الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أقوال أئمة الاعتقاد في آل البيت:
قال أبو جعفر الطحاوي (ت 321 هـ) رحمه الله: (ونُحبُّ أصحابَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، ولا نُفْرِطُ في حُبِّ أحَدٍ مِنهُم؛ ولا نَتَبَرَّأُ مِن أحَدٍ منهم، ونُبغِضُ مَنْ يُبغِضُهُمْ، وبِغَيرِ الخَيرِ يذكُرُهم، ولا نَذكُرُهم إلا بِخَيرٍ.
وحُبُّهُم دِيْنٌ وإيمَانٌ وإحسَانٌ، وبُغْضُهُمْ كُفْرٌ ونِفَاقٌ وطُغْيَانٌ
…
ثمَّ ذكر الطحاويُّ الخلفاءَ الراشِدِينَ، والعشرَةَ المبشَّرِينَ بالجنة، ثُمَّ قَال:
ومَنْ أحسَنَ القولَ في أصحَابِ رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، وأزوَاجِهِ الطاهِرَاتِ مِنْ كُلِّ دَنَسٍ، وذُرِّيَّاتِه المقَدَّسِينَ مِنْ كُلِّ رِجْسٍ؛ فَقَدْ بَرِئَ مِنْ النِّفَاقِ).
(1)
قال أبو بكر الآجري (ت 360 هـ) رحمه الله: (باب إيجاب حبِّ بني هاشم أهلِ بيت النبي صلى الله عليه وسلم على جميع المؤمنين.
واجبٌ على كلِّ مؤمن ومؤمنة محبةُ أهلِ بيتِ رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
بنو هاشِمٍ، عليُّ بنُ أبي طالب وولدُه وذُرِّيَّتُهُ، وفاطمةُ وولَدُهَا وذُرِّيَّتُهَا، والحسَنُ والحسَينُ وأولادُهُمَا وذُرِّيَّتُهُمَا، وجعفرُ الطيَّارُ ووَلَدُهُ وذُرِّيَّتُهُ، وحمزَةُ ووَلَدُهُ، والعبَّاسُ ووَلَدُهُ وذُرِّيَّتُهُ ، رضي الله عنهم ، ...................
(1)
«شرح العقيدة الطحاوية» لابن أبي العز الحنفي (2/ 689).
هَؤلاءِ أهلُ بيتِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ،
(1)
واجبٌ على المسلمين
(1)
وكذا زوجاته أمهات المؤمنين، وآل الحارث بن عبدالمطلب.
قال ابن حجر في «فتح الباري» (7/ 78 ـ 79): (قرابة النبي صلى الله عليه وسلم يريد بذلك مَن يُنسب إلى جدِّه الأقرَب وهُو: عبد المطلب، ممن صحِبَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم منهم، أو مَن رآه مِنْ ذكرٍ وأُنْثَى، وهُم:
علي، وأولاده: الحسن، والحسين، ومُحسِّن، وأم كلثوم، من فاطمة عليها السلام.
وجعفر، وأولاده: عبد الله، وعون، ومحمد، ويقال: إنه كان لجعفر بن أبي طالب ابن اسمه: أحمد.
وعقيل بن أبي طالب، وولده: مسلم بن عقيل.
وحمزة بن عبد المطلب، وأولاده: يعلى، وعمارة، وأمامة.
والعباس بن عبد المطلب، وأولاده الذكور عشرة، وهُم: الفضل، وعبد الله، وقُثَم، وعُبيد الله، والحارث، ومعبد، وعبد الرحمن، وكثير، وعون، وتمَّام، وفيه يقول العباس:
تمُّوا بتمَّامٍ فصاروا عشرَه
…
ياربِّ فاجعلَهُمْ كِرَامَاً برَرَهْ
ويقال: إنَّ لكلٍّ منهم رِوَايَةٌ.
وكان له من الإناث: أم حبيب، وآمنة، وصفية، وأكثرهم من لبابة أم الفضل.
ومعتِّب بن أبي لهب، والعباس بن عُتبة بن أبي لهب ـ وكان زوج آمنة بنت العباس ـ.
وعبد الله بن الزبير بن عبد المطلب، وأختُه ضُبَاعَة ـ وكانت زوج المقداد بن الأسود ـ.
وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، وابنُه: جعفر.
ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب، وابناه: المغيرة، والحارث، ولعبد الله بن الحارث هذا رواية، وكان يلقب بَبَّه ـ بموحدتين الثانية ثقيلة ـ.
وأميمة، وأروى، وعاتكة، وصفية بنات عبد المطلب؛ أسلمت صفية وصحِبَتْ، وفي الباقيات خلاف، والله أعلم). انتهى من «فتح الباري» .
تنبيه: سقط ذكر زينب بنت علي من فاطمة، فلعله من الطابع.
وانظر في المسألة: «استجلاب ارتقاء الغُرف» للسخاوي (1/ 227).
محبَّتُهم وإكرامُهم واحتمالهم، وحُسن مداراتهم، والصبرُ عليهم، والدعاءُ لهم، فمَن أحسن مِن أولادِهم وذرارِيهم، فقد تخلَّق بأخلاق سلفِهِ الكرام الأخيار الأبرار، ومَن تخلَّق منهم بما لا يَحسُن مِن الأخلاق، دُعِيَ له بالصلاح والصيانة والسلامة، وعاشَرَهُ أهلُ العقل والأدب بأحسن المعاشرة، وقيل له: نحنُ نجلُّكَ عن أن تتخلَّقَ بأخلاق لا تُشبِهُ سلَفَكَ الكرام الأبرار، ونغارُ لمثلِكَ أن يتخلَّقَ بما تعلَمُ أنَّ سلفَكَ الكرام الأبرار لا يَرضَون بذلك، فمِن محبَّتِنَا لكَ أنْ نُحبَّ لكَ أنْ تتخلَّقَ بما هُو أشبَهُ بكَ، وهي الأخلاق الشريفة الكريمة، والله الموفق لذلك).
(1)
وقال الآجري في موضع آخر بعد ذكره «حديث غدير خُم» : (واجبٌ على كل مسلم أن يتمسَّكَ بكتاب الله عز وجل ، وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وسُنَّةِ الخلفاء الراشدين المهديين ، وبمحبَّتِهم وبمحبةِ أهلِ بيته الطيبين، والتعلُّق بما كانوا عليه من الأخلاق الشريفة، والاقتداء بهم رضي الله عنهم ، فمَن كان هكذا ، فهو على طريق مستقيم).
(2)
(1)
«الشريعة» للآجري (5/ 2276).
(2)
«الشريعة» للآجري (5/ 2222).
قال أبو بكر البيهقي (ت 458 هـ) رحمه الله: (ومن تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم تعظيم أهل بيته، وتعظيم أولاد المهاجرين، والأنصار، وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «قدِّمُوا قريشاً، ولا تقدَّمُوها». وما ذاك إلا أنه صلى الله عليه وسلم منهم).
(1)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (ت 728 هـ) رحمه الله في عقيدته الواسطية بعد بيان فضل الصحابة رضي الله عنهم:
(ويحبُّونَ أهلَ بيتِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، ويتولَّونَهُم، ويَحفظُونَ فيهم وَصِيَّةَ رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم؛ حيثُ قالَ يومَ غَديرِ خُم:«أُذَكِّرُكمُ اللهَ في أهل بيتي، أُذَكِّرُكمُ اللهَ في أهل بيتي» .
وقال أيضاً للعبِّاس عمِّه، وقد شكَا إليه أنَّ بعضَ قريش يَجفُو بَنِي هاشِمٍ؛ فقال:«والذي نفسي بيده؛ لا يؤمنون حتى يحبوكم للهِ ولقرابتي» .
ويَتَولَّونَ أزواجَ رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أُمَّهَاتِ المؤمنين. ويُقِرُّونَ: بأنَّهُنَّ أزوَاجُهُ في الآخِرَةِ، خُصُوصَاً:«خديجةَ» أمَّ أكثرِ أولادِه، وأوَّلَ مَنْ آمَنَ
(1)
«الجامع لشعب الإيمان» للبيهقي (3/ 156).
بِهِ وعَاضدَهُ على أمرِهِ، وكان لها منْهُ المنزِلَةَ العَلِيَّةَ.
«والصدِّيقَةَ بنتَ الصِّدِّيقِ» التي قال فيها النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «فَضْلُ عائشةَ على النِّسَاءِ كفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلى سائِرِ الطعَامِ» .
ويَتبرَّؤونَ مِن: طريقةِ «الروافِضِ» الذين يُبغِضُونَ الصحَابةَ ويَسُبُّونَهُمْ.
وطَريقَةِ «النَّواصِبِ» ، الذين يُؤذُونَ «أهلَ البيت» ، بقَولِ أو عَمَلٍ.
ويُمسِكُونَ عمَّا شجَرَ بينَ الصحَابَةِ. ويقُولُونَ: إنَّ هذهِ الآثارَ المروِيَّةَ في مَسَاوِيهِم:
منها: ما هُوَ كَذِبٌ.
ومنها: ما قَدْ زِيدَ فيه ونُقِصَ، وغُيِّر عَن وَجْهِهِ.
وعامَّةُ الصحيحِ منه: هُم فيهِ مَعذُورُونَ: إمَّا مجتهِدُونَ مُصِيبونَ.
وإمَّا مجتهِدُونَ مخطِئُونَ.
وهُمْ مَع ذلك لا يعتِقُدُونَ أنَّ كُلَّ واحِدٍ مِن الصحَابَةِ مَعصُومٌ عَن كبَائِرِ الإثمِ وَصغَائِرِهِ.
بَلْ تجُوزُ عَلَيهِم الذنُوبُ في الجمْلَةِ.
ولهمْ من السَّوابِقِ والفَضَائِلِ ما يُوجِبُ مَغفِرَةَ مَا يَصْدُرُ مِنْهُمْ
…
ـ إنْ صَدَرَ ـ، حتَّى إنَّه يُغفَرُ لهمْ مِن السيِّئَاتِ مَا لا يُغفَرُ لمنْ بَعدَهُم، لأنَّ لهُم من الحسَناتِ التي تمحُو السَّيِّئاتِ ما لَيسَ لمن بَعدَهُمْ ....
إلى أنْ قَالَ رحمه الله:
ومَنْ نظَرَ في سِيْرَةِ القَوْمِ
(1)
بِعِلْمٍ وعَدْلٍ وبَصِيرَةٍ، ومَا مَنَّ الله عليهم بِهِ مِن الفَضَائِلِ؛ عَلِمَ يَقينَاً أنَّهُم خَيرُ الخَلْقِ بَعْدَ الأنبِيَاءِ، لا كَانَ ولَا يَكُونُ مثلَهُم، وأنَّهُمْ الصَّفْوَةُ مِن قُرونِ هذِهِ الأمَّة التِي هِيَ خَيرُ الأُمَمِ، وأكرَمُهَا عَلى الله).
(2)
قال الشيخ: محمد العثيمين رحمه الله: (أي: ومِن أصولِ أهلِ السُّنَّةِ والجماعَةِ أنهم يحبُّونَ آلَ بيتِ رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم؛ يحبُّونَهم لأمرَين:
(1)
أي الصحابة رضي الله عنهم.
(2)
«العقيدة الواسطية» ـ تحقيق علوي السقاف ـ (ص 127 ـ 131)، وانظر شرحها من كلام ابن تيمية نفسه، في «شرح العقيدة الواسطية من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية» جمعه ورتَّبه: د. خالد المصلح (ص 188 ـ 198)، وانظر:«شرح العقيدة الواسطية» للعثيمين (2/ 247 ـ 275)، «اللآلئ البهية في شرح الواسطية» لصالح آل الشيخ (2/ 369).
فائدة: من خلال بحثي واطلاعي رأيتُ أنَّ أكثرَ أئمةِ أهلِ السُّنةِ بياناً لحقِّ ومكانةِ آل البيت، والدفاعِ عنهم، هو: شيخ الإسلام ابن تيمية في مواضع عديدة من كتبه، وهو أكثر الأئمة وُجِّه إليه اتِّهامٌ من لَدُنِ الرافضة بالنَّصْبِ والعداءِ لآلِ البيت؛ لأنَّ «منهاج السنة» آلَمَهُم، وفضَحَ كَذِبَهم وادِّعاءَهم الانتسابَ إلى آلِ البيت.
انظر مجموعَ كلامِ ابن تيمية في الكتابين التاليين: «أهل البيت عند شيخ الإسلام ابن تيمية» د. عمر القرموشي، و «جهود ابن تيمية في الدفاع عن آل البيت» د. خالد بن محمد الرباح ـ وهي رسالة ماجستير من جامعة الإمام في الرياض ـ وكلاهما مطبوعان.
للإيمانِ، وللقَرابةِ من رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، ولا يكرهُونَهم أبدَاً ..... فنحنُ نحبُّهم لِقَرَابَتِهِم من رسُولِ الله عليه الصلاة والسلام، ولإيمانِهمْ بالله.
فإنْ كفَرُوا؛ فإننا لا نُحِبُّهم، ولَو كانوا مِن أقارِبِ الرسولِ عليه الصلاة والسلام؛ فأبو لهبٍ عمُّ الرسولِ عليه الصلاة والسلام لا يجوزُ أن نُحبَّه بأي حالٍ من الأحوالِ، بَلْ يجبُ أنْ نكرَهَهُ؛ لِكُفرِهِ ولإيذائِهِ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، وكذلك أبو طالب؛ يجبُ علينا أن نكرَهَهُ لِكُفْرِهِ، لَكِنْ نُحِبُّ أفعالَهُ التي أسدَاها إلى الرسول عليه الصلاة والسلام من الحماية والذبِّ عنه.
فعقيدةُ أهلِ السُّنِّةِ والجماعة بالنسبَةِ لآلِ البيت: أنهم يحبُّونَهُم، ويتولَّونَهُمْ، ويَحفَظُونَ فيهم وصيةَ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم في التذكير بهِم، ولا يُنزِلُونَهُمْ فوقَ مَنزِلَتِهُمْ، بل يتبرؤون ممن يغلُونَ فيهم، حتَّى يُوصِلُوهُم إلى حَدِّ الألُوهِيَّةِ؛ كما فعَلَ عبدُالله بن سَبَأٍ في عَليِّ بنِ أبي طالب حينَ قال له:
…
أنتَ الله! والقصةُ مَشهُورَةٌ).
(1)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (ت 728 هـ) رحمه الله: في حديثه عن الصلاة على آلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: (فهذه الصلاةُ لجميعِ آلِ محمدٍ لا تختصُّ بصالحِيهم، فَضلاً عن أنْ تختصَّ بمِن هُو مَعصُومٌ، بَلْ تتناوَلُ كُلَّ مَن دخَلَ في آلِ محمد، كما أنَّ الدعاءَ للمؤمنين والمؤمناتِ، والمسلمينَ والمسلماتِ يتناوَلُ كُلَّ
(1)
«شرح العقيدة الواسطية» للعثيمين (2/ 273 ـ 277).
مَنْ دَخَلَ في الإيمان والإسلام، ولا يلزَمُ مِن الدعاءِ لِلمؤمنينَ عُمُومَاً، ولَا لِأهلِ البيتِ عُمُوماً، أنْ يكونَ كُلٌّ مِنهُمْ بَرَّاً تَقِيَّاً، بَل الدُّعاءُ لهم؛ طَلَبَاً لإحسان الله تعالى إليهم، وتَفضُّلِهِ عليهم؛ وفَضلُ الله ـ سبحانَهُ ـ وَإِحسَانُهُ يُطلَبُ لِكُلِّ أَحَدٍ، لِكنْ يُقالُ: إنَّ هذا حَقٌّ لِآلِ محمَّدٍ أَمَرَ الله بِهِ.
ولا ريبَ أنَّ لآلِ محمد صلى الله عليه وسلم حقَّاً على الأمة، لا يَشرَكُهُم فيه غيرُهم، ويستحقون من زيادةِ المحبةِ والموالاة مَا لا يستحقُّه سائرُ بُطونِ قريش، كما أنَّ قُريشَاً يستحقُّونَ من المحبة والموالاة ما لا يَستَحِقُّه غيرُ قريشٍ من القبائل، كما أنَّ جِنسَ العربِ يستحِقُّ مِن المحبةِ والموالاةِ ما لا يَستَحِقُّه سائرُ أجناس بني آدم. وهذا على مذهبِ الجمهور الذين يَرونَ فضلَ العَرَبِ على غيرِهم، وفضلَ قُريشٍ على سائرِ العرب، وفضلَ بني هَاشمٍ على سَائر قُريشٍ. وهذا هو المنصوص عن الأئمة كأحمدَ، وغيرِه).
(1)
وقال ابنُ تيميةَ (ت 728 هـ) رحمه الله: (وأما مَن قتلَ «الحسين» ،
…
أو أعانَ على قتلِه، أو رَضِي بذلك، فعليه لعنةُ الله والملائكةِ والناسِ أجمعين؛
…
لا يقبلُ الله منه صرفَاً ولا عَدْلاً
…
وذكرَ أن محبة أهل البيت فرضٌ واجبٌ يؤجر عليه، فإنه قد ثبت عندنا في «صحيح مسلم» عن زيد بن أرقم
…
ثم ذكر حديث غدير خم، والوصية
(1)
«منهاج السنة النبوية» (4/ 598 ـ 599).
بآل البيت).
(1)
وذكر ابن تيمية أنَّ مَن أبغض آل البيت فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً).
(2)
وقال: (واتِّبَاعُ القرآنِ واجِبٌ على الأمة؛ بل هو أصلُ الإيمان وهُدَى الله الذي بعثَ بهِ رسُولَه، وكذلكَ أهلُ بيتِ رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم تجبُ محبَّتُهم، وموالاتُهم، ورِعَايَةُ حقِّهم. وهذان الثقلان اللذان وصَّى بهما رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم
…
).
(3)
قال ابن كثير (ت 774 هـ) رحمه الله: (ولا تُنكر الوصاةُ بأهلِ البيت، والأمرُ بالإحسانِ إليهم، واحترامُهم وإكرامُهم، فإنَّهم من ذُرِّيةٍ طَاهِرَةٍ، من أشرَفِ بَيتٍ وُجِدَ على وَجْهِ الأرض، فَخرَاً وحَسَبَاً ونَسَبَاً، ولا سِيَّما إذا كانوا مُتَّبِعِينَ للسنة النبويةِ الصحيحةِ الواضِحَةِ الجَلِيَّةِ، كما كانَ عليه سَلَفُهُمْ، كالعبَّاسِ وبَنِيهِ، وعَليٍّ وأهلِ بَيتِهِ وذُرِّيَّتِهِ، رضي الله عنهم أجمعين).
(4)
* * *
(1)
«مجموع الفتاوى» (4/ 487).
(2)
«مجموع الفتاوى» (4/ 488).
(3)
«مجموع الفتاوى» (28/ 491).
(4)
«تفسير ابن كثير» (7/ 201).
إنَّ أهلَ السُّنَّةِ والجماعةِ لَيرَونَ الحقَّ لآل البيت: حَقَّ الإيمان، والصُّحْبَةِ، وحَقَّ القَرَابَة والسَّبْقِ لِلْخَيرِ، ويُنزِلُونَهُم مَنزِلَتَهُم الحقيقية الشَّرعِيَّة.
يُحبُّونَهُمْ جميعاً، ويُوقِّرُونَهُم كلَّهم مِن دُونِ إفرَاطٍ ولَا تَفرِيطٍ، فَهُمْ في هذا البابِ:«آل البيت» وَسَطٌ بين الفِرَقِ الضَّالة، بين طرفَين ضالَّين: غَالِينَ وجَافِينَ، بين مُفْرِطِينَ ومُفَرِّطِينَ:
1.
الخوارج، والنواصب
(1)
الذين كفَّروا أو فسَّقوا آلَ البيت، وناصبُوهم العِدَاء.
(1)
هل يُوجَدُ النَّواصِبُ الآن؟
النواصِبُ: أعداءُ آلِ البيت، قِسمان:
المكفِّرَة: وهُم الخوارج ومنهم الإباضية، وهؤلاء موجودون.
غَيرُ المكفِّرة: كانوا موجودين في الشام، في الدولة الأموية وما بعدها، وليس لهم وجود الآن، قد انقطعوا من زمن شيخ الإسلام ابن تيمية (القرن 8 هـ).
كما ذكر ذلك ابنُ تيمية، والذهبيُّ.
انظر: «مجموع فتاوى ابن تيمية» (4/ 488)، «منهاج السنة» (4/ 146)، «سير أعلام النبلاء» (5/ 374)، «ميزان الاعتدال» (1/ 107) في ترجمة: إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، الثقة الحافظ.
وأفضلُ مَن تحدَّثَ عن هذه المسألة: د. بدر العواد في كتابه الرائع: «النَّصْبُ والنَّواصِبُ» (ص 649 ـ 654)، فارجِعْ إلَيهِ لِلاستِزَادَةِ.
2.
الرافضة الذين غَلَوا في محبَّتِهِم لآلِ البيت
(1)
،
حتى اعتقَدُوا فيهم عِلْمَهُمْ الغَيْبَ! وعِصمَتَهُم من الخطأ! وسُؤالَهم مِن دُونِ الله، وغَيْرَ ذلِكَ كَثِيرٌ.
(2)
وما حبُّهم لآلِ البيتِ إلا كَذِبٌ وتنَاقُضٌ، لأنَّهم لا يُوالُون إلا عَدَداً
(1)
ينظر: «مكانة آل البيت» د. خالد الدميجي (ص 475 و 647)، «دراسات في أهل البيت النبوي» د. خالد بابطين (ص 32)، «مسائل الاعتقاد عند الشيعة الاثني عشرية في ضوء مصادرهم الحديثية» د. محمد الندَّاف (2/ 690)، «العقيدة في أهل البيت بين الإفراط والتفريط» أ. د. سليمان بن سالم السحيمي (2/ 461)، «براءة أئمة آل البيت من عقيدة الاثني عشرية في الإمامة والصحابة» د. محمد بن حامد العجلان (1/ 297) و (2/ 5 وما بعدها).
فائدة: تنظر المؤلَّفات التي بيَّنت ضلال الرافضة في: «معجم المصنفات والردود على الشيعة الاثني عشرية» لعلي العمران، وخالد الزهراني، فقد تضمن (899) كتاباً.
(2)
«وسَطِيَّة أهل السنة بين الفرق» د. محمد باكريم (ص 477)، «العقيدة في أهل البيت بين الإفراط والتفريط» أ. د. سليمان بن سالم السحيمي، وهي رسالة دكتوراه من الجامعة الإسلامية في المدينة النبوية. ط. الأولى في مكتبة أضواء السلف في الرياض في مجلدين، عام 1425 هـ ـ والإحالات عليها ــ فانظر فيها (2/ 461)، ثم طُبِعت في مجلد واحد في دار الفضيلة في الرياض عام 1438 هـ، «الشرح الممتع» للعثيمين (4/ 293)،
…
«شرح العقيدة الواسطية» للعثيمين (2/ 76)، «فضل أهل البيت وعلو مكانتهم عند أهل السنة والجماعة» للشيخ: عبدالمحسن العباد البدر (ص 13)، «دراسات في أهل البيت» د. خالد بابطين (ص 20 وما بعدها).
يسيراً من آل البيت، ويُكفرِّون الباقين، أو يُفَسِّقُونَهم، فَهُمْ أهلُ جَفَاءٍ
(1)
وادِّعَاء.
(2)
فأسعد الناس بالأخذ بوصية النبي صلى الله عليه وسلم في آل البيت هم: أهل السُّنَّةِ والجمَاعَةِ.
قال صديق حسن خان القنوجي البخاري (ت 1307 هـ):
…
(والتجربة شاهدة بأنه ليس في الدنيا من خَلَفَهُم خِلَافَةً حَسَنَةً كما أرادَ
…
رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إلا عِصَابَةُ السُّنَّةِ وأهلُ الحدِيثِ.
بخِلافِ الخوارجِ، فإنَّهم خذَلُوا العِترة، وكذلكَ الروافض، فإنَّهم نافَقُوهُم معَ ادِّعاء المحبَّةِ والتعظِيمِ، وقَدْ كَذَّبَ فِعْلُهُم قَولَهُمْ).
(3)
قلت: بل كذَبَتْ أقوالُهُم كلُّهَا وناقضَ بعضُهَا بَعضَاً، وكذا الأفعالُ.
(1)
يُنظر في جفاءِ الرافضةَ آلَ البيت: «العقيدة في أهل البيت بين الإفراط والتفريط» للسحيمي (2/ 507 ـ 537)، «دراسات في أهل البيت النبوي» د. خالد بابطين
…
(ص 40 ـ 46)، «براءة أئمة آل البيت من عقيدة الاثني عشرية في الإمامة والصحابة» د. محمد بن حامد العجلان (2/ 93 و 327)، «مكانة آل البيت» د. خالد الدميجي
…
(ص 475).
(2)
انتساب الاثني عشرية لآل البيت كذباً وزوراً، وما فعلوا ذلك إلا لتنفيق باطلهم، لعلمهم بمحبة المسلمين لآل البيت. انظر:«مختصر الصواعق المرسلة» لابن القيم
…
ـ ط. أضواء السلف ـ (1/ 172).
(3)
«الدين الخالص» لصديق حسن خان (3/ 513).
…
وانظر: «عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة» د. ناصر الشيخ (3/ 1209).
هذا، وإنَّ استحقاقَ آلِ البيت التكريمَ والرعايةَ مَشرُوطٌ بأمُورٍ:
الإسلام، فمن لم يكن منهم مسلماً، فلا محبة ولا تقدير، كعَمِّ النبي صلى الله عليه وسلم: أبي لهب، وأبي طالب، ومَن مات على الكفر من آل هاشم.
وكذا حفظُهم حدودَ الشريعة، واستقامَتُهُم على السُّنَّةِ المطهَّرَةِ، فمَنْ اقترَفَ حَدَّاً؛ أقيمَ عليه، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم يقول:«لو أنَّ فاطمة بنتَ محمد سرقَتْ، لَقَطَعْتُ يدَها» .
(1)
ومَن نقصَ في الاستقامة وتعظيمِ الشريعة فلَهُ المحبةُ والتقديرُ والاحترامُ بحسَبَ نصِيبِهِ من الشريعة والسُّنَّةِ، محبَّةً تلِيقُ بحاله ـ لِبَقَائِهِ في الإسلام ـ، معَ نُصْحِهِ وتَذكِيرِهِ بما يَنبَغِي أنْ يَتَحَلَّى به.
(2)
والإنسانُ يَفضُلُ بإيمانِه وتقواه لا بآبائه ولو كانوا من بني هاشم.
(3)
(1)
سيأتي الحديث برقم (17).
(2)
انظر: «الحسام المسلول على منتقصي أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم» للحضرمي الشهير بِـ (بَحْرق)(ص 197)، «الدين الخالص» لصديق حسن خان (3/ 511 ـ 512 و 514)، «العقيدة في أهل البيت بين الإفراط والتفريط» للسحيمي
…
(1/ 217، 252)، «أهل البيت عند شيخ الإسلام ابن تيمية» للقرموشي
…
(ص 120 ـ 127)، «دراسات في أهل البيت النبوي» د. خالد بابطين (ص 62).
(3)
انظر: «الفَصْل في الملل والنحل» لابن حزم ـ ط. الفضيلة ـ (4/ 474)، وكلام شيخ الإسلام ابن تيمية في الباب الثاني: الفصل الخامس: المبحث الخامس.
قال النبي صلى الله عليه وسلم لابنتِه فاطمة، وعمَّتِه صفية، وآلِه الأقربين:
…
«اعملوا ما شئتم لا أُغني عنكم من الله شيئاً. أنقِذُوا أنفسَكم من النار» .
(1)
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَن بطَّأَ بِهِ عملُهُ؛ لم يُسرِعْ بهِ نسبُه» .
(2)
قال ابن الأثير: (مَن أخَّرَهُ عملُه السيئُ وتفريطُه في العملِ الصالح؛ لم يَنفعْهُ في الآخرَة شرَفُ النَّسَبِ).
(3)
قال النووي: (مَن كان عملُه ناقصاً لم يلحقه بمرتبة أصحاب الأعمال، فينبغى أن لايتَّكِل على شرف النسب وفضيلة الآباء ويقصر في العمل).
(4)
قال ابن رجب: (معناه أن العمل هو الذي يبلغ بالعبد درجات الآخرة، كما قال تعالى:{وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا}
…
(سورة الأنعام، آية 132)، فمَن أبطأ به عمله أن يبلغ به المنازل العالية عند الله تعالى، لم يسرع به نسبه، فيبلغه تلك الدرجات، فإنَّ اللهَ تعالى رتَّبَ الجزاء على الأعمال، لا على الأنساب، كما قال تعالى: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ
…
يَوْمَئِذٍ
…
وَلَا
…
يَتَسَاءَلُونَ} (المؤمنون، 101)
(1)
سيأتي الحديث برقم (19).
(2)
أخرجه: مسلم في «صحيحه» حديث رقم (2699).
(3)
«النهاية» لابن الأثير (1/ 134).
(4)
«شرح النووي على صحيح مسلم» (17/ 22).
وقد أمر اللهُ تعالى بالمسارعة إلى مغفرته ورحمته بالأعمال، كما قال: قال تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ
…
فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ} الآيتين (سورة آل عمران، آية 133 ـ 134) إلخ كلامه رحمه الله.
(1)
* * *
(1)
«جامع العلوم والحكم» لابن رجب (2/ 308).
فالخلاصة:
1.
آل البيت، هم: أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وأولاده، وبنو هاشم.
2.
الصحابة منهم، له ثلاثة حقوق: حق الإسلام، والصحبة، وآل البيت.
3.
أهل السنة والجماعة يُوجِبُون محبة آل البيت، ويرون أنها من محبة النبي صلى الله عليه وسلم، ويتولَّونهم جميعاً، بخلاف الرافضة الذين يتولون بعض آل البيت، ويُكفِّرون ويُفسِّقُون آخرين. وكذا النواصب.
4.
يرون موالاتهم ونصرتهم، ونشر فضائلهم، والدفاع عنهم، والذبِّ عن أعراضهم.
5.
يتبرأُ أهلُ السنة والجماعة من الجافين عن آل البيت، وهم: النواصب، والغالين وهم: الرافضة.
6.
يعتقد أهل السنة والجماعة أنَّ لآل البيت فضائل وخصائص وكرامة وشرفاً وسيادة، وليسوا بمعصومين كما تدَّعِيهِ الرافضة.
(1)
7.
يعرفون لهم الفضائل والحقوق الواجبة من خُمُس الخُمُس من الفيء
(1)
«شرح رياض الصالحين» للعثيمين (3/ 227).
والغنيمة، والصلاة عليهم تبعاً للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
(1)
8.
يتولون أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ويترضون عنهن جميعاً، فهُنَّ أزواجه في الدنيا والآخرة، ومن آلِ بيتِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم على الصحيح.
9.
لا يُغالون في آل البيت، فلا يرفعونهم فوق قدرهم المشروع، ولا يدَّعون لهم العصمة، فهم بَشَرٌ يُصِيبُونَ ويُخطِئون، وفيهم البرُّ والفاجر، ويتولَّونَ كلاً منهم بحسب إيمانه وصلاحه واتِّبَاعه لسُنَّةِ النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يبخسونهم ما آتاهم الله من فَضلِهِ.
10.
تفضيلُ آلِ البيت تفضيل جملة، لا يعني فَضلُهم في جميع الأحوال، وعلى كُلِّ الأشخاص، فقد يُوجَد مِن غَيرِهم مَن هو أفضلُ منهم لاعتبَارَاتٍ أخرَى من الصلاح والتقوى والنفعِ للأمة.
(2)
(1)
فائدة: ثَمَّة رسالة دكتوراه بعنوان: «الأحكام المتعلقة بآل البيت دراسة فقهية مقارنة» د. عصام بن ناهض بن محسن الهجاري الحسَنِي، ذكرها في مقدمته لكتاب
…
«غاية المهتم في مسألة الشرف من جهة الأم» . ولا أعلم الرسالة مطبوعة.
(2)
انظر: «دراسات في أهل البيت النبوي» د. خالد بابطين (ص 52)، «خلاصة الكلام في حقوق آل البيت الكرام» إعداد: وحدة البحث العلمي في إدارة الإفتاء في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في الكويت.
وانظر ــ أيضاً ــ في فضل آل البيت، وحقوقهم، وخصائصهم:«استجلاب ارتقاء الغرف بحُبِّ أقرباء الرسول صلى الله عليه وسلم وذوي الشرف» للسخاوي (1/ 392) و (2/ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 563 و 571 و 576 و 600)، «معرفة ما يجب لآل البيت النبوي من الحق على من عداهم» للمقريزي ـ طُبع بتصرف في عنوانه من الناشر، سمَّاه:«فضل آل البيت» ،
…
«البخاري وآل البيت» لأسامة محمد زهير الشنطي، عرض فيه لجهود الإمام البخاري في الحديث عن آل البيت، «الحسام المسلول على منتقصي أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم» للحضرمي الشهير بِـ «بَحْرق» (ص 193 وما بعدها)، «عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة» د. ناصر الشيخ (1/ 333)، «العقيدة في أهل البيت بين الإفراط والتفريط» للسحيمي (1/ 77، 224)، «فضل أهل البيت وعلو مكانتهم عند أهل السنة والجماعة» للشيخ: عبدالمحسن العباد البدر طبعت مفردة وفي «مجموع مؤلفات كتب ورسائل الشيخ» (6/ 83 ـ 131)، «وبل الغمام شرح عقيدة آل البيت عليهم السلام» لأحمد بن يحيى الباصم النعمي ــ من الأشراف ــ، تقديم أ. د. علي بن محمد الفقيهي، «خلاصة الكلام في حقوق آل البيت الكرام» إعداد: وحدة البحث العلمي في إدارة الإفتاء في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في الكويت، «أهل البيت عند شيخ الإسلام ابن تيمية» للقرموشي (ص 187)، «جهود أئمة الدعوة في تقرير مسائل الصحابة وآل البيت والإمامة والولاية» لماجد بن عبدالرحمن الطويل (ص 195 ـ 313)، «أحاديث الفضائل العامة لأهل البيت جمعاً وتخريجاً» لعبدالفتاح سرور، «آل البيت وحقوقهم الشرعية» لصالح الدرويش، «أهل البيت بين مدرستين» لمحمد بن سالم الخضر، «أهل البيت رضي الله عنهم في أقوال علماء أهل السنة» من إعداد ونشر: جمعية الآل والأصحاب في البحرين، «إعلام الأنام بحقوق آل البيت الكرام» لأحمد الرهوني التطواني
…
(ت 1373 هـ)، «محبة آل البيت وحقوقهم عند أهل السنة ومخالفيهم» أ. د. محمد الخميِّس، «كيف نقرأ تاريخ الآل والأصحاب؟ » لعبدالكريم بن خالد الحربي، =
مسألة: تخصيص أحد من الصحابة من آل البيت بعبارة: (عليه السلام)
(1)
والتزام ذلك.
ذكر أهل العلم أن التزام هذا الدعاء عند ذكر بعض آل البيت: كفاطمة،
= «مفاهيم حول الآل والأصحاب رضي الله عنهم» لراشد العليمي، ود. أحمد سيد، «مرحباً بأهل البيت رضي الله عنهم» لحسن الحسيني (37 صفحة)، ط. جمعية الآل والأصحاب في البحرين، «محبة أهل السنة والجماعة لآل البيت» لمحمد فوزي الغامدي، «اعتدال آل البيت ومقاومتهم لكل صور الغلو فيهم» د. حاتم العوني الشريف.
فائدة: نشرَت جمعية الآل والأصحاب في البحرين كتاباً بعنوان: «القول السديد في جهود الآل في نشر التوحيد ـ بحث روائي من كتب الإمامية ــ» = من كتب الرافضة، يقع في (106 صفحة). والهدف ــ فيما يبدو ـ: إلزام الرافضة بالعقيدة الصحيحة التي يعتقدها آل البيت المستخرجة من مصنفات الرافضة، وبنحو هذا نشرت مبرة الآل والأصحاب في الكويت. ولبعض أهل العلم رأيٌ في هذا صحة هذا المنهج والعمل؛ قالوا: لأن فيه إقراراً منا بصحة الكتب التي بين أيدهم، وعليه سيحتجون بها على أهل السنة والجماعة ـ والله أعلم بالصواب ـ.
(1)
ثَمَّةَ مسائلُ ثلاث في الموضوع: «الصلاة على غير الأنبياء» ، و «السلام على غير الأنبياء» ، وقولهم:«كرَّم الله وجهه» .
والحديث هنا عن السلام، وهو الوارد في كثير من مصنفات أهل السُّنَّة، لكنه لم يُلتزَم به، وإنما العملُ المستمر على الترضي على الصحابة. والترحُّم على من بعدهم.
وهذه الثلاث بحثَها مُطولاً د. بدر العوَّاد في كتابه «النصب والنواصب» (ص 486 ـ 497).
وعلي، والحسن، والحسين، وذريتهم، من شعار الرافضة، ولا يصح تخصيص أحد من الصحابة بذكر معيَّن، فقد تتابع السلف الصالح على الترضي على الصحابة أجمعين، والترحم على غيرهم.
قال ابن كثير رحمه الله في مَعرِض حديثه عن الصلاة والسلام على غير الأنبياء: (وقد غَلَبَ هذا في عبارةِ كثيرٍ من النُّسَّاخِ للكُتُبِ، أنْ يُفْرَدَ عليٌّ رضي الله عنه بأنْ يقال: «عليه السلام» مِن دون سائرِ الصَّحَابة، أو: «كرَّمَ الله وجهَه»؛ وهذا وإنْ كان معناهُ صَحِيحاً، لكنْ يَنبغي أن يُسَاوَى بَينَ الصَّحَابةِ في ذلك؛ فإنَّ هذا مِنْ بَابِ التعظيم والتكريم، فالشَّيخَانُ وأميرُ المؤمنين عثمان، أولى بذلك منه ـ رضي الله عنهم أجمعين ـ).
(1)
قال الشوكاني رحمه الله: (وقد جرَتْ عادَةُ جمهورِ هذه الأمة، والسوادِ الأعظمِ مِن سَلَفِهَا وخَلَفِهَا على الترضي عن الصحابة، والترَحُّمِ على من بعدهم، والدعاء لهم بمغفرة الله وعفوه
…
).
(2)
وفي «فتاوى اللجنة الدائمة» : لا أصلَ لتخصيص ذلك بعليٍّ رضي الله عنه، وإنما هُو مِنْ غُلُوِّ المتشيِّعَةِ فيه.
(3)
(1)
«تفسير ابن كثير» (6/ 478).
(2)
«فتح القدير» للشوكاني (4/ 347).
(3)
«فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء في المملكة العربية السعودية» (3/ 100، 402). وانظر: «مجموع فتاوى ابن باز» (6/ 399).
وأشار العلامة العثيمين رحمه الله إلى تخصيص الرافضة علياً بقولهم:
…
«كرَّم الله وجهه» ، وذكر أنَّ الترَضِّي أبلَغُ،
…
ثم قال:
(وأما استعمالُ بعضِ العلماء رحمهم الله لها؛ فلأنَّه قد يكون في وسَطٍ شيعي، ويريد أنْ يروِّج كتابَه، فيقول: هذه كلمةٌ حقيقيةٌ، فإنَّ اللهَ كرَّم وجهَه؛ لأنه من الصحابةِ، فيقولها مِن أجل التأليفِ والإقبالِ على مؤلَّفَاتِه، كما يصنع ذلك أحياناً الشوكانيُّ رحمه الله).
(1)
والذي يظهر ـ والله أعلم ـ أن النهي عن ذلك إذا التُزِمَ هذا الأمر عند ذكر الصحابي دوماً، أمَّا أنْ يُذكَرَ «عليه السلام» أو «عليها السلام» أحياناً، فلا بأس به، لوروده في كثير من كتب أهل السنة والجماعة.
وأما القول بأنه تَصَرُّفٌ من النُّسَّاخ، فيَردُّهُ كثرةُ وُرُودِهِ في دَوَاوِينَ أهل السُّنَّة ومصنفاتهم، مما يُستَبْعَدُ أن يكون جميعُه مِن تَوارُدِ النسَّاخِ دُونَ نَكِيرٍ من العُلَماء.
أشار إلى هذا الاستبعاد السخاوي (ت 902 هـ) أثناء حديثه عن آداب الشيخ المحدِّث، ومنها: الترضي عن الصحابة عند ورود ذِكْرِهم
قال رحمه الله: (وكذا يقعُ في كثير من الأصول القديمة، حتى في
…
«أحمد» و «أبي داود» : (عن علي عليه السلام). تاركاً لذلك في أبي بكرٍ، وغيرِه
(1)
«التعليق على صحيح مسلم» للعثيمين (9/ 190 ـ 191).
ممن هو أفضلُ منه؛ بل يقع ذلك في فاطمة الزهراء أيضاً.
وعندي توقُّفٌ في المقتَضِي للتخصيص بذلك، مع احتمال وقوعِه ممن بعدَ المُصنِّفين، ولكنَّهُ بَعِيدٌ). انتهى
(1)
ومن أمثلة وروده في دواوين السنة: ما جاء في «صحيح البخاري» وهو أكثرُ كتابٍ في السُّنَّةِ اعتنَى به العلماءُ ضبطاً وتحريراً لألفاظه، حتى الألفاظ التي لا تؤثِّر في المعنى، ومع ذلك ورد في كثير من نسخه وشروحه في مواضع عند ذكر فاطمة قوله:(عليها السلام) وليس ذلك التزاماً في كل موضع.
(2)
(1)
«فتح المغيث» ـ ط. المنهاج ـ (3/ 259 ـ 260).
وقد استبعدَ هذا أيضاً د. بدر العواد في بحثِه المطوَّل لهذه المسألة ضمن كتابه: «النصب والنواصب» (ص 486 ـ 497)، فليُرجع إليه، ويضافُ عليه قول السخاوي السابق.
وانظر في المسألة: «الأذكار» للنووي ـ تحقيق عامر ياسين ـ (ص 253)، «فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية» (4/ 497) و (27/ 411)، «منهاج السنة» (4/ 153)، «جلاء الأفهام» لابن القيم (ص 636 وما بعدها)، «فتح الباري» (11/ 170)، «الفتاوى الحديثية» لابن حجر الهيتمي (ص 100) رقم (42)، «قضاء الوطر في نزهة النظر» لبرهان الدين اللقاني (ت 1041 هـ)(1/ 372)، و «غذاء الألباب» للسفَّاريني (1/ 33)،
…
«تفسير القرآن الكريم» ـ سورة الأحزاب ـ لابن عثيمين (ص 471 ـ 472)، و «معجم المناهي اللفظية» للشيخ: بكر أبو زيد (ص 348) و (ص 454).
(2)
انظر في كتابي هذا: الباب الأول: الفصل الثالث: المبحث الخامس، حديث رقم (56). والباب الثالث: حديث رقم (2) ضمن مسند فاطمة.
فائدة:
الترضي على الصحابي (رضي الله عنه) أفضلُ وأكملُ من قولِ: (عليه السلام)؛ لأنَّ الرضا مرتبة عظيمة. قاله الإمام ابن عثيمين رحمه الله
(1)
وقال أيضاً في شرحه لِـ «صحيح البخاري» : (قولُه: «عليهما السلام» هذا لعلَّه من النُّسَّاخِ، وليس من البخاري رحمه الله؛ لأن قوله رضي الله عنهما أفضل من قوله عليهما السلام؛ لأن الرِّضَا فيه سَلامٌ وزِيَادَة، والسلامُ فيه نَفْيُ المكرُوهِ فقَط، بخلاف الرضا، فإنَّه يُثْبِتُ أمراً زائدَاً على السَّلَامِ).
(2)
* * *
(1)
«تفسير سورة الأحزاب» (ص 472)، وانظر:«التعليق على صحيح مسلم» لابن عثيمين (9/ 190 ـ 191)، «لقاءات الباب المفتوح» (4/ 184).
(2)
«شرح صحيح البخاري» للعثيمين ـ ط. مكتبة الطبري ـ (7/ 53) عند حديث رقم
…
(6725) ورد فيه: فاطمة والعباس عليهما السلام.
فائدة: لمحمد بن عبد رب الرسول الحسيني الشافعي البرزنجي (ت 1103 هـ) رسالة بعنوان: «القول المرضي في الفرق بين الصلاة والسلام والترضي» ط. في المدينة النبوية.