الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْأُخْرَى فِي الْغَالِب، وَلَو كَانَ بدنهَا مغطى. انْتهى. قلت: هَذَا غير موجه، لِأَن الرَّائِي من ايْنَ يعرف هَيْئَة كل امْرَأَة حِين كن مغطيات؟ وَالرجل لَا يعرف هَيْئَة امْرَأَته إِذا كَانَت بَين المغطيات إلَاّ بِدَلِيل من الْخَارِج؟ وَقَالَ الْبَاجِيّ: هَذَا يدل على أَنَّهُنَّ كن سافرات، إِذْ لَو كن متنقبات لمنع تَغْطِيَة الْوَجْه من معرفتهن لَا الْغَلَس. قَوْله:(من الْغَلَس)، كلمة: من، ابتدائية، وَيجوز أَن تكون تعليلية، والغلس، بِفتْحَتَيْنِ: ظلمَة آخر اللَّيْل، وَلَا مُخَالفَة بَين هَذَا الحَدِيث وَبَين حَدِيث أبي بَرزَة الَّذِي مضى من أَنه كَانَ ينْصَرف حِين يعرف الرجل جليسه، لِأَنَّهُ إِخْبَار عَن رُؤْيَة جليسه، وَهَذَا إِخْبَار عَن رُؤْيَة النِّسَاء من الْبعد.
28 -
(بابُ منْ أدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الفَجْرِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم من أدْرك رَكْعَة من صَلَاة الْفجْر، وَقد أشبعنا الْكَلَام فِيهِ فِي بَاب من أدْرك رَكْعَة من الْعَصْر، فَليرْجع إِلَيْهِ.
579 -
حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ مَسْلَمَةَ عنْ مالِكٍ عنْ زَيْدِ بنِ أسْلَمَ عنْ عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ وعَنْ بُسْرِ بنِ سَعِيدٍ وعَنِ الأعْرَجِ يُحَدِّثُونَهُ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ منْ أدْرَكَ مِنَ الصُّبْحِ رَكْعَةً قَبْلَ أنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ ومَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ العَصْر قَبْلَ أنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أدْرَكَ العَصْرَ (انْظُر الحَدِيث 556 وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة، وَبسر، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة وبالراء. والأعرج: هُوَ عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز. قَوْله: (يحدثونه)، أَي: يحدثُونَ زيد بن أسلم، وَرِجَال الْإِسْنَاد كلهم مدنيون. قَوْله:(من الصُّبْح) . أَي: من وَقت الصُّبْح، أَو: من نفس صَلَاة الصُّبْح. قَوْله: (رَكْعَة) أَي: قدر رَكْعَة، والإدراك: الْوُصُول إِلَى الشَّيْء، وَقد ذكرنَا مَا المُرَاد من الْإِدْرَاك فِي بَاب من أدْرك رَكْعَة من الْعَصْر، واستوفينا الْكَلَام فِيهِ فِي هَذَا الْبَاب.
29 -
(بابُ مَنْ أدْرَكَ مِنَ الصَّلاة رَكْعَةً)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم من أدْرك من الصَّلَاة رَكْعَة. وَقَالَ الْكرْمَانِي: الْفرق بَين الْبَابَيْنِ أَعنِي هَذَا الْبَاب وَالَّذِي قبله أَن الأول فِيمَن أدْرك من الْوَقْت قدر رَكْعَة، وَهَذَا فِيمَن أدْرك من نفس الصَّلَاة رَكْعَة. قلت: ذَاك الْبَاب أخص، وَهَذَا الْبَاب أَعم. لِأَن قَوْله: من الصَّلَاة يَشْمَل الصَّلَوَات الْخمس وَأورد البُخَارِيّ فِي الْبَاب السَّابِق: عَن عَطاء وَمن مَعَه عَن أبي هُرَيْرَة. وَأورد فِي هَذَا الْبَاب عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة، وَكَذَا فِي بَاب من أدْرك من الْعَصْر عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة، وَالْأَحَادِيث الثَّلَاثَة عَن أبي هُرَيْرَة، وَالرِّوَايَة مُخْتَلفَة. وَلما كَانَ ذكر الْعَصْر مقدما على الصُّبْح فِي حَدِيث: بَاب من أدْرك من الْعَصْر، قَالَ فِي التَّرْجَمَة: بَاب من أدْرك من الْفجْر، فراعى الْمُنَاسبَة فِي التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير، وَكَذَلِكَ فِي هَذَا الْبَاب لما كَانَ ذكر الصَّلَاة غير مُقَيّدَة بِشَيْء ذكر التَّرْجَمَة بقوله: بَاب من أدْرك من الصَّلَاة، وَهَذِه نُكْتَة مليحة تدل على إمعان نظره فِي التَّصَرُّفَات.
580 -
حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفُ قَالَ أخبرنَا مالِكٌ عنِ ابنِ شِهابٍ عَنْ أبي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَن عنْ أبي هُرَيْرَةَ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ منْ أدْرَكَ رَكْعَةً منَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ (انْظُر الحَدِيث 556 وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَرُوَاته تقدمُوا غير مرّة، وَقد ذكرنَا فِي: بَاب من أدْرك من الْعَصْر، اخْتِلَاف الْأَلْفَاظ والرواة فِي هَذَا الحَدِيث، وَذكرنَا مَا يتَعَلَّق بِهِ هُنَاكَ من جَمِيع التعلقات.
30 -
(بابُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الفَجْرِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم الصَّلَاة بعد صَلَاة الْفجْر إِلَى أَن ترْتَفع الشَّمْس، وَقدر بَعضهم بعد ذكر التَّرْجَمَة: يَعْنِي: مَا حكمهَا؟ قلت: فَلَا حَاجَة إِلَى ذكر ذَلِك لما قَدرنَا.
58 -
(حَدثنَا حَفْص بن عمر قَالَ حَدثنَا هِشَام عَن قَتَادَة عَن أبي الْعَالِيَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ شهد عِنْدِي رجال مرضيون وأرضاهم عِنْدِي عمر أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - نهى عَن الصَّلَاة بعد الصُّبْح حَتَّى تشرق الشَّمْس وَبعد الْعَصْر حَتَّى تغرب) مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة (فَإِن قلت) الحَدِيث مُشْتَمل على الْفجْر وَالْعصر والترجمة بالاقتصار على الْفجْر (قلت) لِأَن الصُّبْح هِيَ الْمَذْكُورَة أَولا فِي سَائِر أَحَادِيث الْبَاب وَلِأَن الْعَصْر صلى بعْدهَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - بِخِلَاف الْفجْر. (ذكر رِجَاله) وهم خَمْسَة. الاول حَفْص بن عمر الحوضي وَقد مر. الثَّانِي هِشَام الدستوَائي كَذَلِك. الثَّالِث قَتَادَة بن دعامة كَذَلِك. الرَّابِع أَبُو الْعَالِيَة الريَاحي بِالْيَاءِ آخر الْحُرُوف واسْمه رفيع بِالتَّصْغِيرِ وَوَقع مُصَرحًا بِهِ عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ من رِوَايَة غنْدر عَن شُعْبَة. الْخَامِس عبد الله بن عَبَّاس. (ذكر لطائف إِسْنَاده) فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين وَفِيه العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع وَفِيه القَوْل فِي موضِعين وَفِيه أَن شيخ البُخَارِيّ من أَفْرَاده وَفِيه رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ عَن الصَّحَابِيّ. (ذكر من أخرجه غَيره) أخرجه مُسلم وَأخرجه أَبُو دَاوُد حَدثنَا مُسلم بن إِبْرَاهِيم قَالَ حَدثنَا أبان قَالَ حَدثنَا قَتَادَة عَن أبي الْعَالِيَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ " شهد عِنْدِي رجال مرضيون وَفِيهِمْ عمر بن الْخطاب وأرضاهم عِنْدِي عمر أَن نَبِي الله صلى الله عليه وسلم َ - قَالَ " لَا صَلَاة بعد صَلَاة الصُّبْح حَتَّى تطلع الشَّمْس وَلَا صَلَاة بعد صَلَاة الْعَصْر حَتَّى تغرب الشَّمْس " وَأخرجه التِّرْمِذِيّ حَدثنَا أَحْمد بن منيع قَالَ حَدثنَا هشيم قَالَ أخبرنَا مَنْصُور وَهُوَ ابْن زَاذَان عَن قَتَادَة قَالَ أخبرنَا أَبُو الْعَالِيَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ " سَمِعت غير وَاحِد من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - مِنْهُم عمر بن الْخطاب وَكَانَ من أحبهم إِلَيّ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - نهى عَن الصَّلَاة بعد الْفجْر حَتَّى تطلع الشَّمْس وَعَن الصَّلَاة بعد الْعَصْر حَتَّى تغرب الشَّمْس " وَأخرجه النَّسَائِيّ أخبرنَا أَحْمد بن منيع قَالَ حَدثنَا هشيم قَالَ حَدثنَا مَنْصُور عَن قَتَادَة قَالَ حَدثنَا أَبُو الْعَالِيَة واسْمه رفيع عَن ابْن عَبَّاس نَحْو حَدِيث التِّرْمِذِيّ وَأخرجه ابْن مَاجَه حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر حَدثنَا شُعْبَة عَن قَتَادَة (ح) وَحدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة حَدثنَا عَفَّان حَدثنَا همام عَن قَتَادَة عَن أبي الْعَالِيَة عَن ابْن عَبَّاس نَحْو حَدِيث أَبُو دَاوُد وَرَوَاهُ مُسَدّد فِي مُسْنده وَمن طَرِيقه رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ وَلَفظه حَدثنِي نَاس أعجبهم إِلَيّ عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَلما رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ قَالَ وَفِي الْبَاب عَن عَليّ وَابْن مَسْعُود وَأبي سعيد وَعقبَة بن عَامر وَأبي هُرَيْرَة وَابْن عمر وَسمرَة بن جُنْدُب وَسَلَمَة بن الْأَكْوَع وَزيد بن ثَابت وَعبد الله بن عمر ومعاذ بن عفراء والصنابحي وَلم يسمع من النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - وَعَائِشَة وَكَعب بن مرّة وَأبي أُمَامَة وَعَمْرو بن عَنْبَسَة ويعلى بن أُميَّة وَمُعَاوِيَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم (قلت) وَفِي الْبَاب أَيْضا عَن سعد بن أبي وَقاص وَأبي ذَر الْغِفَارِيّ وَأبي قَتَادَة وَأبي الدَّرْدَاء وَحَفْصَة فَحَدِيث عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أخرجه عَنهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده ثمَّ الْبَيْهَقِيّ من جِهَته عَنهُ " أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ دبر كل صَلَاة مَكْتُوبَة إِلَّا الْفجْر وَالْعصر " وَحَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أخرجه إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه أَيْضا بِإِسْنَادِهِ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ " بَينا نَحن عِنْد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - " الحَدِيث " وَإِذا صليت الْمغرب فَالصَّلَاة مَقْبُولَة مَشْهُودَة حَتَّى تصلي الْفجْر ثمَّ اجْتنب الصَّلَاة حَتَّى ترْتَفع الشَّمْس وتبيض فَإِن الشَّمْس تطلع بَين قَرْني الشَّيْطَان " وَفِيه " فَإِذا مَالَتْ الشَّمْس فَالصَّلَاة مَقْبُولَة مَشْهُودَة حَتَّى تصفر الشَّمْس فَإِن الشَّمْس تغرب بَين قَرْني الشَّيْطَان " وَحَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم عَنهُ قَالَ " سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - يَقُول لَا صَلَاة بعد صَلَاة الصُّبْح حَتَّى تطلع الشَّمْس وَلَا صَلَاة بعد الْعَصْر حَتَّى تغيب الشَّمْس " وَحَدِيث عقبَة بن عَامر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أخرجه مُسلم عَنهُ يَقُول " ثَلَاث سَاعَات كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - ينهانا أَن نصلي فِيهِنَّ أَو أَن نقبر فِيهِنَّ مَوتَانا حِين تطلع الشَّمْس بازعة حَتَّى ترْتَفع وَحين يقوم قَائِم الظهيرة حَتَّى تميل الشَّمْس وَحين تضيف للغروب حَتَّى تغرب " وَحَدِيث أبي هُرَيْرَة أخرجه البُخَارِيّ على مَا يَأْتِي عَن قريب إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَحَدِيث ابْن عمر أخرجه البُخَارِيّ عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - " لَا تتحروا بصلاتكم طُلُوع
الشَّمْس وَلَا غُرُوبهَا " الحَدِيث وَحَدِيث سَمُرَة بن جُنْدُب أخرجه عَنهُ أَحْمد فِي مُسْنده عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - " لَا تصلوا عِنْد طُلُوع الشَّمْس فَإِنَّهَا تطلع بَين قَرْني الشَّيْطَان وَلَا حِين تغيب فَإِنَّهَا تغيب بَين قَرْني الشَّيْطَان " وَحَدِيث سَلمَة بن الْأَكْوَع أخرجه عَنهُ اسحق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده قَالَ " كنت أسافر مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - فَمَا رَأَيْته صلى بعد الْعَصْر وَلَا بعد الصُّبْح " وَحَدِيث زيد بن ثَابت أخرجه عَنهُ أَبُو يعلى الْموصِلِي " أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - نهى عَن الصَّلَاة إِذا طلع قرن الشَّمْس أَو غَابَ قرنها فَإِنَّهَا تطلع بَين قَرْني شَيْطَان " وَحَدِيث عبد الله بن عَمْرو أخرجه عَنهُ ابْن أبي شيبَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - " لَا صَلَاة بعد الْفجْر إِلَّا رَكْعَتَيْنِ " وَحَدِيث معَاذ بن عفراء أخرجه البُخَارِيّ عَنهُ على مَا يَأْتِي عَن قريب إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَحَدِيث الصنَابحِي وَلم يسمع من النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - وَحَدِيث عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا أخرجه عَنْهَا أَبُو يعلى الْموصِلِي قَالَت " كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - ينْهَى عَن الصَّلَاة حِين تطلع الشَّمْس حَتَّى ترْتَفع فَإِنَّهَا تطلع بقرن الشَّيْطَان وَينْهى عَن الصَّلَاة حِين تقَارب الْغُرُوب حَتَّى تغيب " وَحَدِيث كَعْب بن مرّة أخرجه عَنهُ وَحَدِيث أبي أُمَامَة أخرجه عَنهُ الْحَارِث بن مُحَمَّد بن أبي أُسَامَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - قَالَ " لَا تصلوا عِنْد طُلُوع الشَّمْس فَإِنَّهَا تطلع بَين قَرْني الشَّيْطَان فَيسْجد لَهَا كل كَافِر " الحَدِيث وَحَدِيث عَمْرو بن عَنْبَسَة أخرجه عَنهُ عبد بن حميد فِي حَدِيث طَوِيل وَفِيه " إِذا صليت الْفجْر فَأمْسك عَن الصَّلَاة حَتَّى تطلع الشَّمْس فَإِنَّهَا تطلع فِي قَرْني الشَّيْطَان فَإِن الْكفَّار يصلونَ لَهَا " الحَدِيث وَحَدِيث أَبُو يعلى بن أُميَّة أخرجه عَنهُ (ذكر مَعْنَاهُ) قَوْله " شهد عِنْدِي رجال " يَعْنِي بينوا لي وأعلموني بِهِ قَالَ الله تَعَالَى {شهد الله أَنه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ} قَالَ الزّجاج مَعْنَاهُ بَين وَقَالَ الْكرْمَانِي المُرَاد من الشَّهَادَة لازمها وَهُوَ الْإِعْلَام أَي أعلمني رجال عدُول قَوْله " مرضيون " أَي لَا شكّ فِي صدقهم وَدينهمْ قَوْله " وأرضاهم " أفعل التَّفْضِيل للْمَفْعُول قَوْله " بعد الصُّبْح " أَي بعد صَلَاة الصُّبْح لِأَنَّهُ لَا جَائِز أَن يكون الحكم فِيهِ مُعَلّقا بِالْوَقْتِ إِذْ لَا بُد من أَدَاء الصُّبْح قَوْله " حَتَّى تشرق " بِضَم التَّاء من الْإِشْرَاق يُقَال أشرقت الشَّمْس ارْتَفَعت وأضاءت ويروى بِفَتْح أَوله وَضم ثالثه بِوَزْن تغرب يُقَال شَرقَتْ الشَّمْس أَي طلعت وَفِي الْمُحكم أشرقت الشَّمْس أَضَاءَت وانبسطت وَقيل شَرقَتْ وأشرقت أَضَاءَت وشرقت بِالْكَسْرِ دنت للغروب وَكَذَا حَكَاهُ ابْن القطاع فِيهِ أَفعاله وَزعم أَنه قَوْله الْأَصْمَعِي وَابْن خالويه فِي كتاب لَيْسَ وقطرب فِي كتاب الْأَزْمِنَة وَقَالَ عِيَاض المُرَاد من الطُّلُوع ارتفاعها وإشراقها وإضاءتها لَا مُجَرّد طُلُوع قرصها (ذكر مَا يستنبط مِنْهُ) احْتج بِهِ أَبُو حنيفَة على أَنه يكره أَن يتَنَفَّل بعد صَلَاة الْفجْر حَتَّى تطلع الشَّمْس وَبعد صَلَاة الْعَصْر حَتَّى تغرب الشَّمْس وَبِه قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ وَسَعِيد بن الْمسيب والْعَلَاء بن زِيَاد وَحميد بن عبد الرَّحْمَن وَقَالَ النَّخعِيّ كَانُوا يكْرهُونَ ذَلِك وَهُوَ قَول جمَاعَة من الصَّحَابَة وَقَالَ ابْن بطال تَوَاتَرَتْ الْأَحَادِيث عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - " أَنه نهى عَن الصَّلَاة بعد الصُّبْح وَبعد الْعَصْر " وَكَانَ عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يضْرب على الرَّكْعَتَيْنِ بعد الْعَصْر بِمحضر من الصَّحَابَة من غير نَكِير فَدلَّ على أَن صلَاته صلى الله عليه وسلم َ - مَخْصُوصَة بِهِ دون أمته وَكره ذَلِك عَليّ بن أبي طَالب وَعبد الله بن مَسْعُود وَأَبُو هُرَيْرَة وَسمرَة بن جُنْدُب وَزيد بن ثَابت وَسَلَمَة بن عَمْرو وَكَعب بن مرّة وَأَبُو أُمَامَة وَعَمْرو بن عَنْبَسَة وَعَائِشَة والصنابحي واسْمه عبد الرَّحْمَن بن عسيلة وَعبد الله بن عمر وَعبد الله بن عَمْرو وَفِي مُصَنف ابْن أبي شيبَة عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ لَا تصلح الصَّلَاة بعد الْعَصْر حَتَّى تغيب الشَّمْس وَبعد الصُّبْح حَتَّى تطلع الشَّمْس قَالَ وَكَانَ عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يضْرب على ذَلِك وَعَن الأشتر قَالَ كَانَ خَالِد بن الْوَلِيد يضْرب النَّاس على الصَّلَاة بعد الْعَصْر وكرهها سَالم وَمُحَمّد بن سِيرِين وَعَن ابْن عمر قَالَ صليت مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - وَمَعَ أبي بكر وَعمر وَعُثْمَان فَلَا صَلَاة بعد الْغَدَاة حَتَّى تطلع الشَّمْس قَالَ أَبُو سعيد تمرتان بزبد أحب إِلَيّ من صَلَاة بعد الْعَصْر وَعَن ابْن مَسْعُود " كُنَّا ننهى عَن الصَّلَاة عِنْد طُلُوع الشَّمْس وَعند غُرُوبهَا " وَقَالَ بِلَال لم ينْه عَن الصَّلَاة إِلَّا عِنْد غرُوب الشَّمْس لِأَنَّهَا تغرب فِي قرن الشَّيْطَان وَرَأى أَبُو مَسْعُود رجلا يُصَلِّي عِنْد طُلُوع الشَّمْس فَنَهَاهُ وَكَذَا شُرَيْح وَقَالَ الْحسن كَانُوا يكْرهُونَ الصَّلَاة عِنْد طُلُوع الشَّمْس حَتَّى
ترْتَفع وَعند غُرُوبهَا حَتَّى تغيب وَحَكَاهُ ابْن حزم عَن أبي بكرَة وَفِي فَوَائِد أبي الشَّيْخ رأى حُذَيْفَة رجلا يُصَلِّي بعد الْعَصْر فَنَهَاهُ فَقَالَ أَو يُعَذِّبنِي الله عَلَيْهَا قَالَ يعذبك على مُخَالفَة السّنة (فَإِن قلت) أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم عَن الْأسود عَن عَائِشَة قَالَت " لم يكن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - يدعهما سرا وَلَا عَلَانيَة رَكْعَتَانِ قبل الصُّبْح وركعتان بعد الْعَصْر " وَفِي لفظ لَهما " مَا كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - يأتيني فِي يَوْم بعد الْعَصْر إِلَّا صلى رَكْعَتَيْنِ " وروى أَبُو دَاوُد من حَدِيث قيس بن عَمْرو قَالَ رأى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - رجلا يُصَلِّي بعد صَلَاة الصُّبْح رَكْعَتَيْنِ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم َ - الصُّبْح رَكْعَتَانِ فَقَالَ الرجل إِنِّي لم أكن صليت الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قبلهَا فصليتهما الْآن فَسكت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - " هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَقَالَ قيس بن عَمْرو وَفِي رِوَايَة قيس بن قهد بِالْقَافِ (قلت) اسْتَقَرَّتْ الْقَاعِدَة أَن الْمُبِيح والحاظر إِذا تَعَارضا جعل الحاظر مُتَأَخِّرًا وَقد ورد نهي كثير فِي أَحَادِيث كَثِيرَة وَأما حَدِيث الْأسود عَن عَائِشَة فَإِن صلَاته صلى الله عليه وسلم َ - فِيهِ مَخْصُوصَة بِهِ وَالدَّلِيل عَلَيْهِ مَا ذكرنَا أَن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَ يضْرب على الرَّكْعَتَيْنِ بعد الْعَصْر بِمحضر من الصَّحَابَة من غير نَكِير وَذكر الْمَاوَرْدِيّ من الشَّافِعِيَّة وَغَيره أَيْضا أَن ذَلِك من خصوصياته صلى الله عليه وسلم َ - وَقَالَ الْخطابِيّ أَيْضا كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - مَخْصُوصًا بِهَذَا دون الْخلق وَقَالَ ابْن عقيل لَا وَجه لَهُ إِلَّا هَذَا الْوَجْه وَقَالَ الطَّبَرِيّ فعل ذَلِك تَنْبِيها لأمته أَن نَهْيه كَانَ على وَجه الْكَرَاهَة لَا التَّحْرِيم وَقَالَ الطَّحَاوِيّ الَّذِي يدل على الخصوصية أَن أم سَلمَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا هِيَ الَّتِي رَوَت صلَاته إيَّاهُمَا قيل لَهُ أفنقضيهما إِذا فاتتا بعد الْعَصْر قَالَت لَا وَأما حَدِيث قيس بن عَمْرو فَقَالَ فِي الإِمَام إِسْنَاده غير مُتَّصِل وَمُحَمّد بن إِبْرَاهِيم لم يسمع من قيس وَقَالَ ابْن حبَان لَا يحل الِاحْتِجَاج بِهِ وَقد أكد النَّهْي حَدِيث عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ رَوَاهُ أَبُو حَفْص حَدثنَا مُحَمَّد بن نوح حَدثنَا شعيبة بن أَيُّوب حَدثنَا أَسْبَاط بن مُحَمَّد وَأَبُو نعيم عَن سُفْيَان عَن أبي إِسْحَاق عَن عَاصِم بن ضَمرَة عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ " كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - لَا يُصَلِّي صَلَاة مَكْتُوبَة إِلَّا صلى بعْدهَا رَكْعَتَيْنِ إِلَّا الْفجْر وَالْعصر " وَزعم ابْن الْعَرَبِيّ أَن الصَّلَاة فِي هذَيْن الْوَقْتَيْنِ تُؤَدّى فيهمَا فَرِيضَة دون النَّافِلَة عِنْد مَالك وَعند الشَّافِعِي تُؤَدّى فيهمَا الْفَرِيضَة والنافلة الَّتِي لَهَا سَبَب وَمذهب آخر لَا يصلى فيهمَا بِحَال لَا فَرِيضَة وَلَا نَافِلَة وَمذهب آخر تجوز بِمَكَّة دون غَيرهَا وَزعم الشَّافِعِي فِي كتاب اخْتِلَاف الحَدِيث وَذكر الصَّلَاة الَّتِي لَهَا سَبَب وعددها ثمَّ قَالَ وَهَذِه الصَّلَاة وأشباهها تصلى فِي هَذِه الْأَوْقَات بِالدّلَالَةِ عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - حَيْثُ قَالَ " من نسي صَلَاة فليصلها إِذا ذكرهَا وَصلى رَكْعَتَيْنِ كَانَ يُصَلِّيهمَا بعد الظّهْر شغل عَنْهُمَا بعد الْعَصْر وَأمر أَن لَا يمْنَع أحد طَاف بِالْبَيْتِ أَي سَاعَة شَاءَ " ولاستثناء الْوَارِد فِي حَدِيث عقبَة إِلَّا بِمَكَّة وَله فِي الْجُمُعَة حَدِيث أبي سعيد " أَنه صلى الله عليه وسلم َ - نهى عَن الصَّلَاة فِي نصف النَّهَار إِلَّا يَوْم الْجُمُعَة " وَالْجَوَاب عَن حَدِيث من نسي أَنه مَخْصُوص بِحَدِيث عقبَة وَعَن قَوْله " صلى رَكْعَتَيْنِ كَانَ يُصَلِّيهمَا " أَنه من خواصه صلى الله عليه وسلم َ - كَمَا ذكرنَا وَقَوله " إِلَّا بِمَكَّة " غَرِيب لم يرد فِي الْمَشَاهِير أَو كَانَ قبل النَّهْي (فَإِن قلت) رُوِيَ عَن أنس " كَانَ الْمُؤَذّن إِذا أذن قَامَ نَاس من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - يبتدرون السَّوَارِي حَتَّى يخرج النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - وهم كَذَلِك يصلونَ رَكْعَتَيْنِ قبل الْمغرب وَلم يكن بَين الْأَذَان وَالْإِقَامَة شَيْء " (قلت) حمل ذَلِك على أول الْأَمر قبل النَّهْي أَو قبل أَن يعلم ذَلِك رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - وَقَالَ أَبُو بكر بن الْعَرَبِيّ اخْتلفت الصَّحَابَة فيهمَا وَلم يَفْعَله بعدهمْ أحد وَقَالَ النَّخعِيّ بِدعَة
(حَدثنَا مُسَدّد قَالَ حَدثنَا يحيى عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة سَمِعت أَبَا الْعَالِيَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ حَدثنِي نَاس بِهَذَا) هَذَا طَرِيق آخر فِي الحَدِيث الْمَذْكُور عَن مُسَدّد عَن يحيى الْقطَّان إِلَى آخِره وَذكر هَذِه الطَّرِيقَة ليبين أَن قَتَادَة سمع هَذَا الحَدِيث من أبي الْعَالِيَة وَلم يُصَرح بِالسَّمَاعِ فِي طَرِيق الحَدِيث الأول ولمتابعة شُعْبَة هشاما (فَإِن قلت) كَانَ يَنْبَغِي أَن يبْدَأ بِالْحَدِيثِ الَّذِي فِيهِ سَماع قَتَادَة من أبي الْعَالِيَة (قلت) إِنَّمَا قدم ذَاك الحَدِيث لعلوه قَوْله " بِهَذَا " أَي بِهَذَا الحَدِيث بِمَعْنَاهُ
582 -
حدَّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حدَّثنا يَحْيَى بنُ سَعِيدٍ عنْ هِشَامٍ قَالَ أخبرَني أبي قَالَ أَخْبرنِي ابنُ عُمَرَ قَالَ قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لَا تَحَرَّوْا بِصَلَاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ ولَا غُرُوبَهَا. .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَهِشَام هُوَ ابْن عُرْوَة.
وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين. وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع وَاحِد. وَفِيه: الْإِخْبَار بِصِيغَة الْإِفْرَاد فِي موضِعين. وَفِيه: القَوْل فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع. وَفِيه: رِوَايَة الابْن عَن الْأَب.
ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي صفة إِبْلِيس عَن مُحَمَّد بن عَبدة. وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة مقطعا عَن أبي بكر بن أبي شيبَة عَن وَكِيع، وَعَن مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير عَن أَبِيه وَمُحَمّد بن بشر. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ أَيْضا مقطعا عَن عَمْرو بن عَليّ عَن يحيى.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (لَا تحروا)، أَصله: لَا تتحروا، بالتاءين، فحذفت إِحْدَاهمَا أَي: لَا تقصدوا. وَقَالَ الْجَوْهَرِي: فلَان يتحَرَّى الْأَمر، أَي: يتوخاه ويقصده، وتحرى فلَان بِالْمَكَانِ أَي: مكث، قَالَ التَّيْمِيّ: قَالَ قوم: أَرَادَ بِهِ: لَا تقصدوا وَلَا تبتدروا بهَا ذَلِك الْوَقْت. وَأما من انتبه من نَومه أَو ذكر مَا نَسيَه فَلَيْسَ بقاصد إِلَيْهَا وَلَا متحر، وَإِنَّمَا المتحري القاصد إِلَيْهَا. وَقيل: إِن قوما كَانُوا يتحرون طُلُوع الشَّمْس وغروبها فيسجدون لَهَا عبَادَة من دون الله تَعَالَى، فَنهى النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَنهُ كَرَاهَة أَن يتشبهوا بهم. قلت: قَوْله: (لَا تحروا) ، نهي مُسْتَقل فِي كَرَاهَة الصَّلَاة فِي الْوَقْتَيْنِ الْمَذْكُورين، سَوَاء قصد لَهَا أم لم يقْصد، وَمِنْهُم من جعل هَذَا تَفْسِيرا للْحَدِيث السَّابِق ومبينا للمراد بِهِ، فَقَالَ: لَا تكره الصَّلَاة بعد الصُّبْح وَلَا بعد الْعَصْر، إلَاّ لمن قصد بِصَلَاتِهِ طُلُوع الشَّمْس وغروبها، وَإِلَيْهِ ذهب الظَّاهِرِيَّة، وَمَال إِلَيْهِ ابْن الْمُنْذر وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِك بِمَا رَوَاهُ مُسلم من طَرِيق طَاوُوس، عَن عَائِشَة. قَالَت: وهم عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، إِنَّمَا نهى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن يتحَرَّى طُلُوع الشَّمْس وغروبها. وَمِنْهُم من قوَّى ذَلِك بِحَدِيث:(من أدْرك رَكْعَة من الصُّبْح قبل أَن تطلع الشَّمْس فليضف إِلَيْهَا أُخْرَى) ، فَأمر بِالصَّلَاةِ حِينَئِذٍ، فَدلَّ على أَن الْكَرَاهَة مُخْتَصَّة بِمن قصد الصَّلَاة فِي ذَلِك الْوَقْت لَا بِمن وَقع لَهُ اتِّفَاقًا. وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: إِنَّمَا قَالَت ذَلِك عَائِشَة لِأَنَّهَا رَأَتْ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بعد الْعَصْر، فَحملت نَهْيه على من قصد ذَلِك لَا على الْإِطْلَاق. وَأجِيب، عَن هَذَا: بِأَن صلَاته، صلى الله عليه وسلم، تِلْكَ كَانَت قَضَاء، كَمَا ذكرنَا، وَقيل: كَانَت خُصُوصِيَّة لَهُ. وَأما النَّهْي مُطلقًا فقد ثَبت بِأَحَادِيث كَثِيرَة عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.
583 -
وَقَالَ حدَّثني ابنُ عُمَرَ قَالَ قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذَا طَلَعَ حاجِبُ الشَّمْسِ فأخَّرُوا الصَّلَاةَ حَتَّى تَرْتَفِعَ وَإذَا غابَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فأَخَّرُوا الصَّلَاةَ حَتَّى تَغِيبَ (الحَدِيث 583 طرفه فِي: 3272) .
أَي: قَالَ عُرْوَة: وحَدثني ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَهَذَا أَيْضا حَدِيث مُسْتَقل كَالْأولِ، وأخرجهما الْإِسْمَاعِيلِيّ: الأول: من رِوَايَة عَليّ بن مسْهر وَعِيسَى بن يُونُس وَمُحَمّد بن بشر ووكيع وَمَالك بن سعيد ومحاضر، كلهم عَن هِشَام. وَالثَّانِي: فَقَط من رِوَايَة عبد الله بن نمير عَن هِشَام. فَإِن قلت: قَالَ عُرْوَة فِي الحَدِيث السَّابِق: أَخْبرنِي ابْن عمر، وَفِي هَذَا قَالَ: حَدثنِي، قلت: رِعَايَة للْفرق الَّذِي بَينهمَا عِنْده، وَلَا فرق بَين: حَدثنَا وَأخْبرنَا وَسمعت، عِنْد الْأَكْثَرين، وَجعل الْخَطِيب: سَمِعت، أرفعها وَابْن الصّلاح دونهَا. قَوْله:(حَاجِب الشَّمْس) قيل: هُوَ طرف قرص الشَّمْس الَّذِي يَبْدُو عِنْد الطُّلُوع وَلَا يغيب عِنْد الْغُرُوب، وَقيل: النيازك الَّتِي تبدو إِذا حَان طُلُوعهَا. وَقَالَ الْجَوْهَرِي: حواجب الشَّمْس: نَوَاحِيهَا.
تابَعَهُ عَبْدَةُ
أَي: تَابع عَبدة بن سُلَيْمَان يحيى بن سعيد الْقطَّان على رِوَايَته لهَذَا الحَدِيث عَن هِشَام، وَرِوَايَة عَبدة هَذِه أوصلها البُخَارِيّ فِي بَدْء الْخلق، وَقَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد حَدثنَا عَبدة بن سُلَيْمَان عَن هِشَام، وَفِيه الحديثان مَعًا، وَقَالَ فِيهِ:(حَتَّى تبرز) بدل: (ترْتَفع) . وَقَالَ فِيهِ: (لَا تَحَيَّنُوا) ، بِالْيَاءِ آخر الْحُرُوف الْمُشَدّدَة وبالنون، وَزَاد فِيهِ: فَإِنَّهَا تطلع بَين قَرْني شَيْطَان. وَفِيه إِشَارَة إِلَى عِلّة النَّهْي عَن الصَّلَاة فِي هذَيْن الْوَقْتَيْنِ، وَزَاد مُسلم من حَدِيث عَمْرو بن عَنْبَسَة حِينَئِذٍ:(تسْجد لَهَا الْكفَّار) ، فالنهي حِينَئِذٍ لترك مشابهة الْكفَّار، وَفِيه الرَّد على أبي مُحَمَّد الْبَغَوِيّ حَيْثُ قَالَ: إِن النَّهْي عَن ذَلِك لَا يدْرك مَعْنَاهُ، وَجعله من قبيل