بِهِ أَيْضا من التَّابِعين. وَأول من أبطل ذَلِك من الْأمة الْمُغيرَة بن مقسم، وَأخذ عَنهُ حَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان ثمَّ أَخذه عَنهُ أَبُو حنيفَة ثمَّ عَنهُ أَصْحَابه وَأَعْلَى حَدِيث احْتَجُّوا بِهِ حَدِيث رَوَاهُ جَابر الْجعْفِيّ عَن الشّعبِيّ، وَهُوَ قَوْله صلى الله عليه وسلم:(لَا يؤمَّنَّ أحد بعدِي جَالِسا) ، وَهَذَا لَو صَحَّ إِسْنَاده لَكَانَ مُرْسلا، والمرسل عندنَا وَمَا لم يرو سيان، لأَنا لَو قبلنَا إرْسَال تَابِعِيّ وَأَن كَانَ ثِقَة للزمنا قبُول مثله عَن اتِّبَاع التَّابِعين، وَإِذ قبلنَا لزمنا قبُوله من أَتبَاع التَّابِعين، وَيُؤَدِّي ذَلِك إِلَى أَن نقبل من كل أحد إِذا قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. وَفِي هَذَا نقض الشَّرِيعَة، وَالْعجب أَن أَبَا حنيفَة يخرج عَن جَابر الْجعْفِيّ ويكذبه، ثمَّ لما اضطره الْأَمر جعل أحتج بحَديثه، وَذَلِكَ

ص: 219