المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار) - عمدة القاري شرح صحيح البخاري - جـ ٥

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌(كتاب مَوَاقِيت الصَّلَاة)

- ‌ بَاب مَوَاقِيت الصَّلَاة وفضلها

- ‌(بابٌ قَوْلُ الله تَعَالَى {مُنِيبِينَ إلَيْهِ واتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (الرّوم:

- ‌(بابُ البَيْعَةِ عَلَى إقَامَةِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بابٌ الصَّلَاةُ كَفَّارَةٌ)

- ‌(بابُ فَضْلِ الصَّلَاةِ لوَقْتِهَا)

- ‌(بابٌ الصَلَوَاتُ الخَمْسُ كَفَّارَةٌ)

- ‌(بابُ تَضْيِيعِ الصَّلاةِ عَنْ وَقْتِهَا)

- ‌(بابٌ المصَلِّي يُنَاجِي رَبَّهُ عز وجل

- ‌(بابُ الإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الحَرِّ)

- ‌(بابُ الإبْرَادِ بِالظُهْرِ فِي السفَرِ)

- ‌(بابٌ وَقْتُ الظهْرِ عِنْدَ الزَّوَال)

- ‌(بابُ تَأْخِيرِ الظُّهْرِ إلَى العَصَرِ)

- ‌(بابُ وَقْتِ العَصْرِ. وقَالَ أبُو أُسامَةَ عنْ هِشَامٍ منْ قَعْرِ حُجْرَتِهَا)

- ‌(بابُ إثْمِ مَنْ تَرَكَ العَصْرَ)

- ‌(بابُ منْ أدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ العَصْرِ قَبْلَ الغُرُوبِ)

- ‌(بابُ وقْتِ المغْرَبَ)

- ‌(بابُ مَنْ كَرِهَ أنْ يُقَالَ لِلْمَغْرِبِ العِشَاءُ)

- ‌(بابُ ذِكْرِ العِشَاءِ والعَتْمَةِ ومَنْ رَآهُ واسِعا)

- ‌(بابُ وَقْتِ العِشَاءِ إذَا اجْتَمَعَ النَّاسُ أوْ تَأَخَّرُوا

- ‌(بابُ وَقْتِ العِشَاءِ إذَا اجْتَمَعَ النَّاسُ أوْ تَأَخَّرُوا

- ‌‌‌(يايُ فَضْلِ العِشَاءِ

- ‌(يايُ فَضْلِ العِشَاءِ

- ‌(بابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ النَّوْمِ قَبْلَ العِشَاءِ)

- ‌(بابُ النَّوْمِ قَبْلَ العِشَاءِ لِمَنْ غُلِبَ)

- ‌(بابُ وقْتِ العِشَاءِ إلَى نِصْفِ الليْلِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ صَّلَاةِ الفَجْرِ)

- ‌(بابُ وقتِ الفَجْرِ)

- ‌(بابُ منْ أدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الفَجْرِ)

- ‌(بابُ مَنْ أدْرَكَ مِنَ الصَّلاة رَكْعَةً)

- ‌(بابُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الفَجْرِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ)

- ‌(بابٌ لَا يَتَحَرَّى الصَّلَاةَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ)

- ‌(بابُ مَنْ لَمْ يَكْرَهِ الصَّلَاةَ ألَاّ بَعْدَ العَصْرِ والفَجْرِ)

- ‌(بابُ مَا يُصَلَّى بَعْدَ العَصْرِ منَ الفَوَائِتِ وغَيْرِهَا)

- ‌(بابُ التَّبْكِيرِ بِالصَّلَاةِ فِي يَوْمِ غَيْمٍ)

- ‌(بابُ الأَذَانِ بعْدَ ذَهَابِ الوَقْتِ)

- ‌(بابُ مَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ جَمَاعَةً بَعْدَ ذَهَابِ الوَقْتِ)

- ‌(بابُ منْ نَسِيَ صلَاةً فَلْيُصَلِّ إِذا ذَكَرهَا وَلَا يُعِيدُ إلَاّ تِلْكَ الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب قضَاءِ الصَّلَوَاتِ الأُولَى فَالأُولَى)

- ‌(بابُ مَا يُكْرَهُ منَ السَّمَرِ بَعْدَ العِشَاءِ)

- ‌(بابُ السَّمَرِ فِي الفِقْهِ والخَيْرِ بَعْدَ العِشَاءِ)

- ‌(بابُ السَّمَرِ معَ الضَّيْفِ والأَهْلِ)

- ‌(بابُ السَّمَرِ معَ الضَّيْفِ والأَهْلِ)

- ‌(كِتَابُ الأذَانِ)

- ‌(بابُ بِدْءَ الأَذَانِ)

- ‌‌‌(بابٌ الأَذان مَثْنَى مَثْنَى)

- ‌(بابٌ الأَذان مَثْنَى مَثْنَى)

- ‌(بابٌ الإِقامَةُ واحِدَةٌ إِلَاّ قَوْلَهُ قَدْ قامَتِ الصَّلَاةُ)

- ‌(بابُ فَضْلِ التَّأذِينِ)

- ‌(بابُ رَفْعِ الصَّوْتِ بالنِّدَاءِ)

- ‌(بابُ مَا يُحْقَنُ بِالآذَانِ مِنَ الدِّمَاءِ)

- ‌(بابُ مَا يَقُولُ إذَا سَمِعَ المُنَادِي)

- ‌(بابُ الدُّعاءِ عِنْدَ النِّدَاءِ)

- ‌(بابُ الاستِهَامِ فِي الأذَانِ)

- ‌(بابُ الكَلَامِ فِي الأذَانِ)

- ‌(بابُ أَذانِ الأعْمَى إذَا كانَ لهُ مَنْ يُخْبِرِهِ)

- ‌(بابُ الآذَانِ بَعْدَ الفَجْرِ)

- ‌(بابُ الأذَانِ قَبْلَ الفَجْرِ)

- ‌(بابُ مَنِ انْتَظَرَ الإقَامَةَ)

- ‌(بابٌ هَل يُتْبِعُ المُؤَذِّنُ فاهُ هَهنا وهَهُنا وهَلْ يَلْتَفِتُ فِي الأَذَانِ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الرَّجلِ فاتَتْنَا الصلاةُ)

- ‌(بابٌ لَا يَسْعَى إلَى الصَّلَاةِ وَلْيَأْتِ بالسَّكِينَةِ والوَقارِ)

- ‌(بابٌ مَتَى يَقُومُ النَّاسُ إذَا رَأوُا الإِمامَ عِنْدَ الإِقَامَةِ)

- ‌(بابٌ لَا يَسْعَى إلَى الصَّلَاةِ مُسْتَعْجِلاً وَلْيُقِمْ بِالسَّكِينَةِ والوَقَارِ)

- ‌(بابٌ هَلْ يَخْرُجُ مِنَ المَسْجِدِ لِعِلَّةٍ

- ‌(بابٌ إذَا قالَ الإمامُ مكانَكُمْ حَتَّى نَرْجِعَ انْتَظِرُوه)

- ‌(بابُ قَوْلِ الرَّجلِ مَا صَلَّيْنا)

- ‌(بابُ الإمامِ تَعْرِضُ لَهُ الحاجَةُ بَعْدَ الإِقَامَةِ)

- ‌(بابُ وُجُوبِ صَلَاةِ الجَمَاعَةِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ صَلَاةِ الجَمَاعَةِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ صَلَاةِ الفَجْرِ فِي جَمَاعةٍ)

- ‌(بابُ فَضْلِ التَّهْجِيرِ إلَى الظُّهْرِ)

- ‌(بابُ احْتِسَابِ الآثَارِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ صَلَاةِ العِشَاءِ فِي الجَمَاعَةِ)

- ‌(بابٌ اثْنان فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ)

- ‌(بابُ مَنْ جَلَسَ فِي المَسْجِد يَنْتَظَرُ الصَّلاةَ وفَضْلِ المسَاجِدِ)

- ‌(بابُ فَضْل منْ غَدَا إِلَى المَسْجِدِ ومنْ راحَ)

- ‌(بابٌ إذَا أُقِيمَتِ الصلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إلَاّ المَكْتُوبَةُ)

- ‌(بابُ حَدِّ المَرِيضِ أنْ يَشْهَدَ الجَمَاعَةَ)

- ‌(بابُ الرُّخْصَةِ فِي المَطَرِ والعِلَّةِ أنْ يُصَلِّيَ فِي رَحْلِهِ)

- ‌(بابٌ هَلْ يُصَلِّي الإِمامُ بِمَنْ حَضَرَ وهَلْ يَخْطُبُ يَوْمَ الجُمُعَةِ فِي المَطَرِ)

- ‌(بابٌ إذَا حَضَرَ الطَّعَامُ وأُقِيمتِ الصَّلَاةُ)

- ‌(بابُ إذَا دُعِيَ الإمامُ إلَى الصَّلَاةِ وَبِيَدِهِ مَا يأكُلُ)

- ‌(بابُ منْ كانَ فِي حاجَةِ أهْلِهِ فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَخَرَجَ)

- ‌(بابُ مَنْ صَلَّى بالنَّاسِ وَهْوَ لَا يُرِيدُ إلَاّ أنْ يُعَلِّمَهُمْ صَلَاةَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وسُنَّتَهْ)

- ‌(بابٌ أهْلُ العِلْمِ والفَضْلِ أحَقُّ بِالإمَامةِ)

- ‌(بابُ منْ قامَ إلَى جَنْبِ الإمَامِ لِعِلَّةٍ)

- ‌(بابُ مَنْ دَخَلَ لِيَؤُمَّ الناسَ فَجَاءَ الإمامُ الأوَّلُ فَتَأخَّرَ الأوَّلُ أوْ لَمْ يَتَأخَّرْ جازَتْ صَلَاتُهُ)

- ‌(بابٌ إذَا اسْتَوَوْا فِي القِرَاءَةِ فَلْيَؤُمَّهُمْ أكْبَرُهُمْ)

- ‌(بابٌ إِذا زَارَ الإمامُ قَوْما فَأمَّهُمْ)

- ‌(بابٌ إنَّمَا جُعِلَ الإمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ)

- ‌(بابُ مَتَى يَسْجُدُ مَنْ خَلْفَ الإمَامِ)

- ‌(بابُ إثْمِ مَنْ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الإمَامِ)

- ‌(بابُ إمامَةِ العَبْدِ والمَوْلَى)

- ‌(بابٌ إذَا لَمْ يُتِمَّ الإمَامُ وَأَتَم مَنْ خَلْفَهُ)

- ‌(بابُ إمَامَةِ المَفْتُونِ والمُبْتَدِعِ)

- ‌(بابٌ يَقُومُ عنْ يَمِينِ الإمَامِ بِحِذَائِهِ سَوَاءً إذَا كانَا اثْنَيْنِ)

- ‌(بابٌ إذَا قامَ الرَّجُلُ عنْ يَسارِ الإمَامِ فَحَوَّلَهُ الإمَامُ إلَى يَمِينِهِ لَمْ تَفْسُدْ صلَاتُهُمَا)

- ‌(بابٌ إذَا لَمْ يَنْوِ الإمَامْ أَن يَؤُمَّ ثُمَّ جاءَ قَوْمٌ فَأَمَّهُمْ)

- ‌(بابٌ إذَا طَوَّلَ الإمامُ وكانَ لِلرَّجُلِ حاجَةٌ فَخَرَجَ فَصَلَّى)

- ‌(بابُ تَخْفِيفِ الإمَامِ فِي القِيامِ وإتْمَامِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ)

- ‌(بابٌ إذَا صَلَّى لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شاءَ)

- ‌(بابُ منْ شكا إمامَهُ إذَا طَوَّلَ)

- ‌(بابُ الإيجَازِ فِي الصَّلاةِ وَإكْمَالِهَا)

- ‌(بابُ منْ أخَفَّ الصَّلَاةَ عِنْدَ بُكَاءِ الصّبِيِّ)

- ‌(بابُ إذَا صَلَّى ثُمَّ أمَّ قَوْما)

- ‌(بابُ مَنْ أسْمَعَ النَّاسَ تَكْبِيرَ الإمَامِ)

- ‌(بابٌ الرَّجُلُ يَأتَمُّ بالإمَامِ ويأتَمُّ النَّاسُ بِالمَأمُومِ)

- ‌(بابٌ هِلْ يَأخُذُ الإمَامُ إذَا شَكَّ بِقَوْلِ الناسِ)

- ‌(بابٌ إذَا بَكَى الإمامُ فِي الصَّلاةِ

- ‌(بابُ إقْبَالِ الإمامِ النَّاسَ عِنْدَ تَسْوِيَةِ الصُفُوفِ)

- ‌(بابُ الصَّفِّ الأَوَّلِ)

- ‌(بابٌ إقامةُ الصَّف مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بابُ إثْمِ مَنْ لَمْ يُتِمَّ الصُّفُوفَ)

- ‌(بابُ الصَاقِ المَنْكِبِ بِالمَنْكِبِ والقَدَم بالقَدَمِ فِي الصَّفِّ)

- ‌(بابٌ إِذا قامَ الرَّجُلُ عَنْ يَسَارِ الإمَامِ وَحَوَّلَهُ الإمامُ خَلْفَهُ إلَى يَمِينِهِ تَمَّتْ صلاتُهُ)

- ‌(بابٌ المَرْأةُ وَحْدَهَا تَكُونُ صَفّا)

- ‌(بابُ مَيْمَنَةِ المَسْجِدِ والإمَامِ)

- ‌(بابٌ إذَا كانَ بَيْنَ الإمَامِ وبَيْنَ القَوْمِ حائِطٌ أوْ سُتْرَةٌ)

- ‌(بابُ صَلَاةِ اللَّيْلِ)

- ‌(أبْوابُ صِفَةُ الصَّلَاةِ)

- ‌(بابُ إيجَاب التَّكبِيرِ وَافْتِتَاحِ الصَّلَاةِ)

- ‌(بابُ رَفْعِ اليَدَيْنِ فِي التَّكْبِيرَةِ الأولَى مَعَ الافْتِتَاحِ سَوَاءً)

- ‌(بابُ رَفْعِ اليَدَيْنِ إذَا كَبَّرَ وإذَا رَكَعَ وإذَا رَفَعَ)

- ‌(بابُ إلَى أيْنَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ)

- ‌(بابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ إذَا قامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ)

- ‌(بابُ وَضْعِ اليُمْنَى عَلَى اليُسْرَى فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بابُ الخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بابُ مَا يَقُولُ بَعْدَ التَّكْبِيرِ)

- ‌(بابُ رَفْعِ البَصَرِ إلَى الإمَامِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب رفع الْبَصَر إِلَى السَّمَاء فِي الصَّلَاة)

- ‌(بَاب الِالْتِفَات فِي الصَّلَاة)

الفصل: ‌(باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار)

قد تقدم سائره، وروى الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث عبد الْوَهَّاب: عَن عَطاء عَن إِسْرَائِيل عَن أبي إِسْحَاق عَن الْحَارِث عَن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ:(مَا أدْركْت فَهُوَ أول صَلَاتك) ، وَعَن ابْن عمر بِسَنَد جيد مثله.

الثَّانِي: أَنه أول صلَاته بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَفْعَال فيبنى عَلَيْهَا، وَآخِرهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَقْوَال فيقضيها، وَهُوَ قَول مَالك. وَقَالَ ابْن بطال عَنهُ: مَا أدْرك فَهُوَ أول صلَاته إلَاّ أَنه يقْضِي مثل الَّذِي فَاتَهُ من الْقِرَاءَة بِأم الْقُرْآن وَسورَة، وَقَالَ سَحْنُون: هَذَا الَّذِي لم يعرف خِلَافه دَلِيله مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث قَتَادَة: أَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: (مَا أدْركْت مَعَ الإِمَام فَهُوَ أول صَلَاتك، واقض مَا سَبَقَك بِهِ من الْقُرْآن) .

الثَّالِث: أَن مَا أدْرك فَهُوَ أول صلَاته إلَاّ أَنه يقْرَأ فِيهَا. بِالْحَمْد وَسورَة مَعَ الإِمَام، وَإِذا قَامَ للْقَضَاء قضى بِالْحَمْد وَحدهَا، لِأَنَّهُ آخر صلَاته، وَهُوَ قَول الْمُزنِيّ وَإِسْحَاق وَأهل الظَّاهِر.

الرَّابِع: أَنه آخر صلَاته وَأَنه يكون قَاضِيا فِي الْأَفْعَال والأقوال، وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَأحمد فِي رِوَايَة، وسُفْيَان وَمُجاهد وَابْن سِيرِين. وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: الْأَشْبَه بمذهبنا وَمذهب أبي حنيفَة أَنه آخر صلَاته، وَقَالَ ابْن بطال: رُوِيَ ذَلِك عَن ابْن مَسْعُود وَابْن عمر وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَالشعْبِيّ وَأبي قلَابَة، وَرَوَاهُ ابْن الْقَاسِم عَن مَالك، وَهُوَ قَول أَشهب وَابْن الْمَاجشون، وَاخْتَارَهُ ابْن حبيب، وَاسْتَدَلُّوا على ذَلِك بقوله صلى الله عليه وسلم:(وَمَا فاتكم فاقضوا) . وَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة بِسَنَد صَحِيح عَن أبي ذَر، وَابْن حزم بِسَنَد مثله عَن أبي هُرَيْرَة، وَالْبَيْهَقِيّ بِسَنَد لَا بَأْس بِهِ على رَأْي جمَاعَة عَن معَاذ بن جبل، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

وَالْجَوَاب عَمَّا اسْتدلَّ بِهِ الشَّافِعِي وَمن تبعه وَهُوَ قَوْله: (فَأتمُّوا) : أَن صَلَاة الْمَأْمُوم مرتبطة بِصَلَاة الإِمَام، فَحمل قَوْله:(فَأتمُّوا) على أَن: من قضى مَا فَاتَهُ فقد أتم لِأَن الصَّلَاة تنقص بِمَا فَاتَ، فقضاؤه إتْمَام لما نقص. فَإِن قلت: قَالَ النَّوَوِيّ: وَحجَّة الْجُمْهُور أَن أَكثر الرِّوَايَات: (وَمَا فاتكم فَأتمُّوا) . وَأجِيب: عَن رِوَايَة: (واقض مَا سَبَقَك) بِأَن المُرَاد بِالْقضَاءِ الْفِعْل لَا الْقَضَاء المصطلح عَلَيْهِ عِنْد الْفُقَهَاء، وَقد كثر اسْتِعْمَال الْقَضَاء بِمَعْنى الْفِعْل، فَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى:{فقضاهن سبع سموات فِي يَوْمَيْنِ} (فصلت: 12) . وَقَوله تَعَالَى: {فَإِذا قضيتم مَنَاسِككُم} (الْبَقَرَة: 200) . وَقَوله تَعَالَى: {فَإِذا قضيت الصَّلَاة} (الْجُمُعَة: 10) . وَيُقَال: قضيت حق فلَان، وَمعنى الْجَمِيع: الْفِعْل. قلت: أما الْجَواب عَن قَوْله: (فَأتمُّوا) فقد ذَكرْنَاهُ آنِفا، وَأما قَوْله: المُرَاد بِالْقضَاءِ: الْفِعْل، فمشترك الدّلَالَة، لِأَن الْفِعْل يُطلق على الْأَدَاء وَالْقَضَاء جَمِيعًا، وَمعنى:{فقضاهن سبع سموات} (فصلت: 12) . قدرهن، وَمعنى {قضيتم مَنَاسِككُم} (الْبَقَرَة: 200) . فَرَغْتُمْ عَنْهَا، وَكَذَا معنى {فَإِذا قضيت الصَّلَاة} (الْجُمُعَة: 10) . وَمعنى: قضيت حق فلَان، انهيت إِلَيْهِ حَقه، وَلَو سلمنَا أَن الْقَضَاء بِمَعْنى الْأَدَاء فَيكون مجَازًا، والحقيقة أولى من الْمجَاز، وَلَا سِيمَا على أصلهم أَن الْمجَاز ضَرُورِيّ لَا يُصَار إِلَيْهِ إلَاّ عِنْد الضَّرُورَة والتعذر. فَإِن قلت: حكى الْبَيْهَقِيّ عَن مُسلم أَنه قَالَ: لَا أعلم هَذِه اللَّفْظَة يَعْنِي: فاقضوا رَوَاهَا عَن الزُّهْرِيّ إلَاّ ابْن عُيَيْنَة، وَأَخْطَأ. قلت: تَابعه ابْن أبي ذِئْب فرواها عَن الزُّهْرِيّ، كَذَلِك، وَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة لمُسلم وَأبي دَاوُد كَمَا ذكرنَا عَن قريب، وَقَالَ الْكرْمَانِي:(وَمَا فاتكم فَأتمُّوا)، دَلِيل للشَّافِعِيَّة حَيْثُ قَالُوا: مَا أدْركهُ الْمَسْبُوق مَعَ الإِمَام فَهُوَ أَولهَا، لِأَن التَّمام لَا يكون إلَاّ للْآخر، لِأَنَّهُ لَا يَقع على بَاقِي شَيْء تقدم أَوله، وَعكس أَبُو حنيفَة فَقَالَ: ماأدراك مَعَ الإِمَام فَهُوَ آخرهَا. انْتهى. قلت: هُوَ عكس حَيْثُ غفل عَن رِوَايَة: فاقضوا، وَمَا قَالَ فِيهِ الْعلمَاء وَقد ذَكرْنَاهُ، وَلَو تأدب لأحسن فِي عِبَارَته، وَلَيْسَ أَبُو حنيفَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِيمَا قَالَه وَحده، وَقد ذكرنَا أَنه قَول: عبد الله بن مَسْعُود وَعبد الله بن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَقَول سُفْيَان وَابْن سِيرِين وَمُجاهد وَالنَّخَعِيّ وَالشعْبِيّ وَأبي قلَابَة وَآخَرين.

وَمِمَّا يُسْتَفَاد من الحَدِيث: الْحَث فِي الْإِتْيَان إِلَى الصَّلَاة بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقار، وَسَوَاء فِيهِ سَائِر الصَّلَوَات، سَوَاء خَافَ فَوت تَكْبِيرَة الْإِحْرَام أم لَا. وَفِيه: جَوَاز قَول الرجل: فاتتنا الصَّلَاة، وَأَنه لَا كَرَاهَة فِيهِ عِنْد جُمْهُور الْعلمَاء، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ، وَالله أعلم.

21 -

(بابٌ لَا يَسْعَى إلَى الصَّلَاةِ وَلْيَأْتِ بالسَّكِينَةِ والوَقارِ)

أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ: لَا يسْعَى الرجل إِلَى الصَّلَاة

إِلَى آخِره، وَسَقَطت هَذِه التَّرْجَمَة من رِوَايَة الْأصيلِيّ وَمن رِوَايَة أبي ذَر عَن غير السَّرخسِيّ، وَفِي بعض نسخ السراج: بَاب مَا أدركتم فصلوا وَمَا فاتكم فَأتمُّوا، قَالَه أَبُو قَتَادَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَالْأَوْجه مَا مشينا عَلَيْهِ.

وَقَالَ مَا أدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَما فَاتَكُمْ فَأتِمُّوا قالَهُ أبُو قَتَادَة عنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

ص: 151

أَي: قَالَ صلى الله عليه وسلم، وَالضَّمِير الْمَنْصُوب فِي: قَالَه، يرجع إِلَى الْمَذْكُور فِي التَّرْجَمَة، وَهُوَ قَوْله:(مَا أدركتم فصلوا وَمَا فاتكم فَأتمُّوا)، وَالْمعْنَى: قَالَه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ الَّذِي رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي الْبَاب السَّابِق.

636 -

حدَّثنا آدَمُ قَالَ حدَّثنا ابنُ أبي ذِئْبٍ قَالَ حدَّثنا الزُّهْرِيُّ عنْ سَعِيدِ بنِ المُسَيَّبِ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وعنِ الزُّهْرِيِّ عنْ أبِي سَلَمَةَ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ إذَا سَمِعْتُمُ الإقَامَةَ فَامْشُوا إلَى الصَّلَاةِ وعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ والوَقَارِ ولَا تُسْرِعُوا فَما أدرَكْتُمْ فَصَلوا ومَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا. (الحَدِيث 636 طرفه فِي: 908) .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

ذكر رِجَاله: وهم سِتَّة قد ذكرُوا غير مرّة. وَأخرجه من طَرِيقين. الأول: عَن آدم بن أبي إِيَاس عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي ذِئْب عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة. الثَّانِي: عَن آدم أَيْضا عَن ابْن أبي ذِئْب عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: العنعنة فِي سَبْعَة مَوَاضِع. وَفِيه: أَن الزُّهْرِيّ حدث عَن شيخين عَن سعيد بن الْمسيب وَأبي سَلمَة، وَقد جمع البُخَارِيّ بَينهمَا فِي: بَاب الْمَشْي إِلَى الْجُمُعَة عَن آدم، فَقَالَ فِيهِ: عَن سعيد وَأبي سَلمَة، كِلَاهُمَا عَن أبي هُرَيْرَة، وَكَذَلِكَ أخرجه مُسلم من طَرِيق إِبْرَاهِيم بن سعد عَن الزُّهْرِيّ، عَنْهُمَا. وَالتِّرْمِذِيّ أخرجه من طَرِيق يزِيد بن زُرَيْع: عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن ابْن أبي سَلمَة وَحده، وَمن طَرِيق عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد وَحده، وَفِيه: أَن رُوَاته كلهم مدنيون مَا خلا شيخ البُخَارِيّ فَإِنَّهُ عسقلاني.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (إِذا سَمِعْتُمْ الْإِقَامَة) أَي: إِقَامَة الصَّلَاة، إِنَّمَا ذكر الْإِقَامَة تَنْبِيها على مَا سواهَا لِأَنَّهُ إِذا نهى عَن إتيانها مسرعا فِي حَال الْإِقَامَة مَعَ خوف فَوت بَعْضهَا، فَقبل الْإِقَامَة أولى. وَيُقَال: الْحِكْمَة فِي التَّقْيِيد بِالْإِقَامَةِ أَن المسرع إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة يصل إِلَيْهَا وَقد انبهر، فَيقْرَأ فِي تِلْكَ الْحَالة فَلَا يحصل لَهُ تَمام الْخُشُوع فِي الترتيل، وَغَيره، بِخِلَاف من جَاءَ قبل ذَلِك، فَإِن الصَّلَاة قد لَا تُقَام حَتَّى يستريح. قَوْله: فَعَلَيْكُم بِالسَّكِينَةِ) كَذَا فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَفِي رِوَايَة غَيره:(وَعَلَيْكُم السكينَة)، بِالنّصب بِلَا: بَاء، وَكَذَا فِي رِوَايَة مُسلم من طَرِيق يُونُس، وضبطها الْقُرْطُبِيّ الشَّارِح بِالنّصب على الإغراء، وضبطها النَّوَوِيّ بِالرَّفْع على أَنَّهَا جملَة فِي مَوضِع الْحَال. وَقيل: دُخُول الْبَاء لَا وَجه لَهُ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِنَفسِهِ، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى:{عَلَيْكُم أَنفسكُم} (الْمَائِدَة: 105) ورد بِأَنَّهَا زَائِدَة للتَّأْكِيد، وَلم تدخل للتعدية. وَجَاء فِي الْأَحَادِيث كثير من ذَلِك نَحْو:(عَلَيْكُم بِرُخْصَة الله تَعَالَى) ، (فَعَلَيهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وَجَاء)، (وَعَلَيْكُم بِقِيَام اللَّيْل) . وَنَحْو ذَلِك. وَقَالَ بَعضهم: ثمَّ إِن الَّذِي علل بقوله لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِنَفسِهِ غير موف بمقصوده، إِذْ لَا يلْزم من كَونه يتَعَدَّى بِنَفسِهِ امْتنَاع تعديته بِالْبَاء. انْتهى. قلت: هَذَا الْقَائِل لم يشم شَيْئا من علم التصريف، وَنفى الْمُلَازمَة غير صَحِيح. قَوْله:(وَالْوَقار) قَالَ عِيَاض والقرطبي: وَهُوَ بِمَعْنى السكينَة، وَذكر على سَبِيل التَّأْكِيد. وَقَالَ النَّوَوِيّ: السكينَة: التأني فِي الحركات وَاجْتنَاب الْعَبَث وَالْوَقار فِي الْهَيْئَة، كغض الْبَصَر وخفض الصَّوْت وَعدم الِالْتِفَات. قَوْله:(وَلَا تسرعوا) ، فِيهِ زِيَادَة تَأْكِيد، وَلَا مُنَافَاة بَينه وَبَين قَوْله تَعَالَى:{فَاسْعَوْا إِلَى ذكر الله} (الْجُمُعَة: 9) وَإِن كَانَ مَعْنَاهُ يشْعر بالإسراع، لِأَن المُرَاد بالسعي الذّهاب، يُقَال: سعيت إِلَى كَذَا أَي: ذهبت إِلَيْهِ، وَالسَّعْي أَيْضا جَاءَ بِمَعْنى: الْعَمَل، وَبِمَعْنى: الْقَصْد. وَالْحكمَة فِي منع الْإِسْرَاع أَنه يُنَافِي الْخُشُوع، وَتَركه أَيْضا يسْتَلْزم كَثْرَة الخطى، وَهُوَ أَمر مَنْدُوب مَطْلُوب، وَردت فِيهِ أَحَادِيث: مِنْهَا حَدِيث مُسلم رَوَاهُ عَن جَابر: (إِن بِكُل خطْوَة دَرَجَة) . قَوْله: (فَمَا أدركتم) : الْفَاء، فِيهِ جَزَاء شَرط مَحْذُوف، أَي: إِذا بيّنت لكم مَا هُوَ أولى بكم فَمَا أدركتم فصلوا. قَوْله: (وَمَا فاتكم فَأتمُّوا) أَي: أكملوا، وَقد بَينا اخْتِلَاف الْأَلْفَاظ فِيهِ فِي الْبَاب السَّابِق.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ فِيهِ: الدّلَالَة على حُصُول فَضِيلَة الْجَمَاعَة بِإِدْرَاك جُزْء من الصَّلَاة. لقَوْله: (فَمَا أدركتم فصلوا)، وَلم يفصل بَين الْقَلِيل وَالْكثير. وَفِيه: اسْتِحْبَاب الدُّخُول مَعَ الإِمَام فِي أَي: حَالَة وجده عَلَيْهَا. وَفِيه: الْحَث على التأني وَالْوَقار عِنْد الذّهاب إِلَى الصَّلَاة، وَمِنْه اسْتدلَّ قوم على أَن من أدْرك الإِمَام رَاكِعا لم تحسب لَهُ تِلْكَ الرَّكْعَة لِلْأَمْرِ بإتمام مَا فَاتَهُ، وَقد فَاتَهُ الْقيام وَالْقِرَاءَة فِيهِ، وَهُوَ أَيْضا مَذْهَب من ذهب إِلَى وجوب الْقِرَاءَة خلف الإِمَام، وَهُوَ قَول أبي هُرَيْرَة أَيْضا. وَاخْتَارَهُ ابْن

ص: 152