الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
20.
علمها.
أما
عِلمُ فاطمة رضي الله عنها
-، فلا شك أنه في الدرجة العالية، وقد حَفِظتْ كثيراً من أقوال وأفعال وهدي أبيها صلى الله عليه وسلم منذ أن عقلت نفسها إلى وفاته صلى الله عليه وسلم، لكنها لم تحدِّثْ به كثيراً؛ لِعَدَمِ احتياجِ الناس إليها، فبيتُهَا مجاوِرٌ لأبيها، والناس يسألون والدَها صلى الله عليه وسلم ويروون عنه، ولم تفارق المدينة النبوية ـ إلا مع أبيها ـ فلم يحتَج الناسُ لسؤالها وحديثِها، ولم تَطُلْ مُدَّتُها بعد أبيها صلى الله عليه وسلم، فقَد ماتَتْ بعده بستة أشهر، وربما لو قُدِّر لها العمرُ المديد، لنَشَرَتْ علماً غزيراً كما نشرَتْ أزواجُ النبي صلى الله عليه وسلم عائشة وغيرُها.
لم يَروِ أحدٌ من أولادِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم عنه غيرُ فاطمة ـ حسب المصادر، مع اليقين بتلقيهن علماً كثيراً عن والدِهن صلى الله عليه وسلم ـ.
ذكَرَ المِزِّيُّ (742 هـ) رحمه الله في ترجمتها: أنه روى لها الجماعة أي أصحاب الكتب الستة.
وقال:
[روَتْ عن: النبي صلى الله عليه وسلم (ع).
روى عنها: أنس بن مالك (خ)، وابنها الحسين بن علي بن أبي طالب (ق)، وأبوه علي بن أبي طالب، وسلمى أم رافع زوج أبي رافع، وعائشة أم المؤمنين
(ع)، وفاطمة الصغرى بنت الحسين بن علي بن أبي طالب (ت ق) مرسلاً، وأم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم (ت)].
(1)
ذكرتُ في أول الباب الثالث: مسندها، مَن له رواية عنها في كتب السُّنَّةِ ـ وإن كان بعضُهم أو غالِبُهم لم يُدرِكْها ـ وقد بلغَ عددهم:(27) سبعة وعشرون راوياً.
قال الذهبي: (ولها في «مسند بَقِي»: ثمانية عشر حديثاً، منها حديث واحِدٌ متفَقٌ عليه).
(2)
هذا، وقد بلغت أحاديث مسندها كما في الباب الثالث:(49) حديثاً:
في الصحيحين أو أحدهما: (3) أحاديث.
في السنن الأربع: (4) أحاديث.
في مسند أحمد: (4) أحاديث.
في بقية كتُبِ السُّنَّةِ: (35) حديثاً.
في كتب التاريخ: (1) حديث واحد ـ وهو رقم (46) في
…
لم أجد له إسناداً: (2) حديثان ـ وهما رقم (47) و (48) في
…
المجموع: (49) تسعة وأربعون حديثاً.
الصحيح منها: (3) أحاديث.
والحسن: (2) حديثان، وثالث محتمل التحسين.
والضعيف: (17) حديثاً، وواحد محتمل التحسين.
والضعيف جداً: (13) حديثاً.
والموضوع: (14) حديثاً.
هذا، وقد ذمَّتْ الرافضةُ أهلَ السنة والجماعة بقلة أحاديث فاطمة عندهم! ! مع أنها
(1)
عند أهل السنة بأسانيد متصلة، أمَّا هُم فلايملكون حديثاً واحداً بإسناد متصل! !
وانظر هذه المسألة في الباب الثاني: الفصل الرابع: المبحث الأول.
(1)
أعني أحاديث فاطمة الواردة في شأنها: سيرتها، وفضائلها، ومسندها.
21.
فضائلها، وخصائصها
قال المزي (ت 742 هـ) رحمه الله: (ومناقبها، وفضائلها كثيرةٌ جداً رضي الله عنها وأرضاها).
(1)
قال الذهبي (ت 748 هـ) رحمه الله: (وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحبُّها ويكرِمُها ويُسِرُّ إليها.
(2)
ومناقبها غزيرة.
وكانت صابرةً، ديِّنةً، خيرةً، صيِّنَةً، قانِعَةً، شاكِرَةً لله).
(3)
والباب الثاني كلُّه في فضائلها ومناقبها، وهو في خمسة فصول، في كل فصل عدة مباحث.
من أبرز مناقبها وخصائصها:
أنها سيدة نساء هذه الأمة، وسيدة نساء أهل الجنة، وسيدة نساء العالمين، وقد بُشِّرَتْ بالجنة، وكذا زوجُها، وابنَاها، وأمُّها رضي الله عنهم.
ومن خصائصها أن عقِب النبي صلى الله عليه وسلم انحصر في ولدها، فمِنْهَا امتدادُ ذريته صلى الله عليه وسلم مِن بَعده، وأن المهدي المنتظر عند أهل السنة والجماعة من ولد الحسن بن علي رضي الله عنهما.
ومن ذلك: إسرار النبي صلى الله عليه وسلم لها بقرب أجله، وأنها أول أهله
(1)
«تهذيب الكمال» (35/ 251)، «تهذيب التهذيب» (12/ 442).
(2)
كان تمييز النبي صلى الله عليه وسلم، وإسراره لها، بعد وفاة أخواتها، وانفرادها.
(3)
«سير أعلام النبلاء» (2/ 119).
لحاقاً به.
ومن خصائصها: أنها أكثر ملازمة للنبي صلى الله عليه وسلم من بقية أخواتها، لتأخر زواجها عن أخواتها، وبقائها وحيدة بعد وفاة أخواتها، وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.
وكذا حضورها عند أبيها في غزوة أحد، حينما عالجت الدم الذي سال على وجهه الشريف، وكانت معه في عمرة القضاء، وسترته حينما اغتسل بعد فتح مكة، وكانت معه في حجة الوداع، وكان بيتُها مجاوراً بيت والدها صلى الله عليه وسلم.
فقد شهدت مراحل الدعوة الإسلامية كلَّها من بدئها إلى وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد نوَّه بذكرها في مواطن: في مكة على الصفا: يافاطمة سليني من مالي، لا أغني عنك من الله شيئاً، وفي خُطبتِه: لو أن فاطمة بنت محمد سرقَتْ لقطعتُ يدها. وفي خُطبته ـ لما أراد عليٌّ أن يتزوج عليها ـ: فاطمةُ بَضعَةٌ مِنِّي، يُريبني ما يُريبُها.
ومن مناقبها: شبهها بأبيها في حديثها، ومشيتها، وصدق لهجتها، وغير ذلك.
(1)
(1)
ذكر الشبلي الدمشقي (ت 796 هـ) في «محاسن الوسائل في معرفة الأوائل» (ص 236) أن فاطمة رضي الله عنها هي أولُ امرأةٍ ولدَت خَليفتين: ولدَتْ الحسن والحسين رضي الله عنهما، وبويع لهما بالخلافة). انتهى. قلتُ: فيه نظر، لم يُبَايَع الحسين بالخلافة!