الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
س:
هل تعرَّض الحويرثُ بنُ نُقَيذ لفاطمة وأم كلثوم رضي الله عنهما عند هجرتهما
؟
قال ابن هشام (ت 213 هـ) رحمه الله: (
…
الحُويرِث بن نُقَيذ بن وَهْب بن عبد بن قُصيِّ، وكان ممن يؤذيه بمكة.
وكان العباس بن عبدالمطلب حملَ فاطمةَ وأمَّ كلثوم ابنتَي رسولِ الله صلى الله عليه وسلم مِن مكة يريد بهما المدينة، فنخسَ بهما الحويرث بن نُقَيذ
(1)
، فرمى بهما الأرض).
(2)
وقال مثلَه
(3)
الكُلاعي الأندلسي (ت 634 هـ).
(4)
وهذا النص فيه إشكالان: خرَجَ بهما العباسُ بنُ عبدالمطلب، ونخسَ بهما الحويرث! !
وهو مخالف لما عليه المؤرِّخون ـ كما سبق ـ.
(1)
ذكر أهل السِّيَر أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أهدَرَ دم أربعة من المشركين في فتح مكة، منهم: الحويرث بن نقيذ بن بجير بن عَبْد بن قصي، لأنه كان يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم ويُعظمُ القول وينشد الهجاء فيه، ولما فُتِحَتْ مكة (سنة 8 هـ)؛ أهدَرَ دمَهُ، فأرادَ الهرب من بيته، وأدركه عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه فقتَلَه.
انظر: «الكامل» لابن الأثير (2/ 123).
(2)
«السيرة النبوية» لابن هشام ـ تحقيق: السقا والأبياري ـ (2/ 410)، و «الروض الأنف» (7/ 227).
(3)
ربما نقله من ابن هشام.
(4)
«الاكتفاء» (2/ 225).
قال السهيلي (ت 581 هـ) رحمه الله عن الحويرث: (نخس بزينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أدركها، هُوَ وَهبَّار بنُ الأسود
(1)
، فسقطَتْ عن دابتها، وأَلقَتْ جَنِينها).
(2)
وذلك في السنة الثانية من الهجرة.
(3)
وأما أبو الطيب التقي الفاسي (ت 832 هـ) رحمه الله فقد أورد قولَ ابنِ إسحاق، الذي لم يُعِّين فيه عمل ابن نقيذ، وقول ابن هشام بأنه نخس فاطمة وأم كلثوم، وقول السهيلي بأنه نخس زينب، ثم قال:(والمعروفُ أنَّ المشركين عرَضُوا لزينبَ بنتِ النبي صلى الله عليه وسلم، لا لأختَيها: فاطمةَ وأمِّ كُلثوم؛ فيكونُ الحويرث نخَسَ بِزينب، لا بفاطمة وأم كلثوم، والله أعلم بالصواب).
(4)
(1)
وقد أسلم هبَّار، وحسُن إسلامه. انظر ترجمتُه في:«الطبقات الكبرى» لابن سعد ــ متمم الصحابة ـ (ص 247)، «معرفة الصحابة» لأبي نعيم (5/ 2767)، «إمتاع الأسماع» للمقريزي (5/ 346 ـ 348)، «الإصابة» لابن حجر (6/ 411).
(2)
«الروض الأنف» (7/ 231). وانظر: «عَرْف الزرْنَب في بيان شأن السيدة زينب» للسفاريني (ص 35 وما بعدها).
(3)
انظر: «عَرْف الزرْنَب في بيان شأن السيدة زينب» للسفاريني (ص 35 وما بعدها،
…
و 58 ـ 59).
(4)
«شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام» لأبي الطيب الفاسي (2/ 174).
…
=
ينظر أيضاً: «المغازي» للواقدي (2/ 857)، «التاريخ الأوسط» للبخاري ـ مع تخريج محققه ـ ط. الرشد ـ (1/ 251) رقم (12)، تخريج المحقق لـ «سنن أبي داود» ـ ط. الرسالة ـ (4/ 320) حديث (2684)، «أنساب الأشراف» للبلاذري (1/ 359) رقم (748)، «شرح مشكل الآثار» للطحاوي (1/ 133) رقم (142)، «الإنباء بأنباء الأنبياء» للقضاعي (ت 454 هـ)(ص 136)، «الدرر في اختصار المغازي والسير» لابن عبدالبر (ص 220)، «فتح الباري» لابن حجر (4/ 60).
الخلاصة:
أن فاطمة وأم كلثوم، هاجرتا مع زيد بن حارثة، وزوجه أم أيمن، وأسامة بن زيد، وأم المؤمنين سودة، ومعهم آل أبي بكر رضي الله عنهم ولم يتعرض لهم أحد.
وكان ذلك بعد مَقدَمِ النبي صلى الله عليه وسلم المدينة بنحو سبعة أشهر.
وأما زينب فحبسها زوجها أبو العاص، ثم هاجرت بعد في السنة الثانية للهجرة، فنخسَها الحويرثُ بن نُقَيذ، وهبَّارُ بن الأسود.
وقد وهم ابن هشام في «السيرة» فجعل النخس على فاطمة وأم كلثوم، ولم يتعقبه شارحه السهيلي.
وجعل الذي خرج بهما العباس بن عبدالمطلب.
وبيَّن هذا الوهم التقي الفاسي.
ومن ذلك يُعلَم خطأ ما أوردَه عَددٌ من المترجمين لفاطمة من المعاصرين، الذين ذكروا هذه القضية كما ذكرها ابنُ هشام.
(1)
(1)
أما الرافضة فرأيهم في هجرتها:
أنها هاجرت مع الفواطم، برفقة علي بن أبي طالب، وأمه: فاطمة بنت أسد بن هاشم، وفاطمة بنت الزبير.
فاعترضهم العدو، وظَهَرَتْ بَسَالَة علي رضي الله عنه.
…
وكان عمرها ثمان سنوات فقط؛ لأنهم يرون أنها ولدت بعد النبوة بخمس سنين! !
انظر: «فاطمة الزهراء من المهد إلى اللحد» للرافضي: محمد كاظم القزويني
…
(ص 113)، و «مسند فاطمة الزهراء» للرافضي: حسن التويسركاني، تحقيق وتعليق: محمد جواد الجلالي (ص 9).
14.
محبة المسلمين لها.
لم أجد أحداً من المسلمين من بدء الإسلام إلى يومنا هذا، صرَّح بما يخالف حبَّه لفاطمة وأخواتها رضي الله عنهن، فالمسلمون أجمعون يحبونهن، ويحبون أزواجَ النبي صلى الله عليه وسلم، والصحابةَ كلَّهم رجالاً ونساءً، حباً شرعياً يتقربون به إلى الله - جل وعلا -، حُبَّاً لا إفراط فيه ولا تفريط.
وأما فرقة النواصب أعداءُ آل البيت، فهم طائفة بغيضة، ظهرت فترة قليلة من التاريخ، ثم انقرضوا من قرون بعيدة ـ ولله الحمد والمنة ـ.
(1)
وكذا لم أجد من أي مذهب من المذاهب المنتسبة للإسلام مَن يبغض فاطمة، فجميع المذاهب المنتسبة للسُّنَّةِ والجماعةِ، والخارجة عنها متَّفِقَةٌ على حُبِّ فاطمة رضي الله عنها، تشهد لها بيقين أنها في الجنة، وأنها سيدة نساء أهل الجنة.
أما المستشرقون ـ يَهودٌ ونصارَى ـ فلم أقف على نقْدٍ منهم إلا من
(1)
سيأتي الحديث عنهم في المبحث الثالث من هذا التمهيد.
اثنين، أحدهما معروف عند بني قومه بالمبالغة والإفراط وهو «لامنس» ، ولم يكونوا ـ أو غالبهم ـ يرضون كتاباته، وسيأتي بيان ذلك في المبحث الخامس من هذا التمهيد.
والحقيقةُ أنَّ المدحَ أو الغلوَّ في المدحِ المتضمنَ قدحاً وفحشاً وتنقصاً وجدته في كثير من كتابات الرافضة ومؤلفاتهم عن فاطمة. وكذا في ما وجدتُ من كتب الإسماعيلية.
وسيأتي في المبحث الخامس من هذا التمهيد، ماذكره الرافضة، والإسماعيلية، والمستشرقون عن فاطمة رضي الله عنها.
هذا، ولم يعتن أحدٌ بفاطمة رضي الله عنها عنايةً صادقةً صَحِيحَةً إلا أهلَ السُّنَّةِ والجَمَاعَةِ ـ جزاهُمُ الله خيرَ الجزاء ـ.
15.
زوجها.
هو ابنُ عَمِّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: عليُّ بنُ أبي طالب بنِ عبدالمطلب بن هاشم القُرَشِيِّ، أفضلُ هذه الأمَّةِ بعد أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم.
هو رابع الخلفاء الراشدين.
قُتل شهيداً عام (40 هـ) رضي الله عنه.
أمُّه: فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف الهاشمية، وهي بنتُ عمِّ أبي طالب، كانت من المهاجرات، توفيت في حياة النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة.
قال الحافظ ابن حجر: (عليٌّ أوَّلُ الناسِ إسلاماً في قولِ كَثيرٍ مِن أهل العلم. وُلِد قبل البعثة بعشر سنين على الصحيح، فرُبِّيَ في حَجْر النبيِّ صلى الله عليه وسلم ولم يُفارِقْهُ، وشهِد معه المشاهد إلا غزوة تبوك، فقال له بسبب تأخيره له بالمدينة:«ألا ترضى أن تكون منِّي بمنزلة هارون من موسى» .
(1)
ومناقبه كثيرة، حتى قال الإمام أحمد: لم يُنقل لأَحَدٍ من الصحابة ما نُقل لعليٍّ.
وقال غيرُه: وكان سببُ ذلك: بُغض بني أمية له، فكان كلُّ من كان عنده عِلْمٌ من شيءٍ مِن مناقبِهِ مِن الصحابة يبُثُّهُ، وكلما أرادوا إخماده وهدَّدوا من حدَّث بمناقبه لا يزداد إلا انتشاراً.
وقد وَلَّدَ له الرافضةُ مناقبَ موضوعَة، هو غَنيٌّ عنها، وتتبَّع النسائيُّ ما خُصَّ به من دون الصحابة رضي الله عنهم، فجمع من ذلك شيئاً كثيراً بأسانيد أكثرها جياد.
(2)
روى عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم كثيراً.
وكان رضي الله عنه قد اشتهر بالفروسية والشجاعة والإقدام، وكان أحدَ الشورى الذين نصَّ عليهم عمرُ بنُ الخطاب رضي الله عنه.
(1)
«صحيح البخاري» رقم (3706) و (4416)، و «صحيح مسلم» رقم (2404).
(2)
انظر الباب الثاني: الفصل الثالث: المبحث الثالث: الدراسة الموضوعية.
ومن خصائص عليٍّ: قولُه صلى الله عليه وسلم يوم خيبر: «لأدفعنَّ الرَّاية غداً إلى رجُلٍ يحبُّ الله ورسولَه، ويحبُّه الله ورسولُه، يفتح الله على يديه» . فلما أصبح رسولُ الله صلى الله عليه وسلم غدوا كلُّهم يرجو أن يُعطاها، فقال
…
رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أينَ عليِّ بن أبي طالب» ؟ فقالوا: هو يشتكي عينيه، فأُتيَ به فبصَقَ في عينَيه، فدعا له فبرَأَ، فأعطاهُ الرَّايةَ».
(1)
).
(2)
وهو مِن الذين بشَّرَهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم بالجنة.
ففاطمةُ، وأمُّها، وزوجُها، وولدَاها: الحسنُ والحسينُ، كلُّهم مِن المبشَّرِينَ بالجنة رضي الله عنهم.
16.
زواجها.
لم يتيسر الزواج لفاطمة في مكة، لشدة أذى المشركين للنبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، وهجرة بعضهم للحبشة، وحصار بني هاشم في الشِّعْب، ثم موت خديجة رضي الله عنها، ولما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم تقدَّم
(1)
«صحيح البخاري» رقم (3009) و (3701) و (4209) و (4210)، و «صحيح مسلم» رقم (2406).
(2)
«الإصابة في تمييز الصحابة» لابن حجر (4/ 464) ـ باختصار ـ. وانظر في ترجمته
…
ـ أيضاً ـ: «تاريخ الإسلام» للذهبي (2/ 350).
وفي فضائله: «الأحاديث الواردة في فضائل الصحابة» د. سعود الصاعدي (4/ 324 وما بعدها) و (6/ 145) و (7/ 5).
لخطبتها أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فاعتذر لهما النبي صلى الله عليه وسلم بأنها صغيرة أي بالنسبة لهما، ثم خطبها عليٌّ، فاستأذنَها النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فقبِلَتْ، ثم زوَّجها ـ وكان عمرها نحو عشرين سنة ـ.
وكانت الخِطبة في السنة الأولى من الهجرة، والبناء بها بعد غزوة بدر وقبل أُحُد، أي في آخر السنة الثانية أو أوائل السنة الثالثة.
وقد نبَّه عَددٌ من الحفاظ كابن حبان، وابن ناصر الدين الدمشقي، وابن كثير إلى كثرةِ المرويات المكذوبة في زواج فاطمة رضي الله عنها.
كان مهرُها رضي الله عنها أربعمئة وثمانين درهماً، قوَّتها الشرائية في ذلك الزمن (48) شاةً.
وكان جهازها: خَميلاً، وهو كِسَاءٌ فيه لِين. وقِربةً، وفي رواية سِقاء. وَوِسادةً من جِلْد حشْوُها لِيفُ الإذْخِر. ورَحْيَيْن، تثنية رحى، وهي: التي يُطحن بها. وجرَّتين وهما إناءان من فَخار، ويُقال أيضاً: سريراً مُزيَّناً بحِبال من خُوص أو لِيف. وإناءً من جِلْد. وقِطعةً من أقط.
يُروى عند البناء بها أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم مجَّ في ماء، ثم صبَّ على فاطمة وعلي رضي الله عنهما، ودعا لهما بقوله:«اللهم بارك فيهما، وبارك عليهما، وبارك لهما في نَسلهما» .
بَنَى بها عليٌّ رضي الله عنه في منزلِه وكان بعيداً عن منزل النبي صلى الله عليه وسلم، ثم حوَّلها صلى الله عليه وسلم إلى بيتٍ مجاور له من الجهة الشمالية،
وكان لحارثة بن النعمان رضي الله عنه.
أوْلَمَ عليٌّ رضي الله عنه في زواجِه، وساعدَه النبيُّ صلى الله عليه وسلم بآصُعٍ من تمر وشعير، وكذا ساعدَه الصحابةُ رضي الله عنهم، فقدَّمَ سعدُ بنُ معاذ كَبشاً، وقدَّم الأنصارُ آصُعَاً من ذُرَةٍ.
الصحابة رضي الله عنهم، بل كلُّ مُسلِمٍ يغبطُ أصهارَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لِقُربِهم من النبي صلى الله عليه وسلم خاصةً علياً لزواجه بأفضل بنات النبي صلى الله عليه وسلم، وبقاءِ نَسْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم منها، وكان عليٌّ رضي الله عنه يفخر بهذه المصاهرة، وحُقَّ له.
17.
من علاقتها مع زوجها:
أـ خدمتُها لِزَوجِها، وصَبرُهَا على ضِيق العَيشِ معه.
يقع بين علي وفاطمة ما يقع بين الزوجين، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قريباً منهما، زيارة وتربية وإصلاحاً ونصحاً.
كانت فاطمة رضي الله عنها خير زوج، صبرت وصابرت على شظف العيش، وخِدمَتِها لزوجها وصبيانها، وفي فترات لم يكن لها خادم يخدمها، ولم يُقدِّمها النبيُّ صلى الله عليه وسلم على حاجة المسلمين حينما جاءه السبي، وأرشدَها وزوجَها إلى خَيرٍ مُعِين لهما، وهو الذكر عند النوم من التسبيح والتحميد والتكبير.
ب: كان عليٌّ رضي الله عنه يستحي أنْ يسأل النبي صلى الله عليه وسلم في بعض شؤونه الخاصة لمكانته من فاطمة رضي الله عنها.
كان عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه يستحي من سؤال النبي صلى الله عليه وسلم بعض الأسئلة لأن زوجَه: فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم.
قال رضي الله عنه: كنت رجلاً مَذَّاءً وكنت أستحي أنْ أسألَ النبي صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته، فأمرتُ المقدادَ بن الأسود فسألَه فقال:«يَغسِلُ ذكرَه، ويتوضأ» .
وفي لفظ: مِن أجل فاطمة.
(1)
18.
أولادها.
أولادها: الحسن، والحسين
(2)
، ومحسِّن، وأم كلثوم، وزينب رضي الله عنهم.
وَلَدَتْ الحسن: في النصف من شهر رمضان، (سنة 3 هـ).
ووَلَدَتْ الحسين: لخمس ليال خلون من شعبان، (سنة 4 هـ).
وأمَّا أمَّ كلثوم: فلَمْ يُحَدَّدْ بالضبط تاريخُ ولادتها، قال ابن عبدالبر:
(1)
«صحيح البخاري» رقم (269) و (132)، «صحيح مسلم» رقم (303)
…
ـ واللفظ له ـ.
(2)
انظر الأحاديث الواردة في فضائلهما: «الأحاديث الواردة في فضائل الصحابة» د. سعود الصاعدي (4/ 430 وما بعدها). و «الأحاديث الواردة في شأن السبطين الحسن والحسين جمعاً وتخريجاً ودراسة» د. عثمان الخميس.
وُلِدَتْ قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم. وقال الذهبي: (وُلِدَتْ في حدود سنة ست من الهجرة، ورأَتْ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ولم تَروِ عنهُ شيئاً).
وهي التي تزوَّجَها عمرُ بنُ الخطاب رضي الله عنهما، وولَدَتْ له: زيداً ورُقَيَّة ـ وليس لهما عقِب ـ.
وتزوجها بعدَه: ابنُ عمِّهَا: عون بنُ جعفر بنِ أبي طالب، فمات عنها.
ثم تزوجها بعده أخوه: محمد، فمات عنها.
ثم تزوجها بعده أخوه: عبدُالله بن جعفر، فماتت عنده، ولم تَلِد لأحَدٍ من الثلاثة شيئاً.
وأما زينب: فكذلك لم يُحَدَّد تاريخ ولادتها، قال ابن الأثير:(وُلِدَتْ في حَيَاتِهِ، ولم تَلِدْ فاطمةُ بنتُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بعدَ وفاتِهِ شيئاً).
وقد تزوَّجَها ابنُ عمِّها: عبدُالله بن جعفر بنِ أبي طالب بن
…
عبد المطلب، فولدَتْ لهُ:
عَلِيَّاً، وعَونَاً الأكبر، وعبَّاسَاً، ومحمَّدَاً، وأمَّ كلثوم.
وأما مُحَسِّن: فقد قال يونس بن بُكير، سمعت محمد بن إسحاق يقول: فولَدَتْ فاطمةُ لعليٍّ: حسَناً وحُسَيناً ومُحَسِّناً، فذَهَبَ مُحسِّنٌ صغيراً، وولدت له أم كلثوم وزينب.
وذكر ابن حزم (ت 456 هـ) المحسِّن من أولاد علي، قال: ولا عقب له، مات صغيراً جداً، إثر ولادته.
عقَّ النبي صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين، وكان يحبهما ويلاطفهما.
كانت فاطمة تلاعب صبيانها، من ذلك ما روي أنها كَانَتْ تَنْقُزُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وَتَقُولُ:
«بِأَبِي شَبَهُ النَّبِيِّ * لَيْسَ شَبِيهَاً بِعَلِيٍّ» .
لم يصح أنَّها طلَبَتْ من أبيها صلى الله عليه وسلم أنْ يورِّثَ ابنَيْها الحسنَ والحُسَين.
19.
عقبها.
أبدأُ بالحديثِ إجمالاً، ثم أُثَنِّي بالتفصِيلِ والنُّقُول.
الهاشميون الموجود الآن، هم: الطالبيون، والعباسيون، وهم:
1 ـ آل علي، وجعفر، وعقيل، أبناء أبي طالب.
2 ـ آل العباس بن عبدالمطلب. رضي الله عنهم
- انحصر عقب فاطمة رضي الله عنها في ذرية الحسن، والحسين، وزينب من عبدالله بن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنهم.
وهم الآن عددٌ غفير، في: الحجاز، ونجد، وجازان، واليمن، والشام، ومصر، وشمال أفريقيا، وغيرها.
لهم كتُبٌ، وسِجِلاتٌ، وضُبُوطٌ، ومُشَجَّرَاتٌ، وعِنَايةٌ دَقِيقَةٌ في ضَبْطِ أنسَابِهم، فمِن الصعوبةِ جداً دخولُ أفرَادِ فيهم أو خروجُ أفراد منهم؛ لِدِقَّةِ الضبطِ، وامتدادِ التدوِينِ، وعدَمِ انقطَاعِهِ، أباً عن جَدٍّ مِن وقتنا هذا إلى الحسن والحسين، بخلاف عامة الأنساب من غير آل البيت، فقد وقَفَ تدوينها قبل سبعة أو ثمانية قرون تقريباً، والثابت يقيناً ـ لا شكَّ فيه ـ استمرار ربط الأفخاذ بالقبائل الأولى، فلم يؤثِّر انقطاعُ التدوين الشامل في ضبط النسب ـ يقيناً ـ، بل أثَّر في وَصْلِهِ أبَاً عن جَدِّ إلى القرون الأولى في الإسلام.
وهذا الاتصال ميزة عظيمةٌ لأنسَاب الأشراف الهاشميين من السبطين، وغيرهما.
(1)
(1)
تحدث عدد من المتأخرين المهتمين بالأنساب عن هذا الانقطاع التسلسلي.
وانظر للفائدة كتاب: «عناية العرب بأنسابهم وسبقهم في ضبطَها وحفظَها سائرَ الأمم» ط. دار الصديق 1435 هـ.
وكتاب: «عناية أشراف الحجاز بأنسابهم، والمصنفات التي اعتنت بتدوينها، ويليه عناية الحافظ التقي الفاسي بأنساب الحسنيين من أشراف الحجاز» ط. مؤسسة الريان في بيروت، ط. الثانية 1431 هـ.
كلاهما للشيخ البحاثة النسابة: أبي هاشم، إبراهيم بن منصور الهاشمي الأمير.
وعن «نقابة الأشراف» في التاريخ، انظر:«دراسات في أهل البيت النبوي» د. خالد بن أحمد الصمي بابطين (ص 76 ـ 78).