المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب الآذان بعد الفجر) - عمدة القاري شرح صحيح البخاري - جـ ٥

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌(كتاب مَوَاقِيت الصَّلَاة)

- ‌ بَاب مَوَاقِيت الصَّلَاة وفضلها

- ‌(بابٌ قَوْلُ الله تَعَالَى {مُنِيبِينَ إلَيْهِ واتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (الرّوم:

- ‌(بابُ البَيْعَةِ عَلَى إقَامَةِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بابٌ الصَّلَاةُ كَفَّارَةٌ)

- ‌(بابُ فَضْلِ الصَّلَاةِ لوَقْتِهَا)

- ‌(بابٌ الصَلَوَاتُ الخَمْسُ كَفَّارَةٌ)

- ‌(بابُ تَضْيِيعِ الصَّلاةِ عَنْ وَقْتِهَا)

- ‌(بابٌ المصَلِّي يُنَاجِي رَبَّهُ عز وجل

- ‌(بابُ الإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الحَرِّ)

- ‌(بابُ الإبْرَادِ بِالظُهْرِ فِي السفَرِ)

- ‌(بابٌ وَقْتُ الظهْرِ عِنْدَ الزَّوَال)

- ‌(بابُ تَأْخِيرِ الظُّهْرِ إلَى العَصَرِ)

- ‌(بابُ وَقْتِ العَصْرِ. وقَالَ أبُو أُسامَةَ عنْ هِشَامٍ منْ قَعْرِ حُجْرَتِهَا)

- ‌(بابُ إثْمِ مَنْ تَرَكَ العَصْرَ)

- ‌(بابُ منْ أدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ العَصْرِ قَبْلَ الغُرُوبِ)

- ‌(بابُ وقْتِ المغْرَبَ)

- ‌(بابُ مَنْ كَرِهَ أنْ يُقَالَ لِلْمَغْرِبِ العِشَاءُ)

- ‌(بابُ ذِكْرِ العِشَاءِ والعَتْمَةِ ومَنْ رَآهُ واسِعا)

- ‌(بابُ وَقْتِ العِشَاءِ إذَا اجْتَمَعَ النَّاسُ أوْ تَأَخَّرُوا

- ‌(بابُ وَقْتِ العِشَاءِ إذَا اجْتَمَعَ النَّاسُ أوْ تَأَخَّرُوا

- ‌‌‌(يايُ فَضْلِ العِشَاءِ

- ‌(يايُ فَضْلِ العِشَاءِ

- ‌(بابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ النَّوْمِ قَبْلَ العِشَاءِ)

- ‌(بابُ النَّوْمِ قَبْلَ العِشَاءِ لِمَنْ غُلِبَ)

- ‌(بابُ وقْتِ العِشَاءِ إلَى نِصْفِ الليْلِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ صَّلَاةِ الفَجْرِ)

- ‌(بابُ وقتِ الفَجْرِ)

- ‌(بابُ منْ أدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الفَجْرِ)

- ‌(بابُ مَنْ أدْرَكَ مِنَ الصَّلاة رَكْعَةً)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الفَجْرِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ)

- ‌(بابٌ لَا يَتَحَرَّى الصَّلَاةَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يَكْرَهِ الصَّلَاةَ ألَاّ بَعْدَ العَصْرِ والفَجْرِ)

- ‌(بابُ مَا يُصَلَّى بَعْدَ العَصْرِ منَ الفَوَائِتِ وغَيْرِهَا)

- ‌(بابُ التَّبْكِيرِ بِالصَّلَاةِ فِي يَوْمِ غَيْمٍ)

- ‌(بابُ الأَذَانِ بعْدَ ذَهَابِ الوَقْتِ)

- ‌(بابُ مَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ جَمَاعَةً بَعْدَ ذَهَابِ الوَقْتِ)

- ‌(بابُ منْ نَسِيَ صلَاةً فَلْيُصَلِّ إِذا ذَكَرهَا وَلَا يُعِيدُ إلَاّ تِلْكَ الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب قضَاءِ الصَّلَوَاتِ الأُولَى فَالأُولَى)

- ‌(بابُ مَا يُكْرَهُ منَ السَّمَرِ بَعْدَ العِشَاءِ)

- ‌(بابُ السَّمَرِ فِي الفِقْهِ والخَيْرِ بَعْدَ العِشَاءِ)

- ‌(بابُ السَّمَرِ معَ الضَّيْفِ والأَهْلِ)

- ‌(بابُ السَّمَرِ معَ الضَّيْفِ والأَهْلِ)

- ‌(كِتَابُ الأذَانِ)

- ‌(بابُ بِدْءَ الأَذَانِ)

- ‌‌‌(بابٌ الأَذان مَثْنَى مَثْنَى)

- ‌(بابٌ الأَذان مَثْنَى مَثْنَى)

- ‌(بابٌ الإِقامَةُ واحِدَةٌ إِلَاّ قَوْلَهُ قَدْ قامَتِ الصَّلَاةُ)

- ‌(بابُ فَضْلِ التَّأذِينِ)

- ‌(بابُ رَفْعِ الصَّوْتِ بالنِّدَاءِ)

- ‌(بابُ مَا يُحْقَنُ بِالآذَانِ مِنَ الدِّمَاءِ)

- ‌(بابُ مَا يَقُولُ إذَا سَمِعَ المُنَادِي)

- ‌(بابُ الدُّعاءِ عِنْدَ النِّدَاءِ)

- ‌(بابُ الاستِهَامِ فِي الأذَانِ)

- ‌(بابُ الكَلَامِ فِي الأذَانِ)

- ‌(بابُ أَذانِ الأعْمَى إذَا كانَ لهُ مَنْ يُخْبِرِهِ)

- ‌(بابُ الآذَانِ بَعْدَ الفَجْرِ)

- ‌(بابُ الأذَانِ قَبْلَ الفَجْرِ)

- ‌(بابُ مَنِ انْتَظَرَ الإقَامَةَ)

- ‌(بابٌ هَل يُتْبِعُ المُؤَذِّنُ فاهُ هَهنا وهَهُنا وهَلْ يَلْتَفِتُ فِي الأَذَانِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الرَّجلِ فاتَتْنَا الصلاةُ)

- ‌(بابٌ لَا يَسْعَى إلَى الصَّلَاةِ وَلْيَأْتِ بالسَّكِينَةِ والوَقارِ)

- ‌(بابٌ مَتَى يَقُومُ النَّاسُ إذَا رَأوُا الإِمامَ عِنْدَ الإِقَامَةِ)

- ‌(بابٌ لَا يَسْعَى إلَى الصَّلَاةِ مُسْتَعْجِلاً وَلْيُقِمْ بِالسَّكِينَةِ والوَقَارِ)

- ‌(بابٌ هَلْ يَخْرُجُ مِنَ المَسْجِدِ لِعِلَّةٍ

- ‌(بابٌ إذَا قالَ الإمامُ مكانَكُمْ حَتَّى نَرْجِعَ انْتَظِرُوه)

- ‌(بابُ قَوْلِ الرَّجلِ مَا صَلَّيْنا)

- ‌(بابُ الإمامِ تَعْرِضُ لَهُ الحاجَةُ بَعْدَ الإِقَامَةِ)

- ‌(بابُ وُجُوبِ صَلَاةِ الجَمَاعَةِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ صَلَاةِ الجَمَاعَةِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ صَلَاةِ الفَجْرِ فِي جَمَاعةٍ)

- ‌(بابُ فَضْلِ التَّهْجِيرِ إلَى الظُّهْرِ)

- ‌(بابُ احْتِسَابِ الآثَارِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ صَلَاةِ العِشَاءِ فِي الجَمَاعَةِ)

- ‌(بابٌ اثْنان فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ)

- ‌(بابُ مَنْ جَلَسَ فِي المَسْجِد يَنْتَظَرُ الصَّلاةَ وفَضْلِ المسَاجِدِ)

- ‌(بابُ فَضْل منْ غَدَا إِلَى المَسْجِدِ ومنْ راحَ)

- ‌(بابٌ إذَا أُقِيمَتِ الصلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إلَاّ المَكْتُوبَةُ)

- ‌(بابُ حَدِّ المَرِيضِ أنْ يَشْهَدَ الجَمَاعَةَ)

- ‌(بابُ الرُّخْصَةِ فِي المَطَرِ والعِلَّةِ أنْ يُصَلِّيَ فِي رَحْلِهِ)

- ‌(بابٌ هَلْ يُصَلِّي الإِمامُ بِمَنْ حَضَرَ وهَلْ يَخْطُبُ يَوْمَ الجُمُعَةِ فِي المَطَرِ)

- ‌(بابٌ إذَا حَضَرَ الطَّعَامُ وأُقِيمتِ الصَّلَاةُ)

- ‌(بابُ إذَا دُعِيَ الإمامُ إلَى الصَّلَاةِ وَبِيَدِهِ مَا يأكُلُ)

- ‌(بابُ منْ كانَ فِي حاجَةِ أهْلِهِ فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَخَرَجَ)

- ‌(بابُ مَنْ صَلَّى بالنَّاسِ وَهْوَ لَا يُرِيدُ إلَاّ أنْ يُعَلِّمَهُمْ صَلَاةَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وسُنَّتَهْ)

- ‌(بابٌ أهْلُ العِلْمِ والفَضْلِ أحَقُّ بِالإمَامةِ)

- ‌(بابُ منْ قامَ إلَى جَنْبِ الإمَامِ لِعِلَّةٍ)

- ‌(بابُ مَنْ دَخَلَ لِيَؤُمَّ الناسَ فَجَاءَ الإمامُ الأوَّلُ فَتَأخَّرَ الأوَّلُ أوْ لَمْ يَتَأخَّرْ جازَتْ صَلَاتُهُ)

- ‌(بابٌ إذَا اسْتَوَوْا فِي القِرَاءَةِ فَلْيَؤُمَّهُمْ أكْبَرُهُمْ)

- ‌(بابٌ إِذا زَارَ الإمامُ قَوْما فَأمَّهُمْ)

- ‌(بابٌ إنَّمَا جُعِلَ الإمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ)

- ‌(بابُ مَتَى يَسْجُدُ مَنْ خَلْفَ الإمَامِ)

- ‌(بابُ إثْمِ مَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الإمَامِ)

- ‌(بابُ إمامَةِ العَبْدِ والمَوْلَى)

- ‌(بابٌ إذَا لَمْ يُتِمَّ الإمَامُ وَأَتَم مَنْ خَلْفَهُ)

- ‌(بابُ إمَامَةِ المَفْتُونِ والمُبْتَدِعِ)

- ‌(بابٌ يَقُومُ عنْ يَمِينِ الإمَامِ بِحِذَائِهِ سَوَاءً إذَا كانَا اثْنَيْنِ)

- ‌(بابٌ إذَا قامَ الرَّجُلُ عنْ يَسارِ الإمَامِ فَحَوَّلَهُ الإمَامُ إلَى يَمِينِهِ لَمْ تَفْسُدْ صلَاتُهُمَا)

- ‌(بابٌ إذَا لَمْ يَنْوِ الإمَامْ أَن يَؤُمَّ ثُمَّ جاءَ قَوْمٌ فَأَمَّهُمْ)

- ‌(بابٌ إذَا طَوَّلَ الإمامُ وكانَ لِلرَّجُلِ حاجَةٌ فَخَرَجَ فَصَلَّى)

- ‌(بابُ تَخْفِيفِ الإمَامِ فِي القِيامِ وإتْمَامِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ)

- ‌(بابٌ إذَا صَلَّى لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شاءَ)

- ‌(بابُ منْ شكا إمامَهُ إذَا طَوَّلَ)

- ‌(بابُ الإيجَازِ فِي الصَّلاةِ وَإكْمَالِهَا)

- ‌(بابُ منْ أخَفَّ الصَّلَاةَ عِنْدَ بُكَاءِ الصّبِيِّ)

- ‌(بابُ إذَا صَلَّى ثُمَّ أمَّ قَوْما)

- ‌(بابُ مَنْ أسْمَعَ النَّاسَ تَكْبِيرَ الإمَامِ)

- ‌(بابٌ الرَّجُلُ يَأتَمُّ بالإمَامِ ويأتَمُّ النَّاسُ بِالمَأمُومِ)

- ‌(بابٌ هِلْ يَأخُذُ الإمَامُ إذَا شَكَّ بِقَوْلِ الناسِ)

- ‌(بابٌ إذَا بَكَى الإمامُ فِي الصَّلاةِ

- ‌(بابُ إقْبَالِ الإمامِ النَّاسَ عِنْدَ تَسْوِيَةِ الصُفُوفِ)

- ‌(بابُ الصَّفِّ الأَوَّلِ)

- ‌(بابٌ إقامةُ الصَّف مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بابُ إثْمِ مَنْ لَمْ يُتِمَّ الصُّفُوفَ)

- ‌(بابُ الصَاقِ المَنْكِبِ بِالمَنْكِبِ والقَدَم بالقَدَمِ فِي الصَّفِّ)

- ‌(بابٌ إِذا قامَ الرَّجُلُ عَنْ يَسَارِ الإمَامِ وَحَوَّلَهُ الإمامُ خَلْفَهُ إلَى يَمِينِهِ تَمَّتْ صلاتُهُ)

- ‌(بابٌ المَرْأةُ وَحْدَهَا تَكُونُ صَفّا)

- ‌(بابُ مَيْمَنَةِ المَسْجِدِ والإمَامِ)

- ‌(بابٌ إذَا كانَ بَيْنَ الإمَامِ وبَيْنَ القَوْمِ حائِطٌ أوْ سُتْرَةٌ)

- ‌(بابُ صَلَاةِ اللَّيْلِ)

- ‌(أبْوابُ صِفَةُ الصَّلَاةِ)

- ‌(بابُ إيجَاب التَّكبِيرِ وَافْتِتَاحِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بابُ رَفْعِ اليَدَيْنِ فِي التَّكْبِيرَةِ الأولَى مَعَ الافْتِتَاحِ سَوَاءً)

- ‌(بابُ رَفْعِ اليَدَيْنِ إذَا كَبَّرَ وإذَا رَكَعَ وإذَا رَفَعَ)

- ‌(بابُ إلَى أيْنَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ)

- ‌(بابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ إذَا قامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ)

- ‌(بابُ وَضْعِ اليُمْنَى عَلَى اليُسْرَى فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بابُ الخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بابُ مَا يَقُولُ بَعْدَ التَّكْبِيرِ)

- ‌(بابُ رَفْعِ البَصَرِ إلَى الإمَامِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب رفع الْبَصَر إِلَى السَّمَاء فِي الصَّلَاة)

- ‌(بَاب الِالْتِفَات فِي الصَّلَاة)

الفصل: ‌(باب الآذان بعد الفجر)

بعيد إِذْ لم يخْتَص هَذَا بِشَهْر رَمَضَان، وَإِنَّمَا أخبر عَن عَادَته فِي أَذَانه، وَلِأَنَّهُ الْعَمَل الْمَنْقُول فِي سَائِر الْحول بِالْمَدِينَةِ، وَإِلَيْهِ رَجَعَ أَبُو يُوسُف حِين تحَققه، وَلِأَنَّهُ لَو كَانَ للسحور لم يخْتَص بِصُورَة الْأَذَان للصَّلَاة. قلت: هَذَا الَّذِي قَالَه بعيد لأَنهم لم يَقُولُوا بِأَنَّهُ مُخْتَصّ بِشَهْر رَمَضَان، وَالصَّوْم غير مَخْصُوص بِهِ، فَكَمَا أَن الصَّائِم فِي رَمَضَان يحْتَاج إِلَى الإيقاظ لأجل السّحُور، فَكَذَلِك الصَّائِم فِي غَيره، بل هَذَا أَشد لِأَن من يحيي ليَالِي رَمَضَان أَكثر مِمَّن يحيي ليَالِي غَيره، فعلى قَوْله: إِذا كَانَ أَذَان بِلَال للصَّلَاة كَانَ يَنْبَغِي أَن يجوز أَدَاء صَلَاة الْفجْر بِهِ، بل هم يَقُولُونَ أَيْضا بِعَدَمِ جَوَازه، فَعلم أَن أَذَانه إِنَّمَا كَانَ لأجل إيقاظ النَّائِم، ولإرجاع الْقَائِم. وَمن أقوى الدَّلَائِل على أَن أَذَان بِلَال لم يكن لأجل الصَّلَاة مَا رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ من حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة عَن أَيُّوب عَن نَافِع:(عَن ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: أَن بِلَالًا أذن قبل طُلُوع الْفجْر، فَأمره النَّبِي صلى الله عليه وسلم، أَن يرجع فينادي: أَلا إِن العَبْد نَام، فَرجع فَنَادَى: أَلا إِن العَبْد نَام) . وَأخرجه أَبُو دَاوُد أَيْضا، فَهَذَا ابْن عمر روى هَذَا، وَالْحَال أَنه روى عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ:(إِن بِلَالًا يُنَادي بلَيْل فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادي ابْن ام مَكْتُوم)، فَثَبت بذلك أَن مَا كَانَ من ندائه قبل طُلُوع الْفجْر لم يكن للصَّلَاة. فَإِن قلت: قَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة غير مَحْفُوظ، وَالصَّحِيح هُوَ حَدِيثه الَّذِي فِيهِ:(إِن بِلَالًا يُنَادي بلَيْل) إِلَى آخِره؟ قلت: مَا قَالَه: لَا يكون مَحْفُوظًا، صَحِيحا، لِأَنَّهُ لَا مُخَالفَة بَين حديثيه، لأَنا قد ذكرنَا أَن حَدِيثه الَّذِي رَوَاهُ غير حَمَّاد إِنَّمَا كَانَ لأجل إيقاظ النَّائِم وإرجاع الْقَائِم، فَلم يكن للصَّلَاة. وَأما حَدِيث حَمَّاد فَإِنَّهُ كَانَ لأجل الصَّلَاة فَلذَلِك أمره بِأَن يعود وينادي:(أَلا إِن العَبْد نَام) ، وَمِمَّا يُقَوي حَدِيث حَمَّاد مَا رَوَاهُ سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن أنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ:(أَن بِلَالًا أذن قبل الْفجْر فَأمره النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَن يصعد فينادي: إِن العَبْد نَام) . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ ثمَّ قَالَ: تفرد بِهِ أَبُو يُوسُف عَن سعيد، وَغَيره يُرْسِلهُ، والمرسل أصح. قلت: أَبُو يُوسُف ثِقَة، وهم وثقوه، وَالرَّفْع من الثِّقَة زِيَادَة مَقْبُولَة، وَمِمَّا يقويه حَدِيث حَفْصَة بنت عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا:(أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذا أذن الْمُؤَذّن بِالْفَجْرِ قَامَ فصلى رَكْعَتي الْفجْر، ثمَّ خرج إِلَى الْمَسْجِد وَحرم الطَّعَام، وَكَانَ لَا يُؤذن حَتَّى يصبح) . رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ وَالْبَيْهَقِيّ: فَهَذِهِ حَفْصَة تخبر أَنهم كَانُوا لَا يُؤذنُونَ للصَّلَاة إلَاّ بعد طُلُوع الْفجْر. فَإِن قلت: قَالَ الْبَيْهَقِيّ: هَذَا مَحْمُول إِن صَحَّ على الْأَذَان الثَّانِي، وَقَالَ الْأَثْرَم: رَوَاهُ النَّاس عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن حَفْصَة، وَلم يذكرُوا فِيهِ مَا ذكره عبد الْكَرِيم عَن نَافِع. قلت: كَلَام الْبَيْهَقِيّ يدل على صِحَة الحَدِيث عِنْده، وَلكنه لما لم يجد مجالاً لتضعيفه ذهب إِلَى تَأْوِيله، وَعبد الْكَرِيم الْجَزرِي ثِقَة، أخرج لَهُ الْجَمَاعَة وَغَيرهم، فَمن كَانَ بِهَذِهِ المثابة لَا يُنكر عَلَيْهِ إِذا ذكر مَا لم يذكرهُ غَيره. وَقَالَ الطَّحَاوِيّ: يحْتَمل أَن يكون بِلَال كَانَ يُؤذن فِي وَقت يرى أَن الْفجْر قد طلع فِيهِ، وَلَا يتَحَقَّق لضعف فِي بَصَره، وَالدَّلِيل على ذَلِك مَا رَوَاهُ أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (لَا يَغُرنكُمْ أَذَان بِلَال، فَإِن فِي بَصَره شَيْئا) . وَقد ذَكرْنَاهُ فِيمَا مضى، وَأخرج الطَّحَاوِيّ أَيْضا تَأْكِيدًا لذَلِك عَن أبي ذَر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لِبلَال: (أَنَّك تؤذن إِذا كَانَ الْفجْر ساطعا وَلَيْسَ ذَلِك الصُّبْح، إِنَّمَا الصُّبْح هَكَذَا مُعْتَرضًا) وَالْمعْنَى: أَن بِلَالًا كَانَ يُؤذن عِنْد طُلُوع الْفجْر الْكَاذِب الَّذِي لَا يخرج بِهِ حكم اللَّيْل، وَلَا تحل بِهِ صَلَاة الصُّبْح، وَمِمَّا يدل حَدِيث الْبَاب على اسْتِحْبَاب أَذَان وَاحِد بعد وَاحِد.

وَأما أَذَان اثْنَيْنِ مَعًا فَمنع مِنْهُ قوم، وَقَالُوا: أول من أحدثه بَنو أُميَّة. وَقَالَ الشَّافِعِيَّة: لَا يكره إلَاّ إِن حصل مِنْهُ تهويش. وَقَالَ ابْن دَقِيق الْعِيد: وَأما الزِّيَادَة على الْإِثْنَيْنِ فَلَيْسَ فِي الحَدِيث تعرض إِلَيْهِ. وَنَصّ الشَّافِعِي على جَوَازه، وَلَفظه: وَلَا يضيق إِن أذن أَكثر من اثْنَيْنِ.

وَفِيه: جَوَاز تَقْلِيد الْأَعْمَى للبصير فِي دُخُول الْوَقْت، وَصحح النَّوَوِيّ فِي كتبه: أَن للأعمى والبصير إعتماد الْمُؤَذّن الثِّقَة.

وَفِيه: الِاعْتِمَاد على صَوت الْمُؤَذّن والاعتماد عَلَيْهِ أَيْضا فِي الرِّوَايَة إِذا كَانَ عَارِفًا بِهِ، وَإِن لم يُشَاهد الرَّاوِي.

وَفِيه: اسْتِحْبَاب السّحُور وتأخيره. وَفِيه: جَوَاز الْعَمَل بِخَبَر الْوَاحِد. وَفِيه: أَن مَا بعد الْفجْر حكم النَّهَار. وَفِيه جَوَاز ذكر الرجل بِمَا فِيهِ من العاهة إِذا كَانَ لقصد التَّعْرِيف وَفِيه جَوَاز نِسْبَة الرجل إِلَى أمه إِذا اشْتهر بذلك. وَفِيه: جَوَاز التكنية للْمَرْأَة.

(بابُ الآذَانِ بَعْدَ الفَجْرِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي الْأَذَان الْمُعْتَبر الْوَاقِع بعد طُلُوع الْفجْر، وَقدم هَذَا الْبَاب على الْبَاب الَّذِي يَلِيهِ لكَونه أصلا، لِأَن الْأَذَان

ص: 131

الْمُعْتَبر هُوَ الَّذِي يكون بعد دُخُول الْوَقْت، وَلِأَن الْأَذَان الْوَاقِع بعد طُلُوع الْفجْر لَا خلاف فِيهِ، بِخِلَاف الْأَذَان الَّذِي قبله.

618 -

حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسفَ قَالَ أخبرنَا مالِكٌ عنْ نافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عُمَرَ قالَ أخْبَرَتْنِي حَفْصَةُ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كانَ إذَا اعْتَكَفَ المُؤَذِّنُ لِلصُّبْحِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ قَبْلَ أنْ تُقَامَ الصَّلَاةُ

وَجه مُطَابقَة هَذَا الحَدِيث للتَّرْجَمَة لَا يَسْتَقِيم إلَاّ على مَا رَوَاهُ الْجَمَاعَة عَن مَالك: (كَانَ إِذا سكت الْمُؤَذّن صلى رَكْعَتَيْنِ خفيفتين) . لِأَنَّهُ يدل على أَن رُكُوعه كَانَ مُتَّصِلا بأذانه، وَلَا يجوز أَن يكون رُكُوعه إِلَّا بعد الْفجْر، فَلذَلِك كَانَ الْأَذَان بعد الْفجْر، وعَلى هَذَا الْمَعْنى حمله البُخَارِيّ وَترْجم عَلَيْهِ: بَاب الْأَذَان بعد الْفجْر.

ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة، تكَرر ذكرهم. وَفِي الْإِسْنَاد: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وَاحِد، والإخبار كَذَلِك فِي مَوضِع، وبصيغة الْإِفْرَاد من الْفِعْل الْمُؤَنَّث فِي مَوضِع وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين. وَفِيه: القَوْل فِي موضِعين، والرواة مدنيون مَا خلا عبد الله.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الصَّلَاة عَن سُلَيْمَان بن حَرْب وَعَن مُسَدّد عَن يحيى. وَأخرجه مُسلم فِيهِ عَن يحيى بن يحيى عَن مَالك بِهِ. وَعَن قُتَيْبَة وَمُحَمّد بن رمح وَعَن زُهَيْر بن حَرْب وَعبيد الله ابْن سعيد وَعَن زُهَيْر عَن إِسْمَاعِيل بن علية وَعَن أَحْمد بن عبد الله بن الحكم وَعَن اسحاق بن ابراهيم وَعَن مُحَمَّد بن عباد واخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن الْحسن بن عَليّ وَفِي الشَّمَائِل عَن احْمَد بن منيع وَعَن قُتَيْبَة عَن مَرْوَان. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن أَحْمد بن عبد الله بن الحكم وَعَن إِسْحَاق بن مَنْصُور وَعَن شُعَيْب وَعَن هِشَام بن عمار وَعَن يحيى بن مُحَمَّد وَعَن مُحَمَّد بن عبد الله وَعَن مُحَمَّد بن سَلمَة وَعَن إِسْمَاعِيل بن مَسْعُود وَعَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم عَن عبد الرَّزَّاق. وَأخرجه ابْن مَاجَه عَن مُحَمَّد بن رمح بِهِ.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (كَانَ إِذا اعْتكف الْمُؤَذّن للصبح) ، هَكَذَا رَوَاهُ عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك، وَهَكَذَا هُوَ عِنْد جُمْهُور الروَاة من البُخَارِيّ، وَخَالف عبد الله سَائِر الروَاة عَن مَالك، فَرَوَوْه:(كَانَ إِذا سكت الْمُؤَذّن من الْأَذَان لصَلَاة الصُّبْح، وَهَكَذَا رَوَاهُ مُسلم وَغَيره، وَهُوَ الصَّوَاب: وَقَالَ ابْن قرقول: رِوَايَة الْأصيلِيّ والقابسي وَأبي ذَر: (كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِذا اعْتكف الْمُؤَذّن للصبح وبدا الصُّبْح ركع رَكْعَتَيْنِ) . وَقَالَ الْقَابِسِيّ: معنى اعْتكف هُنَا: انتصب قَائِما للأذان، كَأَنَّهُ من مُلَازمَة مراقبة الْفجْر، وَفِي رِوَايَة الْهَمدَانِي:(كَانَ إِذا أذن الْمُؤَذّن) . وَعند النَّسَفِيّ: (كَانَ إِذا اعْتكف أذن الْمُؤَذّن للصبح)، وَقَالَ بَعضهم: وَقد أطلق جمَاعَة من الْحفاظ القَوْل: بِأَن الْوَهم فِيهِ من عبد الله بن يُوسُف شيخ البُخَارِيّ. انْتهى. قلت: الْحَاصِل هَهُنَا خمس رِوَايَات، ولكلها وَجه فَلَا يحْتَاج إِلَى نِسْبَة الْوَهم إِلَى أحد مِنْهُم. الرِّوَايَة الأولى: رِوَايَة عبد الله بن يُوسُف كَانَ إِذا اعْتكف الْمُؤَذّن للصبح، وَمعنى اعْتكف قد مر الْآن. وَالثَّانيَِة: إِذا سكت الْمُؤَذّن، وَهِي ظَاهِرَة لَا نزاع فِيهَا. وَالثَّالِثَة: كَانَ إِذا أذن الْمُؤَذّن، وَهِي أَيْضا ظَاهِرَة كَذَلِك. وَالرَّابِعَة: كَانَ إِذا اعْتكف أذن الْمُؤَذّن، يَعْنِي إِذا اعْتكف النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَجَوَاب: إِذا هُوَ قَوْله: (صلى رَكْعَتَيْنِ)، وَقَوله:(أذن الْمُؤَذّن)، جملَة وَقعت حَالا بِتَقْدِير: قد، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى:{أوجاؤكم حصرت صُدُورهمْ} (النِّسَاء: 90)، أَي: قد حصرت. الْخَامِسَة: (كَانَ إِذا اعْتكف وَأذن الْمُؤَذّن) . وَكَذَلِكَ الضَّمِير فِي: اعْتكف، هَهُنَا يرجع إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم. وَقَوله:(وَأذن) عطف عَلَيْهِ. فَإِن قلت: على هَذَا يلْزم أَن يكون هَذَا مُخْتَصًّا بِحَال اعْتِكَافه صلى الله عليه وسلم، وَلَيْسَ كَذَلِك؟ قلت: الْمُلَازمَة مَمْنُوعَة لِأَنَّهُ يحْتَمل أَن حَفْصَة راوية الحَدِيث الْمَذْكُور قد شاهدت النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِك الْوَقْت، وَهُوَ فِي الِاعْتِكَاف، وَلَا يلْزم من ذَلِك أَن يكون صلى الله عليه وسلم فِي كل هَذَا الْوَقْت فِي الِاعْتِكَاف. فَافْهَم. قَوْله:(وبدا الصُّبْح) ، بِالْبَاء الْمُوَحدَة، فعل مَاض من: البدو، وَهُوَ الظُّهُور، أُسند إِلَى الصُّبْح وَهُوَ فَاعله، و: الْوَاو، فِيهِ وَاو الْحَال لَا وَاو الْعَطف، وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَفِي بعض الرِّوَايَات: وندا الصُّبْح، بالنُّون من المناداة. قَالَ: وَهُوَ الْأَصَح. وَقَالَ بَعضهم: ظن أَنه مَعْطُوف على قَوْله: (للصبح)، فَيكون التَّقْدِير: لنداء الصُّبْح، وَلَيْسَ كَذَلِك، فَإِن الحَدِيث فِي جَمِيع

ص: 132