المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌علم مما سبق أن المغازي، والتفسير، والملاحم، تقل فيها الأسانيد الصحيحة المتصلة، فما بالك بما دونها من الآثار في سير وقصص الصحابة، ثم التابعين، ثم من بعدهم التي ترد في كتب التاريخ، وكتب من حشاها بالروايات المنكرة - فاطمة بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - سيرتها، فضائلها، مسندها - رضي الله عنها - - جـ ١

[إبراهيم بن عبد الله المديهش]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة:

- ‌حدود الكتاب:

- ‌الدراسات السابقة، والمؤلفات المفردة في فاطمة:

- ‌خطة الكتاب

- ‌تنبيهات:

- ‌ لِمَ الإطالة العلمية في موضوع فاطمة رضي الله عنها

- ‌التمهيد:

- ‌المبحث الأول:المؤلفات في فاطمة رضي الله عنها ــ عرض ونقد

- ‌القسم الأول: الكتب المطبوعة:

- ‌القسم الثاني: المخطوطات في فاطمة رضي الله عنها

- ‌المبحث الثاني:ترجمة فاطمة رضي الله عنها

- ‌سبب إيراد هذه الترجمة مع أن الكتاب كلَّه ترجمة:

- ‌ لم يبقَ شئٌ من آثار النبي صلى الله عليه وسلم الحسية

- ‌ من أوائل من دخل في الإسلام

- ‌ هل تعرَّض الحويرثُ بنُ نُقَيذ لفاطمة وأم كلثوم رضي الله عنهما عند هجرتهما

- ‌ لقَبُ الأشراف

- ‌ لقب: الحسَني أو الحُسَيني الهاشمي، أفضل وأحسن من لقب: الشريف أو السيد

- ‌حَريٌّ أن يُمنَع هذا اللقب «الهاشمي» في بلاد الإسلام إلا لآلِ النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ اللباس:

- ‌ إطلاق لفظ السيد على البشر

- ‌نكاح الفاطميات من غير الفاطميين

- ‌ عِلمُ فاطمة رضي الله عنها

- ‌ الكذب على فاطمة رضي الله عنها

- ‌ علاقتها بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ قصائد في مدح فاطمة رضي الله عنها

- ‌ منظومات لترجمة فاطمة رضي الله عنها

- ‌ من ترجم لفاطمة رضي الله عنها

- ‌المبحث الثالث:عقيدة أهل السنة والجماعة في آل بيت النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم

- ‌من أخبار السلف في تعظيم آل البيت:

- ‌أقوال أئمة الاعتقاد في آل البيت:

- ‌المبحث الرابع:عناية أهل السنة والجماعة بجمع مرويات…آل البيت وفضائلهم

- ‌ الكتب المفردة العامة في آل البيت

- ‌ الكتب المفردة في ذرية النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ الكتب المفردة في بني هاشم

- ‌المبحث الخامس:‌‌فاطمة رضي الله عنها في كتب: الرافضة،…والإسماعيلية، والمستشرقين

- ‌فاطمة رضي الله عنها في كتب: الرافضة

- ‌ فاطمة رضي الله عنها في كتب الإسماعيلية

- ‌ فاطمة رضي الله عنها في كتب المستشرقين

- ‌من كتابات المستشرقين المفردة(1)عن فاطمة رضي الله عنها

- ‌ المدرسة الاستشراقية في كتابات السيرة:

- ‌ انتبه بعضُ المستشرقين إلى الغلو والأساطير المفتعلة من الرافضة

- ‌إنَّ أسعدَ الناس بمحبة وموالاة ومتابعة آل البيت ــ ومنهم فاطمة رضي الله عنها ــ هم أهل السنة والجماعة لا غير

- ‌المبحث السادس:تطبيق منهج النقد الحديثي على مرويات السيرة،…والروايات التاريخية؛ للقبول أو الرد

- ‌ كتب التاريخ العامة ليست من عُمَد أهل السنة والجماعة في معرفة أحكام الشريعة، وفضل الصحابة وأحوالهم

- ‌«مَن وُثِّق في عِلْمٍ وضُعِّف في آخر

- ‌عُلِم مما سبق أنَّ المغازي، والتفسير، والملاحم، تَقِلُّ فيها الأسانيدُ الصحيحةُ المتَّصِلَةُ، فما بالُكَ بما دونها من الآثارِ في سِيَر وقَصَصِ الصحابة، ثم التابعين، ثم مَن بعدَهم التي تَرِدُ في كُتُبِ التاريخ، وكُتُبِ مَنْ حشَاها بالروايات المنكرة

- ‌ ذكر ابن حجر: أن المؤرِّخ لايكتفي بالنقل الشائع، لا سيما إذا ترتب على ذلك مفسدة

- ‌ليس من الصوابِ أن نُقسِّم المسألة إلى: أحاديث نبوية، وروايات تاريخية فقط، فهذا تقسيم قاصِر، بل ينبغي أن تُعرَفَ مَراتِبُ الأحاديث، والمرويات

- ‌ مرويات سيرةِ فاطمة رضي الله عنها تُعتَبَرُ من الأحاديث النبوية

الفصل: ‌علم مما سبق أن المغازي، والتفسير، والملاحم، تقل فيها الأسانيد الصحيحة المتصلة، فما بالك بما دونها من الآثار في سير وقصص الصحابة، ثم التابعين، ثم من بعدهم التي ترد في كتب التاريخ، وكتب من حشاها بالروايات المنكرة

سأل حربُ الكرماني الإمامَ أحمد عن حديث؟ فقال: (لا أصل له، وليس له إسناد يثبت).

(1)

فدَلَّتْ هذه الأمثلة على أن مراد الإمام أحمد بِـ (لا أصل له) و (لا إسناد له): أي لا إسنادَ له صَحيحٌ.

وهو استخدامُ عامَّةِ الأئمةِ المتقدِّمين.

(2)

ف‌

‌عُلِم مما سبق أنَّ المغازي، والتفسير، والملاحم، تَقِلُّ فيها الأسانيدُ الصحيحةُ المتَّصِلَةُ، فما بالُكَ بما دونها من الآثارِ في سِيَر وقَصَصِ الصحابة، ثم التابعين، ثم مَن بعدَهم التي تَرِدُ في كُتُبِ التاريخ، وكُتُبِ مَنْ حشَاها بالروايات المنكرة

.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كلامٍ له رائع: (والمراسيل إذا تعدَّدَتْ طُرُقها، وخلَتْ عن المواطأة قصداً، أو الاتفاق بغير قصد؛ كانت صحيحةً قطعاً؛ فإن النقل إمَّا أن يكون صدقاً مطابقاً للخبر، وإما أن يكون كذباً تعمَّد صاحبُه الكذِبَ أوْ أخطأ فيه؛ فمتى سَلِمَ مِن الكذب العَمْدِ والخطأ؛ كان صِدقاً بلا ريب.

فإذا كان الحديث جاء من جهتين أو جهات، وقد عُلِمَ أنَّ المُخبِرَين لم

(1)

«منهاج السنة» لابن تيمية (4/ 555).

(2)

انظر: مقدمة تحقيق الحويني لِـ «تفسير ابن كثير» (1/ 20).

ص: 492

يتواطآ على اختلاقِه، وعُلِمَ أنَّ مثل ذلك لا تقع الموافقة فيه اتِّفَاقاً بِلا قَصدٍ؛ عُلِمَ أنَّه صحيحٌ

(1)

، مثل: شخص يحدِّثُ عن واقِعَةٍ جَرَت، ويذكُرُ تفاصيلَ ما فِيهَا من الأقوال والأفعال، ويأتي شخْصٌ آخَرُ قدْ عُلِمَ أنه لمْ يُواطِئَ الأول، فيذكرُ مثلَ مَا ذكرَهُ الأوَّل من تفاصيل الأقوال والأفعال؛ فيُعلَم قطعاً أن تِلك الواقعةَ حَقٌّ في الجملة؛ فإنه لو كان كلُّ منهما كَذَبَهَا عَمْدَاً أو خطأً؛ لم يتَّفِق في العَادة أنْ يأتيَ كُلٌّ منهما بتلك التفاصيل التي تمنَعُ العَادةُ اتِّفَاق الاثنين عليها بلا مُواطَأة من أحدهما لصاحبه، فإن الرجُلَ قد يتَّفِق أن ينْظِمَ بيتاً، وينظمَ الآخرُ مثلَه؛ أو يكذبَ كذبةً، ويكذِبَ الآخرُ مثلَهَا؛ أمَّا إذا أنشأَ قصِيدَةً طويلةً ذاتَ فنونٍ على قافيةٍ ورَوِيٍّ، فَلَمْ تجرِ العادَةُ بأنَّ غيرَهُ يُنْشِئُ مثلَها لفظاً ومَعْنَى، مع الطُّولِ المفْرِطِ؛ بلْ يُعلَمُ بالعادَة أنَّه أخذَهَا منه.

وكذلك إذا حدَّث حديثاً طويلاً فيهِ فُنونٌ، وحدَّثَ آخرُ بمثلِهِ، فإنه إمَّا أنْ يكونَ واطأَهُ عليه، أو أخذَهُ منه، أو يكونَ الحديثُ صِدْقاً.

وبهذه الطريق يُعلَمُ صِدقُ عامَّةِ مَا تتعدد جهاتِهُ المختلفة على هذا الوجه من المنقولات

(2)

، وإن لمْ يكنْ أحدُها كافياً، إما لإرساله، وإما لضعف ناقله.

(1)

وانظر: «منهاج السنة النبوية» (7/ 435 ـ 436).

(2)

وانظر: «منهاج السنة النبوية» (7/ 437 ـ 442)، و «الجواب الصحيح لمن بدَّل دين المسيح» (6/ 481 ـ 496)، «مجموع الفتاوى» (22/ 418).

ص: 493

لكن مثل هذا لا تُضبَطُ به الألفاظُ والدقائقُ التي لا تُعلم بهذه الطريق، بل يُحتَاجُ ذلك إلى طريق يَثبتُ بها مثلُ تلك الألفاظ والدقائق؛

(1)

ولهذا ثبتتْ بالتواتر غزوة بَدْر، وأنها قبل أُحُدٍ، بل يُعلَمُ قطعاً أن حمزةَ وعليَّاً وعُبَيدةَ بَرَزُوا إلى عُتْبَةَ وشيبةَ والوليد؛ وأنَّ عليَّاً قتلَ الوليدَ، وأنَّ حمزةَ قتلَ قِرْنَهُ، ثمَّ يُشَكُّ في قِرْنِهِ هَل هُوَ عُتْبَةُ أو شَيْبَةُ؟

وهذا الأصلُ ينبغي أنْ يُعرف، فإنَّه أصلٌ نافعٌ في الجزم بكثير من المنقولات: في الحديث، والتفسير، والمغازي، وما يُنقَلُ من أقوال الناس، وأفعالهم، وغير ذلك.

ولهذا إذا رُوِيَ الحديثُ الذي يتأَتَّى فيه ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم مِنْ وجهينِ معَ العِلمِ بأنَّ أحدَهما لمْ يأخذْهُ عَن الآخر؛ جُزِمَ بأنَّهُ حقٌّ، لا سِيَّمَا إذا عُلِمَ أن نقَلَتَهُ ليسوا ممن يتعمَّدُ الكذِبَ، وإنما يُخَافُ على أحدهم النسيانَ والغلَط؛ فإن مَنْ عرفَ الصحابةَ: كابن مسعود، وأُبَيِّ بن كعب، وابنِ عُمَر، وجابرَ، وأبي سعيد، وأبي هريرة، وغيرهم؛ عَلِمَ يقيناً أنَّ الواحدَ من هؤلاء،

(1)

قال الشيخ ابن عثيمين في «شرحه لمقدمة التفسير» (ص 77): (المؤلف رحمه الله هنا لا يتكلَّم عن المراسيل، بل يتكلم عن هذه الحادثة التي وقعت وحصل فيها التفصيل؛ فإن الألفاظ والدقائق التفصيلية من هذه الحادثة لا تثبت بهذه الطريق، بل تحتاج إلى نقل صحيح يعتمد عليه لإثباتها

).

ص: 494

لم يكن ممن يتعمَّدُ الكذبَ على رسول الله صلى الله عليه وسلم فضلاً عمن هو فوقهم؛ كما يعلمُ الرجلُ مِن حالِ مَنْ جرَّبَهُ وخَبَرَهُ خِبْرَةً باطنةً طويلةً أنّه ليسَ ممن يسْرقُ أموالَ الناس، ويقطع الطريق، ويشهد بالزور، ونحو ذلك.

وكذلك التابعون بالمدينة، ومكة، والشام، والبصرة، فإنَّ مَن عرَفَ مثلَ أبي صالح السمَّان، والأعرج، وسليمان بن يسار، وزيد بن أسلم، وأمثالهم؛ عَلِمَ قطعاً أنهم لمْ يكونوا ممَّن يتعمَّدُ الكذِبَ في الحديث

).

(1)

ومما سبق في كلام الإمام ابن تيمية رحمه الله يتبين رجحان قبول المراسيل والمنقولات التاريخية إذا تعدَّدَتْ طُرُقُهَا، وسَلِمَ رجالها مِن الكَذِبِ، وكان فيها من التفصِيل ما لايمكن في العَادَةِ التَواطُؤ عَلَيْه.

ونجد للأئمة رحمهم الله نقداً في بعض مرويات السيرة النبوية، وكذا التاريخية، فكيف لاتُنْقَد المرويات عن الصحابة، ومَن بعدهم، خاصة إن كان لها تعلُّق بآل البيت؛ لكثرة ما وضعت الرافضة في سيرهم وفضائلهم؛

أو تضمنت أمراً منكراً، ومخالفاً للثابت المعروف، أو جرحاً في أحد الصحابة، وخيار سلف الأمة.

(1)

«مقدمة في أصول التفسير» لابن تيمية (ص 62) = «مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية» (13/ 347 ـ 349)، وشروح المقدمة السابقة: شرح الشيخ: ابن عثيمين

(ص 68)، وشرح د. مساعد الطيار (ص 184)، وشرح الشيخ: صالح آل الشيخ

(ص 74).

ص: 495

فالذهبي رحمه الله نَقَدَ سِيرَةَ ابنِ إسحاق، مع أنه قال فيه:(وكان بَحْرَاً في العِلْمِ، حَبْرَاً في مَعرِفَةِ أيامِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم .... وبعدَ كلامٍ للأئمةِ في جرحِه وتَعديلِهِ، قال: (الذي استقرَّ عليه الأمر أنَّ ابنَ إسحاق صالحُ الحديث، وأنه في المغازي أقوى منه في الأحكام).

ثم قال: (وكذا في «السيرة» عجائب ذكرها ابنُ إسحاق بلا إسنادٍ تَلَقَّفَها، وفيها خيرٌ كثيرٌ لمن له نَقْدٌ ومَعرِفَةٌ).

(1)

وقال أيضاً عنه: (وثَّقَه غيرُ واحدٍ، ووهَّاهُ آخرون، وهو صالحُ الحديث، ماله عندي ذنبٌ إلا ما قد حشا في «السيرة» من الأشياءِ المُنكرةِ المُنقَطِعة، والأشعارِ المكذوبة).

(2)

وذكر أيضاً أن فيها آثاراً لم تصحَّح، وأن كتابَه يحتاج إلى تنقيحٍ وتصحيح، وروايةِ ما فاتَه.

(3)

فإذا كان هذا الحديث عن ابن إسحاق، وهو في درجة القبول في الحديث، وفي السيرة أقوى منه في الحديث، والنقدُ موجَّهٌ إلى كتابِ

سيرةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فكيف بمَن دون ابنِ إسحاق من المتَّهَمِينَ

(1)

«تاريخ الإسلام» (4/ 198).

(2)

«ميزان الاعتدال» (4/ 46).

(3)

«سير أعلام النبلاء» (6/ 115 ـ 116).

ص: 496