الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَن الْوُجُوب عَلَيْهِ كَانَ مُعَلّقا بِالْبَيَانِ، فَلم يتَحَقَّق الْوُجُوب إِلَّا بعد تِلْكَ الصَّلَاة. السَّابِع: فِيهِ جَوَاز الْبُنيان، وَلَكِن يَنْبَغِي الِاقْتِصَار فِيهِ، أَلا ترى أَن جِدَار الْحُجْرَة كَانَ قَصِيرا؟ . قَالَ الْحسن: كنت أَدخل فِي بيُوت النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأَنا محتلم وَأَنا أسقفها بيَدي. الثَّامِن: اسْتدلَّ بِهِ من يرى جَوَاز الائتمام بِمن يأتم بِغَيْرِهِ، وَالْجَوَاب عَنهُ أَن النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، كَانَ مبلغا فَقَط كَمَا فِي قصَّة أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فِي صلَاته خلف النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، وَصَلَاة النَّاس خَلفه. وَسَيَأْتِي مزِيد الْكَلَام فِيهِ فِي أَبْوَاب الْإِمَامَة. التَّاسِع: فِيهِ فَضِيلَة عمر بن عبد الْعَزِيز، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. الْعَاشِر: فِيهِ: مَا قَالَ ابْن بطال فِيهِ دَلِيل على ضعف الحَدِيث الْوَارِد فِي أَن جِبْرِيل، عليه الصلاة والسلام، أم بِالنَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، فِي يَوْمَيْنِ لوقتين مُخْتَلفين لكل صَلَاة، قَالَ: لِأَنَّهُ لَو كَانَ صَحِيحا لم يُنكر عُرْوَة على عمر صلَاته فِي آخر الْوَقْت، محتجا بِصَلَاة جِبْرِيل، عليه الصلاة والسلام، مَعَ أَن جِبْرِيل قد صلى فِي الْيَوْم الثَّانِي فِي آخر الْوَقْت. وَقَالَ: الْوَقْت مَا بَين هذَيْن. وَأجِيب عَن هَذَا بِأَنَّهُ يحْتَمل أَن تكون صَلَاة عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، كَانَت خرجت عَن وَقت الِاخْتِيَار وَهُوَ مصير ظلّ الشَّيْء مثلَيْهِ لَا عَن وَقت الْجَوَاز وَهُوَ مغيب الشَّمْس، فَحِينَئِذٍ يتَّجه إِنْكَار عُرْوَة، وَلَا يلْزم مِنْهُ ضعف الحَدِيث أَو يكون إِنْكَار عُرْوَة لأجل مُخَالفَة عمر مَا واظب عَلَيْهِ النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ الصَّلَاة فِي أول الْوَقْت، وَرَأى أَن الصَّلَاة بعد ذَلِك إِنَّمَا هِيَ لبَيَان الْجَوَاز فَلَا يلْزم مِنْهُ ضعف الحَدِيث أَيْضا. وَفِي قَوْله: مَا واظب عَلَيْهِ النَّبِي، صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ الصَّلَاة فِي أول الْوَقْت نظر لَا يخفى. فَإِن قلت: ذكر حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، بعد ذكر حَدِيث أبي مَسْعُود مَا وَجهه؟ قلت: لِأَن عُرْوَة احْتج بِحَدِيث عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، فِي كَونه، صلى الله عليه وسلم، كَانَ يُصَلِّي الْعَصْر وَالشَّمْس فِي حُجْرَتهَا، وَهِي الصَّلَاة الَّتِي وَقع الْإِنْكَار بِسَبَبِهَا، وَبِذَلِك تظهر مُنَاسبَة ذكره بِحَدِيث عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، بعد حَدِيث أبي مَسْعُود، لِأَن حَدِيث عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، يشْعر بِأَنَّهُ، صلى الله عليه وسلم، كَانَ يُصَلِّي الْعَصْر فِي أول الْوَقْت، وَحَدِيث أبي مَسْعُود يشْعر بِأَن أصل بَيَان الْأَوْقَات كَانَ بتعليم جِبْرِيل، عليه الصلاة والسلام. فَإِن قلت: مَا معنى قَوْلهَا: قبل أَن تظهر؟ وَالشَّمْس ظَاهِرَة على كل شَيْء من أول طُلُوعهَا إِلَى غُرُوبهَا؟ قلت: إِنَّهَا أَرَادَت: والفيء فِي حُجْرَتهَا. قبل أَن يَعْلُو على الْبيُوت، فَكَنَتْ بالشمس عَن الْفَيْء، لِأَن الْفَيْء عَن الشَّمْس، كَمَا سمي الْمَطَر: سَمَاء، لِأَنَّهُ من السَّمَاء ينزل. ألَا تَرى أَنه جَاءَ فِي رِوَايَة: لم يظْهر الْفَيْء من حُجْرَتهَا. وَفِي لفظ: (وَالشَّمْس طالعة فِي حُجْرَتي) . فَافْهَم.
2 -
(بابٌ قَوْلُ الله تَعَالَى {مُنِيبِينَ إلَيْهِ واتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (الرّوم:
31)
أَي: هَذَا بَاب، فباب: بِالتَّنْوِينِ خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف، وَهَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَفِي رِوَايَة غَيره: بَاب قَوْله تَعَالَى، بِالْإِضَافَة، ثمَّ الْكَلَام فِي هَذِه الْآيَة على أَنْوَاع:
الأول: أَن هَذِه الْآيَة الْكَرِيمَة فِي سُورَة الرّوم وَقبلهَا قَوْله تَعَالَى: {فأقم وَجهك للدّين حَنِيفا فطرت الله} (الرّوم: 30) الْآيَة.
الثَّانِي: فِي مَعْنَاهَا وإعرابها، فَقَوله:{فأقم وَجهك للدّين} (الرّوم: 30) أَي: قوم وَجهك لَهُ غير ملتفت يَمِينا وَشمَالًا، قَالَه الزَّمَخْشَرِيّ، وَعَن الضَّحَّاك والكلبي: أَي: أقِم عَمَلك. قَوْله: {حَنِيفا} (الرّوم: 30) أَي: مُسلما، قَالَه الضَّحَّاك. وَقيل: مخلصا، وانتصابه على الْحَال من الدّين. قَوْله:{فطرت الله} (الرّوم: 30) أَي: وَعَلَيْكُم فطْرَة الله أَي: الزموا فطْرَة الله، وَهِي الْإِسْلَام. وَقيل: عهد الله فِي الْمِيثَاق. قَوْله: {منيبين} (الرّوم: 30) نصب على الْحَال من الْمُقدر، وَهُوَ: إلزموا فطْرَة الله، مَعْنَاهُ: منقلبين، واشتقاقه من: نَاب يَنُوب، إِذا رَجَعَ، وَعَن قَتَادَة: مَعْنَاهُ: تَائِبين، وَعَن ابْن زيد مَعْنَاهُ مُطِيعِينَ، والإنابة الِانْقِطَاع إِلَى الله بالإنابة أَي: الرُّجُوع عَن كل شَيْء.
الثَّالِث: فِي بَيَان وَجه عطف قَوْله: {وَأقِيمُوا الصَّلَاة} (الرّوم: 31) هُوَ الْإِعْلَام بِأَن الصَّلَاة من جملَة مَا يَسْتَقِيم بِهِ الْإِيمَان لِأَنَّهَا عماد الدّين، فَمن أَقَامَهَا فقد أَقَامَ الدّين، وَمن تَركهَا فقد هدم الدّين.
523 -
حدَّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ قَالَ حدَّثنا عَبَّادٌ هُوَ ابنُ عَبَّادٍ عنْ أبي جَمْرَةَ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ قدِمَ وَفْدُ عبْدٍ القَيْسِ علَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا إنَّا مِنْ هاذَا الحَيِّ مِنْ رَبِيعَةَ وَلَسْنَانَصلُ إلَيْكَ إلَاّ فِي الشهْرِ الحَرَامِ فَمُرْنَا بِشَيءٍ نَأخُذْهُ عَنْكَ وَنَدْعُوا إلَيْهِ مَنْ وَرَاءَنَا فقالَ آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ وأنْهَاكُمْ عَنْ أرْبَعٍ الإيمَانُ بِاللَّه ثُمَّ فَسَّرَهَا لَهُمْ شَهَادَةُ أنْ لَا إلَهَ إلَاّ الله وأنِّي رسُولُ الله وإقامُ